دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 صفر 1441هـ/9-10-2019م, 09:06 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

اضافة المزيد من المسائل وتعديل :

تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا )
الوقف :
حكم الوقف في ( قياما ) :
جائز ، وهو قول الأشموني .
وهذا الوقف جائز لاتفاق الجملتين .
القراءات:
القراءة في قوله ( السفهاء أموالكم ) :
القراءة الأولى : بتحقيق الهمزات ، وهي قراءة الجمهور
القراءة الثانية : باسقاط الهمزة الأولى مع قصر ومد ، وهي قراءة أبو عمرو وقالون والبزي .
القراءة الثالثة : تسهيل أوابدال الثانية ألفا مشبعا ، وهي قراءة ورش وقنبل .
القراءة الثالثة : تسهيل الثانية وهي قراءة أبو جعفر ورويس .
وهذه القراءات صحيحة متواترة .

القراءة في قوله ( التي ) :
القراءة الأولى : ( التي ) وهي قراءة الجمهور ، ذكره مكي ، وابن عطية
القراءة الثانية : ( اللاتي ) وهي قراءة الحسن والنخعي ، وذكره مكي وابن عطية
وهذه القراءة مبنية على أنها المال جنس كثير العدد .
قال مكي( الهداية في بلوغ النهاية، 2/1225) : وقرأ النخعي {التي} بالجمع.
الراجح : أن القراءة الثانية شاذة( راجع اعراب القراءات الشاذة للعبكري ) ، لكنها تصح في اللغة كلتا القراءتين
قال الفراء الأكثر في كلام العرب: النساء اللواتي، والأموال التي. [معاني القرآن: 1/256-257]
فعلى هذا يكون كلا القراءتين جائزة ، وقد رجح ابن عطية قراءة الجماعة .

القراءة في قوله : ( قياما ) :
القراءة الأولى : قيما ، قرأه نافع وابن عامر .
وهذه القراءة لها ثلاثة أوجه :
الأول : أنها مصدر مثل الحول والعوض .
الثاني :جمع قيمة ، كديمة وديم ، والمعنى : أن الأموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها . وقد ذكر العبكري عن تضعيف هذا القول فقال : وَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ: هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ قُرِئَ فِي قَوْلِهِ: (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) [الْأَنْعَامِ: 161] ، وَفِي قَوْلِهِ: (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا) [الْمَائِدَةِ: 97] ، وَلَا يَصِحُّ مَعْنَى الْقِيمَةِ فِيهِمَا.
الثاني :أن يكون الأصل قياما وحذفت فيها الألف كما في حذفت في خيم ، وهذا له وجهان صحيحان ، وهو أنها مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا فيكون صححي بالمصدر كما يصح في الفعل ، والوجه الثاني هو أنها اسم لما يقوم به الأمر وليس مصدر ، وهذا قد ذكره العبكري .
القول الثالث :قياما ، وهي قراءة البقية .
وهذه القراءة على أنها مصدر قام ،والياء بدل الواو ، أي: التي جعلها الله تعالى سبب قيام أبدانكم, أي: بقائها.
وعلى هذه القراءة تكون قياما بمعنى الثبات في صلاح الحال .
الدراسة والترجيح :
أن كلا القراءتين صحيحة ، فالقراءة الأولى هي قراءة الجمهور وهو الذي عليه رسم المصحف ، والقراءة الثانية تصح لغة أيضا وهي قراءة البصريين ، وقد ذكر ابن جرير أيضا صحة القراءة الأخرى أيضا .
ففي اللغة هي ثلاث لغات ، قياما وقواما وقيما .
فقال أبو زنجلة : وأصل الْكَلِمَة قواما فقلبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا فَصَارَت قيَاما قَالَ الْكسَائي قيَاما وقواما وقيما ثَلَاث لُغَات وَالْمعْنَى وَاحِد وَهُوَ مَا يُقيم شَأْن النَّاس ويعيشهم وَفِي تَفْسِير بَعضهم قيَاما معاشا( حجة القراءات ،1/191)

المسائل التفسيرية :
سبب نزول الآية :
اختلفوا فيمن نزلت فيهم الآية :
القول الأول : عن الرجل الذي دفع ماله لامرأته فصرفته بغير حق ، وهو قول الحضرمي .
وهذا الأثر ضعفه سليم بن عيد الهلالي في كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب .
القول الثاني : الأولاد ، وهو قول ابن عباس وغيره .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/401)، وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/862) من طريق العوفي عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس .
وهذا الاسناد مسلسل بالضعفاء .
قال أحمد شاكر (هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير الطبري، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة، إن صح هذا التعبير! وهو معروف عند العلماء بـ "تفسير العوفي")
القول الثالث :نزلت في المحجورين ، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ذكره ابن عطية وأبوحيان .
قول مجاهد وسعيد لم أجده .
الراجح : أنها عامة تشمل كل من اتصف بالسفه ، وهذا ما رجحه ابن جرير وأبو حيان وغيرهم .
قال ابن جرير وغيره : «نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كان من كان، وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات، وقوله: أموالكم يريد أموال المخاطبين»

مناسبة الآية :
عطف على ما قبلها وهو قوله تعالى : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) لدفع الإيهام بإيجاب دفع كل مال لمالكه ؛لأنه ذكر في الآيات التي قبلها ذكر عن اتيان المال لمالكها مرتين ، فذكر في ( آتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ( وآتوا اليتامى أموالهم ) ، وذكر عن هذا ابن عاشور .
وذكر الرزاي أيضا وجها جميلا في ارتباط هذه الآية بما قبلها ، فلما كانت الآيات التي قبلها تتكلم عن اتياء النساء والأولاد العاقلين المتمكنين في حفظ الأموال ، ذكر بعد ذلك الغير بالغين أو غير العقلاء فلا تدفع لهم الأموال حتى تزول عنهم السفه .

مقصد الآية :
النهي عن دفع الأموال إلى من لا يحسن تدبيرها ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثيرو أبو الطيب القنوجي .

المخاطب في الآية :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنه خطاب للأولياء ، وهو قول الزمخشري والرازي .
وهذا القول يؤيده قوله : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) ، وهو قول عام بكل من يكون تحت ولايتهم من الأزواج أو الأولاد .
القول الثاني : أنه خطاب للآباء ، وهو قول الرزاي.
وهذا القول مبني على أن الأولاد هم السفهاء .

الراجح : القول الأول هو الأرجح وهو الصواب لعموم المخاطبين ولا دليل على التخصيص ، ولأن لفظ السفهاء جاءت معرفة بأل فهي تفيد الاستغراق والعموم .

معنى السفهاء:
السفهاء في اللغة ، أصله من السفه وهو الخفة و الجهل ، كما ذكر ذلك الحميري والزجاج والنحاس وغيرهم ،
وفي الاصطلاح :هو الذي لايحسن سياسية المال ، وقد قال بذلك ابن عرفه وذكره الأزهري وغيرهم .

المراد بالسفهاء :
اختلفوا في المراد بالسفهاء على أقوال :
القول الأول :النساء والصبيان ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ،وسعيد بن جبير ، والحسن ،والسدي ، والضحاك ،والحكم ، وأبي مالك .
وقول ابن عباس : أخرجه سعيد بن منصور في سننه (3/1150-1151)وابن جرير في تفسيره (6/388) وابن المنذر 2/562)،وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن يونس عن الحسن ، كلها بألفاظ متقاربة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) من طرق عن حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ وأسباط عن السدي بألفاظ متقاربة .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول الضحاك أخرجه ابن جريرفي تفسيره (6/388 )من طرق عن عبيد بن سليمان وجويبير وسلمة بن نبيط وسلمة عن الضحاك بألفاظ مختلفة متقاربة وبزيادة في بعضها.
وأما قول قتادة أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن سعيد عن قتادة .
وأما قول مجاهد فأخرجه ابن جريرفي تفسيره (6/388) عن عن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ.
وأما قول الحسن فأخرجه ابن جرير ( 6/388) وعبد الرزاق في تفسيره (1/433) من طرق أبي حمزة ومعمر عن الحسن وأخرجه ابن جريرأيضا في تفسيره (6/388) و سعيد بن منصور في تفسيره عن يونس عن الحسن بألفاظ مختلفة .
وقول الحكم أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن أبو نعيم عن ابن أبي غنية، عن الحكم.
وهو قول مبني على ضعف رأي النساء والصبيان ، وعدم معرفتهما للمصالح والمضار في صرف الأموال.
القول الثاني :الصبيان خاصة ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير والحسن ، وابن زيد ، وأبي موسى وأبي مالك .
وهذا القول مبني على أن الصبيان غالب فيهم السفه لصغر سنهم .
وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي والنسائي عن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ)).
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن محمد بن سعيد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس
وهذا التسلسل من الاسناد ضعيف عن العوفي .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير ( 6/388)وابن أبي حاتم (3/862 ) عن سالم عن سعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير أيضا من طريق
وقول الحسن أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن يونس عن الحسن .
يونس ثقة .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف .
وقول أبي موسى أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أبي بردة عن أبي موسى .
وقول أبي مالك أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن اسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك .
القول الثالث : النساء خاصة دون غيرهم ، وهو قول سليمان ،ومجاهد ،والحسن والضحاك .
وقول سليمان أخرجه ابن جرير (6/388) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه .
وقول مجاهد أخرجه ابن وهب في تفسيره (1/93) عن حميد بن قيس عن مجاهد ، وأخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/562) من طريق عن مجاهد بلفظ مختلف ،
وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن جوبير عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .
قال يحيى القطان: كان الضحاك عندنا ضعيفًا.
وقول الحسن أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن هشام عن الحسن .
وهشام قال عنه الشعبي أنه لم يكن يحفظ ( سير أعلام النبلاء ) .
وهو قول مبني على أن السفهاء على جمع الإناث هو فعلاء .
ومبني على حديث لايصح ،فقد روى علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنما خلقت النار للسفهاء.
يقولها ثلاثا. ألا وإن السفهاء النساء إلّا امرأة أطاعت قيّمها».
ومن جهة أخرى أيضا باعتبار ضعف رأيها وعدم معرفتها لللمصالح والمضار لصرف الأموال .
القول الرابع : الخدم ، وهو قول أبي هريرة .
وهو قول أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره( 3/863) عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة .
وهذا القول بمبني على أن الخدم لا تصرف لهم بالمال لأنهم في حكم أولياءهم .
الراجح :
أنه يشمل كل من لم يحفظ المال من النساء أو الأولاد أو غيرهم دون تخصيص ، لأن السفه صفة عامة ، فقد يكون السفيه من الرجال وقد يكون في النساء وقد يكون في الأطفال ، ومن هؤلاء أيضا منهم أيضا من لايضع المال ويحفظ ماله ، فقد قال الله تعالى في المرأة الصالحة : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ،ثبت في الصحيحين من حديث هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما أنها شكت إلى النبي ﷺ قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ما يعطينا ما يكفيني ويكفي بني فهل لي من رخصة أن آخذ من ماله ما يكفيني ويكفي بني؟ قال النبي ﷺ: نعم خذي من ماله بالمعروف، خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك قال: بالمعروف.
ومن هذا الحديث يتبين أنه إن كانت المرأة سفيهة على العموم لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال زوجها بالمعروف ، فدل ذلك على أن ليس كل النساء سفهاء ، لكن السفه في النساء من جهة تحكم العواطف وليس العقل بهن .
وبالنسبة للأولاد ،فقد جاءت في الآية الأخرى ( وابتلوا اليتامى فإن آنستم منهم رشدا ) فهذا دليل على أن من الأولاد من يكون واعيا .
وثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذٍ ماله، وباعه في دَين كان عليه.
وفي هذا دليل على أن من الكبار من يوصف بالسفه عند عدم التصرف الصحيح بالمال .
وفي الحديث : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» . رواه مسلم
قال الزجاج( 2/13) : والسفهاء يدل على أنَّه لا يعني به النساء وحدهن، لأن النساءَ أكثر ما يستعمل فيهن جمع سفيهة وهو سفائه، ويجوز سفهاء، كما يقال فقيرةٌ
وفقراء.
وقد بوب البخاري عن تصرف المرأة بالمال إن كانت سفيهة .
( عمدة القاري ،3/251):(بابُُ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِها وعِتْقِهَا إذَا كانَ لَها زَوْجٌ فَهْوَ جائِزٌ إذَا لَمْ تَكنْ سَفِيهَةً فإذَا كانتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ قَالَ الله تَعَالَى: { ولاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أمْوَالَكُمْ} (النِّسَاء: 5) .

مرجع ضمير المخاطب الكاف في قوله ( أموالكم ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :أنها أموال أولياء الأمور ، وهذا قول ابن عباس ، وأبي موسى والسدي ، وابن زيد وعطاء .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن محمد بن سعيد العوفي عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وقول السدي أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وأما قول أبي موسى الأشعري أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري ، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر موقوفا ، وأخرجه الحاكم في مستدركه (2/331)والبيهقي في السنن (10/247)مرفوعا بنفس الألفاظ مع اختلاف يسيير في اللفظ .
وقال الحاكم في مستدركه : «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى وإنّما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد: «ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين» وقد اتّفقا جميعًا على إخراجه "
وقول عطاء أخرجه ابن أبي حاتم (3/868) ) عن ابن جريج عن عطاء.
القول الثاني :أنها من أموال السفهاء ،وهو قول سعيد بن جبير .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن سالم عن سعيد بن جبير .

الراجح : أنها تشمل القولين ، ولا مخصص لأحد القولين لأن العرب تستعمل أيضا صيغة الجمع للتعبير عن الواحد ، وهذا ما رجحه أيضا ابن جرير .

دلالة إضافة كاف الجمع إلى الأموال :
القول الأول :للدلالة أن هذه المال ليس ملكهم في الأساس ، ولكن أعطوا التصرف فيه ،فالمخاطبين تحت ولايتهم في التصرف .، وهذا حاصل ما ذكره البغوي وال
القول الثاني : أنها للدلالة على جنس الأموال ، وهو أموال الناس ، وهذا حاصل ما ذكره ابن الجوزي
وذكر أبو حفص النعماني رحمه وجهين لذلك :
(أحدهما: أنَّه تعالى أضاف المال إليهم، لا لأنَّهم ملكوه، لكن من حيث ملكوا التصرف فيه، ويكفي في الإضافة الملابسة بأدنى سبب.
وثانيهما: إنَّما حَسًنَتِ هذه الإضافَةُ إجراءاً للوحدة بالنَّوع مجرى الوحدة بالشخص كقوله تعالى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} [التوبة: 128] {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} [النساء: 25] {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] وقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] ومعلوم أنَّ الرَّجل منهم ما كان يقتل نفسه، وإنَّمَا كان يقتل بعضهم بعضاً، وكان الكلُّ من نَوْع واحدٍ، فكا ها هنا لما كان المال ينتفع به نَوْع الإنسان، ويحتاج إليه، فلأجل هذه الوَحْدَة النَّوعيَّة حسنت إضافة أموال السُّفهاء إلى الأولياء.).[اللباب في علوم الكتاب ، 6/183].

المراد بقوله ( وارزقوهم ) :
يراد به الإنفاق ، وهذا قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/401-402]) وابن المنذر في تفسيره (2/565))عن ابن جريج عن ابن عباس ، وأخرجه ابن أبي حاتم(3/364) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( وارزقوهم )( واكسوهم )( لهم ) :
يرجع الكلام هنا على السفهاء من المحجورين وغيرهم ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن الجوزي والماردي وابن كثير وغيرهم .

معنى الكسوة :
في اللغة : اللباس .
قال ابن منظور : كسا: الكِسْوَةُ والكُسْوَةُ: اللِّبَاسُ، وَاحِدَةُ الكُسا؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَلَهَا معانٍ مُخْتَلِفَةٌ. يُقَالُ: كَسَوْت فُلَانًا أَكْسُوه كِسْوَةً إِذا أَلبسته ثَوْبًا أَو ثِيَابًا فاكْتَسَى. واكْتَسَى فُلَانٌ إِذا لبَس الكِسْوَة [الكُسْوَة]

المراد بالقول المعروف :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :العدة الحسنة ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير (6/388 ) عن ابن جريج عن مجاهد .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة غير أنه يدلس.
القول الثاني :الرد الجميل ، وهو قول مجاهد والضحاك ، ذكره ابن الجوزي والماوردي .
لم أجد ذلك .
القول الثالث :الدعاء ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن ابن وهب عن ابن زيد .
فابن زيد ضعفه كثير من أهل العلم ، فقال عنه النسائي: ضعيف مدني، وقال ابن حزم ضعيف، ومرة قال ساقط ضعيف, وقال الذهبي: ضعفه أحمد والدارقطني.

الراجح : أن هذه الأقوال كلها صحيحة ، فالمعروف بالقول يكون بالإحسان إليهم بأي نوع من الكلام ، كما قال تعالى : ( وقولوا للناس حسنا ) وقال الله تعالى في اليتيم : ( وأما اليتيم فلا تقهر ) {كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}.
وقال ابن جرير : (وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل، من الإنفاق في الكساوى والإنفاق والكلام الطّيّب، وتحسين الأخلاق).

مسألة فقهية :
حكم الحجر على السفية :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : يجب الحجر ،وهوقول ابن المنذرو الشافعي .
وهذا القول مستدلين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي روي مرسلا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ .
الثاني : لايجب الحجر ، وهو قول النخعي و أبو حنيفة .
الراجح : أنه يحجر من قبل الحاكم إن رأى المصلحة بذلك .
قال ابن قدامة في المغني: ولا يحجر عليه إلا الحاكم.
وقال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين.
وروى مسلم أن رجلا مدينا أصيب في ثمار ابتاعها فتصدقوا عليه.
فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للغرماء: «خذوا ما وجدتم وليس لكم لا ذلك».


( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا)
الوقف :
حكم الوقف في ( أموالهم ) :
وقف حسن ، ذكره الأشموني .

حكم الوقف في قوله ( أن يكبروا ) :
حكمه وقف حسن ، ذكره الأنباري .

حكم الوقف في ( بالمعروف ) :
حكمه وقف تام ، ذكره أبو عمرو الداني .

حكم الوقف في ( فأشهدوا عليهم ) :
وقف حسن ، ذكره الأشموني .

حكم الوقف في ( حسيبا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القراءة في قوله ( آنستم ) :
القراءة الأولى :آنستم ، بالمد وهي قراءة الجمهور
القراءة الثانية : بقصر الهمزة .
القراءة الثالثة :أحستم ، وأحسيتم ، وقي قراءة ابن مسعود .
وكل هذه القراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( رشدا ) :
القراءة الأولى : بضم الراء وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها لغة أو مصدر .
القراءة الثانية : بفتحتين ، وهي قراءة ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو السمال وعيسى الثقفي .
وهذه القراءة على أنها مصدر .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( إليهم ) :
القراءة الأولى : بضم الهاء ( إليهم) ، وهي قراءة حمزة ويعقوب المطوعي .
القراءة الثانية : بكسر الهاء ، وهي قراءة الباقيين .
وهذه قراءات صحيحة متواترة .

القراءة في قوله : ( ولا تأكلوها ) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثانية :بإبدال الهمزة الساكنة ألفا، وهي قراءة أبو جعفر وأبو عمر وبخلاف عنه ورش عن نافع والأصبهاني والأزرق ومحمد الشموني .( معجم القراءات).
وكلا القراءتين صحيحةو متواترة .

القراءة في قوله ( اسرافا) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثاني : بترقيق الراء ، وهي قراءة ورش والأزرق .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( فقيرا ) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثانية :بترقيق الراء ، وهي قراءة ورش والأزرق .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله (فيأكل ):
القراءة الأولى :تحقيق الهمزة ، وهي قراءة البقية .
القراءة الثاني : ابدال الهمزة ، وهي قراءة أبو جعفر وأبو عمرو بخلاف والأصبهاني وورش عن نافع .

القراءة في قوله (بالمعروف فإذا ):
القراءة الأولى : بدون ادغام الفاءات ، وهي قراءة البقية .
القراءة الثاني : بادغام الفاء بالفاء قرأ أبو عمروويعقوب بخلاف عنهما
وهذه قراءات صحيحة متواترة .

القراءة (فإذا )
تسهيل الهمزة ، وهي قراءة حمزة في الوقف .
وهذه قراءة صحيحة .

القراءة في قوله (عليهم )
القراءة الأولى :بكسر الهاء من أجل الياء ، وهي قراءة الجماعة .
القراءة الثانية : بضم الهاء على الأصل ، وهي قراءة يعقوب والمطوعي والشنبوذي .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله (كفى )
القراءة الاولى :بالإمالة ، وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف .
القراءة الثانية : وبالفتح والتقليل ،هي قراءة الأزرق وورش.
القراءة الثالثة : بالفتح ، وهي قراءة البقية . .
وهي قراءات صحيحة .

المسائل التفسيرية :
سبب نزول الآية :

نزلت في ثابت بن رفاعة وعمه ، عندما ترك توفي رفاعة وترك ابنه رفاعة ،وجاء العم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عما يحل له من ماله ، فأنزلت الآية ، وهذا القول ذكره المزيني في المحرر
والحديث مرسل ورجاله ثقات .
وذكر المزيني أيضا من حديث آخر صحيح فذكر أنها نزلت بسبب سؤال رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل مال اليتيم .
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أنزلت في والي اليتيم الذي يقيم عليه ويصلح في ماله، إن كان فقيراً أكل منه بالمعروف.

مناسبة الآية :
لبيان الغاية من النهي من الآية الأولى لمن قال أنها خاص في اليتامى ، وذكر ذلك ابن عاشور ، وذكر أيضا عن أن هذه الآية يجوز أنها تكون معطوفة على قوله : ( وآتوا اليتامى أموالهم ) فتكون هذه الاية لبيان كيفية اتيانهم هذه الأموال .

النسخ في الآية :
اختلفوا في نسخ الآية على أقوال :
القول الأول : محكمة ، وهو قول الجمهور ، ذكره ابن الجوزي والنحاس وغيرهم .
القول الثاني :منسوخة ، وهو قول ابن عباس والضحاك و ذكره الوليد الأموي .
وقول ابن عباس أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن والنحاس في الناسخ والمنسوخ عن عطاء عن ابن عباس .
وذكر صالح بن أحمد بن حنبل في ‏"‏ العلل ‏"‏ عن علي بن المديني قال‏:‏ سألت يحيى القطان عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني فقال‏:‏ ضعيف‏.‏
وقول الضحاك أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن عمران بن مسلم عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .

الراجح : القول الأول هو الراجح وهو قول الجمهور ، أما القول بأنها منسوخة فلم يصح فيها قول .

المخاطب في الآية :
الأوصياء جميعهم ، وهو قول مقاتل بن حيان وحاصل ماقاله الزجاج وابن عطية وابن عاشور .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم (3/565 ) والبيهقي في السنن الكبرى (6/98)عن بكيربن معروف عن مقاتل بن حيان .
وهذا الاسناد فيه محمد بن مزاحم ، وقد قال عنه أبو حاتم الرازاي أنه متروك الحديث .
وهذا القول صحيح لعموم الطلب ولا مخصص لها .


معنى : (ابتلوا ):

الابتلاء هو الاختبار ، وهو قول ابن عباس و الحسن وقتادة وأبي عبيدة وأهل اللغة وأبو عبيدة وابن قتيبة وغيرهم أيضا .
وقول الحسن وقتادة أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/433) عن معمر عن قتادة وحسن .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر(2/566) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
وقول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم ( 3/864)و ابن المنذر ( 2/567)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .

متعلق الفعل (ابتلوا):
العقل ،وهو قول مجاهد ،والسدي ،وابن زيد.
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/547)عن ابن أبي نجيح عن مجاهد .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/547) عن أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير (7/547)عن ابن وهب عن ابن زيد.
وابن زيد ضعيف.

معنى اليتيم :
لغة : يقال اليتم للمفرد .
فقال ابن فارس في مقاييس اللغة : الياء والتاء والميم. يقال: اليُتم في النَّاس من قِبَل الأب، وفي سائر الحيوان من جهة الأمّ.
ويقولون لكلِّ منفردٍ يتيم.
وقال ابن منظور في لسان العرب : قال المفضل: أَصل اليُتْم الغفْلةُ، وسمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه.

المراد باليتيم :
هو الذي فقد أباه قبل البلوغ، ذكره ابن عطية والماوردي .

فائدة ( حتى ) :
حتى ابتدائية، ولكنها تفيد الغاية، ذكره محي الدين .

معنى ( إذا ) :
اختلفوا في معناها على قولين :
الأول :أنها تفيد الغاية ، وهو قول ابن عاشور وغيره وذكره السمين الحلبي .
وعلى هذا يكون المعنى : وابْتَلوا اليتامى إلى وقت بلوغِهم واستحقاقِهم دَفْعَ أموالِهم بشرطِ إيناس الرُّشْد.
الثاني : أنها حرف جر ، وهذا قول أبو حفص الحنبلي وغيره و ذكره السمين .
الثالث : أنها متضمنة معنى الشرط ، وهذا قول النحاس .
الراجح :
رجح ابن عطية والسمين الحلبي أنها ليست شرطية لظاهر الآية .

معنى البلوغ :
لغة :بَلغَ الشيءُ يَبْلُغُ بُلُوغاً وبَلاغاً : وصَلَ وانْتَهَى ، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .
اصطلاحا : انتهاء حدِّ الصغر ليكون أهلًا للتكاليف الشرعية.( القاموس الفقهي ).


المراد ببلوغ النكاح :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الحلم ، وهذا قول مجاهد وابن عباس وابن زيد .

فقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575)عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وهذا الاسناد به ورقاء وقد ضعفه الإمام أحمد ، وابن أبي نجيح ذكره النسائي من المدلسين .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575) والبيهقي في السنن الكبرى (7/97)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وهذا القول مبني على الأدلة الأخرى من القرآن والسنة ، فقد قال الله تعالى : ( فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) ، وفي الحديث الصحيح الذي جاءت بطرق عدة : (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله و عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم).
الثاني الخامس عشر ،وهو قول محمد بن قيس ، وابن الجوزي وأبوحيان وابن كثير وغيرهم .
وهذا القول مبني على أحاديث أخرى صحيحة ، مثل حديث الذي رواه الشيخين عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ [ص:326] عَنْهُمَا قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ. وَكَتَبَ أَنْ يَفْرِضَ لِابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْمُقَاتِلَةِ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فِي الذُّرِّيَّةِ.
وقول محمد بن قيس أخرجه ابن أبي حاتم( 3/365) عن أبي معشر عن محمد بن قيس .
ومحمد بن قيس قال عنه ابن حبان : يخطيء ويخالف ، وأما أبي معشر فهو ضعيف .
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء :
روى أحمد بن أبي مريم ، عن ابن معين ، قال : هو ضعيف ، يكتب من حديثه الرقاق ، كان رجلا أميا ، يتقى أن يروى من حديثه المسند وروى أحمد بن زهير ، عن يحيى ، قال : أبو معشر ريح ، أبو معشر ليس بشيء وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو داود والنسائي : ضعيف . وقال الترمذي : قد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر ، من قبل حفظه . قال محمد : لا أروي عنه شيئا . وقال أبو زرعة : صدوق في الحديث ، ليس بالقوي .

القول الثالث: انبات الشعر ، وهو قول عطية القرظي .
وقول عطية القرظي أخرجه سعيد بن منصورفي سننه ( 2/396)والإمام أحمد في مسنده (5/ 311، 312) والترمذي (3/197)وأبو داود في سننه ( 2/613) والحميدي في مسنده (2/138) والدارمي في سننه ( 2/1602) وابن ماجه (2/849)، والنسائي ( 2/246) بلفظ مختلف متقارب ، وابن حبان في صحيحه (11/103)، والطبراني في الكبير (17/164) )والحاكم في مستدركه (2/134) والبيهقي في السنن الصغير (2/299)، وعبد الرزاق في مصنفه ( 10/179)وابن أبي شيبة ( 438) والمحاملي في أماليه (1/89)وكلهم عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي .
والحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود .

الراجح :
أن القول الأول والثاني صحيح ويشملها بلوغ النكاح المقصود ، لصحة الأدلة الأخرى التي تؤيد أن البلوغ هو الحلم وبلوغ سن الخامسة عشر لمن لم يحتلم ، فقال تعالى : ( فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم )، وصحة حديث الذي وراه الشيخين عن سن الخامس عشر ، «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي»ولا تعارض بين القولين .
وأما الانبات فهو أيضا جاء فيه حديث صحيح ، وقد ذهب إليه أكثر الفقهاء أيضا ومنهم الشافعي والحنابلة والحنفية والشوكاني والصنعاني ، وغيرهم .


معنى : ( آنستم ) :
معنى آنستم : أي علمتم ووجدتم وأحسستم ، وهو قول الفراء وابن قتيبة والنحاس وغيرهم .
وفي مقاييس اللغة لابن فارس : الْهَمْزَةُ وَالنُّونُ وَالسِّينُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ ظُهُورُ الشَّيْءِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَالَفَ طَرِيقَةَ التَّوَحُّشِ. قَالُوا: الْإِنْسُ خِلَافُ الْجِنِّ، وَسُمُّوا لِظُهُورِهِمْ. يُقَالُ: آنَسْتُ الشَّيْءَ: إِذَا رَأَيْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] . وَيُقَالُ: آنَسْتُ الشَّيْءَ: إِذَا سَمِعْتُهُ.
وقال ابن منظور في لسان العرب : الإبصار، ومنه {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}.

مرجع الضمير الهاء في قوله : ( منهم ) :
اليتامى ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية والزمخشري وابن الجوزي وغيرهم .

معنى : ( الرشد ) :
اختلفوا في معنى الرشد على أقوال :
القول الأول :العقل وصلاح الدين والاستقامة ، وهو قول ابن عباس،والحسن ، السدي وقتادة وسعيد بن جبير
وقول الحسن أخرجه ابن جريرفي تفسيره (7/546) من طريق مبارك عن الحسن ، واخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/568) من طريق هشام بْن حسان عَنْ الحسن بألفاظ متقاربة .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/546) وابن أبي حاتم (3/865)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
وقول قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/546) عن سعيد عن قتادة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/546) عن أسباط عن السدي .
والسدي ضعيف .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/766) عن عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ.
وهذا القول مبني على معنى الرشد في نصوص أخرى من القرآن ، كقوله تعالى : ( ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ) .
وقوله تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
فالرشد ضد الغي والضلال ، وهو الاستقامة على الطريق الصحيح .
( أَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا).
وقال تعالى أيضا : ("إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فأَمنا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا"" سورة الجن، الآية: 1-2"

القول الثاني :الصلاح والعلم بما يصلحه، وهو قول ابن جريج ،وحاصل ما ذكره الزجاج والنحاس .
وهو مبني على أحد معانيها اللغوية ، ومبني على نصوص القرآن والسنة .
فالرشد من معانيها اللغوية هو الصلاح والعلم بما يصلح ، ومنه قوله تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف 10 ].
وقال تعالى : (وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا)[الأعراف / 146]
فهذه نصوص يكون الرشد فيها معنى الصلاح والأصلح .
وفي قوله تعالى : ((قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف/ 51] ، فيها معنى العلم .
وأيضا في قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا) [الجن / 21]. فيها معنى النفع والأصلح .

القول الثالث :
العقل ، وهو قول مجاهد والشعبي .
وقول مجاهد أخرجه ابن جريرفي تفسيره ( 7/546)عن ابن أبي نجيح ومنصور عن مجاهد بألفاظ متقاربة وبزيادة في رواية منصور .
وأما قول الشعبي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/546) عن أبو شبرمة عن الشعبي ، بألفاظ متقاربة .
وهذا القول مبني على أحد معاني الرشد في اللغة ، ومبني على النصوص من السنة ، كما في حديث : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) .

الراجح : أن كل الأقوال تشملها معنى الرشد لأنها من معانيها اللغوية والتي دلت عليها أدلة الكتاب والسنة أيضا .
ففي تهذيب اللغة : قَالَ اللَّيْث: يُقَال رَشَد الْإِنْسَان يَرْشُدُ رُشداً ورَشاداً، وَهُوَ نقيض الغَيّ، ورَشِد يَرْشَدُ رَشَداً، وَهُوَ نقيض الضَّلالَ. إِذا أصابَ وَجْهَ الْأَمر وَالطَّرِيق فقد رَشِد، وَإِذا أرشدك إنسانٌ الطَّرِيق فَقل: لَا يَعْمَى عَلَيْك الرُّشد.
قلت: وَغير اللَّيْث يَجْعَلُ رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرشَدُ بِمَعْنى واحدٍ فِي الْغَيّ والضَّلال، ورجلٌ رشِيدٌ ورَاشِدٌ. والإرْشادُ الْهِدَايَة والدِّلالَة.
والْحَدِيثُ «وإِرْشَادُ الضَّالِّ» أَيْ هِدَايَتُهِ الطريقَ وتَعْريفه.


دلالة تنكير ( رشدا ):
هو تنكير النوعية ،ومعناه إرادة نوع الماهية .
قال ابن عاشور : ( وَمَاهِيَّةُ الرُّشْدِ هِيَ انْتِظَامُ الْفِكْرِ وَصُدُورُ الْأَفْعَالِ عَلَى نَحْوِهِ بِانْتِظَامٍ، وَقَدْ عَلِمَ السَّامِعُونَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الرُّشْدُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، فَالْمُرَادُ مِنَ النَّوْعِيَّةِ نَحْوَ الْمُرَادِ مِنَ الْجِنْسِ).

مرجع الضمير الهاء في قوله (فادفعوا إليهم )( وإذا دفعتم إليهم ) :
اليتامى ، وهو حاصل ما ذكره ابن جرير ، وابن كثير وغيرهم .

معنى ( اسرافا) :
الاسراف في اللغة: هو مجاوزة الحد ، وذكر ذلك الزجاج وابن فارس وابن منظور .
وفي الاصطلاح : هو تجاوز الحد في الصرف فيما ينبغي زائدا .
ففال الراغب الأصفهاني في غريب القرآن : (السرف :تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر) .
وقال الكرماني في شرح صحيح البخاري : (الاسراف هو صرف الشيء في ينبغي زائدا بخلاف التبذير).


معنى ( بدارا ) :

أي مبادرة ، والمسارعة ،وقول قول الراغب الأصفهاني ،ومكي بن أبي طالب وغيرهم .
وقال ابن عاشور :
الْبِدَارُ مَصْدَرُ بَادَرَهُ، وَهُوَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَدْرِ، وَهُوَ الْعَجَلَةُ إِلَى الشَّيْءِ، بَدَرَهُ عَجِلَهُ، وَبَادَرَهُ عَاجَلَهُ.

دلالة عطف ( اسرافا وبدارا):
عطف على قوله ( وابتلوا اليتامى ) لاتصال الكلام على تأكيد النهي ، وقد ذكر ذلك ابن عاشور .

فائدة العطف في قوله :( ومن كان غنيا فليستعفف ) :
تقريرا للنهي ، وهو تخصيص لعموم النهي عن أكل أموال اليتامى ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور .

معنى ( غنيا ) :
الغنى في اللغة يطلق على عدم الحاجة ومنه الاستغناء .
وقال الحميري في شمس العلوم : الغناء : الكفاية .
وفي المعجم الوسيط : فلَان غنى وغناء كثر مَاله فَهُوَ غان وغني وَعَن الشَّيْء لم يحْتَج إِلَيْهِ .

المراد بالغني :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : اليتيم ، وهو قول يحي بن سعيد وربيعة .
وقول يحي بن سعيد وربيعة أخرجه ابن وهب المصري( 24- 1/25 )عن نافع بن أبي نعيم عن يحي بن سعيد وربيعة ..
ونافع بن أبي نعيم : وثقه يحيى بن معين، وليَّنه أحمد بن حنبل.

القول الثاني : والي اليتيم ، وهو قول عائشة ، والسدي .
وقول عائشة أخرجه البخاري ( 6/43 )عن هشام عن أبيه عن عائشة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير (6/410-428 ) من طريق أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.

معنى ( فليستعفف ) :
هو الترك ، والنزاهة عن الشيء وهو حاصل ما ذكره ابن قتيبة والجزري.

معنى الفقير :
لغة : الفقر هو الحاجة ، وهو المحتاج ،كما ذكر ذلك الخليل أحمد .
وفي الشرع : يراد به فقر المال ، كما ذكر ذلك ابن تيمية .
أما في الاصطلاح فلها تعاريف مختلفة وكلها تتضمن الحاجة إلى المال ، وعدم وجود الكفاية .

المراد بالأكل بالمعروف :
القول الأول : القرض ، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وعبيدة وأبي العالية .
وقول سعيد بن جبير أخرجه عبد الرزق في تفسيره ( 435) وابن جرير في تفسيره (6/410) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/410)عن حماد عن سعيد بن جبير ،وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/)864)من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ مختلف .
وقول مجاهد أخرجه سعيد بن منصور (3/1154)وأخرجه سفيان الثوري عن أبي نجيح عن مجاهد ، بألفاظ متقاربة.
وقول عبيدة أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره ( 3/1163)و عبد الرزاق في تفسيره ، وابن المنذر في تفسيره ( 2/575)عن محمد بن سيرين عن عبيدة ،
وقول أبي العالية أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/575 ) عن يونس بن عبيد عن أبي العالية .
سفيان عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف قال القرض (الآية 6)( تفسير الثوري ، 1/88)
القول الثاني : ما سد الجوع ولا يرد ما أخذه لحاجته ، وهو حاصل قول إبراهيم ،
وقول إبراهيم أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1166)و ابن أبي حاتم عن المغيرة عن إبراهيم .
المغيرة ثقة غير أنه يرسل عن إبراهيم ، كما ذكر ذلك الذهبي .
القول الثالث: هو الانتفاع بالأموال شرب الألبان وركوب الدواب ونحوه ،دون الأخذ من أصل المال وأعيانه ، وهو حاصل ما قاله قتادة والضحاك .
وقول قتادة أخرجه ابن جرير (6/410 ) عن سعيد عن قتادة ،وهذا الحديث مرسل .
وقول الضحاك أخرجه ابن جرير (6/410) عن عبيد بن سليمان عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .
الراجح :
قد ذكر عطاء أنها رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ، ويرأى من الفقهاء كأبو يوسف ، على أن الآية منسوخة بقوله تعالى : ( ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) ، وقد ذكر مكي أن العلماء اختاروا أن يقوت نفسه من مال نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم ، وعلى هذا فلو اضطر واحتاج فيأخذه قرضا تحرزا من الوقوع في الوعيد الذي ذكره الله في الآيات الاخرى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنا يأكلون في بطونهم نارا ويصلون سعيرا ) ، وأما القول الثالث فأيضا يصح لعدم الضرر على أصل مال اليتيم .

المراد بالإشهاد :
أي: وجود الشهود ، وهو قول ابن عباس ومكي بن أبي طالب .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 3/871) من طرق محمد العوفي عن أبيه عن عمه عن ابيع عن ابن عباس . وقد ذكر أحمد شاكر ضعف اسناد سلسلة العوفي .
وهذا يؤيده أيضا أدلة أخرى من القرآن والسنة ،و منها :
قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة:282/ 2] وقوله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق:2/ 65] وقوله: {ممن ترضون من الشهداء}.


السبب في الأمر بالإشهاد :
حتى لا يقع جحود وانكار لما قبضه واستلمه ، ذكره ابن كثير .
ذكر العيني في عمدة القاري عدة مصالح منها :
- منها السلامة من الضمان والغرم
-حسن مادة سوء الظن بالولي .
-امتثال أوامر الله بالإشهاد .
-طيب قلب اليتيم بزوال ما يخشاه من فوات ماله ودوامه تحت الحجر .

متعلق الإشهاد :
الدفع ، ذكره ابن جرير والرزاي .

شروط دفع المال للوصي :
1) البلوغ ، ذكره ابن عطية ، والثعلي .
2) العقل ، ذكره ابن عطية ، والثعلبي .

معنى ( حسيبا ) :
القول الأول :أي كافيا ،ذكره اليزيدي ومكي بن أبي طالب ، والماوردي ووالقرطبي وغيرهم .
وهذا القول مبني على معناه اللغوي ، وهو الكفاية ، فقال ابن منظور : الحسيب : هو الكافي ، فعيل بمعنى مفعل ، من أحسبني الشيء إذا كفاني.
والقول الثاني : محاسبا ، وهو قول الثعلبي والواحدي و ابن عطية .
وهو على أن الحسيب من الحساب وهو الجزاء ، وهي أيضا من معانيها اللغوية .
ومنه قوله تعالى : (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
قال الراغب الأصفهاني : (والحسيب والمحاسب: من يحاسبك ثم يعبر عن المكافئ بالحساب).
والراجح : رجح ابن عطية أنه بمعنى محاسبا على أعمالهم .
وكلا المعنين صحيح تتحمله السياق ، كمثل قوله تعالى : ( قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) أي الكفاية .
فيكون بمعنى الكفاية عن الشهود ، ويكون بمعنى المحاسبة على الأعمال الذي يقوم ها الولي مع اليتيم .


مناسبة ختم الاية بمحاسبة الله :
للدلالة على محاسبة الله ومراقبته حال تسليمهم الأموال ، هل هي كاملة أو منقوصة ، وذكر ذلك ابن كثير .

مسائل لغوية :
( إن ) :
أداة شرط ، ذكره ابن عطية .

و(من ) :
أداة شرط ، ذكره محي الدين في اعراب القرآن وبيانه .

القوة البيانية في قوله ( فليستعفف ) :
فيه قوة اللفظ لقوة المعنى.
قال محي الدين في اعراب القرآن وبيانه :
في هذه الآية نوع طريف من أنواع البيان يطلق عليه اسم «قوة اللفظ لقوة المعنى» ، وذلك في قوله «فليستعفف» فإن «استعفّ» أبلغ من «عف» كأنه يطلب زيادة العفة من نفسه هضما لها وحملا على النزاهة التي يجب أن تكون رائد أبناء المجتمع.

مسائل فقهية :

رفع أمر بلوغ الرشد إلى السلطان :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : منهم من يرى رفعه للسلطان ليثبت رشده .
القول الثاني :منهم يرى أن ذلك الأمر يرجع إلى اجتهاد الوصي دون الحاجة إلى رفعها للسلطان .
الراجح : هو رفعه إلى السلطان وهذا ما رجحه ابن عطية ، وهذا يحفظ حق المحجورين .


حكم الاشهاد :
اختلف فيه الفقهاء على قولين :
الأول : أنه مستحب ، وهو قول الإمام أحمد ، وذكره ابن عطية والقرطبي وغيرهم .
الثاني : أنه واجب ، وهو قول الشافعي وذكره ابن عطية والقرطبي وغيرهم.
والراجح : الأمر في الآية يقتضي الوجوب ، ورجح القرطبي وجوبه لظاهر لآية .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 09:44 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
اضافة المزيد من المسائل وتعديل :

تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا )
الوقف :
حكم الوقف في ( قياما ) :
جائز ، وهو قول الأشموني .
وهذا الوقف جائز لاتفاق الجملتين .
القراءات:
القراءة في قوله ( السفهاء أموالكم ) :
القراءة الأولى : بتحقيق الهمزات ، وهي قراءة الجمهور
القراءة الثانية : باسقاط الهمزة الأولى مع قصر ومد ، وهي قراءة أبو عمرو وقالون والبزي .
القراءة الثالثة : تسهيل أوابدال الثانية ألفا مشبعا ، وهي قراءة ورش وقنبل .
القراءة الثالثة : تسهيل الثانية وهي قراءة أبو جعفر ورويس .
وهذه القراءات صحيحة متواترة .

القراءة في قوله ( التي ) :
القراءة الأولى : ( التي ) وهي قراءة الجمهور ، ذكره مكي ، وابن عطية
القراءة الثانية : ( اللاتي ) وهي قراءة الحسن والنخعي ، وذكره مكي وابن عطية
وهذه القراءة مبنية على أنها المال جنس كثير العدد .
قال مكي( الهداية في بلوغ النهاية، 2/1225) : وقرأ النخعي {التي} بالجمع.
الراجح : أن القراءة الثانية شاذة( راجع اعراب القراءات الشاذة للعبكري ) ، لكنها تصح في اللغة كلتا القراءتين
قال الفراء الأكثر في كلام العرب: النساء اللواتي، والأموال التي. [معاني القرآن: 1/256-257]
فعلى هذا يكون كلا القراءتين جائزة ، وقد رجح ابن عطية قراءة الجماعة .

القراءة في قوله : ( قياما ) :
القراءة الأولى : قيما ، قرأه نافع وابن عامر .
وهذه القراءة لها ثلاثة أوجه :
الأول : أنها مصدر مثل الحول والعوض .
الثاني :جمع قيمة ، كديمة وديم ، والمعنى : أن الأموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها . وقد ذكر العبكري عن تضعيف هذا القول فقال : وَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ: هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ قُرِئَ فِي قَوْلِهِ: (دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ) [الْأَنْعَامِ: 161] ، وَفِي قَوْلِهِ: (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا) [الْمَائِدَةِ: 97] ، وَلَا يَصِحُّ مَعْنَى الْقِيمَةِ فِيهِمَا.
الثاني :أن يكون الأصل قياما وحذفت فيها الألف كما في حذفت في خيم ، وهذا له وجهان صحيحان ، وهو أنها مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا فيكون صححي بالمصدر كما يصح في الفعل ، والوجه الثاني هو أنها اسم لما يقوم به الأمر وليس مصدر ، وهذا قد ذكره العبكري .
القول الثالث :قياما ، وهي قراءة البقية .
وهذه القراءة على أنها مصدر قام ،والياء بدل الواو ، أي: التي جعلها الله تعالى سبب قيام أبدانكم, أي: بقائها.
وعلى هذه القراءة تكون قياما بمعنى الثبات في صلاح الحال .
الدراسة والترجيح : أرى والله أعلم أنه طالما أن القراءات غير شاذة وثابتة فلا داعى للقول بالترجيح ولكن تذكرى خلاصة المسألة
أن كلا القراءتين صحيحة ، فالقراءة الأولى هي قراءة الجمهور وهو الذي عليه رسم المصحف ، والقراءة الثانية تصح لغة أيضا وهي قراءة البصريين ، وقد ذكر ابن جرير أيضا صحة القراءة الأخرى أيضا .
ففي اللغة هي ثلاث لغات ، قياما وقواما وقيما
فقال أبو زنجلة : وأصل الْكَلِمَة قواما فقلبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا فَصَارَت قيَاما قَالَ الْكسَائي قيَاما وقواما وقيما ثَلَاث لُغَات وَالْمعْنَى وَاحِد وَهُوَ مَا يُقيم شَأْن النَّاس ويعيشهم وَفِي تَفْسِير بَعضهم قيَاما معاشا( حجة القراءات ،1/191)

المسائل التفسيرية :
سبب نزول الآية :
اختلفوا فيمن نزلت فيهم الآية :
القول الأول : عن الرجل الذي دفع ماله لامرأته فصرفته بغير حق ، وهو قول الحضرمي .
وهذا الأثر ضعفه سليم بن عيد الهلالي في كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب .
القول الثاني : الأولاد ، وهو قول ابن عباس وغيره .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/401)، وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/862) من طريق العوفي عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس .
وهذا الاسناد مسلسل بالضعفاء .
قال أحمد شاكر (هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير الطبري، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة، إن صح هذا التعبير! وهو معروف عند العلماء بـ "تفسير العوفي")
القول الثالث :نزلت في المحجورين ، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ذكره ابن عطية وأبوحيان .
قول مجاهد وسعيد لم أجده .
الراجح : أنها عامة تشمل كل من اتصف بالسفه ، وهذا ما رجحه ابن جرير وأبو حيان وغيرهم .
قال ابن جرير وغيره : «نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كان من كان، وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات، وقوله: أموالكم يريد أموال المخاطبين»
يجدر هنا الإشارة إلى أن أسباب النزول المذكورة إضافة إلى ضعفها أنها ليست أسباب صريحة في النزول وإنما هى أقرب للتفسير بالمثال منها لسبب النزول
مناسبة الآية :
عطف على ما قبلها وهو قوله تعالى : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) لدفع الإيهام بإيجاب دفع كل مال لمالكه ؛لأنه ذكر في الآيات التي قبلها ذكر عن اتيان المال لمالكها مرتين ، فذكر في ( آتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ( وآتوا اليتامى أموالهم ) ، وذكر عن هذا ابن عاشور .
وذكر الرزاي أيضا وجها جميلا في ارتباط هذه الآية بما قبلها ، فلما كانت الآيات التي قبلها تتكلم عن اتياء النساء والأولاد العاقلين المتمكنين في حفظ الأموال ، ذكر بعد ذلك الغير بالغين أو غير العقلاء فلا تدفع لهم الأموال حتى تزول عنهم السفه .

مقصد الآية :
النهي عن دفع الأموال إلى من لا يحسن تدبيرها ، وهو حاصل ما ذكره ابن كثيرو أبو الطيب القنوجي .

المخاطب في الآية :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : أنه خطاب للأولياء ، وهو قول الزمخشري والرازي .
وهذا القول يؤيده قوله : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) ، وهو قول عام بكل من يكون تحت ولايتهم من الأزواج أو الأولاد .
القول الثاني : أنه خطاب للآباء ، وهو قول الرزاي.
وهذا القول مبني على أن الأولاد هم السفهاء .

الراجح : القول الأول هو الأرجح وهو الصواب لعموم المخاطبين ولا دليل على التخصيص ، ولأن لفظ السفهاء جاءت معرفة بأل فهي تفيد الاستغراق والعموم .

معنى السفهاء:
السفهاء في اللغة ، أصله من السفه وهو الخفة و الجهل ، كما ذكر ذلك الحميري والزجاج والنحاس وغيرهم ،
وفي الاصطلاح :هو الذي لايحسن سياسية المال ، وقد قال بذلك ابن عرفه وذكره الأزهري وغيرهم .

المراد بالسفهاء :
اختلفوا في المراد بالسفهاء على أقوال :
القول الأول :النساء والصبيان ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ،وسعيد بن جبير ، والحسن ،والسدي ، والضحاك ،والحكم ، وأبي مالك .
وقول ابن عباس : أخرجه سعيد بن منصور في سننه (3/1150-1151)وابن جرير في تفسيره (6/388) وابن المنذر 2/562)،وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن يونس عن الحسن ، كلها بألفاظ متقاربة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) من طرق عن حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ وأسباط عن السدي بألفاظ متقاربة .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول الضحاك أخرجه ابن جريرفي تفسيره (6/388 )من طرق عن عبيد بن سليمان وجويبير وسلمة بن نبيط وسلمة عن الضحاك بألفاظ مختلفة متقاربة وبزيادة في بعضها.
وأما قول قتادة أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن سعيد عن قتادة .
وأما قول مجاهد فأخرجه ابن جريرفي تفسيره (6/388) عن عن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ.
وأما قول الحسن فأخرجه ابن جرير ( 6/388) وعبد الرزاق في تفسيره (1/433) من طرق أبي حمزة ومعمر عن الحسن وأخرجه ابن جريرأيضا في تفسيره (6/388) و سعيد بن منصور في تفسيره عن يونس عن الحسن بألفاظ مختلفة .
وقول الحكم أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن أبو نعيم عن ابن أبي غنية، عن الحكم.
وهو قول مبني على ضعف رأي النساء والصبيان ، وعدم معرفتهما للمصالح والمضار في صرف الأموال.
القول الثاني :الصبيان خاصة ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير والحسن ، وابن زيد ، وأبي موسى وأبي مالك .
وهذا القول مبني على أن الصبيان غالب فيهم السفه لصغر سنهم .
وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي والنسائي عن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ)).
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن محمد بن سعيد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس
وهذا التسلسل من الاسناد ضعيف عن العوفي .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير ( 6/388)وابن أبي حاتم (3/862 ) عن سالم عن سعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير أيضا من طريق
وقول الحسن أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن يونس عن الحسن .
يونس ثقة .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف .
وقول أبي موسى أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أبي بردة عن أبي موسى .
وقول أبي مالك أخرجه ابن جرير ( 6/388)عن اسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك .
القول الثالث : النساء خاصة دون غيرهم ، وهو قول سليمان ،ومجاهد ،والحسن والضحاك .
وقول سليمان أخرجه ابن جرير (6/388) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه .
وقول مجاهد أخرجه ابن وهب في تفسيره (1/93) عن حميد بن قيس عن مجاهد ، وأخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/562) من طريق عن مجاهد بلفظ مختلف ،
وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن جوبير عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .
قال يحيى القطان: كان الضحاك عندنا ضعيفًا.
وقول الحسن أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن هشام عن الحسن .
وهشام قال عنه الشعبي أنه لم يكن يحفظ ( سير أعلام النبلاء ) .
وهو قول مبني على أن السفهاء على جمع الإناث هو فعلاء .
ومبني على حديث لايصح ،فقد روى علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنما خلقت النار للسفهاء.
يقولها ثلاثا. ألا وإن السفهاء النساء إلّا امرأة أطاعت قيّمها».
ومن جهة أخرى أيضا باعتبار ضعف رأيها وعدم معرفتها لللمصالح والمضار لصرف الأموال .
القول الرابع : الخدم ، وهو قول أبي هريرة . هو قول مروى عن أبي هريرة بصيغة التضعيف
وهو قول أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره( 3/863) عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة .
وهذا القول بمبني على أن الخدم لا تصرف لهم بالمال لأنهم في حكم أولياءهم .
القول الخامس :السفهاء من الرجال والنساء وهو مروى عن مجاهد بسند ضعيف ويشهد له حديث أبي موسىى وهذا هو القول الراجح وعليه المعول في الترجيح
الراجح :
أنه يشمل كل من لم يحفظ المال من النساء أو الأولاد أو غيرهم دون تخصيص ، لأن السفه صفة عامة ، فقد يكون السفيه من الرجال وقد يكون في النساء وقد يكون في الأطفال ، ومن هؤلاء أيضا منهم أيضا من لايضع المال ويحفظ ماله ، فقد قال الله تعالى في المرأة الصالحة : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ،ثبت في الصحيحين من حديث هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما أنها شكت إلى النبي ﷺ قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ما يعطينا ما يكفيني ويكفي بني فهل لي من رخصة أن آخذ من ماله ما يكفيني ويكفي بني؟ قال النبي ﷺ: نعم خذي من ماله بالمعروف، خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك قال: بالمعروف.
ومن هذا الحديث يتبين أنه إن كانت المرأة سفيهة على العموم لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال زوجها بالمعروف ، فدل ذلك على أن ليس كل النساء سفهاء ، لكن السفه في النساء من جهة تحكم العواطف وليس العقل بهن .
وبالنسبة للأولاد ،فقد جاءت في الآية الأخرى ( وابتلوا اليتامى فإن آنستم منهم رشدا ) فهذا دليل على أن من الأولاد من يكون واعيا .
وثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذٍ ماله، وباعه في دَين كان عليه.
وفي هذا دليل على أن من الكبار من يوصف بالسفه عند عدم التصرف الصحيح بالمال .
وفي الحديث : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» . رواه مسلم
قال الزجاج( 2/13) : والسفهاء يدل على أنَّه لا يعني به النساء وحدهن، لأن النساءَ أكثر ما يستعمل فيهن جمع سفيهة وهو سفائه، ويجوز سفهاء، كما يقال فقيرةٌ
وفقراء.
وقد بوب البخاري عن تصرف المرأة بالمال إن كانت سفيهة .
( عمدة القاري ،3/251):(بابُُ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِها وعِتْقِهَا إذَا كانَ لَها زَوْجٌ فَهْوَ جائِزٌ إذَا لَمْ تَكنْ سَفِيهَةً فإذَا كانتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ قَالَ الله تَعَالَى: { ولاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أمْوَالَكُمْ} (النِّسَاء: 5) .

مرجع ضمير المخاطب الكاف في قوله ( أموالكم ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :أنها أموال أولياء الأمور ، وهذا قول ابن عباس ، وأبي موسى والسدي ، وابن زيد وعطاء .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن محمد بن سعيد العوفي عن أبيه عن عمه عن أبيه عن ابن عباس .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وقول السدي أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وأما قول أبي موسى الأشعري أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري ، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر موقوفا ، وأخرجه الحاكم في مستدركه (2/331)والبيهقي في السنن (10/247)مرفوعا بنفس الألفاظ مع اختلاف يسيير في اللفظ .
وقال الحاكم في مستدركه : «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى وإنّما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد: «ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين» وقد اتّفقا جميعًا على إخراجه "
وقول عطاء أخرجه ابن أبي حاتم (3/868) ) عن ابن جريج عن عطاء.
القول الثاني :أنها من أموال السفهاء ،وهو قول سعيد بن جبير .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير ( 6/388) عن سالم عن سعيد بن جبير .

الراجح : أنها تشمل القولين ، ولا مخصص لأحد القولين لأن العرب تستعمل أيضا صيغة الجمع للتعبير عن الواحد ، وهذا ما رجحه أيضا ابن جرير . وتحرير الطاهر ابن عاشور رائع في هذه المسألة

دلالة إضافة كاف الجمع إلى الأموال :
القول الأول :للدلالة أن هذه المال ليس ملكهم في الأساس ، ولكن أعطوا التصرف فيه ،فالمخاطبين تحت ولايتهم في التصرف .، وهذا حاصل ما ذكره البغوي وال
القول الثاني : أنها للدلالة على جنس الأموال ، وهو أموال الناس ، وهذا حاصل ما ذكره ابن الجوزي
وذكر أبو حفص النعماني رحمه وجهين لذلك :
(أحدهما: أنَّه تعالى أضاف المال إليهم، لا لأنَّهم ملكوه، لكن من حيث ملكوا التصرف فيه، ويكفي في الإضافة الملابسة بأدنى سبب.
وثانيهما: إنَّما حَسًنَتِ هذه الإضافَةُ إجراءاً للوحدة بالنَّوع مجرى الوحدة بالشخص كقوله تعالى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} [التوبة: 128] {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} [النساء: 25] {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] وقوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] ومعلوم أنَّ الرَّجل منهم ما كان يقتل نفسه، وإنَّمَا كان يقتل بعضهم بعضاً، وكان الكلُّ من نَوْع واحدٍ، فكا ها هنا لما كان المال ينتفع به نَوْع الإنسان، ويحتاج إليه، فلأجل هذه الوَحْدَة النَّوعيَّة حسنت إضافة أموال السُّفهاء إلى الأولياء.).[اللباب في علوم الكتاب ، 6/183].
لو بسطت الوجهين بطريقة سهلة
المراد بقوله ( وارزقوهم ) :
يراد به الإنفاق ، وهذا قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/401-402]) وابن المنذر في تفسيره (2/565))عن ابن جريج عن ابن عباس ، وأخرجه ابن أبي حاتم(3/364) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( وارزقوهم )( واكسوهم )( لهم ) :
يرجع الكلام هنا على السفهاء من المحجورين وغيرهم ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن الجوزي والماردي وابن كثير وغيرهم .

معنى الكسوة :
في اللغة : اللباس .
قال ابن منظور : كسا: الكِسْوَةُ والكُسْوَةُ: اللِّبَاسُ، وَاحِدَةُ الكُسا؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَلَهَا معانٍ مُخْتَلِفَةٌ. يُقَالُ: كَسَوْت فُلَانًا أَكْسُوه كِسْوَةً إِذا أَلبسته ثَوْبًا أَو ثِيَابًا فاكْتَسَى. واكْتَسَى فُلَانٌ إِذا لبَس الكِسْوَة [الكُسْوَة]

المراد بالقول المعروف :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :العدة الحسنة ، وهو قول مجاهد .
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير (6/388 ) عن ابن جريج عن مجاهد .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة غير أنه يدلس.
القول الثاني :الرد الجميل ، وهو قول مجاهد والضحاك ، ذكره ابن الجوزي والماوردي .
لم أجد ذلك . أرى والله أعلم أن هذا القول يرجع إلى القول الأول فالرد الجميل صنو العدة الحسنة وربما لذلك نسب لمجاهد القول ولكن معنى القول لانفسه
القول الثالث :الدعاء ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/388) عن ابن وهب عن ابن زيد .
فابن زيد ضعفه كثير من أهل العلم ، فقال عنه النسائي: ضعيف مدني، وقال ابن حزم ضعيف، ومرة قال ساقط ضعيف, وقال الذهبي: ضعفه أحمد والدارقطني.
وهناك قول ذكره الزجاج علموهم امر دينهم
الراجح : أن هذه الأقوال كلها صحيحة ، فالمعروف بالقول يكون بالإحسان إليهم بأي نوع من الكلام ، كما قال تعالى : ( وقولوا للناس حسنا ) وقال الله تعالى في اليتيم : ( وأما اليتيم فلا تقهر ) {كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}.
وقال ابن جرير : (وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل، من الإنفاق في الكساوى والإنفاق والكلام الطّيّب، وتحسين الأخلاق).

مسألة فقهية :
حكم الحجر على السفية :
اختلفوا فيه على أقوال :
الأول : يجب الحجر ،وهوقول ابن المنذرو الشافعي .
وهذا القول مستدلين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي روي مرسلا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ .
الثاني : لايجب الحجر ، وهو قول النخعي و أبو حنيفة .
الراجح : أنه يحجر من قبل الحاكم إن رأى المصلحة بذلك .
قال ابن قدامة في المغني: ولا يحجر عليه إلا الحاكم.
وقال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين.
وروى مسلم أن رجلا مدينا أصيب في ثمار ابتاعها فتصدقوا عليه.
فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للغرماء: «خذوا ما وجدتم وليس لكم لا ذلك».


( وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا)
الوقف :
حكم الوقف في ( أموالهم ) :
وقف حسن ، ذكره الأشموني .

حكم الوقف في قوله ( أن يكبروا ) :
حكمه وقف حسن ، ذكره الأنباري .

حكم الوقف في ( بالمعروف ) :
حكمه وقف تام ، ذكره أبو عمرو الداني .

حكم الوقف في ( فأشهدوا عليهم ) :
وقف حسن ، ذكره الأشموني .

حكم الوقف في ( حسيبا ) :
وقف تام ، ذكره الأشموني .

القراءات :

القراءة في قوله ( آنستم ) :
القراءة الأولى :آنستم ، بالمد وهي قراءة الجمهور
القراءة الثانية : بقصر الهمزة .
القراءة الثالثة :أحستم ، وأحسيتم ، وقي قراءة ابن مسعود .
وكل هذه القراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( رشدا ) :
القراءة الأولى : بضم الراء وهي قراءة الجمهور .
وهذه القراءة على أنها لغة أو مصدر .
القراءة الثانية : بفتحتين ، وهي قراءة ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو السمال وعيسى الثقفي .
وهذه القراءة على أنها مصدر .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( إليهم ) :
القراءة الأولى : بضم الهاء ( إليهم) ، وهي قراءة حمزة ويعقوب المطوعي .
القراءة الثانية : بكسر الهاء ، وهي قراءة الباقيين .
وهذه قراءات صحيحة متواترة .

القراءة في قوله : ( ولا تأكلوها ) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثانية :بإبدال الهمزة الساكنة ألفا، وهي قراءة أبو جعفر وأبو عمر وبخلاف عنه ورش عن نافع والأصبهاني والأزرق ومحمد الشموني .( معجم القراءات).
وكلا القراءتين صحيحةو متواترة .

القراءة في قوله ( اسرافا) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثاني : بترقيق الراء ، وهي قراءة ورش والأزرق .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله ( فقيرا ) :
القراءة الأولى : قراءة الجمهور .
القراءة الثانية :بترقيق الراء ، وهي قراءة ورش والأزرق .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله (فيأكل ):
القراءة الأولى :تحقيق الهمزة ، وهي قراءة البقية .
القراءة الثاني : ابدال الهمزة ، وهي قراءة أبو جعفر وأبو عمرو بخلاف والأصبهاني وورش عن نافع .

القراءة في قوله (بالمعروف فإذا ):
القراءة الأولى : بدون ادغام الفاءات ، وهي قراءة البقية .
القراءة الثاني : بادغام الفاء بالفاء قرأ أبو عمروويعقوب بخلاف عنهما
وهذه قراءات صحيحة متواترة .

القراءة (فإذا )
تسهيل الهمزة ، وهي قراءة حمزة في الوقف .
وهذه قراءة صحيحة .

القراءة في قوله (عليهم )
القراءة الأولى :بكسر الهاء من أجل الياء ، وهي قراءة الجماعة .
القراءة الثانية : بضم الهاء على الأصل ، وهي قراءة يعقوب والمطوعي والشنبوذي .
وهي قراءات صحيحة .

القراءة في قوله (كفى )
القراءة الاولى :بالإمالة ، وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف .
القراءة الثانية : وبالفتح والتقليل ،هي قراءة الأزرق وورش.
القراءة الثالثة : بالفتح ، وهي قراءة البقية . .
وهي قراءات صحيحة .

المسائل التفسيرية :
سبب نزول الآية :

نزلت في ثابت بن رفاعة وعمه ، عندما ترك توفي رفاعة وترك ابنه رفاعة ،وجاء العم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عما يحل له من ماله ، فأنزلت الآية ، وهذا القول ذكره المزيني في المحرر
والحديث مرسل ورجاله ثقات .
وذكر المزيني أيضا من حديث آخر صحيح فذكر أنها نزلت بسبب سؤال رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل مال اليتيم .
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) أنزلت في والي اليتيم الذي يقيم عليه ويصلح في ماله، إن كان فقيراً أكل منه بالمعروف.
وحديث عائشة رضي الله عنها ليس صريحا في سبب النزول
مناسبة الآية :
لبيان الغاية من النهي من الآية الأولى لمن قال أنها خاص في اليتامى ، وذكر ذلك ابن عاشور ، وذكر أيضا عن أن هذه الآية يجوز أنها تكون معطوفة على قوله : ( وآتوا اليتامى أموالهم ) فتكون هذه الاية لبيان كيفية اتيانهم هذه الأموال .

النسخ في الآية :
اختلفوا في نسخ الآية على أقوال :
القول الأول : محكمة ، وهو قول الجمهور ، ذكره ابن الجوزي والنحاس وغيرهم .
القول الثاني :منسوخة ، وهو قول ابن عباس والضحاك و ذكره الوليد الأموي .
وقول ابن عباس أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن والنحاس في الناسخ والمنسوخ عن عطاء عن ابن عباس .
وذكر صالح بن أحمد بن حنبل في ‏"‏ العلل ‏"‏ عن علي بن المديني قال‏:‏ سألت يحيى القطان عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني فقال‏:‏ ضعيف‏.‏
وقول الضحاك أخرجه ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن عمران بن مسلم عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .

الراجح : القول الأول هو الراجح وهو قول الجمهور ، أما القول بأنها منسوخة فلم يصح فيها قول .

المخاطب في الآية :
الأوصياء جميعهم ، وهو قول مقاتل بن حيان وحاصل ماقاله الزجاج وابن عطية وابن عاشور .
وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم (3/565 ) والبيهقي في السنن الكبرى (6/98)عن بكيربن معروف عن مقاتل بن حيان .
وهذا الاسناد فيه محمد بن مزاحم ، وقد قال عنه أبو حاتم الرازاي أنه متروك الحديث .
وهذا القول صحيح لعموم الطلب ولا مخصص لها .


معنى : (ابتلوا ):

الابتلاء هو الاختبار ، وهو قول ابن عباس و الحسن وقتادة وأبي عبيدة وأهل اللغة وأبو عبيدة وابن قتيبة وغيرهم أيضا .
وقول الحسن وقتادة أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/433) عن معمر عن قتادة وحسن .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر(2/566) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
وقول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم ( 3/864)و ابن المنذر ( 2/567)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .

متعلق الفعل (ابتلوا): قبل هذه المسألة مسألة معنى الإبتلاء ولو أردت البيان أكثر بذكر كيفية الإبتلاء
العقل ،وهو قول مجاهد ،والسدي ،وابن زيد.
وقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/547)عن ابن أبي نجيح عن مجاهد .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/547) عن أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير (7/547)عن ابن وهب عن ابن زيد.
وابن زيد ضعيف.
معنى اليتيم :
لغة : يقال اليتم للمفرد .
فقال ابن فارس في مقاييس اللغة : الياء والتاء والميم. يقال: اليُتم في النَّاس من قِبَل الأب، وفي سائر الحيوان من جهة الأمّ.
ويقولون لكلِّ منفردٍ يتيم.
وقال ابن منظور في لسان العرب : قال المفضل: أَصل اليُتْم الغفْلةُ، وسمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه.

المراد باليتيم :
هو الذي فقد أباه قبل البلوغ، ذكره ابن عطية والماوردي .

فائدة ( حتى ) :
حتى ابتدائية، ولكنها تفيد الغاية، ذكره محي الدين .

معنى ( إذا ) :
اختلفوا في معناها على قولين :
الأول :أنها تفيد الغاية ، وهو قول ابن عاشور وغيره وذكره السمين الحلبي .
وعلى هذا يكون المعنى : وابْتَلوا اليتامى إلى وقت بلوغِهم واستحقاقِهم دَفْعَ أموالِهم بشرطِ إيناس الرُّشْد.
الثاني : أنها حرف جر ، وهذا قول أبو حفص الحنبلي وغيره و ذكره السمين .
الثالث : أنها متضمنة معنى الشرط ، وهذا قول النحاس .
الراجح :
رجح ابن عطية والسمين الحلبي أنها ليست شرطية لظاهر الآية .لو فصلت بذكر معنى الآية على ضوء هذا التفصيل

معنى البلوغ :
لغة :بَلغَ الشيءُ يَبْلُغُ بُلُوغاً وبَلاغاً : وصَلَ وانْتَهَى ، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .
اصطلاحا : انتهاء حدِّ الصغر ليكون أهلًا للتكاليف الشرعية.( القاموس الفقهي ).


المراد ببلوغ النكاح :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الحلم ، وهذا قول مجاهد وابن عباس وابن زيد .

فقول مجاهد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575)عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وهذا الاسناد به ورقاء وقد ضعفه الإمام أحمد ، وابن أبي نجيح ذكره النسائي من المدلسين .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575) والبيهقي في السنن الكبرى (7/97)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/575)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وهذا القول مبني على الأدلة الأخرى من القرآن والسنة ، فقد قال الله تعالى : ( فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) ، وفي الحديث الصحيح الذي جاءت بطرق عدة : (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله و عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم).
الثاني الخامس عشر ،وهو قول محمد بن قيس ، وابن الجوزي وأبوحيان وابن كثير وغيرهم .
وهذا القول مبني على أحاديث أخرى صحيحة ، مثل حديث الذي رواه الشيخين عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ [ص:326] عَنْهُمَا قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ. وَكَتَبَ أَنْ يَفْرِضَ لِابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْمُقَاتِلَةِ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فِي الذُّرِّيَّةِ.
وقول محمد بن قيس أخرجه ابن أبي حاتم( 3/365) عن أبي معشر عن محمد بن قيس .
ومحمد بن قيس قال عنه ابن حبان : يخطيء ويخالف ، وأما أبي معشر فهو ضعيف .
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء :
روى أحمد بن أبي مريم ، عن ابن معين ، قال : هو ضعيف ، يكتب من حديثه الرقاق ، كان رجلا أميا ، يتقى أن يروى من حديثه المسند وروى أحمد بن زهير ، عن يحيى ، قال : أبو معشر ريح ، أبو معشر ليس بشيء وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو داود والنسائي : ضعيف . وقال الترمذي : قد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر ، من قبل حفظه . قال محمد : لا أروي عنه شيئا . وقال أبو زرعة : صدوق في الحديث ، ليس بالقوي .

القول الثالث: انبات الشعر ، وهو قول عطية القرظي .
وقول عطية القرظي أخرجه سعيد بن منصورفي سننه ( 2/396)والإمام أحمد في مسنده (5/ 311، 312) والترمذي (3/197)وأبو داود في سننه ( 2/613) والحميدي في مسنده (2/138) والدارمي في سننه ( 2/1602) وابن ماجه (2/849)، والنسائي ( 2/246) بلفظ مختلف متقارب ، وابن حبان في صحيحه (11/103)، والطبراني في الكبير (17/164) )والحاكم في مستدركه (2/134) والبيهقي في السنن الصغير (2/299)، وعبد الرزاق في مصنفه ( 10/179)وابن أبي شيبة ( 438) والمحاملي في أماليه (1/89)وكلهم عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي .
والحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود .

الراجح :
أن القول الأول والثاني صحيح ويشملها بلوغ النكاح المقصود ، لصحة الأدلة الأخرى التي تؤيد أن البلوغ هو الحلم وبلوغ سن الخامسة عشر لمن لم يحتلم ، فقال تعالى : ( فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم )، وصحة حديث الذي وراه الشيخين عن سن الخامس عشر ، «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي»ولا تعارض بين القولين .
وأما الانبات فهو أيضا جاء فيه حديث صحيح ، وقد ذهب إليه أكثر الفقهاء أيضا ومنهم الشافعي والحنابلة والحنفية والشوكاني والصنعاني ، وغيرهم .
المسألة خلافية وليس فيها حد قاطع ولكل قول وجهه ودليله

معنى : ( آنستم ) :
معنى آنستم : أي علمتم ووجدتم وأحسستم ، وهو قول الفراء وابن قتيبة والنحاس وغيرهم .
وفي مقاييس اللغة لابن فارس : الْهَمْزَةُ وَالنُّونُ وَالسِّينُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ ظُهُورُ الشَّيْءِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَالَفَ طَرِيقَةَ التَّوَحُّشِ. قَالُوا: الْإِنْسُ خِلَافُ الْجِنِّ، وَسُمُّوا لِظُهُورِهِمْ. يُقَالُ: آنَسْتُ الشَّيْءَ: إِذَا رَأَيْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] . وَيُقَالُ: آنَسْتُ الشَّيْءَ: إِذَا سَمِعْتُهُ.
وقال ابن منظور في لسان العرب : الإبصار، ومنه {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}.

مرجع الضمير الهاء في قوله : ( منهم ) :
اليتامى ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية والزمخشري وابن الجوزي وغيرهم .

معنى : ( الرشد ) :
اختلفوا في معنى الرشد على أقوال :
القول الأول :العقل وصلاح الدين والاستقامة ، وهو قول ابن عباس،والحسن ، السدي وقتادة وسعيد بن جبير
وقول الحسن أخرجه ابن جريرفي تفسيره (7/546) من طريق مبارك عن الحسن ، واخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/568) من طريق هشام بْن حسان عَنْ الحسن بألفاظ متقاربة .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/546) وابن أبي حاتم (3/865)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
وقول قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/546) عن سعيد عن قتادة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/546) عن أسباط عن السدي .
والسدي ضعيف .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/766) عن عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ.
وهذا القول مبني على معنى الرشد في نصوص أخرى من القرآن ، كقوله تعالى : ( ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ) .
وقوله تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
فالرشد ضد الغي والضلال ، وهو الاستقامة على الطريق الصحيح .
( أَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا).
وقال تعالى أيضا : ("إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فأَمنا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا"" سورة الجن، الآية: 1-2"

القول الثاني :الصلاح والعلم بما يصلحه، وهو قول ابن جريج ،وحاصل ما ذكره الزجاج والنحاس .
وهو مبني على أحد معانيها اللغوية ، ومبني على نصوص القرآن والسنة .
فالرشد من معانيها اللغوية هو الصلاح والعلم بما يصلح ، ومنه قوله تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف 10 ].
وقال تعالى : (وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا)[الأعراف / 146]
فهذه نصوص يكون الرشد فيها معنى الصلاح والأصلح .
وفي قوله تعالى : ((قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف/ 51] ، فيها معنى العلم .
وأيضا في قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا) [الجن / 21]. فيها معنى النفع والأصلح .

القول الثالث :
العقل ، وهو قول مجاهد والشعبي .
وقول مجاهد أخرجه ابن جريرفي تفسيره ( 7/546)عن ابن أبي نجيح ومنصور عن مجاهد بألفاظ متقاربة وبزيادة في رواية منصور .
وأما قول الشعبي فأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/546) عن أبو شبرمة عن الشعبي ، بألفاظ متقاربة .
وهذا القول مبني على أحد معاني الرشد في اللغة ، ومبني على النصوص من السنة ، كما في حديث : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) .

الراجح : أن كل الأقوال تشملها معنى الرشد لأنها من معانيها اللغوية والتي دلت عليها أدلة الكتاب والسنة أيضا .
ففي تهذيب اللغة : قَالَ اللَّيْث: يُقَال رَشَد الْإِنْسَان يَرْشُدُ رُشداً ورَشاداً، وَهُوَ نقيض الغَيّ، ورَشِد يَرْشَدُ رَشَداً، وَهُوَ نقيض الضَّلالَ. إِذا أصابَ وَجْهَ الْأَمر وَالطَّرِيق فقد رَشِد، وَإِذا أرشدك إنسانٌ الطَّرِيق فَقل: لَا يَعْمَى عَلَيْك الرُّشد.
قلت: وَغير اللَّيْث يَجْعَلُ رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرشَدُ بِمَعْنى واحدٍ فِي الْغَيّ والضَّلال، ورجلٌ رشِيدٌ ورَاشِدٌ. والإرْشادُ الْهِدَايَة والدِّلالَة.
والْحَدِيثُ «وإِرْشَادُ الضَّالِّ» أَيْ هِدَايَتُهِ الطريقَ وتَعْريفه.
لو رجعت لترجيح الطبري فهو أكثر تفصيلا وإن كان ما ذكرته صحيحا أيضا

دلالة تنكير ( رشدا ):
هو تنكير النوعية ،ومعناه إرادة نوع الماهية .
قال ابن عاشور : ( وَمَاهِيَّةُ الرُّشْدِ هِيَ انْتِظَامُ الْفِكْرِ وَصُدُورُ الْأَفْعَالِ عَلَى نَحْوِهِ بِانْتِظَامٍ، وَقَدْ عَلِمَ السَّامِعُونَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الرُّشْدُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، فَالْمُرَادُ مِنَ النَّوْعِيَّةِ نَحْوَ الْمُرَادِ مِنَ الْجِنْسِ).

مرجع الضمير الهاء في قوله (فادفعوا إليهم )( وإذا دفعتم إليهم ) :
اليتامى ، وهو حاصل ما ذكره ابن جرير ، وابن كثير وغيرهم .

معنى ( اسرافا) :
الاسراف في اللغة: هو مجاوزة الحد ، وذكر ذلك الزجاج وابن فارس وابن منظور .
وفي الاصطلاح : هو تجاوز الحد في الصرف فيما ينبغي زائدا .
ففال الراغب الأصفهاني في غريب القرآن : (السرف :تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر) .
وقال الكرماني في شرح صحيح البخاري : (الاسراف هو صرف الشيء في ينبغي زائدا بخلاف التبذير).


معنى ( بدارا ) :

أي مبادرة ، والمسارعة ،وقول قول الراغب الأصفهاني ،ومكي بن أبي طالب وغيرهم .
وقال ابن عاشور :
الْبِدَارُ مَصْدَرُ بَادَرَهُ، وَهُوَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَدْرِ، وَهُوَ الْعَجَلَةُ إِلَى الشَّيْءِ، بَدَرَهُ عَجِلَهُ، وَبَادَرَهُ عَاجَلَهُ.

دلالة عطف ( اسرافا وبدارا):
عطف على قوله ( وابتلوا اليتامى ) لاتصال الكلام على تأكيد النهي ، وقد ذكر ذلك ابن عاشور .

فائدة العطف في قوله :( ومن كان غنيا فليستعفف ) :
تقريرا للنهي ، وهو تخصيص لعموم النهي عن أكل أموال اليتامى ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور .

معنى ( غنيا ) :
الغنى في اللغة يطلق على عدم الحاجة ومنه الاستغناء .
وقال الحميري في شمس العلوم : الغناء : الكفاية .
وفي المعجم الوسيط : فلَان غنى وغناء كثر مَاله فَهُوَ غان وغني وَعَن الشَّيْء لم يحْتَج إِلَيْهِ .

المراد بالغني :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : اليتيم ، وهو قول يحي بن سعيد وربيعة .
وقول يحي بن سعيد وربيعة أخرجه ابن وهب المصري( 24- 1/25 )عن نافع بن أبي نعيم عن يحي بن سعيد وربيعة ..
ونافع بن أبي نعيم : وثقه يحيى بن معين، وليَّنه أحمد بن حنبل.

القول الثاني : والي اليتيم ، وهو قول عائشة ، والسدي .
وقول عائشة أخرجه البخاري ( 6/43 )عن هشام عن أبيه عن عائشة .
وقول السدي أخرجه ابن جرير (6/410-428 ) من طريق أسباط عن السدي .
والسدي جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.

معنى ( فليستعفف ) :
هو الترك ، والنزاهة عن الشيء وهو حاصل ما ذكره ابن قتيبة والجزري.
لو أنك ذكرت وجه العفة أيستعف عن مال يتيمه لغناه أم يستعف عن مال يتيمه الغنى فيها تفصيل إن أردت البسط
معنى الفقير :
لغة : الفقر هو الحاجة ، وهو المحتاج ،كما ذكر ذلك الخليل أحمد .
وفي الشرع : يراد به فقر المال ، كما ذكر ذلك ابن تيمية .
أما في الاصطلاح فلها تعاريف مختلفة وكلها تتضمن الحاجة إلى المال ، وعدم وجود الكفاية .

المراد بالأكل بالمعروف :
القول الأول : القرض ، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وعبيدة وأبي العالية .
وقول سعيد بن جبير أخرجه عبد الرزق في تفسيره ( 435) وابن جرير في تفسيره (6/410) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/410)عن حماد عن سعيد بن جبير ،وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/)864)من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ مختلف .
وقول مجاهد أخرجه سعيد بن منصور (3/1154)وأخرجه سفيان الثوري عن أبي نجيح عن مجاهد ، بألفاظ متقاربة.
وقول عبيدة أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره ( 3/1163)و عبد الرزاق في تفسيره ، وابن المنذر في تفسيره ( 2/575)عن محمد بن سيرين عن عبيدة ،
وقول أبي العالية أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/575 ) عن يونس بن عبيد عن أبي العالية .
سفيان عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف قال القرض (الآية 6)( تفسير الثوري ، 1/88)
القول الثاني : ما سد الجوع ولا يرد ما أخذه لحاجته ، وهو حاصل قول إبراهيم ،
وقول إبراهيم أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1166)و ابن أبي حاتم عن المغيرة عن إبراهيم .
المغيرة ثقة غير أنه يرسل عن إبراهيم ، كما ذكر ذلك الذهبي .
القول الثالث: هو الانتفاع بالأموال شرب الألبان وركوب الدواب ونحوه ،دون الأخذ من أصل المال وأعيانه ، وهو حاصل ما قاله قتادة والضحاك .
وقول قتادة أخرجه ابن جرير (6/410 ) عن سعيد عن قتادة ،وهذا الحديث مرسل .
وقول الضحاك أخرجه ابن جرير (6/410) عن عبيد بن سليمان عن الضحاك .
والضحاك ضعيف .
الراجح :
قد ذكر عطاء أنها رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل ، ويرأى من الفقهاء كأبوكأبي ييوسف ، على أن الآية منسوخة بقوله تعالى : ( ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) ، وقد ذكر مكي أن العلماء اختاروا أن يقوت نفسه من مال نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم ، وعلى هذا فلو اضطر واحتاج فيأخذه قرضا تحرزا من الوقوع في الوعيد الذي ذكره الله في الآيات الاخرى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنا يأكلون في بطونهم نارا ويصلون سعيرا ) ، وأما القول الثالث فأيضا يصح لعدم الضرر على أصل مال اليتيم .
المسألة فيها أقوال عدة وتحتاج بيان والقول بالنسخ حقه أن يذكر قبل الترجيح ثم نفصل

المراد بالإشهاد :
أي: وجود الشهود ، وهو قول ابن عباس ومكي بن أبي طالب .
وقول ابن عباس أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 3/871) من طرق محمد العوفي عن أبيه عن عمه عن ابيع عن ابن عباس . وقد ذكر أحمد شاكر ضعف اسناد سلسلة العوفي .
وهذا يؤيده أيضا أدلة أخرى من القرآن والسنة ،و منها :
قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة:282/ 2] وقوله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق:2/ 65] وقوله: {ممن ترضون من الشهداء}.


السبب في الأمر بالإشهاد :
حتى لا يقع جحود وانكار لما قبضه واستلمه ، ذكره ابن كثير .
ذكر العيني في عمدة القاري عدة مصالح منها :
- منها السلامة من الضمان والغرم
-حسن مادة سوء الظن بالولي .
-امتثال أوامر الله بالإشهاد .
-طيب قلب اليتيم بزوال ما يخشاه من فوات ماله ودوامه تحت الحجر .

متعلق الإشهاد :
الدفع ، ذكره ابن جرير والرزاي .

شروط دفع المال للوصي :
1) البلوغ ، ذكره ابن عطية ، والثعلي .
2) العقل ، ذكره ابن عطية ، والثعلبي .

معنى ( حسيبا ) :
القول الأول :أي كافيا ،ذكره اليزيدي ومكي بن أبي طالب ، والماوردي ووالقرطبي وغيرهم .
وهذا القول مبني على معناه اللغوي ، وهو الكفاية ، فقال ابن منظور : الحسيب : هو الكافي ، فعيل بمعنى مفعل ، من أحسبني الشيء إذا كفاني.
والقول الثاني : محاسبا ، وهو قول الثعلبي والواحدي و ابن عطية .
وهو على أن الحسيب من الحساب وهو الجزاء ، وهي أيضا من معانيها اللغوية .
ومنه قوله تعالى : (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
قال الراغب الأصفهاني : (والحسيب والمحاسب: من يحاسبك ثم يعبر عن المكافئ بالحساب).
والراجح : رجح ابن عطية أنه بمعنى محاسبا على أعمالهم .
وكلا المعنين صحيح تتحمله السياق ، كمثل قوله تعالى : ( قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) أي الكفاية .
فيكون بمعنى الكفاية عن الشهود ، ويكون بمعنى المحاسبة على الأعمال الذي يقوم ها الولي مع اليتيم .


مناسبة ختم الاية بمحاسبة الله :
للدلالة على محاسبة الله ومراقبته حال تسليمهم الأموال ، هل هي كاملة أو منقوصة ، وذكر ذلك ابن كثير .

مسائل لغوية :
( إن ) :
أداة شرط ، ذكره ابن عطية .

و(من ) :
أداة شرط ، ذكره محي الدين في اعراب القرآن وبيانه .

القوة البيانية في قوله ( فليستعفف ) :
فيه قوة اللفظ لقوة المعنى.
قال محي الدين في اعراب القرآن وبيانه :
في هذه الآية نوع طريف من أنواع البيان يطلق عليه اسم «قوة اللفظ لقوة المعنى» ، وذلك في قوله «فليستعفف» فإن «استعفّ» أبلغ من «عف» كأنه يطلب زيادة العفة من نفسه هضما لها وحملا على النزاهة التي يجب أن تكون رائد أبناء المجتمع.

مسائل فقهية :

رفع أمر بلوغ الرشد إلى السلطان :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : منهم من يرى رفعه للسلطان ليثبت رشده .
القول الثاني :منهم يرى أن ذلك الأمر يرجع إلى اجتهاد الوصي دون الحاجة إلى رفعها للسلطان .
الراجح : هو رفعه إلى السلطان وهذا ما رجحه ابن عطية ، وهذا يحفظ حق المحجورين .


حكم الاشهاد :
اختلف فيه الفقهاء على قولين :
الأول : أنه مستحب ، وهو قول الإمام أحمد ، وذكره ابن عطية والقرطبي وغيرهم .
الثاني : أنه واجب ، وهو قول الشافعي وذكره ابن عطية والقرطبي وغيرهم.
والراجح : الأمر في الآية يقتضي الوجوب ، ورجح القرطبي وجوبه لظاهر لآية .
جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
لى تعقيب بسيط على طريقة سرد الأقوال والتخريج بالجزء والصفحة يشوش جدا حال القراءة فلو تذكرى التخريج متصلا في سطور متصلة وتفصليها عن التوجيه أو الترجيح ربما كان حسنا من وجهة نظرى

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir