دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 شعبان 1436هـ/26-05-2015م, 10:01 AM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي صفحة الطالبة / موضي بنت علي الخزيم في سير المفسرين

صفحة الطالبة / موضي بنت علي الخزيم في سير المفسرين

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 شعبان 1436هـ/31-05-2015م, 11:48 AM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
محمد رشيد علي رضا.
...............
نسبه / هو محمد رشيد بن علي رضا بن شمس الدين بن بهاء الدين القلموني الحسيني .. يرجع نسبه لآل البيت ..
ولادته :
....
ولد في قرية القلمون (جنوبي طرابلس الشام - لبنان)،
عاش في سورية، ومصر، وزار الآستانة والهند والحجاز وأوروبا وأقطار الخليج.
تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب بمسقط رأسه، فقرأ القرآن الكريم والخط والقواعد والحساب، ثم التحق بالمدرسة الرشدية الابتدائية في طرابلس، فدرس الصرف والنحو والحساب ومبادئ الجغرافيا والعقائد والعبادات، لمدة عام واحد، ثم انتقل إلى المدرسة الوطنية الإسلامية فدرس العربية والتركية والفرنسية، والمنطق والرياضيات والفلسفة والطبيعة، ونال شهادة منها

نشأته :
.....
ولد بهذه القرية ونشأ بها وتعلم في مدرسة قلمون قواعد الحساب والخط والقراءة بما فيها قراءة القرآن الكريم. ثم دخل المدرسة الرشدية بطرابلس الشام وهي مدرسة ابتدائية تابعة للدولة العثمانية وكان التعليم فيها باللغة التركية فمكث بها سنة ثم تركها والتحق بالمدرسة الوطنية الإسلامية وهي مدرسة أنشأها الشيخ حسين الجسر الأزهري -رحمه الله- سنة (1299هـ = 1882م)، وكانت أرقى من المدرسة السابقة، والتعليم فيها بالعربية، وتهتم بتدريس العلوم العربية والشرعية والمنطق والرياضيات والفلسفة الطبيعية، غير أن هذه المدرسة أغلقتها السلطات العثمانية، فانتقل إلى المدارس الدينية بطرابلس وبقي فيها حتى تحصل على الشهادة العالية ثم واصل تعليمه ودراسته الحرة على أستاذه الشيخ حسين الجسر واتصل بحلقاته ودروسه، ووجد الشيخ الجسر في تلميذه نباهة وفهمًا، فآثره برعايته وأولاه عنايته، فأجازه سنة (1314هـ = 1897م) بتدريس العلوم الشرعية والعقلية والعربية، وهي التي كان يتلقاها عليه طالبه النابه،كما أخذ علم الحديث والفقه الشافعي عن الشيخ محمود نشابة إلى جانب استفادته أدبياً ودينياً من الشيخ عبد الغني الرافعي والشيخ محمد القاوقجي الكبير،عني محمد رشيد رضا بحفظ القرآن الكريم وحده دون أي معلم يعيد عليه ما يحفظ، وكان يفضل صلاة التهجد تحت الأشجار في بساتينهم الخالية، حيث وجد في البكاء من خشية الله، وتدبر كتاب الله في صلاة الليل لذة روحية قوية، وكان له أثناء الطلب مطالعة في كتاب الأغاني للأصفهاني وكتاب نهج البلاغة، وكتاب الإحياء لأبي حامد الغزالي وقد أثر فيه حيث جعله يميل إلى الزهد والتقشف، وكان له من ذكائه الفطري ونور البصيرة ما جعله يعرف الضار من كتاب الإحياء فيدع الأخذ به كعقيدة الجبرية والأشعرية والشطحات الصوفية وبعض التأويلات المبتدعة ومع ذلك بقي عنده شيء من الميول إلى العزلة والتقشف. ولذا انتدب إماماً بمسجد القرية الذي بناه جده فصار يؤم الناس فيه ويعظهم، ألقى رشيد المواعظ والدروس في المسجد معتمداً فيها على جمع أكبر عدد ممكن من الآيات في الموضوع الواحد، حتى صار لمواعظه أعظم الأثر، وأشد الوقع في النفوس، واختار من كتب التفاسير أيسرها، على حين قام هو نفسه بدور كبير في شرح الآيات القرآنية واستخلاص العبر التي تفيد جمهور المستمعين منها، واستطاع في تلك الأيام الأولى من جهاده في سبيل الإصلاح أن يثبت قدرته على الاجتهاد في الفقه، الذي اعتبره مرتبة عالية من مراتب العلم الاستقلالي بالأحكام الشرعية، وأنه هام وحيوي لإرشاد الناس لما فيه من الخير والهداية. ولم يكتف الشيخ رضا بمن يحضر دروسه في المسجد، فذهب هو إلى الناس في تجمعاتهم في المقاهي التي اعتادوا على الجلوس فيها لشرب القهوة والنارجيلة، ولم يخجل من جلوسه معهم يعظهم ويحثهم على الصلاة، وقد أثمرت هذه السياسة المبتكرة، فأقبل كثير منهم على أداء الفروض والالتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله، وبعث إلى نساء القرية من دعاهن إلى درس خاص بهن، وجعل مقر التدريس في دار الأسرة، وألقى عليهن دروسًا في الطهارة والعبادات والأخلاق، وشيئًا من العقائد في أسلوب سهل يسير.

شيوخه /
.....
أجازه الشيخ حسن الجسر، ثم أخذ الحديث والفقه الشافعي عن الفقيه محمود نشابة، وحضر على العلامة عبدالغني الرافعي، وتلقى عن الشيخ محمد القاوقجي كتابه في الأحاديث المسلسلة، وعن طريقه دَرَس أصول التصوف والترقي في منازل المعرفة، ثم سافر إلى مصر (1898)، واتصل بالشيخ محمد عبده، والتحق بالأزهر (1899) وتابع فيه دروسه.
عمل في مدينة طرابلس بالتدريس والوعظ والتبشير بآرائه الإصلاحية، وكتابة المقالات في جريدة طرابلس، ومارس التدريس في الجامع الكبير، وفي جامع البشوية في بيروت.
أصدر في القاهرة مجلة «المنار» للرد على المتحاملين على الإسلام، وصدر العدد الأول في مارس (1897) وكانت خطوة متأثرة بسابقتها «العروة الوثقى» التي عدها بمثابة الأستاذ الثاني له.
حاول إنشاء مدرسة الدعوة والإرشاد بهدف الإصلاح الديني والاجتماعي في الآستانة، غير أن المحاولة فشلت فعاد إلى القاهرة، وأنشأ المدرسة فيها وتخرجت فيها أول دفعة (1912)، إلا أنه اضطر لإغلاقها مع بدايات الحرب العالمية الأولى.
أنشأ في مصر مع بعض العثمانيين «جمعية الشورى العثمانية»، وتولى رئاستها، وأسس لها فروعًا في أقطار مختلفة، وكانت تطبع منشوراتها باللغتين العربية والتركية،
وأصدرت الجمعية جريدة تحمل اسمها (1907)، وشارك في عدد من المؤتمرات العربية والإسلامية، وكانت له علاقة بزعماء الإصلاح في أقطار الوطن العربي، وقد كان عضوًا في حزب الاتحاد السوري، وأحد قادة حزب اللامركزية الإدارية، وقد واجه حكم الإعدام بسبب انتمائه إلى هذا الحزب. وكان من أنصار مذهب محمد بن عبدالوهاب الديني، كما كان عضوًا مشاركًا في الوفد السوري الفلسطيني إلى جنيف (1921)، وعضوًا في اللجنة السياسية في القاهرة (1925).
يعد الضلع الثالث المكمّل لرسالة جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده.

مؤلفاته /
.....
- له مؤلفات عدة، نشر معظمها في مطبعة المنار، منها: «تفسير القرآن الكريم»، المشهور بتفسير المنار (صدر منه 13 مجلدًا) - 1324هـ/ 1906م، و«محاورات المصلح والمقلد» - مطبعة المنار - مصر 1907، و«الوهابيون والحجاز» - مطبعة المنار - مصر 1344هـ/ 1925م، و«تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده وخلاصة سيرة جمال الدين الأفغاني» (ثلاثة أجزاء) المنار 1350هـ/ 191، و«نداء الجنس اللطيف يوم المولد النبوي الشريف» - مطبعة المنار - 1351هـ/ 1932م، و«حقوق النساء في الإسلام» - مطبعة المنار - 1351هـ/ 1932م، و«المنار والأزهر» - مطبعة المنار 1353هـ/ 1934م، و«الإمام علي بن أبي طالب» - مطبعة البابي الحلبي - مصر 1939م، و«أسرار البلاغة» - لعبد القاهر الجرجاني: تحقيق وشرح وتعليق، إضافة إلى خطب ومقالات عدة في موضوعات متنوعة، ورسائل مع الأفغاني وغيره، نشر معظمها في مجلة
المنار، ومنها الخطبة التي ألقاها في المجلس العمومي لمدينة بيروت مطالبًا بتعليم العلوم بلغتنا العربية، ومقالاته لتجسيد الصراع العربي التركي.
شاعر مطبوع، قصائده مطولة، جلّ شعره في رثاء أعلام عصره، ومن تربطهم به علاقة، وفيها يعبر عن فلسفته في الحياة، وآرائه الإصلاحية في الدنيا
والدين. قليل من شعره في المدح، لموقفه الديني منه، وفيه يلتزم بالقيم والمثل التي نشأ عليها. له معارضات شعرية، ومنها معارضته لمقصورة ابن دريد، في أربعمائة بيت على قسمين، الأول في تهنئة زميله في طلب العلم عبدالقادر المغربي، والثاني في الإصلاح الديني، كما كتب الموشحة.
أقيم له حفل تأبين بدار جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة برئاسة الشيخ مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر) وقد نشرت وقائع الحفل في مجلة المنار في مجلدها الخامس والثلاثين.
وضع اسمه على مدارس وشوارع ومؤسسات خيرية في عدد من العواصم العربية

......................................................................

أقوال العلماء فيه /
* قال العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألبإني : ( السيد محمد رشيد رضا ، رحمه الله له فضل كبير على العالم الإسلامي ، بصورة عامة ، وعلى السلفيين منهم بصورة خاصة ، ويعود ذلك إلى كونه من الدعاة النادرين الذين نشروا..
* قال شكيب أرسلان :
( ويطول العهد بعد الأستاذ الأكبر السيد رشيد - فسح الله في أجله – حتى يقوم في العالم الإسلامي من يسد مسده في الإحاطة والرجاحة وسعة الفكر وسعة الرواية معاً والجمع بين المعقول والمنقول والفتيا الصحيحة الطالعة كفلق الصبح في النوازل ،العصرية والتطبيق بين الشرع والأوضاع المحدثة مما لا شك أن الأستاذ الأكبر فيه نسيج وحده انتهت إليه الرئاسة لا يدانيه فيه مدان مع الرسوخ العظيم في اللغة والطبع الريان من العربية والقلم السيال بالفوائد في مثل نسق الفرائد والخبر بطبائع العمران وأحوال المجتمع الإنساني ومناهج المدنية وأساليبها وأنواع الثقافات وضروبها إلى المنطق السديد الذي لم يقارع به خصماً مهما علا كعبه إلا أفحمه وألزمه ولا نازل قرناً كان يستطيل على الأقران إلا رماه بسكاته وألجمه . وأجدر بمجموعة ( المنار) أن تكون المعلمة الإسلامية الكبرى التي لا يستغني مسلم في هذا العصر عن اقتنائها
أعماله /
....
مجلة المنار
تفسير المنار
تاريخ الأستاذ الإمام، (الشيخ محمد عبده)
الوحي المحمدي
يسر الإسلام وأصول التشريع العام
الخلافة
الوهّابيون والحجاز
محاورات المصلح والمقلد
ذكرى المولد النبوي
شبهات النصارى وحجج الإسلام
نداء للجنس اللطيف
السنة والشيعة
حقيقة الربا
مناسك الحج.

....................................................

من أقواله /
......
* " ورأينا أن سبب التقدم الذي يجمع كل الأسباب وترجع إليه جميع الوسائل هو تعميم التربية والتعليم في جميع عناصر الأمة على طريقة واحدة ، ولا يمكن الوصول إلى هذه الغاية إلا بشركات مالية تنشئ المدارس الوطنية وتختار لها المعلمين المهذبين وسنواظب على الحث على هذا المشروع ونبين مزاياه فيما يأتي من الأعداد".
*:" إن معاملة الوليد باللين والرفق وأخذه بالرأفة والحلم، وعدم إهانته بالسب والشتم ، كل ذلك من أفضل أساليب التربية وأنجعها وأنجحها، إذا لم ينتهِ إلى حد الإهمال وإرسال الحبل على الغارب، وإن الشدة والقسوة والإهانة بنبز الألقاب، وضروب الإيلام مفسدة للأخلاق، ومدعاة للشرور والفجور، وإن أمهات الرذائل كالكذب والخيانة والمكر والاحتيال والمداهنة لا تتولد إلا من الظلم والضغط على الحرية الشخصية"
*يقول الشيخ محمد رشيد رضا:"وَقَدْ صَارَ هَؤُلَاءِ الْإِفْرِنْجُ الَّذِينَ قَصُرَتْ مَدَنِيَّتُهُمْ عَنْ شَرِيعَتِنَا فِي إِعْلَاءِ شَأْنِ النِّسَاءِ يَفْخَرُونَ عَلَيْنَا، بَلْ يَرْمُونَنَا بِالْهَمَجِيَّةِ فِي مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ، وَيَزْعُمُ الْجَاهِلُونَ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ أَنَّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ هُوَ أَثَرُ دِينِنَا، ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ أَنَّ أَحَدَ السَّائِحِينَ مِنَ الْإِفْرِنْجِ زَارَهُ فِي الْأَزْهَرِ وَبَيْنَا هُمَا مَارَّانِ فِي الْمَسْجِدِ رَأَى الْإِفْرِنْجِيُّ بِنْتًا مَارَّةً فِيهِ فَبُهِتَ وَقَالَ : مَا هَذَا ؟ أُنْثَى تَدْخُلُ الْجَامِعَ ! ! ! فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ : وَمَا وَجْهُ الْغَرَابَةِ فِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : إِنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ قَرَّرَ أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ لَهُنَّ أَرْوَاحٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ عِبَادَةٌ: فَبَيَّنَ لَهُ غَلَطَهُ وَفَسَّرَ لَهُ بَعْضَ الْآيَاتِ فِيهِنَّ. قَالَ : فَانْظُرُوا كَيْفَ صِرْنَا حُجَّةً عَلَى دِينِنَا ؟ وَإِلَى جَهْلِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى مِثْلِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ رَئِيسٌ لِجَمْعِيَّةٍ كَبِيرَةٍ فَمَا بَالُكُمْ بِعَامَّتِهِمْ ؟"
*:" إِنَّمَا يَفْهَمُ الْقُرْآنَ وَيَتَفَقَّهُ فِيهِ مَنْ كَانَ نُصْبَ عَيْنِهِ وَوِجْهَةَ قَلْبِهِ فِي تِلَاوَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ مَوْضُوعِ تَنْزِيلِهِ ، وَفَائِدَةِ تَرْتِيلِهِ ، وَحِكْمَةِ تَدَبُّرِهِ ، مِنْ عَلَمٍ وَنُورٍ ، وَهُدًى وَرَحْمَةٍ ، وَمَوْعِظَةٍ وَعِبْرَةٍ ، وَخُشُوعٍ وَخَشْيَةٍ ، وَسُنَنٍ فِي الْعَالَمِ مُطَّرِدَةٍ"

*:" إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ كِتَابَهُ هُدًى وَنُورًا ، لِيُعَلِّمَكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيَكُمْ ، وَيُعِدَّكُمْ لِمَا يَعِدُكُمْ بِهِ مِنْ سَعَادَتَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَلَمْ يُنْزِلْهُ قَانُونًا دُنْيَوِيًّا جَافًّا كَقَوَانِينِ الْحُكَّامِ ، وَلَا كِتَابًا طِبِّيًّا لِمُدَاوَاةِ الْأَجْسَامِ ، وَلَا تَارِيخًا بَشَرِيًّا لِبَيَانِ الْأَحْدَاثِ وَالْوَقَائِعِ ، وَلَا سِفْرًا فَنِّيًّا لِوُجُوهِ الْكَسْبِ وَالْمَنَافِعِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِمَّا جَعَلَهُ تَعَالَى بِاسْتِطَاعَتِكُمْ ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَحْيٍ مِنْ رَبِّكُمْ "
* :" وَهَذَا بَعْضٌ مِمَّا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ كِتَابَهُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ تَدَبَّرَهَا سَلَفُكُمُ الصَّالِحُ وَاهْتَدَوْا بِهَا ، فَأَنْجَزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا قَبْلَ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) وَفِي قَوْلِهِ : (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ، وَقَوْلِهِ : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) ، وَقَوْلِهِ : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ، وَقَوْلِهِ : (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
وَعَدَهُمُ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْوُعُودَ فِي حَالِ قِلَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ وَفَقْرِهِمْ ، وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ ، وَأَنْجَزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ بِمَا قَضَاهُ وَجَعَلَهُ أَثَرًا لِلِاهْتِدَاءِ بِالْقُرْآنِ .
هَدَى اللهُ تَعَالَى بِهَذَا الْقُرْآنِ الْعَرَبَ ، وَهَدَى بِدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ أَعْظَمَ شُعُوبِ الْعَجَمِ ، فَكَانُوا بِهِ أَئِمَّةَ الْأُمَمِ ، فَبِالِاهْتِدَاءِ بِهِ قَهَرُوا أَعْظَمَ دُوَلِ الْأَرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُمْ . دَوْلَةَ الرُّومِ (الرُّومَانِ) وَدَوْلَةَ الْفُرْسِ ، فَهَذِهِ مَحَوْهَا مِنْ لَوْحِ الْوُجُودِ بِهَدْمِ سُلْطَانِهَا وَإِسْلَامِ شَعْبِهَا ، وَتِلْكَ سَلَبُوهَا مَا كَانَ خَاضِعًا لِسُلْطَانِهَا مِنْ مَمَالِكِ الشَّرْقِ وَشُعُوبِهِ الْكَثِيرَةِ ، ثُمَّ فَتَحُوا الْكَثِيرَ مِنْ مَمَالِكِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ حَتَّى اسْتَوْلَوْا عَلَى بَعْضِ بِلَادِ أُورُبَّةَ ، وَأَلَّفُوا فِيهَا دَوْلَةً عَرَبِيَّةً كَانَتْ زِينَةَ الْأَرْضِ فِي الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ وَالْحَضَارَةِ وَالْعُمْرَانِ .
حَارَبُوا شُعُوبًا كَثِيرَةً كَانَتْ أَقْوَى مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقِتَالُ مِنْ عَدَدٍ وَعُدَدٍ ، وَسِلَاحٍ وَكُرَاعٍ ، وَحُصُونٍ وَقِلَاعٍ ، وَقَاتَلُوهَا فِي عُقْرِ دَارِهَا ، وَمُسْتَقِرِّ قُوَّتِهَا ، وَهُمْ بُعَدَاءُ عَنْ بِلَادِهِمْ ، نَاءُونَ عَنْ مَقَرِّ خِلَافَتِهِمْ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْضُلُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ صَلَاحُ أَرْوَاحِهِمُ الَّذِي تَبِعَهُ صَلَاحُ أَعْمَالِهِمْ ، وَالرَّوْحُ الْبَشَرِيُّ أَعْظَمُ قُوَى هَذِهِ الْأَرْضِ ، سَخَّرَ اللهُ تَعَالَى لَهُ سَائِرَ قُوَاهَا وَمَادَّتِهَا كَمَا قَالَ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) .
*:" وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْضُلُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ صَلَاحُ أَرْوَاحِهِمُ الَّذِي تَبِعَهُ صَلَاحُ أَعْمَالِهِمْ
* :" وَإِذَا صَلُحَتِ النَّفْسُ الْبَشَرِيَّةُ أَصْلَحَتْ كُلَّ شَيْءٍ تَأْخُذُ بِهِ ، وَتَتَوَلَّى أَمْرَهُ ، فَالْإِنْسَانُ سَيِّدُ هَذِهِ الْأَرْضِ ، وَصَلَاحُهَا وَفَسَادُهَا مَنُوطٌ بِصَلَاحِهِ وَفَسَادِه"
* :" بِلَادُ الشَّرْقِ أَمْسَتْ كَالْمَرِيضِ الْأَحْمَقِ يَأْبَى الدَّوَاءَ وَيَعَافُهُ لِأَنَّهُ دَوَاءٌ "

* :" إِنَّ الدِّينَ هُوَ الْهِدَايَةُ الْعُلْيَا لِلْإِنْسَانِ الَّتِي أُفِيضَتْ عَلَى بَعْضِ خَوَاصِّهِ وَهُمُ الرُّسُلُ مِنْ أُفُقٍ أَعْلَى مِنْ عَقْلِهِ وَحَوَاسِّهِ، فَكَانَتْ أُسْتَاذًا مُرْشِدًا لَهُ فِيهِمَا لِكَيْلَا يَسْتَعْمِلَهُمَا فِيمَا يَضُرُّهُ فِي سِيرَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَهَادِيًا لَهُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَ الْقُرْآنَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي أَوْحَاهَا اللهُ إِلَى رُسُلِهِ لِيُبَلِّغُوهَا خَلْقَهُ، أَكْمَلُهَا هِدَايَةً وَإِرْشَادًا، وَأَصَحُّهَا تَارِيخًا وَإِسْنَادًا ، وَلِذَلِكَ كَانَ خَاتِمَةً لَهَا ، وَكَانَ آيَةً دَائِمَةً وَمُعْجِزَةً ثَابِتَةً بِأُسْلُوبِ عِبَارَتِهِ وَبِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِمَّا مَرَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ مَا طَرَأَ عَلَى دُوَلِ خِلَافَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الضَّعْفِ وَالِانْحِلَالِ صَدَّ النَّاسَ عَنْهُ، وَسَيَرْجِعُونَ إِلَى إِحْيَاءِ لُغَتِهِ، وَتَعْمِيمِ دَعْوَتِهِ فَيُنْقِذُ اللهُ بِهِ الْعَالَمَ مِنْ مَصَائِبِهِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي أَوْشَكَتْ أَنْ تُودِّيَ بِهِ (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)" "

" إن الإنسان ليشعر بحاجته في كماله إلى الأمة وبحاجتها إليه في ذلك على قدر قوة معنى الإنسانية فيه؛ فأدنى أفراد الإنسان حظًا من الإنسانية لا يشعر بحاجته إلى أحد ولا بحاجة أحد إليه إلا من تقوم بهم شؤون حياته الشخصية " .

" يكون الإنسان كبير النفس، وعظيم الهمة إذا كان يشعر بأن وجوده غير محصور في مساحة جسمه الصغير، وإنما هو واسع بروحه المُنبثَّة في عالم كبير يُسمَّى (الأمة) تعمل له كما يعمل كل عضو في جسده لمصلحة الجسد كله، ويكون أكبر وأعظم إذا كان يشعر بأن وجوده أوسع وأرقى؛ لأنه خُلِق ليعمل ما يفيد البشر كلهم بالتقريب والجمع بين المختلفين، والتأليف بين المتنافرين، وغير ذلك من الأعمال، أو يبث العلوم التي ينتفع منها الجميع، ويكون الإنسان حيوانًا حقيرًا ضيق الوجود؛ إذا كان علمه وعمله موجهين لخدمة شخصه ومن عساه يتصل به اتصالًا محسوسًا كأهله وعشيرته، ومن كانت هذه حاله فإنه لا يرجى منه أن يربي أولادًا ينفعون أمتهم ووطنهم أو ينفعون الناس أجمعين.
لذلك كان لا بد لكل إنسان من ذكر أو أنثى أن يعرف التاريخ ليتسع وجوده بقدر استعداده لعله يربي من ينفع الأمة والناس " .

" لا معنى للإنسانية إلا حياة الاجتماع والتعاون، فمهما قل الاجتماع في أمة ضعف معنى الإنسانية فيها، ومهما كثر الاجتماع واعتز ؛ كانت الإنسانية أقوى وأكمل " .

" والآن نرى الشرق قد أنشأ يتعلم من الغرب كيفية تأليف الجمعيات والشركات، فنجح أهل يابان في ذلك ورشدوا، ولا يزال العثمانيون والمصريون في سن الطفولية من هذه الحياة الاشتراكية الاجتماعية، التي لا وسيلة لبلوغ هذا النوع رشده بدونهما.
أسَّسْنا غير مرة جمعيات علمية وأدبية وخيرية وسياسية، فكانت تسقط الجمعية منها بعد الخطوة والخطوتين والخطوات القليلة، وقد نجحت في مصر (الجمعية الخيرية الإسلامية) نجاحًا يوثق بدوامه واستمراره، وهي أفضل ما عمل المسلمون بمصر في هذا الطور الجديد من الحياة، وتليها (جمعية العروة الوثقى)، و(جمعية المساعي المشكورة) الخاصتين بالتعليم.
وأسسنا شركات مالية كثيرة للعمل في الزراعة والتجارة، حبط عملنا في بعضها، وثبت بعضها، والرجاء في المستقبل عظيم " .

" ومن البلاء على المسلمين أن كل إنسان يدعي كمال الفهم في علم الاجتماع الإنساني، والمعرفة بأسباب ترقي الأمم وتدليها، لا سيما إن كان لديه شيء من الوساوس السياسية التي يتلقفها من الجرائد !
ونرجو أن تزول هذه الأوهام بانتشار علم الاجتماع في الكتب النافعة والجرائد الصادقة .
وعسى أن يعم انتشار كتاب (سر تقدم الإنكليز) الذي طبع حديثا، فيفهم المسلمون أن اعتماد الأمة على الحكومات القوية المرتقبة - كفرنسا وألمانيا - فيه خطر على مستقبلها، فضلا عن الحكومات الضعيفة، فضلا عن اعتماد الشعوب على الحكومات التي لا تحكمها، وأن مستقبل السيادة إنما هو للشعوب التي يعتمد أفرادها في سعادتهم على أنفسهم وعلى سعيهم وجدهم، وإلى الله تصير الأمور " .
..................................................
من مدح العلاَّمة محمد رشيد رضا نخبة من العلماء الأجلاء من جميع الفئات /
...............................
( جمال الدين القاسمي ـ محمود شكري الآلوسي ـ مصطفى الغلاييني ـ مصطفى صبري التوقادي ـ محمد مصطفى المراغي ـ أحمد مصطفى المراغي ـ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ محمد ناصر الدين الألباني ـ محمد حامد الفقي ـ أحمد محمد شاكر ـ أحمد شفيق باشا ( مؤرخ جليل ) ـ محمد الغزالي ـ حسين الجسر ـ حسن البنا ـ محمد بهجة البيطار ـ محمد فؤاد عبد الباقي ـ محمد رشاد غانم ( من رواد الأول لجماعة أنصار السنة في الإسكندرية ) ـ محمد الطاهر بن عاشور ـ عبد الحميد بن باديس ـ محمد البشير الإبراهيمي ـ مصطفى صادق الرافعي ـ عبد القادر المغربي ـ الأمير شكيب أرسلان ـ المحدث عبد الله الصديق الغماري ـ محمد خليل هراس ـ د. إبراهيم العدوي ـ محمد تقي الدين الهلالي ـ عباس محمود العقاد ـ المحدث محمد عبد الرازق حمزة ـ الشيخ يوسف ياسين ـ الشيخ محمد بن موسى الشريف ـ خالد بن فوزي عبد الحميد آل حمزة ( المدرس بدار الحديث الخيرية ) ـ الشيخ محمد إسماعيل المقدم ـ الدكتور فضل حسن عباس ـ الدكتور يوسف عبد المقصود ـ الأستاذ أنور الجندي ـ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ ـ خير الدين الزركلي ـ عادل نويهض ـ عمر رضا كحالة ـ الشيخ عبد العزيز الرشيد البدَّاح ( مؤرخ الكويت ) ـ الدكتور يوسف حجي ـ محمد لطفي جمعة ـ أحمد زكي أبو شادي ـ الشيخ سليم البشري ـ أحمد إبراهيم إبراهيم ( مدرس الشريعة في كلية الحقوق ) ـ الدكتور علي أبو جريشة ـ الشيخ عبد الظاهر أبو السمح ـ مفتي القدس الأكبر الحاج أمين الحسيني ـ السيد محمد توفيق البكري ـ الشيخ راشد الغنوشي ـ الأستاذ إسماعيل الحافظ (وعضو

محكمة فلسطين الاستئنافية الشرعية في القدس الشريف ) ـ طنطاوي جوهري ـ الملك عبد العزيز بن سعود ـ الشيخ محمد ظبيان الكيلاني ـ الشيخ محمد مسلم الغنيمي الميداني ـ الشيخ سعدي يس الدمشقي ـ الشيخ محمد نعيم البيطار ـ مفتي طرابلس الشام محمد رشيد ميقاتي ـ الشيخ عبد العزيز البشري ـ الشيخ مصطفى أحمد الرفاعي اللبان ـ الأستاذ عبد السميع البطل ـ،................)

يقول الشيخ علي الطنطاوي:" وللمنار أثر لا ينكر في العقيدة وفي العلم وفي ( توعية ) المسلمين، وفي مجموعتها لمن استطاع الحصول عليها كنز تستخرج منه عشرات من الكتب، كما فعل الصديق العامل الدائب على التأليف الدكتور صلاح الدين المنجد حين استخرج فتاوى السيد رشيد وأفردها بالطبع "(1 ).
................................................
رشيد رضا وموقعه الفكري:
..........
* حسب التقسيمات الزمنية والتاريخية لمراحل تطورات الفكر الإسلامي, يمكن النظر للشيخ «محمد رشيد رضا» [1282ـ1354هـ/ 1865ـ1935م], على أنه يمثل آخر حلقات مدرسية السيد «جمال الدين الأفغاني» [1254ـ1315هـ/1838ـ1897م], والمرحلة الأخيرة لحركة الإصلاح الإسلامي, والفكر الإسلامي الحديث. من جهة التتابع والتعاقب الزمني والتاريخي,‏ومن جهة التواصل والتعايش المادي والمعنوي ومن جهة الاشتراك والتكوين في الخطاب الفكري والمشروع الحركي.
* الدكتور «زكي بدوي» يرى بأنه «إذا كان الأفغاني ملهم المدرسة التجديدية السلفية, ومحمد عبده هو العقل المفكر لها, فإن رشيد رضا هو المتحدث باسمها» .
* «رشيد رضا» يمثل خاتمة لمرحلة بارزة في تطور الفكر الإسلامي, وهي مرحلة الحركات الإصلاحية التي يؤرخ لها منذ انطلاقة السيد «جمال الدين الأفغاني» في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي, ويطلق عليها تاريخياً مرحلة الفكر الإسلامي الحديث.
* يمثل «رشيد رضا» اتصالاً زمنياً بمرحلة أخرى في تطور الفكر الإسلامي, وهي المرحلة التي تشكلت موضوعياً بعد نهاية الدولة العثمانية سنة 1924م, ويطلق عليها تاريخياً بمرحلة الفكر الإسلامي المعاصر.
* إن الكتابات العربية والإسلامية,‏الغربية والاستشراقية التي أرخت لتلك المرحلة أو تعرضت لها في سياقات أخرى, قللت كثيراً من شأن «رشيد رضا» ومكانته الفكرية والسياسية والإصلاحية, فلم يحض باهتمام كما ينبغي.
* «رشيد رضا» يعتبر أهم وأبرز من وثّق وأرخ ودوّن عصره وزمانه في النطاق العربي الإسلامي, وعلى الأصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية, من خلال عملين كبيرين هما:
العمل الأول /
مجلة «المنار» التي أنشأها سنة 1316هـ/1898م, واستمرت معه إلى وفاته سنة 1935م. واعتبرها «شرابي» «ربما كانت أكثر الحوليات الإصلاحية أهمية في العالم الإسلامي لمدة خمس وثلاثين سنة»
. والعمل الثاني الضخم /
حول محمد عبده «تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده» (20) . في ثلاثة أجزاء, صدر بالقاهرة سنة 1931م. واعتبره «ألبرت حوراني» بأنه «أهم مصدر لتاريخ الفكر العربي الإسلامي في أواخر القرن التاسع عشر» (21) بالإضافة إلى كتابه «المنار والأزهر» (22) الذي وثَّق فيه سيرته الذاتية وتكويناته الذهنية والفكرية والروحية خلال ما يقارب الثلاثين سنة الأولى من حياته.
وقد أصبحت هذه الأعمال التي أنجزها «رشيد رضا» من المراجع الأساسية في كل الكتابات التي أرّخت لتلك الفترة, أو تعرضت لها بأي شكل من الأشكال, الوضع الذي يفترض معه أن يأخذ «رشيد رضا» مكانة لائقة ومهمة لقيمة وأهمية الدور والنشاط الذي أنجزه.
ممن قللوا من شأن محمد رشيد رضا /
* عند الدكتور «هشام شرابي» لايعدو دوره الذي يصفه بالحاسم, في نشر أفكار أبرز شخصيتين مؤثرتين في حركة الإصلاح الإسلامي حسب نظره,‏وهما: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده .
* يتحدث «ألبرت حوراني» عن نشاطاته الفكرية والسياسية,‏يعقب على ذلك بقوله: «غير أن جميع هذه النشاطات لم تكن سوى نتائج جانبية لعمله الأساسي, أي كقيم على أفكار محمد عبده» . الذي حجب عنه حسب نظر ـ حوراني ـ تأثير الأفغاني, بعد أن كرر الشيخ «عبده» زيارته الثانية لطرابلس سنة 1894 «فلقيه رشيد رضا للمرة الثانية وتحدث إليه طويلاً. وغدا منذ تلك البرهة حتى مماته,‏تلميذه الأمين وشارح أفكاره, وحامي سمعته,‏ومؤرخ حياته»
* الدكتور «أحمد عبد الرازق» يعتبر «رشيد رضا» بأن ما قام به هو «تتميم ما بدأه الإمام «عبده» وتفصيل ما اجمل, وحمل رسالة التيار إلى العالم الإسلامي أربعين عاماً, وتوثيق الرؤية العقلانية للإمام بالمأثورات, وتوسيع دائرة الاهتمامات, مواكبة لما استجد من المشكلات»
* وقد أهملته بعض الكتابات التي تناولت العالم الإسلامي والفكر الإسلامي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, أو التي تعرضت للنهضات الإسلامية والإصلاحية خلال تلك الفترة,
* أحمد أمين [1295ـ1373هـ/ 1878ـ1954م] لم يدرجه ضمن الزعماء العشرة الذين تحدث عنهم في كتابه «زعماء الإصلاح الإسلامي في العصر الحديث»
* وأهمله الدكتور «محمد البهي» في كتابه المعروف «الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي»
* لم يتعرض له «مالك بن نبي»‏[1905ـ1973م] في كتابه «وجهة العالم الإسلامي»
* اعتبر الشيخ «مرتضى مطهري» [1338ـ1399هـ/1918ـ1979م] في كتابه «الحركات الإسلامية في القرن الأخير»من ان أبطال الإصلاح الإسلامي في العالم العربي حسب تعبيره ثلاثة هم «الأفغاني» و«عبده» و«عبد الرحمن الكواكبي» [1265ـ1320هـ/ 1854ـ1902م]
*من الكتابات الغربية التي أرخت لتلك الفترة وتحدثت عن الأفغاني وعبده وأعرضت عن الحديث عن «رشيد رضا», كتاب المؤرخ السوفيتي «فلاديمير بوريسوفيتش لوتسكي» [1906ـ1962م] «تاريخ الأقطار العربية الحديث» . وكتاب المستشرق الألماني «كارل بروكلمان» «تاريخ الشعوب الإسلامية» .
*وقد ظهر على بعض الكتابات الأخرى اهتمامها بالمقاربات والتماثل بين «رشيد رضا» وشخصية أخرى, فالدكتور «شرابي» يقارب بينه وبين «شكيب أرسلان» [1286ـ1366هـ/1869ـ1946م] الذي كان معاصراً‏له, ومتواصلاً معه لأربعة عقود من الزمن, كما أوضح ذلك «أرسلان» نفسه في كتابه «السيد, رشيد,‏إخاء أربعين سنة»

* الدكتور «رضوان السيد» الذي يرى بأن «السيد محمد رشيد رضا من الإصلاحيين الذين انحازوا للسلفية في النصف الثاني من العقد الثاني من هذا القرن. وقتها اكتشف ابن تيمية ثم الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وانصرف للعناية بالسنة والرجوع إليها في اجتهاداته الفقهية»
كان «رشيد رضا» مدركاً‏لهذا التحول وواعياً‏له مصحوباً بنوع من الشعور المحبط الباعث على الانكماش والتراجع. فقد كان شاهداً على انهيار مشروع «الأفغاني» السياسي والإصلاحي في الجامعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي بعد نهاية الخلافة والدولة العثمانية, وشاهداً‏على تراجع أستاذه «محمد عبده» عن أفكار «الأفغاني» السياسية,‏ومن ثم شاهداً‏على انهيار مشروع أستاذه الفكري في إصلاح التعليم وإصلاح الأزهر بوجه خاص. كما كان شاهداً‏على انهيار مشروعاته أيضاً على مستوى الدولة العثمانية أو الدولة العربية, وفرض أوروبا سيطرتها الاستعمارية على هذه الأقطار وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية. بالإضافة إلى عامل الاصطدام الفكري والثقافي مع بعض النخب التي كانت على علاقة بالشيخ «محمد عبده» بعد غيابه, وبروز المشروع السياسي والديني في السعودية بقيادة الملك عبد العزيز.
......................................................


...................................
تفسير المــــــــــــــــــنار /
...........

نماذج من تفسيره /
........
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون )

هذه الآيات السبع بيان لحال كل فريق من الفريقين المدمجين في الآية التي قبلهن الذين يكفرون بالقرآن والذين يؤمنون به ، ما كانوا عليه في الدنيا وما يكونون عليه في الآخرة ، وبدأ بوصف الأول فقال : [ ص: 47 ] ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) أي لا أحد أظلم لنفسه ولغيره ممن افترى على الله كذبا في وحيه وأقواله ، أو أحكامه أو صفاته أو أفعاله ، وقد تقدم مثل هذه الجملة في الأنعام ( 1 ) والأعراف ( 2 ) ويونس ( 3 ) وسيأتي في الكهف والعنكبوت والصف ، ويفسر الافتراء في كل آية بما يدل عليه السياق ، وأظهره هنا اتخاذ الشركاء والأولياء والشفعاء له بدون إذنه ، وزعم من زعم أنه اتخذ له ولدا من الملائكة كالعرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، والوثنيين الذين قالوا : إن كرشنا ابن الله ، والنصارى الذين قالوا : المسيح ابن الله ، وكذا من افترى عليه بتكذيب ما جاء به رسله من دينه ، لصدهم الناس عن سبيله ( أولئك يعرضون على ربهم ) يوم القيامة لمحاسبتهم ، وتعرض عليه أعمالهم وأقوالهم ( ويقول الأشهاد ) الذين يقومون بأمره للشهادة عليهم من الملائكة الكرام الكاتبين ، والأنبياء المرسلين ، وصالحي المؤمنين ( ( الأشهاد جمع شاهد كأصحاب ، أو شهيد كأشراف ) ) ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) أي يشيرون إليهم بأشخاصهم فيفضحونهم بهذه الشهادة المقرونة باللعنة ، الدالة على خروجهم في ذلك اليوم من محيط الرحمة ، وجملة اللعنة يجوز أن تكون من كلام الأشهاد ، وأن تكون مستأنفة من كلام الله تعالى . وفي معنى هذا قوله تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( 40 : 51 و 52 ) وفي حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه عليه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ، ويقول له : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا فيقول : رب أعرف ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته . وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) وقد بينا مسألة الشهادة والشهداء يوم القيامة في مواضعها من سور البقرة والنساء والأنعام والأعراف مفصلة تفصيلا ، فراجع تفسيرها في مواضعها من أجزاء التفسير مستدلا عليها بألفاظها في فهارسها .

[ ص: 48 ] ( الذين يصدون عن سبيل الله ) صفة للظالمين الملعونين ، أي هم الذين يمنعون الناس ويصرفونهم عن سبيل الله الموصلة إلى معرفته وعبادته ، وهي دينه القيم وصراطه المستقيم ( ويبغونها عوجا ) أي يصفونها بالعوج والالتواء للتنفير عنها ، أو يريدون أن تكون عوجاء بموافقتها لأهوائهم من الشرك وإباحة الظلم والفسق ( وهم بالآخرة هم كافرون ) أي والحال أنهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء ، وإنما الدين عندهم رابطة دنيوية ، وشعائر قومية ، قد يتعصبون لها تعصبهم لقوميتهم ، وتقليدا لآبائهم ، وهكذا شأن الملاحدة والمبتدعة من أهل الأهواء ، المدعين لدين الأنبياء ، كما تراهم في هذا الزمان .

وزيادة - هم - بين المتبدإ والخبر للتأكيد . وقد تقدم نص هذه الآية بدون هذه الزيادة في الآية ( 45 ) من سورة الأعراف ( 7 ) فراجع تفسيرها في الجزء التاسع .

( أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض ) أي لم يكونوا معجزين الله في الدنيا أن يعاقبهم بظلمهم وصدهم عن سبيله وكفرهم بكتابه ورسوله ولقائه ( وما كان لهم من دون الله من أولياء ) وما كان لهم فيها أولياء من دونه يتولون أمرهم عنده ، ولا أنصار يمنعونهم من عقابه وينصرونهم ، ولكن سبقت كلمته واقتضت مشيئته وحكمته أن يؤخرهم إلى هذا اليوم ( يضاعف لهم العذاب ) فيه بالنسبة إلى ما كان يكون من عقابهم في الدنيا لو عوقبوا فيها ، لا بالزيادة عما يستحقونه منه بمقتضى سنته - تعالى - في إفساد كفرهم لأرواحهم ، وتدسية ظلمهم لأنفسهم ، وهذه الجملة استئناف بياني .

قرأ الجمهور ( ( يضاعف ) ) من المضاعفة ، وابن كثير وابن عامر ويعقوب ( ( يضعف ) ) بالتشديد من التضعيف . وعلل هذه المضاعفة بقوله : ( ما كانوا يستطيعون السمع ) أي ما كانوا يستطيعون إلقاء أسماعهم إلى القرآن إصغاء لدعوة الحق وكلام الله - عز وجل - لاستحواذ الباطل على أنفسهم ، وزين الكفر والظلم على قلوبهم بل كانوا ( ينهون عنه وينأون عنه ) ( 6 : 26 ) ، ومن ذلك قوله فيهم : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) ( 41 : 26 ) ( وما كانوا يبصرون ) ما يدل عليه من آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم ، أي إنهم لشدة انهماكهم في الكفر ولوازمه من الباطل واتباع الهوى والشهوات ، صاروا يكرهون الحق والهدى كراهة شديدة ، بحيث يثقل عليهم سماع ما يبينه من الآيات السمعية ، وما يثبته من الآيات البصرية ، وليس المراد [ ص: 49 ] أنهم فقدوا حاستي السمع والبصر فصاروا صما وعميانا بالفعل ; بل هم كما يقول أمثالهم فيما يبغضون : إنني لا أطيق رؤية فلان ، ولا أقدر أن أسمع كلامه ، وتذكر أو راجع قوله - تعالى - لنبيه في سورة يونس : ) ومنهم من يستمعون إليك ) ( 10 : 42 ) إلخ .

وأمثالهم مشاهدون في كل زمان ومكان ، أعطى رجل مؤمن رجلا متفرنجا منهم كتاب ( ( الوحي المحمدي ) ) الذي شهد له من قرأه من طبقات الناس المختلفة بطلاوة عبارته وحسن بيانه ، وموافقة أسلوبه وترتيبه وتبويبه لذوق هذا العصر ، ثم سأله بعد أيام : كيف رآه ؟ ظانا أنه قرأه كله بشغف وأنه سيشكر له هديته ، فقال : إنني لم أستطع أن أقرأ منه صفحة واحدة ، واعترف بأنه يقرأ كتب أشهر الملاحدة الطاعنين في القرآن بلذة ورغبة كما يقرأ القصص ( الروايات ) الغرامية ! ! ! !

( أولئك الذين خسروا أنفسهم ) أي أولئك الموصوفون بما تقدم هم الذين خسروا أنفسهم بافترائهم على الله ، واشتراء الضلالة بالهدى ، فإنهم دسوها وما زكوها في الدنيا ففقدوها في الآخرة ، وأي وجود لمن يصلى النار الكبرى ، فلا يموت فيها ولا يحيا ( وضل عنهم ما كانوا يفترون ) من اتخاذ الشفعاء عند الله ، والأولياء الذين زعموا أنهم يقربونهم إليه زلفى ، وقد سبق بهذا المعنى من سورة الأعراف في سياق نداء أصحاب الجنة أصحاب النار : ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون ) ( 7 : 44 و 45 ) .

( لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون ) كلمة لا جرم تفيد التحقيق والتأكيد لما بعدها ; قال الفراء : هي في الأصل بمعنى لا بد ولا محالة ، ثم كثرت فحولت إلى معنى القسم وصارت بمعنى ( ( حقا ) ) ولهذا تجاب باللام نحو : لا جرم لأفعلن كذا ، أي حقا إنهم في الآخرة لأشد الناس خسرانا . وترى مثل هذا في أول سورة النمل ، بهذا وصف الفريق الذي لا يؤمن بالقرآن هنا ، وإن كان فيه من يقول بلسانه أنه يؤمن به ، ويليه الفريق الآخر - جعلنا الله من خياره وأنصاره - وهو :

( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ) أي خشعوا له واطمأنت نفوسهم بالإيمان ، ولانت قلوبهم إلى ذكره ، فلم يبق فيها زلزال ولا اضطراب . وأصل الإخبات قصد الخبت وهو المكان المطمئن المنخفض من الأرض والنزول فيه ، يقولون : أخبت الرجل ، [ ص: 50 ] كما يقولون : أنجدوا أسهل وأنهم . ويقال : أخبت إليه وأخبت له ، ومن الثاني : ( وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ) ( 22 : 54 ) وذكر هؤلاء العلماء المخبتين في سورة الحج وسطا بين الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم من إلقاء الشيطان ، وبين الكافرين الذين ( لا يزالون في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ) ، فعلم منه أنه ليس للشيطان عليهم من سبيل ، وما أحسن ما فعله الراغب من التنظير بين هؤلاء المخبتي القلوب ، وبين من قال فيهم : ( وإن منها لما يهبط من خشية الله ) ( 2 : 74 ) ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) أولئك المتصفون بما ذكر أصحاب الجنة المستحقون لها بالذات الخالدون فيها أبدا .
......................................................................


كيف نشأت فكرة تفسير المنار/
بعد أن استقرَّ المقام برشيد رضا في القاهرة (عام 1898م)، وانتهى من إقناع شيخه محمد عبده بضرورة تأسيس مجلة "المنار"، عقد العزم على إقناع أستاذه أن يكتب تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم، يعكس منهجه في الإصلاح والتجديد، لكن الشيخ عبده رفض هذا الاقتراح قائلاً: "إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير كامل من كل وجه، فله تفاسير كثيرة أتقن بعضها ما لم يتقنها بعض، ولكن الحاجة شديدة إلى تفسير بعض الآيات، ولعل العمر لا يتسع لتفسير كامل" (تفسير المنار، 1 /12).

ثم اقترح عليه أن يكتب تفسيراً يقتصر فيه على حاجة العصر، ويترك كل ما هو موجود في كتب التفسير السابقة، ويبين ما أهملوه فيها، غير أنَّ محمد عبده رفض هذا الاقتراح أيضاً محتجاً أنَّ "الكتب لا تفيد القلوب العُمي...، إذا وصل لأيدي هؤلاء العلماء كتابٌ فيه غير ما يعلمون، لا يعقلون المراد منه، وإذا عقلوا منه شيئاً يردونه، ولا يقبلونه، وإذا قبلوه حرَّفوه إلى ما يوافق علمهم ومشربهم، كما جروا عليه في نصوص الكتاب والسنة التي نريد بيان معناها الصحيح، وما تفيده" (تفسير المنار، 1/13). ثم ذكر له محمد عبده أنه قد سبقت له محاولات في تدريس التفسير، بسبب إيمانه بقدرة الكلام المسموع على التأثير في النفوس أكثر من الكلام المقروء إلا أن هذه المحاولات لم يهتم بها أحد، مع أنها كان من حقها أن تدوَّن، وتُكتب، لذلك فهو لا يفضل تكرار هذه المحاولات الفاشلة. وهنا ردَّ عليه رشيد رضا بقوله: "إن الزمان لا يخلو ممنْ يقدِّر كلام الإصلاح قدره، وإن كانوا قليلين، وسيزيد عددهم يوماً فيوما، فالكتابة تكون مرشداً لهم في سيرهم. وإنَّ الكلام الحق، وإنْ قلَّ الآخذ به، والعارف بشأنه لا بدَّ أن يُحفظ، وينمو بمصادفة المباءة المناسبة له" [1]. هكذا استمر الحوار بينهما حتى انتهى باقتناع عبده بوجهة نظر رضا، وبدأ بالفعل بإلقاء دروس في التفسير في الأزهر ابتداءً من شهر محرم سنة (1317هـ/ 1899م)، وانتهى منه في منتصف محرم سنة (1323هـ/ 1905م) قُبَيل وفاة عبده، مبتدئاً من بداية القرآن الكريم، منتهياً عند تفسير قوله تعالى {وكان الله بكلِّ شيءٍ محيطاً} من الآية 125 من سورة النساء.

كان منهج محمد عبده في التفسير "أن يتوسع فيما أغفله، أو قصَّر فيه المفسرون، ويختصر فيما برزوا فيه من مباحث الألفاظ، والإعراب، ونُكت البلاغة، وفي الروايات التي لا تدل عليها ولا تتوقف على فهمها الآيات، ويتوكأ في ذلك على عبارة تفسير الجلالين الذي هو أوجز التفاسير، فكان يقرأ عبارته فيقرها، أو ينتقد منها ما يراه منتَقداً، ثم يتكلم في الآية أو الآيات المنزلة في معنى واحد بما فتح الله عليه مما فيه هداية وعبرة" (تفسير المنار، 1/15) وكان رشيد رضا في أثناء دروس محمد عبده يدوّن أهم ما يسمعه منه في مذكرات خاصة، ثم بدأ ينشر ما جمعه فيها ابتداءً من أول محرم سنة (1318هـ / 1900م)، وذلك في المجلد الثالث من مجلة "المنار". ولم يكتف رضا في أثناء حياة شيخه بالنقل عنه، وتدوين أفكاره وآرائه فقط بل كان يضيف إلى كل ذلك زيادات كثيرة، وكان يميز في معظم الأحيان، أقواله عن أقوال محمد عبده، بقوله: "وأقول"، "وأنا أقول"، "وأزيد الآن" (تفسير المنار، 1/15).

وبعد وفاة محمد عبده سنة (1323هـ / 1905م) استقلَّ رشيد رضا بكتابة التفسير، وكان ينوي القيام بتفسيرٍ كامل للقرآن الكريم، ويظهر هذا جلياً من كلامه في نهاية معظم مجلدات تفسيره الاثني عشر، وذلك عندما كان يطلب من الله عزَّ وجلَّ أن يعينه على إتمام هذا التفسير، لكن قضاء الله تعالى حال دون تنفيذ ما كان ينوي ويضمر إذ توفاه الله تعالى بعد فراغه من تفسير قوله تعالى من سورة يوسف: {ربِّ قد آتَيتَني من المُلك وعلَّمتني من تأويلِ الأحاديثِ فاطِرَ السمواتِ والأرضِ أنتَ وليِّ في الدُّنيا والآخرةِ توفَّني مُسلِماً وأَلحِقني بالصالحينَ} (يوسف: 101).
..............................
منهج رشيد رضا في تفسير المنار :
لا نستطيع أن نقرر بشكل قاطع، أنَّ للشيخ رشيد رضا منهجاً، وأسلوباً موحّداً، اتبعه في كامل تفسيره، لأنه فسّر ما فسّر في مدة تزيد على الثلاثين عاماً (ما بين 1317 هـ/ 1899م و1354 هـ/ 1935م)، وهذه مدة طويلة تمنع على الأرجح أي مفسِّر من اتّباع خطة تفصيلية موحّدة يلتزم بها في كل ما يفسِّره [2]، ولكننا مع ذلك نستطيع أن نستخرج الملامح الرئيسة لمنهجه وأسلوبه في التفسير، والتي إنْ زاد عليها في بعض الأحيان، ولكنه لم يخالفها على الإجمال في كامل تفسيره.

ولكن قبل ذكر هذه الملامح العامة، أجد من الضروري، من الناحية المنهجية، ذكر نقطتين مهمتين:

أولهما: كان تفسير المنار في الأصل عبارة عن دروس شفهية، كان محمد عبده يلقيها على جمهور من الطلبة والمثقفين المصريين في الجامع الأزهر، وكان رشيد رضا في الوقت نفسه يقوم بتدوين خلاصة أفكار هذه الدروس في مذكرات خاصة به مدةً من الزمن، ثم بدأ يحرّر هذه المذكرات، ويضيف عليها من كتب التفسير الأخرى، ومن أفكاره الخاصة، ويعرض كل ذلك على عبده ليأخذ موافقته عليه، ويقوم بعد ذلك بنشرها في مجلته المنار ابتداءً من الجزء السادس في المجلد الثالث الصادر في محرم سنة (1318هـ)/ إبريل (1900) م. وابتداءً من هذا التاريخ استمر رضا حتى وفاته بنشر تفسيره على صفحات مجلته "المنار"، علماً أنه قد بدأ منذ سنة (1908م) بجمع كل ما كان ينشره من التفسير في مجلته في نهاية كل سنة ويعيد نشره في مجلد مستقل

أردتُ من ذكر ما سبق الإشارةَ إلى أن اختلاف فئة مُتلقيّ التفسير بين مرحلة عبده ، ومرحلة رضا، وخاصة بعد أن بدأ بنشر تفسيره على صفحات مجلته التي يقرؤها جمهورٌ عريض من المسلمين في معظم بلاد العالم الإسلامي آنذاك، فرض على رشيد رضا أن يستجيب أكثر لحاجات هذه الجماهير العريضة المتعطشة للهداية، والثقة بالدين وأحكامه بأكثر مما فعل عبده، وقد تجلَّت هذه الاستجابة في مظاهر عدة، أهمها ازدياد حضور النزعة الإصلاحية في التفسير، التي ازدادت وضوحاً وجلاءً من خلال الفصول الإصلاحية الاستطرادية الكثيرة التي كتبها رشيد، وأدرجها في تفسيره دون أن تكون هناك دائماً حاجة واضحة لذكرها في المواضع التي ذُكرت فيها في التفسير وكذلك الفصول الاستطرادية العديدة التي عقدها للرد على المبشرين وحملاتهم، وبشكل خاص تلك الفصول التي جعلهم فيها في موقع الدفاع عن النفس عندما هاجم وبكل قوة عقائد الصلب والتثليث والفداء. وكذلك اعتماد رضا أسلوباً في الكتابة بعيداً عن لغة التجريد والتنظير، والمصطلحات والمفاهيم الدقيقة التي تعلو عن مستوى عامة قرائه، وفي المقابل سعيه إلى مراعاة السهولة والجمال في التعبير، بحيث يتمكن القارئ المحدود الثقافة والعلم من فهم عباراته، ويقف دون صعوبة على مراده منها، وبذلك استطاع تفسيره أن يحقق الهدف الذي أراده له رشيد رضا منه، وهو أن يتدبَّر القارئ القرآن الكريم، ويهتدي به، ويُعينه على "النهوض بإصلاح أمته، وتجديد شباب ملّته، الذي هو المقصود بالذات منه" (تفسير المنار1/16).

ثانيهما: أخبرنا رشيد رضا بنفسه عن منهجه في التفسير بعد أن انفرد في العمل بعد وفاة عبده، قائلاً: "هذا، وإنني لما استقللتُ بالعمل بعد وفاته، خالفتُ منهجه رحمه الله تعالى بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيراً لها أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات أو الجمل اللغوية، والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة" (تفسير المنار1/16).

يمكن أن نفهم من هذا النص أنَّ رشيد رضا قام بعد استقلاله بالعمل بتضييق فسحة حرية النظر اللغوي، والعقلي المستقل التي كان يمنحها عبده لنفسه أثناء تفسيره لصالح توسيع دائرة الاعتماد على النصوص الدينية: قرآناً وسنةً، وعلى أقوال السلف، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التفريع الفقهي، والتوسع الكلامي واللغوي.

وتظهر آثار هذا التحول جليَّةً من خلال كثرة نُقولاته، الطويلة أحياناً، من مصادر التفسير بالأثر، وبشكل خاص: الطبري (ت310هـ)، والبغوي (ت516هـ)، وابن كثير (ت 774هـ)، والسيوطي (ت 911هـ). وكذلك نقله من مصادر التفسير اللغوي، وبشكل خاص تفسير الكشاف (ت538هـ)، بالإضافة إلى اعتماده على أمهات معاجم اللغة مثل لسان العرب لابن منظور (ت711هـ)، ومقاييس اللغة لابن فارس (ت 395هـ)، فضلاً عن اعتماده على معاجم ألفاظ القرآن الكريم، من مثل: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ت 502هـ).

ويمكن لنا أن نقرأ دلالة هذا التحول عند رشيد على أنها محاولةٌ منه لإدراج أفكاره الإصلاحية المعروضة في تفسيره في سياق التراث الإسلامي المعتمد في ميدان التفسير، وبذلك يمكن أن يحصل على شرعية القول الجديد في التفسير بأقل قدرٍ ممكن من معارضة الجمهور العريض، وممثليه من العلماء الرسميين، وهذا هو الذي حدثَ فعلاً، حيث وجد هذا التفسير قبولاً عاماً عند قرائه، وبذلك يكون رضا قد تحاشى قسماً كبيراً من الموجة العاصفة من الاعتراضات، والانتقادات التي قيلت بحق تفسير محمد عبده المستقلّ، والتي حكمت على منهجه بأنه تفسيرٌ بالرأي، وتفسير عقلاني، توفيقي، الأمر الذي أدى إلى إقصاء تفسيره من دائرة التأثير العام التي كان يطمح إليها.

الملامح العامة التي ميّزت منهج وطريقة رشيد رضا في تفسيره:
..........................
1- كان رشيد رضا يلجأ في تفسيره للآيات الكريمة إلى القرآن الكريم نفسه أولاً، مؤكداً أنَّ "الآيات يفسِّر بعضها بعضاً إّذا نحن أخذنا القرآن بجملته كما أُمرنا " (تفسير المنار2/259) ثم كان يلجأ بعد ذلك كما صرح هو إلى "سنة رسول صلى الله عليه وسلم، وما جرى عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين في الصدر الأول.. وبأساليب لغة العرب، وسُنن الله في خلقه" (تفسير المنار، 6/196). أي الالتزام بالمنطق الداخلي المتماسك، والمنسجم للنص القرآني، والاعتصام بعواصم الأثر والخبر الصحيح، والأخذ بطرق اللغة العربية قي دلالة الألفاظ، والتراكيب على المعاني، ومقتضيات العقل السليم من خلال تحكيم سنن الله تعالى العاملة في الكون والتاريخ، واعتبارها إحدى مرجعيات، ومعايير التفسير السليم.

2- كان حريصاً في بداية تفسير كل مجموعة من الآيات الكريمة، أن يربط هذه الآيات ربطاً منطقياً محكماً بمجموعة الآيات التي تسبقها، أو بموضوع السورة الرئيسي الذي تتحدث عنه مجمل آيات السورة، وبذلك عمل رشيد رضا على إبراز الوحدة الموضوعية للسورة القرآنية، والسياق الواحد الذي يؤلف بين آياتها .

3- كان حريصاً عندما تتعرض الآية التي يفسّرها لقضيةٍ ما، أن يسرد ويحلّل بشكل موجز معظم الآيات الكريمة الأخرى التي تتحدث عن القضية نفسها، وبذلك يكون رضا من أوائل من تنبَّه لأهمية التفسير الموضوعي للقرآن الكريم في العصر الحديث.

4- كان معنياً بذكر أسباب النزول وتمحيص الروايات الواردة فيها، كما كان مهتماً بذكر القراءات القرآنية عند وجودها (تفسير المنار1/ 167، 3/ 247)، كما كان حريصاً أيضاً على ذكر الأحاديث النبوية التي تدور في فلك الآية أو الآيات التي يفسرها، ولم يغفل عند ذكره هذه الأحاديث، عن التعليق عليها، ونقد أسانيدها، وتمحيص رواتها، هذا فضلاً عن تخريجها، وعَزْوها إلى مصادر الحديث المعتمدة.

5- لم يتوسَّع في نقل أقوال النحاة، وعلماء البلاغة في إعراب الآيات القرآنية الكريمة، ووجوه البلاغة فيها إلا ما كان منهما ضرورياً لبيان معنى الآيات، وجمال الأسلوب القرآني، ودقة التعبير فيها (تفسير المنار 10 /524)، وكان هدفه من هذا الاقتصاد هو ألاَّ يشغل القارئ عن وجوه الهداية، والإصلاح في معاني الآيات المفسرة، وهي مقصوده الأول من التفسير، كما كان ذلك مقصود شيخه محمد عبده من تفسير القرآن [9]. وبشكل عام، فإنَّ رشيد رضا لم يكن يُكثر النقل عن العلماء السابقين في المجلدات الأولى من تفسيره، ولكنه وابتداءً من المجلد السابع، بدأ يُكثر، وينقل بإسهاب من الكتب والتفاسير السابقة، وخصوصاً كتب ابن حزم (ت 456هـ)، والغزالي(ت 505هـ)، وفخر الدين الرازي (ت 606هـ)، وابن تيمية (ت 728هـ)، وابن قيِّم الجوزية (ت751 هـ)، وابن كثير(ت774هـ)، والشاطبي (ت 790هـ).

6- لم يكن رشيد رضا حاسماً منذ البداية في موقفه إزاء تفسير الآيات الكريمة المتعلقة بالله تعالى وصفاته، وأمور الغيب بشكل عام، حيث كان يتأرجح بين موقفي السلف والخلف، أي بين موقف التنزيه مع التفويض من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل، وبين موقف التنزيه مع التأويل فيما يتعلق في تفسير هذه الآيات الكريمة، حتى حسم موقفه بوضوح إزاء هذه القضايا بسبب إقباله الكبير على قراءة كتب أئمة الفكر السلفي، وعلى رأسهم ابن تيمية، وتَبَنيه لموقفهم بشكل كامل، مع الاحتفاظ لنفسه بذكر بعض تأويلات محمد عبده، وعلماء الخلف، وتأويلات خاصة به أحياناً، بسبب اقتناعه بضرورة هذه التأويلات في إقناع أصحاب الثقافة المادية والفلسفية الذين لا يقبلون التسليم بأمور الغيب كما وردت النصوص بها دون تأويل يُزيل التعارض الظاهري بينها، وبين العقل [10]. فهو مؤمن إيماناً تاماً بمنهج السلف في تفسير آيات الغيب، إلا أنه قدّم بعض التنازلات، عن قناعةٍ وإدراكٍ منه لِما يفعل، في هذا المجال إرضاءً لنزعته الإصلاحية التي قضت عليه هنا بسرد بعض التأويلات من أجل أن يكسب أنصاراً جدداً للإسلام من بين قُرائه من ذوي الثقافة العصرية، ومن أبناء المؤسسات التعليمية الحديثة الذين بدؤوا يهيمنون على مقاليد الحياة السياسية والثقافية في عصره.

7- لم يكن رشيد رضا يتحرَّج في مواضع كثيرة من مناقشة، ونقد شيخه محمد عبده في بعض آرائه، وخاصة في الأمور والمسائل العقدية التي مال فيها عبده عن مذهب السلف [11]، فهو لا يسلِّم له تسليماً مطلقاً، ولا يؤيِّد كلامه عندما يؤيده إلا بعد قناعةٍ منه، واتفاقٍ معه بالرأي، وليس عن طريق التقليد المحض الذي سبق أن ذمَّه كثيراً، وبهذا نعلم أن رشيد رضا كان يحتفظ بشخصيته العلمية المستقلة، حتى وهو ينقل كلام أستاذه، ومن باب أولى غيره من المفسرين.

8- قام بربط تفسير الآيات ومضمونها بواقع المسلمين ومشاكلهم السياسية والاجتماعية، واتخذ من تفسير الآيات وسيلة لتنبيه المسلمين، وتذكيرهم بالواجبات الملقاة على عاتقهم، وكثيراً ما كان يستفيد من هذا الربط، ويقوم بالانتقاد الشديد لمعظم علماء وشيوخ عصره الذين تمسكوا بالتقليد، وابتعدوا عن الاجتهاد، ولم يقوموا بدورهم في تذكير المسلمين، وربط حياتهم بالقرآن الكريم، والسنة الصحيحة. (تفسير المنار، 4/ 98، 318)

9- كان حريصاً في نهاية تفسير كل سورة تقريباً، على كتابة خلاصة إجمالية لأحكامها، وقواعدها، ومقاصدها ، يركِّز فيها بشكل خاص على السُنن الإلهية الكثيرة التي أوردها في ثنايا الآيات المفسَّرة (تفسير المنار، 9 / 559 - 585)، بحيث يمكننا القول: إنَّ استنباط السُنن الإلهية في الخلق والتكوين، وفي الاجتماع والعمران البشري، وشؤون الأمم من القرآن الكريم، من أهم وأبرز السِّمات والخصائص التي تمَيَّز تفسير المنار بها عن مختلف التفاسير الأخرى.

نقد تفسير المنار :
........
على الرغم من المكانة المتميزة التي احتلها تفسير المنار في سياق حركة التفسير الحديثة، وموقعه المؤثر في مجمل حركة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، فقد تعرَّض إلى انتقادات كثيرة من قِبل فئات عدة، يأتي في مقدمتهم بعض علماء المدرسة السلفية الحديثة الذين رأوا في تساهل رشيد رضا في ذكر بعض التأويلات، وتأويل بعض المعجزات، وردّ بعض الأحاديث النبوية، وانفراده ببعض الآراء الفقهية [14]، وقسوته أحياناً على بعض العلماء السابقين، اتباعاً أعمى من رشيد رضا لمنهج شيخه محمد عبده الذي أسرف في نظرهم في الاعتماد على العقل والرأي في التفسير. ولم يشفع لرشيد رضا أمام هؤلاء العلماء ما ذهب إليه، بعد وفاة شيخه، من ترجيح مذهب السلف على مذهب الخلَف العقلي، وأخذه الواضح بمقومات المنهج الأثري في التفسير، وتوسعه الكبير في الاقتباس من أمهات التفسير المعتمدة عند أهل السنة والجماعة، فقد بقي في نظرهم، وفي مؤلفاتهم أحد نماذج العلماء المسلمين الذين انهزموا فكريا أمام الغرب المتقدِّم، والذين قدَّموا من أجل التوفيق بين الإسلام، وبين حضارة الغرب الغالبة تنازلات على حساب خصوصية الإسلام، ومنهجه المستقل في العقيدة والتشريع، ولعل أهم من يمثل علماء هذه المدرسة هو الدكتور فهد الرومي أحد أبرز العلماء السعوديين المعاصرين

وقد تعرّض رشيد رضا وتفسيره إلى نقد طائفة أخرى من العلماء، يمكن تصنيفهم ضمن علماء المؤسسة الدينية الرسمية، والمؤسسة الصوفية الشعبية، فقد وجَّه إليه بعض علماء هاتين المدرستين انتقادات شديدة بسبب زحزحته المكانة التقليدية المرموقة التي كان يتمتع بها كل من الفقهاء التقليديين، وشيوخ الطرق الصوفية في المجتمع، وذلك من خلال الحملة العنيفة التي قام بها على صفحات تفسيره على التقليد المذهبي وعلمائه (12/ 220ـ 221.) وعلى البدع والخرافات الدينية الشائعة الذيوع في كثير من البيئات الصوفية الطُرقية. ومن خلال دعوته اللاهبة في مقابل ذلك إلى إحياء روح الاجتهاد، وروح الزهد والتزكية وفق نصوص الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح فقط. ولقد تركزت معظم انتقادات هذا الفريق من العلماء على الميول السلفية والوهابية التي ظهرت جلياً في تفسير المنار، بالإضافة إلى تأويله لبعض المعجزات، وإنكاره لكثير من الكرامات التي يدعيها شيوخ الطرق الصوفية. ونذكر من علماء هذه الطائفة التي تصدت لرشيد رضا الشيخ الأزهري المتصوف يوسف الدجوي (ت 1946م) الذي قاد حملة صحفية قوية ضد رشيد رضا، على صفحات مجلة الجامع الأزهر آنذاك "نور الإسلام"، واتهمه باتهامات خطيرة، مثل: إنكار الملائكة والجن، وإنكار بعض المعجزات، والإيمان بمذهب دارون، وردّ بعض الأحاديث الصحيحة، ونشر مقالاته تلك في كتاب سماه "صواعق من نار في الرد على صاحب المنار"، الأمر الذي دفع رضا للرد، وتبيين حقيقة، وسلامة موقفه إزاء القضايا التي اتهمه فيها، في مقالات عديدة جمعها ونشرها في كتاب سماه: "المنار والأزهر"

وهناك فريق آخر من الباحثين المعاصرين ممن ينتمون إلى تيار إعادة قراءة القرآن الكريم وفق مناهج ومكتسبات العلوم الاجتماعية والإنسانية الحديثة، يرى أنَّ مساهمة رشيد رضا في تفسير "المنار" ما هي إلا خطوة تراجعية عن بعض ما أنجزته مدرسة المنار على يد رائديها الأفغاني وعبده ـ وهو في نظرهم إنجاز محدود، وموضع نقد وتقويم ـ وذلك بسبب ما قام به رضا من إعادة العمل التفسيري إلى تخوم المدرسة التقليدية القديمة في التفسير، وتظهر أهم ملامح تلك العودة، في نظرهم، من خلال إكثاره من النُقول الواسعة عن علماء التفسير السابقين، فضلاً عن استطراداته الواسعة فيما يتعلق بقضايا العقيدة والتشريع، هذا بالإضافة إلى عجزه عن الاستفادة من المناهج الغربية الحديثة في دراسة، ونقد النصوص المقدسة؛ وكأحد نماذج هذه المدرسة يقول الدكتور عبد المجيد الشرفي في معرض تقييمه لتفسير المنار: "فنلاحظ إذن أنه لا يمت بصلة إلى حركة التفسير "الكتابي" -نسبة إلى الكتب المقدسة عند اليهود والمسيحيين- التي عرفها الغرب منذ أواخر القرن السابع عشر بالخصوص، والتي كانت أبرز ملامحها متمثلة في استقلالها عن علم اللاهوت، واعتمادها منهجاً نقدياً في تناول النصوص المقدسة. فتفسير المنار أبعد ما يكون عن التفسير النقدي، وليس فيه أدنى إعادة نظر في المسلَّمات المتعلقة بالترتيب الرسمي والتعبُّدي للسور والآيات، ومواطن الإشكال في عدد من التعابير القرآنية، ويتبنى بالطبع المفهوم التقليدي للوحي الذي يكون فيه الرسول مجرد مبلِّغ سلبي للرسالة الإلهية، فلا مجال فيه لأثر ما لشخصية النبي وللظروف التاريخية التي أحاطت به، ولا لمشكلة الانتقال من الكلام الإلهي المفارق إلى الكلام البشري المحدود بالضرورة. وبعبارة أخرى فقد كان تفسير المنار تفسيراً إيمانياً بالدرجة الأولى"
وإن كان من "العلماء السعوديين" -على حد تعبير الكاتب- من انتقد هذا التفسير، فإن آخرين أثنوا عليه ونصحوا بقراءته، وعلى رأسهم العلامة ابن عثيمين - تعالى-.
ومن أحسن الكتابات التي تحدثت عن هذا التفسير كتاب: (اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر) للدكتور/ محمد إبراهيم الشريف، نال بها درجة الدكتوراة بامتياز من جامعة القاهرة، خصص جزءا كبيرا منها للحديث عن مدرسة المنار وبذور التجديد فيها وتأثيرها على الحركة العلمية التفسيرية من بعدها إلى اليوم..
وهو كتاب جدير بالقراءة،

أما إذا نظرنا إلى التفسير من جهة علمية شرعية مبتعدين عما سبق فسنخرج بنتيجة أخرى وهي أن الشيخ رشيد رضا كان يهدف إلى مسايرة الغرب الذي انطبع بالماديات ورفض الغيبيات بقوة وأثر هذا الجو على العالم الإسلامي وطغى عليه وأحدث فتنة عظيمة كادت أن تحول قبلة المسلمين إلى أوربا وترافق ذلك مع نشاط الاستشراق ودعمه لتلامذة المستشرقين من أبناء جلدتنا الذين رجعوا من أوربا باسم العلمانية، هذا مع تنازعه الفكري مع ما تعلمه من أصول الدين والشريعة التي يصطدم بها عند المقارنة فيجد نفسه أمام منهجين أساسيين:
- الأول: تأويل ما يثبت من الغيبيات وهو المنهج الأصلي الذي كان يتبعه محمد عبده.
- الثاني: تضعيف الروايات أو ردها ورفضها والطعن بها مهما كانت درجة ثبوتها عند المحدثين.
هذا مع تأثره بما يحصل في العالم من حركات وتيارات يقترب منها تارة ويبتعد عنها أخرى حسب الجو العلمي والسياسي، ولذلك كان يتأرجح بين هذه وتلك.
وإذا نظرنا إلى منهجه بالمقارنة مع أمثاله في العالم الإسلامي فسنجد أنه كان بهذا قريبا لمنهج أحمد بهادر خان في الهند حتى إن رشيد رضا لا يخفي إعجابه بمقالة نشرتها في ذلك الوقت جريدة الرياض الهندية وعنوانها : (هل ولد السيد أحمد خان ثانية بمصر وظهرت جريدته تهذيب الأخلاق بشكل المنار؟).
ولذلك استحوذت مدرسة محمد عبده التي نشطها رشيد رضا بالاهتمام والدراسة من قبل المستشرقين الذين كانوا يحرصون على تسميتها بالمدرسة الإصلاحية وخص ج. جومييه تفسير المنار بدراسة (تفسير القرآن عند مدرسة المنار) عام 1954
.........................
والشيخ محمد رشيد رضا له جهود كبيرة في الدعوة والتأليف ولكن عليه بعض المآخذ العقدبة التي ورد مقال طويل في المكتبة الشاملة على ماجاء في مجلة المنار
المآخذ العقدية على ما ورد في مجلة المنار/
......................


1- تأويل بعض الغيبيات:
ومن أمثلة ذلك مقالة نشرها الشيخ يذهب كاتبها إلى تأويل الميزان، وأن
المراد بالوزن هو القضاء العادل، وأن الكرسي له معنى مجازي كالعظمة والسلطة،
وأن النفخ في الصور كناية عن إعلان الأمر وإشهاره، ونحو ذلك من التأويلات
البعيدة للأمور المغيبة، والتي يتلخص موقف المسلم منها في الإيمان والإقرار بها
وإمرارها من غير تعرض لها بتأويل معتسف أو صرف للمعنى عن ظاهره
المراد.
2- إنكار المهدي:
يقول الشيخ/ رشيد: " وجملة القول أننا لا نعتقد بهذا المهدي المنتظر، ونقول
بضرر الاعتقاد به " ويعلل هذا الحكم بأن الصحيحين ليس فيهما ذكر له، وأن
ابن خلدون أعل الأحاديث التي فيها ذكره، وأن هذا المعتقد كان سببًا في نكبات تقع
من أدعياء المهدية وما يتبع ذلك من سفك للدماء، وإزهاق للأرواح
ومما لاشك فيه عند أهل السنة أن أحاديث المهدي كثيرة مشتهرة بل بلغت
مبلغ التواتر عند بعض أهل العلم فلا مجال إذن لإنكارها أو إبطال دلالتها.
3- التشكيك في الدجال:
يرى الشيخ/ رشيد أن عقيدة الدجال منافية لحكمة إنذار الناس بقرب قيام
الساعة وإثباتها بغتة، وأن ما أُعطي الدجال من الفتن والخوارق يفوق أكبر الآيات
التي أُيد بها المرسلون، وأن أحاديث الدجال متعارضة ومضطربة، وأنها
مصنوعة ومدسوسة، من عمل اليهود .
ومعلوم أن الإيمان بدجال آخر الزمان هو جزء من الإيمان بأمارات الساعة
التي ثبتت بالصحيح المسند من الأحاديث النبوية، وعليها انعقد إجماع أهل
السنة والجماعة، وقد نقل تواتر أحاديثه الحافظ ابن كثير والنووي عليهما
رحمة الله.
4- إنكار كثير من المعجزات وتأويلها:
يذهب بعيدًا الشيخ/ رشيد في إنكار المعجزات، ويَعُدُّ مجرد رواية القرآن
لمعجزات الأنبياء السابقين سببًا لإعراض العلماء والعقلاء عن الدين الإسلامي،
ولولا رواية القرآن لتلك المعجزات لكان إقبال " أحرار الإفرنج " عليه أكثر، وأن
تلك المعجزات مثار شبهات، وتأويلات في روايتها وصحتها ودلالتها .
و الشيخ يدافع عن كتاب (حياة محمد) لمحمد حسين هيكل الذي جرد
النبي صلى الله عليه وسلم من جميع المعجزات إلا القرآن الكريم وينتصر له
انتصاراً عظيمًا
وتارة أخرى يُسْأَل في المجلة عن معراجه صلى الله عليه وسلم فيذهب: إلى
أنه رؤية منامية فحسب
وأما معراجه صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة، قال الطحاوي:
والمعراج حق، وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعرج بشخصه في اليقظة
إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه الله بما شاء، ... ".
وقد أكد هذا المعتقد الحافظ ابن حجر في الفتح عن جماهير أهل السنة . وعلى نفس المنوال نسج الشيخ/ رشيد في معجزة انشقاق القمر الثابتة بالقرآن
وأحاديث الصحيحين وغيرهما .
وقد قال ابن كثير في تفسيره: وقد كان هذا في زمان رسول الله صلى الله
عليه وسلم كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة .
وقال الشوكاني: " ومع هذا فقد نُقِل إلينا بطريق التواتر، وهذا بمجرده يدفع الاستبعاد، ويُضرَب به في وجه قائله " .

5- الانحراف في الإيمان بالملائكة والجن:
نقل الشيخ رضا كلام أستاذه الشيخ عبده في هذا الصدد واستحسنه
ودافع عنه، وسوّى بين الملائكة والجن والميكروبات المسببة للأمراض والعلل
واعتبرها جميعًا من جنس واحد، وأن الجن ورؤيته هو أمر تخييلي ليس بحقيقي،
أقرب لخرافات وأوهام العرب وليس في الإمكان رؤيتهم إلا على اعتبار أنهم من
الميكروبات الدقيقة .
وكيف تصح التسوية بين حيوانات غير مكلَّفة ولا محاسبة في
الآخرة، وبين الجن المكلفين بالأمر والنهي والمحاسبين في الآخرة وبين الملائكة
الذين هم لله طائعون وبأمره يعملون! !
ثانياً: بعض المآخذ الأصولية والمنهجية

1- الموقف من أحاديث الآحاد:
اضطرب موقف الشيخ/ رشيد من أحاديث الآحاد وحجيتها ومتى يُعمَل بها فتارة
يرى أن بعضها يفيد العلم وتارة يراها مفيدة للظن، وتارة يقبلها في العمل بدون شرط
أو قيد، وتارة يعلِّق ذلك على عدم معارضتها للعقل، أو على جريان العمل بها من
أهل القرون المفضلة، فأحاديث المعراج أحاديث آحاد فلا تفيد اعتقاد ثبوت ذلك،
وكذا أحاديث سحره صلى الله عليه وسلم لا تفيد ثبوت تلك الواقعة، ولمعارضتها لما
هو أوثق لديه! ! وكذا الأحاديث الصحيحة المتفق عليها في أن الشمس إذا
غربت تستأذن في السجود فيؤذن لها، معارضة عنده للحِسِّ والعقل. وغير ذلك من
المواقف المتشددة من السنة الآحاد .
وقد وقف مثل هذا الموقف وأشد عندما أنكر حد الرجم فقال: وجملة القول
أنه لم يُرْوَ في هذا المقام حديث صحيح السند، إلا قول عمر في (الشيخ والشيخة إذا
زنيا) وهو من رواية الآحاد، ولذلك خالف الخوارج وبعض المعتزلة في الرجم
ولم يكفرهم أحد بذلك، وأنا لا أعتقد صحته، وإن ُروي في الصحيحين ".
ولاشك أن أهل السنة والجماعة على خلاف مع أهل البدع من المعتزلة وغيرهم في
هذا الأمر.
يقول ابن حجر: " قد شاع فاشيًا عمل الصحابة والتابعين بخبر الواحد من
غير نكير، فاقتضى الإتفاق منهم على القبول ".
ويقول ابن أبي العز: " خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، عملاً به وتصديقاً
له، يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة ".
وقال شيخ الإسلام: " السنة إذا ثبتت، فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب اتباعها ".
والصحيح الذي عليه أهل السنة: أن خبر الواحد تثبت به العقيدة، وما خالف
هذا القول فمُحْدَث، لا يثبت عن واحد من السلف.

2- الموقف من العقل:
لاشك أن من أكبر المآخذ على المدرسة العقليَّة الحديثة بعامة هو الموقف المبالِغ
في تقديم العقل على النقل، وقد وقع وجرى بسبب هذا الأصل البِدْعِيُّ شيء كثير
من المخالفات والبدع، بدءًا من التحسين والتقبيح العقليين، إلى ما لا ينحصر
من الجزئيات المخالفة.
وقد نقل الشيخ رشيد عن شيخه عبده في المجلة مواضع كثيرة من هذا المعنى
وأيده في أجوبته وفتاواه ومواقفه كثيرًا، ومن ذلك نقله عن عبده اتفق أهل الملة
الإسلامية - إلا قليلاً ممن لا يُنظَر إليه - على أنه إذا تعارض العقل والنقل أخذ
بما دل عليه العقل، وبقي في النقل طريقان: طريق التسليم بصحة المنقول مع
الاعتراف بالعجز عن فهمه، وتفويض الأمر إلى الله في علمه، والطريق الثانية:
تأويل النقل مع المحافظة على قوانين اللغة حتى يتفق معناه مع ما أثبته العقل. (وقال)
وبهذا الأصل الذي قام على الكتاب وصحيح السنة وعمل النبي صلى الله عليه
وسلم مهدت بين يدي العقل كل سبيل) .
وهذا القول وأشباهه معلوم بطلانه، والأصل المستقر عند أهل السنة أن
العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، والعبرة في المسائل الاعتقادية هي صحة
الإسناد، وسلامته من العلل القادحة.
ولو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره،
ولاشك أن الإجماع المدعى غير صحيح ولا مقبول.
3- الموقف من أهل الكتابين:
يقول الشيخ رشيد في مقالة له بعنوان " شبهات المسيحيين على الإسلام،
وشبهات التاريخ على اليهودية والنصرانية " ما نصه: ".. كتبنا نبذة معنونة بهذا العنوان في الجزء الخامس ذكرنا في فاتحتها أننا طلاب مودة والتئام، لا عوامل نزاع وخصام، وأننا لا نود أن يطعن أحد من المسلمين والنصارى في دين الآخر" .
ولاشك أن المودة منهي عنها بقوله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... } [المجادلة: 22] الآية، فالمحبة والمودة لأهل الإسلام، والعدل والقسط لأهل الأديان.
ويقول في موضع آخر: وأما لفظ الكفر فيُطْلَق في عرف الكتاب اليوم
على الملاحدة،.. فمهما أطلقنا لقب (الكافر) أو اسم الكفر في كلامنا فنريد به
ما ذكرنا، ولا نطلقه على المخالفين لنا في الدين من أصحاب الملل الأخرى، لأنهم
ليسوا كفارًا بهذا المعنى، بل نقول بعدم جواز إطلاقه عليهم شرعًا، لأنه صار في
هذه الأيام من أقبح الشتائم وأجرح سهام الامتهان، وذلك مما تحظّره علينا
الشريعة باتفاق علماء الإسلام. .
ولا يخفى على متأمل ما في هذا من المخالفة لقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ
قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [[المائدة: 17] . وقوله تعالى:] مَا يَوَدُّ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَلاَ المُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة:
105] وغير ذلك من الآيات، وتحريم عدم إطلاقه شرعًا يحتاج إلى دليل، ونقل
الاتفاق على ذلك محل نظر.
4- موقفه من بعض الأشخاص:
يجدر بالذكر أن مورد الشيخ الصوفي جعله يحسن الظن بأمثال ابن عربي؛
فيذكره مادحًا ومثنيًا. ثم لما غلب عليه مورده السلفي انسحب من ذلك كله، ورد عليه
وبين ضلاله ونقل كلام الأئمة فيه.
كما أنه أثنى على ابن الفارض ولقبه بألقاب لا تجوز في حقه فكان
يقول: سيدنا، ورضي الله عنه، ورحمه الله، ونحو ذلك وربما نقل بعض كلامه
أو أشعاره .
قال شيخ الإسلام: " ابن الفارض من متأخرة الاتحاديَّة، صاحب القصيدة التائية المعروفة بنظم السلوك، وقد نظم فيها الاتحاد نظمًا رائق اللفظ، فهو أخبث من
لحم خنزير في صينية من ذهب، وما أحسن تسميتها نظم الشكوك "
وقال الذهبي: " عمر بن الفارض ينعق بالاتحاد تلويحًا وتصريحًا في شعره،
وهذه بلية عظيمة " .
ولعل الشيخ/رشيد رجع عن هذا التعظيم في طوره الأخير.
كما أورد ثناءً على ابن سينا وإشاراته في الحكمة العقلية وبيان جلالة قدره،
مما يدل على أن هذا من أوضار العقلانية المفرطة.
وقد قال ابن حجر: وقد اتفق العلماء على أن ابن سينا كان يقول بقدم العالم،
ونفي المعاد الجسماني، فقطع علماء زمانه ومَن بَعْدَهم من الأئمة بكفره.
وقال شيخ الإسلام: " وإشارات ابن سينا يعرف جمهور المسلمين
الذين يعرفون دين الإسلام أن فيها إلحادًا كثيرًا " .
والظن بالشيخ رحمه الله أن يكون قد رجع عن هذا التعظيم الممقوت
لابن سينا وأمثاله.
ومما يُذْكَر على الشيخ اشتداده على بعض الثقات وجرحه، ككعب الأحبار
ورميه له بالزندقة، فيقول: " وقد حققنا من قبل أن كعب الأحبار من زنادقة
اليهود.. "
وقد ذكره أهل العلم في الثقات كابن حبان، وأثنى عليه بعض الصحابة كأبي الدرداء ومعاوية.
ومثلُ كعب - عند الشيخ - وهب بن منبه، وقد وثقه أيضًا كلٌ من أبي
زرعة والنسائي والذهبي وابن حبان وأخرج له البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي
والنسائي.
وأخيرًا
فإن هذه الملاحظ ـ على كثرتها وتعددها وما ترتب عليها من آثار في اتساع
البون بين المدرسة العقليَّة ومنهج أهل الحق والاتباع ـ لا تمنع باحثًا بصيرًا قادرًا
على التمييز بين الصواب والخطأ من الاستفادة من المنار، ومن آثار محررها،
والكمال لله وحده، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، وإنما الأعمال
بالخواتيم.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى مغفرة لأهل التوحيد، ونبرأ
إلى الله تعالى من البدع وأهلها، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله
وصحبه وسلم.
وفاته/
كان للشيخ رشيد روابط قوية بالمملكة العربية السعودية، فسافر بالسيارة إلى السويس لتوديع الأمير سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وزوده بنصائحه، وعاد في اليوم نفسه، وكان قد سهر أكثر الليل، فلم يتحمل جسده الواهن مشقة الطريق، ورفض المبيت في السويس للراحة، وأصر على الرجوع، وكان طول الطريق يقرأ القرآن كعادته، ثم أصابه دوار من ارتجاج السيارة، وطلب من رفيقيه أن يستريح داخل السيارة، ثم لم تلبث أن خرجت روحه الطاهرة في يوم الخميس الموافق (23 من جمادى الأولى 1354 هـ = 22 من أغسطس 1935م)، وكانت آخر عبارة قالها في تفسيره: "فنسأله تعالى أن يجعل لنا خير حظ منه بالموت على الإسلام".
يبقى الشيخ رشيد رضا رغم أخطائه عالمًا كبيراً من كبار علماء أهل السنة ، ومن يتحدث عن التجديد في العصر الحديث لا بد أن يذكر مجلة المنار وصاحبها إذا كان جاداً ومنصفاً في بحثه . ولقد تأثر به علماء كبار مشهود لهم بالفضل والخير
والعدل .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يغفر له ورحمه وينفع بعلمه وأن يتجاوز عنه ..وأن يسخر لهذا الدين من يعمل له وينشره ويسير على هدي محمد صلى الله عليه وسلم
......................

1/ المرجع /الموسوعة الحرة
http://ar.wikipedia.org/wiki/
2/ المرجع موقع صيد الفوائد www.saaid.net
3/ أنور الجندي: إعلام وأصحاب أقلام – دار نهضة مصر
4/ ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.c134521om/vb/showthread.php?t=
5/ تفسير المنار (11/155) ، الوحي المحمدي: ص 62.
مجلة المنار (34/10/793) .
مجلة المنار (1/39/771) ، (32/10/735) ، (6/13/5506) .
فتح الباري لابن حجر (7/197) .
مجلة المنار (30/5/363) ، (30/4/267-268) .
6/ المكتبة الشاملة http://sh.rewayat2.com/gwame3/Web/6947/001.htm
7/ ملتقى أهل التفسير http://vb.tafsir.net/tafsir17857/#.VWrAys9Viko

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 شعبان 1436هـ/2-06-2015م, 10:18 AM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي

سيرة المفسر محمد رشيد رضا رحمه الله

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 شعبان 1436هـ/4-06-2015م, 02:43 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ.
أرجو أن تقرأي التعليق هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=31
وفقكِ الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 شعبان 1436هـ/5-06-2015م, 04:17 AM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي

جزاكم الله خيرا.لقد بذلك البحث جهدا كبيرا وأخذ مني وقتا طويلا وأثر على أعمالي في البيت وفي غيره من مهامي ..ياليت يكون هناك مخرجا آخر غير إعادة البحث..بوركتم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 شعبان 1436هـ/11-06-2015م, 05:33 PM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي

بسم الله الرحمــــــــــــــن الرحيــــــــــــــــم
مقدمة /
****
اشتهر عدد من الصحابة بإقراء القرآن، هم: عثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري...رضي الله عنهم جميعا
وأخذ التابعون عن الصحابة، واشتهر عدد من التابعين بالقراءة، في كل من المدينة ومكة والبصرة والكوفة والشام، واشتهر من قراء التابعين عدد منهم انصرفوا إلى العناية بالقرآن، وتعلمه وحفظه وتعليمه للناس ..ومن أبرز قراء التابعين كما ذكرت كتب القراءات //ومن أبرز قراء التابعين ما يلي:
- قراء المدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، شيبة بن نصاح، نافع بن أبي نعيم...
- قراء مكة: عبد الله بن كثير، حميد بن قيس الأعرج، محمد بن محيصن.
- قراء الكوفة: يحيى بن وثاب، عاصم بن أبي النجود، سليمان الأعمش، حمزة، الكسائي.
- قراء الشام: عبد الله بن عامر، عطية بن قيس الكلابي، إسماعيل بن عبد الله ابن المهاجر، يحيى بن الحارث الذماري، شريح بن يزيد الحضرمي...
ومن هؤلاء برز منهم سبعة ..عرفوا بالقراء السبعة وهم /
القراء السبعة هم:
عبد الله بن كثير الداري المكي
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي
عاصم بن أبي النَّجود الأسدي الكوفي
أبو عمرو بن العلاء البصري
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي
نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني
أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي.
وسنتناول في هذا البحث ترجمة نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني ..
.............................
مولده وكنيته /
******
نافع بن عبالرحمن بن أبي نعيم القارئ المدني مولى بني ليث ، أصله من أصبهان يكنى أبا رويم ويقال :أبو عبدالرحمن وقد ينسب إلى جده .ويقال أبو نعيم ويقال :أبو الحسن وقيل أبو عبدالله وقيل أبو عبدالرحمن وهو مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبدالمطلب المدني .أحد القراء السبعة (1)
ولد في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين وجود كتاب الله على عدة من التابعين (2)
وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة ،قال الأصمعي قال لي نافع :أصلي من أصبهان (3)
شخصيته /
****كان أسود اللون حالكا صبيح الوجه حسن الخلق فيه دعابه (4)
قال المسيبي :قيل لنافع :ماأصبح وجهك وأحسن خلقك ، قال : فكيف لاأكون كذلك وقد صافحني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قرأت القرآن ؟ ـيعني في النوم ـ(5)
قال قالون : كان نافع من أطهر الناس خلقا ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا جوادا ..صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة .(6)
قال الليث ابن سعد :حججت سنة ثلاث عشرة ومئة وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع .(7)
قال الأعمشى : كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان أريد قراءتك .(8)
عن الأصمعي قال : كان نافع من القراء العباد الفقهاء جالسته .
قال الشيباني : قال رجل ممن قرأ على نافع : إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ،فقلت ياأباعبدالله أو ياأبا رويم تتطيب كلما قعدت تقرئ الناس قال:ماأمس طيبا ولاأقرب طيبا ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وهو يقرأ في في فمن ذلك الوقت أشم من في هذه الرائحة .(9)
منهج نافع في القرآن /
*********
كان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة الماضين ببلده أخذ القراءة عن جماعة من التابعين
كان نافع رحمه الله يقرئ الناس بالقراءات كلها
قال أبو دحية المعلى بن دحية : فجئته بكتاب الليث بن سعد رحمه الله لأقرأ عليه فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءت ،فقلت : ياأرويم أتقرى الناس بجميع القراءات ؟فقال : سبحان الله العظيم ،أأحرم من نفسي ثواب القرآن ،أنا أقرئ الناس بجميع القراءات حتى إذا جاء من يطلب حرفي أقرأته به (10)
جاء رجل إلى نافع فقال : خذ علي الحدر فقال نافع : ماالحدر ؟ ماأعرفها ،أسمعنا ،قال : فقرأ الرجل ،فقال نافع : حدرنا ألا نسقط الإعراب ،ولانشدد مخففا ، ولانخفف مشددا ،ولانقصر ممدودا ،ولانمد مقصورا ،قراءتنا قراءة أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل وجزل ،لانمضغ ولانلوك، نسهل ولانشدد،نقرأ على أفصح اللغات وأمضاها ، ولانلتفت إلى أقاويل الشعراء وأصحاب اللغات ،أصاغر عن أكابر،ملي عن وفي ، ديننا دين العجائز ،وقراءتنا قراءة المشايخ ، نسمع في القرآن ولانستعمل فيه الرأي ثم قرأ نافع رحمه الله : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا )(11)
قال الزيدي حدثنا أبو قرة : سمعت نافعا يقول : قرأت على سبعين من التابعين.
وقد اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا : قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندا وأفصحها في العربية وبعدها في الفصاحة قراءة أبي عمر والكسائي
قال قالون : وكان نافعا أكثر اتباعا لشيبة من اتباعه لأبي جعفر (12)
وقال الأصمعي : قال لي نافع : تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا
وقال نافع رحمه الله لورش لما قدم عليه وسأله أن يقرأ عليه : بت في المسجد ،فلما اجتمع عليه أصحابه قال لورش :أبت في المسجد ؟قال : نعم ،قال: فأنت أولى بالقراءة .
وروي أنه لما قرأ استحسن الجماعة قراءته فوهبوه نوبهم واستمروا على ذلك حتى قرأ القرآن كله في خمسين يوما وفي هذا دليل على أن المقرئ له أن يقرئ ماشاء من القرآن لمن يحفظه ويعرضه عليه.(13)
كان نافع يقول : قرأت على سبعين من التابعين ..وقد روي عن نافع أنه قال : أدركت هؤلاء الإئمة الخمسة وغيرهم فنظرت إلى مااجتمع عليه إثنان منهم فأخذته، وماشذ تركته حتى ألف هذه القراءة في هذه الحروف ..وقد اجتمع على قراءة نافع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة ..
قال الأصمعي : سألت نافعا عن الذئب والبشر ، فقال : إن كانت العرب تهمزها فاهمزها ،(14)
قال سليمان بن مسلم بن جماز : سمعت نافعا يقول : إن هذا القرآن العظيم جاء من عند عظيم ،فإذا قرأت فلاتنشغلن بغيره ،وانظر من تخاطب ، وإياك أن تمل منه أو تؤثر عليه ،فإني لم أتردد إلى الأعرج حتى قلت حسبي منك .
وقد ذكر عن نافع أنه قال : أرسل إلي بعض الخلفاء مصحف عثمان لأصلحه ،فقلت له :إن الناس يقولون أن مصحفه كان في حجره حين قتل فوقع الدم على قوله (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ) قال نافع: فنظرت عيني إلى الدم على ذلك
روى الحلواني عن قالون أن نافعا كان لايهمز همزا شديدا ويمد ويحقق القراءة ولايشدد، ويقرب بين الممدود وغير الممدود.(15)
أساتذة نافع :
******
أولا /: عبدالرحمن بن هرمز الأعرج وكان عبدالرحمن قد قرأ على أبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهما .
قال : عبيد بن ميمون الشبان قال :قال لي هرون بن المسيب : قراءة من تقرأ ؟ قال : قلت : له قراءة نافع بن أبي نعيم ، قال : فعلى من قرأ نافع ؟قال : قلت : أخبرنا نافع أنه قرأ على الأعرج، وأن الأعرج قال: قرأت على أبي هريرة رضي الله عنه وقال أبو هريرة : قرأت على أبي بن كعب وقال : أبي بن كعب : عرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، وقال : أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن .
ثانيا/ : أبو جعفر يزيد بن القعقاع مولى عبدالله (بن عياش )بن أبي ربيعة المخزومي وكان أبو جعفرلايتقدمه أحد في عصره ،، أخذ القراءة عن ابن عباس وعن أبي هريرة رضي الله عنهما،وعن مولاه عبدالله ابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ،وكان عبدالله بن عياش قد قرأ على أبي ابن كعب رضي الله تعالى عنه وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم ،وكان إمام الناس بالمدينة وأخذ القراءة عن عبدالله بن عباس وعن مولاه عبدالله بن عياش .وكان أبو جعفر يقرئ القرآن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ..وكان يقرئ الناس وقد حمل مولاه عبدالله ابن عياش الى زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة ..وقال نافع بن أبي نعيم : لما غسل أبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ بعد وفاته نظروا مابين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف فماشك أحد ممن حضروا أنه نور القرآن .
ثالثا / شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب مولى أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقد أدرك عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما .وكان يقرئ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دعت له عائشة رضي الله عنها أن يعلمه الله القرآن .وقد أحضر إلى أم سلمة وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة .وقد تزوج ابنة أبي جعفر وقال أبو جعفر :أ نه سيملأ بيتها قرآنا . وقال الناس عندما تزوجها : سيولد بينهما مصحف .وقد صلى على سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما
رابعا /مسلم بن جندب الهذلي /وكان من فصحاء الناس وكان يقص بالمدينة .قال جعفر الزبيري : سمعت مسلم بن جندب يقرأ ( ولاتيمموا الخبيث )أي توجهوا وقال : كان يعلمنا غدوة ثلاثين (آية )وعشية ثلاثين (آية )
وقد كان أهل المدينة لايهمزون حتى همز ابن جندب فهمزوا..(16)
خامسا /يزيد بن رومان ..وكان من فقهاء أهل المدينة، وهو مولى لآل الزبير بن العوام ، وكان الغالب عليه القرآن وقد أخذ لقرآن عرضا عن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ..
وقيل أن نافعا قرأ على صالح بن خوات ..وقد قال الزيدي حدثنا أبو قرة : سمعت نافعا يقول : قرأت على سبعين من التابعين ..وقد روي عن نافع أنه قال : أدركت هؤلاء الإئمة الخمسة وغيرهم فنظرت إلى مااجتمع عليه إثنان منهم فأخذته، وماشذ تركته حتى ألف هذه القراءة في هذه الحروف ..وقد اجتمع على قراءة نافع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة ..
تلاميذ نافع /
*****
أولا /سليمان بن مسلم بن جماز ،إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير وأخوه يعقوب ،إسحاق بن محمد بن عبدالله المسيبي ،إسماعيل وأبوبكر إبنا أبي أويس ،عيسى بن مينا قالون ،محمد بن عمر الواقدي ، عبدالملك بن قريب الأصمعي ،عمان بن سعيد الملقب بورش ،خارجة بن مصعب أبو الحجاج ،أبو الحارث ،سقلاب ،أشهب ، الزبير بن عامر بن صالح ،أبو خليد عتبة بن حماد، ابن أبي الزناد ،أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس ،يعقوب بن ابراهيم بن سعد الزهري ، الليث بن سعد،أبو دحية معلى بن دحية ،خالد بن مخلد،خالد بن نزار ،أبو الربيع ،الوليد بن مسلم ،أبو قرة موسى بن طارق ،عبدالله بن إدريس . (17)
ماذا قالوا عنه /
***********
قال الدرري عن ابن معين : ثقة (18)
وقال النسائي : ليس به بأس
وذكره ابن حبان في الثقات
وقال ابن عدي : له نسخة عن أبي الزنادعن الأعرج عن أبي هريرة يرويها عنه عن ابن أبي فديك . وعنه أحمد بن صالح وتبلغ مائة حديث وكسر ، ولنافع عن الأعرج نفسه مائة حديث آخرى ،وعنه أخذ القراءة ،ولنافع من الحديث التفاريق قدر خمسين حديثا أيضا ،ولم أرى في أحاديثه شيئا منكرا ،وأرجو أنه لابأس به .(19)
وقال أبو رحمة عن أبي قرة :سمعت نافع بن أبي نعيم يقول : قرأت على سبعين من التابعين.
وقال الأصمعي : كان من القراء الفقهاء العباد .
وقال ابن سعد : كان ثبتا .
وقال الساجي : صدوق اختلف فيه أحمد ويحيى ، فقال أحمد:منكر الحديث، وقال يحيى :ثقة .
وقال أبو حاتم : صدوق ،صالح الحديث .
وقال ابن وهب عن الليث بن سعد :أدركت أهل المدينة وهم يقولون : قراءة نافع سنة (20)
وفاته /
***توفي رحمه الله بعد أن قضى عمرا طويلا في تعليم كتاب الله تعالى وأصبح إماما في القراءة ،و لما حضرت نافعا الوفاة قال له أبناؤه : أوصنا ، قال : (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )ومات سنة تسع وستين ومائة . (21)
.................................................................
(1)تهذيب التهذيب لابن حجر/ج.السادس
(2)سير أعلام النبلاء ج.السابع
(3)وفيات الأعيان وأبناء ابناء الزمان لابن خلكان تحقيق / د.إحسان عباس
(4)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(5)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(6)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(7)غاية النهاية في طبقات القراء تأليف الإمام شمس الدين ابن الجزري المتوفي 833ه ج.الثاني
(8)غاية النهاية في طبقات القراء تأليف الإمام شمس الدين ابن الجزري المتوفي 833ه ج.الثاني
(9)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(10)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول تحقيق /د.علي حسين البواب
(11)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول تحقيق /د.علي حسين البواب
(12)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(13)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول تحقيق /د.علي حسين البواب
(14) طبقات القراء تأليف شمس الدين الذهبي تحقيق / د.أحمد خان ج/ الاول
(15) طبقات القراء تأليف شمس الدين الذهبي تحقيق / د.أحمد خان ج/ الاول
(16))السبعة في القراءات لابن مجاهد .تحقيق /د.شوقي ضيف دار المعارف
(17)السبعة في القراءات لابن مجاهد .تحقيق /د.شوقي ضيف دار المعارف
(18)تهذيب التهذيب لابن حجر/ج.السادس
(19)تهذيب التهذيب لابن حجر/ج.السادس
(20)تهذيب التهذيب لابن حجر/ج.السادس
(21) تهذيب التهذيب لابن حجر/ج السادس
المراجع/
تهذيب التهذيب لابن حجر/ج السادس
جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول تحقيق /د.علي حسين البواب
غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
السبعة في القراءات لابن مجاهد .تحقيق /د.شوقي ضيف دار المعارف
وفيات الأعيان وأبناء ابناء الزمان لابن خلكان تحقيق / د.إحسان عباس
سير أعلام النبلاء ج.السابع
طبقات القراء تأليف شمس الدين الذهبي تحقيق / د.أحمد خان ج/ الاول

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 شعبان 1436هـ/14-06-2015م, 01:53 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ، تم تصحيح البحث في صفحتكِ للاختبار ( هنا ) ، وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 رمضان 1436هـ/22-06-2015م, 03:13 PM
موضي الخزيم موضي الخزيم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 338
افتراضي

بسم الله الرحمــــــــــــــن الرحيــــــــــــــــم

نسبه وكنيته /
******
نافع بن عبالرحمن بن أبي نعيم القارئ المدني مولى بني ليث ، أصله من أصبهان يكنى أبا رويم ويقال :أبو عبدالرحمن وقد ينسب إلى جده .ويقال أبو نعيم ويقال :أبو الحسن وقيل أبو عبدالله وقيل أبو عبدالرحمن وهو مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبدالمطلب المدني .أحد القراء السبعة (1)
ولد في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين وجود كتاب الله على عدة من التابعين (2)
وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة ،قال الأصمعي قال لي نافع :أصلي من أصبهان (3)
شيوخه:
******
أولا /: عبدالرحمن بن هرمز الأعرج وكان عبدالرحمن قد قرأ على أبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهما .
قال : عبيد بن ميمون الشبان قال :قال لي هرون بن المسيب : قراءة من تقرأ ؟ قال : قلت : له قراءة نافع بن أبي نعيم ، قال : فعلى من قرأ نافع ؟قال : قلت : أخبرنا نافع أنه قرأ على الأعرج، وأن الأعرج قال: قرأت على أبي هريرة رضي الله عنه وقال أبو هريرة : قرأت على أبي بن كعب وقال : أبي بن كعب : عرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، وقال : أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن .
ثانيا/ : أبو جعفر يزيد بن القعقاع مولى عبدالله (بن عياش )بن أبي ربيعة المخزومي وكان أبو جعفرلايتقدمه أحد في عصره ،، أخذ القراءة عن ابن عباس وعن أبي هريرة رضي الله عنهما،وعن مولاه عبدالله ابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ،وكان عبدالله بن عياش قد قرأ على أبي ابن كعب رضي الله تعالى عنه وقرأ أبي على النبي صلى الله عليه وسلم ،وكان إمام الناس بالمدينة وأخذ القراءة عن عبدالله بن عباس وعن مولاه عبدالله بن عياش .وكان أبو جعفر يقرئ القرآن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ..وكان يقرئ الناس وقد حمل مولاه عبدالله ابن عياش الى زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة ..وقال نافع بن أبي نعيم : لما غسل أبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ بعد وفاته نظروا مابين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف فماشك أحد ممن حضروا أنه نور القرآن .
ثالثا / شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب مولى أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقد أدرك عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما .وكان يقرئ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دعت له عائشة رضي الله عنها أن يعلمه الله القرآن .وقد أحضر إلى أم سلمة وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة .وقد تزوج ابنة أبي جعفر وقال أبو جعفر :أ نه سيملأ بيتها قرآنا . وقال الناس عندما تزوجها : سيولد بينهما مصحف .وقد صلى على سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما
رابعا /مسلم بن جندب الهذلي /وكان من فصحاء الناس وكان يقص بالمدينة .قال جعفر الزبيري : سمعت مسلم بن جندب يقرأ ( ولاتيمموا الخبيث )أي توجهوا وقال : كان يعلمنا غدوة ثلاثين (آية )وعشية ثلاثين (آية )
وقد كان أهل المدينة لايهمزون حتى همز ابن جندب فهمزوا..(4)
خامسا /يزيد بن رومان ..وكان من فقهاء أهل المدينة، وهو مولى لآل الزبير بن العوام ، وكان الغالب عليه القرآن وقد أخذ لقرآن عرضا عن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ..
وقيل أن نافعا قرأ على صالح بن خوات ..وقد قال الزيدي حدثنا أبو قرة : سمعت نافعا يقول : قرأت على سبعين من التابعين ..وقد روي عن نافع أنه قال : أدركت هؤلاء الأئمة الخمسة وغيرهم فنظرت إلى مااجتمع عليه إثنان منهم فأخذته، وماشذ تركته حتى ألف هذه القراءة في هذه الحروف ..وقد اجتمع على قراءة نافع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة .
تلاميذ نافع /
*****سليمان بن مسلم بن جماز ،إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير وأخوه يعقوب ،إسحاق بن محمد بن عبدالله المسيبي ،إسماعيل وأبوبكر إبنا أبي أويس ،عيسى بن مينا قالون ،محمد بن عمر الواقدي ، عبدالملك بن قريب الأصمعي ،عمان بن سعيد الملقب بورش ،خارجة بن مصعب أبو الحجاج ،أبو الحارث ،سقلاب ،أشهب ، الزبير بن عامر بن صالح ،أبو خليد عتبة بن حماد، ابن أبي الزناد ،أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس ،يعقوب بن ابراهيم بن سعد الزهري ، الليث بن سعد،أبو دحية معلى بن دحية ،خالد بن مخلد،خالد بن نزار ،أبو الربيع ،الوليد بن مسلم ،أبو قرة موسى بن طارق ،عبدالله بن إدريس . (5)
قال قالون : وكان نافعا أكثر اتباعا لشيبة من اتباعه لأبي جعفر (6)
أقوال العلماء فيه :
***********
قال الدرري عن ابن معين : ثقة (7)
وقال النسائي : ليس به بأس
وذكره ابن حبان في الثقات
وقال ابن عدي : له نسخة عن أبي الزنادعن الأعرج عن أبي هريرة يرويها عنه عن ابن أبي فديك . وعنه أحمد بن صالح وتبلغ مائة حديث وكسر ، ولنافع عن الأعرج نفسه مائة حديث آخرى ،وعنه أخذ القراءة ،ولنافع من الحديث التفاريق قدر خمسين حديثا أيضا ،ولم أرى في أحاديثه شيئا منكرا ،وأرجو أنه لابأس به .(8)
وقال الأصمعي : كان من القراء الفقهاء العباد .
وقال ابن سعد : كان ثبتا .
وقال الساجي : صدوق اختلف فيه أحمد ويحيى ، فقال أحمد:منكر الحديث، وقال يحيى :ثقة .
وقال أبو حاتم : صدوق ،صالح الحديث .
وقال ابن وهب عن الليث بن سعد :أدركت أهل المدينة وهم يقولون : قراءة نافع سنة (9)
مكانته العلمية :
*****
لنافع رحمه الله مكانة علمية عالية حيث أنه من القراء السبعة فلقد أقرأ الناس سنين كثيرة فقد أعتنى بالقرآن وتعلمه وحفظه ..
قال الليث ابن سعد :حججت سنة ثلاث عشرة ومئة وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع .(10)
عن الأصمعي قال : كان نافع من القراء العباد الفقهاء جالسته
اجتمع على قراءة نافع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة
نبذة من أخباره:
****كان أسود اللون حالكا صبيح الوجه حسن الخلق فيه دعابه (11)
قال المسيبي :قيل لنافع :ماأصبح وجهك وأحسن خلقك ، قال : فكيف لاأكون كذلك وقد صافحني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قرأت القرآن ؟ ـيعني في النوم ـ(12)
قال قالون : كان نافع من أطهر الناس خلقا ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا جوادا ..صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة .(13)
قال الأعمش : كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان أريد قراءتك .(14)
قال الشيباني : قال رجل ممن قرأ على نافع : إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ،فقلت ياأباعبدالله أو ياأبا رويم تتطيب كلما قعدت تقرئ الناس قال:ماأمس طيبا ولاأقرب طيبا ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وهو يقرأ في في فمن ذلك الوقت أشم من في هذه الرائحة .(15)

منهج نافع في القرآن /
*********

كان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة الماضين ببلده أخذ القراءة عن جماعة من التابعين
كان نافع رحمه الله يقرئ الناس بالقراءات كلها
قال أبو دحية المعلى بن دحية : فجئته بكتاب الليث بن سعد رحمه الله لأقرأ عليه فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءت ،فقلت : ياأرويم أتقرى الناس بجميع القراءات ؟فقال : سبحان الله العظيم ،أأحرم من نفسي ثواب القرآن ،أنا أقرئ الناس بجميع القراءات حتى إذا جاء من يطلب حرفي أقرأته به (16)
جاء رجل إلى نافع فقال : خذ علي الحدر فقال نافع : ماالحدر ؟ ماأعرفها ،أسمعنا ،قال : فقرأ الرجل ،فقال نافع : حدرنا ألا نسقط الإعراب ،ولانشدد مخففا ، ولانخفف مشددا ،ولانقصر ممدودا ،ولانمد مقصورا ،قراءتنا قراءة أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل وجزل ،لانمضغ ولانلوك، نسهل ولانشدد،نقرأ على أفصح اللغات وأمضاها ، ولانلتفت إلى أقاويل الشعراء وأصحاب اللغات ،أصاغر عن أكابر،ملي عن وفي ، ديننا دين العجائز ،وقراءتنا قراءة المشايخ ، نسمع في القرآن ولانستعمل فيه الرأي ثم قرأ نافع رحمه الله : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا )(17)
وقد اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا : قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندا وأفصحها في العربية وبعدها في الفصاحة قراءة أبي عمر والكسائي
وقال الأصمعي : قال لي نافع : تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا
وقال نافع رحمه الله لورش لما قدم عليه وسأله أن يقرأ عليه : بت في المسجد ،فلما اجتمع عليه أصحابه قال لورش :أبت في المسجد ؟قال : نعم ،قال: فأنت أولى بالقراءة .
وروي أنه لما قرأ استحسن الجماعة قراءته فوهبوه نوبهم واستمروا على ذلك حتى قرأ القرآن كله في خمسين يوما وفي هذا دليل على أن المقرئ له أن يقرئ ماشاء من القرآن لمن يحفظه ويعرضه عليه.(18)
كان نافع يقول : قرأت على سبعين من التابعين ..وقد روي عن نافع أنه قال : أدركت هؤلاء الإئمة الخمسة وغيرهم فنظرت إلى مااجتمع عليه إثنان منهم فأخذته، وماشذ تركته حتى ألف هذه القراءة في هذه الحروف ..وقد اجتمع على قراءة نافع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة ..
قال الأصمعي : سألت نافعا عن الذئب والبشر ، فقال : إن كانت العرب تهمزها فاهمزها ،(19)
قال سليمان بن مسلم بن جماز : سمعت نافعا يقول : إن هذا القرآن العظيم جاء من عند عظيم ،فإذا قرأت فلاتنشغلن بغيره ،وانظر من تخاطب ، وإياك أن تمل منه أو تؤثر عليه ،فإني لم أتردد إلى الأعرج حتى قلت حسبي منك .
وقد ذكر عن نافع أنه قال : أرسل إلي بعض الخلفاء مصحف عثمان لأصلحه ،فقلت له :إن الناس يقولون أن مصحفه كان في حجره حين قتل فوقع الدم على قوله (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ) قال نافع: فنظرت عيني إلى الدم على ذلك
روى الحلواني عن قالون أن نافعا كان لايهمز همزا شديدا ويمد ويحقق القراءة ولايشدد، ويقرب بين الممدود وغير الممدود.(20)
نماذج من تفسيره
*******
(حديث موقوف) (حديث موقوف) وَأَخْبَرَنِي وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ يَقُولُ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ : فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ سورة الكهف آية 86 . ثُمَّ فَسَّرَهَا : ذَاتَ حَمْأَةٍ . قَالَ لِي نَافِعٌ . وَسُئِلَ عَنْهَا كَعْبٌ ، فَقَالَ : أَنْتَمْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنِّي ، وَلَكِنِّي أَجِدُهَا فِي الْكِتَابِ : تَغِيبُ فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ . .
وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، وثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الزُّهْرِيُّ . قَالَ : حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الأَعْرَجَ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَفُومِهَا سورة البقرة آية 61 . قَالَ : الْحِنْطَةُ . ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجَلاحِ حَيْثُ يَقُولُ : قَدْ كُنْتُ أَغْنَى النَّاسِ شَخْصًا وَاحِدًا وَرَدَ الْمَدِينَةَ عَنْ زِرَاعَةِ فُومِ إِلَى هُنَا ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ . .

ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : ثنا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ شَكْلِ الْقُرْآنِ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَالَ : لا بَأْسَ بِهِ . .
وَأَخْبَرَنِي وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ يَقُولُ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ : فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ سورة الكهف آية 86 . ثُمَّ فَسَّرَهَا : ذَاتَ حَمْأَةٍ . قَالَ لِي نَافِعٌ . وَسُئِلَ عَنْهَا كَعْبٌ ، فَقَالَ : أَنْتَمْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنِّي ، وَلَكِنِّي أَجِدُهَا فِي الْكِتَابِ : تَغِيبُ فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ . .

وفاته /
***توفي رحمه الله بعد أن قضى عمرا طويلا في تعليم كتاب الله تعالى وأصبح إماما في القراءة ،و لما حضرت نافعا الوفاة قال له أبناؤه : أوصنا ، قال : (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )ومات سنة تسع وستين ومائة . (21)
.................................................................
الهوامش /
(1)تهذيب التهذيب /ج.السادس صفحة 516
(2)سير أعلام النبلاء ج.السابع صفحة 379
(3)وفيات الأعيان وأبناء ابناء الزمان الجزء / الخامس صفحة 368
(4)) كتاب السبعة في القراءات صفحة 60
(5) كتاب السبعة في القراءات صفحة 64
(6)غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني
(7)تهذيب التهذيب /ج.السادس صفحة 517
(8)تهذيب التهذيب /ج.السادس صفحة 517
(9)تهذيب التهذيب /ج.السادس صفحة 517
(10)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 290
(11)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 289
(12)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 290
(13)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 290
(14)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 290
(15)غاية النهاية في طبقات القراء ج.الثاني صفحة 290
(16)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول صفحة 596
(17)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول صفحة 530
(18)جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ج.الأول صفحة 572
(19) طبقات القراء صفحة 107تحقيق / ج/ الاول
(20) طبقات القراء صفحة 108 تحقيق / د.أحمد خان ج/ الاول
(21) تهذيب التهذيب /ج السادس صفحة 517
المراجع/
تهذيب التهذيب لابن حجر/ج السادس ت/ 852تحقيق / الشيخ عادل أحمد عبدالموجود والشيخ / علي محمد معوض من إصدارات وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد / المملكة العربية السعودية
جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي ت/643ج.الأول تحقيق /د.علي حسين البواب/ مكتبة التراث مكة المكرمة
غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين ابن الجزري ج.الثاني ت/833طبعة جديدة ومنقحة /دار الكتب العلمية بيروت/ لبنان
السبعة في القراءات لابن مجاهد .تحقيق /د.شوقي ضيف دار المعارف بمصر
وفيات الأعيان وأبناء ابناء الزمان لابن خلكان ت/681تحقيق / د.إحسان عباس
سير أعلام النبلاء شمس الدين الذهبي ت/ 748 ج.السابع تحقيق / مجموعة من المحققين بإشراف شعيب الأرناؤوط مؤسسة الرسالة
طبقات القراء تأليف شمس الدين الذهبي ت/748تحقيق / د.أحمد خان ج/ الاول الطبعة الأولى
تفسير نافع بن أبي نعيم تحقيق حكمت بشير ياسين مكتبة الدار بالمدينة المنورة

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 رمضان 1436هـ/26-06-2015م, 02:13 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

تم إعادة تقييم البحث في صفحتكِ للاختبار ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir