اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وجدان نواف
السلام عليكم
تحدثتم حضرتكم عن علم الخشية والإنابة بكلام نفيس جدا، ولكن لدى بعض الاستشكالات:
قلتم أنه ربما يكون المرء عالم ولم يقرأ كتابا بسبب يقينه ولكن كيف يكون متيقن وهو ليس لديه علم؟
علم الخشية والإنابة كيف نصل إليه على الوجه المطلوب؟
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
قد يكون المرء عالماً وهو أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وذلك من طريقين:
- أحدهما - وهو المقصود في الدرس - : أن يكون ذا قلب منيب يخشى الله عزّ وجلَّ ، ويحسن تدبّر كتابه، ويغشى مجالس الذكر، ويحسن فهم المواعظ ويتفع بها، ويعقل الأمثال المضروبة في القرآن، وقد قال الله فيها: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}
وقال ابن مسعود: (كفى بخشية الله علماً).
وهذه أمور لا يُحتاج معها إلى القراءة والكتابة؛ بل يكفي فيها أن يكون المرء يفهم ما يسمع، ويعمل بما يعلم، ويقوم بقلبه من الخشية والإنابة ما يهديه الله به لمزيد من العلم والعمل؛ كما قال الله تعالى: {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}.
والطريق الآخر: أن يلزم العلماء؛ ويحفظ عنهم، ويسألهم عما يشكل إليه، ويحفظ ما يجيبونه به، ويراجع مسائل العلم ويحسن مذاكرتها، فيتخرّج عالماً يفتي ويقضي ويقسم الفرائض ولو كان أميّاً لا يقرأ ولا يكتب، بل قد يكون كفيف البصر وهو معدود في العلماء؛ كما هو معروف مشاهد، وكما هو مذكور عن كثير من العلماء السابقين؛ كما روي عن عامر بن شراحيل الشعبي وهو من كبار التابعين أنه قال: (ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده علي).
فقوام العلم على الحفظ والضبط وحسن الفهم، وإنما القراءة والكتابة وسيلة لتحقيق هذا المقصد.
وأمّا أسباب الخشية والإنابة فمبناها على اليقين الذي يثمر أصول العبادات الثلاث: المحبة والخوف والرجاء.
- فصدق المحبة يحمل على الخشية من الانقطاع عن الله والحرمان من رضوانه، ويحمل على صدق الإنابة إلى الله تعالى ليحظي بمحبته ورضوانه.
- وصدق الرجاء يحمل على الخشية من فوات ثواب الله وفضله العظيم، ويحمل على الإنابة إليه طمعاً في ثوابه وفضله.
- والخوف الصادق يحمل على الخشية من التعرض لسخط الله وعقابه ، ويحمل على الإنابة إلى الله لينجو من سخطه وعقابه.