دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 12:53 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب التيمم

بابُ التيمُّمِ
وهو بَدَلُ طَهارةِ الماءِ، إذا دَخَلَ وقتُ فريضةٍ أو أُبِيحَتْ نافلةٌ وعُدِمَ الماءُ أو زادَ على ثَمَنِه كثيرًا أو ثَمَنٍ يُعْجِزُه أو خافَ باستعمالِه أو طَلَبِه ضَرَرَ بَدَنِه أو رفيقِه أو حُرْمَتِه أو مالِه بِعَطَشٍ أو مَرَضٍ أو هَلاكٍ ونحوِه شُرِعَ التَّيَمُّمُ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

نص عليه وهو بدل لا يجوز إلا بشرطين أحدهما: الوقت، فلا يجوز لفرض قبل وقته ولا النفل في وقت النهي عنه الثاني: العجز عن استعمال الماء لعدمه أو لضرر في استعماله من جرح ولا تقتلوا أنفسكم أو برد شديد أو مرض يخشى زيادته أو تطاوله أو عطش يخافه على نفسه أو رقيقه أو بهيمة أو خشية على نفسه أو ماله في طلبه أو تعذره إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل أو ثمن يعجز عن أدائه


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

بابُ التَّيَمُّمِ
في اللُّغَةِ: القَصْدُ.
وشَرْعاً: مَسْحُ الوَجْهِ واليَدَيْنِ بصَعِيدٍ على وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وهو مِن خَصَائِصِ هذه الأُمَّةِ لم يَجْعَلْهُ اللَّهُ طَهُوراً لغَيْرِهَا تَوْسِعَةً عليها وإِحْسَاناً إليها فقالَ تعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} الآيَةَ.
(وهو)؛ أي: التَّيَمُّمُ (بَدَلُ طَهَارَةِ المَاءِ) لكُلِّ ما يُفْعَلُ بها عندَ العَجْزِ عنه شَرْعاً كصَلاةٍ وطَوَافٍ ومَسِّ مُصْحَفٍ وقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ووَطْءِ حَائِضٍ، ويُشْتَرَطُ له شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: دُخُولُ الوَقْتِ، وقد ذَكَرَهُ بقَوْلِه: (إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ) أو مَنْذُورَةٍ بوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، أو عِيدٍ، أو وُجِدَ كُسُوفٌ أو اجتَمَعَ النَّاسُ لاستِسْقَاءٍ أو غُسْلِ المَيِّتِ أو يُمِّمَ لعُذْرٍ، أو ذَكَرَ فَائِتَةً وأرَادَ فِعْلَها (أو أُبِيحَت نَافِلَةٌ) بأن لا يكونَ وَقْتُ نَهْيٍ عن فِعْلِهَا.
الشَّرْطُ الثَّانِي: تَعَذُّرُ المَاءِ وهو ما أشارَ إليه بقَوْلِه:
(وعَدَمُ المَاءِ) حَضَراً كانَ أو سَفَراً، قَصِيراً كانَ أو طَوِيلاً، مُبَاحاً كانَ أو غَيْرُه، فمَن خَرَجَ لحَرْثٍ أو احتِطَابٍ ونَحْوِهِمَا ولا يُمْكِنُه حَمْلُ الماءِ معَهُ ولا الرُّجُوعُ للوُضُوءِ إلا بتَفْوِيتِ حَاجَتِه؛ فلَهُ التَّيَمُّمُ، ولا إعادةَ عليه.
(أو زادَ) الماءُ (على ثَمَنِه)؛ أي: ثَمَنِ مِثْلِه في مكَانِه بأن لم يُبْذَلْ إلاَّ بزَائِدٍ .
(كَثِيراً) عادةً (أو) بـ (ثَمَنٍ يُعْجِزُه) أو يَحْتَاجُه لهُ أو لِمَن نَفَقَتُه عليه.
(أو خافَ باستِعْمَالِه)؛ أي: باستعمالِ الماءِ ضَرَراً، (أو) خافَ .
(بطَلَبِه ضَرَرَ بَدَنِه أو) ضَرَرَ (رَفِيقِه أو) ضررَ (حُرْمَتِه)؛ أي: زَوْجَتِه، أو امرَأَةٍ مِن أَقَارِبِه، أو ضررَ (مَالِه بعَطَشٍ أو مَرَضٍ أو هَلاكٍ ونَحْوِه) كخَوْفِه باستِعْمَالِه تَأَخُّرَ البُرْءِ أو بَقَاءَ أَثَرِ شَيْنٍ في جَسَدِه (شُرِعَ التَّيَمُّمُ)؛ أي: وَجَبَ لِمَا وَجَبَ الوُضُوءُ أو الغُسْلُ له، وسُنَّ لما يُسَنُّ له ذلك، وهو جوابُ (إِذَا) مِن قَوْلِه:
(إذا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ). ويَلْزَمُ شِرَاءُ مَاءٍ وحَبْلٍ ودَلْوٍ بثَمَنِ مِثْلٍ أو زَائِدٍ يَسِيراً فَاضِلٍ عَن حَاجَتِه، ويَلْزَمُ استِعَارَةُ الحَبْلِ والدَّلْوِ وقَبُولُ المَاءِ قَرْضاً وهِبَةً وقَبُولُ ثَمَنِه قَرْضاً إذا كانَ له وَفَاءٌ، ويَجِبُ بَذْلُه لعَطْشَانَ ولو نَجِساً.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 12:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


باب التيمم([1]).

في اللغة القصد([2]) وشرعا: مسح الوجه واليدين بصعيد([3]) على وجه مخصوص([4]).
وهو من خصائص هذه الأمة، لم يجعله الله طهورا لغيرها([5]) توسعة عليها، وإحسانا إليها([6]) فقال تعالى: ]فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا[ الآية([7]).


(وهو) أي التيمم (بدل طهارة الماء)([8]) لكل ما يفعل بها عند العجز عنه شرعا([9]).


كصلاة وطواف ومس مصحف وقراءة قرآن ووطء حائض طهرت([10]) ويشترط له شرطان([11]) أحدهما: دخول الوقت([12]) وقد ذكره بقوله (إذا دخل وقت فريضة)([13]) أو منذورة بوقت معين([14]) أو عيد أو وجد كسوف([15]) أو اجتمع الناس لاستسقاء أو غسل الميت([16]) أو يمم لعذر([17]).


أو ذكر فائتة وأراد فعلها([18]) (أو أبيحت نافلة) بأن لا يكون وقت نهي عن فعلها([19]) الشرط: الثاني تعذر الماء([20]) وهو ما أشار إليه بقوله (وعدم الماء) حضرا كان أو سفرا([21]).
قصيرا كان أو طويلا([22]) مباحا كان أو غيره([23]) فمن خرج لحرث أو احتطاب ونحوهما([24]) ولا يمكنه حمل الماء معه، ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته فله التيمم ولا إعادة عليه([25]) (أو زاد) الماء (على ثمنه) أي ثمن مثله في مكانه([26]) بأن لم يبذل إلا بزائد (كثيرا) عادة([27]).


(أو) بـ (ثمن يعجزه)([28]) أو يحتاج له([29]) أو لمن نفقته عليه([30]) (أو خاف باستعماله أي باستعمال الماء ضررا([31]).


(أو) خاف بـ (طلبه: ضرر بدنه([32]) أو) ضرر (رفيقه([33]) أو) ضرر (حرمته) أي زوجته أو امرأة من أقاربه([34]) (أو) ضرر (ماله([35]) بعطش أو مرض أو هلاك ونحوه)([36]).


كخوفه باستعماله تأخر البرء([37]) أو بقاء أثر شين في جسده([38]) (شرع التيمم) أي وجب لما يجب الوضوء أو الغسل له، وسن لما يسن له ذلك، وهو جواب: إذا من قوله: إذا دخل وقت فريضة([39]) ويلزم شراء ماء وحبل ودلو، بثمن مثل([40]).


أو زائد يسيرا([41]) فاضل عن حاجته([42]) واستعارة الحبل والدلو([43]) وقبول الماء قرضا وهبة([44]) وقبول ثمنه قرضا، إذا كان له وفاء([45]) ويجب بذله لعطشان ولو نجسا([46]).



([1]) لما ذكر الطهارة بالماء، وكان الإنسان قد لا يجد الماء، أو لا يقدر على استعماله أعقبه بالتيمم، لأنه بدل منه وخلف عنه، والخلف يتبع الأصل، والتيمم مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: ]فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ[ والسنة في ذلك مشهورة، وحكى الإجماع في ذلك غير واحد من أهل العلم، وهو فضيلة لهذه الأمة، ورخصة وقيل عزيمة لعدم الماء رخصة للعذر، وله شروط وفرائض وسنن ومبطلات تأتي مفصلات.

([2]) أي مطلق القصد فيممه تيمما قصده، وأصل تيمم تأمم، أبدلت الهمزة ياء، ويقال: يممت فلانا، وتيممته إذا قصدته ومنه ]وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ[.
وقال الشاعر:
وما أدري إذا يممت أرضًا



أريد الخير أيهما يليني


وقال آخر:
تيممت العين التي عند ضارج



يفيء عليها الظل عرمضها طامي


وفي المحكم: التيمم التوضؤ بالتراب، قال الجوهري: وأصله التعمد والتوخي ثم نقل في عرف الفقهاء إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد وقال غيره: ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم اسمًاعلما لمسح الوجه واليدين بالتراب، فإذا كان هو القصد إلى الصعيد الطاهر، فالاسم الشرعي فيه المعنى اللغوي.

([3]) أي بتراب طهور مباح غير محترق ويأتي.

([4]) وهو مسح الوجه واليدين من شخص مخصوص، وهو العادم للماء، أو من يتضرر باستعماله، قال في المبدع: وأحسن منه: مسح الوجه واليدين بشيء
من الصعيد من الحدث الأصغر أو الأكبر، وأجمعوا على أن التيمم مختص بالوجه واليدين سواء تيمم عن الحدث الأصغر أو الأكبر وعن كل الأعضاء أو بعضها.

([5]) لما في الصحيحين وغيرهما أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وفي لفظ فعنده مسجده وطهوره، وللترمذي وغيره وصححه إن الصعيد الطيب طهور المسلم، قال الشيخ: وكل من امتنع عن الصلاة بالتيمم فإنه من جنس اليهود والنصارى، فإن التيمم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، وذكر هذا الحديث وعد النيسابوري وغيره أن الذي اختص به النبي صلى الله عليه وسلم من بين سائر الأنبياء أكثر من ستين خصلة وعدها بعض المتأخرين إلى ثلاثمائة والتحقيق أنها لا تحصر.

([6]) يعني إلى هذه الأمة، والتوسعة ضد التضييق، والإحسان ضد الإساءة.

([7]) أي اقصدوا ترابا طاهرا، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، وفي الحديث وجعلت تربتها لنا طهورا وقال ابن كثير: الصعيد هو كل ما صعد على وجه الأرض فيدخل فيه التراب والرمل، والحجر والنبات، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة، وقال الزجاج وغيره، لا أعلم بين أهل العلم خلافا في أن الصعيد وجه الأرض، ترابا كان أو غيره، وقال الفراء وغيره: التراب، ولاختلاف أهل اللغة اختلف أهل العلم، وذهب أهل التحقيق إلى أن المتعين التراب مع وجوده، وإلا فالرمال ونحوها، والطيب الطاهر بالإجماع والآية، بالنصب على تقدير: اقرأ الآية، وبالرفع على تقدير: الآية مقروءة.

([8]) أي عوض، وخلف عن الماء، لأنه مرتب عليه يجب فعله عند عدمه، ولا يجوز مع وجوده إلا لعذر، وهذا شأن البدل، وقال صلى الله عليه وسلم فعنده مسجده وطهوره وعبارة المبدع: وهو مشروع، أي يجب حيث يجب التطهر بالماء، ويسن حيث يسن، والأكثر على أنه مبيح لا رافع، فلا يستبيح به إلا ما نواه، وقال بعضهم: يقوم مقام الماء مطلقا، يستبيح به كلما يستبيح بالماء، وهو قول كثير من أهل العلم ومذهب أبي حنيفة، والرواية الثانية عن أحمد، وقال: هذا هو القياس، أي أن التيمم بمنزلة الطهارة، يباح به كل ما يباح بالماء، قال الشيخ: وهذا القول هو الصحيح، وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار فإن الله جعل التيمم مطهرا، كما جعل الماء مطهرا، وفي الحديث وجعلت تربتها لنا طهورا ولأنه بدل فيساوي مبدله، إلا ما خرج بالدليل، فهو رافع للحدث مطهر لصاحبه لكن رفعا مؤقتا، إلى أن يقدر على استعمال الماء، وعلى هذا القول الصحيح يتيمم قبل الوقت إن شاء ويصلي ما لم يحدث أو يقدر على استعمال الماء، وإذا تيمم لنفل صلى به فريضة، ويجمع بالتيمم الواحد بين فرضين ويقضي به الفائت، وأجمعوا على أنه يجوز للجنب كما يجوز للمحدث، لا فرق لكن إذا وجده الجنب وجب عليه الاغتسال إجماعا، للأحاديث الصحيحة المشهورة في أمره له به.

([9]) أي التيمم بدل عن الطهارة بالماء لكل ما يفعل بطهارة الماء من الصلاة والطواف وسجود التلاوة وقراءة القرآن ونحو ذلك، عند العجز عن الماء، لعدم أو مرض ونحوهما وشرعا، أي بدل من جهة الشرع، وإن لم يعجز عنه حسا، بأن لم يكن موجودا أصلا، من غير فرق بين الجنب وغيره، إلا ما استثناه الشارع في وجود الجنب للماء، لقوله فليمسه بشرته، سوى نجاسة على غير بدن، ولبث بمسجد لحاجة، فإنه لا يصح في الأولى، ولا يجب في الثانية، ويباح لعدم الماء ونحوه مجامعة زوجته وسريته بلا كراهة، اختاره الشارح والشيخ وغيرهما.

([10]) وسجود تلاوة ولبث بمسجد ونحوه، وهل يكره لمن لم يخف العنت؟ فيه روايتان: إحداهما لا يكره اختاره الشيخ، وقال الشارح: الأولى إباحتها من غير كراهة، قال ابن رزين: وهو الأظهر.

([11])زيادة على شروط مبدله، وهو الماء، وعدها بعضهم: الإسلام والعقل والتمييز والنية، واستنجاء أو استجمار وإزالة ما على بدن من نجاسة ذات جرم، ومبالغة في استجمار وحك النجاسة من بدنه غير المعفو عنها.

([12])أي الوقت الذي يريد أن يتيمم له، فلا يجزئ قبله.

([13])يريد التيمم لها، فلا يجوز لصلاة مفروضة قبل دخول وقتها.

([14])كمن نذر صلاة ركعتين بعد الزوال بعشر درجات مثلا، والمطلقة كل وقت.

([15])أي يصح التيمم عند وجود كسوف إذا لم يكن وقت نهي.

([16])أي ويصح لصلاة جنازة إذا غسل الميت، وظاهره ولو لم يكفن.

([17])من نحو تقطع أو عدم ماء، فلو يمم الميت، وتيمم المصلون، ثم قبل الدخول في الصلاة وجد الماء يكفيه فقط بطل تيممه، وهل يبطل تيممهم لأنه يصدق عليه حينئذ أنه وجد قبل طهارة الميت؟ ظاهر كلامهم يبطل، وعموم قولهم: إذا غسل الميت يشمل ذلك.

([18]) صح عند إرادة فعلها، لصحة فعلها كل وقت.

([19]) فلا يصح وإلا صح لأن ذلك وقتها وهذا قول مالك والشافعي، وعنه يصح قبل الوقت، قال ابن رزين وغيره: هي أصح. وهو قول أبي حنيفة، وفي المبدع: والقياس أن التيمم بمنزلة الطهارة حتى يجد الماء أو يحدث، فعلى هذا يجوز قبله كالماء، ويشهد له عموم قوله صلى الله عليه وسلم «الصعيد الطيب طهور المسلم» ولأنه بدل، فيساوى بمبدله، واختاره الشيخ، وقال ابن رشد: التوقيت في العبادة لا يكون إلا بدليل سمعي اهـ، ولأنها طهارة مشروطة للصلاة فأبيح تقديمها على الوقت، كسائر الطهارة، فيتيمم لفرض معين قبل وقته، ولنفل غير معين وقت النهي، وقال الشيخ: يتيمم قبل الوقت كما يتوضأ قبل الوقت، وهو قول كثير من أهل العلم، وقال أحمد: هو القياس وهذا القول هو الصحيح، وعليه يدل الكتاب والسنة والآثار، والتيمم قبل الوقت مستحب، كما أن الوضوء قبل الوقت مستحب، وقولهم: طهارة ضرورية فيتقدر بقدر الحاجة، قيل: نعم؟ والإنسان محتاج أن يزال على طهارة، فيتطهر قبل الوقت، فإنه محتاج إلى زيادة الثواب اهـ، والنافلة ما عدا الفريضة من التطوعات، سميت بذلك لأنها زائدة على الفريضة ويزيد بها الثواب.

([20]) أي تعسر استعماله وتعذر الشيء، تمنع، والأمر تعصب.

([21]) شرع التيمم اتفاقا، لقوله تعالى: ]فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً[ وقوله صلى الله عليه وسلم «الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين» فلم يخص موضعا دون موضع، وقال الشيخ: اتفق المسلمون على أن المسافر إذا عدم الماء صلى بالتيمم
ولا إعادة عليه اهـ ويتصور عدمه في الحضر بحبس أو غيره، كعجزه عن تناوله من بئر ونحوها، كعجز مريض عن الحركة، وعمن يوضئه، والتقييد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، ومثل هذا لا يكون مفهومه حجة بالاتفاق.

([22]) وهذا من الأحكام التي يستوي فيها الطويل من السفر والقصير، والثاني أكل الميتة، والثالث التطوع على الراحلة، وبقية الرخص تختص بالطويل على القول به.

([23]) أي أو غير مباح يعني السفر تيمم، لأنه عزيمة كمسح الجبيرة فلا يجوز تركه، ولو كان سفر معصية.

([24]) كأخذ حشيش أو صيد دياس ونحو ذلك.

([25]) قال في الفروع: حمله في المنصوص إن أمكنه وتيمم إن فاتته حاجته برجوعه، ولا يعيد في الأصح فيهما اهـ والمراد حاجته المباحة، وقال الشيخ وغيره: وكل من صلى في الوقت كما أمر بحسب الإمكان فلا إعادة عليه، وسواء كان العذر نادرا أو معتادا، وقاله أكثر العلماء.

([26]) أي مكان تعذره.

([27]) أي كثيرا عما جرت العادة به في شراء المسافر له في تلك البقعة أو مثلها تيمم على الصحيح، وإن لم يكن معه ثمن وهو يقدر عليه في بلده ووجده يباع بثمن في الذمة لم يلزمه وتيمم لأن عليه ضررا في إبقاء الدين في ذمته، وربما تلف ماله قبل أدائه.

([28]) تيمم لأن العجز عن الثمن يبيح الانتقال إلى البدل، كالعجز عن الرقبة في الكفارة، وكذا لو حمله وفقده، أو لم يحمله لغير عذر كما لو كانت حاجته في قرية أخرى، ولو كانت قريبا تيمم، لأنه لا فرق بين بعيد السفر وقريبه، لعموم ]أَوْ عَلَى سَفَرٍ[.

([29]) إما لنفقة أو كسوة، أو قضاء دين لله أو لآدمي، حال أو مؤجل، يحل قبل وصوله، إلى وطنه أو بعده، ولا مال له هناك، تيمم وإلا وجب الشراء ولم يصح التيمم.

([30]) أي أو يحتاج له لأجل نفقة تجب عليه كنفقة زوجته وابنه وأبيه ونحوهم، شرع له التيمم، وإلا فكواجد للماء، قال ابن القيم: وألحقت الأمة واجد ثمن الماء بواجده.

([31]) في بدنه تيمم وفاقا وحكاه ابن المنذر إجماعا، سواء كان خوف الضرر من قروح أو جراحات ونحوها لقوله تعالى: ]وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ[ ولحديث صاحب الشجة أو برد شديد لحديث عمرو بن العاص، وليس المراد بخوف الضرر أن يخاف التلف، بل يكفي أن يخاف منه نزلة أو مرضا، ولو كان خوفه على نفسه من البرد حضرا، فيتيمم دفعا للضرر، أو خاف باستعماله احتياجه لعجن أو طبخ، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش أنه يبقي الماء للشرب ويتيمم.

([32]) كأن يكون بينه وبين الماء سبع أو حريق أو لص ونحوه، خوفا محققا لا جبنا أو كان خوفه بسبب ظنه، فتبين عدمه، كسواد رآه ليلا فظنه عدوا فتبين عدمه بعد أن تيمم، غير جبان يخاف بلا سبب يخاف منه، أو خافت امرأة فساقا تيمم وصلى وفاقا، ولم يعد وقال الشيخ وغيره في المرأة إن خافت فساقا، يحرم خروجها إليه، وقال: وتصلي المرأة بالتيمم عن الجنابة إذا كان يشق عليها تكرار النزول إلى الحمام، ولا تقدر على الاغتسال في البيت، وفي الإنصاف: لو خاف فوت رفقته ساغ له التيمم، وقيل ولو لفوت الإلف والإنس.

([33]) أي أو خاف باستعماله ضرر رفيقه المحترم، من عطش ونحوه، شرع له التيمم وفاقا، لأن حرمة الآدمي تقدم على الصلاة، ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على جواز تيمم من يحتاج الماء للعطش، وأنه كالعادم يتيمم مع وجود الماء.

([34]) كعمته وخالته، وفي عبارته قصور، فلو قال كما في المنتهى، أو عطش نفسه أو غيره من آدمي أو بهيمة محترمين، لكان أولى،وعبارة المقنع: أو رفيقه أو بهيمة قال في المبدع: وكذا إن كانت لغيره، لأن للروح حرمة، وسقيها واجب، وقصة البغي مشهورة، قال ابن القيم: وألحقت الأمة من خاف على نفسه أو بهائمه من العطش إذا توضأ بالعادم.

([35]) أي أو خاف باستعمال الماء أو طلبه ضرر ماله شرع له التيمم وفاقا.

([36]) كشرود أو سرقة أو فوات مطلوبه كعدو خرج في طلبه، أو آبق أو شارد يريد تحصيله لأن في فوته ضررا وهو منفي شرعا قال في الإنصاف وغيره: إذا خاف على نفسه العطش حبس الماء وتيمم بلا نزاع، وحكاه ابن المنذر إجماعا.

([37]) أي تأخر الشفاء، شرع له التيمم وفاقا، وهل يعتبر في ذلك قول طبيب عارف أو بمجرد خوفه على نفسه؟ قال في الغاية: ويتجه: أو يعلم ذلك من نفسه.

([38]) أو تطاول المرض بسبب استعماله الماء، تيمم وفاقا لقوله: ]وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى[ الآية ولو كان باطنا، إن أخبره به طبيب مسلم ثقة، أو علمه هو بنفسه والمرض على ثلاثة أضرب: أحدها يسير لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا، ولا إبطاء برء، ولا زيادة ألم كصداع ووجع ضرس، وحمى لا يضر معها، وشبه ذلك، فهذا لا يجوز له التيمم بلا نزاع، الثاني مرض يخاف معه من استعمال الماء تلف النفس أو عضو، أو حدوث مرض يخاف منه تلف النفس، أو عضو أو فوات منفعة عضو، فهذا يجوز له التيمم إجماعا، الثالث: أن يخاف بطء البرء أو زيادة المرض، وهي كثرة الألم، وإن لم تطل مدته، أو شدة الضناء وقيل النحاف والضعف، أو خاف حصول شيء، أو بقاء أثر شيء على عضو ظاهر جاز وفاقا للثلاثة، وهو قول جمهور العلماء سلفا وخلفا، لظاهر الآية، وعموم البلوى، حكاه غير واحد، وفي الإقناع وشرحه: يصح التيمم لعجز مريض عن الحركة وعمن يوضئه إذا خاف فوت الوقت، إن انتظر من يوضئه وعجزه عن الاغتراف ولو بفمه، ولأنه كالعادم للماء، فإن قدر على الاغتراف بفمه، أو غمس أعضائه في الماء الكثير لزمه ذلك، لقدرته على استعمال الماء.

([39]) أو أبيحت نافلة، وعدم الماء، إلى آخره، دفعا للضرر والحرج.

([40]) في تلك البقعة أو مثلها غالبا بلا خلاف، لأنه قادر على استعمال من غير ضرر.

([41]) بالنصب صفة لمحذوف، وشرط الزيادة اليسيرة أن لا تجحف بماله على الأصح، أو عرفا وهو الأولى، وقال النووي: وبأكثر من ثمن المثل لا يلزمه بلا خلاف، لكن الأفضل أن يشتريه، وهو قول جماهير السلف والخلف.

([42]) كقضاء دينه، ونفقة ومؤونة سفر له ولعياله، فلا يلزمه الشراء بما يحتاج إليه، ولا بثمن في ذمته، ولو وجده يباع بنسيئة، وقدر عليه في بلده، لكنه أفضل.

([43]) أي ويلزمه طلب الحبل والدلو ولو عارية، ليحصل بهما الماء، صححه في تصحيح الفروع، لأن المنة في ذلك يسيرة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

([44]) ومفهومه عدم استقراض ذلك واتهابه، لما في ذلك من المنة، وصوب في تصحيح الفروع أنه لا يجب اتهابه.

([45]) قال الشيخ: وقال: ويلزمه قبول الماء قرضا لأن المنة له في ذلك يسيرة في العادة فلا يضر احتماله اهـ ولو وهب له ثمن الماء لم يلزمه، حكاه إمام الحرمين وغيره إجماعا.

([46]) أي ويجب على من معه ماء فاضل عن حاجة شربه فقط بذله بقيمته لعطشان محترم محتاج إليه، يخشى تلفه في أصح الوجهين، وجزم به الشيخ وغيره، ولو خاف العطش بعد هو أو أهله لم يجب دفعه إليه، وقيل: بل بثمنه إن وجب الدفع عن نفس العطشان وإلا فلا، وصوب غير واحد وجوب حبس الماء لعطش الغير المتوقع وخوف العطش على نفسه بعد دخول الوقت، وقوله: ولو نجسا، لأنه إنقاذ من هلكة ولو توضأ العطشان ولم يشرب كان عاصيا، ولا يلزم بذله الماء
لطهارة الغير بحال، وفي الإنصاف وغيره: لغير الوالدين، وذكر ابن القيم أنه
لا يمتنع أن يؤثر بالماء من يتوضأ به ويتيمم هو، وإن كان لشخصين ولا يكفي إلا أحدهما اقترعا أو يقسم بينهما.


  #5  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:36 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

قوله: «وهو بَدَلُ طهارة الماء» ،
أي: ليس أصْلاً؛ لأن الله تعالى يقول: {{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}} [المائدة:6] فهو بدلٌ عن أصلٍ، وهو الماء.

وفائدة قولنا: «إِنه بدل» أنه لا يُمكن العمل به مع وجود الأصل؛ وإلا فهو قائم مقامه، ولكن هذه الطَّهارة إِذا وُجِدَ الماء بطلت، وعليه أن يغتسل إِن كان التَّيمُّم عن غُسْل، وأن يتوضَّأ إِن كان عن وُضُوء، والدَّليل على ذلك:
1- حديث عمران بن حُصين رضي الله عنه الطَّويل، وفيه قوله صلّى الله عليه وسلّم للذي أصابته جنابة ولا ماء: «عليك بالصَّعيد فإنه يكفيك»، ولمَّا جاء الماءُ قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
«خُذْ هذا وأفرغْه عليك»[(698)]. فدلَّ على أنَّ التَّيمُّم يَبْطُلُ بوجود الماء.
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّعيد الطيّب وُضُوء المسْلم، وإِن لم يَجِد الماء عَشر سنين، فإِذا وجَدَ الماء فَلْيَتَّقِ الله ولْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، فإِن ذلك خيرٌ»[(699)].
وهل هو رافِع للحَدَثِ، أو مُبيح لما تَجِبُ له الطَّهارة؟ اختُلِف في ذلك:
فقال بعض العلماء: إِنه رافع للحَدَثِ[(700)].
وقال آخرون: إِنه مُبيح لما تجب له الطَّهارة (700) .
والصواب هو القول الأول:
1- لقوله تعالى لمَّا ذكر التيمم: {{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}} [المائدة: 6] .
2- وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «وجُعِلَت لي الأرضُ مسجداً وطَهوراً»[(701)]، والطَّهور بالفتح: ما يُتَطَهَّر به.
3- ولأنَّه بَدَل عن طهارة الماء، والقاعدة الشَّرعيَّة أنَّ البَدَل له حُكْم المُبْدل، فكما أنَّ طهارة الماء تَرفعُ الحَدَثَ فكذلك طهارة التَّيمُّم.
ويترتَّب على هذا الخلاف مسائل منها:
أ- إذا قلنا: إِنه مُبيح فَنَوى التَّيمُّم عن عِبادة لم يَستبِح به ما فوقها.
فإِذا تيمَّم لنافلة لم يُصلِّ به فريضة؛ لأن الفريضة أعلى، وإذا تيمَّم لِمَسِّ المصحف لم يُصلِّ به نافلة، إِذ الوُضُوء للنَّافلة أعلى فهو مُجْمع على اشتراطه بخلاف الوُضُوء لِمَسِّ المصحف، وهكذا.
وإذا قلنا: إنه رافع فإِذا تيمَّمَ لنافلة جازَ أن يُصلِّيَ به فريضة، وإِذا تيمَّم لمسِّ مصحف جاز أن يُصلِّيَ به نافلة.
ب- إذا قلنا: إنّه مُبيح، فإذا خرج الوقت بَطلَ؛ لأن المبيح يُقتصر فيه على قَدْرِ الضَّرورة، فإِذا تيمَّم للظُّهر ـ مثلاً ـ ولم يُحْدِث حتى دخل وقت العصر فعليه أن يُعيدَ التَّيمُّم.
وعلى القول بأنه رافع، لا يجب عليه إعادة التيمُّم، ولا يَبطُل بخروج الوقت.
ج- إذا قلنا: إِنه مبيح، اشترط أن ينويَ ما يتيمَّم له، فلو نَوَى رفْع الحَدَث فقط لم يرتفع.
وعلى القول بأنه رافع لا يُشْترطَ ذلك، فإذا تيمَّم لرَفْع الحَدَث فقط جاز ذلك[(702)].
وظاهر كلام المؤلِّف:
أنه بَدَل عن طهارة الماء في كلِّ ما يطهِّره الماء؛ سواء في الحَدَث؛ أم في نجاسة البَدَن؛ أم في نجاسة الثَّوب؛ أم في نجاسة البُقعة، ولكن ليس هذا مراده، بل هو بَدَل عن طهارة الماء في الحَدَث قولاً واحداً؛ وفي نجاسة البَدَن على المذهب[(703)]، أي أنه يتيمَّم إِذا عدم الماء للحَدَث الأصغر والأكبر، ويتيمَّم إِذا كان على بَدَنِه نجاسة ولم يَقْدِرْ على إزالتها، ولا يتيمَّم إِذا كان على ثَوبه أو بُقعَته نجاسة.

والصَّحيح: أنه لا يتيمَّم إلا عن الحَدَث فقط لما يلي:
1- أن هذا هو الذي وَرَد النَّص به.
2- أن طهارة الحَدَث عبادة، فإِذا تعذَّر الماء تعبَّد لله بتعفير أفضل أعضائه بالتُّراب، وأما النَّجاسة، فشيء يُطْلَبُ التَّخلِّي منه، لا إِيجادُه، فمتى خَلا من النَّجاسة ولو بلا نيَّة طَهُرَ منها، وإِلا صلَّى على حَسَب حاله، لأنَّ طهارة التَّيمُّم لا تؤثِّر في إزالة النَّجاسة، والمطلوب من إِزالة النَّجاسة تخْلِيَة البَدَنِ منها، وإِذا تيمَّم فإِنَّ النَّجاسة لا تزول عن البَدَن، وعلى هذا: إِن وَجَد الماء أزالها به، وإلا صلَّى على حَسَب حاله؛ لأنَّ طهارة التيمُّم لا تؤثِّر في إزالة النَّجاسة.

إِذا دخلَ وقتُ فريضةٍ أو أُبيحَت نافلةٌ ............
قوله: «إذا دخلَ وقتُ فريضةٍ أو أُبيحَت نافلةٌ» ، «إذا» أداة شرط، وفعل الشَّرط «دخل» وما عُطف عليه، وجوابه قوله بعد ذلك: «شُرع التَّيمُّم».
أي: يُشترط للتَّيمُّم دخول الوقت، أو إِباحة النَّافلة، وهذا هو الشَّرط الأول لِصِحَّة التَّيمُّم، وهذا مبنيٌّ على القول بأنه مبيح لا رافع وهو المذهب، فيقتصر فيه على الضَّرورة، وذلك بأن يكون في وقت الصَّلاة.
وقوله: «أو أبيحَت نافلةٌ».
أي: صار فِعْلها مباحاً، وذلك بأن تكون في غير وقت النَّهي، فإِذا كان في وقت نَهْيٍ، فلا يتيمَّم لصلاة نَفْل لا تجوز في هذا الوقت.

وقولنا: «لا تجوز في هذا الوقت»، احترازاً مما يجوز في هذا الوقت من النَّوافل كَذَوات الأسباب ـ على القول الرَّاجح ـ وهذا مبنيٌّ على القول بأنَّه مبيح لا رافع.
والصَّواب أنه رافع، فمتى تيمَّم في أيِّ وقتٍ صحَّ، وقد سبق بيانه[(704)].

وعَدِمَ الماء أو زادَ على ثَمَنه كثيراً، أو ثَمَنٍ يُعْجِزُهُ، أَوْ خَافَ باسْتِعْمَالِهِ أو طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ ........
قوله: «وعدم الماء» ، هذا الشَّرط الثَّاني لِصِحَّة التَّيمُّم: أن يكون غيرَ واجِدٍ للماء لا في بيته، ولا في رَحْلِه، إن كان مسافراً، ولا ما قَرُبَ منه.
قوله: «أو زاد على ثَمَنه كثيراً» ،
أي: إِذا وجد الماء بثمن زائد على ثمنه كثيراً عَدَل إِلى التَّيمُّم، ولو كان معه آلاف الدَّراهم. وعلَّلوا: أن هذه الزِّيادة تجعله في حُكْم المعدوم.

والصَّواب: أنه إِذا كان واجداً لثمنه قادراً عليه وَجَبَ عليه أن يشتريه بأيِّ ثمن، والدَّليل على ذلك قوله تعالى: {{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}} [المائدة: 6] ، فاشترط الله تعالى للتَّيمُّم عَدَم الماء، والماء هنا موجود، ولا ضرر عليه في شِرائه لِقُدْرَته عليه، وأمَّا كون ثمنه زائداً فهذا يرجع إلى العَرْض والطَّلب، أو أن بعض النَّاس ينتَهِز حاجَةَ الآخرين فيرفع الثَّمن.
قوله: «أو ثَمَن يعجزه» ، أي لا يَقْدر على بَذْلِه بحيث لا يكون معه ثَمنه، أو معه ثَمن ليس كاملاً، فَيُعتبر كالعَادِم للماء فيتيمَّم.
قوله: «أو خاف باسْتِعْمالِه، أو طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ» ، فإذا تضرَّر بَدَنُه باستعماله الماءَ صار مريضاً، فيدخل في عموم قوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}} الآية [المائدة: 6] .
كما لو كان في أعضاء وُضُوئه قُروح، أو في بَدَنِه كُلِّه عند الغُسْل قُروح وخاف ضَرَر بَدَنِه فله أن يتيمَّم.
وكذا لو خاف البرْد، فإِنه يُسخِّن الماء، فإِن لم يَجِد ما يسخِّن به تيمَّم؛ لأنَّه خَشِيَ على بَدَنِه من الضَّرر، وقد قال تعالى: {{وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}} [النساء: 29] . واستدلَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه بهذه الآية على جواز التَّيمُّم عند البَرْد إِذا كان عليه غُسْل[(705)].
وقوله: «أو طلبِه ضرَرَ بدنِهِ»، أي: خاف ضَرَرَ بَدَنِه بطلَبِ الماء، لبُعْدِه بعض الشيء، أو لِشدَّة برودة الجَوِّ، فيتيمم.
والدَّليل على هذا قوله سبحانه وتعالى: {{وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}} [النساء: 29] ، وقوله: {{وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}} [البقرة: 195] ، وقوله: {{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}} [الحج: 78] ، وخَوْفُ الضَّرر حَرَجٌ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ضَرَرَ، ولا ضِرَار»[(706)].

أو رفيقه، أو حرمته، أو مالِه بعطش، أَوْ مَرَضٍ، أو هلاكٍ، ونَحْوه ........
قوله: «أو رفيقه» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طَلَبِه ضَرَرَ رفيقه.
مثال ذلك: أن يكون معه ماء قليل ورُفْقَة، فإِن استعمل الماء عطِشَ الرُّفْقَة وتضرَّروا، فنقول له: تيمَّم، ودَع الماء للرُّفْقَة.
وظاهر قوله: «أو رفيقه» أنه يشْمل الكافر والمسلم، لكن بِشَرط أن يكون الكافر معصوماً، وهو الذِّمِّي، والمُعَاهد، والمُسْتَأْمِن.
قوله: «أو حرمته» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طلبِه ضرر امرأته، أو من له ولاية عليها من النِّساء.
قوله: «أو مالِه» ، أي: خاف باستعمال الماء أو طلبه تضرُّر ماله، كما لو كان معه حيوان، وإِذا استعمل الماء تضرَّر، أو هَلَكَ.
قوله: «بِعَطَشٍ» ، متعلِّق بـ«ضَرر»، أي: ضرر هؤلاء بعطش.
قوله: «أو مَرَضٍ» ، مثاله: أن يكون في جِلْدِه جروح تتضرَّر باستعمال الماء.
قوله: «أو هَلاكٍ» ، كما لو خاف أن يموت من العَطَشِ.
قوله: «ونَحْوه» ، أي: من أنواع الضَّرر.
فالضَّابط أن يُقال: الشَّرط الثاني: تعذُّر استعمال الماء، إِما لِفَقْده، أو للتَّضرُّر باستعماله أو طَلَبِه، وهذا أعمُّ وأوضَحُ من عبارة المؤلِّفِ.

شُرعَ التَّيمُّمُ ..........

قوله: «شُرع التَّيمُّمُ» ، «شُرع»: جواب «إذا» في قوله: «إِذا دخل»، وإِذا تأخَّر الجواب، وطال الشَّرْط بالمعطوفات عليه، فعِنْد البَلاغيين ينبغي إِعادة العامِل ليتَّضِح المعنى، لكنَّه لو أعاد الشَّرطَ هنا لعَادَ الأمْرُ كما هو؛ لأنَّ هذه الأمور كلها تابعة للشَّرط.
وقوله: «شُرع»، أي: وجب لما تجب له الطَّهارة بالماء كالصَّلاة، واستُحبَّ لما تستحبُّ له الطَّهارة بالماء؛ كقراءة القرآن دون مَسِّ المصحَف.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التيمم, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir