دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب الشريعة للآجري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 جمادى الآخرة 1431هـ/30-05-2010م, 11:46 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي باب بيان خلافة أبي بكر الصديق بعد رسول الله

باب بيان خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن الحسين رحمه الله: اعلموا رحمنا الله وإياكم أنه لم يختلف من شمله الإسلام وأذاقه الله الكريم طعم الإيمان أنه لم يكن خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، لا يجوز لمسلم أن يقول غير هذا، وذلك لدلائل خصه الله الكريم بها، وخصه بها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وأمر بها بعد وفاته، منها: أنه أول من أسلم من الرجال، وأول من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحبه وأحسن الصحبة، وأنفق عليه ماله، وصاحبه في الغار، والمنزل عليه السكينة، وعاتب الله عز وجل الخلق كلهم في النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر، فإنه أخرجه من المعاتبة، وهو قوله عز وجل: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار} الآية، والصابر معه بمكة في كل شدة، ورفيقه في الهجرة، ومرض النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنه الخروج إلى الصلاة فأمر أن يتقدم أبو بكر، فيصلي بالناس، ولا يتقدم غيره، وصلى صلى الله عليه وسلم خلفه، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف، وقال لبلال: «إن أبطأت فقدم أبا بكر فليصل بالناس» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر» وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وهما في الغار وقد علم صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر إنما حزنه على النبي صلى الله عليه وسلم وإشفاقه عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟» فكل هذه الخصال الشريفة الكريمة دلت على أنه الخليفة بعده، لا يشك في هذا مؤمن وأما ما كان بعد وفاته فإنه رواه جبير بن مطعم أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه فقالت: يا رسول الله، أرأيت إن لم أجدك تعرض بالموت فقال لها: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» ثم بايعه المهاجرون والأنصار معرفة منهم بحق أبي بكر وفضله، وبايعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه لهو أول من بايعه من بني هاشم وروى الشعبي عن شقيق بن سلمة قال: قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وقت ما قتل: استخلف علينا؟ فقال: ما أستخلف، ولكن إن يرد الله عز وجل بهذه الأمة خيرا يجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم، على خيرهم وروي أن أبا بكر رضي الله عنه قام بعدما بويع له وبايع له علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأصحابه قام ثلاثا يقول: أيها الناس قد أقلتكم بيعتكم، هل من كاره؟ قال: فيقوم علي رضي الله عنه في أوائل الناس فيقول: لا والله لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذا الذي يؤخرك؟ وقال علي رضي الله عنه في حديث طويل، وقد دخل عليه عبد الله بن الكوا، وقيس بن عباد، وقد سألاه بعد رجوعه من قتال الجمل فقالا: هل معك عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا والله، ولو كان عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما تركت أخا تيم بن مرة ولا ابن الخطاب على منبره، ولو لم أجد إلا يدي هذه، ولكن نبيكم صلى الله عليه وسلم، نبي رحمة لم يمت فجأة، ولم يقتل قتلا، مرض ليالي وأياما، وأياما وليالي، يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقول: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» وهو يرى مكاني، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، فولينا الأمر أبا بكر، فأقام أبو بكر رحمه الله بين أظهرنا، الكلمة جامعة، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان، ولا شهد أحد منا على أحد بالشرك، ولا يقطع منه البراءة، فكنت والله آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه فلما حضرت أبا بكر الوفاة ولاها عمر رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله: ثم ذكر علي رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكر من فضله ومن شرفه وبيعته له ورضاه بذلك والسمع والطاعة له، وسنذكر ما قاله في الجميع إن شاء الله وصدق علي رضي الله عنه، وروي عن الحسن قال: قال علي رضي الله عنه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رحمه الله فصلى بالناس، وقد رأى مكاني، وما كنت غائبا ولا مريضا، ولو أراد أن يقدمني لقدمني فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا وروى عبد خير قال: سمعت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: قبض الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء قال: فأثنى عليه قال: ثم استخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنته، ثم قبض أبو بكر رضي الله عنه على خير ما قبض الله عز وجل عليه أحدا، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها، ثم استخلف عمر رضي الله عنه فعمل بعملهما وسنتهما، ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها، وبعد أبي بكر، وقال علي رضي الله عنه: سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثنى أبو بكر، وثلث عمر، يعني سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل، وثنى أبو بكر بعده بالفضل، وثلث عمر بالفضل بعد أبي بكر
قال محمد بن الحسين: هذا كله مع ما يروى عن علي رضي الله عنه، في فضل أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما ما يدل على ما قلنا، وسنذكر فضلهما من قول علي رضي الله عنهم ما يقر الله الكريم به أعين المؤمنين، ويسخن به أعين المنافقين، ويذل نفس كل رافضي وناصبي قد خطى بهم عن طريق الحق، وسلك بهما طرق الشيطان فاستحوذ عليهم، فهم في غيهم يترددون، وعن طريق الرشاد متنكبون
باب ذكر الأخبار التي دلت على ما قلنا
1162 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال: حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه فقالت: يا رسول الله: أرأيت إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت فقال: «إن لم تجديني ائتي أبا بكر»
1163 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال: حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه قال: أخبرني محمد بن جبير بن مطعم أن أباه جبير بن مطعم حدثه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمته في شيء فأمرها بأمر فقالت: إن جئت يا رسول الله فلم أجدك؟ تعرض بالموت فقال لها: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر»
1164 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال: حدثنا عمار بن الحسن ومحمد بن حميد الرازي قالا: حدثنا أبو تميلة وهو يحيى بن واضح قال: حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله قال: «لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم»
1165 - وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثني جدي قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة الله قال: «أنا خليفة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنا راض بذلك يعني فكره أن يقال: يا خليفة الله عز وجل»
1166 - وأنبأنا أبو القاسم أيضا قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهم قال: ولينا أبو بكر رضي الله عنه «فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا»
1167 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا أيوب بن منصور الضبعي قال: حدثنا شبابة يعني: ابن سوار قال: حدثنا شعيب بن ميمون، عن حصين بن عبد الرحمن، وأبي حباب كلاهما عن الشعبي، عن شقيق بن سلمة قال: قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: استخلف علينا قال: «ما أستخلف، ولكن إن يرد الله عز وجل بهذه الأمة خيرا يجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم على خيرهم»
1168 - وحدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال: حدثنا مروان قال: حدثنا مساور الوراق، عن عمرو بن سفيان قال: خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمل فقال: أما بعد، فإن الإمارة لم يعهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها عهدا فنتبع أمره، ولكنا رأيناها من تلقاء أنفسنا، استخلف أبو بكر رحمه الله فأقام واستقام، ثم استخلف عمر فأقام واستقام
1169 - وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال: حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال: حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الجحاف، قال: قام أبو بكر رضي الله عنه بعدما بويع له وبايع له علي رضي الله عنه وأصحابه قام ثلاثا يقول: «أيها الناس، قد أقلتكم بيعتكم هل من كاره؟ قال: فيقوم علي رضي الله عنه أوائل الناس يقول: لا والله لا نقيلك، ولا نستقيلك قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذا الذي يؤخرك»
1170 - أنبأنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا محمد بن هارون الفلاس قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو إدريس تليد بن سليمان قال: حدثنا أبو الجحاف قال: احتجب أبو بكر رضي الله عنه عن الناس ثلاثا يشرف عليهم كل يوم فيقول: «قد أقلتكم بيعتي فبايعوا من شئتم» قال: فيقوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول: لا والله لا نقيلك، ولا نستقيلك قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك «
1171 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال: حدثنا هلال بن العلاء الرقي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق الأزرق قال: حدثنا أبو سنان، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة الهلالي قال: وافقنا من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ذات يوم طيب نفس ومزاحا فقلنا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال: «كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابي» قلنا: حدثنا عن أصحابك خاصة، قال: «ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب إلا كان لي صاحبا» قلنا: حدثنا عن أبي بكر قال: «ذاك امرؤ سماه الله عز وجل صديقا على لسان جبريل عليه السلام، وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم، كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا»...... وذكر الحديث
1172 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال: حدثنا إبراهيم بن فهد قال: حدثنا محمد بن خالد الواسطي قال: حدثنا شريك، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن قال: قال علي رضي الله عنه: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر رضي الله عنه يصلي بالناس وقد رأى مكاني، وما كنت غائبا ولا مريضا، ولو أراد أن يقدمني لقدمني، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا»
1173 - وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا أبو معاوية الضرير، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن قال: دخل عبد الله بن الكوا، وقيس بن عباد على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعدما فرغ من قتال الجمل فقالا له: أخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت: رأيا رأيته حين تفرقت الأمة، واختلفت الدعوة، إنك أحق الناس بهذا الأمر، فإن كان رأيا رأيته أجبناك في رأيك، وإن كان عهدا عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنت الموثوق المأمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تحدث عنه، قال: فتشهد علي رضي الله عنه قال: وكان القوم إذا تكلموا تشهدوا، قال: فقال: أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا والله، ولو كان عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت أخا تيم بن مرة، ولا ابن الخطاب على منبره، ولو لم أجد إلا يدي هذه، ولكن نبيكم صلى الله عليه وسلم نبي رحمة، لم يمت فجأة، ولم يقتل قتلا، مرض ليالي وأياما، وأياما وليالي، فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقول مروا أبا بكر فليصل بالناس، وهو يرى مكاني، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، نظرنا في أمرنا، فإذا الصلاة عضد الإسلام وقوام الدين فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لديننا فولينا الأمر أبا بكر رضي الله عنه، فأقام أبو بكر رحمه الله بين أظهرنا، الكلمة جامعة، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان، ولا يشهد أحد منا على أحد بالشرك، ولا نقطع منه البراءة، فكنت والله آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه، فلما حضرت أبا بكر الوفاة ولاها عمر رحمه الله فأقام عمر بين أظهرنا، الكلمة جامعة والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان، ولا يشهد أحد منا على أحد بالشرك، ولا نقطع منه البراءة، فكنت والله آخذ إذا أعطاني، وأغزوا إذا أغزاني، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه فلما حضرت عمر رضي الله عنه الوفاة ظن أنه إن يستخلف خليفة فيعمل ذلك الخليفة بخطيئة إلا لحقت عمر في قبره، فأخرج منها ولده وأهل بيته، وجعلها في ستة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيها عبد الرحمن بن عوف، فقال: هل لكم أن أدع نصيبي منها على أن أختار لله ولرسوله وأخذ ميثاقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه أمرنا، فضرب بيده يد عثمان فبايعه فنظرت في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا الميثاق في عنقي لعثمان فاتبعت عثمان رحمه الله لطاعته حتى أديت له حقه
1174 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن زياد التستري قال: حدثنا سليمان بن الحكم قال: حدثنا سليمان بن عمرو النخعي، عن عبد الملك بن عمير، عن سويد بن غفلة قال: لما بايع الناس أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا أيها الناس، أذكركم بالله، أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه قال: فأكب الناس كأنما صب على رءوسهم السخن قال: فقام إليه علي بن أبي طالب، ومعه السيف، فدنا منه حتى وضع رجلا على عتبة المنبر والأخرى على الحصبا فقال: والله لا نقيلك ولا نستقيلك قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذا الذي يؤخرك»
1175 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال: حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال: حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة قال: مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما وينتقصونهما، فدخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين، مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر، وعمر بغير الذي هما فيه من الأمة أهل، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل ما أعلنوا ما اجترءوا على ذلك قال علي رضي الله عنه: «أعوذ بالله، أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى عليه المضي، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحباه ووزيراه رحمة الله عليهما، ثم قام دامع العين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر، وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها، وهى بيضاء، حتى اجتمع له الناس، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة، ثم قال: «ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه، وعما قالوا عنه بريء، وعلى ما قالوا معاقب، أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرى مثل رأيهما رأيا، ولا يحب كحبهما أحدا، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهما راض، والمؤمنون عنهما راضون، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين، فصلى بهم سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، واختار له ما عنده، وولاه المؤمنون ذلك، وفوضوا الزكاة إليه لأنهما مقرونتان، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، أنا أول من سن ذلك له من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره يود أحدا منا كفاه ذلك، وكان والله خير من بقي، وأرأفه رأفة، وأحسنه ورعا، وأقدمه سنا وإسلاما، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفوا ووقارا، فسار فينا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مضى على أجله ذلك، ثم ولى الأمر بعده عمر رحمه الله واستأمر المسلمين في هذا فمنهم من رضي به، ومنهم من كره، وكنت فيمن رضي فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه، وكان والله رفيقا رحيما بالضعفاء، وللمؤمنين عونا، وناصرا للمظلومين على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم ضرب الله عز وجل بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه، فأعز الله بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواما، وألقى الله عز وجل له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام فظا غليظا على الأعداء، وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار، الضراء على طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله، فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما، ورزقنا المضي على أثرهما والحب لهما، فمن لكم بمثلهما فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع أثرهما، والحب لهما، فمن أحبني فليحبهما، ومن لم يحبهما فقد أبغضني، وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة، ولكنه لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وإن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولكم «
قال محمد بن الحسين رحمه الله: ونذكر في هذا الباب قصة وفاة أبي بكر رضي الله عنه لما قبض أبو بكر رضي الله عنه، وسجي عليه ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه باكيا مسرعا مسترجعا وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر، وأبو بكر رضي الله عنه مسجى فقال: رحمك الله أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته، وكنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله تبارك وتعالى، وأعظمهم غناء في دين الله عز وجل، وأحوطهم على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأحدبهم على الإسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا وسمتا ورحمة وفضلا، أشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيرا، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس فسماك الله في تنزيله صديقا فقال في كتابه: {والذي جاء بالصدق وصدق به} أبو بكر وآسيته حين بخلوا، وأقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة، وصاحبته في الغار، والمنزل عليه السكينة، ورفيقه في الهجرة وخلفته في دين الله عز وجل وفي أمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس فقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي، فنهضت حين وهن أصحابه، وبرزت حين استكانوا، وقويت حين ضعفوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت خليفته حقا، لم تنازع ولم تصدع بزعم المنافقين، وكبت الكافرين، وكره الحاسدين، وفسق الفاسقين وغيظ الباغين، وقمت بالأمر حين فشلوا وذكر الحديث إلى آخره، ثم قال: رضينا عن الله قضاه، وسلمنا له أمره، والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثلك أبدا وذكر الحديث، وسنذكره بطوله في موضع آخر إن شاء الله تعالى
قال محمد بن الحسين رحمه الله: من يقول على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، غير ما ذكرنا من بيعته له ورضاه بذلك، ومعونته له وذكر فضله فقد افترى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونحله إلى ما قد برأه الله عز وجل منه من مذاهب الرافضة الذين قد خطئ بهم عن سبيل الرشاد، فإن قال: فإنه قد روي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لم يبايع أبا بكر رضي الله عنه، إلا بعد أشهر، ثم بايعه قيل له: إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند من عقل عن الله عز وجل أعلى قدرا، وأصوب رأيا مما تنحله إليه الرافضة، وذلك أن الذي ينحل هذا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عليه فيه أشياء لو عقل ما يقول كان سكوته أولى به من الاحتجاج به، بل ما يعرف عن علي رضي الله عنه، غير ما تقدم ذكرنا له من الرضا والتسليم بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكذا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون لأبي بكر رضي الله عنه بالخلافة والفضل
1176 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: ثنا يحيى بن سليم قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنه قال: ولينا أبو بكر رحمه الله «فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا»
قال محمد بن الحسين رحمه الله: فإن قال قائل: فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها قيل له: إن كنت ممن يعقل فاعلم أن هذا مدح لبيعة أبي بكر رضي الله عنه، وليس هو ذما لها يا جاهل، فإن قال: كيف؟ قيل له: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم، ودفن اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فمضى إليهم أبو بكر ومعه عمر رضي الله عنهما، وخشي أن يحدثوا شيئا لا يستدرك سريعا فكلمهم بما يحسن، ويجمل من الكلام، ووعظهم فقال منهم قائل: منا أمير ومنكم أمير
قال محمد بن الحسين رحمه الله: فلو تم هذا لكان فيه بلاء عظيم، واختلفت الكلمة؛ لأنه لا يجوز أن يكونا خليفتين في وقت واحد، فقام عمر رضي الله عنه بتوفيق الله الكريم له فقال: لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، ثم قال لأبي بكر: مد يدك أبايعك، فمد يده فبايعه، فعلمت الأنصار وجميع المهاجرين أن الحق فيما فعله عمر فبايعه الجميع طائعين غير مكرهين لم يختلفوا عليه، وجاء علي بن أبي طالب فبايعه، وجاء الزبير فبايعه، وجاء بنو هاشم فبايعوه، فقول عمر رضي الله عنه: كانت بيعة أبي بكر فلتة يعني: افتلتت من أن يكون للشيطان فيها نصيب، لم يسفك فيها دم، ولم يختلف عليه الناس، فهذا مدح لها ليس بذم يا من يطلب الفتنة اعقل إن كنت تعقل
1177 - حدثنا أبو الفضل العباس بن علي بن العباس النسائي قال: حدثنا مشرف بن سعيد الواسطي قال: حدثنا أحمد بن داود أبو سعيد قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: «كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر رضي الله عنه: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر فصلى بالناس؟ قالوا: اللهم نعم قال: فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ قالوا: كلنا لا تطيب نفسه نحن نستغفر الله عز وجل»
1178 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: «ائتني بكتف حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه بعدي قالت: فلما قام عبد الرحمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبى الله والمؤمنون أن يختلف على أبي بكر «
قال محمد بن الحسين رحمه الله: كان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما اختلف على أبي بكر رضي الله عنه بل تتابع المهاجرون والأنصار وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبنو هاشم على بيعته والحمد لله على رغم أنف كل رافضي مقموع ذليل، قد برأ الله عز وجل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه عن مذهب السوء

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, بيان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir