دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:09 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي درجات الجلد، ومن مات في حد، وهل يحفر للمرجوم؟

وأَشَدُّ الْجَلْدِ جَلْدُ الزِّنَا, ثم القَذْفِ ثم الشرْبِثم التَّعْزِيرِ، وَمَن ماتَ في حَدٍّ فالْحَقُّ قَتْلُه , ولا يُحْفَرُ للمَرجومِ في الزِّنَا.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 12:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 12:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(وأشدُّ الجَلْدِ) في الحدودِ (جَلْدُ الزِّنَا، ثُمَّ) جَلْدُ (القَذْفِ، ثُمَّ) جَلْدُ (الشُّرْبِ، ثُمَّ) جَلْدُ (التَّعْزِيرِ)؛ لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ الزِّنَا بِمَزِيدِ تَأْكِيدٍ بقَوْلِهِ: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}، وما دُونَه أَخَفُّ مِنه في العَدَدِ، فلا يَجُوزُ أنْ يَزِيدَ عليه في الصِّفَةِ. ولا يُؤَخَّرُ حَدٌّ لمَرَضٍ، ولو رُجِيَ زَوَالُه، ولا لِحَرٍّ أو بَرْدٍ ونحوِهِ، فإنْ خِيفَ مِن السَّوْط،ِ لم يَتَعَيَّنْ، فيُقَامُ بطَرَفِ ثَوْبٍ ونحوِهِ، ويُؤَخَّرُ لِسُكْرٍ حتَّى يَصْحُوَ.
(ومَن ماتَ في حَدٍّ، فَهَدَرٌ) ولا شيءَ على مَن حَدَّهُ؛ لأنَّه أتَى به على الوَجْهِ المَشْرُوعِ بأَمرِ اللَّهِ تَعَالَى، وأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَن زادَ ولو جَلْدَةً، أو في السَّوْطِ بسَوْطٍ لا يَحْتَمِلُه،ُ فتَلِفَ المَحْدُودُ، ضَمِنَه بِدِيَتِهِ. (ولا يُحْفَرُ للمَرْجُومِ في الزِّنَا) رَجُلاً كانَ أو امرأةً؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَحْفِرْ للجُهَنِيَّةِ ولا لليَهُودِيَّيْنِ، لكِنْ تُشَدُّ على المرأةِ ثِيَابُها؛ لِئَلاَّ تَنْكَشِفَ، ويَجِبُ في إقامةِ حَدِّ الزِّنَا حُضُورُ إمامٍ أو نائبِهِ وطائفةٍ مِن المُؤمنِينَ، ولو وَاحِداً، وسُنَّ حُضُورُ مَن شَهِدَ، وبَدَاءَتُهُم بِرَجْمٍ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 12:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(وأشد الجلد) في الحدود (جلد الزنا([1]) ثم) جلد (القذف ثم) جلد (الشرب([2]) ثم) جلد (التعزير)([3]) لأن الله تعالى خص الزنا بمزيد تأكيد بقوله: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}([4]) وما دونه أخف منه في العدد، فلا يجوز أن يزيد عليه في الصفة([5]) ولا يؤخر حد لمرض([6]) ولو رجي زواله([7]).
ولا لحر أو برد ونحوه([8]) فإن خيف من السوط لم يتعين([9]) فيقام بطرف ثوب ونحوه([10]) ويؤخر لسكر حتى يصحو([11]) (ومن مات في حد فالحق قتله)([12]) ولا شيء على من حده، لأنه أتى به على الوجه المشروع، بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم([13]).
ومن زاد ولو جلدة، أو في السوط أو بسوط لا يحتمله فتلف المحدود، ضمنه بديته([14]) (ولا يحفر للمرجوم في الزنا) رجلا كان أو امرأة([15]) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر للجهنية، ولا لليهودي([16]) لكن تشد على المرأة ثيابها، لئلا تنكشف([17]) ويجب في إقامة حد الزنا، حضور إمام أو نائبه([18]).
وطائفة من المؤمنين ولو واحدا([19]) وسن حضور من شهد، وبداءتهم برجم([20]).


([1]) مائة جلدة للبكر الحر، ونصفها للرقيق، ثم جلد قذف ثمانون، ونصفها للرقيق.
([2]) أي شرب الخمر ثمانون، أو أربعون، كما يأتي.
([3]) عشر أو بما يردعه، كما سيأتي.
([4]) ولم يذكر نحوه، فيما سواه من الحدود، فدل على أنه الأشد، لمزيد التأكيد.
([5]) فهو دليل، على أن ما خف في عدده، كان أخف في صفته، وهو قوة الضرب، وأنه لا يجوز أن يزيد عليه، في إيلامه ووجعه لأنه يفضي إلى التسوية أو زيادة القليل على ألم الكثير.
([6]) لأنه يجب على الفور، ولا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة، ولأن عمر أقامه على ابن مظعون في مرضه، كذا قاله الأصحاب، أما إن كان الحد رجما لم يؤخر، لأنه لا فائدة فيه، إذا كان قتله متحتما، وإن كان جلدا، فإن كان لا يرجى برؤه، أقيم عليه الحد في الحال، بسوط يؤمن معه التلف.
([7]) أي لا يؤخر الحد، ولو رجي زواله، قاله الأصحاب، وعنه: يؤخر وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك والشافعي، لفعله صلى الله عليه وسلم، وفعل علي في التي هي حديثة عهد بنفاس، ولأن في تأخيره إقامة له على الكمال، من غير إتلاف، قال الموفق، فكان أولى، وحديث عمر في جلد قدامة، يحتمل أنه كان مرضا خفيفا، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقدم على فعل عمر، وهو اختيار علي وفعله.
([8]) كضعف وفي خبر الجهنية، التي أمر بالإحسان إليها حتى تضع، وخبر الأمة التي قال لعلي إذا تعالت من نفاسها، إمهال البكر ونحوها، حتى تزول شدة الحر، والبرد والمرض المرجو زواله، وحكي الإجماع على ذلك، بخلاف الرجم، لأنه لقصد الإتلاف.
([9]) أي جلده بالسوط المتقدم وصفه، وفي الإقناع، يقام عليه بسوط يؤمن معه التلف.
([10]) كشمراخ النخل، فإذا أخذ ضغثا، وهو: عذق النخل، فيه مائة شمراخ، وضربه به واحدة، أو ضربة مرتين بخمسين أجزأ، لما رواه أحمد وغيره، وحسنه الحافظ، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اضربوه بعثكال فيه مائة شمراخ» وللآية.
([11]) ليحصل المقصود من إقامة الحد، وهو الزجر، وإن أقيم سقط، إن أحسن بالضرب، وإلا لم يسقط، لأنه لم يحسن بالضرب، فلم يوجد ما يزجره.
([12]) أي ومن مات في حد، بقطع أو جلد، وكذا بجلد في تعزير، لم يلزم تأخيره، فهو هدر عند جمهور العلماء، مالك، وأصحاب الرأي، والشافعي، إلا فيما زاد على الأربعين في الخمر عنده، والجمهور على خلافه، كالتعزير.
([13]) وكسراية القصاص، وقال الموفق: لا نعلم بين أهل العلم خلافا في سائر الحدود، أنه إذا أتى بها على الوجه المشروع، من غير زيادة لا يضمن من مات بها.
([14]) لأنه تلف بعدوانه، فأشبه ما لو ضربه في غير الحد فوجب الضمان، قال الموفق: بغير خلاف نعلمه.
([15]) أما الرجل فبالإتفاق، حكاه الوزير وغيره، وسواء ثبت ببينة، أو إقرار قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، وأما المرأة، فمذهب مالك والشافعي، إن ثبتت بالبينة، وقال أبو حنيفة: الإمام بالخيار، وإن ثبت بإقرارها، فلا خلاف، لتترك على حال، لو أرادت الهرب تركت.
([16]) كما هو معلوم عند أهل العلم، بالحديث.
([17]) لما روى أبو داود: أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن تشد عليها ثيابها لئلا تنكشف وذلك أستر لها.
([18]) أو من يقوم مقامها، وكذا في كل حد لله، أو لآدمي كما في استيفاء القصاص، وصححه في الإنصاف، ومن أذن له الإمام، فهو نائبه، ويكفي حضوره لقوله «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها».
([19]) أي ويجب في إقامة حد الزنا، حضور طائفة من المؤمنين، لقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ولو واحدا مع من يقيمه، لأن من يقيمه حاضر ضرورة، وهذا القول، روي عن ابن عباس، وفي المبدع: منقطع، والطائفة قيل: أقلها أربعة، وقيل ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل واحد، وهو قول لأحمد.
([20]) وبإقراره بداءة إمام أو نائبه، ثم الناس، لما روي عن علي، ولأن فعل ذلك أبعد من التهمة في الكذب عليه، ومتى رجع مقر قبل أن يقام عليه، أو في أثنائه، أو هرب ترك وببينة فلا، وإن اجتمعت حدود لله، وفيها قتل، استوفي وسقط سائرها، ومن جنس تتداخل، لا إن أقيم ثم حدث آخر، ومن أجناس تستوفى كلها قال في المبدع بغير خلاف، ومن قتل أو سرق خارج الحرم، ثم لجأ إليه، لم يعامل حتى يخرج، ليستوفى منه، وفيه يستوفى منه فيه، بلا خلاف، ولقوله: {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} الآية.
قال الشيخ: وإن تعدى أهل مكة على الركب دفع الركب، كما يدفع الصائل، وللإنسان أن يدفع معهم، بل يجب إن احتيج إليه، قال ابن القيم: والطائفة الممتنعة به من المبايعة لا تقاتل لا سيما إن كان لها تأويل، وأما حرم المدينة، وسائر البقاع، والأشهر الحرم،وغيرها، كرمضان، فلا يمتنع فيها إقامة حد، ولا قصاص، قال الشيخ: وغلظ المعصية وعقابها، بقدر فضيلة الزمان والمكان.

  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 12:41 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَأَشَدُّ الْجَلْدِ جَلْدُ الزِّنَا، ثُمَّ الْقَذْفُ، ثُمَّ الشُّرْبُ، ثُمَّ التَّعْزِيرُ، وَمَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ فَالْحَقُّ قَتَلَهُ، وَلاَ يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا.
قوله: «وَأَشَدُّ الجَلْدِ جَلْدُ الزِّنا» «أشد» يعني أقوى، فالشدة هنا قوة الضرب، فأشده جلد الزنا؛ والدليل قوله تعالى: {{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأَفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}} [النور: 2] وهذا يدل على أننا نشتد في ذلك، ولأنه أكثر عدداً، وإذا كان الشارع قد راعى كثرة العدد، فإن الصفة تتبع العدد، فلولا أنه يجب أن يكون أقوى في الصفة ما كان أكثر عدداً.
قوله: «ثُمَّ القَذْفُ» القذف هو الرمي بزنا أو لواط، فإذا رمى محصناً بزنا أو لواط فهذا هو القذف، فيقال لهذا القاذف: إما أن تأتي ببينة، وإما أن يقر المقذوف، وإما أن تجلد الحد ثمانين جلدة، وإما أن تُسقط ذلك بالملاعنة إذا كانت المقذوفة هي الزوجة، فالقذف أشد مما بعده؛ لأن جلده أكثر؛ إذ إن القاذف يجلد ثمانين جلدة، يعني مائة إلا عشرين، فهو الذي يلي جلد الزنا في الكمية، فينبغي أن يكون تالياً له في الكيفية.
قوله: «ثُمَّ الشُّرْبُ» يعني شرب المسكر، وكل مسكر فهو خمر من أي نوع كان؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» [(96)]، وعلى هذا فنقول: الذي يلي جلدَ القذف جلدُ شرب المسكر، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكر الخلاف، هل جلد شارب المسكر حدٌّ أو تعزيرٌ؟
قوله: «ثُمَّ التَّعْزِيرُ» يعني ثم جلد التعزير، وكم جلد التعزير؟
المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات إلا في مسائل يأتي ذكرها ـ إن شاء الله تعالى ـ في باب التعزير، وعلى هذا فيكون التعزير من عشر جلدات فأقل، يعني لو وجدنا رجلاً قد سهر مع امرأة طول الليل، وهو يقبلها ويضمها، ويجامعها فيما دون الفرج، مستمتعاً معها غاية التمتع، إلا أنه لم يجامعها، وعثرنا عليهما في الصباح، وأقرَّا بذلك، فنجلدهما عشر جلدات، ومن أهون الجلد!! لكن سيأتينا أن هذا القول ضعيف جداً، ولا تقوم مصالح الناس، ولا تدرأ المفاسد بمثل هذا القول أبداً.
إذاً شدة الجلد مرتبة على كثرته؛ لأن الكيفية تابعة للكمية، فأشد الجلد جلد الزنا، ثم القذف، ثم الشرب، ثم التعزير.
قوله: «وَمَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ فَالحَقُّ قَتَلَهُ» «من» شرطية، وجواب الشرط «فالحق قتله» وهذه العبارة عبارة أثرية، بمعنى أنها قيلت من زمان سابق، واتبع الناس فيها الأول، والمعنى أنه قُتل بحق، ومن قُتِل بحق فليس بمضمون.
وقد سبق لنا في الجنايات قاعدة مفيدة في هذا الباب، وهي ما ترتب على المأذون فليس بمضمون.
وقوله: «من مات في حد» «في» للظرفية، فلا بد أن يكون ذلك في نفس الحد، فلو زاد الإنسان على الحد كمية أو كيفية فإنه يكون ضامناً، فلو جلد بسوط صلب قوي جديد، لكن لم يتجاوز العدد ومات المجلود فيضمن؛ لأنه ليس في إطار الحد بل تجاوز، وكذلك لو جلده مائة جلدةٍ وجلدةً يضمن؛ لأنه زاد، وكذلك لو تجاوز في شدة الضرب حتى مات فإنه يضمن؛ لأنه تجاوز المأذون، وما ترتب على غير مأذون فهو مضمون.
فإذا قال قائل: إذا جلده مائة وواحدة، فلم يمت من الواحدة، لكن مات من الجميع لا شك، فهل توزع الدية على عدد الضربات، أو يضمنه كاملاً؟
نقول: بل يضمنه كاملاً؛ لأنه تعدى، وجائزٌ أنه لولا هذه الواحدة لم يمت، وعليه فنقول: إنه يضمن إذا زاد في العدد، وكذلك لو ضربه في الوجه، أو في الرأس، أو في الفرج ونحوه من المواضع التي لا يجوز الجلد فيها.
وما حد قوة الضرب؟
الجواب: لا يمكن ضبطها في الواقع، لكنها في القدر الذي يتحمله المجلود، ولهذا لو فُرض أنه لا يتحمل لضعف بدنه، أو مرضه الذي لا يرجى برؤه فإنه يضرب بسوط مناسب، حتى أنه ربما نقول: اضربه بعثكول النخل، أي: اجمع شماريخ على عدد الجلدات واضربه بها، فالجلد إذاً على حسب تحمل المجلود، ولا يمكن ضبطه؛ لأن هذا شيء بالصفة، والصفة صعب ضبطها؛ لأنها لا ترى.
قوله: «ولا يحفر للمرجوم في الزنا» يعني لا يحفر لمن رجم في الزنا، ونائب الفاعل هو الجار والمجرور؛ لأنه ليس عندنا مفعول به ينوب عن الفاعل، ولهذا قال ابن مالك:
وَقَابلٌ مِنْ ظرفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنِيَــابَةٍ حَرِي
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هذِي إِنْ وُجِدْ فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِه وَقَدْ يَرِدْ
وقوله: «ولا يحفر للمرجوم في الزنا» هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، أنه لا يسن الحفر له، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على حسب اختلاف الروايات فيها، فالروايات الواردة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ مختلفة، فمنها ما يدل دلالة صريحة على أنه لا يُحفر للمرجوم حيث ذُكر نفي الحفر، ومنها ما يدل على أنه يُحفر له، ومنها ما هو محتمل، لم يذكر فيه هذا ولا هذا، ومن ثَمَّ اختلف العلماء.
فالذين قالوا: لا يحفر، قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يحفر للمرأة التي زنا بها أجير زوجها، بل قال لأنيس: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» [(97)] ولم يأمره بالحفر لها، وعدم الأمر في وقت الحاجة يدل على عدم الوجوب؛ لأن الحاجة داعية إلى ذكره لو كان واجباً، فلم يقل: اغد إليها فإن اعترفت فاحفر لها وارجمها، ولأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يحفر لليهوديين اللذين زنيا، حيث زنا رجل يهودي بامرأة يهودية، ثم ارتفعوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليحكم بينهما، وكان الحد الرجمَ في التوراة، لكن لما كثر الزنا في أشرافهم، قالوا: لا يمكن أن نرجم أشرافنا، إذاً ماذا نصنع؟ قالوا: نسوِّد وجوههما، ونطوف بهما على القبائل، أو ما أشبه ذلك مما يؤدي إلى الخزي والعار، فلما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة ووقع الزنا من رجل منهم وامرأة، قالوا: اذهبوا إلى هذا الرجل ـ يعنون النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ لعلكم تجدون عنده شيئاً، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم برجمهما، وقال: إن هذا هو حكم التوراة، قالوا: لا نجد ذلك في التوراة قال: فأتوا بالتوراة فإذا هي موجودة واضحة، فأمر بهما فرُجما، قال الراوي: فرأيت الرجل يقيها الحجارة منكباً عليها[(98)]، وهذا دليل على أنه لم يُحفر لهما.
أما حديث ماعز ـ رضي الله عنه ـ فاختلفت الروايات فيه في مسلم نفسه، ففي بعضها: «أنه لم يحفر له»[(99)] نصاً صريحاً، وفي بعضها: «أنه حفر له»[(100)]، وجمع بعض العلماء بينهما، بأن نفي الحفر، يعني لم يحفر له حفرة عميقة، وإثباته أنه حفر له حفرة يتمكن من أن يهرب منها؛ لأنه هرب، ولكن بعض ألفاظ الصحيح تدل بصراحة على أنه ما حفر له إطلاقاً.
فيأتي الترجيح بين المثبت والنافي، فإذا تساوى الحديثان في الصحة فإننا نقدم المثبت؛ لأن معه زيادة علم، والظاهر لي أن هذا يرجع إلى رأي الإمام، إن رأى أن المصلحة تقتضي أن يحفر حفر، وإلا ترك، أما أقوال أهل العلم فهي كالتالي:
أولاً: لا يحفر مطلقاً، وهذا هو المذهب.
ثانياً: يحفر مطلقاً، وهذا قول مقابل له.
ثالثاً: يحفر للمرأة، ولا يحفر للرجل.
رابعاً: يحفر له إن ثبت ببينة، ولا يحفر له إن ثبت بإقرار؛ لأجل أن يمكّن من الهرب، بخلاف البينة فإنه لا يُمَكَّن.
ولكن الذي يظهر لي أن الأمر راجع إلى اجتهاد الحاكم، فإن رأى من المصلحة الحفر حفر وإلا فلا.
ثم على القول بالحفر فإننا نحفر له ولا ندفنه؛ لأنه لو دفناه قد لا يموت، لكنه ما يتحرك أبداً، ويتعب فهو إذا بقي ربما ـ مثلاً ـ يلتفت إلى جهة، ويتحرك بعض الشيء ليهون عليه الأمر.
فالخلاصة أن الشروط العامة هي: البلوغ، والعقل، والالتزام، والعلم بالتحريم، فهذه شروط في كل حد، وهناك شروط أخرى تذكر في كل باب على حدة.



[96] أخرجه مسلم في الأشربة/ باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام (2003) (75) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[97] أخرجه البخاري في الصلح/ باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (2695)، ومسلم في الحدود/ باب من اعترف على نفسه بالزنا (1697) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[98] سبق تخريجه ص(212).
[99] أخرجه مسلم في الحدود/ باب من اعترف على نفسه بالزنا (1694) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ.
[100] أخرجه مسلم في الحدود/ باب من اعترف على نفسه بالزنا (23) (1695) عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجلد،, درجات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir