دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #15  
قديم 29 ربيع الأول 1440هـ/7-12-2018م, 05:07 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة في قول الله تعالى:﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾[الكهف:29]

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن أعداء الأمة لا يدخرون جهدا إلا وبذلوه في سبيل مهاجمة هذا الدين القويم، قاصدين طمس الحق، وإعلاء الباطل، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.

ومن تلك السبل التي سلكها أعداء الدين، سبيل الطعن في مراد الله من كلامه، ليستدلوا على باطلهم، فأوّلوا المراد من النصوص، وجردوها عن السياق، وفرحوا بانتصارهم الهزيل، وسعيهم الخائب، فوقعوا في مخالفات وتناقضات كشفت عن جهلهم، وسوء قصدهم.

ومن تلك النماذج التي يفرح بها الأعداء، ويروج لها المشككون، ودعاة التحرر المزعوم، قول الله تعالى:﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، ويستدلون به على حرية الاعتقاد، وحرية المسلم في تغيير دينه، زعما أنه لم يعد يصلح لهذا العصر، فمن أراد من المسلمين أن يغير دينه فله الحرية في ذلك، ويدعون أن الله أقر ذلك في كتابه، فتعالى الله عن افترائهم علوا كبيرا !

والرد على ذلك من وجوه:
1. فأما الوجه الأول:
- فإن المخالفون للحق استدلوا بدليل خبري، ومن شروط صحة الاستدلال بالدليل الخبري أن يكون يكون موافقا للسياق الذي ورد فيه، أي أنه يؤدي إلى لزوم المعنى وهو الأكمل، وألا يخالفه.

فالله عز وجل قال: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾
فالله عز وجل أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن هذا هو الحق الذي جاءهم به، فلا شك فيه، فمن شاء فليؤمن بسلوك طريق النجاة، ومن شاء فليكفر باتباع هواه، وإن دل ظاهر الآية على التخيير لكنه ليس المراد، فهذا الكلام محمول على التهديد والوعيد لمن خالف أمر الله وضل وكفر بعدما تبين له الحق، وما يؤكد أن المراد هو التخويف من الكفر ذِكر الله عز وجل بعد ذلك ما أعده للكافرين فقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا ...﴾ وهذا بيان لمصير الذين كفروا واختاروا طريق الضلال واستحبوا العمى على الهدى، أن أعد الله لهم نارا محاطة بسور فلا يجدون منها مهربا، وإن طلبوا ما يبرد عليهم حرها، جاءهم ماء شديد الحرارة كأنه رصاص مذاب، تشوي أبخرته الحاره وجوههم، فقبح المشروب، وقبح مآواهم الأبدي.
وهذا الأسلوب معروف في العربية معمول به، أن يّذكر التخيير في أمرين وتذكر عاقبة أحدهما خيرا كانت أو شرا.
فالسياق الذي وردت فيه الجملة دال على التهديد، كما أن الأسلوب المتبع هو أساليب العرب المعروفة من كلامهم.

2. الوجه الثاني:
أن الأدلة التي دلت على عذاب الكافرين كثيرة، فيُفهم قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
بأن الكافر له العقوبة على كفره من مجموع ما ورد من أدلة في هذا الباب، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾، وقول الله تعالى: ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ۚ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَمِنْ هَٰؤُلَاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ ﴾ فهذه الآيات وغيرها كثير تؤكد أن الكافر معاقب عل كفره.

فإن قال المخالف: وما علاقة الظالمين بالكفر، فالظالم يجور على غيره فيظلمه، ومن كفر فلا يظلم أحدا؟
وهذا القول مردود عليه من وجهين:
الأول: بأن الظالمين في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا ...﴾ المراد بهم الكفار، الذين اختاروا الكفر.
ودليل ذلك : إنّ من عادة القرآن إطلاق الظلم على الكفر، كما في قول الله تعالى: ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿والكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾، وغيرها من الآيات.
والوجه الثاني: أن الظلم في اللغة يعني : وضع الشيء في غير محله، فمن اغتصب حقا ليس له فهو ظالم، قد ظلم غيره وظلم نفسه بتعريضها للعقوبة، ومن الظلم أن يكفر الإنسان بالخالق ويجحد نعمته ولا يطيع أمره، فهو ظالم لنفسه بتعريضها لعقوبة مخالفة الحق.
فمما عرفناه من عادات القرآن المراد بالظلم، وعرفنا من اللغة معنى الظلم ، وكيف يظلم المرء نفسه.

فإن أبى المخالف ما عرضناه، وحاول أن ينتصر لرأيه واستدل بقول الله تعالى: ﴿لا إكراه في الدين﴾ على حق المسلم في تغيير دينه وعقيدته..

فقوله مردود عليه:
1.بأنه وقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه سابقا وهو اقتطاع الآية من سياقها التي وردت فيه، وهذا يعد خطأ عند الاستدلا بالدليل الخبري.

2. كما أنه لم يفهم المراد من الآية ولم يعرف في أي باب ورد هذا الدليل، فإن قول الله تعالى: ﴿لا إكراه في الدين﴾ جاء في حق الكافر الذي يأبى الدخول في الإسلام، فلا يُكره ولا يُجبر على ذلك، لا في حق المسلم ليترك دينه.
--------------------------
المراجع:
ابن كثير ت:774 هـ
السعدي ت:1376ه
الشنقيطي ت:1394هـ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir