دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ > الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 رجب 1432هـ/28-06-2011م, 04:20 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي باب بيان شروط الناسخ والمنسوخ

باب بيان شروط الناسخ والمنسوخ



اعلم أن أكثر القرآن في أحكامه وأوامره ونواهيه ناسخٌ لما كان عليه من كان قبلنا من الأمم، إلا ما أقرّنا الله عليه مما كانوا عليه. فالواجب ألا يذكر في الناسخ والمنسوخ آية نسخت ما كانوا عليه من دينهم وفعلهم. ولو لزم ذكر ذلك لوجب إدخال أكثر القرآن في الناسخ لأنه ناسخٌ لما كانوا عليه من شركهم وما أحدثوا من أحكامهم ولكثير مما فرض عليهم.
وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية.
وقد أدخل أكثر المؤلفين في الناسخ والمنسوخ آيًا كثيرةً، وقالوا: نسخت ما كانوا عليه من شرائعهم، وما اخترعوه من دينهم وأحكامهم، وآيًا كثيرة ذكروا أنها نسخت ما كانوا عليه مما افترض عليهم.
وكان حقّ هذا ألا يضاف إلى الناسخ والمنسوخ؛ لأنا لو اتّبعنا هذا
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 107]
النوع لذكرنا القرآن كله في الناسخ والمنسوخ.
ولكنا نقول: الحمد لله: ناسخٌ لما كانوا عليه من امتناعهم من إضافة الحمد إلى الله وإن قوله: رب العالمين: ناسخٌ لما كانوا عليه من ادّعائهم أربابًا من دون الله. وكذلك كلّ القرآن. وهذا خروج عما نقصد إليه من هذا العلم.
ونحن نذكر من ذلك ما ذكروا اتباعًا لهم لا نظرًا، وننبه على ما أمكن من ذلك، ونخبر أنّ حق هذا أن لا يذكر في الناسخ والمنسوخ على ما بينا في هذا الباب.
فافهم هذا إذا مرّ بك شيء منه، وقد ذكرناه اتباعًا لهم. وليس ذكرنا له من وجه النظر والتحقيق، إنما هو من جهة الاتباع والمسامحة، إذ يلزم أن يذكر كل شيء مثله، فيجب ذكر كل القرآن.
واعلم أن من شروط الناسخ أن يكون منفصلاً من المنسوخ منقطعًا منه. فإن كان متصلاً به غير منقطع عنه لم يكن ناسخًا لما قبله مما هو متصل به.
نحو قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 108]
فليس قوله: {فإذا تطهرن فأتوهن} ناسخًا لقوله: {حتى يطهرن} في قراءة من خفف "يطهرن"؛ لأنه متصل به. فالأول: يراد به ارتفاع الدم. والثاني: التطهير بالماء.
فأما على قراءة من شدد "يطهرن" فلا قول فيه؛ لأن المراد بالأول حتى يطهرن بالماء فإذا تطهرن بالماء فأتوهن.
ومن شروط المنسوخ أن يكون غير متعلق بوقتٍ معلوم، لا يعلم انتهاء وقت فرضه إلا بنص ثانٍ يبين أن فرض الأول إلى الوقت الذي فرض فيه الثاني.
ولذلك قيل في قوله: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} إنه غير منسوخ بالأمر بالقتال في "براءة" لأن الله جعل له أجلاً ووقتًا، وهو إتيان أمره بالقتال وترك الصفح والعفو.
وإنما كان يكون منسوخًا بالقتال لو قال: فاعفوا واصفحوا أمرًا غير مؤقت. كما قال: {فاعف عنهم واصفح}.
فهذا منسوخ بالقتال.
وقيل إنه منسوخ بالقتال لأن الأجل غير معلوم. ولو قال: "فاعفوا واصفحوا إلى وقت كذا"، وذكر الأمد لكان النسخ غير جائز فيه.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 109]
ولكنه أبهم الوقت ولم يحده، فالنسخ فيه جائز، وعلى ذلك أكثر العلماء .
ومن شروط الناسخ أن يكون موجبًا للعلم والعمل كالمنسوخ، ومن هاهنا منع نسخ القرآن بخبر الآحاد، لأن أخبار الآحاد توجب العمل ولا توجب العلم، والقرآن يوجبهما جميعًا.
وإنما وقع الاختلاف في جواز نسخ القرآن بالأخبار المتواترة التي توجب العلم والعمل كالقرآن، وقد مضى ذكر هذا.
ومن شروطه أنه يجوز أن ينسخ الأثقل بالأخف، كقوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}. فخفف عنهم بقوله: {فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين}.
ومثل قوله: {اتقوا الله حق تقاته} ثم خفف بقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} وهو كثير.
ولذلك قال تعالى: {نأت بخيرٍ منها أو مثلها} أي: (بأخف منها عليكم) أو مثلها في الثقل وأعظم في الأجر.
ويجوز نسخ الأخفّ بالأثقل، نحو نسخ صيام يوم عاشوراء أو
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 110]
صيام ثلاثة أيام من كل شهر بصوم شهر رمضان.
ومنه نسخ الأمر بترك القتال والصبر على الأذى بالأمر بالقتال وترك الصبر. وذلك كله لما علم فيه تعالى ذكره من الصلاح والأجر.
ومن هذا قوله: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين} فأوجب الإطعام على من أفطر وهو يقدر على الصيام، فكان هذا تخفيفًا ثم نسخه بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} والصيام أثقل من الإفطار والإطعام وأعظم أجرًا.
وقد ذهب بعض المؤلفين للناسخ والمنسوخ إلى أنه لا يجوز أن ينسخ الأخف بالأثقل، وتأول فيما ذكرنا تأويلات تخرجه من النسخ. والعمل عند أكثرهم على ما بيناه.
ومن هذا الباب قوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}. فجعل حد الزانيين البكرين أن يؤذيا بالكلام قيل ويضربا بالنعال. ثم نسخ ذلك بجلد مائة جلدة، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- بتغريبه عامًا مع الجلد. وهذا أثقل بلا شك من الأول.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 111]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, بيان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir