دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > النكاح والطلاق والرضاع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 06:19 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

الشيخ: هذا كتاب الطلاق ، والطلاق هو تخلية عصمة المرأة أو شراكها بعد أن ربط بينهما وثاق النكاحِ ، فالنكاح هو رباط بين الزوجين ، والطلاق حل لذلك الرباط ، علم الله تعالى أن الزوجين قد تسوء العشرة بينهما ، فلا يتلاءم الزوج مع الزوجة ، وتسوء صحبتها له ، أو صحبته لها ، ويمل كل منهما من صاحبِه , فحينئذ جعل لهما مخرجاً وهو هذا الطلاق , أباح له أن يطلِّقها ، وجُعل لذلك شروط وجعل له صفات وأسباب , ومع ذلك مع كونه مباحا فإنه مكروه ، ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق)) فجعله حلالاً ، ومع ذلك ذكر أنه مكروه عند الله ؛ وما ذاك إلا أنه يسبب الفرقة بين الزوجينِ ، وقد يكون بينهما أولاد ، وقد يكون بينهما صحبة طويلة ، وقد يسبب الطلاق أيضا الندم , أن يندم بعدما يطلق ، ولكن بعدما يفوت الأوان .
فهذا ونحوه من أسباب الطلاق , ذكرَ العلماءُ أنه يكون مباحا , إذا احتاج مثلاً, احتاج إليه بأن ملَّ صحبة المرأة ولم تناسبه , ففي الحال هو مباح، ومع ذلك فالصبر أفضل , لو صبر وتحمل المشقة وعاشر زوجته بما أمر الله بقوله: {وعاشروهن بالمعروف} لكان أولى , ولكنْ إذا حصلت الأسباب التي تسيء الصحبة فإنه يكون حلالاً ومباحاً ، وأما إذا ضجرت منه الزوجة واشتد ضررها ، واحتاجت إلى أن تفتدي نفسها ، وتبذل شيئاً من مالها حتى تفارقه وتتخلص من شره وغرره- ففي هذه الحال يكون مستحبًّا ؛ لما فيه من إزالة الضرر وتفريج الكربة . نكمل بعد الأذان .
مر بنا هذا الحديث , حديث ابن عمر أنه طلَّق امرأته وهي حائض , فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك ، وإن شاء طلق قبل أن يمس , فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)) , يعني قول الله تعالى : {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} وفسرها بعضهم بقوله: في قُبُل عدتهن أي في أول العدة أن تطلق في مستقبل العدة ؛ وذلك لأنه إذا طلقها وهي حائض فإن تلك الحيضة لا تحسب من العدة , فيكون سببا في تطويل العدة , بخلاف ما إذا طلقها وهي طاهر قبل أن يمس , فإن ذلك الطهر يكون أول عدتها ،أو تكون الحيضة التي بعده هي أول عدتها .
وقال له في هذا الحديث: ((فليطلقها قبل أن يمسها)) فأفاد بأنه إذا جامعها في ذلك الطهر لا يجوز له أن يطلقها ، وإذا حاضَتْ لا يجوز أن يطلقها في ذلك الحيض , فعرف بذلك أن الطلاق في الحيض بدعة ، وأن الطلاق في طُهر , قد وطِئَها فيه بدعة ، وأن من أراد أن يطلقها فليطلقها وهي طاهر , يعني ليس عليها حيض ولم يمسها في ذلك الطهر ، هكذا ذكروا .
ولعل ذلك لتقليل الطلاق , فإنه مثلا إذا عزم على الطلاق وملَّ من صحبة زوجته قيل له: لا تطلقها حتى .. لا تطلقها مثلا وهي حائض ؛ فإن نفسك تكون كارهة لها في تلك الحال ، وهي حالة الحيض , انتظر حتى تطهر ، فإذا صبر وانتظر إلى أن تطهر فيمكن أن نفسه تندفع إليها فيطؤها ؛ لأنه قد صبر وهي حائض ستة أو سبعة أيام وهو ينظر إليها , فيقول: سوف أجامعها في هذا الطهر , فإذا جامعها قيل له: لا تطلق , مادمت قد وطئتها في هذا الطهر فلا تطلق وهي في طهر قد وطئتها فيه , انتظر , فإذا انتظر إلى أن يأتي الحيض الثاني قيل له: لا تطلقها وهي حائض , فإذا طهرت من الحيضة الثانية وعزم على الطلاق فقد لا يصبر , يندفع إليها ويطؤها , فإذا وطئها عرف مثلا أنه لا يحل أيضاً أن يطلقها في ذلك الطهر الذي قد وطأها فيه ، فأمسكها , وهكذا .
فبعد ذلك إما أن تتحسن الحال والعلاقة بينهما ، وإما أن يخف الذي وجد في نفسه , فبعد ذلك يعزم على إمساكها ويترك طلاقها , هذا هو السبب في منعه من طلاقها في حيض وفي طهر قد وطأها فيه . إذن متى يطلق ؟ لا يطلق إلا وهي في طهر لم يمسها فيه ، أو بعدما يتبين حملها , إذا حملت وتبين حملها جاز له أن يطلق ، أو إذا بلغت سن الإياس: انقطع عنها الحيض جاز له والحال هذه أن يطلقها في أية حال .
فأما طلاقها في طهر وطأها فيه وهي غير آيسة أو في حيض فإنه طلاق بدعة , ثم هل يقع طلاق البدعة ، أو لا يقع؟ ابن عمر طلقها وهي حائض , وذلك الطلاق بدعة , أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يردَّها , قال: ((مُرْه فليراجعها)) كلمة يراجع دليل على أنها طلقة ؛ لأن الرجعة لا تكون إلا لمطلقة , فأفاد بأن تلك الطلقة حسبت .
سمعنا أيضا قوله في هذا الحديث: ((وحسبت عليه تطليقة)) ، أي: حسبت تلك الطلقة التي في الحيض ، وعدت عليه من طلقاتها ؛ وذلك لأن الرجل الزوج يملك ثلاث طلقات ، إذا طلق المرة الأولى ملك الرجعة ما دامت في العدة ، وإذا انتهت العدة قدر على نكاحها بعقد جديد إذا تراضوا بينهم , إذا طلقها المرة الثانية سميت أيضا رجعية , يقدر على أن يستردها في العدة ، ولو بدون رضاها وبدون عقد , فإذا انتهت العدة من الطلقة الثانية فهي بائن بينونة صغرى , يخطبها , وإذا تراضوا بينهم جدد العقد ورجعت إليه , فإذا طلقها الطلقة الثالثة بانت منه بينونة كبرى , بحيث لا يستطيع أن يردها ولا يقدر على ردها ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة ، لا نكاح تحليل .
فهذا هو الطلاق الشرعي . إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلا يستعجل , لا يستعجل ؛ مخافة أن يندم , كما حكي عن الفرزدق أنه لما طلق امرأته ندم ندامة شديدة وقال في شعره:
ندمت ندامة الكسعيِّ لَمَّا =غدت عني مطلقة النوارُ
زوجة له اسمها نوار , ندم عليها ندامة شديدة ، كندامة الكسعي , فهذا إذا تسرع في الطلاق فقد يندم , فعليه أن يتريث وأن يصبر .
ثانيا: إذا عزم على الطلاق فإن عليه أن يطلقها وهي طاهر , في طهر لم يطأها فيه , لا يطلق في حيض ، ولا يطلق في طهر قد جامعها فيه إلا أن تكون حاملا .
ثالثا: عليه أن يطلق واحدة ، ولا يزيد ؛ فالزيادة على الواحدة طلقتين أو ثلاث طلقات هذا بدعة , وإن كان يقع عند بعضهم ، بل يقتصر على طلقة واحدة .
رابعا: إذا طلقها فليتركها في بيته , تبقى في بيتها ؛ لأنها في حكم الزوجة , ما دامت في عدته ومحبوسة عليه فإنها كزوجة له , يجوز أن تتكشف أمامه ، ويجوز لها أن تتجمل ، وأن تتطيب ، وأن تتعرض له , فإذا غلبته نفسه واندفع إليها ووطئها فلا تمتنع منه , ويكون وطؤه لها كرجعة , يعني يعتبر راجعها , فلأجل ذلك قال الله تعالى: {واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن} يعني المطلقات , {ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} .
لا تخرج المطلقة إلا إذا كانت بذيئة اللسان ، إذا كانت مثلا شريرة فيها شيء من العتو ومن النفرة ، ومن الشر والقسوة ,القساوة الشديدة , فهذا هو الفاحشة ، الفحش هو الفحش في القول {يأتين بفاحشة مبينة} فيجوز له والحال هذه أن يخرجها .
وأما ما دام كذلك فإنه يتركها في بيتها ، ويجوز أن يدخل ذلك البيت وما دامت في العدة فلها حق أن ينفق عليها، ولها حق أن يبيت عندها , وإن بات وحفظ نفسه ولم يطأها حتى انتهت عدتها فإنها تحل بعد ذلك لغيره .إذا انتهت عدتها وهو لم يراجع ولم يجامع , حلت لغيره , وحلت له إن أراد إذا كان الطلاق رجعيا كما قلنا , فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر على ابن عمر أن طلقها وهي حائض , وجعل ذلك طلاق بدعة , وقال: ((مره فليراجعها)) فأفاد بأن من طلق حائضاً يقال له: راجعْ , ما معنى راجع ؟ يشهد , يقول الله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} اشهد يا فلان وفلان أني قد راجعت امرأتي, إلى متى هذه الرجعة ؟ إذا راجعها أمسكها , فإذا طهرت من تلك الحيضة التي طلقت فيها ، فالرجعة لها آثار , لا بد أن يجامعها في ذلك الطهر الذي يلي تلك الحيضة حتى يصدق عليه أنه راجعها ؛ لأنه قال: ((مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر)) فطلاقها في الطهر الذي راجعها فيه ..في الحيض قبله يعتبر أيضا بدعة ، يقال: إذا راجعتها وهي حائض ...
الوجـه الثانـي

...فلا تطلقها في الطهر الذي بعده ، ولو لم تمسها بل لا تتم الرجعة إلا بأن يمسها ، يمسها يجامعها في هذا الطهر , ثم يتركها , فإن تبين حملها طلقها بعد الحمل , وإن لم يتبين حملها بل حاضت الحيضة الثانية ، فإذا طهرت من الحيضة الثانية طلقها وهي طاهر , فعرفنا بذلك أنه لا يجوز الطلاق في الحيضِ ، ولكن إذا طلق فإنها تحسب عليه طلقة ، تحسب من الثلاث طلقات التي يملكها ، وإذا طلَّقها وهي حائض فإنه يؤمر أن يستردها , وإذا استردها يؤمر بأن يجامعها في الطهر الذي يلي تلك الحيضة ، وإذا جامعها وحاضت حيضة بعدها يؤمر إذا كان راغبا في طلاقها أن يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة الثانية قبل أن يجامعها , فحينئذ يكون قد طلقها لعدتها .
والعدة للحائض التي تحيض ثلاثة قروء , قال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} أي ثلاث حيض , فإذا طهرت من الحيضة الثالثة فإنها تحتجب عنه وتحل لغيره إذا خطبت , وإن خطبها بعد ذلك وتراضيا حلَّت له ، ونكحها على ما بقي له من الطلقات ، فهذا هو طلاق السنة .
عرفنا أن الطلاق أكثر من مرة يعتبر طلاق بدعة ، السنة أن يطلِّق واحدة , إن طلق اثنتين قيل: هذا طلاق بدعة ، إن طلق ثلاثا قيل: هذا طلاق بدعة ، الطلاق في الحيض بدعة ،والطلاق في طهر وطئ فيه بدعة ، والجمهور على أنه يقع الطلاق البدعي ويحسب عليه عقوبة له ، وقد ثبَتَ أن رجلا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال: إني طلقت امرأتي مائة طلقة فقال: بانت منك بثلاث طلقات , وسبع وتسعون وبالٌ عليك اتخذت بها آيات الله هُزُواً ، فأبانها بينونة كبرى بثلاث وجعل البقية وبالا عليه ، فهذا دليل على أنها تعد عليه ، ولو جمعها .
وبكل حال فالطلاق كما عرفنا تخلية نكاح المرأة وفراقها ، وقد ذكرنا أنها تتعلق به الأحكام الخمسة , فيكون مباحا إذا احتاج إلى الطلاق وضجر من الحياة ، ويكون مندوبا إذا كانت المرأة متضررة من سوء الصحبة بحاجة إلى أن تفتدي فيستحب أن يطلقها ، ولا يحوجها إلى فدية ، ويكون حراما إذا كان طلاقاً في حيضٍ أو طهر وطئ فيه ، ونحو ذلك , يعتبر حراما ؛ لأنه طلاق بدعة ، ويكون واجبا إذا آل من زوجته ألا يطأها لمدة أكثر من أربعة أشهر ، فإنه بعد الأربعة الأشهر يجب عليه أن يرجع عن يمينه أو يطلق , يجب عليه أحد الأمرين , هذا ويكون واجبا للإيلاء ، وحراما للبدعة ، ومكروهاً لغير الحاجة , إذا احسنت الصحبة بين الزوجين واستقامت الحال فإنه يكره أن يطلقها ؛ لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق ، ولأنه قد يندم بعدما يقع الطلاق ، وقد يصعب بعد ذلك تلافيه .
وقد وردت الأدلة على الأمرِ بالتغاضي , التغاضي من الزوج عما يرى من زوجته , يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن المرأة خُلقت من ضلع , وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ,وإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عِوَجٌ , وكسرها طلاقها)) أمره بأن يصبر على ما يرى فيها من عوج ، ومن نقص ومن عيب , ويتحمَّل ذلك ، ويصبر على ما يسمع أو على ما يرى ؛ وذلك لما يتأثر ، أو يتسبب على الطلاق من الفرقة وشتات الأولاد ، وندم الزوج أو الزوجة على ما وقع منهما أو من أحدهما .
كذلك أيضا المرأة مأمورة بأن تتحمل , وذلك فيما إذا كانت الصحبة السيئة من الزوج ، إذا كان سيء العشرة ، إذا كان سيء الصحبة , شرسا حقودا غضوبا شديدا , شرس الأخلاقِ ، ضيق العطنِ, بذيء الكلام , سبابا شتاما ضرابا شديد الأذى على زوجته فإنها تتحمَّل ، وتصبر وتصابر إلى أن تستقيم حاله وتصبر ،وأما إذا كانت حالته مستقيمة وليس عليها ضرر فليس لها حق أن تطلب الطلاق ؛ وذلك لقولِه صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنَّة)) , والبأس هو الضرر , فإذا كان الزوج قد أوفى عليها متطلباتها ، وأرغد عليها نفقتها وكسوتها ، وقام بحقها ولم تجد منه ضرراً ، ولم تجد منه نقصا ولا قصورا في شيء من أمور الحياة , فلا يجوز لها أن تطلب الفراق ، حتى ولو تزوَّج غيرها اثنتين أو ثلاثاً , ليس لها أن تطلب ما دام لا ضرر عليها ولا مشقة , هذا متى تحمل كل من الزوجين ما يجده من الآخر وصبر على ذلِكَ استقامت الحال وحسنت الصحبة .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطلاق, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir