تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}
التفسير:
● مقصد الآية : (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)
(كَلاَّ:أي: ليسَ ما أحببتمْ منَ الأموالِ، وتنافستمْ فيهِ منَ اللذاتِ، بباقٍ لكمْ،بلْ أمامكمْ يومٌ عظيمٌ، وهولٌ جسيمٌ، تُدكُّ فيهِ الأرضُ والجبالُ وما عليهَا حتى تُجعلَ قاعاً صفصفاً لا عوجَ فيهِ ولا أمت
● معنى الدَّكُّ: الكَسْرُ وَالدَّقُّ
● مقصد الآية :وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا
(ويجيءُ اللهُ تعالَى لفصلِ القضاءِ بينَ عبادِهِ في ظللِ منَ الغمامِ، وتجيءُ الملائكةُ الكرامُ، أهلُ السماواتِ كلهمْ، صفّاً صفّاً أي: صفّاً بعدَ صفٍّ، كلُّ سماءٍ يجيءُ ملائكتهَا صفّاً، يحيطونَ بمنْ دونهمْ منَ الخلقِ، وهذهِ الصفوفُ صفوفُ خضوعٍ وذلٍّ للملكِ الجبار
● معنى قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} مَزْمُومَةً وَالْمَلائِكَةُ يَجُرُّونَهَا، {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ}: يَنْدَمُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الدُّنْيَا من الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}؛ أَيْ: وَإِنَّمَا كَانَتْ تَنْفَعُهُ الذِّكْرَى لَوْ تَذَكَّرَ الْحَقَّ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ)
● معنى قوله تعالى: يقول يا ليتني قدّمت لحياتي} يعني: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي - إن كان عاصياً - ويودّ لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً؛
● معنى قوله تعالى : فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ :
: ليس أحدٌ أشدّ عذاباً من تعذيب الله من عصاه و أهملَ ذلكَ اليومَ ونسيَ العملَ لهُ . وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ: فإنَّهمْ يقرنونَ بسلاسلٍ منْ نارٍ، ويسحبونَ على وجوههمْ في الحميمِ، ثمَّ في النارِ يسجرونَ، فهذا جزاءُ المجرمينَ.
● معنى قوله تعالى:يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ,ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً: (وأمَّا مَنْ اطمأنَ إلى اللهِ وآمنَ بهِ وصدقَ رسلهُ، فيقالُ لهُ: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى ذكرِ اللهِ، الساكنةُ حبِّهِ، التي قرَّتْ عينهَا باللهِ ارجعي إلى جوار ربك وثوابه، وما أعدّ لعباده في جنّته راضيةً في نفسها.مرضيّةً قد رضيت عن الله ورضي عنها وأرضاها.
● معنى قوله تعالى : فَادْخُلِي فِي عِبَادِي , وَادْخُلِي جَنَّتِي
أَيْ: فِي زُمْرَةِ عِبَادِي الصَّالِحِينَ، وَكُونِي مِنْ جُمْلَتِهِمْ وهذا تخاطبُ بهِ الروحُ يومَ القيامةِ، وتخاطبُ بهِ في حالِ الموت – وتبشر بدخول الجنة - وَادْخُلِي جَنَّتِي مَعَهُمْ؛ أَيْ: فَتِلْكَ هِيَ الكرامةُ، لا كَرَامَةَ سِوَاهَا
المسائل العقدية:
● الإيمان باليوم الآخر وعلامات الساعة وأهوالها
● اثبات صفة المجيء لله تعالى
**اثبات الشفاعة للرسول صلى الله عليه وسلم: فيذهب فيشفع عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء، فيشفّعه الله تعالى في ذلك. وهي أوّل الشفاعات، وهي المقام المحمود
** الإيمان بالجنة والنار
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((يؤتى بجهنّم يومئذٍ لها سبعون ألف زمامٍ، مع كلّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ يجرّونها)).
**حياة الآخرة هي حياة الإنسان الحقيقية : {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} الدائمةِ الباقيةِ، عملاً صالحاً، وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ الحياةَ التي ينبغي السعيُ في أصلهَا وكمالهَا، وفي تتميمِ لذّاتهَا، هيَ الحياةُ في دارِ القرارِ، فإنَّهَا دارُ الخلدِ والبقاءِ).
** مواصفات النفس المطمئنة:هي المُوقِنَةُ بالإيمانِ وَتَوْحِيدِ اللَّهِ، لا يُخَالِطُهَا شَكٌّ وَلا يَعْتَرِيهَا رَيْبٌ، قَدْ رَضِيَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَعَلِمَتْ أَنَّ مَا أَخْطَأَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهَا،
** الملائكة يبشّرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره : بالجنة