دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 رجب 1434هـ/20-05-2013م, 10:14 AM
أم صفية أم صفية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 212
افتراضي الباب الأوّل في ذكر ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه أنّه ختم على قلوب من أراد من عباده فهم لا يهتدون إلى الحقّ ولا يسمعونه ولا يبصرونه وأنّه طبع على قل

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (الباب الأوّل في ذكر ما أخبرنا اللّه تعالى في كتابه أنّه ختم على قلوب من أراد من عباده فهم لا يهتدون إلى الحقّ ولا يسمعونه ولا يبصرونه وأنّه طبع على قلوبهم قال اللّه عزّ وجلّ {إنّ الّذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ ولهم عذابٌ عظيمٌ} [البقرة: 7] . وقال عزّ وجلّ {بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلّا قليلًا} [النساء: 155] . وقال عزّ وجلّ {ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئًا أولئك الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم لهم في الدّنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ} [المائدة: 41] . وقال عزّ وجلّ {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن يروا كلّ آيةٍ لا يؤمنوا بها} [الأنعام: 25] .
[الإبانة الكبرى: 3/253]
وقال عزّ وجلّ {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقًا حرجًا كأنّما يصّعّد في السّماء} [الأنعام: 125] الآية. وقال عزّ وجلّ {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع اللّه على قلوبهم فهم لا يعلمون} [التوبة: 93] . وقال أيضًا {وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} [التوبة: 87] . وقال عزّ وجلّ {أولئك الّذين طبع اللّه على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون} [النحل: 108] . وقال عزّ وجلّ {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} [الإسراء: 45] . وقال عزّ وجلّ {ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه فأعرض عنها ونسي ما قدّمت يداه إنّا جعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا} [الكهف: 57] . وقال عزّ وجلّ {ولو نزّلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتّى يروا
[الإبانة الكبرى: 3/254]
العذاب الأليم} [الشعراء: 198] . وقال عزّ وجلّ {لقد حقّ القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنّا جعلنا في أعناقهم أغلالًا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدًّا ومن خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [يس: 7] . وقال عزّ وجلّ {أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه وأضلّه اللّه على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديه من بعد اللّه أفلا تذكّرون} [الجاثية: 23] . وقال عزّ وجلّ {أولئك الّذين طبع اللّه على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم} [محمد: 16] . وقال عزّ وجلّ {ذلك بأنّهم آمنوا ثمّ كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} [المنافقون: 3] . فهذا ونحوه من القرآن ممّا يستدلّ به العقلاء من عباد اللّه المؤمنين على أنّ اللّه عزّ وجلّ خلق خلقًا من عباده أراد بهم الشّقاء، فكتب ذلك عليهم في أمّ الكتاب عنده، فختم على قلوبهم، فحال بينهم وبين الحقّ أن يقبلوه وغشّى أبصارهم عنه، فلم يبصروه، وجعل في آذانهم الوقر فلم يسمعوه، وجعل
[الإبانة الكبرى: 3/255]
قلوبهم ضيّقةً حرجةً وجعل عليها أكنّةً ومنعها الطّهارة فصارت رجسةً لأنّه خلقهم للنّار، فحال بينهم وبين قبول ما ينجّيهم منها، فإنّه قال اللّه عزّ وجلّ {ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا من الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ} [الأعراف: 179] . وقال تعالى {وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين} [هود: 119] . فهذا وما أشبهه فرضٌ على المؤمنين الإيمان به، وأن يردّوا علم ذلك ومراد اللّه فيه إلى اللّه عزّ وجلّ، ويحمل جهل العلم بذلك المؤمن على نفسه ولا ينبغي للمخلوقين أن يتفكّروا فيه ولا يقولوا: لم فعل اللّه ذلك، ولا كيف صنع ذلك، وفرضٌ على المؤمن أن يعلم أنّ ذلك عدلٌ من فعل اللّه، لأنّ الخلق كلّه للّه عزّ وجلّ، والملك ملكه، والعبيد عبيده، يفعل بهم ما يشاء، ويهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، ويعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويسعد من يشاء ويحمده على السّعادة، ويشقي من يشاء ويذمّه على الشّقاء، وهو عدلٌ في ذلك، لا رادّ لحكمه ولا معقّب لقضائه {لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23] واختصّ برحمته من يشاء من عباده فشرح صدورهم للإيمان به وحبّبه إليهم وزيّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وسمّاهم
[الإبانة الكبرى: 3/256]
راشدين، وأثنى عليهم بإحسانه إليهم لأنّه خصّهم بالنّعمة قبل أن يعرفوه، وبدأهم بالهداية قبل أن يسألوه، ودلّهم بنفسه من نفسه على نفسه رحمةً منه لهم وعنايةً بهم من غير أن يستحقّوه، وصنع بهم ما وجب عليهم شكره، فشكرهم هو على إحسانه إليهم قبل أن يشكروه، وابتاع منهم ملكه الّذي هو له وهم لا يملكونه، وجعل ثمن ذلك ما لا يحسنون أن يطلبوه، فقال {إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة} [التوبة: 111] ثمّ قال {فاستبشروا ببيعكم الّذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [التوبة: 111] فقالوا حين قبضوا ثمن ابتياعه منهم ووصلوا إلى ربح تجارتهم {الحمد للّه الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ} [الأعراف: 43] . فيسأل الجاهل الملحد المعترض على اللّه في أمره والمنازع له في ملكه الّذي يقول: كيف قضى اللّه عليّ المعصية؟ ولم يعذّبني عليها؟ وكيف حال بين قومٍ وبين الإيمان؟ وكيف يصليهم بذلك النّيران؟ أن يعترض عليه في بدايته بالهداية لأنبيائه وأصفيائه وأوليائه، فيقول: لم خلق اللّه آدم بيده وأسجد له ملائكته؟ ولم اتّخذ إبراهيم خليلًا وأتاه رشده من قبل؟ ولم كلّم اللّه موسى؟ ولم خلق عيسى من غير أبٍ وجعله آيةً للعالمين وخصّه بإحياء الأموات وجعل فيه الآيات المعجزات من إبراء الأكمه والأبرص وأن يخلق من الطّين طيرًا؟
[الإبانة الكبرى: 3/257]
تعالى اللّه عن اعتراض الملحدين علوًّا كبيرًا. لكن نقول: إنّ للّه المنّة والشّكر فيما هدى وأعطى، وهو الحكم العدل فيما منع وأضلّ وأشقى، فله الحمد والمنّة على من تفضّل عليه وهداه، وله الحجّة البالغة على من أضلّه وأشقاه. قال اللّه عزّ وجلّ {يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل اللّه يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} [الحجرات: 17] . وقال أهل النّار {ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قومًا ضالّين} [المؤمنون: 106] . وقالوا {لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير} [الملك: 10] . فهذه طريقة من أحبّ اللّه هدايته إن شاء اللّه، ومن استنقذه من حبائل الشّياطين وخلّصه من فخوخ الأئمّة المضلّين
[الإبانة الكبرى: 3/258]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأوّل, الباب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir