دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب العدد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:38 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي بيان من يلزمها الإحداد

( فصلٌ )
يَلزَمُ الإحدادُ مُدَّةَ العِدَّةِ كلَّ مُتَوَفًّى زَوْجُها عنها في نِكاحٍ صحيحٍ , ولو ذِمِّيَّةً أو أَمَةً غيرَ مُكَلَّفَةٍ، ويُباحُ لبائِنٍ من حَيٍّ، ولا يَجِبُ على رَجْعِيَّةٍ ومَوطوءةٍ بشُبْهَةٍ أو زِنًا أو في نِكاحٍ فاسدٍ أو باطلٍ أو مِلْكِ يمينٍ.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:49 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ
يَحْرُمُ إحدادٌ فوقَ ثلاثٍ على مَيِّتٍ غيرِ زَوْجٍ. و(يَلْزَمُ الإحدادُ مُدَّةَ العِدَّةِ كلَّ) امْرَأَةٍ (مُتَوَفَّى عنها زَوْجُها في نِكاحٍ صحيحٍ)؛ لقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَراً)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وإنْ كانَ النِّكاحُ فاسداً لم يَلْزَمْها الإحدادُ؛ لأنَّها لَيْسَتْ زوجةً، ولا يُعْتَبَرُ لِلُزُومِ الإحدادِ كَوْنُها وَارِثَةً أو مُكَلَّفَةً، فيَلْزَمُها، (ولو ذِمِّيَّةً أو أَمَةً أو غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ)، فيُجَنِّبُها وَلِيُّها الطِّيبَ ونحوَهُ، وسواءٌ كانَ الزوجُ مُكَلَّفاً أو لا؛ لِعُمُومِ الأحاديثِ، ولِتَسَاوِيهِنَّ في لُزُومِ اجتنابِ المُحَرَّمَاتِ.
(ويُباحُ) الإحدادُ (لِبَائِنٍ مِن حَيٍّ)، ولا يُسَنُّ لها، قالَه في الرِّعَايَةِ، (ولا يَجِبُ) الإحدادُ (علَى) مُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ)، ولا على (مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أو زِنًى أو في نِكاحٍ فاسدٍ أو) نِكاحٍ (باطِلٍ أو مِلْكِ يَمِينٍ)؛ لأنَّها لَيْسَتْ زَوْجَةً مُتَوَفَّى عنها.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])
يحرم إحداد فوق ثلاث، على ميت غير زوج([2]) و(يلزم الإحداد مدة العدة([3]) كل) امرأة (متوفى عنها زوجها، في نكاح صحيح)([4]) لقوله عليه الصلاة والسلام «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال([5]) إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» متفق عليه([6])،وإن كان النكاح فاسدا، لم يلزمها الإحداد، لأنها ليست زوجة([7]).
ولا يعتبر للزوم الإحداد كونها وارثة أو مكلفة فيلزمها (ولو ذمية أو أمة أو غير مكلفة)([8]) فيجنبها وليها الطيب ونحوه([9]) وسواء كان الزوج مكلفا أولا، لعموم الأحاديث([10]) ولتساويهن في لزوم اجتناب المحرمات([11]).
(ويباح) الإحداد (لبائن من حي)([12]) ولا يسن لها، قاله في الرعاية ([13]) (ولا يجب) الإحداد (على) مطلقة (رجعية([14]) و) لا على (موطوءة بشبهة أو زنا)([15]).
أو في نكاح فاسد([16]) أو نكاح (باطل([17]) أو ملك يمين) لأنها ليست زوجة متوفى عنها([18]).



([1]) أي في بيان حكم الإحداد، وما يجب عليها تجنبه، وغير ذلك مما يتعلق به.
([2]) أي يحرم إحداد فوق ثلاثة أيام بلياليها، للخبر الآتي وغيره، والإحداد المنع، إذ المرأة تمنع نفسها مما تتهيأ به لزوجها، من تطيب وتزين.
([3]) قال ابن القيم: هذا من تمام محاسن هذه الشريعة، وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه، فإن الإحداد على الميت، من تعظيم مصيبة الموت، التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة، وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه لا تمس طيبا، ولا تدهن، ولا تغتسل إلى غير ذلك، مما هو تسخط على الرب وأقداره، فأبطل الله بحكمته سنة الجاهلية، وأبدلنا به الصبر والحمد.
ولما كانت مصيبة الموت، لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع، والألم،والحزن، ما تتقاضاه الطباع، سمح لها الحكيم الخبير، في اليسير من ذلك، وهو ثلاثة أيام تجد بها نوع راحة، وتقضي بها وطرا من الحزن، وما زاد فمفسدته راجحة فمنع منه، والمقصود: أنه أباح لهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام، وأما الإحداد على الزوج، فإنه تابع للعدة بالشهور، وأما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب الإحداد،وذكر أنه يستمر إلى حين الوضع، فإنه من توابع العدة، ولهذا قيد بمدتها، وهو حكم من أحكام العدة، وواجب من واجباتها، فكان معها وجودا وعدما.
وقال: وهو من مقتضياتها، ومكملاتها، وهي إنما تحتاج إلى التزين، لتحبب إلى زوجها، فإذا مات وهي لم تصل إلى آخر، فاقتضى تمام حق الأول، وتأكيد المنع من الثاني، قبل بلوغ الكتاب أجله أن تمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال، وطمعهم فيها بالزينة.
([4]) بلا نزاع بين أهل العلم، إلا عن الحسن شذ به عن أهل العلم، وخالف فيه السنة، وقال ابن رشد: أجمع المسلمون على أن الإحداد واجب، على النساء الحرائر المسلمات، في عدة الوفاة، إلا الحسن وحده.
([5]) أي تمنع نفسها الزينة، وبدنها الطيب، على ميت من قريب ونحوه، فوق ثلاث فما دونها، وذلك أنه أبيح لأجل حفظ النفس، ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية.
([6]) ولمسلم: «إلا المرأة فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا»، وفي رواية «كل امرأة متوفى عنها زوجها» فدل الحديث: على جواز إحداد المرأة على قريب ونحوه، ثلاث ليال فما دونها، ووجوبه على المتوفى عنها زوجها، أربعة أشهر وعشرا، بلا نزاع.
([7]) شرعا، فلم يجب عليها الإحداد، وهو مذهب مالك، وقال الشافعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله» الحديث، وهذه عدة الوفاة، فدل على أن الإحداد إنما يجب في عدة الوفاة.
([8]) وهو مذهب الجمهور، مالك والشافعي، لعموم الأحاديث، واستثنى أصحاب الرأي الذمية والصغيرة، لأنهما غير مكلفتين، ولا مخصص.
([9]) أي فيجنب ولي غير المكلفة، الطيب والزينة وغيرهما، مما تجنبه الحرة المسلمة.
([10]) الآتية فيما يجب على الزوجة من الإحداد.
([11]) فاستوين فيما يجب من الإحداد.
([12]) بالإجماع كمطلقة ثلاثا، والمختلعة ولا يجب، لأنها معتدة من غير وفاة، فلا يجب عليها الإحداد لظاهر الأحاديث، كالرجعية والموطوءة بشبهة، ولأن الإحداد في عدة الوفاة، لإظهار الأسف على فراق زجها وموتها.
([13]) ونص أحمد: أنه لا إحداد عليها، وهو مذهب مالك.
([14]) أي لا يجب على المطلقة الرجعية، أن تحد على زوجها الحي، بلا خلاف، بل ولا يسن، لأنها في حكم الزوجات، لها أن تتزين لزوجها، وتستشرف له ليرغب فيها.
([15]) لأن العدة في حقهما لحفظ النسب، كما تقدم.
([16]) لأنها ليست زوجة على الحقيقة ولا لها من كانت تحل له، وتحزن على فقده.
([17]) وإنما العدة لحفظ النسب.
([18]) لمفهوم إلا على زوج، قال ابن رشد: وأما الأمة فلا إحداد عليها وبه قال فقهاء الأمصار.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:14 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

يَلْزَمُ الإِحدَادُ ..............................
قوله: «يلزم الإحداد» الإحداد مصدر أَحَدَّ يُحِدُّ، وأما مصدر حَدَّ يَحُدُّ فهو حَدٌّ، والحد في اللغة: المنع، ومنه حدود البيت، وحدود الدار، وما أشبه ذلك، أما الإحداد في الشرع: فهو أن تمتنع المرأة عن كل ما يدعو إلى جماعها، ويرغب في النظر إليها، كثياب الزينة والحلي والتجمل بالكحل، وتحسين الوجه بالمكياج أو غيره.
والإحداد منه واجب، ومنه جائز، ومنه ممنوع، فالواجب على المتوفى عنها، والجائز على من مات له صديق أو قريب لمدة ثلاثة أيام، والممنوع ما زاد على ذلك؛ كأربعة أيام أو خمسة أو أكثر.
وقوله: «يلزم» معناه أنه واجب، والدليل استنبطه بعض أهل العلم من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] ، فإن قوله: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} دليل على أن الإحداد ينافي هذه الرخصة، وأنه لا بد أن يكون هذا التربص تربصاً عن أشياء جائزة، ولولا ذلك لما كان فائدة في قوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
وكذلك من قول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ حينما شكوا إليه امرأة توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها، قالوا: أفنكحلها؟ قال: «لا» ، فأعادوا عليه، قال: «لا» ، ثم قال: «قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشر» [(180)]، فهذا دليل ـ أيضاً ـ على الوجوب، وأيضاً الرسول صلّى الله عليه وسلّم نهى المتوفى عنها زوجها أن تلبس ثوباً فيه زينة وأن تتطيب، إلا ما استثني من قُسط أو أظفار، إذا طهرت من الحيض، تتبخر به[(181)]، تتبع به أثر الدم، وإلا فلا يجوز لها أن تفعل، كما سيأتي إن شاء الله.
وهل يمكن أن نستدل لذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً» [(182)]؟ بعض العلماء قال: يمكن أن يستدل به؛ لأن قوله: «لا يحل» معناه أنه حرام، والحرام لا يستباح إلا بواجب.
وبعض العلماء قال: لا يدل على الوجوب؛ لأن نفي الحل لا يدل على الوجوب، بل يدل على انتفاء التحريم، فصار هذا الدليل فيه خلاف في صحة الاستدلال به، ووجه الخلاف أن نفي الحل في قوله: «لا يحل» لا يقتضي الوجوب، وهذا صحيح، لكن أولئك استدلوا بوجه آخر، قالوا: نفي الحل لا يدل على الوجوب، لكن معناه التحريم، والتحريم لا يستباح إلا بواجب، كما استدلوا على أن الختان واجب بمثل هذا الاستدلال، قالوا: لأن قطع شيء من الإنسان حرام، والحرام لا يستباح إلا بواجب، وكما استدل بعضهم على وجوب تحية المسجد بأمر النبي عليه الصلاة والسلام بها في حال الخطبة[(183)]، قالوا: فإن استماع الخطبة واجب، ولا يشتغل عن الواجب إلا بواجب.
على كل حال إن انشرح صدر الإنسان للاستدلال بهذا الحديث، مع تأييده بالأدلة الأخرى فلا بأس، وإلا فما دام عندنا دليل واضح فلا حاجة إلى المناقشة في دليل خفي؛ لأن من آداب المناظرة أنه إذا كان هناك دليل واضح فإننا لا نلجأ إلى المشتبه الذي يحتمل الجدال، ولهذا فإن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال للذي أنكر الرب: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}، هذا فيه تلبيس ليس بصحيح، فقال له إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: 258] وهذا ليس فيه جدال.

مُدَّةَ الْعِدَّةِ كُلَّ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ ذِمِّيَّةً،.........
قوله: «مدة العدة» «مدة» ظرف، يعني زمن العدة سواء طالت أم قصرت، فإذا كانت حائلاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وإحدادها أربعة أشهر وعشرة أيام، وإذا كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل، فإحدادها إلى وضع الحمل،وإذا لم تعلم بموت زوجها إلا بعد تمام العدة فلا إحداد؛ لأنه تابع للعدة.
قوله: «كل متوفًّى عنها زوجها» «متوفًّى» اسم مفعول؛ لأنه مقبوض، وليس «متوفٍّ»؛ لأنها بمعنى قابض، وقد سبق أن بعضهم أجاز «متوفٍّ».
قوله: «في نكاح صحيح» وقد سبق أنه لا يشترط لوجوب العدة صحة النكاح، وإنما الذي يشترط لوجوب العدة عدم بطلان النكاح؛ فالنكاح بلا ولي ليس بباطل ولكنه فاسد، فلو مات زوج امرأة تزوجها بلا ولي وجب عليها العدة، ولا يجب عليها الإحداد؛ لأنه قال: «في نكاح صحيح» بهذه النقطة فقط افترقت العدة والإحداد، فتجب العدة ولا يجب الإحداد إذا كان النكاح فاسداً.
ولكن ما ذهب إليه المؤلف ليس بصحيح، والصواب أنه تجب العدة ويجب الإحداد لمن يعتقد صحته، أما من لا يعتقد صحته فلا عدة، لكن إن حصل وطء وجب إما الاستبراء أو العدة، بحسب ما تقدم من الخلاف، فالمهم أنه على المذهب يفرقون في باب الإحداد وباب العدة بين النكاح الصحيح والفاسد، ففي الفاسد يقولون: تجب العدة ولا يجب الإحداد، قالوا: والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] ومن نكاحها فاسد ليست بزوجة، فكما أنها لا تدخل في قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] فكذلك لا تدخل في قوله: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}.
ولأن العقد الذي ليس بصحيح شرعاً لا يطلق عليه اسم ذلك العقد، فكل عقد فاسد لا يتناوله الاسم الشرعي؛ لأن الاسم الشرعي إنما يتعلق بالشيء الصحيح، ولهذا لو قال: والله لا أبيع، فباع دخاناً، لا يحنث؛ لأن البيع غير صحيح، فالأشياء التي لها مدلول شرعي إنما تحمل على مدلولها الشرعي، فنقول: هذا الدليل صحيح، والاستدلال صحيح، ولكن من اعتقد النكاح صحيحاً فله حكمه، كما لو كان ممن يرون أنه لا يجب الولي في النكاح، ومن اعتقده فاسداً فحكمه حكم الباطل.
قوله: «ولو ذمية» «لو» هذه إشارة خلاف، والذمية هي من عقدت لها الذمة من الكفار، فقوله: «ولو ذمية» فيه تساهل، والصواب أن يقال: «ولو كتابية» لأنه لا يشترط في جواز نكاح الكتابية أن تكون ذمية، ولأن الذمة تعقد لغير أهل الكتاب، كالمجوس، ومع ذلك لا يحل نكاح المجوسية، فهذا التعبير فيه نظر طرداً وعكساً، فالمراد اليهودية أو النصرانية، وهل يمكن أن يتوفى شخص مسلم عن زوجة يهودية أو نصرانية؟ نعم؛ لأن اليهودية والنصرانية حلال للمسلمين، فلو مات عن امرأة غير مسلمة ـ يعني يهودية أو نصرانية ـ وجبت عليها العدة؛ لأنها زوجة، ووجب عليها الإحداد؛ لأن الإحداد تابع للعدة.
فإن قلت: ما الدليل؟ قلنا: الدليل عموم قوله تعالى: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} وهذه زوجة، وعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إلا على زوج»
[(184)].
فلو قال قائل: الذمية لا يجب عليها إحداد؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج... إلخ» ، والذمية لا تؤمن بالله ولا اليوم الآخر الإيمانَ الذي يقتضي الإذعان والقبول، فليس الإيمان مجرد أن يقول: أنا أؤمن بالله وأؤمن بأني سأبعث، بل لا بد أن يقبل ويذعن، ولهذا فهم غير مؤمنين، وإن قالوا: نؤمن بالله لقلنا: كذبتم، لو آمنتم بالله لآمنتم برسوله محمد عليه الصلاة والسلام.
فنقول: ذهب بعض أهل العلم إلى أنها إذا كانت كتابية فإنه لا إحداد عليها، واستدلوا بالحديث، وبأن الكفار لا يخاطبون بفروع الإسلام مخاطبة فعل، وإن كانوا يخاطبون بها مخاطبة عقوبة؛ فلا تقل للكافر: لا تُرَابِ؛ لأن الربا حرام، بل قل له: أسلم أولاً، ولا تقل له: لا تلبس خاتم ذهب؛ لأنه حرام، وإنما قل له: أسلم، وكذلك ما نقول له: صلِّ، بل نقول: أسلم، فهم لا يخاطبون بفروع الإسلام مخاطبة فعل، إنما مخاطبة عقوبة؛ ولهذا قال الله تعالى: {إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ *فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ الْمُجْرِمِينَ *مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ *قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ *وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر] ، فذكروا هذه الأشياء، ولولا أن لها أثراً في عقوبتهم ما ذكروها. فما الجواب عن هذا الاستدلال؟
الجواب كالتالي:
أما الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج» فالمراد بذلك الحث والإغراء، أي: إغراء المرأة على الفعل، وليس قيداً يخرج ما عداه، كما تقول: لا يمكن للكريم أن يهين ضيفه، قصدك بهذا أن تحثه على إكرام الضيف، وكذلك أيضاً قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم» [(185)]، فالمقصود بهذا الإغراء والحث، وليس قيداً يخرج به ما سوى الموصوف، حتى نقول: إنه يخرج به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
وهذه قاعدة ينبغي أن يتنبه لها الإنسان، فكل وصف محمود ذكر في مقام التحذير فالمقصود به الإغراء، كأنه يقول: إن كنت كريماً حقاً فهذا لا يمكن أن يقع منك، إن كنت مؤمناً بالله واليوم الآخر فهذا لا يمكن أن يقع منك.
وأما الجواب عن قولهم: إن غير المسلم لا يخاطب بفروع الإسلام خطاب فعل؛ نقول: هذا صحيح، لكن هذا في غير حق الآدمي، والإحداد من حقوق الزوج كالعدة، فهو تابع لها فلذلك وجب، ولهذا لو أن الزوج أجبر زوجته الذمية على غسل الجنابة، فقد سبق لنا أن القول الراجح أن له إجبارها، كما أنه يجبرها على قص الأظافر، وعلى نتف الإبط وما أشبه ذلك؛ لأن هذه من حقوقه.

أَوْ أَمَةً، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ، وَيُبَاحُ لِبَائِنٍ مِنْ حَيٍّ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى رَجْعِيَّةٍ وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِناً، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بَاطِلٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ،........
قوله: «أو أمة» يعني يلزم الإحداد على المتوفى عنها زوجها ولو كانت أمة، وتكون أمة إذا كان زوجها رقيقاً، أو كان حراً ممن يجوز له نكاح الإماء، فتلزمها العدة والإحداد.
فإن قال قائل: في إلزامها بالإحداد ضرر على سيدها.
فالجواب: أن هذا الضرر قد التزم به سيدها؛ لأن تزويجه إياها التزام بما يجب لذلك العقد، فيكون هو الذي أوجب على نفسه ذلك.
وأما قول من يقول: إنها ليس عليها شيء؛ لأنها ليست وارثة، فيقال: المسألة ليست مبنية على الإرث، بل مبنية على حق الزوج، وهي فرع وتبع للعدة.
وأيضاً يقولون: إنه لما مات الزوج تعلق بها حق السيد، فنقول: ما دامت في العدة فلا حق للسيد فيها، ولهذا لو أراد أن يستمتع بها سيدها في العدة مُنع من ذلك.
قوله: «أو غير مكلفة» وهي الصغيرةُ والمجنونةُ، فلو مات شخص عن زوجة مجنونة فإنه تجب عليها العدة؛ لأنها زوجة، ويجب عليها الإحداد فيَلْزمُ وليَّها أن يجنبها ما تتجنبه المحادة والصغيرة ولو كانت في المهد، كبنت صغيرة في المهد مات عنها زوجها فيجب أن تُحِدَّ، فلا تلبس لباس الزينة، ولا حلي الذهب، ولا يُخرج بها من البيت، كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله.
فإذا قال قائل: كيف تلزمونها بالإحداد وهي غير مكلفة؟!
نقول: لأن هذا من حقوق الزوج، وليس من باب العبادات، فالعبادات مرفوعة عنها بلا شك، لكن هذا من حقوق الزوجية، فكما نلزمها بالعدة نلزمها كذلك بالإحداد؛ لأنه تابع لها.
قوله: «ويباح لبائن من حي» أي: ويباح الإحداد لبائن من حي ولا يجب، والبائن هي التي كان فراقها بواحد من ثلاثة أمور كما سبق وهي: الفسخ، والطلاق على عوض، والطلاق المتمم للعدد، فلا يملك زوجها أن يرجع إليها بلا عقد.
وإنما قال المؤلف: «يباح» لأن بعض أهل العلم قال: يجب على البائن أن تحد قياساً على المتوفى عنها زوجها؛ لأن كل واحدة منهما عدتها بينونة، فما يثبت للمتوفى عنها يثبت للبائن.
ولكن المذهب أنه يباح لها فقط، قالوا: والقياس مقابل للنص؛ لأن الحديث صريح: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج» [(186)]، أي: على زوج ميت، وليس على زوج مطلقاً؛ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، فالراجح أنها لا تحد.
فإن قال قائل: قد تتكدر على زوجها الذي فارقها فراقاً بائناً أكثر من تكدرها لموت زوجها عنها.
فيقال: هذا لا عبرة به.
قوله: «ولا يجب على رجعية» الضمير في قوله: «ولا يجب» يعود على الإحداد، أي: لا يجب على رجعية الإحداد.
وقوله: «رجعية» يعني التي لزوجها أن يراجعها، وهي التي طُلِّقَتْ بعد الدخول على غير عوض دون ما يملك من العدد، يعني دون استكمال العدد، وإنما قال المؤلف: «لا يجب» دفعاً لقول من يقول: إنه يجب أن تحد الرجعية؛ لأن الله يقول: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يُخْرَجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] ، فهل الاستدلال بهذه الآية صحيح؟
نقول: ليس بصحيح؛ لأن الله ـ تعالى ـ نهى أن نُخرجها، ونهى أن تَخْرج، وليس المعنى أن تلزم الإحداد، ولا تتطيب، ولا تتجمل، ولا تتشرف لزوجها.
ثم إن قوله: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يُخْرَجْنَ ...} ليس المراد به أننا نلزمها البيت، فما تخرج ولا لزيارة أهلها، ولكن المعنى لا تخرجوهن من السكنى، أما خروجها المعتاد الذي كان لها قبل أن تطلق فهو مباح لها على القول الراجح، وإن كان المذهب يرون أنها تلزم البيت كما تلزمه المتوفى عنها زوجها.
تنبيه:
ليس معنى قول المؤلف: «ولا يجب على رجعية» أنه لو مات عنها وهي في عدتها أنها ما يجب عليها الإحداد، المعنى لو طلقها طلاقاً رجعياً فإنه لا يجب عليها الإحداد وهو حي، أما لو مات عنها وهي مطلقة طلاقاً رجعياً، فقد سبق أنها تنتقل إلى عدة الوفاة ويلزمها الإحداد.
قوله: «وموطوءة بشبهة» يعني أن الإنسان إذا وطئ امرأة بشبهة فقد تقدم أنه تجب عليها العدة، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إنها استبراء، فهذه لا يجب عليها أن تحد، حتى لو قلنا بأن عليها العدة كمطلقة كما هو المذهب.
قوله: «أو زناً» أي: ولا يجب الإحداد على موطوءة بزنا من باب أولى.
قوله: «أو في نكاح فاسد» أي: لا يجب الإحداد على موطوءة في نكاح فاسد مختلف فيه، ولكن العدة تجب في النكاح الفاسد.
قوله: «أو باطل، أو ملك يمين» أي: لا يجب على موطوءة بنكاح باطل أو ملك يمين الإحداد، والعلة أنهما ليستا زوجتين متوفى عنهما.
إذاً التي يجب عليها الإحداد كل امرأة متوفى عنها زوجها في نكاح صحيح، فإن اختل شرط لم يجب الإحداد.
تنبيه:
المؤلف رحمه الله ما بين الإحداد على غير الزوج، والإحداد على غير الزوج لا يجوز إلا في ثلاثة أيام فأقل، فهو جائز وليس بواجب، ولا ينبغي أيضاً، لكن رخص فيه الشرع؛ لأن النفس بطبيعتها مع شدة الصدمة لا شك أنه يتغير مزاج الإنسان، ولا يحب الانطلاق في الملاذ وفي الملابس وفي غيره، فيجوز أن يحد في خلال ثلاثة أيام فقط، فلو مات أبو المرأة حرم عليها أن تحد فوق ثلاثة أيام، ولو مات زوجها وجب عليها أن تحد مدة العدة.


[180]سبق تخريجه ص(349).

[181]أخرجه البخاري في الحيض/ باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض (313)، ومسلم في الطلاق/ باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة... (66) (938) عن أم عطية رضي الله عنها.
[182]أخرجه البخاري في الجنائز/ باب إحداد المرأة على غير زوجها (1280)، ومسلم في الطلاق/ باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة... (1486) عن أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[183]أخرجه البخاري في الجمعة/ باب من جاء والإمام يخطب... (931)، ومسلم في الجمعة/ باب التحية والإمام يخطب (875) عن جابر رضي الله عنه.
[184]سبق تخريجه ص(394).
[185]أخرجه مسلم في الحج/ باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره (1339) عن أبي هريرة رضي الله عنه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, بيان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir