دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 رمضان 1441هـ/2-05-2020م, 12:51 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس الثاني: دلالات المفردات اللغوية

المثال الرابع: معنى "أطوار" في قول الله تعالى: {وقد خلقكم أطواراً}
في تفسير الأطوار ثلاثة أوجه صحيحة:
الوجه الأول: أي: خلقاً من بعد خلق، نطفة ثم علقة ثمّ مضغة، وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم.
والوجه الثاني: أطواراً أي: أصنافاً، في ألسنتكم وألوانكم وأخلاقكم وأعمالكم، وهذا الوجه ذكره بمعناه ابن قتيبة ومكي بن أبي طالب.
والوجه الثالث: أي على أحوال مختلفة، من الصحة والمرض، والشدة والرخاء، والسرور والحزن، والهم والانشراح، إلى ما لا يحدّ من أحوال الابتلاء بالخير والابتلاء بالشرّ.

والقرآن يدلّ على صحة هذه المعاني الثلاثة:
1: أما المعنى الأول فقد تكرر ذكره في آيات كثيرة في القرآن، منها قوله تعالى: {هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً}
2: وأما المعنى الثاني فيدلّ عليه قول الله تعالى: {وخلقناكم أزواجا} أي أصنافاً على أحد الوجهين في التفسير، وقوله تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} أي أمثالهم وأشباههم وضُرباءهم؛ فكل صنف من الظالمين زوجٌ، وقوله تعالى: {وإذا النفوس زوّجت} أي ألحق النظير بنظيره من أهل كل عمل.
ومن هذا الوجه قول العرب: (الناس أطوار) أي أصناف، وقد قيل:
لا تحسب الناسَ سواءً متى ... ما اشتبهوا فالناس أطوار
وقد ذكر أبو حيان التوحيدي في "البصائر والذخائر" أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال لصعصعة بن صوحان وكان من حكماء العرب: صف لي الناس
فقال: (خلق الله الناس أطواراً: فطائفة للعبادة، وطائفة للسياسة، وطائفة للفقه والسنة، وطائفة للبأس والنجدة، وطائفة للصنائع والحِرَف، وآخرون بين ذلك يكدرون الماء، ويغلون السعر).
وقد جُمع المعنيان الأول والثاني في قوله تعالى: {اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا}
3: وأما المعنى الثالث فقد ورد في مواضع من القرآن منها قوله تعالى: {لتركبنّ طبقاً عن طبق} أي حالاً بعد حال، على أحد الأوجه في تفسيرها.
قال الأقرع بن حابس:
إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره ... وساقني طبق منها إلى طبق
وقال آخر:
كذلك المرء إن ينسأ له أجل ... يركب على طبق من بعده طبق
واستعمال الأطوار في معنى التحول من حال إلى حال كثير شائع في كلام العرب، ومن شواهد الخليل بن أحمد:
ما سمي القَلْبُ إلا من تقلّبه ... والرأي يُصرف والإنسان أطوار
وقال النابغة الذبياني:
لولا حبائل من نُعْمٍ علقت بها ... لأقصر القلبُ عنها أيّ إقصار
فإن أفاق لقد طالت عمــــــــــــايتُه ... والمرء يُخلق طوراً بعد أطـــــــــــوار
أي ُتصرّف مقاديره من طور إلى طور.
وقالت الخنساء:
لا بدَّ من ميتةٍ في صرفِها غِيَرٌ ... والدهر في صرفه حَول وأطوار
وقال عروة بن أذينة:
نعالج العيش أطواراً تقلبه ... فيه أفانين تطوى عن أفانين
وقال آخر:
فطورا تراه ضاحكا فى ابتسامة ... وطورا تراه قد علاه قطوب
وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
قد عشتُ في الناس أطواراً على طُرُق .. شتَّى وقاسيتُ فيها اللين والفظعــــــــا
كلا بلوتُ فلا النعمـــــــــــــــــــــــــاء تبطرني .. ولا تخشَّعتُ من لأوائها جزعـــــــــــــــــــــــــا
لا يمـــــــلأ الــــــــــهولُ صدري قبل موقِعِهِ .. ولا أضيق به ذرعاً إذا وقعـــــــــــــــــــــــــــــا
ما سُدّ لي مطلعٌ ضــــــــــــــــــــــــــــــاقت ثنيّتُه .. إِلَّا وجدتُ وراء الضيق متّسعـــــــــــــــــــا
والمقصود أن مفردة "الأطوار" في قوله تعالى: {وقد خلقكم أطواراً} قد جمعت هذه المعاني الثلاثة جمعاً بديعاً حسناً؛ فلو قُلّب لسانُ العرب كلّه كلمة كلمة لم توجد مفردة أحسن من هذه المفردة في هذا الموضع ولا أجمع للمعاني المرادة منها؛ فسبحان اللطيف الخبير الذي بهر العقولَ حُسنُ بيانه.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir