دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:51 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي المضاف إلى ياء المتكلم

المضافُ إلى ياءِ المتكلِّمِ

آخِرَ ما أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إِذَا = لمْ يَكُمُعْتَلًّا كَرَامٍ وقَذَى
أوْ يكُكابْنَيْنِ وزَيْدِينَ فَذِي = جميعُها الْيَا بعدَ فَتْحِها احْتُذِي
وتُدْغَمُ الْيَا فيهِ والواوُ وإِنْ = ما قبلَ واوٍ ضُمَّ فاكْسِرْهُ يَهُنْ
وأَلِفًا سَلِّمْ وفي المقصورِ عَنْ = هُذَيْلٍ انْقِلَابُهَا يَاءً حَسَنْ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 11:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


الْمُضافُ إلى ياءِ الْمُتَكَلِّمِ

آخِرَ ما أُضيفَ لليَا اكْسِرْ إِذَا = لم يَكُ مُعْتَلاًّ كَرامٍ وقَذَى ([1])


أو يَكُ كَابْنَيْنِ وزَيْدَيْنِ فَذِي = جميعُها الْيَا بَعْدُ فَتْحُها احْتُذِي ([2])


وتُدْغَمُ اليَا فيهِ والواوُ وإِنْ = ما قبلَ واوٍ ضُمَّ فاكْسِرْهُ يَهُنْ ([3])


وأَلِفاً سَلِّمْ وفي المقصورِ عَنْ = هُذَيْلٍ انْقِلاَبُهَا ياءً حَسَنْ ([4])

يُكْسَرُ آخِرُ الْمُضافِ إلى ياءِ الْمُتَكَلِّمِ([5]) إنْ لم يَكُنْ مَقصوراً، ولا مَنقوصاً، ولا مُثَنًّى، ولا مَجموعاً جَمْعَ سَلامَةٍ لِمُذَكَّرٍ؛ كالْمُفْرَدِ وجَمْعَيِ التكسيرِ الصحيحيْنِ وجَمْعِ السلامَةِ للمُؤَنَّثِ والْمُعْتَلِّ الجارِي مَجْرَى الصحيحِ، نحوُ: "غُلامِي وغِلْمَانِي وفَتَيَاتِي ودَلْوِي وظَبْيِي"، وإنْ كانَ مُعتَلاًّ، فإمَّا أنْ يَكونَ مَقصوراً أو مَنقُوصاً، فإنْ كانَ مَنقوصاً أُدْغِمَتْ يَاؤُه في ياءِ المتكلِّمِ، وفُتِحَتْ ياءُ المتكلِّمِ، فتَقولُ: "قَاضِيَّ" رَفْعاً ونَصْباً وجَرًّا، وكذلك تَفعَلُ بالْمُثَنَّى وجَمْعِ المذَكَّرِ السالِمِ في حالَةِ الْجَرِّ والنصْبِ، فتَقولُ: "رأيتُ غُلامِي وزَيْدِي"، و"مَرَرْتُ بِغُلامِي وزَيْدِي"، والأصْلُ بغُلامَيْنِ لي وزَيْدَيْنِ لي، فحُذِفَتِ النونُ واللامُ للإضافةِ([6]) ثُمَّ أُدغِمَتِ الياءُ في الياءِ وفُتِحَتْ ياءُ المتكلِّمِ.
وأمَّا جَمْعُ الْمُذَكَّرِ السالِمُ -في حالَةِ الرفْعِ- فتَقولُ فيه أَيضاً: "جاءَ زَيْدِيَّ"؛ كما تَقولُ في حالَةِ النصْبِ والْجَرِّ، والأصْلُ زَيْدَوِيَ اجتَمَعَتِ الواوُ والياءُ وسُبِقَتْ إحداهما بالسكونِ، فقُلِبَتِ الواوُ ياءً ثم قُلِبَتِ الضمَّةُ كَسرةً لتَصِحَّ الياءُ، فصارَ اللفْظُ زَيْدِيَّ.
وأمَّا الْمُثَنَّى في حالَةِ الرفْعِ فتَسلَمُ ألِفُه وتُفتَحُ ياءُ المتكَلِّمِ بعدَه، فتَقولُ: "زَيْدَايَ وغُلامَايَ" عنْدَ جَميعِ العَرَبِ.
وأمَّا الْمَقصورُ فالْمَشهورُ في لُغَةِ العَرَبِ جَعْلُه كالْمُثَنَّى الْمَرفوعِ، فتَقولُ: "عَصَايَ وفَتَايَ"، وهُذَيْلٌ تَقْلِبُ ألِفَه يَاءً وتُدْغِمُها في ياءِ المتكَلِّمِ وتَفْتَحُ ياءَ المتكَلِّمِ فتَقولُ: "عَصَيَّ"، ومنه قولُه:

245- سَبَقُوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ = فتُخُرِّمُوا ولكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ([7])

فالحاصِلُ أنَّ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ تُفتَحُ معَ الْمَنقوصِ كـ "رَامِيَّ"، والمقصورِ كـ "عَصَايَ"، والمثنَّى كـ "غُلاَمَايَ" رَفْعاً، و "غُلامَيَّ" نَصْباً وجَرًّا، وجَمْعِ المذكَّرِ السالِمِ كـ "زَيْدَيَّ" رفْعاً ونَصْباً وجَرًّا.
وهذا مَعنَى قولِه: "فَذِي جَمِيعُها الْيَا بعْدُ فتْحُها احْتُذِي".
وأَشارَ بقولِه: "وتُدْغَمُ" إلى أنَّ الواوَ في جَمْعِ المذكَّرِ السالِمِ، والياءَ في الْمَنقوصِ وجَمْعِ المذَكَّرِ السالِمِ والمثنَّى تُدغَمُ في ياءِ المتكَلِّمِ.
وأَشارَ بقَولِه: "وإنْ ما قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ" إلى أنَّ ما قَبْلَ واوِ الجمْعِ إنِ انْضَمَّ عندَ وُجودِ الوَاوِ يَجِبُ كَسْرُه عنْدَ قَلْبِها يَاءً؛ لتَسلَمَ الياءُ، فإنْ لم يَنْضَمَّ، بلِ انفَتَحَ، بَقِيَ على فَتْحِه، نحوُ: "مُصْطَفَوْنَ" فتقولُ: "مُصْطَفَيَّ"، وأَشارَ بقولِه: "وألِفاً سَلِّمْ" إلى أنَّ ما كانَ آخِرُه ألِفاً كالْمُثَنَّى والمقصورِ لا تُقلَبُ ألِفُه ياءً، بل تَسْلَمُ، نحوُ: "غُلامَايَ وعَصَايَ".
وأَشارَ بقَوْلِه: "وفي الْمَقصورِ" إلى أنَّ هُذَيْلاً تَقْلِبُ ألِفَ الْمَقصورِ خاصَّةً، فتَقولُ: "عَصَيَّ".
وأمَّا ما عَدَا هذه الأَربعَةَ([8])، فيَجوزُ في الياءِ مَعَهُ الفتْحُ والتَّسكينُ، فتَقولُ: "غُلاَمِيَ وغُلامِي"([9]).


([1]) (آخِرَ) مَفعولٌ مُقَدَّمٌ على عامِلِه، وهو قولُه: (اكْسِرِ) الآتي، وآخِرَ مُضافٌ و(ما) اسمٌ مَوصولٌ: مضافٌ إليه، (أُضيفَ) فعْلٌ ماضٍ مَبنيٌّ للمَجهولِ، ونائبُ الفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى ما، والجُملَةُ لا مَحَلَّ لها صِلَةٌ، (لِلْيَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأُضيفَ، (اكْسِرْ) فعلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (إذا) ظرْفٌ تَضَمَّنَ مَعْنَى الشرْطِ، (لم) نافيَةٌ جازِمَةٌ، (يَكُ) فعْلٌ مُضارِعٌ مَجزومٌ بلم، وعلامَةُ جَزْمِه سُكونُ النُّونِ المحذوفةِ للتَّخفيفِ، واسمُه ضَميرٌ مُستَتِرٌ فيه، (مُعتَلاًّ) خبَرُ يَكُ، والجُملَةُ في مَحَلِّ جَرٍّ بإضافةِ إذا إليها، (كَرامٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خَبَرٌ لِمبتَدَأٍ محذوفٍ، (وقَذَى) معطوفٌ على (رامٍ)، وجَوابُ إذا محذوفٌ يَدُلُّ عليه سابِقُ الكلامِ.

([2]) (أو) عاطِفَةٌ، (يَكُ) معطوفٌ على يَكُ السابِقِ في البيتِ الذي قَبْلَه، وفيه ضَميرٌ مُستَتِرٌ هو اسْمُه، (كابْنَيْنِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خَبَرُ يَكُ، (وزَيْدَيْنِ) معطوفٌ على ابنَيْنِ، (فَذِي) اسمُ إشارَةٍ: مُبتدَأٌ أوَّلُ، (جَميعُها) جَميعُ: تَوكيدٌ لاسمِ الإشارَةِ وجميعُ مُضافٌ وها مُضافٌ إليه، (الْيَا) مُبتدَأٌ ثانٍ، (بعْدُ) ظرْفٌ مَبنِيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ، مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ، (فتْحُها) فتْحُ: مُبتدَأٌ ثالِثٌ، وفتْحُ مضافٌ والضميرُ مُضافٌ إليه، (احْتُذِي) فعْلٌ ماضٍ مَبنيٌّ للمَجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى فَتْحُها، وجُملةُ الفعْلِ ونائبِ الفاعلِ في مَحَلِّ رفْعٍ خبَرُ المُبْتَدَأِ الثالثِ، وجملةُ المبتدَأِ الثالثِ وخَبَرِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المُبْتَدَأِ الثانِي، وجملةُ الْمُبتدَأِ الثاني وخبَرِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المُبْتَدَأِ الأوَّلِ.

([3])، (وتُدْغَمُ) فعْلٌ مُضارِعٌ مَبنيٌّ للمَجهولِ، (اليَا) نائبُ فاعِلٍ لتُدْغَمُ، (فيه) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بتُدْغَمُ، والضميرُ يَعودُ إلى ياءِ المتكلِّمِ، وذَكَرَه لتَأويلِه باللفْظِ، (والواوُ) معطوفٌ على الياءِ، (وإنْ) شَرْطِيَّةٌ، (ما) اسمٌ مَوصولٌ: نائِبُ فاعِلٍ لفعْلٍ مَحذوفٍ يُفَسِّرُه ما بعدَه؛ أيْ: وإنْ ضُمَّ ما قَبْلَ... إلخ، وذلك الفِعْلُ المحذوفُ في مَحَلِّ جزْمٍ فعْلُ الشرْطِ، (قَبْلَ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صِلَةُ الموصولِ، وقَبْلَ مُضافٌ و(واوٍ) مُضافٌ إليه، (ضُمَّ) فِعْلٌ ماضٍ مَبنيٌّ للمَجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه، والجُملَةُ لا مَحَلَّ لها مفَسِّرَةٌ، (فاكْسِرْهُ) الفاءُ لربْطِ الجوابِ بالشرْطِ، اكسِرْ: فعلُ أمْرٍ، والفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، والهاءُ مَفعولٌ به، والجُملَةُ في مَحَلِّ جزْمٍ جوابُ الشرْطِ، (يَهُنْ) فعْلٌ مُضارِعٌ مَجزومٌ في جوابِ الأمْرِ.

([4])، (وألِفاً) مَفعولٌ به مُقَدَّمٌ على عامِلِه، وهو قولُه: (سَلِّمِ) الآتي، (سَلِّمْ) فعلُ أمْرٍ وفاعلُه ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (وفي المقصورِ عن هُذَيْلٍ) جارَّانِ ومَجرورانِ يَتَعلَّقانِ بقولِه: (حَسَن) الآتِي في آخِرِ البيتِ، (انْقِلاَبُها) انقلابُ: مُبتدَأٌ، وانقلابُ مُضافٌ وها: مُضافٌ إليه، مِن إِضافَةِ الْمَصدَرِ لفَاعِلِه، (ياءً) مَفعولُ الْمَصْدَرِ، (حسَنْ) خبَرُ المبتَدَأِ.

([5]) اعلَمْ أنَّ لك في ياءِ المتكلِّمِ خَمسةَ أوْجُهٍ:
الأوَّلُ: بقَاؤُها ساكِنَةً.
والثاني: بقَاؤُها مَفتوحةً.
والثالثُ: حذْفُها مع بَقاءِ الكَسرةِ قَبْلَها لتَدُلَّ عليها.
والرابعُ: قلْبُها ألِفاً بعْدَ فتْحِ ما قَبْلَها نحوُ: غُلامَا.
والخامِسُ: حذْفُها بعْدَ قَلْبِها ألِفاً، وإِبقاءُ الفتحَةِ لتَدُلَّ عليها.
ثُمَّ اعْلَمْ أنَّ هذه الوُجوهَ الْخَمسةَ إِنَّمَا تَجْرِي في الإضافةِ الْمَحْضَةِ، نحوُ: غُلامِي وأَخِي، فأَمَّا الإضافَةُ اللَّفْظِيَّةُ فليسَ لكَ إلا وَجهانِ: إثباتُها ساكِنَةً، أو مَفتوحةً؛ لأنها في الإضافَةِ اللَّفْظِيَّةِ على نِيَّةِ الانفصالِ، فهي كَلِمَةٌ مُستَقِلَّةٌ، ولا يُمْكِنُ أنْ تَعتبِرَها كجُزءِ كَلِمَةٍ.
ثُمَّ اعْلَمْ أنَّ هذه الوُجوهَ الْخَمسَةَ لا تَخْتَصُّ ببابِ النداءِ، خِلافاً لابنِ مالِكٍ في تَسهيلِه، (وانظُر الهامِشَةَ رَقْمَ 1 في ص 92 الآتيةِ) وما قالَه الشارِحُ هناك.

([6]) المحذوفُ للإضافَةِ هو النونُ، وأمَّا اللامُ فحَذَفُها للتَّخفيفِ.

([7]) 245 - هذا البيتُ لأبي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ، مِن قَصيدةٍ له يَرْثِي فيها أَبناءَه، وكانوا قد مَاتُوا في سَنَةٍ واحدَةٍ، وأوَّلُ هذه القَصيدةِ قولُه:

أمِنَ الْمَنُونِ ورَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ = والدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَن يَجْزَعُ؟

اللُّغَةُ: (هَوَيَّ) أصْلُ هذه الكَلِمةِ: هَوَايَ، بألِفِ الْمَقصورِ ويَاءِ المتكَلِّمِ فقُلِبَتْ ألِفُ الْمَقصورِ يَاءً، ثم أُدْغِمَتْ في ياءِ الْمُتكَلِّمِ، والْهَوَى: ما تَهْوَاهُ النفْسُ وتَرغَبُ فيه، وتَحْرِصُ عليه، و(أَعْنَقُوا) بادَرُوا وسارَعُوا، مأخوذٌ مِن الإِعْنَاقِ، وهو العَنَقُ – بفَتحتينِ – ضَرْبٌ مِن السيْرِ فيه سُرعةٌ، (فتُخُرِّمُوا) بالبِناءِ للمَجهولِ؛ أي: استُؤْصِلُوا وأَفْنَتْهُمُ الْمَنِيَّةُ، (جَنْبٍ) هو ما تَحتَ الإِبِطِ، (مَصْرَعُ) مكانٌ يُصْرَعُ فيه.
المعنَى: يَقولُ: إنَّ هَؤلاءِ الأَولادَ سَبَقُوا ما أَرْغَبُ فيه لهم وأَحْرِصُ عليه، وهو بَقاؤُهم، وبادَرُوا مُسْرِعينَ إلى ما يَهْوَوْنَهُ ويَرغَبُونَ فيه، وهو الموتُ – وجعَلَه هَوًى لهم مِن بابِ المُشَاكَلَةِ – وليسَ الموتُ مُخْتَصًّا بهم، وإنَّما هو أمْرٌ يُلاقِيهِ كلُّ إِنسانٍ.
الإعرابُ: (سَبَقُوا) فعْلٌ وفاعِلٌ، (هَوَيَّ) مَفعولٌ به منصوبٌ بفَتحَةٍ مُقَدَّرَةٍ على الألِفِ الْمُنْقَلِبَةِ ياءً، مَنَعَ مِن ظُهورِها التَّعَذُّرُ، وهَوَي مُضافٌ وياءُ المتكلِّمِ مُضافٌ إليه، و(أَعْنَقُوا) فعْلٌ وفاعِلٌ، (لِهَوَاهُمُ) الجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بأَعْنَقُوا، وهَوَى مُضافٌ وهم: مُضافٌ إليه، (فتُخُرِّمُوا) فعْلٌ ماضٍ مَبنيٌّ للمَجهولِ، وواوُ الجماعةِ نائبُ فاعِلٍ، (لكلِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ مُقَدَّمٌ، وكلِّ مُضافٌ و(جَنْبٍ) مُضافٌ إليه، (مَصْرَعُ) مبتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (هَوَيَّ)؛ حيثُ قَلَبَ ألِفَ الْمَقصورِ ياءً، ثم أَدْغَمَها في ياءِ المتكلِّمِ، وأَصْلُه: (هَوَايَ) على ما بَيَّنَّاهُ لك، وهذه لُغَةُ هُذَيْلٍ.

([8]) ما عدا هذه الأربعةَ هو أَربعةٌ أُخْرَى: أوَّلُها: المفرَدُ الصحيحُ الآخِرِ؛ كغُلامٍ.
وثانِيهَا: جَمْعُ التَّكسيرِ الصحيحُ الآخِرِ؛ كغِلْمَانٍ، وثالثُها: المُفْرَدُ الْمُعْتَلُّ الشَّبيهُ بالصحيحِ - وهو ما آخِرَه واوٌ أو ياءٌ ساكِنٌ ما قَبْلَها – نحوُ: ظَبْيٍ ودَلْوٍ.
ورابِعُها: جَمْعُ المُؤَنَّثِ السالِمِ؛ كفَتَيَاتٍ، وقد قَدَّمْنَا لكَ، (ص 89) أنَّ الوُجوهَ الجائِزَةَ في ياءِ الْمُتَكَلِّمِ – معَ هذه الأربعةِ – خَمسةُ أَوْجُهٍ:

([9]) وبَقِيَ نَوْعٌ مِن الأسماءِ، وهو ما آخِرَه ياءٌ مُشَدَّدَةٌ، نحوُ: كُرْسِيٍّ وبُنَيٍّ - تَصغيرَ ابنٍ - فهذا النوْعُ مِن الْمُعْتَلِّ الشَّبيهِ بالصحيحِ، وإذا أَضَفْتَهُ إلى ياءِ المتكَلِّمِ قُلتَ: كُرْسِيَّ وبُنَيَّ – بثَلاثِ يَاءَاتٍ – ويَجوزُ لك إبقاءُ اليَاءاتِ الثلاثِ، وحذْفُ إحداهُنَّ، وقد ذكَرَ القَوْمُ أنَّ الوَجْهَ الثانِيَ – وهو حذْفُ إِحْدَى اليَاءاتِ لتَوالِي الأمثالِ – واجِبٌ لا يَجوزُ غيرُه، وليسَ ما ذَهَبُوا إليه بسَديدٍ؛ لأنَّ تَوَالِيَ الأمثالِ يُجيزُ ولا يُوجِبُ، ولأنه قد وَرَدَ بَقاءُ ثلاثِ اليَاءاتِ في قوْلِ أُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ، يَذكُرُ قِصَّةَ إبراهيمَ الْخَليلِ، وهَمَّهُ بذَبْحِ ابنِه:

يا بُنَيِّي إنِّي نَذَرْتُكَ لِلَّـ = ـهِ شَحِيطاً، فاصْبِرْ فِدًى لَكَ خَالِي


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 11:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فَصْلٌ: في أَحْكَامِ المُضَافِ لليَاءِ
يَجِبُ كَسْرُ آخِرِه([1]) كغُلامِي، ويَجُوزُ فَتْحُ اليَاءِ وإِسْكَانُهَا([2]).
ويُسْتَثْنَى مِن هذين الحُكْمَيْنِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ، وهي: المَقْصُورُ كفَتًى وقَذًى، والمَنْقُوصُ كرَامٍ وقَاضٍ، والمُثَنَّى كابْنَيْنِ وغُلامَيْنِ، وجَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ كزَيْدِينَ ومُسْلِمِينَ.
فهذه الأربَعَةُ آخِرُهَا وَاجِبُ السُّكُونِ، واليَاءُ مَعَهَا وَاجِبَةُ الفَتْحِ([3]) ، ونَدَرَ إِسْكَانُهَا بَعْدَ الألفِ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ (وَمَحْيَايْ)([4]) ، وكَسْرُهَا بَعْدَهَا في قِرَاءَةِ الأَعْمَشِ والحَسَنِ (هِيَ عَصَايِ)([5]) ، وهو مُطَّرِدٌ في لُغَةِ بَنِي يَرْبُوعٍ في اليَاءِ المُضَافِ إليها جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ، وعليه قِرَاءَةُ حَمْزَةَ (بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي)([6]).
وتُدْغَمُ يَاءُ المَنْقُوصِ والمُثَنَّى والمَجْمُوعِ في يَاءِ الإضافَةِ كقَاضِيَّ، ورَأَيْتُ ابْنَيَّ وزَيْدِيَّ، وتُقْلَبُ وَاوُ الجَمْعِ يَاءً ثُمَّ تُدْغَمُ([7]) ، كقَوْلِهِ:

363- أَوْدَى بَنِيَّ وَأَعْقَبُونِي حَسْرَةً([8])

وإنْ كَانَ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ قُلِبَت كَسْرَةً، كما في بَنِيَّ ومُسْلِمِيَّ، أو فَتْحَةٌ أُبْقِيَت كمُصْطَفَيَّ، وتَسْلَمُ أَلِفُ التَّثْنِيَةِ كمُسْلِمَايَ، وأَجَازَت هُذَيْلٌ في أَلِفِ المَقْصُورِ قَلْبَهَا يَاءً، كقَوْلِهِ:

364- سَبَقُوا هَوَيَّ وَأُعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ([9])

واتَّفَقَ الجَمِيعُ على ذلك في عَلَيَّ ولَدَيَّ، ولا يَخْتَصُّ بيَاءِ المُتَكَلِّمِ، بَلْ هُو عَامٌّ في كُلِّ ضَمِيرٍ، نَحْوُ عَلَيْهِ ولَدَيْهِ وعلَيْنَا ولَدَيْنَا، وكذَا الحُكْمُ فِي إِلَيَّ.


([1]) المُرَادُ آخِرُ المُضَافِ إلى ياءِ المُتَكَلِّمِ، سواءٌ أكانَ صَحِيحاً كغُلامٍ وكِتَابٍ أم كانَ شَبِيهاً بالصَّحِيحِ وهو ما آخرُه واوٌ أو ياءٌ قَبْلَهَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، نَحْوُ دَلْو وجَرْو، ونَحْوُ ظَبْي وثَدْي.

([2]) والإِسْكَانُ هو الأصلُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الأَصْلَ في كُلِّ مَبْنِيٍّ أنْ يَكُونَ بِنَاؤُه على السُّكُونِ، والفَتْحُ هو الأَصْلُ الثَّانِي؛ لأنَّ الأصلَ في المَبْنِيِّ الذي وُضِعَ على حَرْفٍ وَاحِدٍ أن يكونَ مُتَحَرِّكاً, والفَتْحَةُ أَخَفُّ الحَرَكَاتِ، ومعَ جَوَازِ الإسكانِ والفَتْحِ في ياءِ المتكلِّمِ فالإسكانُ أَكْثَرُ وأَشْهَرُ.

([3]) إنَّمَا وَجَبَ سكونُ هذه الأربعَةِ؛ لأنَّ آخِرَهَا لا يَقْبَلُ الحَرَكَةَ، ألا ترى أنَّ آخِرَ المَقْصُورِ والمُثَنَّى المَرْفُوعِ أَلِفٌ، والألِفُ لا تَقْبَلُ الحَرَكَةَ بحالٍ، وآخِرَ المَنْقُوصِ والمُثَنَّى المَجْرُورِ والمَنْصُوبِ وجَمْعِ المُذَكَّرِ السَّالِمِ يَاءٌ وَاجِبَةُ الإدغَامِ في ياءِ المُتَكَلِّمِ، والحَرْفُ المُدْغَمُ في مِثْلِه لا يَقْبَلُ الحَرَكَةَ؟.

([4]) سورة الأنعام، الآية: 162.

([5]) سورة طه، الآية: 18.

([6]) سورة إبراهيم، الآية: 22، وهي أَيْضاً قِرَاءَةُ الأَعْمَشِ ويَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، وقد حَكَى هذهِ اللُّغَةَ الفَرَّاءُ وقُطْرُبٌ، وأَجَازَهَا أَبُو عَمْرِو بنِ العَلاءِ، ووَجْهُهَا أنَّ أَصْلَ ياءِ المُتَكَلِّمِ السُّكُونُ، فكُسِرَت للتَّخَلُّصِ مِن التِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.

([7]) تقولُ: جَاءَ زَيْدِيَّ – بكَسْرِ الدَّالِ وتَشْديدِ الياءِ –، وتقولُ: جاءَ مُسْلِمِيَّ – بكسرِ الميمِ وتشديدِ الياءِ –، والأصلُ الأصيلُ فيهِمَا: جاءَ زَيْدُونَ لِي ومُسْلِمُونَ لِي، فلَمَّا أَرَدْتَ الإضَافَةَ حَذَفْتَ اللاَّمَ والنُّونَ فصَارَا: زَيْدُويَ ومُسْلِمُويَ، فاجْتَمَعَتِ الواوُ والياءُ في كلمةٍ واحدةٍ وسُبِقَت إِحْدَاهُمَا بالسُّكُونِ، فوَجَبَ قَلْبُ الواوِ يَاءً، وإِدْغَامُ الياءِ المُنْقَلِبَةِ عَن الواوِ في ياءِ المُتَكَلِّمِ، ثم تُقْلَبُ الضَّمَّةُ التي كانَت على الحَرْفِ الذي قَبْلَ الواوِ كَسْرَةً لأجلِ مُنَاسَبَةِ الياءِ.

([8]) -هذا الشَّاهِدُ مِن كلامِ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ – واسمُهُ خُوَيْلِدِ بنِ خَالِدِ بنِ مَحْرَثٍ – وكانَ له أبناءٌ خَمْسَةٌ هَلَكُوا جَمِيعاً بالطَّاعُونِ في عامٍ واحدٍ، فقالَ فيهِم مَرْثِيَّةً يَعُدُّهَا بعضُ العُلَمَاءِ في الذِّرْوَةِ العُلْيَا مِن شِعْرِ الرِّثَاءِ، وما ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ صدرُ بَيْتٍ مِنْهَا, وعَجُزُه قَوْلُه:


*عِنْدَ الرُّقَادِ وعَبْرَةً لاَ تُقْلِعُ*

والشَّاهِدُ الآتِي بعدَ هذا (رَقْمُ 364) أَحَدُ أَبْيَاتِهَا أَيْضاً.
اللُّغَةُ: (أَوْدَى) هَلَكَ. (بَنِيَّ) أَصْلُه بعد الإضافَةِ (بَنُويَ) فاجتَمَعَت الواوُ والياءُ وسُبِقَت إِحْدَاهُمَا بالسُّكُونِ فقُلِبَت الواوُ ياءً وأُدْغِمَت الياءُ في الياءِ ثُمَّ كُسِرَت النُّونُ لمُنَاسَبَةِ اليَاءِ. (وَأَعْقَبُونِي) خَلَّفُوا لِي وأَوْرَثُونِي. (حَسْرَةً) حُزْناً في أَلَمٍ, ويُرْوَى في مَكَانِهِ. (غُصَّةً) وهي بضَمِّ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ – الشَّجَا وما اعتَرَضَ في الحَلْقِ فأَشْرَقَ، وقَالُوا: غَصَّ فُلانٌ بالحُزْنِ، وبالغَيْظِ، على التَّشْبِيهِ، (الرُّقَادِ) النَّوْمِ، وإنَّمَا خَصَّ الحَسْرَةَ أو الغَصَّةَ بوَقْتِ الرُّقَادِ وهو اللَّيْلُ؛ لأنَّهُ عندَهُم مَثَارَ الهُمُومِ والأَشْجَانِ انظُرْ إلى قَوْلِ الشَّاعِرِ:
نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا بَدَا = لِيَ اللَّيْلُ هَزَّتْنِي إِلَيْكَ المَضَاجِعُ
لأنَّ الإنسانَ يَخْلُو بنَفْسِه ولا يَجِدُ له مُؤْنِساً، وحينئذٍ تَثُورُ أفكارُه، وتعودُ إليه أَشْجَانُه، (عَبْرَةً) دَمْعَةٌ. (لا تُقْلِعُ) لا تَنْقَطِعُ.
الإعرابُ: (أَوْدَى) فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على فَتْحٍ مُقَدَّرٍ على الألفِ مَنَعَ مِن ظُهُورِه التَّعَذُّرُ. (بَنِيَّ) فاعِلٌ مَرْفُوعٌ بالواوِ المُنْقَلِبَةِ يَاءً المُدْغَمَةِ في ياءِ المتكَلِّمِ نِيَابَةً عَن الضَّمَّةِ؛ لأنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وياءُ المُتَكَلِّمِ مُضَافٌ إليه مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ. (وَأَعْقَبُونِي) الواوُ حَرْفُ عَطْفٍ، أَعْقَبَ: فِعْلٌ مَاضٍ، وواوُ الجماعَةِ فاعِلُه، والنُّونُ للوِقَايَةِ, وياءُ المتكلِّمِ مفعولٌ به، مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ في مَحَلِّ نَصْبٍ. (حَسْرَةً) مفعولٌ ثَانٍ لأَعْقَبَ مَنْصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهرَةِ. (عِنْدَ) ظَرْفٌ مُتعَلِّقٌ بأَعْقَبَ منصوبٌ بالفَتْحَةِ الظَّاهِرَةِ، وهو مضافٌ و(الرُّقَادِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكَسرَةِ الظَّاهرَةِ. (وعَبْرَةً) الواوُ حرفُ عطفٍ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ، عَبْرَةً: معطوفٌ على "حَسْرَةً" مَنْصُوبٌ بالفَتحَةِ الظَّاهرَةِ. (لا) حرفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ. (تُقْلِعُ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ لتَجَرُّدِه مِن النَّاصِبِ والجَازِمِ، وعلامَةُ رَفْعِه الضَّمَّةُ الظَّاهرَةِ، وفاعِلُه ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هي يعودُ إلى عَبْرَةٍ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ صِفَةٌ لعَبْرَةٍ.
الشَّاهِدُ فيه: قَوْلُه: (بَنِيَّ) حيثُ قُلِبَت واوُ الجمعِ ياءً عند إضافَةِ هذا الجمعِ لياءِ المُتَكَلِّمِ، للأسبابِ التي ذكرْنَاهَا في بيانِ لُغَةِ البَيْتِ.


([9]) -وهذا الشَّاهِدُ أيضاً مِن كلامِ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ في مَصْرَعِ أَبْنَائِه، وهو مِن أَبْيَاتِ قَصِيَدَةِ الشَّاهِدِ السَّابِقِ على هذا (رَقْمِ 363) وهذا الذي ذكرَهُ المُؤَلِّفُ ههنا صَدْرُ البَيْتِ، وعَجُزُه قَوْلُه:


*فَتُخِرُّمُوا، وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ*

اللُّغَةُ: (سَبَقُوا هَوَيَّ) مَعْنَى هذه العِبَارَةِ أنَّهُم مَاتُوا قَبْلِي، وقد كُنْتُ أُحِبُّ أن أموتَ قَبْلَهم؛ أي: سبقُوا وتَقَدَّمُوا ما كنتُ أَشْتَهِيهِ وأَهْوَاهُ، وهَوِيَّ – بتشديدِ الياءِ – هَوَايَ بلُغَةِ هُذَيْلٍ، وقولُه: (أُعْنِقُوا)؛ أي: سَارُوا السَّيْرَ العَنَقَ, وهو سَيْرٌ سَرِيعٌ, وأرادَ أنَّهُم قد تَبِعَ بَعْضُهم بَعْضاً. (تُخِرُّمُوا) – بالبناءِ للمَجْهُولِ –؛ أي: انتَقَصَتْهُم المَنِيَّةُ واستَأْصَلَتْهُم.
الإعرابُ: (سَبَقُوا) سَبَقَ: فِعْلٌ ماضٍ، وواوُ الجَمَاعَةِ فَاعِلُه. (هَوِيَّ) مفعولٌ به لسَبَقُوا منصوبٌ بفتحةٍ مقدرةٍ على الألفِ المُنْقَلِبَةِ يَاءً لإدغامِهَا في ياءِ المُتَكَلِّمِ على لُغَةِ هُذَيْلٍ منعَ مِن ظُهُورِهَا التَّعَذُّرُ، وياءُ المتكلِّمِ مضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ. (وَأُعْنِقُوا) الواوُ حَرْفُ عَطْفٍ، أُعْنِقَ: فِعْلٌ مَاضٍ، وواوُ الجَمَاعَةِ فَاعِلُه. (لِهَوَاهُمُ) اللامُ حرفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ على الكسرِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ، هَوَى: مَجْرُورٌ باللاَّمِ وعلامةُ جَرِّه كسرةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألفِ منعَ مِن ظهورِهَا التَّعَذُّرُ، والجارُّ والمجرورُ متعَلِّقٌ بأُعْنِقَ، وهَوَى مُضَافٌ وضميرُ الغَائِبِينَ العائِدُ إلى البَنِينَ مضافٌ إليه مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ. (فَتُخُرِّمُوا) الفاءُ حرفُ عَطْفٍ، تُخِرِّمَ: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمجهولِ, وواوُ الجماعَةِ نَائِبُ فَاعِلٍ. (وَلِكُلِّ) الواوُ واوُ الحالِ، لِكُلِّ: جَارٌّ ومَجرورٌ مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وكُلِّ مضافٌ و(جَنْبٍ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكَسرَةِ الظَّاهرَةِ. (مَصْرَعُ) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، والجُمْلَةُ مِن المُبْتَدَأِ وخَبَرِه في مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ.
الشَّاهِدُ فيه: قَولُه: (هَوَيَّ) وأصلُه (هَوَايَ) الألفُ أَلِفُ المَقْصُورِ، والياءُ يَاءُ المتكلِّمِ، والعَرَبُ كَافَّةً إذا أضافُوا المَقْصُورَ إلى ياءِ المتكَلِّمِ يُبْقُونَ أَلِفَه على حَالِهَا فيقُولُونَ: فَتَايَ، وعَصَايَ، ورَحَايَ، وهَوَايَ، قالَ شَاعِرُ الحَمَاسَةِ:

هَوَايَ مَعَ الرَّكْبِ اليَمَانِيِنَ مُصْعِدٌ = جَنِيبٌ, وَجُثْمَانِي بِمَكَّةَ مُوْثَقُ

إلا هُذَيْلاً؛ فإنَّهُم يَقْلِبُونَ الألفَ يَاءً ويُدْغِمُونَها في ياءِ المتكلِّمِ، فيقُولُونَ: فَتَيَّ، وعَصَيَّ، ورَحَيَّ، وهَوَيَّ, وعلى ذلك قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الذي أنشدَهُ المُؤَلِّفُ, وحَكَى قَوْمٌ هذه اللُّغَةَ عَن طَيِّءٍ، وحكَاهَا آخَرُونَ عن قُرَيْشٍ، وبها قَرَأَ الجَحْدَرِيُّ في قَوْلِه تعَالَى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} وهذا القَلْبُ عندَ مَن ذُكِرَ جَائِزٌ. وممَّا جاءَ على قَلْبِ ألفِ المَقْصُورِ يَاءً قَوْلُ المُنْتَخِلِ اليَشْكُرِيِّ:

يُطَوِّفُ بِي عِكَبٌّ فِي مَعَدٍّ = وَيَطْعَنُ بِالصُّمَلَّةِ فِي قَفَيَّا

الصُّمَلَّةُ: العَصَا أو الحَرْبَةُ، وأرادَ (فِي قَفَايَ) فقَلَبَ، وبَعْدَهُ:

فَإِنْ لَمْ تَثْأَرَا لِي مِن عِكَبٍّ = فَلاَ أَرْوَيْتُمَا أَبَداً صَدَيَّا

أرادَ (صَدَايَ) فقَلَبَ الألفَ ياءً وأَدْغَمَها في ياءِ المتكلِّمِ، والصَّدَى: العَطَشُ، وقالَ أَبُو دُوَادٍ الإِيَادِيُّ:

فَأْبْلَوْنِي بَلِيِّنْكُمْ لَعَلِّي = أُصَالِحُكُمْ وَأَسْتَدْرِجْ نَوَيَّا

أَبْلُونِي: أَحْسِنُوا إِلَيَّ، وأَسْتَدْرِجُ: أُعِيدُهُ أَدْرَاجَهُ وأَرَادَ: (نَوَايَ) وهو مَا كانَ يَنْوِيهِ مِن مُفَارَقَتِهِم.
وممَّا جاءَ على هذا القَلْبِ قَوْلُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، في أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ (مُخْتَصَرُ تَارِيخِ دِمِشْقَ 7/108):
أُحِبُّهُم لحُبِّ اللَّهِ، حتَّى أَجِيءَ – إذا بُعِثْتُ – على هَوَيَّا.


  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


المضافُ إلى ياءِ المتكلِّمِ

إنما أفردَه بالذِّكْرِ ؛ لأنَّ فيه أحكامًا ليسَتْ في البابِ الذي قبلَه أشارَ إلى ذلك بقولِه:
420 - آخِرُ مَا أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ، إِذَا = لَمْ يَكُ مُعْتَلًّا: كَرَامٍ، وقَذَى
421 - أَوْ يَكُ كَابْنَيْنِ وَزَيْدِينَ فَذِي = جَمِيعُهَا الْيَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي
422 - وَتُدْغُمُ الْيَا فِيهِ وَالوَاوُ وَإِنْ = مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فَاكْسِرْهُ يَهُنْ
423 - وَأَلِفًا سَلِّمْ، وَفِي المَقْصُورِ عَنْ = هُذَيْلٍ – انْقِلَابُهَا يَاءٌ حَسَنْ
(آخِرُ مَا أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ) أي: وجوبًا (إِذَا * لَمْ يَكُ مُعْتَلًّا) منقوصًا أو مقصورًا (كَرَامٍ وَقَذَى * أَوْ يَكُ) مُثَنَّى أو مجموعٌ على حِدَهْ (كَابْنَيْنِ وَزَيْدِينَ فَذِي) الأربعةُ (جميعُها) آخِرُها واجبُ السكونِ و(الْيَا بَعْدُ) أي: بعدَها (فَتْحُهَا احْتُذِي) أي: اتُّبِعَ (وتُدْغُمُ الْيَا) مِنَ المنقوصِ والمُثَنَّى والمجموعُ على حِدَهْ في حالتيِ جَرِّهِمَا ونصبِهما (فيه) أي: في الياءِ المذكورةِ يعني ياءَ المتكلِّمِ (و) كذا (الواوُ) مِنَ المجموعِ حالَ رفْعِهِ: فتقولُ "هذا رَامِيَّ" و"رأيْتُ رَامِيَّ" و"مررْتُ بِرَامِيَّ" و"رأَيْتُ ابْنَيَّ وزَيْدِيَّ" و"مررْتُ بِابْنَيَّ وزَيْدِيَّ" و"هؤلاء زَيْدِيَّ" والأصلُ في المثنَّى والمجموعِ المنصوبينِ أو المجرورينِ: ابْنَيْنِ لي، وزَيْدَيْنِ لي، فحُذِفتِ النونُ واللامُ للإضافةِ، ثم أُغُمَّتِ الياءُ في الياءِ، والأصلُ في الجمعِ المرفوعِ: زَيْدَوِيَ، فاجمتعَتِ الواوُ والياءُ وسُبِقَتْ إحدَاهما بالسكونِ فقُلِبَتْ الواوُ ياءً ثم قُلِبَتِ الضمَّةُ كسرةً ؛ لتصِحَّ الياءُ، ومنه قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ ((أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ)) وقولُ الشاعر [من الكامل]:
673 - أَوْدَى بَنِيَّ وَأَعْقَبُونِي حَسْرَةً = عِنْدَ الرُّقَادِ وَعَبْرَةً لَا تَقْلَعُ
هذا إذا كانَ ما قبلَ الواوِ مضمومًا كما رأيْتَ، وإليه أشارَ بقولِه (وَإِنْ * مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فَاكْسِرْه يَهُنْ) فإنْ لم ينضَمَّ بلْ انفَتَحَ بقِي على فتحِه، نحوُ: "مُصْطَفَوْنَ" فتقول: "جاءَ مُصْطَفِيَّ" (وَأَلِفًا سَلِّمْ) مِنَ الانقِلابِ سواءٌ كانَتِ للتثنيةِ، نحوُ: "يَدَايَ" أو للمحمولِ على التثنيةِ نحو: "ثِنْتَايَ" بالاتفاقِ، أو آخِرُ المقصورِ، نحوُ: "عَصَايَ" على المشهورِ (وفي المقصورِ عَنْ * هُذَيْلٍ انقلابُها ياءً حَسَنْ) نحوَ: "عَصَيَّ" ومنه قولُه [من الكامل]:
674 - سَبَقُوا هَوَيَّ وَأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ = فَتَخَرَّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
وحكَى هذه اللغةَ عيسى بنُ عمرَ عن قريشٍ، وقرأَ الحسنُ: (يَا بُشْرَيَّ).
تنبيهانِ: الأَوَّلُ: يُسْتَثْنَى مما تقدَّمَ أَلِفُ "لَدَى" وعَلَى الاسميَّةُ، فإنَّ الجميعَ اتفقُوا على قلبِها ياءً ولا يختصُّ بياءِ المتكلِّمِ، بلْ هو عامٌّ في كلِّ ضميرٍ، نحوُ: "لديه" و"عليه" ولدينا وعلينا.
الثاني: يجوزُ إسكانُ الياءِ وفتحِها مع المضافِ الواجبِ كَسْرِ آخرِه وهو ما سوى الأربع المُسْتَثْنَيَاتِ، وذلك أربعةُ أشياءَ: المفردُ الصحيحُ نحو: "غُلاَمِي" و"فَرَسِي" والمُعَلِّ الجارِي مجرَاه، نحوُ: "ظَبْيِي" و"دَلْوِي" وجمعُ التكسيرِ، نحوُ: "رِجَالِي" و"هُنُودِي" وجمعُ السلامةِ لمؤنثٍ، نحوُ: "مُسْلِمَاتِي" واختُلِفَ في الأصلِ منهما: فقيلَ الإسكانُ، وقيلَ: الفتحُ، وجمَعَ بينَهما بأنَّ الإسكانَ أصلٌ أَوَّلُ ؛ إذ هو الأصلُ في كلِّ مبنيٍّ، والفتحُ أصلٌ ثانٍ ؛ إذ هو الأصلُ فيما هو على حرفٍ واحدٍ وقد تُحْذَفُ هذه الياءُ وتبقَى الكسرةُ دليلاً عليها، وقد يُفْتَحُ ما ولِيَتْه فتُقْلَبُ ألفًا، وربَّمَا حُذِفَتِ الألفُ وبقِيَت الفتحةُ دليلاً عليها: فالأَوَّلُ كقولِه [من البسيط]:
675 - خَلِيلِ أَمْلَكُ مِنِّي لِلذِي كَسَبَتْ = يَدِي وَمَالِيَ فِيمَا يَقْتَنِي طَمَعُ
والثاني كقولِه [من الوافر]:
676 - أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي = إِلَى أُمَّا وَيُرْوِينِي النَّقِيعُ
أرادَ: إلى أُمِّي.
والثالثُ :كقوله [من الوافر]:
677 - وَلَسْتُ بِمُدْرِكٍ مَا فَاتَ مِنِّي = بِلَهْفَ وَلاَ بِلَيْتَ وَلَا لَوْ انِّي
وأما ياءُ المتكلِّمُ المدَغَمُ فيها بالفصيحِ، الشائعُ فيها الفتحُ كما مرَّ، وكسرُها لغةٌ قليلةٌ حكَاها أبو عمرِو بنُ العلاءِ والفراءُ وقُطْرُبُ وبها قرأَ حمزةَ: (مَا أَنَا بِمُصِْرِخُكْم وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيِّ) وكسرِ ياءِ "عَصَاي" الحسنُ وأبو عمرٍو في شاذِّه، وهو أضعفُ مِنَ الكسرِ مع التشديدِ:
خاتمةٌ: في المضافِ إلى ياءِ المتكلِّمِ أربعةُ مذاهبَ.
أحدُها: أنَّه معربٌ بحركاتٍ مقدَّرةٍ في الأحوالِ الثلاثةِ وهو مذهبُ الجمهورِ.
والثاني: أنَّه معربٌ في الرفعِ والنصبِ بحركةٍ مقدَّرةٍ، وفي الجرِّ بكسرةٍ ظاهرةٍ، واختارَه في (التسهيلِ).
والثالثُ: أنه مبنيٌّ وإليه ذهبَ الجُرْجَانِيُّ وابنُ الخَشَّابِ.
والرابعُ: أنَّهُ لا معربَ ولا مبنيَّ وإليه ذهبَ ابنُ جِنِّي.
وكلا هذينِ المذهبينِ بينَ الضعفِ. واللَّهُ أعلمُ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 11:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


المضافُ إلَى يَاءِ المُتَكَلِّمِ
42- آخِرَ مَا أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إذَا = لَمْ يَكُ مُعْتَلاًّ كَرَامٍ وَقَذَا
421- أوْ يَكُ كَابْنَيْنِ وَزَيْدِينَ فَذِي = جَمِيعُهَا الْيَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي
422- وَتُدْغَمُ الْيَا فِيهِ وَالْوَاوُ وَإنْ = مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فَاكْسِرْهُ يَهُنْ
423- وَألِفاً سَلِّمْ وَفِي الْمَقْصُورِ عَنْ = هُذَيْلٍ انْقِلابُهَا يَاءً حَسَنْ
هذا الفصْلُ معقودٌ لأحكامِ إضافةِ الاسمِ إلى ياءِ المتكَلِّمِ، وأُفْرِدَتْ في بَحْثٍ مُسْتَقِلٍّ؛ لأنَّ لها أحكاماً خاصَّةً فيما يَتعلَّقُ بالياءِ، وما يَتعلَّقُ بآخِرِ المضافِ.
فالقاعدةُ العامَّةُ في هذا البابِ وُجوبُ كَسْرِ آخِرِ المضافِ للياءِ للمناسَبَةِ، وبِناءُ ياءِ المتكلِّمِ عن السكونِ أو الفتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ، ويَدخُلُ في ذلكَ المفرَدُ الصحيحُ؛ كغُلامٍ وكتابٍ؛ نحوُ: كتابِي جَدِيدٌ، والمفرَدُ الشبيهُ بالصحيحِ، (وهوَ ما آخِرُهُ واوٌ أوْ ياءٌ قَبْلَها حرْفٌ ساكنٌ)، مثلُ: دَلْوٍ، صَفْوٍ، سَقْيٍ، ظَبْيٍ؛ نحوُ: سَقْيِي المَاءَ مِنْ دَلْوِي فيهِ ثوابٌ عظيمٌ. كما يَدْخُلُ في ذلكَ جَمْعُ التكسيرِ إذا كانَ صحيحَ الآخِرِ، مثلُ: طُلاَّبٍ، كُتُبٍ؛ نحوُ: كُتُبِي مُرَتَّبَةٌ. وجَمْعُ المؤنَّثِ السالِمُ، مِثلُ: أَخواتٍ، عَمَّاتٍ، بَنَاتٍ؛ نَحْوُ: أَزُورُ عَمَّاتِي وأَصِلُ أَخَوَاتِي.
والقاعدةُ في إعرابِ ما تَقَدَّمَ: في حالةِ الرفْعِ تَقُولُ: إنَّهُ مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على ما قبلَ ياءِ المتكَلِّمِ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها اشتغالُ الْمَحَلِّ بحركةِ المُناسَبَةِ، وفي حالةِ النصْبِ - في غيرِ جَمْعِ المؤنَّثِ السالِمِ - تقولُ: منصوبٌ بفتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ.. إلخ، أمَّا في حالةِ الْجَرِّ، فإمَّا أنْ تقولَ: مجرورٌ بكسرةٍ مُقَدَّرَةٍ.. إلخ، أوْ تقولُ: مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وهذا أنسَبُ وأيْسَرُ؛ لبُعدِهِ عن التَّكَلُّفِ، ما دامَ أنَّ الكسرةَ مَوجودةٌ في اللفْظِ.
أمَّا الياءُ، فهيَ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بُنِيَ على السكونِ أو الفتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ مضافٍ إليهِ كما تَقَدَّمَ.
ويُستثنَى مِنْ هذهِ القاعدةِ أربعُ مَسائلَ يَجِبُ فيها تسكينُ آخِرِ المضافِ، وبِناءُ ياءِ المتكَلِّمِ على الفتْحِ فقطْ في مَحَلِّ جَرٍّ.
ما يُستثنَى مِن القاعدةِ السابقَةِ:
1- المسألةُ الأُولَى: (المقصورُ)؛ نحوُ: فَتًى، هُدًى، وحُكْمُهُ أنَّ آخِرَهُ وَاجِبُ السكونِ؛ لأنَّ آخِرَهُ ألِفٌ، والياءُ واجبةُ الفتْحِ؛ للخِفَّةِ والتخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنينِ، وتَبْقَى الألِفُ، إلاَّ عندَ هُذَيْلٍ فتُقْلَبُ ياءً، تقولُ: هُدَايَ خَيْرُ طريقٍ لِنَجاتِي، وعلى لُغةِ هُذَيْلٍ: هُدَيَّ، قالَ تعالى عنْ مُوسَى عليهِ السلامُ: {قَالَ هِيَ عَصَايَ}، وقالَ تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فقدْ قرأَ الجمهورُ: ( وَمَحْيَايَ ) بفتْحِ ياءِ المتكَلِّمِ، وقرَأَ نافِعٌ المَدَنِيُّ -مِن السبعةِ- بِخُلْفٍ عنْ وَرْشٍ بإسكانِها.
فـ ( عَصَايَ ) خبرُ المبتدأِ مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الألِفِ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها التعَذُّرُ، وهوَ مُضافٌ، والياءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٍ إليهِ، وقالَ أبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
سَبَقُوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَواهُمُ = فَتُخِرِّمُوا ولِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
فقولُهُ: (هَوَيَّ)، أصْلُهُ (هَوَايَ)، فالألِفُ ألِفُ المقصورِ، وبعدَها ياءُ المتكلِّمِ، فَقَلبَ الألِفَ ياءً، وأَدْغَمَها في ياءِ المتكلِّمِ، فصارَتْ (هَوَيَّ).
2- المسألةُ الثانيَةُ: (المنقوصُ)، مثلُ: الهَادِي والدَّاعِي، وحكْمُهُ أنَّ آخِرَهُ واجبُ السكونِ؛ لأنَّ يَاءَهُ مُدْغَمَةٌ في ياءِ المتكَلِّمِ، وياءَ المتكَلِّمِ واجبةُ الفتْحِ، تقولُ: الشرْعُ هَادِيَّ لطريقِ الخيرِ، فـ(هَادِيَّ): خبرُ المبتدأِ مرفوعٌ بضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الياءِ المدغَمَةِ في ياءِ المتكَلِّمِ مَنَعَ مِنْ ظُهورِها الثِّقَلُ، هوَ مضافٌ، وياءُ المتكلِّمِ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ مضافٍ إليهِ.
3- المسألةُ الثالثةُ: (المثنَّى وشِبْهُهُ)، وحُكْمُهُ أنَّ آخِرَهُ واجبُ السكونِ، والياءَ واجبةُ الفتْحِ، وتُحذَفُ النونُ للإضافةِ، وتَسْلَمُ الألِفُ في حَالةِ الرفْعِ، وفي حالَتَيِ النصْبِ والْجَرِّ تُدْغَمُ الياءُ في ياءِ المتكَلِّمِ كالمنقوصِ، تَقُولُ: لَنْ أُجَازَى إلاَّ بما قَدَّمَتْ يَدَايَ، لا أعْتَمِدُ في الرِّزْقِ بعدَ اللَّهِ إلاَّ على يَدَيَّ، فـ(يَدَايَ): فاعِلٌ مَرْفُوعٌ بالألِفِ، والياءُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَرٍّ، والأصْلُ: يَدَانِ ليِ، فحُذِفَت النونُ واللامُ للإضافةِ.
وفي الْمِثالِ الثاني: أُدْغِمَت الياءُ في الياءِ، ومنهُ قولُهُ تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، فـ(يَدَيَّ): اسمٌ مجرورٌ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ المدغَمَةُ في ياءِ المتكلِّمِ، وياءُ المتكلِّمِ: مضافٌ إليهِ.
4- المسألةُ الرابعةُ: (جَمْعُ المذكَّرِ السالِمُ وشِبْهُهُ)، وحُكْمُهُ أنَّ آخِرَهُ وَاجِبُ السكونِ، والياءَ واجبةُ الفتحِ، وفي حالةِ الرفْعِ تُقلَبُ الواوُ ياءً، وتُدغَمُ في ياءِ المتكَلِّمِ، وتُقلَبُ الضمَّةُ كسرةً للمناسبَةِ، أمَّا في حالتَيِ النصْبِ والجرِّ فتُدْغَمُ الياءُ في الياءِ، تقولُ: أنْتُمْ مُشارِكيَّ في الدعوةِ إلى اللَّهِ، والأصلُ: مُشَارِكُونَ لي، فحُذِفَت النونُ واللامُ للإضافةِ، فصارَ: مُشَارِكُويَ، ثمَّ قُلِبَت الواوُ ياءً، وأُدْغِمَتْ في الياءِ، وقُلِبَت الضمَّةُ كسرةً، فصارَ: مُشَارِكِيَّ.
قالَ تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ}، فقدْ قرأَ الجمهورُ بفَتْحِ الياءِ مُشدَّدَةً؛ لأنَّ ياءَ الجمْعِ أُدغِمَتْ في ياءِ الْمُتَكَلِّمِ، وهيَ مفتوحةٌ، فبَقِيَتْ على فتْحِها، وقرأَ حمزةُ - مِن السبعةِ - بكسْرِ الياءِ مُشَدَّدَةً، وهيَ لُغَةٌ لبعضِ العرَبِ.
فإنْ كانَ ما قبلَ الواوِ مَفتوحاً؛ نحوُ: مُصْطَفَوْنَ، بَقِيَ على فتحِهِ، فتقولُ: مُصْطَفَيَّ.
وهذا معنى قولِهِ: (آخِرَ ما أُضيفَ لِلْيَا اكْسِرْ.. إلخ)؛ أي: اكْسِرْ آخِرَ الاسمِ الذي أُضيفَ (لِلْيَا) بالقصْرِ للوزنِ، هيَ ياءُ المتكَلِّمِ، بدليلِ الترجمةِ، بشرْطِ ألاَّ يكونَ هذا الاسمُ مُعْتَلَّ الآخِرَ كالمنقوصِ، مِثلِ: (رَامٍ) اسمِ فاعلٍ مِنْ (رَمَى)، وكالمقصورِ، مِثلِ: (قَذًى)، وهيَ الأجسامُ الصغيرةُ التي تَقَعُ في العينِ فَتُؤْلِمُها.
وكذلكَ لا يكونُ مُثَنَّى (كَابْنَيْنِ)، أوْ جمْعَ مُذَكَّرٍ سالِماً (كَزَيْدِينَ)، (فَذِي)؛ أيْ: فهَذِي، تكونُ الياءُ بعدَها مفتوحةً. وقولُهُ: (احْتُذِي)؛ أي: اتُّبِعَ. وفُهِمَ مِنْ تخصيصِهِ فَتْحَ الياءِ في هذهِ الْمَواضِعِ أنَّ الياءَ في غيرِها لا يَجِبُ فَتْحُها، بلْ يَجوزُ فَتْحُها وسكونُها كما تَقَدَّمَ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ الياءَ التي في آخِرِ المضافِ - وهيَ ياءُ المُثَنَّى وجمْعِ المذكَّرِ وياءُ المنقوصِ - تُدغمُ (فيهِ)؛ أيْ: في ياءِ المتكَلِّمِ، وهوَ المضافُ إليهِ، وكذلكَ تُدْغَمُ الواوُ في الياءِ بعدَ قَلْبِها ياءً؛ لأنَّ الحرْفَ لا يُدْغَمُ إلاَّ في مِثْلِهِ، ثمَّ إنْ كانَ ما قبلَ الواوِ مَضموماً فإنَّهُ يُكْسَرُ؛ لِيَهُونَ النطْقُ؛ أيْ: يَسْهُلَ النطْقُ بالكسرةِ قَبلَ الياءِ الْمُشَدَّدَةِ بَدَلاً مِن الضمَّةِ.
ثمَّ قالَ: (وأَلِفاً سَلِّمْ)؛ أيْ: أَبْقِ الألِفَ في المثنَّى المرفوعِ والمقصورِ عندَ إضافتِهما للياءِ، إلاَّ عندَ هُذَيْلٍ فتَنقَلِبُ ألِفُ المقصورِ ياءً.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المضاف, إلى

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir