دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 09:47 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الحج والعمرة : الباب الرابع عشر : في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم

الباب الرابع عشر: في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرته
الفصل الأول: في عدد حجاته وعمره ووقتها
1784 - (ت) جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- «أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حجّ ثلاث حججٍ: حجّتين قبل أن يهاجر، وحجة بعد ما هاجر معها عمرة، فساق ثلاثا وستين بدنة، وجاء عليّ من اليمن بيقيّتها، فيها جملٌ في أنفه برةٌ من فضّةٍ، فنحرها، فأمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- من كّلّ بدنةٍ ببضعةٍ فطبخت، وشرب من مرقها». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
ببضعة: البضعة: القطعة من الشيء.
1785 - (خ م ت د) عروة بن الزبير بن العوام -رضي اللّه عنهما- قال: «كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة -رضي اللّه عنها-، وإنّا لنسمع ضربها بالسّواك تستنّ، قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن، اعتمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في رجبٍ؟ قال: نعم، فقلت لعائشة أي أمتاه: ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول: اعتمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في رجب، فقالت: يغفر اللّه لأبي عبد الرحمن، لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر من عمرةٍ إلا وإنّه لمعه، قال: وابن عمر يسمع، ما قال: لا، ولا: نعم، سكت.
وفي رواية مجاهد بن جبرٍ قال: «دخلت أنا وعروة المسجد، فإذا ابن عمر جالسٌ إلى جنب حجرة عائشة، وإذا أناسٌ يصلّون في المسجد صلاة الضّحى، قال: فسألناه عن صلاتهم؟ فقال: بدعةٌ، ثم قال له: كم اعتمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أربعٌ، إحداهنّ في رجب، فكرهنا أن نردّ عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أمّ المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أمّ المؤمنين، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قال: يقول: إنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربع عمراتٍ، إحداهنّ في رجبٍ، فقالت: يرحم اللّه أبا عبد الرحمن، ما اعتمر [عمرة] إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجبٍ قطٌ». هذه رواية البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: عن عروة مختصرا، قال: «سئل ابن عمر: في أيّ شهرٍ اعتمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: في رجبٍ، فقالت عائشة: ما اعتمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو معه - تعني ابن عمر - وما اعتمر في شهر رجبٍ قطّ».
وفي أخرى له عن مجاهد: أنّ ابن عمر قال: إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربعا، إحداهن في رجبٍ، لم يزد على هذا».
وفي رواية أبي داود: عن مجاهد قال: «سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: عمرتين، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: لقد علم أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثا، سوى التي قرنها بحجّة الوداع».
وفي أخرى له: عن عروة عن عائشة قالت: «إنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال».
[شرح الغريب]
تستن: الاستنان: التسوك بالسواك.
1786 - (خ م ت د) قتادة قال: «سألت أنسا -رضي آللّه عنه-: كم حجّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: حجّ حجّة واحدة، واعتمر أربع عمرٍ: عمرة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجّته، وعمرة الجعرانة، إذ قسم غنيمة حنينٍ». هذه رواية الترمذي.
وفي رواية البخاري ومسلم: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربع عمر، كلّها في ذي القعدة. إلا التي مع حجّته: عمرة من الحديبية - أو زمن الحديبية - في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من جعرانة، حيث قسم غنائم حنينٍ في ذي القعدة، وعمرة في حجّته».
ولهما في أخرى بنحو رواية الترمذي.
وفي رواية أبي داود مثل روايتهما الأولى.
1787 - (ت د س) محرش الكعبي - رضي الله عنه - «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- خرج من الجعرانة ليلا معتمرا، فدخل مكة ليلا، فقضى عمرته، ثم خرج من ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائتٍ، فلمّا زالت الشمس من الغد خرج في بطن سرف، حتّى جامع الطريق، طريق جمعٍ ببطن سرف، فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس»
هذه رواية الترمذي والنسائي.
وفي رواية أبي داود قال: «دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الجعرانة فجاء إلى المسجد، فركع ما شاء، ثم أحرم، ثمّ استوى على راحلته فاستقبل بطن سرف، حتى أتى طريق المدينة، فأصبح بمكة كبائتٍ».
1788 - (ت د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة الثّانية من قابلٍ: عمرة القضاء في ذي القعدة، عمرة الثّالثة: من الجعرانة، والرّابعة: التي مع حجّته».
أخرجه الترمذي، وقال: وقد روي عن عكرمة مرسلا.
وفي رواية أبي داود زيادة في لفظه قال: «والثانية: حين تواطؤوا على عمرة قابلٍ - قال قتيبة: يعني: عمرة القضاء في ذي القعدة - وقال في الرابعة: التي قرن مع حجّته».
1789 - (ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - «أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اعتمر في ذي القعدة». أخرجه الترمذي.
1790 - (ط) عروة بن الزبير -رضي اللّه عنهما- «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر إلا ثلاث عمر، إحداهن في شوال، وثنتان في ذي القعدة» أخرجه الموطأ.
1791 - (ط) مالك بن أنس -رحمه اللّه- «بلغه: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثا: عام الحديبية، وعام القضيّة، وعام الجعرانة». أخرجه الموطأ.
1792 - (د) عبد اللّه بن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: «اعتمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحجّ». أخرجه أبو داود.
1793 - (د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- أقام في عمرة القضاء ثلاثا». أخرجه أبو داود.
1794 - (خ) عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - سمع ابن عباس يقول: «لما اعتمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- سترناه من غلمان المشركين ومنهم أن يؤذوا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه البخاري.
وهذا الحديث لم أجده في كتاب الحميديّ الذي قرأته.
الفصل الثاني: في ذكر حجة الوداع
1795 - (خ م) عبد اللّه بن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: «كنّا نتحدّث عن حجة الوداع، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا، ولا ندري ما حجّة الوداع، حتى حمد اللّه رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال، فأطنب في ذكره، وقال: ما بعث اللّه من نبيٍّ إلا أنذره أمّته: أنذره نوحٌ والنّبيون من بعده، وإنّه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم، إنّ ربّكم ليس بأعور، إنه أعور عين اليمنى، كأنّ عينه عنبة طافية، ألا إنّ اللّه حرّم عليكم دماءكم وأموالكم، كحرمةٍ يومكم هذا، وفي بلدكم هذا، ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: اللّهمّ اشهد- ثلاثا- ويلكم- أو ويحكم -، انظروا، لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ». هذه رواية البخاري.
وأخرج مسلم طرفا منه، وهو قوله: «ويحكم - أو قال: ويلكم - لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ».
وأخرج البخاري أيضا هذا الفصل مفردا.
وأخرجا جميعا الفصل الذي فيه: «أتدرون: أيّ يوم هذا؟، وتحريم الدماء والأعراض في موضعٍ بعده، دون ذكر الدجال، ولا ترجعوا بعدي كفارا».
قال البخاري: وقال هشام بن الغاز: عن نافع عن ابن عمر: «وقف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم النّحر بين الجمرات في الحجّةٍ التي حجّ فيها، وقال: أيّ يومٍ هذا؟ - وذكر نحو ما سبق أولا - وقال: هذا يوم الحجّ الأكبر، فطفق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: اللّهمّ اشهد، ثّمّ ودّع النّاس، فقالوا: هذه حجّة الوداع».
[شرح الغريب]
عنبة طافية: العنبة الطافية: هي التي قد خرجت عن حد أخواتها في النبات والنتوء، فهي نادرة بينهن.
1796 - (م د س) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين -رحمه اللّه- عن أبيه قال: «دخلنا على جابر بن عبد اللّه فسأل عن القوم؟ حتى انتهى إليّ، فقلت: أنا محمد بن عليٍ بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زرّي الأعلى، ثمّ نزع زرّي الأسفل، ثم وضع يده بين ثدييّ، وأنا يومئذٍ غلامٌ شابٌ، فقال: مرحبا بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته - وهو أعمى -، وحضر وقت الصلاة، فقام في نساجةٍ ملتحفا بها، كلّما وضعها على منكٍبه رجع طرفاها إليه من صغرها. ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلّى بنا، فقلت: أخبرني عن حجّة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فعقد بيده تسعا، فقال: إنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- مكث تسع سنين لم يحجّ ثمّ أذّن في النّاس في العاشرة، أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- حاجٌ، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه، حتي أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميسٍ محمّد ابن أبي بكرٍ، فأرسلت إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفرى بثوبٍ وأحرمي، فصلّى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ثم ركب القصواء، حتى استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مدّ بصري بين يديه من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيءٍ عملنا به، فأهلّ بالتوحيد: لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك، وأهلّ الناس بهذا الذي يهلّون به، فلم يردّ عليهم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- شيئا منه، ولزم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- تلبيته - قال جابر: لسنا ننوي إلا الحجّ، لسنا نعرف العمرة - حتى إذا أتينا البيت معه استلم الرّكن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول - ولا أعلمه ذكره إلا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - كان يقرأ في الركعتين: {قل هو الله أحدٌ}، و: {قل يا أيّها الكافرون}، ثم رجع إلى الرّكن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصّفا، فلمّا دنا من الصفا قرأ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158] أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتّى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحّد الله وكبّره، وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثمّ دعا بين ذلك - قال: هذا ثلاث مرّاتٍ - ثم نزل إلى المروة، حتّى إذا انصبّت قدماه في بطن الوادي رمل، حتى إذا صعدنا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصّفا، حتى إذا كان آخر طوافٍ علا على المروة قال: لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هديٌ فليحلّ، وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشمٍ، فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا، أم للأبد؟ فشبّك رسول الله أصابعه واحدةٌ في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحجّ - هكذا مرّتين - لا، بل لأبد أبدٍ، وٍقدم عليٌّ من اليمن ببدن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فوجد فاطمة ممّن حلّ، ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إنّ أبي أمرني بهذا، قال: وكان عليٌّ - رضي الله عنه - يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرّشا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيا لرسول الله فيما ذكرت عنه، فأخبرته: أني أنكرت ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال: صدقت، صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحجّ؟ قال: قلت: اللهم إني أهلّ بما أهلّ به رسولك، قال: فإنّ معي الهدي فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن والذي أتى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مائة قال: فحلّ الناس كلّهم وقصّروا، إلا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه هدي، فلمّا كان يوم التّروية توجّهوا إلى منّى، فأهلوا بالحجّ، وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبّةٍ من شعرٍ تضرب له بنمرة، فسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تشكّ قريشٌ، إلا أنه واقفٌ عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريشٌ تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفة، فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فركب فأتى بطن الوادي، فخطب النّاس، وقال: إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بدلكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإنّ أوّل دمٍ أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعدٍ، فقتلته هذيلٌ، وربا الجاهلية موضوع، وأوّل ربا أضع من ربانا، ربا العبّاس بن عبد المطلب، فإنه موضوعٌ كلّه، فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولكن عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرّحٍ، ولهنّ عليكم رزقهنّ، وكسوتهنّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده، إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت، فقال بإصبعه السّبابة، يرفعها إلى السماء وينكّبها إلى النّاس: اللّهمّ اشهد، اللّهمّ اشهد ثلاث مرات، ثم أذّن بلالٌ، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يصلّ بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصّخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتّى غربت الشّمس، وذهبت الصّفرة قليلا حين غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد شنق للقصواء الزّمام حتى إنّ رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده: أيّها النّاس، السّكينة، السّكينة، كلّما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتّى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلّى بها المغرب، والعشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يسبّح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى طلع الفجر، فصلّى الفجر حين تبيّن الصّبح بأذانٍ وإقامةٍ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فرقي عليه، فاستقبل القبلة، فحمد الله وكبّره، وهلّله، ووحّده، فلم يزل واقفا حتّى أسفر جدا، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عبّاسٍ، وكان رجلا حسن الشّعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّت ظعنٌ يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على وجه الفضل، فحوّل الفضل وجهه إلى الشقّ الآخر ينظر، فحوّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده من الشّقّ الآخر على وجه الفضل، فصرف وجهه من الشّقّ الآخر ينظر، حتى أتى بطن محسّرٍ، فحرّك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج إلى الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشّجرة، فرماها بسبع حصياتٍ، يكبّر مع كل حصاةٍ منها، حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستّين بدنة بيده، ثم أعطى عليّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كلّ بدنةٍ ببضعةٍ فجعلت في قدرٍ، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثمّ ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت، فصلّى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب، وهم يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا فشرب منه».
وفي رواية: بنحو هذا، وزاد: «وكانت العرب يدفع بهم أبو سيّارة على حمارٍ عريٍ، فلما أجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشكّ قريشٌ أنّه سيقتصر عليه، ويكون منزله ثمّ، فأجاز ولم يعرض له، حتّى أتى عرفاتٍ فنزل».
وفي أخرى: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «نحرت هاهنا، ومنى كلّها منحرٌ، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا، وعرفة كلّها موقفٌ، ووقفت هاهنا، وجمع كلها موقفٌ». هذه رواية مسلم. وأخرج أبو داود الحديث بطوله.
وله في أخرى عند قوله: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} [البقرة: 125]، قال: «يقرأ فيهما، بالتوحيد، و: {قل يا أيّها الكافرون}، وقال فيه: فقال عليٌّ بالكوفة: قال أبي: هذا الحرف لم يذكره جابرٌ، يعني: فذهبت محرّشا... وذكر قصة فاطمة».
وأخرج النسائي من الحديث أطرافا متفرّقة في كتابه، وقد ذكرناها.
قال محمد: «أتينا جابرا فسألناه عن حجّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: إنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن لم يكن معه هديٌ فليحلّ، وليجعلها عمرة، وقدم عليّ من اليمن يهدي، وساق رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- من المدينة هديا، وإذا فاطمة قد لبست ثيابا صبيغا واكتحلت، قال عليّ: فانطلقت محرّشا أستفتي رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول اللّه، إنّ فاطمة قد لبست ثيابا صبيغا واكتحلت، وقالت: أمرني أبي، قال: صدقت صدقت صدقت، أنا أمرتها».
وله في موضعٍ آخر: قال: «إنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- مكث بالمدينة تسع حججٍ، ثم أذّن في النّاس، أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- حاجّ هذا العام، فنزل المدينة بشرٌ كثيرٌ، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، ويفعل كما فعل، فخرج رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لخمسٍ بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه، قال جابر: ورسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا ينزل عليه القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فخرجنا لا ننوي إلا الحجّ».
وله في موضع آخر: قال: إنّ عليا قدم من اليمن بهدي، وساق رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- من المدينة هديا، فقال لعلي: بم أهللت؟ قال: قلت: اللهمّ إني أهللت بما أهلّ به رسول اللّه. ومعي الهدي، قال: فلا تحلّ إذا».
وله في موضع آخر: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لما أتى ذا الحليفة صلّى وهو صامتٌ، حتى أتى البيداء».
وفي موضع آخر: قال: «أقام رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- تسع سنين لم يحجّ، ثم أذّن في الناس بالحجّ، فلم يبق أحد يريد أن يأتي راكبا أو راجلا إلا قدم، فتدارك النّاس ليخرجوا معه، حتى حاذى ذا الحليفة، وولدت أسماء بنت عميسٍ محمد بن أبي بكرٍ، فأرسلت إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: اغتسلي واستثفري بثوبٍ ثمّ أهلي، ففعلت».
وفي موضعٍ آخر: قال: «إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ساق هديا في حجته».
وفي موضعٍ آخر: قال: «قدم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- مكة ودخل المسجد، فاستلم الحجر، ثم مضى عن يمينه، فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم أتى المقام، فقال: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} [البقرة: 125] فصلّى ركعتين، والمقام بينه وبين البيت، ثم أتى البيت بعد الركعتين فاستلم الحجر، ثم خرج إلى الصّفا».
وفي موضع آخر: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- خرج من المسجد وهو يريد الصفا، وهو يقول: نبدأ بما بدأ اللّه به، ثم قرأ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه} [البقرة: 158].
وفي موضع آخر: قال: «إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رقي على الصفا، حتى إذا نظر إلى البيت كبّر». وفي موضع آخر: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وقف على الصّفا يكبّر ويقول: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قديرٌ، يصنع ذلك ثلاث مرّاتٍ ويدعو، ويصنع على المروة مثل ذلك».
وفي موضع آخر: قال «طاف رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بالبيت سبعا: رمل منها ثلاثا، ومشى أربعا، ثم قام عند المقام، فصّلى ركعتين، وقرأ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى} ورفع صوته ليسمع النّاس، ثم انصرف فاستلم، ثمّ ذهب، فقال: نبدأ بما بدأ اللّه به، فبدأ بالصّفا، رقي عليه حتى بدا له البيت، وقال ثلاث مراتٍ: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، وكبّر اللّه وحمده ثم دعا بما قدّر له، ثمّ نزل ماشيا حتى تصوّبت قدماه في بطن المسيل، فسعى حتّى صعدت قدماه، ثم مشى حتى أتى المروة، فصعد فيها، حتى بدا له البيت، فقال: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ، قال: ثلاث مراتٍ، ثم ذكر اللّه وسبّحه وحمده، ودعا بما شاء، فعل هذا حتّى فرغ من الطواف».
وفي موضع آخر: قال: «سار رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفة، ووجد القبّة قد ضربت له بنمرة، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، حتى إذا انتهى إلى بطن الوادي خطب النّاس، ثمّ أذّن، ثم أقام، فصلّى الظهر، ثمّ أقام فصلى العصر، ولم يصلّ بينهما شيئا».
وفي موضع آخر: أنّ نبيّ اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «عرفة كلّها موقفٌ».
وفي موضع آخر قال: «المزدلفة كلها موقفٌ».
وفي موضع آخر: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- دفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشّمس، فأردف الفضل بن عبّاسٍ، حتّى أتى محسّرا، حرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصياتٍ، يكبّر مع كلّ حصاةٍ منها، حصى الخذف، ورمى من بطن الوادي».
وزاد في طرفٍ آخر: «ثم انصرف إلى المنحر فنحر».
وفي موضع آخر: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- نحر بعض بدنه بيده، ونحر بعضه غيره».
[شرح الغريب]
نساجة: ضرب من الملاحف المنسوجة.
المشجب: أعواد مركبة يوضع عليها الرحل والثياب.
واسثفري استثفار الحائض: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة توثق طرفيها في شيء آخر قد شدته علي وسطها،ليمتنع الدم أن يجري ويقطر.
القصواء: اسم ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن قصواء، لأن القصواء،هي المقطوعة الأذن.
صبيغا: ثوب صبيغ، أي: مصبوغ، فعيل بمعني: مفعول.
محرشا: التحريش: الإغراء،ووصف ما يوجب عتاب المنقول عنه وتوبيخه.
بكلمة الله: كلمة الله: هي قوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} البقرة: 229.
لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهون معناه: أن لايأذن لأحد من الرجال أن يتحدث إليهن، وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب، لا يرون ذلك عيبا،ولا يعدونه ريبة، إلى أن نزلت آية الحجاب، وليس المراد بوطء الفراش: نفس الزنا، لأن ذلك محرم علي الوجوه كلها، فلا معنى لا شتراط الكراهة فيه، ولو كان ذلك كذلك لم يكنن الضرب فيه ضربا غير مبرح، إنما كان فيه الحد، والضرب المبرح: هو الضرب الشديد.
ينكبها نكب إصبعه: أمالها إلى الناس، يريد بذلك أن يشهد الله عليهم.
حبل المشاة الحبل: واحد حبال الرمل، وهو ما استطال منه مرتفعا.
شنق زمام ناقته: إذا جمعه إليه كفا لها عن السرعة. في المشي.
مورك: الرحل: ما يكون بين يدي الرحل، يضع الراكب رجله عليه، يقال: ورك وورك، مخففا ومثقلا.
ولم يسبح بينهما: السبحة: الصلاة، وقيل: هي النافلة من الصلاة، أي: لم يصل بينهما سنة.
وسيما: رجل وسيم: له منظر جميل.
ظعن: جمع، ظعينة وهي المرأة في الهودج، والهودج أيضا يسمى: ظعينة.
ماغب: الغابر: الباقي.
انزعوا: النزع: الاستقاء.
1797 - (خ) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: «انطلق رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعدما ترجّل وادّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس، إلاّ المزعفرة التي تردع على الجلد. فأصبح بذي الحليفة، وركب راحلته حتّى استوى على البيداء أهلّ هو وأصّحابه، وقلّد بدنه، وذلك لخمسٍ بقين من ذي القعدة فقدم مكة لأربعٍ خلون من ذي الحجّة، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحلّ من أجل بدنه، لأنّه قلّدها، ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون، وهو مهلّ، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت، وبين الصّفا والمروة، ثم يقصّروا رؤوسهم ثم يحلّوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنةٌ قلّدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلالٌ والطّيب والثياب». أخرجه البخاري
[شرح الغريب]
ترجل: الترجيل: تسريح الشعر.
تردع: ثوب رديع، أي صبيغ، وقد ردعته بالزعفران، والمراد: الذي يؤثر صبغه في الجسد، فيصبغه من لونه.
1798 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «وقف رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بعرفة، فقال: هذه عرفة، وهو الموقف، وعرفة كلّها موقف، ثمّ أفاض حين غربت الشّمس، وأردف أسامة بن زيدٍ، وجعل يشير بيده على هينته، النّاس يضربون يمينا وشمالا لا يلتفت إليهم، ويقول: يا أيّها النّاس، عليكم السّكينة، ثم أتى جمعا فصلّى بهم الصّلاتين جميعا، فلمّا أصبح أتى قزح، ووقف عليه، وقال: هذا قزح، وهو الموقف، وجمع كلّها موقف، ثم أفاض حتى انتهى إلى وادي محسّرٍ، فقرع ناقته، فخبّت حتى جاز الوادي، فوقف وأردف الفضل، ثم أتى الجمرة فرماها، ثم أتى المنحر، فقال: هذا المنحر، ومنّى كلهّا منحرٌ، واستفتته جاريةٌ شابّةٌ من خثعم، قالت: إنّ أبي شيخٌ كبيرٌ، قد أدركته فريضة اللّه في الحجّ، أفيجزىء أن أحجّ عنه؟ قال: حجّي عن أبيك، قال: ولوى عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول اللّه، لم لوّيت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابّا وشابّة، فلم آمن الشيّطان عليهما، فأتاه رجلٌ، فقال: يا رسول اللّه، إني أفضت قبل أن أحلق؟ قال: احلق ولا حرج، قال: وجاء آخر فقال: يا رسول اللّه، إني ذبحت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، قال: ثم أتى البيت فطاف به، ثم أتى زمزم، فقال: يا بني عبد المطلب، لولا أن يغلبكم النّاس عليه لنزعت». أخرجه الترمذي.


التوقيع :

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحج, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir