دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 12:53 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
Post بحث عن المفسر / ابن عرفة الورغمي التونسي ( 716 - 803 هـ )

بحث في سيرة ابن عرفة الورغمي التونسي


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 شعبان 1436هـ/11-06-2015م, 06:03 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

ابن عرفة الورغمي التونسي

نبذة عنه:

اسمه ونسبه:
محمد بن محمد بن عرفة بن حماد أبو عبد الله الورغمي -بفتح الواو وسكون الراء وغين معجمة وتشديد الميم- التونسي, فقيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها. [1]

ولادته ونشأته:
ولد سنة ست عشرة وسبعمائة.[2]
كان الشيخ رضي الله عنه في صغره مشهورا بالجد والإجتهاد والمطالعة والمذاكرة. [3]
وتبحر في العلوم وفاق في الأصول والكلام وتقدم في الفقه والنحو والتفسير. .[4]

شيوخه:
روى عن الفقيه القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وسمع عليه موطأ مالك وعلوم الحديث لابن صلاح وعن الفقيه المحدث الراوية أبي عبد الله: محمد بن حسين بن سلمة الأنصاري وقرأ عليه القرآن العظيم بقراءة الأئمة الثمانية. وتفقه على الإمام أبي عبد الله: محمد بن عبد السلام وأبي عبد الله محمد بن هارون محمد بن حسن الزبيدي وأبي عبد الله الآبلي ونظرائهم.[5]* *
قرأ على محمد بن محمد بن سلامة بمضمن التيسير والكافي وروى أيضا عن القاضي المؤلف محمد بن عبد السلام شارح المختصر الحاجبي في الفقه، وذكره عبد الله بن محمد بن غالب في تحفته فقال: أخذ العلم عن جماعة من العلماء الجلة منهم والده أبو عبد الله بن الوادياشي وغيره . [6]
لازم الشيوخ الجلة أخذ عن الإمام ابن عبد السلام القراءات العشر والحديث ولازمه كثيرا وأخذ عنه علما غزيرا والفرائض على الشيخ السطي والعلوم العقلية على ابن أندراس والآبلي وعلى ابن الحباب النحو والمنطق والجدل وعلى الآبلي الحساب وسائر المعقول وكان يثني عليه وقرأ بالسبع على ابن سلامة والفقه على ابن عبد السلام وابن قداح وابن هارون والسطي . [7]

تلاميذه:
يقول المقري في "أزهار الرياض":"وأما الإمام ابن عرفة، فانتفع به جماعة، فكان أصحابه كأصحاب سحنون : أئمة في كل بلد، فمنهم أيضاً من بلغ درجة التأليف ووقع الاتفاق على إمامته، وتقدمه وسمو رتبته، كشيخنا الإمام الحافظ المحصل أبي القاسم بن أحمد البرزلي، مفتي البلاد الإفريقية، ومؤلف كتاب الأسئلة الحاوية للنوازل والفتاوي . ومنهم شيخنا الإمام الحافظ المجتهد، صاحب التصانيف المفيدة، أبو عبد الله محمّد بن مرزوق، وله " المنزع النبيل، في شرح مختصر خليل"، و " شرح التهذيب "، وغير ذلك من المسائل العلمية .
...و أما من نجب من تلاميذة شيخ شيوخنا ابن عرفة، وتمكن من ملكة التعليم، فخلق يطول عددهم، فمنهم من أدركناه، وأخذنا عنه، وأجزنا مروياته، ومنهم من لم ندركه، نفع الله بجميعهم، وأعاد علينا من بركاتهم ."[8[

ومن بين هؤلاء التلاميذ نذكر:

-مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عمر أَبُو عبد الله التّونسِيّ الْمَالِكِي نزيل الْحَرَمَيْنِ وَيعرف بالوانوغى بتَشْديد النُّون المضمومة وَسُكُون الواوا وَبعدهَا مُعْجمَة. ولد ظنا فِي سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة بتونس وَنَشَأ بهَا فَسمع من مسندها ومقرئها وَأبي الْحسن بن أبي الْعَبَّاس البطرنى خَاتِمَة أَصْحَاب ابْن الزبير بِالْإِجَازَةِ وَمن ابْن عَرَفَة وانتفع بِهِ فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والأصلين والمنطق وعلوم الْحساب والهندسة [9]

-أبو عبد الله محمد بن محمد بن القمّاح التّونسي :المالكي المحدّث بتونس سمع من ابن عرفة وجماعة. [10]

-محمد بن خلفه بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام وبعدها فاء، الأبي بضم الهمزة نسبة إلى قرية من تونس، التونسي قرأ على ابن عرفة وغيره وكان عالما محققا أخذ عنه جماعة ووصفه ابن حجر بأنه عالم المغرب بالمعقول وأنه سكن تونس، وله شرح مسلم الذي سماه (إكمال إكمال المعلم في شرح مسلم) الذي جمع فيه بين المازري وعياض والقرطبي والنووي مع زيادات من كلام شيخه ابن عرفة في ثلاث مجلدات، ويحكى عنه من سلامة الفطرة ما يخرجه إلى حد الغفلة مع مزيد تقدمه في العلوم ومات سنة 827 سبع وعشرين وثمان مائة. [11]

-ناصر بن أحمد بن يوسف بن منصور بن فضل بن علي بن أحمد بن حسن بن عبد المعطي بن علي المعروف بابن مزني يفتح الميم ثم زاي ساكنة بعدها نون. ولد في المحرم سنة 781 إحدى وثمانين وسبعمائة وسمع من جماعة منهم ابن عرفة وقدم القاهرة حاجا وأصله من المغرب ولازم الحافظ ابن حجر وترجم له شيخه المذكور فقال جمع تاريخا لو قدر أن يبيضه لكان مائة مجلد، وكان قد مارس ذلك إلى أن صار أعرف الناس به فإنه جمع منه في مسوداته ما لا يعد ولا يدخل تحت الحد، ومات قبل تبييضه فتفرق شذر مذر، في العشرين من شعبان سنة 823 ثلاث وعشرين وثمان مائة. [12]

-أبو مهدي عيسى الغبريني ، وقد ذكر السنوسي في مسامرات الظريف أنه بعد وفاة ابن عرفة ولي عوضه إماماً وخطيباً ومفتياً بجامع الزيتونة بعد صلاة الجمعة تلميذه حافظ المذهب قاضي الجماعة (الشيخ أبو مهدي عيسى الغبريني). [13]

-المحدث المسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق العجيسي التلمساني، ولد سنة 766 ومات سنة 842 المعروف بابن مرزوق الحفيد : البحر الإمام المشهور الحجة الحافظ العلامة المحقق الكبير النظار المطلع المصنف المنصف التقي الصالح الناصح الزاهد العابد الورع البركة الخاشع الخاشي النبيه القدوة المجتهد الأبرع الفقيه الأصولي المفسر المحدث الحافظ المسند الراوية الأستاذ المقرئ المجود النحوي اللغوي البياني العروضي الصوفي الأواب الولي الصالح العارف بالله، الآخذ من كل فن بأوفر نصيب، الراعي في كل علم مرعاه الخصيب، حجة الله على خلقه، المفتي الشهير الرحلة الحاج، فارس الكراسي والمنابر، سليل الأكابر، سيد العلماء الأخيار، وإمام الأئمة وآخر الشيوخ ذوي الرسوخ، بدر التمام الجامع بين المعقول والمنقول والحقيقة والشريعة بأجل محصول، وآخر النظار الفحول، شيخ المشايخ، صاحب التحقيقات البديعة والاختراعات الأنيقة، والأبحاث الغريبة، والفوائد الغزيرة، المتفق على علمه وصلاحه. وقد انتفع في الفقه بأبي عبدالله بن عرفة . [14]

-عَليّ بن مَيْمُون المغربي الاندلسي : تربى قدس سره ببلاده عِنْد الشَّيْخ ابْن عَرَفَة وَالشَّيْخ الدباسي ثمَّ دخل الْقَاهِرَة وَحج ثمَّ دخل الْبِلَاد الشامية وَتُوفِّي بهَا فِي سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَةالنَّاس ثمَّ توطن بِمَدِينَة بروسه ثمَّ رَجَعَ الى الْبِلَاد الشامية وَتُوفِّي بهَا فِي سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَة. [15]

-أبو العباس البسيلي : أخذ مؤلفه(نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد) من مجالس التفسير لأستاذه شيخ الإسلام بأفريقية أبي عبد الله محمد بن عرفة الورغمي التونسي وزاد عليه ثم اختصره حسبما ذكر في مقدمته. [16]

-وقال التنبكي في نيل الابتهاج: «قلّ بتونس من لم يأخذ عنه» فإلى ما تقدم أضاف أسماء: الشريف السلاوي، وأبو عبدالله القشاني وأخوه الحاج أحمد وولده أحمد شارح الرسالة، وأبويعقوب الزغبي، والعلامة ابن عقاب، وأبويحيى بن عقيبة، وابن ناجي، والشريف العجيسي، والإمام الزلديوي وغيرهم من التلامذة «لا يحصون غرباً وشرقاً» كالبدر الدماميني وغيره من الائمة. [17]

مكانته العلمية:
إمام تونس وعالمه وخطيبها ومفتيها،كان من فقهاء المالكية، تصدى للدرس بجامع تونس وانتفع به خلق كثير، و"تخرج على يديه جماعة من العلماء الأعلام، وقضاة الإسلام، فعن رأيه تصدر الولايات، وبإشارته تعين الشهود للشهادات، ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات، بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة، وانقطع للاشتغال بالعلم، والتصدر لتجويد القراءات."[18]
تولى امامة الجامع الاعظم سنة 750ه، وقدم لخطابته سنة 772 وللفتوي سنة 773. [19]
وقد حج في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام ،واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته . [20]


أقوال العلماء فيه :
قال عنه المقري في "أزهار الرياض": "وبالجملة فإمامة الشيخ ابن عرفة لا تنكر ولا تجحد ومعرفته بالفنون وتبريزه على أهل عصره، مما يعترف به كل منصف لوزعي أوحد، ولله در صاحب " الشقائق النعمانية، في علماء الدولة العثمانية " حيث صرح بأن ابن عرفة فاق أقرانه في فقه المالكية بالمغرب، آخر الثامن. ونص كلامه، عندما ترجم لصاحب القاموس."[21]

وقال عنه ابن فرحون في الديباج: هو الإمام العلامة المقرئ الفروعي الأصولي البياني المنطقي شيخ الشيوخ، وبقية أهل الرسوخ... أجمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة، ذا دين متين، وعقل رصين، وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب، صائم الدهر، لا يفتر عن ذكر الله، وتلاوة القرآن، إلا في أوقات الاشتغال، ومنقبضا على مداخاة السلاطين، لاير إلا في الجامع أو في حلقة التدريس[22]

وقال عنه التنبكتي في نيل الابتهاج: محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي إمامها وخطيبها الإمام العلامة المحقق القدور النظار شيخ الإسلام المبعوث على رأس المائة الثامنة حسبما ذكره السيوطي في نظمه.[23]

قال الرصاع: كان رحمه الله وليا صالحا ذكيا قدوة سنيا عارفا محققا صاحب سعد نهاية في المنقول والمعقول بقية الراسخين ءاخر المتعبدين تواتر هديه وغزارة علمه وقوة فهمه ألقى الله محبته في القلوب شيخ كثير من شيوخنا وكان شيوخنا الآخذون عنه يقفون عند حده معظمين لقدره مسلمين لفهمه وتلقينا عنهم كراماته ومحاسنه وحسن دينه وطريقته وكتبه جامعة مانعة شافية مبرز الفقهاء قل من يفك رموزه ويفهمها يتفاخرون بذلك خلفا عن سلف .

وقال الإمام القاضي ابن الأزرق: حال الشيخ ابن عرفة في بلوغه أقصى مراتب الغاية العلمية لاينكر ومقامه في المجاهدة العملية من أشهر مايذكر فقد أخبرني الفقيه القاضي الأجل خاتمة السلف أبوعبد الله الزلديوي نزيل تونس مكاتبة قال كان ابن عرفة في العلوم كما دلت عليه تآليفه فيها وفي العبارة بمزية أعلى قال سمعت شيخنا الإمام المعظم قاضي الجماعة أبامهدي الغبريني يقول لايرى ولايسمع مثل سيدي الفقيه في ثلاثة أشياء الصيام والقيام وتلاوة القرءان إلا مايذكر عن رجال رسالة القشيري فلا تراه أبدا إلا صائما ويقرأ عشرين حزبا في ساعة قراءة معتدلة - إلى أن قال - أول ما لقيناه عام ثلاثة وتسعين وله سبع وسبعون سنة وقرأنا عليه جميع صحيح البخاري بقراءة شيخنا قاضي الجماعة أبي مهدي المذكور وحضر هذه الختمة جميع أعلام تونس وعلماؤها وطلبتها صغارا وكبارا وكانت من الغرائب قراءة عالم على عالم وهما عالما وقتهما وذلك في رمضان أول عام من هذا القرن وسبب القراءة ما أصاب أمير المؤمنين حجة الله على السلاطين أبافارس بجبل أوراس فأمر بقراءته لأنه ترياق الشدائد فقرئ كذلك ثم أجازا كل من حضر أبومهدي بقراءته والشيخ الإمام بالقراءة عليه.

وقال تلميذه الإمام الأبي شارح صحيح مسلم: كان شيخنا من حسن الصورة والكمال على ماهو معروف وكان شديد الخوف من أمر الخاتمة يطلب كثيرا الدعاء له بالموت على الإسلام ممن يعتقد فيه خيرا أعطاني يوما شيئا مما يتصرف به الأولاد وقال أعطه للولد الذي عندك وكان ولدا سباعيا - أي ابن سبع سنين - وقل له يدعو لي بالموت على الإسلام رجاء قبول دعاء الصغير فلحقتني منه عبرة وشفقة
ولما قال ابن عرفة:
إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة ** وتقرير إيضاح لمشكل صورة
وعزو غريب النقل أوفتح مقفل ** أواشكال ابدته نتيجة فكرة
فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ** ولا تتركن فالترك أقبح خلة

قال الأبي مجيبا له:
يمينا بمن أولاك أرفع رتبة ** وزان بك الدنيا بأحسن زينة
لمجلسك الأعلى كفيل بكلها ** على حين ماعنها المجالس ولت
فأبقاك من رقاك للخلق رحمة ** وللدين سيفا قاطعا كل بدعة

ثم قال الأبي وإني لبار في قسمي هذا فلقد كنت أقيد من زوائد إلقائه وفوائد إبدائه الخمس التي تقرأ في مجلسه من تفسير وحديث وثلاثة في التهذيب نحو الورقتين كل يوم مما ليس في الكتب قدس الله روحه فقد كان الغاية وشاهد ذلك تآليفه وناهيك مختصره الفقهي الذي ماوضع في الإسلام مثله لضبطه المذهب مسائل وأقوالا مع زوائد مكملة والتنبيه على مواضع مشكلة وتعريف الحقائق الشرعية وقال يوما لولا خوف الحاجة في الكبر مابت وعندي عشرة دنانير ثم حبس ءاخر عمره قبل موته من الربع مايفرق من أكريته ءاخر كل شهر نحو اثنين وعشرين دينارا.

وقال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر: شيخ الإسلام بالمغرب سمع من ابن عبد السلام وابن سلامة وابن برلال واشتغل وتمهر في الفنون وأتقن المعقول حتى صار المرجع في الفنون إليه ببلاد المغرب معظما عند السلطان فمن دونه مع دين متين وصلاح له تصانيف منها المبسوط في المذهب سبعة أسفار - إلى أن قال - ونظم قراءة يعقوب أجاز لي وكتب لي خطه لما حج بعد التسعين وعلق عنه بعض أصحابنا كلاما في التفسير في مجلدين كثير الفوائد كان يلتقطه في حال قراءتهم عليه ويدونه أولا فأولا وكلامه دال على توسع في الفنون وإتقان وتحقيق.

وقال تلميذه أبوالطيب ابن علوان: كان شيخنا ابن عرفة إماما علامة محققا مفتيا مدرسا خطيبا صالحا حاجا فاز من كل فن بأوفر نصيب وحاز في الأصول والفروع السهم والتعصيب رمى لهدف كل مكرمة بسهم مصيب فطلعت في سماء إفاداته ذراري غيثهم وابل ومرعاهم خصيب فمنفعته بعد موته دائمة وبركاته بعد وفاته وتلامذته وأوقافه قائمة جمع بين طرفي العمل والعلم وشغل أوقاته بخير فليس وقت منها بهزل أيامه صيام ولياليه قيام وركوع وسجود جاهد هجوم الليل وءاثر السجود على النوم والهجود.

وصفه تلميذه الشمس بن عمار بقوله : كان ابن عرفه امام وقته في فقه مذهب مالك شرقا وغربا انتهت اليه الرئاسة في قطره " تونس " كان اجمع في الفنون والتحقيق والمسامرة مع خشونة جانبه وشدة عارضته اي شدة بيانه – وهذا تصوير لاخذ نفسه بالجد – ويستمر تلميذه الشمس ابن عمار في وصف شيخه ابن عرفه قائلا : كان ابن عرفه بريئا من المداهنة وحرزا من المخاشنة .

ووصفه القاضي ابن الأزرق قائلا : حال الشيخ ابن عرفة في بلوغه مراتب الغاية العلمية لاينكر , ومقامه في المجاهدة العلمية من أشهر ما يذكر , فقد اخبرني الفقيه القاضي ابو عبدالله الزلديوي نزيل تونس مكاتبة قال : كان ابن عرفه في العلوم كما دلت عليه تأليفه , وفي العبادة في المرتبة العليا قال سمعت شيخنا الامام قاضي الجماعه أبا مهدي العبريني يقول ك لايري ولا يسمع مثل سيدي الفقيه في ثلاثة اشياء الصيام والقيام وتلاوة القرآن فلا تراه ابدا الا صايما ويقرا عشرين حزبا ساعة معتدله قيامه معلوم , يقوم في جامع الزيتونه العشر الاواخر من رمضان في كل علم .
ويضيف الزلديوي : اول مالقيناه عام ثلاثة وتسعين وسبعمائة وله سبع وسبعون سنه وقرأنا عليه جميع صحيح البخاري بقراءة شيخنا قاضي الجماعه أبي مهدي وحضر هذه الختمه جميع اعلام تونس وعلماؤها وطلبتها صغارا وكبارا وكانت من الغرائب قراءة عالم علي عالم .
قال ابن الازرق : وأفادني الفقيه العالم المتفنن ابو الحسن القلصاوي قال : افادني شيخنا الامام العلامة محمد ابن عقاب وغيره من علماء تونس ان الامام ابن عرفه كان اماما في العلوم صنف في كثير منها وغالب كلامه الاختصار واشتغل اخرا بالفقه وكان يعتني بالمدونة غاية الاعتناء ملازما لنظرها قرأ بالسبع علي ابن سلمية وابن برا ودرس اصول الدين علي ابن سلمه وابن عبد السلام " المالكي " ودرس اصول الفقه علي ابن علوان ودرس النحو علي ابن نفيس ودرس الجدل علي ابن الحباب ودرس الفقه علي ابن عبد السلام ودرس سائر المعقولات علي الشيخ الابلي وكان هذا الشيخ يثني علي ابن عرفه كثيرا ويقول : لم ار ممن قرأ علي مثلة هو والشريف التلمساني .

وقال الصلاح الأقفهسي في معجم ابن ظهيرة أنه تفقه وبرع في الأصول والفروع والعربية والمعاني والبيان والفرائض والحساب والقراءات وكان رأساً في العبادة والزهد والورع ملازماً للإشغال بالعلم رحل الناس إليه وأخذوا عنه وانتفعوا به ولم يكن ببلاد المغرب من يجري مجراه في التحقيق ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له ولقد كانت الفتوى تأتيه من مسافة شهر، وله مؤلفات مفيدة، لم يخلق مثله . [24]

وذكره ابن الجزري في طبقات القراء فقال: فقيه تونس وإمامها وعالمها وخطيبها في زماننا، ولد سنة عشر وسبعمائة وتبحر في العلوم وفاق في الأصلين والكلام وتقدم في الفقه والنحو والتفسير قرأ على ابن سلامة بمضمن التيسير والكافي وروى أيضاً عن ابن عبد السلام شارح المختصر ..
وقال أيضا ابن الجزري: ولم تزل الحجاج ترد علينا بأخباره السارة حتى كنت في الديار المصرية سنة اثنتين وتسعين فقدمها حاجاً فاجتمعنا به بالقاهرة وحججنا جميعاً بالحرم الشريف واستجزته تجاه الكعبة فأجازني وأولادي ثم رجعنا إلى الديار المصرية فاجتمعت به كثيراً فأنشدته وأنشدني وتوجه لبلاده في ربيع من التي بعدها ولم أر مغربياً أفضل منه .
وَقَالَ الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة أَنه تفقه وبرع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع والعربية والمعاني وَالْبَيَان والفرائض والحساب والقراآت وَكَانَ رَأْسا فِي الْعِبَادَة والزهد .[25]

وقال الْأُبُلِّيُّ : لَمْ يَقْرَأْ عَلَيَّ مِثْلُهُ وَأَمَّا جِدُّهُ وَاجْتِهَادُهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَالسَّعْيِ فِي ثَوَابِهِ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَصَدَقَتِهِ فَيُقَالُ إنَّهُ بَلَغَ دَرَجَةَ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَنَالَ دَرَجَةَ الصَّالِحِينَ ،وَذِكْرُ الْحِكَايَاتِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفٍ وَتَدْوِينِ تَصْنِيفٍ ،وَأَلَّفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَآلِيفَ عَجِيبَةً وَمُصَنَّفَاتٍ غَرِيبَةً ، مِنْهَا تَأْلِيفُهُ الْفِقْهِيُّ لَمْ يُسْبَقْ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَهْذِيبِهِ وَجَمْعِهِ وَأَبْحَاثِهِ الرَّشِيقَةِ وَحُدُودِهِ الدَّقِيقَةِ ،وَمَا فِيهِ مِنْ مُعْجِزَاتِ أَبْحَاثِهِ الْمُبْتَكَرَةِ وَفَوَائِدِهِ الَّتِي هِيَ فِي كُلِّ أَوْرَاقِهِ مُنْتَشِرَةٌ وَتَأْلِيفُهُ الْمَنْطِقِيُّ فِيهِ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَالْفَوَائِدِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ كِبَارُ الْفُحُولِ عَلَى صِغَرِ جُرْمِهِ وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ وَتَأْلِيفُهُ الْفَرْضِيُّ وَتَأْلِيفُهُ الْأُصُولِيُّ الدِّينِيُّ وَالْفِقْهِيُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ إمْلَاءَاتِهِ فِي الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ . [26]


صفاته وأخلاقه:

في طلبه للعلم:
تفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب ، له التصانيف العزيزة والفضائل العديدة ، انتشر علمه شرقا وغربا ، فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية ، حافظا للمذهب ، ضابطا لقواعده ، إماما في علوم القرءان ، مجيدا في العربية والأصلين والفرائض والحساب وعلم المنطق وغير ذلك ، وله في ذلك تآليف مفيدة..[27]

في خدمته للناس:
وقد أجمع على محبته الخاصة والعامة ، ولم لا وقد كان ذا دين متين وعقل رصين وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب صائم الدهر لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرءان إلا في أوقات الاشتغال منقبضا عن مداخلة السلاطين لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس ،لا يغشى سوقا ولا مجتمعا ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية ، كهفا للواردين عليه من أقطار البلاد ، يبالغ في برّهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم ، وقد خوله الله تعالى في رئاسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده ،له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسارى ،ومناقبه عديدة ،وفضائله كثيرة ،وله تآليف منها تقييده الكبير في المذهب في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره ،أقبل الناس على تحصيله شرقا وغربا .[28]

عزوفه عن المناصب والوظائف :
لم يرض ابن عرفة لنفسه الدخول في الوظائف أو الولايات ، بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة ، وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدر لتجويد القراءات . [29]

اجتهاده في العبادة :
كان صائم الدهر لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال .
ولما زار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، كان يسرد الصوم في سفره وهو باق بالحياة . [30]
وقال أبو مهدي الغبريني: لا يرى ولا يسمع مثل سيدي الفقيه -يعني ابن عرفة- في ثلاثة أشياء الصيام والقيام وتلاوة القرآن إلا ما يذكر عن رجال رسالة القشيري فلا تراه أبدا إلا صائما ويقرأ عشرين حزبا في ساعة معتدلة وقيامه معلوم يقوم في جامع الزيتونة العشر الأواخر من رمضان في كل عام حتى عجز عنه قرب وفاته . [31]

أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:
وهذه المسألة كانت قد حدثت بين ابن عرفة والدكالي وذكرها ابن عاشور في التحرير والتنوير : وهي أنه ورد على تونس في حدود سنة سبعين وسبعمائة رجل زاهد من المغرب اسمه محمد الدكالي فكان لا يصلي مع الجماعة ولا يشهد الجمعة معتلا بأن أئمة تونس يأخذون الأجور على الإمامة وذلك جرحة في فاعله فأنكر عليه الشيخ ابن عرفة وشاع أمره عند العامة . [32]


تصانيفه:
له تآليف منها، تفسير للقرآن الكريم صدر تحت عنوان تفسير ابن عرفة المالكي، تحقيق د. حسن المناعي، نشر مركز البحوث بالكلية الزيتونية، تونس 1986.
وهذا التفسير جمعه تلاميذه ومات قبل أن يكمله... يعد من اعظم التفاسير في الإسلام و أدقها و فيه اشارات و لطائف و دقائق لا تجدها عند غيره .
ألف تآليف عجيبة كمختصره الفقهي الذي لم يسبق به في تهذيبه وجمعه وأبحاثه الرشيقة وحدوده الأنيقة وتأليفه في المنطق فيه من القواعد والفوائد على صغر جرمه مايعجز عنه الفحول وتأليفه في الأصلين وغيرهما من أماليه الحديثية والقرءانية والحكم الشرعية. [33]
من كتبه: (المختصر الكبير -ط) في فقه المالكية، و (المختصر الشامل -خ) في التوحيد، و (مختصر الفرائض -خ) و (المبسوط) في الفقه، سبعة مجلدات، قال فيه السخاوي: شديد الغموض؛ و (الطرق الواضحة في عمل المناصحة -خ) و (الحدود -ط) في التعاريف الفقهية. [34[
وقد صدر حديثًا كتاب (درر المعرفة من تفسير الإمام ابن عرفة) في مجلدين، شارك في جمعها: نزار حمادي . وقام بنشرها : دار الضياء للطباعة والنشر.استخرج فيها المؤلف جملة من الدر المعرفية التي قيدها طلاب ابن عرفة وجمعها، ورتبها على أبرز العلوم العقلية والنقلية كالكلام والأصول والفقه والمعاني والبيان والبديع والجدل والمنطق وغيرها، ثم استخرج ما كان يلقى على الإمام ابن عرفة أو يلقيه من أسئلة ويردفها بأجوبتها، وأغلبها يدور حول بيان أسرار التقديم والتأخير في القرآن، والتعبير بالمجاز دون الحقيقة، وإظهار نكت ولطائف متعلقة باستعمال بعض العبارات دون مرادفاتها، ووجه استعمال اللفظ العام دون الخاص والعكس، إلى غير ذلك مما يستفاد منه دلائل إعجاز القرآن العظيم، وتندفع به الإشكالات الواقعة أو المتوقَّعة في الأذهان.


نبذة عن تفسيره:
تفسير تحليلي رائع لم يتمه ، وقد طبع منه سورة الفاتحة والبقرة ، وقد اهتم رحمه الله في تفسيره بالتالي :

1- اهتمامه بمشكل التفسير وتوجيه المتشابه .

2- تصيد دقائق التفسير ولطائفه المنضبطة بضوابط اللغة وقواعد الشرع، مما تحتمله آيات الكتاب .

3- تعقب أقوال الأئمة في التفسير، من ضريب ابن عطية والزمخشري والفخر وأبي حيان، عاضدا أو منتقدا أو مستدركا، غير هياب ولا متردد.

4- استفادته القصوى من جميع حقول المعرفة الإسلامية في تفسير كتاب الله. [35]
5- ربطه التفسير بالأحكام الفقهية : كان ابن عرفة يميل في تفسيره إلى الجانب العلمي المرتبط بالعمل ، ولذلك جاءه تفسيره مليئا بالحكام الفقهية ، فهو يقول مثلا في تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) أن غلق باب المسجد في غير أوقات الصلاة حفظ وصيانة له . [36] وهذا من فقهه رحمه الله .

نماذج رائعة ومسائل بديعة منقولة من تفسيره تؤكد ما ورد ذكره من مميزات:

1- قال ابن عرفة عند قوله تعالى )تولج الليل في النهار( في سورة آل عمران: "كان بعضهم يقول إن القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام وألفاظ يفهمها الخواص وعلى ما يفهمه الفريقان ومنه هذه الآية فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص والفصول التي يدركها سائر العوام" [37]
2- قال الشيخ محمد بن عرفة في قوله تعالى (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا): عظم الآيات بشيئين الجمع والإضافة إلى ضمير الجلالة وحقر العوض بتحقيرين التنكير والوصف بالقلة .[38]
3- في قوله تعالى :(وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) قال ابن عرفة "جمع الطائفين والعاكفين جمع سلامة لأنه أقرب إلى لفظ الفعل بمنزلة يطوفون أي يجددون الطواف للإشعار بعلة تطهير البيت وهو قرب هذين من البيت بخلاف الركوع والسجود فإنه لا يلزم أن يكونا في البيت ولا عنده فلذلك لم يجمع جمع سلامة" [39]
4- في قوله تعالى :(قال أسلمت لرب العالمين) قال ابن عرفة إنما قال لرب العالمين دون أن يقول أسلمت لك ليكون قد أتى بالإسلام وبدليله. [40]
5- في قوله تعالى :(فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) قال ابن عرفة: عطف بالفاء إشارة إلى سرعة هدايته المؤمنين بعقب الاختلاف. [41]
6-قال ابن عرفة، في تفسيره تعقيبا على قوله (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) : "فإن قلت هلا قيل فإمساك بإحسان أو تسريح بمعروف قلت عادتهم يجيبون بأن المعروف أخف من الإحسان إذ المعروف حسن العشرة وإعطاء حقوق الزوجية، والإحسان ألا يظلمها من حقها فيقتضي إعطاء وبذل المال أشق على النفوس من حسن المعاشرة فجعل المعروف مع الإمساك المقتضي دوام العصمة، إذ لا يضر تكرره وجعل الإحسان الشاق مع التسريح الذي لا يتكرر". [42]
7-في قوله تعالى :(قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) قال ابن عرفة "وكنت بحثت مع ابن عبد السلام وقلت له: هذه تدلّ على الترجيح بالكثرة في الشهادة لأنّهم اختلفوا إذا شهد عدلان بأمر وشهد عشرة عدول بضدّه، فالمشهور أن لا فرق بين العشرة والعدلين، وهما متكاملان" [43]
8-في قوله تعالى : (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) وإنما وصفت الأصنام بأنها لهم ولم يقتصر على قوله )أصنام( قال ابن عرفة التونسي "عادتهم يجيبون بأنه زيادة تشنيع بهم وتنبيه على جهلهم وغوايتهم في أنهم يعبدون ما هو ملك لهم فيجعلون مملوكهم إلههم". [44]
9-ومن غرر المسائل أن الشيخ ابن عرفة لما كان عرض عليه في درس التفسير عند قوله تعالى )إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل( فسأله بعض الحاضرين: هل يستقيم أن نأخذ من هذه الآية ما يؤيد فعل الأمراء أصلحهم الله من الإتيان بالمحاربين ونحوهم مغلولين من أعناقهم مع قول مالك رحمه الله بجواز القياس في العقوبات على فعل الله تعالى )في حدث الفاحشة( فأجابه الشيخ بأن لا دلالة فيها لأن مالكا إنما أجاز القياس على فعل الله في الدنيا، وهذا من تصرفات الله في الآخر فلا بُدَّ لجوازه من دليل. [45]
10-قال الله تعالى "على ما فرطت في جنب الله" الزمر 58 قال ابن عرفة: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَيْ تَرَكْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. [46]
11-قال ابن عرفة: "هدنا إليك" أي سكنا إلى أمرك. [47]
12-قوله تعالى :(ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) الحين القطعة من الدهر كالساعة فما فوقها [48]
13- قوله تعالى :(لا شية فيها) قال ابن عرفة: الشية اللون. [49]
14-قوله تعالى :(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) قال ابن عرفة: الرفث هاهنا الجماع. [50]
15- قوله تعالى :(ويسألونك عن المحيض) قال ابن عرفة: المحيض والحيض اجتماع الدم إلى ذلك الموضع؛ وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه، يقال: حاضت المرأة وتحيضت، ودرست وعركت، وطمثت، تحيض حيضا ومَحَاضا ومحيضا إذا سال الدم منها في أوقات معلومة. فإذا سال في غير أيام معلومة، ومن غير عِرْق المحيض قلت: استحيضت، فهي مستحاضة. [51]
16-قوله تعالى :"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني". قال ابن عرفة: المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد له. [52]
17-قوله تعالى :(وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) قال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه وفيه باطن مكروه أو مجهول. والشيطان غرور؛ لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء. [53]
19- قوله تعالى :(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) قال ابن عرفة: السارق عند العرب هو من جاء مستترا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس، فإن تمنع بما في يده فهو غاصب. [54]
20- قوله تعالى :(يلتقطه بعض السيارة) قال ابن عرفة: الالتقاط وجود الشيء على غير طلب, ومنه قوله تعالى: "يلتقطه بعض السيارة" أي يجده من غير أن يحتسبه.[55]
21-قوله تعالى :(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا)قال ابن عرفة: يقول القائل كيف قال "من ورائه" وهي أمامه? فزعم أبو عبيد وأبو علي قُطرُب أن هذا من الأضداد, وأن وراء في معنى قدام, وهذا غير محصل؛ لأن أمام ضد وراء, وإنما يصلح هذا في الأوقات, كقولك للرجل إذا وعد وعدا في رجب لرمضان ثم قال: ومن ورائك شعبان لجاز وإن كان أمامه, لأنه يخلفه إلى وقت وعده؛ وأشار إلى هذا القول أيضا القشيري وقال: إنما يقال هذا في الأوقات, ولا يقال للرجل أمامك إنه وراءك؛ قال الفراء: وجوزه غيره؛ والقوم ما كانوا عالمين بخبر الملك, فأخبر الله تعالى الخضر حتى عيب السفينة؛ وذكره الزجاج. [56]
22-قال ابن عرفة في قوله "ولكل أمة جعلنا منسكا": أي مذهبا من طاعة الله تعالى؛ يقال: نسك نسك قومه إذا سلك مذهبهم. [57]
23- قوله تعالى :(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)قال ابن عرفة: الهبوة والهباء التراب الدقيق. [58]

درر مقتبسة من أقواله:
نقلا عن المقري في أزهار الرياض: "أو علم ينتفع به بعده": كان شيخنا أبو عبد الله ابن عرفة يقول: إنّما تدخل التواليف في ذلك ذا اشتملت على فائدة زائدة، وإلاّ فذلك تخسير للكاغد. ونعني بالفائدة الزائدة على ما في الكتب السابقة عليه، وأما إذا لم يشتمل التأليف إلاّ على نقل ما في الكتب المتقدمة، فهو الذي قال فيه: أنّه تخسير للكاغد، وهكذا كان يقول في مجالس التدريس، وأنّه إذا لم يكون في مجلس التدريس التقاط زائدة من الشيخ، فلا فائدة في حضور مجلسه، بل الأولى لمن حصلت له معرفة بالإصلاح، والقدرة على فهم ما في الكتب، أنَّ ينقطع لنفسه، ويلازم النظر؛ انتهى. [59]


وفاته:
توفي ليلة الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة بتونس [60]،وقيل:مَاتَ فِي رَابِع عشرة جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث بتونس.[61] ودفن بالبقيع. [62]
ومن نظمه قرب وفاته:
بلغت الثمانين بل جزتها ... فهان على النفسِ صعبُ الحِمام
وآحادُ عصري مضوْا جملة ... وصاروا خيالا كطيف المنام
وأرجوا به نيل صدر الحديث ... بحب اللقاء وكره المقام
وكانت حياتي بلطف جميل ... لسبق دعاء أبي في المقام
... وأنشد بعضُ الحذاق من الطلبة تخميسَا بقوله:
علمت العلوم وعلمتها ... ونلت الرياسة بل حزتها
وهاك سنِينِيَ عدَّدْتُها ... بلغت الثمانين بل جزتها
فهان على النفس صعب الحمام . [63]
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .

الخاتمة:
الحمدلله الحمدلله الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات ، عشت أيام مع هذا المفسر الصالح ، وشرفني الله بالبحث في سيرته والإطلاع عليها والاستفادة من هديه ومن ثم نشرها ، أسأله جل وعلا أن لا يضيع عملنا وأن يجمعنا بابن عرفة وأئمة الهدى في جنات النعيم كما جمعنا بطيب سيرته في الدنيا إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على إمام المفسرين وسيد المهتدين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الهوامش:

[1]غاية النهاية في طبقات القراء (2/243)
[2]شرح حدود ابن عرفة 1/4
[3]نيل الابتهاج (463-464)
[4] غاية النهاية في طبقات القراء (2/243)
[5] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/331)
[6] النهاية في طبقات القراء (2/243)
[7] نيل الابتهاج (464)
[8] نيل الابتهاج بتطريز الديباج ص: 129
[9] الضوء اللامع (7/3)
[10] شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج9 (325-326)
[11] البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (2/169)
[12] البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (2/314)
[13] مسامرات الظريف بحسن التعريف (ص211)
[14] نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (5/420-428)
[15] الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية (1/212)
[16] (مقدمة كتاب نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد)
[17] نيل الابتهاج ص: 471
[18] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/332)
[19] الأعلام للزركلي (7/43)
[20] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/333)
[21] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (3/38)
[22] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب)2/331(
[23]نيل الابتهاج بتطريز الديباج ، ص:463
[24] نيل الابتهاج ص: 464-468
[25] الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (9/241)
[26] شرح حدود ابن عرفة1/5
[27] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/332)
[28] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/333)
[29] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/332)
[30] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/332-333)
[31] نيل الابتهاج 467
[32] التحرير والتنوير (1/468)
[33] نيل الابتهاج (464)
[34] [الأعلام للزركلي 7/43[
[35] [39][نقلا عن موقع مكتبة مشكاة الإسلامية
http://www.almeshkat.net/books/open....2#.VWyyfM5BKv8 ]
[36] التحرير والتنوير (1/680)
[37] التحرير والتنوير (1/127)
[38] التحرير والتنوير (1/465)
[39] التحرير والتنوير (1/712)
[40] التحرير والتنوير (1/727)
[41] التحرير والتنوير (2/311)
[42] التحرير والتنوير (2/407)
[43] التحرير والتنوير (7/64)
[44] التحرير والتنوير (9/80)
[45] التحرير والتنوير (24/202-203)
[46] )تفسير القرطبي : 15/271)
[47] )تفسير القرطبي (1/433
[48] (تفسير القرطبي : 1/322)
[49] تفسير القرطبي (1/454)
[50] تفسير القرطبي (2/315)
[51] تفسير القرطبي (3/82)
[52] تفسير القرطبي (4/60)
[53] تفسير القرطبي (5/395)
[54] تفسير القرطبي (6/167)
[55] تفسير القرطبي (9/134)
[56] تفسير القرطبي (11/35)
[57] تفسير القرطبي (12/58)
[58] تفسير القرطبي (13/22)
[59] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (3/33)
[60] غاية النهاية في طبقات القراء (2/243)
[61] الضوء اللامع (9/241)
[62] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (2/333)
[63] نيل الابتهاج ص: 469-470


المراجع:

1-الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ، ابن فرحون المالكي (ت:799 هـ) ، تحقيق: الدكتور محمد الأحمدي أبو النور ، مكتبة دار التراث ،القاهرة، الطبعة الثانية 2005م
2- نيل الابتهاج بتطريز الديباج ، أحمد بابا التنبكتي ، منشورات كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، الطبعة الأولى 1989م
3- موقع مكتبة مشكاة الإسلامية
http://www.almeshkat.net/books/open....2#.VWyyfM5BKv8 ]
4- غاية النهاية في طبقات القراء ، شمس الدين ابن الجزري (ت:833) ، مكتبة ابن تيمية ،1351 هـ
5- شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، عبدالحي بن أحمد الحنبلي ، تحقيق عبدالقادر الأناؤوط - محمود الأرناؤوط ، دار ابن كثير ، الطبعة الأولى 1986م
6- الأعلام ، خير الدين الزركلي (ت:1396هـ) ، دار العلم للملايين ، الطبعة الخامسة عشر 2002م
7- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ، محمد بن عبدالرحمن السخاوي ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروات .
8- الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية (شرح حدود ابن عرفة) ، محمد الأنصاري الرصاع (ت:894هـ) ، المكتبة العلمية، الطبعة الأولى، 1350هـ
9- أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض (ت:1041هـ) ، شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني ، تحقيق : مصطفى السقا-إبراهيم الإبياري-عبدالعظيم شلبي ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1939م
10- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، محمد بن علي الشوكاني اليمني (ت:1250هـ) ، دار المعرفة ، بيروت
11- الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية و يليه العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم، طاشكبري زاده ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى 1975م
12-التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» ، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)، الدار التونسية للنشر - تونس 1984 هـ
13-الجامع لأحكام القرآن ، أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي ،تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ، دار الكتب ، القاهرة ، الطبعة الثانية 1964 م
14-نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب ، شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني (المتوفى: 1041هـ) ، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر- بيروت.
15-مسامرات الظريف بحسن التعريف، أبو عبد الله محمد بن عثمان السنوسي ، تحقيق: محمد الشاذلي النيفر ، الطبعة: الأولى - 1994م، دار الغرب الإسلامي.
16-نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد ، أبو العباس البسيلي التونسي (المتوفي 830 هـ) مما اختصره من تقييده الكبير عن شيخه الإمام ابن عرفة (ت 803 هـ) وزاد عليه وبذيله (تكملة النكت لابن غازي العثماني المكناسي) المتوفي (919 هـ) ، تقديم وتحقيق: الأستاذ / محمد الطبراني، منشورات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - المملكة المغربية، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء ، الطبعة الأولى، 1429 هـ - 2008 م

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 شعبان 1436هـ/13-06-2015م, 11:51 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة وأحسن إليكِ.
تم تصحيح بحثكِ في صفحتكِ الخاصة بالاختبارات :
http://afaqattaiseer.net/vb/showthre...468#post208468
وفقني الله وإياكِ لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تجب, عن


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir