دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات شراح الأحاديث > مقدمة التمهيد لابن عبد البر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ربيع الثاني 1433هـ/23-02-2012م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب ذكر عيونٍ من أخبار مالك رحمه الله وذكر فضل موطاه


قَالَ أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِبْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ (ت: 463هـ) : (
قال أبو عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البرّ النّمريّ في كتابه الاستيعاب
(باب ذكر عيونٍ من أخبار مالك رحمه الله وذكر فضل موطاه)
حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن قالا حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي دليمٍ قال حدّثنا محمّد بن وضّاحٍ قال حدّثنا الحارث بن مسكينٍ قال سمعت عبد اللّه بن وهبٍ يقول لولا أنّي أدركت مالكًا واللّيث لضللت
[التمهيد: 1/61]
قال ابن وضّاحٍ وسمعت أبا جعفرٍ الأيليّ يقول سمعت ابن وهبٍ ما لا أحصي يقول لولا أنّ اللّه أنقذني بمالكٍ واللّيث لضللت حدثا أحمد بن عبد اللّه قال حدّثنا عبد الرحمن بن عبد اللّه قال حدّثنا أحمد بن الحسين قال حدّثنا عليٌّ قال حدّثنا هارون قال سمعت الشّافعيّ يقول وذكر الأحكام والسّنن فقال العلم يعني الحديث يدور على ثلاثةٍ مالك بن أنسٍ وسفيان بن عيينة واللّيث بن سعد وقال عبد الرحمن بن مهديٍّ أئمّة النّاس في زمانهم أربعةٌ سفيان الثّوريّ بالكوفة ومالكٌ بالحجاز والأوزاعيّ بالشّام وحمّاد بن زيدٍ بالبصرة حدّثنا أحمد بن محمّد بن أحمد قال حدّثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن وحدّثنا خلف بن القاسم بن سهلٍ قال حدّثنا الحسن بن رشيقٍ أنّهما جميعًا سمعا أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيبٍ النّسائيّ يقول أمناء اللّه عزّ وجلّ على علم رسوله صلّى اللّه عليه وسلم
[التمهيد: 1/62]
شعبة بن الحجّاج ومالك بن أنسٍ ويحيى بن سعيد القطان قال والثوري إمامٌ إلّا أنّه كان يروي عن الضّعفاء قال وكذلك ابن المبارك من أجلّ أهل زمانه إلّا أنّه يروي عن الضّعفاء قال وما أحدٌ عندي بعد التّابعين أنبل من مالك بن أنسٍ ولا أجلّ ولا آمن على الحديث منه ثمّ شعبة في الحديث ثمّ يحيى بن سعيدٍ القطّان وليس بعد التّابعين آمن من هؤلاء الثّلاثة ولا أقلّ روايةً عن الضّعفاء وقال يحيى القطّان سفيان وشعبة ليس لهما ثالثٌ إلّا مالكٌ حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن يوسف قال حدّثنا يحيى بن مالكٍ قال حدّثنا محمّد بن سليمان بن أبي الشّريف قال حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل الغافقيّ قال حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم والرّبيع بن سليمان قالا سمعنا الشّافعيّ يقول لولا مالك وسفيان يعني ابن عيينة ذهب عام الحجاز قالا وسمعنا الشّافعيّ يقول كان مالكٌ إذا شكّ في الحديث طرحه كلّه حدّثنا عبد اللّه حدّثنا يحيى حدّثنا ابن أبي الشريف حدثنا إبراهيم ابن إسماعيل حدّثنا محمّد بن عبد الحكم قال سمعت الشّافعيّ يقول إذا جاء الأثر فمالكٌ النجم
[التمهيد: 1/63]
حدّثني خلف بن قاسمٍ قال حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن المفسّر قال حدّثنا أحمد بن عليّ بن سعيدٍ القاضي قال حدّثنا عبيد اللّه بن عمر القواريريّ قال كنّا عند حمّاد بن زيدٍ فجاءه نعي مالك بن أنسٍ فسالت دموعه ثمّ قال يرحم اللّه أبا عبد اللّه لقد كان من الدّين بمكانٍ ثمّ قال حمّادٌ سمعت أيّوب يقول لقد كانت له حلقةٌ في حياة نافعٍ حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن محمّد بن عليٍّ قال حدّثنا أبي قال أخبرنا مسلم بن عبد العزيز قال حدّثنا الرّبيع بن سليمان قال سمعت الشّافعيّ يقول إذا جاء الحديث عن مالكٍ فشدّ به يديك قال وسمعت الشّافعيّ يقول إذا جاء الأثر فما لك النّجم حدّثنا خلف بن القاسم نا عبد اللّه بن جعفر بن الورد حدّثنا عبد الله أبن أحمد بن عبد السّلام الخفّاف قال حدّثنا محمّد بن إسماعيل البخاريّ قال سمعت عليّ بن المدينيّ يقول مالكٌ إمامٌ قال عليٌّ وسمعت سفيان بن عيينة بقول مالكٌ إمامٌ حدّثنا عبد الوارث بن سفيان حدّثنا قاسم بن أصبغ حدّثنا أحمد بن زهيرٍ حدّثنا عليّ بن المدينيّ قال حدّثنا أيوب بن المتوكل عن عبد الرحمن بن مهديٍّ قال لا يكون إمامًا في العلم من أخذ بالشّاذّ من العلم ولا يكون إماما في العلم من يروى (هـ) عن كلّ أحدٍ ولا يكون إمامًا في العلم من روى كلّ ما سمع قال والحفظ الإتقان
[التمهيد: 1/64]
قال أبو عمر معلومٌ أنّ مالكًا كان من أشدّ النّاس تركًا لشذوذ العلم وأشدّهم انتقادًا للرّجال وأقلّهم تكلّفًا وأتقنهم حفظًا فلذلك صار إمامًا حدّثنا خلف بن أحمد حدّثنا أحمد بن سعيدٍ حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن أيمن حدّثنا علّان حدّثنا صالح بن أحمد بن حنبل حدثنا علي ابن المديني قال سمعت يحي بن سعيد القطان يقول كان مالكٌ إمامًا في الحديث قال عليٌّ وسمعت ابن عيينة يقول ما كان أشدّ انتقاد مالكٍ للرّجال وأعلمه بهم قال صالحٌ وحدثنا علي ابن المدينيّ قال سمعت عبد الرّحمن بن مهديٍّ يقول أخبرني وهيب بن خالدٍ وكان من أبصر الناس بالحديث وبالرجال أنه قدم المدنية قال فلم أر أحدًا إلّا يعرف وينكر إلّا مالكًا ويحيى بن سعيدٍ وكان عبد الرحمن بن مهديٍّ يقول ما أقدّم على مالكٍ في صحّة الحديث أحدًا حدّثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدّثنا قاسم بن أصبغ قال حدّثنا أبو يحيى عبد الله ابن أبي مسرّة بمكّة قال حدّثني مطرّف بن عبد اللّه عن مالك بن أنسٍ قال لقد تركت جماع من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئا وأنهم لممن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافًا فمنهم من كان كذّابًا في غير علمه تركته لكذبه ومنهم من كان جاهلًا بما عنده فلم يكن عندي موضعًا للأخذ عنه لجهله ومنهم من كان يدين برأي سوءٍ
[التمهيد: 1/65]
حدّثنا أبو القاسم خلف بن القاسم قراءةً منّي عليه أنّ أبا الطاهر محمد ابن أحمد بن عبد اللّه بن يحيى القاضي بمصر حدثهم قال حدثنا جعفر بن محمد ابن الحسين الفريابيّ قال حدّثني إبراهيم بن المنذر الحزاميّ
قال حدّثنا معن بن عيسى ومحمّد بن صدقة أحدهما أو كلاهما قالا كان مالك بن أنسٍ يقول لا يؤخذ العلم من أربعةٍ ويؤخذ من سوى ذلك لا يؤخذ من سفيهٍ ولا يؤخذ من صاحب هوًى يدعو النّاس إلى هواه ولا من كذّابٍ يكذب في أحاديث النّاس وإن كان لا يتّهم على أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولا من شيخٍ له فضلٌ وصلاحٌ وعبادةٌ إذا كان لا يعرف ما يحدّث قال إبراهيم بن المنذر فذكرت هذا الحديث لمطرّف بن عبد اللّه فقال أشهد على مالكٍ لسمعته يقول أدركت بهذا البلد مشيخةً أهل فضلٍ وصلاحٍ يحدّثون ما سمعت من أحدٍ منهم شيئًا قطّ قيل له (هـ) لم يا أبا عبد اللّه قال كانوا لا يعرفون ما يحدّثون
[التمهيد: 1/66]
وحدّثنا خلفٌ حدّثنا أحمد بن سعيدٍ حدّثنا أبو جعفرٍ العقيليّ حدّثنا محمّد بن إسماعيل الصّائغ حدّثنا إبراهيم بن المنذر أخبرنا معن بن عيسى قال كان مالك بن أنسٍ يقول لا يؤخذ العلم من أربعةٍ فذكره إلى آخره سواءً لم يذكر فيه محمّد بن صدقة حدّثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدّثنا قاسم بن أصبغ قال حدّثنا محمّد بن إسماعيل التّرمذيّ قال سمعت ابن أبي أويسٍ يقول سمعت خالي مالك بن أنس يقول إن هذا العلم دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينكم لقد أدركت سبعين ممّن يحدّث قال فلانٌ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فما أخذت عنهم شيئا وان أحدهم لو اؤتمن على بيت المال (هـ) لكان أمينًا لأنّهم لم يكونوا من أهل هذا الشّأن وقدم علينا ابن شهابٍ فكنّا نزدحم على بابه وحدّثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى قالا حدّثنا أحمد بن سعيدٍ قال حدّثنا محمّد بن أحمد قال حدّثنا ابن وضّاحٍ قال حدّثنا ابن أبي مريم قال سمعت أشهب يقول سمعت مالكًا يقول أدركت بالمدينة مشايخ أبناء مائةٍ وأكثر فبعضهم قد حدّثت بأحاديثه وبعضهم لم أحدّث بأحاديثه كلّها وبعضهم لم أحدّث من أحاديثه شيئًا ولم أترك الحديث عنهم لأنّهم لم يكونوا ثقات فيما حملوا إلّا أنّهم حملوا شيئًا لم يعقلوه
[التمهيد: 1/67]
وحدّثنا خلف بن أحمد حدّثنا أحمد بن سعيدٍ حدّثنا سعيد بن عثمان حدّثنا محمّد بن عبد الواحد الخولانيّ حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الرّحيم البرقيّ حدّثنا عمر بن أبي سلمة الدّمشقيّ عن ابن كنانة عن مالكٍ قال ربّما جلس إلينا الشّيخ فيتحدّث كلّ نهاره ما نأخذ عنه حديثا واحدا وما بنا أنا نتهمه ولكنه ليس من أهل الحديث حدّثنا أبو عثمان سعيد بن نصرٍ وأبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قالا حدّثنا قاسم بن أصبغ قال حدّثنا أبو قلابة محمّد بن عبد الملك الرّقاشيّ قال حدّثنا بشر بن عمر قال سألت مالك بن أنسٍ عن رجلٍ فقال هل رأيته في كتبي قلت لا قال لو كان ثقةً لرأيته في كتبي وممّا يؤيّد قول مالكٍ رحمه اللّه أنّه لا يؤخذ عن الكذّاب في أحاديث النّاس وإن لم يكن يكذب في حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما رواه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن موسى الجنديّ قال ردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شهادة رجل في كذبةٍ كذبها قال معمرٌ لا أدري أكذب على اللّه أو على رسوله أو كذب على أحدٍ من النّاس
[التمهيد: 1/68]
حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد اللّه بن خالدٍ الهمدانيّ قال حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن جعفر بن احمد بن مالكٍ حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدّثنا عبد الرّزّاق فذكره حدّثنا خلف بن أحمد قال حدّثنا أحمد بن سعيدٍ قال حدّثنا محمّد بن عمرٍو العقيليّ قال حدّثنا أحمد بن زكريّا قال حدّثنا أحمد بن عبد المؤمن قال حدّثنا يحيى بن قعنبٍ قال حدّثنا حمّاد بن زيدٍ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول اللّه إذا اطّلع على أحدٍ من أهل بيته يكذب لم يزل معرضًا عنه حتّى يحدث للّه توبةً حدّثنا خلف بن القاسم حدّثنا سعيد بن عثمان بن السّكن حدّثنا بدر ابن الهيثم القاضي حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي حدثنا علي ابن حكيمٍ حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه الأنصاريّ قال سئل شريكٌ فقيل له يا أبا عبد اللّه رجلٌ سمعته يكذب متعمّدًا أأصلّي خلفه قال لا
[التمهيد: 1/69]
قال أبو عمر قال يحيى بن معينٍ آلة المحدّث الصّدق حدّثنا خلف بن القاسم حدّثنا الحسين بن عبد اللّه القرشيّ حدّثنا عبد الله بن محمد القاضي حدثنا يونس بن عبد الأعلي قال سمعت بشر ابن بكرٍ قال رأيت الأوزاعيّ في المنام مع جماعةٍ من العلماء في الجنّة فقلت وأين مالك بن أنسٍ فقيل رفع فقلت بم ذا قال بصدقه حدّثنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدّثنا إبراهيم بن بكر بن عمران حدّثنا محمّد بن الحسين بن أحمد الأزديّ الحافظ حدّثنا زكريّاء بن يحيى السّاجيّ حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن صالحٍ الأزديّ قال حدّثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدّثنا مطرّفٌ قال سمعت مالك بن أنسٍ يقول قل ما كان رجلٌ صادقًا لا يكذب إلّا متّع بعقله ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم والخرف أخبرنا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن محمّد بن عبد المؤمن قال حدّثنا إسماعيل بن محمّدٍ الصّفار قال حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدّثنا نصر بن عليٍّ قال حدّثنا حسين بن عروة عن مالكٍ قال
[التمهيد: 1/70]
قدم علينا الزّهريّ فأتيناه ومعنا ربيعة فحدّثنا بنيّفٍ وأربعين حديثًا قال ثمّ أتيناه من الغد فقال انظروا كتابًا حتّى أحدّثكم منه أرأيتم ما حدّثتكم أمس أيّ شيءٍ في أيديكم منه قال فقال له ربيعة ها هنا من يردّ عليك ما حدّثت به أمس قال من هو قال ابن أبي عامرٍ قال هات فحدثته بأربعين حدثنا منها فقال الزّهريّ ما كنت أظنّ أنّه بقي أحدٌ يحفظ هذا غيري قال إسماعيل وحدّثني عتيق بن يعقوب قال سمعت مالكًا يقول حدّثني ابن شهابٍ ببضعةٍ وأربعين حديثًا ثمّ قال إيه أعد عليّ فأعدت عليه أربعين وأسقطت البضع حدّثنا أبو عثمان سعيد بن سيّد بن سعيدٍ وعبد اللّه بن محمد ابن يوسف قالا حدّثنا عبد اللّه بن محمّد الباجيّ قال حدّثنا الحسن بن عبد اللّه الزّبيديّ قال حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل الأصبهانيّ في المسجد الحرام قال حدّثنا مصعب بن عبد اللّه الزّبيريّ قال سمعت أبي يقول كنت جالسًا مع مالك بن أنسٍ في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ أتاه رجلٌ فقال ايكم أبو عبد الله مالك فقالا هذا فجاء (هـ) فسلّم عليه واعتنقه وقبّل بين عينيه وضمّه إلى صدره وقال واللّه لقد رأيت البارحة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسًا في هذا الموضع فقال هاتوا مالكًا فأتي بك ترتعد فرائصك فقال ليس بك بأسٌ يا أبا عبد اللّه وكنّاك وقال اجلس فجلست فقال افتح حجرك ففتحت فملأه مسكًا منثورًا وقال ضمّه إليك وبثّه في أمّتي قال فبكى مالك طويلا قال الرؤيا تسر لا تغرّ وإن صدقت رؤياك فهو العلم الّذي أودعني الله
[التمهيد: 1/71]
وقال ابن بكيرٍ عن أبي لهيعة قال قدم علينا أبو الأسود يعني يتيم عروة سنة إحدى وثلاثين ومائةٍ فقلت من للرّأي بعد ربيعة بالحجاز فقال الغلام الأصبحيّ وعن ابن مهديٍّ أنّه سئل من أعلم مالكٌ أو أبو حنيفة فقال مالكٌ أعلم من أستاذ أبي حنيفة يعني حمّاد بن أبي سليمان أخبرني خلف بن قاسمٍ قال حدّثنا ابن سفيان قال حدّثنا إبراهيم بن عثمان قال حدّثنا أبو داود السّجستانيّ قال سمعت أحمد بن حنبلٍ يقول مالك بن أنسٍ أتبع من سفيان حدّثنا خلف بن القاسم حدّثنا أبو الميمون حدّثنا أبو زرعة قال سمعت أحمد بن حنبلٍ يسأل عن سفيان ومالكٍ إذا اختلفا في الرّأي فقال مالكٌ أكبر في قلبي فقلت فمالك الأوزاعي إذ اختلفا فقال مالكٌ أحبّ إليّ وإن كان الأوزاعيّ من الأيّمة فقيل له ومالكٌ إبراهيم النّخعيّ فقال هذا كأنّه سمعه ضعه مع أهل زمانه
[التمهيد: 1/72]
وأخبرنا خلف بن القاسم حدّثنا أبو الميمون حدّثنا أبو زرعة حدّثني الوليد بن عقبة حدّثنا الهيثم بن جميلٍ قال شهدت مالك بن أنسٍ سئل عن ثمانٍ وأربعين مسألةً فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري قال أبو زرعة وحدّثني سليم بن عبد الرحمن حدّثنا ابن وهبٍ عن مالكٍ قال سمعت ابن هرمز يقول ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده لا أدري حتّى يكون أصلًا في أيديهم فإذا سئل أحدهم عمّا لا يعلم قال لا أدري قال أبو زرعة وحدّثنا محمّد بن إبراهيم عن أحمد بن صالحٍ عن يحيى بن حسّان عن وهبٍ يعني ابن جريرٍ قال سمعت شعبة يقول قدمت المدينة بعد موت نافعٍ بسنةٍ ولمالكٍ يومئذٍ حلقةٌ حدّثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدّثنا قاسم بن أصبغ قال حدّثنا أحمد بن زهيرٍ قال سمعت يحيى بن معينٍ يقول مالك بن أنسٍ أثبت في نافعٍ من عبيد اللّه بن عمر وأيّوب وقال ابن أبي مريم قلت لابن معينٍ اللّيث أرفع عندك أم مالكٌ قال مالكٌ قلت أليس مالكٌ أعلى أصحاب الزّهريّ قال نعم قال فعبيد اللّه أثبت في نافعٍ أو مالكٍ قال مالكٌ أثبت النّاس
[التمهيد: 1/73]
وقال يحيى بن معينٍ كان مالكٌ من حجج اللّه على خلقه حدّثنا أبو محمّدٍ قاسم بن محمّدٍ قال حدّثنا خلف بن سعدٍ قال حدّثنا أبو عمرٍو عثمان بن عبد الرحمن قال حدّثنا إبراهيم بن نصرٍ الحافظ قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول سمعت الشّافعيّ يقول إذا ذكر العلماء فمالكٌ النّجم وما أحدٌ أمنّ عليّ في علمٍ من مالك بن أنسٍ وروى طاهر بن خالد بن نزارٍ عن أبيه عن سفيان بن عيينة أنّه ذكر مالك بن أنسٍ فقال كان لا يبلّغ من الحديث إلّا صحيحًا ولا يحدث إلا عن ثقات الناس ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موتٍ مالك بن أنسٍ وحدّثنا قاسم بن محمّدٍ قال حدّثنا خالد بن سعدٍ قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال حدّثنا إبراهيم بن نصرٍ قال سمعت محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم يقول سمعت الشّافعيّ يقول قال لي محمّد بن الحسن صاحبنا أعلم من صاحبك وما كان على صاحبك أن يتكلم ما كان
[التمهيد: 1/74]
لصاحبنا أن يسكت قال فغضبت وقلت نشدتك اللّه من كان أعلم بسنّة رسول اللّه مالك أو أبو حنيفة قال مالك لا كن صاحبنا أقيس فقلت نعم ومالكٌ أعلم بكتاب اللّه وناسخه ومنسوخه وسنّة رسول اللّه من أبي حنيفة فمن كان أعلم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أولى بالكلام قال أبو عمر الأخبار في إمامة مالك وحفظه وإتقانه وورعه وتثبّته أكثر من أن تحصى وقد ألف الناس في فضائله كتبا كثيرة إنما ذكرت ها هنا فقرًا من أخباره دالّةً على ما سواها
[التمهيد: 1/75]
حدّثنا أحمد بن عبد اللّه قال حدّثنا عبد الرحمن بن محمّدٍ قال حدّثنا أحمد بن الحسن قال حدّثنا عليّ بن حيّون قال حدّثنا هارون بن سعيدٍ الأيليّ قال سمعت الشّافعيّ قال ما كتابٌ أكثر صوابًا بعد كتاب اللّه من كتاب مالكٍ يعني الموطّأ
[التمهيد: 1/76]
حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن يوسف قال حدّثنا يحيى بن مالكٍ قال حدّثنا محمد بن سليمان ابن أبي الشّريف قال حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل قال حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي ما في الأرض بعد كتاب اللّه أكثر صوابًا من موطّأ مالك بن أنسٍ وأنبأنا عليّ بن إبراهيم قال حدّثنا الحسن بن رشيقٍ قال حدّثنا أحمد بن عليّ بن الحسن المدنيّ قال حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالحٍ قال سمعت هارون بن سعيدٍ الأيليّ يقول سمعت الشافعي يقول ما كتاب بعد كتاب اللّه عزّ وجلّ أنفع من موطّأ مالك بن أنسٍ وحدّثنا عليّ بن إبراهيم أبو الحسن يعرف بابن حمّويه قال حدّثنا الحسن بن رشيقٍ قال حدّثنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن بن سليمان التّنّيسيّ أبو محمّدٍ قال أنبأنا أحمد بن عيسى بن زيدٍ اللّخميّ قال: قال لنا عمر بن أبي سلمة ما قرأت كتاب الجامع من موطأ مالك بن أنس ألا أنا أتاني آتٍ في المنام فقال لي هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (هـ) حقًّا أنبأنا عبد اللّه بن محمّد بن يحيى قال حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرٍو القاضي المالكيّ قال أنبأنا إبراهيم بن حمّادٍ
[التمهيد: 1/77]
قال حدّثنا أبو طاهرٍ قال حدّثنا صفوان عن عمر بن عبد الواحدٍ صاحب الأوزاعيّ قال عرضنا على مالك الموطا في أربعين يومًا فقال كتابٌ ألّفته في أربعين سنةً أخذتموه في أربعين يومًا قلّما تفقهون فيه حدّثنا عبد اللّه حدّثنا القاضي حدّثنا عبد الواحد بن العبّاس الهاشميّ حدّثنا عبّاس بن عبد اللّه التّرقفيّ قال: قال عبد الرحمن بن مهديٍّ ما كتابٌ بعد كتاب اللّه أنفع للنّاس من الموطّأ أو كلامٌ هذا معناه حدّثنا عبد اللّه حدّثنا القاضي حدّثنا القاسم بن عليٍّ حدّثنا إبراهيم بن الحسن السرافي (هـ) حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالحٍ قال سمعت أبي يقول قال ابن وهبٍ من كتب موطّأ مالكٍ فلا عليه أن لا يكتب من الحلال والحرام شيئًا وحدّثنا عبد اللّه حدّثنا القاضي حدّثنا القاسم بن عليٍّ حدّثنا إبراهيم بن الحسن قال سمعت يحيى بن عثمان يقول سمعت سعيد بن أبي مريم يقول وهو يقرأ عليه موطّأ مالكٍ وكان ابنا أخيه قد رحلا إلى العراق في طلب العلم فقال سعيدٌ لو أنّ ابني أخي مكثا بالعراق عمرهما يكتبان ليلًا ونهارًا ما أتيا بعلمٍ يشبه موطّأ مالكٍ وقال ما أتيا بسنّةٍ يجتمع عليها خلاف موطّأ مالك بن أنسٍ وحدّثنا عبد اللّه حدّثنا القاضي قال حدّثني عليّ بن الحسين القطّان قال حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ القروي (يي) قال سمعت يونس بن عبد الأعلى
[التمهيد: 1/78]
يقول سمعت الشّافعيّ يقول ما رأيت كتابًا ألّف في العلم أكثر صوابًا من موطّأ مالك حدثا أبو القاسم خلف بن قاسمٍ قال حدّثنا أبو الميمون عبد الرّحمن بن عمر بن راشدٍ البجليّ بدمشق قال حدّثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرٍو الدّمشقيّ قال حدّثنا أبو مسهرٍ عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال إذا كان فقه الرّجل حجازيًّا وأدبه عراقيًّا فقد كمل أنبأنا عبد اللّه بن محمّد بن عبد المؤمن قال أنبأنا إسماعيل بن محمّدٍ الصّفّار ببغداد قال حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ قال حدّثنا الأصمعيّ عن سفيان بن عيينة قال من أراد الإسناد والحديث المعروف الّذي تسكن إليه القلوب فعليه بحديث أهل المدينة أنبأنا أحمد بن عبد اللّه قال أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ الغافقيّ الجوهريّ قال أخبرني محمّد بن أحمد المدنيّ قال حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال محمّد بن إدريس الشّافعيّ إذا وجدت متقدّم أهل المدينة على شيءٍ فلا يدخل عليك شكٌّ أنّه الحقّ وكلّ ما جاءك من غير ذلك فلا تلتفت إليه فإنّك تقع في اللّجج وتقع في البحار قال وحدّثنا أبو الطّاهر القاضي محمّد بن أحمد الذّهليّ قال حدّثنا جعفرٌ قال حدّثنا أبو قدامة قال: قال عبد الرّحمن بن مهدي السنة المتقدمة من سنة أهل المدينة خيرٌ من الحديث يعني حديث أهل العراق
[التمهيد: 1/79]
حدّثنا أحمد بن عمر قال حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ قال حدّثنا محمّد بن فطيسٍ قال حدّثنا ملك بن سيفٍ (التّجيبيّ) قال حدّثنا عبد اللّه بن عبد الحكم قال سمعت مالك بن أنسٍ يقول إذا جاوز الحديث الحرّتين ضعف نخاعه وحدّثنا أحمد بن عبد اللّه قال حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ قال حدّثنا أحمد بن الحسين قال حدّثنا العتبيّ قال حدّثنا الرّبيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول إذا جاوز الحديث الحرّتين ضعف نخاعه وروى شعبة عن عمارة بن أبي حفصة عن أبي مجلزٍ عن قيس بن عبّادٍ قال قدمت المدينة أطلب العلم والشّرف وذكر الحديث وأنبأنا عبد الرّحمن بن يحيى قال حدّثنا عليّ بن محمّد بن مسرورٍ قال حدّثنا أحمد بن أبي سليمان قال حدّثنا سحنونٌ قال حدّثنا ابن وهبٍ قال سمعت مالكًا يقول كان عمر بن عبد العزيز يكتب إلى
[التمهيد: 1/80]
الأمصار يعلّمهم السّنن والفقه ويكتب إلى المدينة يسألهم عما مضى وان يعلموا بما عندهم ويكتب إلى أبي بكر ابن حزمٍ أن يجمع السّنن ويكتب إليه بها فتوفّي عمر وقد كتب ابن حزمٍ كتبًا قبل أن يبعث بها إليه قال ابن وهبٍ وحدّثني مالكٌ قال كان أبو بكر ابن حزمٍ على قضاء المدينة قال وولي المدينة أميرًا وقال له يومًا قائلٌ ما أدري كيف أصنع بالاختلاف فقال له أبو بكر ابن حزمٍ يا ابن أخي إذا وجدت أهل المدينة مجتمعين على أمرٍ فلا تشكّ فيه أنّه الحقّ قال ابن وهبٍ وقال لي مالكٌ لم يكن بالمدينة قطّ إمامٌ أخبر بحديثين مختلفين حدّثنا أحمد بن عبد اللّه قال حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه قال حدّثنا (هـ) محمد بن أحمد الذهلي قال حدّثنا جعفر بن محمّدٍ قال حدّثنا أبو قدامة عبيد اللّه بن سعدٍ قال سمعت عبد الرّحمن بن مهديٍّ يقول ما أدركت أحدًا إلّا وهو يخاف هذا الحديث إلّا مالك بن أنسٍ وحمّاد بن سلمة فإنّهما كان يجعلانه من أعمال البرّ قال وقال عبد الرّحمن بن مهدي السنة المتقدمة من سنة أهل المدينة خيرٌ من الحديث قال وقال أبو قدامة كان مالك بن أنسٍ من أحفظ أهل زمانه وقال عبد الرّحمن بن مهديٍّ وقد سئل أيّ الحديث أصحّ قال حديث أهل الحجاز قيل له ثمّ من قال حديث أهل البصرة قيل ثمّ من قال حديث أهل الكوفة قالوا فالشّام قال فنفض يده
[التمهيد: 1/81]
وذكر الحسن الحلوانيّ قال حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ قال حدّثني اللّيث عن يحيى بن سعيدٍ قال ما أعلم الورع اليوم إلّا في أهل المدينة وأهل مصر قال أبو عمر لقد أحسن القائل:
أقول لمن يروي الحديث ويكتب = ويسلك سبل العلم فيه ويطلب
إن أحببت أن تدعى لدى الحقّ عالما = فلا تعد ما يحتوي من العلم يثرب
أتترك دارًا كان بين بيوتها = يروح ويغدو جبرئيل المقرّب
ومات رسول الله فيها وبعده = بسنته أصحصابه قد تأدبوا (هـ)
وفرق سبل العلم في تابعيهم = وكل امرئ منهم له فيه مذهب
وخلّصه بالسّبك للنّاس مالكٌ = ومنه صحيحٌ في المقال وأجرب
فأبرّا لتصحيح الرّواية داءه = وتصحيحها فيه دواءٌ مجرّبٌ
ولو لم يلح نور الموطّا لمن سرى = بليل عماه ما درى أين يذهب
أبا طالبًا للعلم إن كنت تطلب = حقيقة علم الدّين محضًا وترغب
فبادر موطّا مالكٍ قبل فوته = فما بعده إن فات للحقّ مطلب
[التمهيد: 1/82]
ودع للموطّا كلّ علمٍ تريده = فإنّ الموطّا الشّمس والعلم كوكب
هو الأصل طاب الفرع منه لطيبه = ولم لا يطيب الفرع والأصل طيّب
هو العلم عند اللّه بعد كتابه = وفيه لسان الصّدق بالحقّ معرب
لقد أعربت آثاره ببيانها = فليس لها في العالمين مكدب
وممّا به أهل الحجاز تفاخروا = بأنّ الموطّا بالعراق محبب
وكل كتاب بالعراق مؤلف = نره بآثار الموطّا يعصب
ومن لم تكن كتب الموطّا ببيته = فذاك من التّوفيق بيتٌ مخيّب
أيعجب منه إذ علا في حياته = تعاليه من بعد المنيّة أعجب
جزى اللّه عنّا في موطّاه مالكًا = بأفضل ما يجزي اللّبيب المهذّب
لقد أحسن التّحصيل في كلّ ما روى = كذا فعل من يخشى الإله ويرهب
لقد رفع الرحمن بالعلم قدره = غلامًا وكهلًا ثمّ إذ هو أشيب
فمن قاسه بالشّمس يبخسه حقّه = كلمع نجوم اللّيل ساعة تغرب
يرى علمهم أهل العراق مصدّعًا = إذا لم يروه بالموطّأ يعصب
وما لا نور لامرئ بعد مالكٍ = فذمّته من ذمّة الشّمس أوجب
لقد فاق أهل العلم حينا وميّتًا = فأضحت به الأمثال في النّاس تضرب
وما فاقهم إلّا بتقوًى وخشيةٍ = وإذ كان يرضى في الإله ويغضب
فلا زال يسقي قبره كل عارض = بمنبعق ظلت غرابيه (هـ) تسكب
ويسقي قبورًا حوله دون سقيه = فيصبح فيها بينها وهو معشب
وما بي بخلٌ أن تسقى كسقيه = ولكنّ حقّ العلم أولى وأوجب
فللّه قبرٌ دمعنا فوق ظهره = وفي بطنه ودق السّحائب تسكب
[التمهيد: 1/83]
وقال غيره:
ألا إنّ فقد العلم في فقد مالكٍ = فلا زال فينا صالح الحال مالكٌ
فلولاه ما قامت حقوقٌ كثيرةٌ = ولولاه لانسدّت علينا المسالك
يقيم سبيل الحقّ والحقّ واضحٌ = ويهدي كما تهدي النّجوم الشّوابك
وقال آخر في مالكٍ رحمه اللّه:
يأبى الجواب فما يراجع هيبةً = والسّائلون نواكس الأذقان
أدب الوقار وعن سلطان التّقى = فهو المطاع وليس ذا سلطان
حدّثني أحمد بن محمّد بن أحمد قال حدّثنا أحمد بن الفضل بن العبّاس قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن منيرٍ قال حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن جنّادٍ قال حدّثنا مصعب بن عبد اللّه الزّبيريّ قال: قال سفيان بن عيينة نرى أنّ هذا الحديث الّذي يروى عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تضرب الأكباد فلا يجدون (هـ) أعلم من عالم المدينة إنّه مالك بن أنسٍ وقال مصعبٌ وكنت إذا لقيت سفيان بن عيينة سألني عن أخبار مالكٍ
[التمهيد: 1/84]
قال أبو عمر وهذا الحديث حدّثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدّثنا قاسم بن أصبغ قال حدّثنا أحمد بن زهيرٍ قال حدّثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدّثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريجٍ عن أبي الزّبير عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوشك النّاس أن يضربوا أكباد الإبل فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة وقال سعيد بن عبد الجبّار كنّا عند سفيان بن عيينة فأتاه نعي مالك بن أنسٍ فقال مات واللّه سيّد المسلمين وروى الحارث بن مسكينٍ قال أخبرنا أشهب بن عبد العزيز قال سألت المغيرة المخزوميّ مع تباعد ما كان بينه وبين مالكٍ عن مالكٍ وعبد العزيز فقال ما اعتدلا في العلم قطّ ورفع مالكًا على عبد العزيز وبلغني عن مطرّف بن عبد اللّه النّيسابوريّ الأصمّ صاحب مالكٍ أنّه قال: قال لي مالكٌ ما يقول النّاس في موطّئي فقلت له النّاس رجلان محبٌّ مطرٍ وحاسدٌ مفترٍ فقال لي مالكٌ إن مدّ بك العمر فسترى ما يراد اللّه به
[التمهيد: 1/85]
حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن يحيى قال حدّثنا محمّد بن أحمد بن عمرٍو القاضي المالكيّ قال حدّثني المفضّل بن محمّد بن حربٍ المدنيّ قال أوّل من عمل كتابًا بالمدينة على معنى الموطّأ من ذكر ما اجتمع عليه أهل المدينة عبد العزيز بن عبد اللّه بن أبي سلمة الماجشون وعمل ذلك كلا ما يغير حديثٍ قال القاضي ورأيت أنا بعض ذلك الكتاب وسمعته ممّن حدّثني به وفي موطّأ ابن وهب منه عن عبد العزيز غير شيء قال فأتى به مالك فنظر فيه فقال ما أحسن ما عمل ولو كنت أنا الذي علمت لبدأت بالآثار ثمّ شددت ذلك بالكلام قال ثمّ إنّ مالكًا عزم على تصنيف الموطّأ فصنّفه فعمل من كان في المدينة يومئذٍ من العلماء الموطّآت فقيل لمالكٍ شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب وقد شركك فيه النّاس وعملوا أمثاله فقال ائتوني بما عملوا فأتي بذلك فنظر فيه ثمّ نبذه وقال لتعلمنّ أنّه لا يرتفع من هذا إلّا ما أريد به وجه اللّه قال فكأنّما ألقيت تلك الكتب في الآبار وما سمع لشيءٍ منها بعد ذلك بذكرٍ حدّثني أبو القاسم أحمد بن فتح بن عبد اللّه قال حدّثنا أحمد بن الحسن الرّازيّ بمصر قال حدّثنا روح بن الفرج قال حدّثنا أبو عديٍّ محمّد بن عديّ بن أبي بكرٍ الزهري قال رأيت مالك بن أنس ابن أبي عامرٍ الأصبحيّ لم يكن يخضّب ومات أبيض الرّأس واللّحية وشهدت جنازته
[التمهيد: 1/86]
قال أبو عمر أبو عديٍّ هذا هو محمّد بن عديّ بن أبي بكر بن إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاصٍ الزّهريّ لا أعلم له روايةً عن مالكٍ وهو يروي عن عبد اللّه بن نافعٍ وغيره من أصحاب مالكٍ وولد مالك بن أنسٍ رضي اللّه عنه سنة ثلاثٍ وتسعين فيما ذكره ابن بكيرٍ وقال محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكيم ولد مالك بن أنسٍ سنة أربعٍ وتسعين قال محمّدٌ وفيها ولد اللّيث بن سعدٍ ولا خلاف أنّه مات سنة سبعٍ وسبعين ومائةٍ وفيها مات حمّاد بن زيدٍ وقال أبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى ولد مالكٌ في ربيعٍ الآخر سنة أربعٍ وتسعين وتوفّي بالمدينة لعشرٍ خلون في ربيع الأوّل سنة تسعٍ وسبعين ومائةٍ مرض يوم الأحد ومات يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يومًا وغسّله ابن كنانة وسعيد بن داود بن زنبرٍ قال حبيبٌ وكنت أنا وابنه يحيى بن مالكٍ نصبّ الماء ونزل في قبره جماعةٌ قال أبو عمر كان لمالكٍ رحمه اللّه أربعةٌ من البنين يحيى ومحمّدٌ وحمّادة وأمّ ابنها
[التمهيد: 1/87]
فأمّا يحيى وأمّ ابنها فلم يوص بهما إلى أحدٍ فكانا مالكين لأنفسهما وأمّا حمّادة ومحمّدٌ فأوصى بهما إلى إبراهيم بن حبيبٍ رجلٍ من أهل المدينة كان مشاركًا لمحمّد بن بشير وأوصى مالكٌ رحمة اللّه عليه أن يكفّن في ثيابٍ بيضٍ ويصلّى عليه في موضع الجنائز فصلّى عليه عبد العزيز بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ كان واليًا على المدينة من قبل أبيه محمّد بن إبراهيم بن عليٍّ وحضر جنازته ماشيًا وكان أحد من حمل نعشه وبلغ كفنه خمسة دنانير وترك رحمه اللّه من النّاضّ ألفي دينارٍ وستّمائة دينارٍ وتسعًا وعشرين دينارًا وألف درهمٍ فكان الذي اجتمع لورثته ثلاثة آلاف دينار ثلاثمائة دينارٍ ونيّفٍ فقبض إبراهيم بن حبيبٍ مال محمد حمادة وقبض يحيى ماله (هـ) كذلك أمّ ابنها قبضت مالها وكان الّذي خلف مالكًا في حلقته عثمان بن عيسى بن كنانة وحجّ هارون الرّشيد رحمه اللّه عام مات مالكٌ فوصل يحيى بن مالكٍ بخمسمائة دينارٍ ووصل جميع الفقهاء يومئذٍ بصلاتٍ سنّيّةٍ ذكر ذلك كلّه إسماعيل بن أبي أويسٍ وعبد العزيز بن أبي أويسٍ وحبيبٌ وعمارة بن وثيمة وغيرهم دخل كلام بعضهم في بعضٍ واللّه المستعان
[التمهيد: 1/88]
وقال البخاريّ مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبح كنيته أبو عبد الله حليف عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد اللّه التّيميّ القرشيّ ابن أخي طلحة بن عبيد اللّه كان أماما روى عنه يحيى بن سعيدٍ الأنصاريّ وأخبرني أحمد ابن فتحٍ قال حدّثنا أحمد بن الحسن الرّازيّ قال حدّثنا روح بن الفرج أبو الزّنباع قال سمعت أبا مصعبٍ يقول مالك بن أنسٍ من العرب صلبه وخلفه في قريشٍ في بني تيم بن مرّة وقال خليفة بن خيّاطٍ مالك بن أنس بن أبي عامرٍ من ذي أصبح من حميرٍ مات سنة تسع سبعين يكنّى أبا عبد اللّه وقال الواقديّ عاش مالكٌ تسعين سنةً وقال سحنونٌ عن عبد الله بن نافع أن مالكا تتوفى وهو ابن سبعٍ وثمانين سنةً سنة تسعٍ وسبعين ومائة أقام مفتيًا بالمدينة بين أظهرهم ستّين سنةً قال أبو عمر لا أعلم في نسبه اختلافًا بين أهل العلم بالأنساب أنّه مالك بن أنس ابن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن عثمان بن حنبل بن عمرو
[التمهيد: 1/89]
ابن الحارث وهو ذو أصبح إلّا أنّ بعضهم قال في عثمان غيمان بالغين المنقوطة والياء المنقوطة من أسفل باثنين وفي حنبلٍ حتيلٍ وقد قيل حسلٌ والصّواب حتيلٌ كذلك ذكره أبو محمّدٍ الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمدانيّ وأنا أستغرب نسب مالكٍ إلى ذي أصبح وأعتقد أنّ فيه نقصانًا كثيرًا لأنّ ذا أصبح قديمٌ جدًّا وذو أصبح هو الحرث بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفيّ بن زرعة حميرٌ الأصغر ابن سبأٍ الأصغر بن كعبٍ كهف الظّلم ابن بديل بن زيد الجمهور بن عمر بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن معن بن عريب بن زهير بن أيمن ابن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يغوث بن قحطان
[التمهيد: 1/90]
قيل في اسم أمّه العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك من الأزد وحمل بن سنتين وقيل ثلاث سنين في بطن أمّه وكان أشقر شديد البياض ربعةً إلى الطّول كبير الرّأس أصلع ولم يكن بالطّويل رحمة اللّه ورضوانه عليه روى عنه جماعةٌ من الأئمّة وحدّثوا عنه وكلّهم مات قبله بسنين ولو ذكرناهم لطال الكتاب بذكرهم وذكر وفاة كلّ واحدٍ منهم واختلف أهل العلم بعد ذي أصبح في رفعه إلى آدم عليه السّلام بما لم أر لذكره ها هنا معنًى وقد ذكرنا أنّ ذا أصبح من حميرٍ في كتابنا كتاب القبائل الّتي روت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأغنى عن إعادته هاهنا حدّثنا خلف بن القاسم قال حدّثني عبد اللّه بن جعفرٍ قال حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام الخفّاف قال حدّثنا محمّد بن إسماعيل البخاريّ قال حدّثنا إبراهيم بن المنذر قال حدّثنا أبو بكرٍ الأويسيّ قال حدّثنا سليمان بن بلالٍ عن نافع بن مالك
[التمهيد: 1/91]
ابن أبي عامرٍ عن أبيه قال: قال لي عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد اللّه التّيميّ يا مالك هل لك إلى ما دعانا إليه غيرك فأبينا عليه أن يكون دمنا دمك وهدمنا هدمك ما بلّ بحرٌ صوفةً فأجبته إلى ذلك أخبرنا عليّ بن إبراهيم قال حدّثنا الحسن بن رشيقٍ قال حدّثنا عليّ بن يعقوب بن سويدٍ الورّاق قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحجّاج المهريّ قال حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزّاميّ قال حدّثنا معن بن عيسى ابن عمر قال كان نقش خاتم مالك بن أنسٍ حسبي اللّه ونعم الوكيل فسئل عن ذلك فقال سمعت اللّه تبارك وتعالى قال لقومٍ قالوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سوءٌ وأخبرنا عليّ بن إبراهيم قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد العزيز قال حدّثنا يحيى بن بكيرٍ قال مات مالك بن أنسٍ في ربيعٍ الأوّل سنة سبعٍ وتسعين (هـ) ومائةٍ وولد سنة ثلاثٍ وتسعين قال أبو عمر كذا يقول ابن بكيرٍ وغيره يخالفه في مولده على ما ذكرنا في كتابنا هذا وباللّه توفيقنا وصلّى اللّه على سيّدنا محمّدٍ وآله وصحبه وسلّم تسليمًا والحمد للّه رب العالمين
[التمهيد: 1/92]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مقدمة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir