دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > اختصار علوم الحديث

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو القعدة 1429هـ/16-11-2008م, 08:19 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي النوع الحادي عشر: المعضل

النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْمُعْضَلُ


وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا, وَمِنْهُ مَا يُرْسِلُهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وَقَدْ سَمَّاهُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ مُرْسَلًا، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ "مُرْسَلًا".
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: لَا, فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ.. الْحَدِيثَ. قَالَ: فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ; لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: فَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهُ الْأَعْمَشُ أَنَسًا وَالنَّبِيَّ r فَتَنَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى مُعْضَلًا.
قَالَ: وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُطْلِقَ عَلَى الْإِسْنَادِ المُعَنْعَنِ اسْمَ "الْإِرْسَالِ" أَوْ "الِانْقِطَاعِ".
قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ, إِذَا تَعَاصَرُوا, مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ.
وَقَدْ ادَّعَى الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ الْمُقْرِئُ إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ذَلِكَ, وَكَادَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ أَيْضًا.
(قُلْتُ): وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَشَنَّعَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ اللُّقِيَّ, حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ يُرِيدُ الْبُخَارِيَّ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ, فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ, وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ, وَلَكِنِ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "الصَّحِيحِ". وَقَدْ اشْتَرَطَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ مَعَ اللِّقَاءِ طُولَ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ قُبِلَتِ الْعَنْعَنَةُ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إِنْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيمَا إِذَا قَالَ الرَّاوِي: "أنَّ فُلَانًا قَالَ"، هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: "عَنْ فُلَانٍ", فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ, حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ؟ أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ: "أنَّ فُلَانًا قَالَ" دُونَ قَوْلِهِ: "عَنْ فُلَانٍ"؟ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيُّ, فَجَعَلُوا "عَنْ" صِيغَةَ اتِّصَالٍ, وَقَوْلَهُ "أنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا" فِي حُكْمِ الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ, قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ, سَوَاءٌ فِيهِ أَنْ يَقُولَ: "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-", أَوْ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" أَوْ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو هَهُنَا فِيمَا إِذَا أَسْنَدَ الرَّاوِي مَا أَرْسَلَهُ غَيْرُهُ, فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَحَ فِي عَدَالَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ, إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا, وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ بِالْكَثْرَةِ أَوِ الْحِفْظِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْمُسْنَدَ مُطْلَقًا, إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ الصَّلَاحِ, وَعَزَاهُ إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ, وَحُكِيَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ.


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباعث الحثيث للشيخ: أحمد شاكر

النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ :الْمُعْضَلُ:



وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا, وَمِنْهُ مَا يُرْسِلُهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وَقَدْ سَمَّاهُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ مُرْسَلًا، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ "مُرْسَلًا".
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: لَا, فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ.. الْحَدِيثَ. قَالَ: فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ; لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: فَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهُ الْأَعْمَشُ أَنَسًا وَالنَّبِيَّ r فَتَنَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى مُعْضَلًا.
قَالَ: وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُطْلِقَ عَلَى الْإِسْنَادِ المُعَنْعَنِ اسْمَ "الْإِرْسَالِ" أَوْ "الِانْقِطَاعِ".
قَالَ: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ, إِذَا تَعَاصَرُوا, مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ.
وَقَدِ ادَّعَى الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ الْمُقْرِئُ إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ذَلِكَ, وَكَادَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ أَيْضًا[1].
(قُلْتُ): وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَشَنَّعَ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ اللُّقِيَّ, حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ يُرِيدُ الْبُخَارِيَّ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ, فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي أَصْلِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ, وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ, وَلَكِنِ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "الصَّحِيحِ". وَقَدِ اشْتَرَطَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ مَعَ اللِّقَاءِ طُولَ الصَّحَابَةِ[2].
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ قُبِلَتِ الْعَنْعَنَةُ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إِنْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيمَا إِذَا قَالَ الرَّاوِي: "أنَّ فُلَانًا قَالَ"، هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: "عَنْ فُلَانٍ", فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ, حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ؟ أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ: "أنَّ فُلَانًا قَالَ" دُونَ قَوْلِهِ: "عَنْ فُلَانٍ"؟ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيُّ, فَجَعَلُوا "عَنْ" صِيغَةَ اتِّصَالٍ, وَقَوْلَهُ "أنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا" فِي حُكْمِ الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ, قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ, سَوَاءٌ فِيهِ أَنْ يَقُولَ: "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-", أَوْ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" أَوْ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
وَبَحَثَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو هَهُنَا فِيمَا[3] إِذَا أَسْنَدَ الرَّاوِي مَا أَرْسَلَهُ غَيْرُهُ, فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَحَ فِي عَدَالَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ, إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ لَهُ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا, وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ بِالْكَثْرَةِ أَوِ الْحِفْظِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْمُسْنَدَ مُطْلَقًا, إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ الصَّلَاحِ, وَعَزَاهُ إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ, وَحُكِيَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ[4].


[1] قوله (وكاد ابن عبد البر الخ)، قال العراقي: (ولا حاجة إلى قوله وكاد، فقد ادعاه فقال في مقدمة التمهيد: اعلم وفقك الله أني تأملت أقاويل أئمة الحديث، ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم ومن لم يشترطه: فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك، إذا جمع شروطًا ثلاثة، وهي: عدالة المحدثين، ولقاء بعضهم بعضا، ومجالسة ومشاهدة، وأن يكونوا برأة من التدليس، ثم قال: وهو قول مالك وعامة أهل العلم.

[2] الصحابة بفتح الصاد، وقد تكسر أيضًا: مصدر (صحبه يصحبه).

[3] في الأصل (ما).

[4] وهو الحق الذي لا مرية فيه، لأن زيادة الثقة دليل على أنه حفظ ما غاب عن غيره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وكذلك الحكم فيما إذا روى الراوي حديثًا واحدًا مرارا واختلفت روايته: فرواه مرة مرفوعًا ومرة موقوفًا، أو مرة موصولا ومرة مرسلا. فالصحيح تقديم الرواية الزائدة، إذ قد ينشط الشيخ فيأتي بالحديث على وجهه، وقد تعرض له ما يدعوه إلى وقفه أو إرساله، فلا يقدح النقص في الزيادة.



  #3  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: عبد الكريم الخضير (مفرغ)



القارئ:
النوع الحادي عشر: المعضل
وهو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا,ومنه ما يرسله تابع التابعي.
قال ابن الصلاح: ومنه قول المصنفين من الفقهاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلاً,وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلا.
قال ابن الصلاح: وقد روى الأعمش عن الشعبي, قال: ((ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا,فيقول: لا. فيختم على فيه)) الحديث.
قال: فقد أعضله الأعمش؛لأن الشعبي يرويه عن أنس,عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: فقد أسقط منه الأعمش أنساً,والنبي صلى الله عليه وسلم,فناسب أن يسمى معضلاً.
قال: وقد حاول بعضهم...
الشيخ: يكفي. "النوع الحادي عشر: المعضل" وهو اسم مفعول من الإعضال,واشتقاقه من حيث.. ومأخذه من حيث اللغة مشكل,ووجه الإشكال كما قال بعضهم: إنه في الأصل مأخوذ من عضل الثلاثي,وليس من الرباعي أعضل؛ لأنه مأخوذ من اللازم لا من المتعدي، فأعضل يعضل فهو معضل,هذا يكون قد عدي بالهمزة.
لكن السخاوي يرى أنه لا مانع أن يكون أيضاً من الرباعي المتعدي,قالوا: أعضله فهو معضل,وعضيل,كما في أعله المرض فهو عليل,بمعنى مفعل وفعيل,وهذا إنما يستعمل في المتعدي.
لكن جمهور من كتب في المصطلح يقول: إنه من اللازم، بعض الألفاظ لا تستعمل إلا على صيغة المفعول المجهول: تنتج الناقة، كما تنتج الناقة، كما تنتج البهيمة.
هنا الحديث المعضل هل الحديث أعضله الراوي بحذف راويين من إسناده؟ أو الحديث هو الذي أعضل العلماء؟ بمعنى أنه أتعبهم في البحث عن ما سقط من رواته؟ إذًا ليس مثل المنقطع سقط واحد، لا,سقط أكثر من واحد على التوالي.
على كل حال هذا لفظ استعمله العلماء,وحدوده مما ذكروه من أنه ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا، شريطة أن لا يكون الساقط من مبادئ الإسناد؛ليخرج بذلك المعلق,وأن يكون هذان الساقطان على التوالي، ولذا يقول الحافظ العراقي رحمه الله:
والمعضل الساقط منه اثنان فصاعدا ومنه قسم ثان
حذف النبي والصحابي معا ووقف متنه على من تبعا
أضاف بعض العاقلين عن الناظم قوله:
والشرط في ساقطه التوالي والانفراد ليس بالإعضال

على هذا أن يكون على الولاء ما سقط منه راويان فأكثر على التوالي، أما إذا سقط منه أكثر من راو على التوالي فإنه ليس بالمنقطع على ما تقدم، وأن لا يكون الساقط من مبادئ الإسناد؛ليخرج بذلك المعلق، نعم سقط منه اثنان من أعلى إسناده,سقط منه الصحابي والتابعي، هذا معضل، وما سقط منه الصحابي ذكر فيه التابعي ووقف المتن عليه، هذا أيضاً سموه معضلا؛ لأنه أسقط منه الصحابي والنبي عليه الصلاة والسلام.
قالوا: وهذا باستحقاق اسم الإعضال أولى، وهذا باستحقاق اسم الإعضال أولى,يقول: ومنه ما يرسله التابعي,ما يرسله تابع التابعي يعني: يسقط الصحابي والتابعي، لكن إذا وقف متنه على التابعي فهذا أيضاً معضل على ما ذكرنا.
"قال ابن الصلاح: ومنه قول المصنفين من الفقهاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلاً,وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلاً"
عرفنا أن فيه تداخل بين أنواع الانقطاع من حيث الحد واختلاف في التمييز بينها، لكن الذي استقر عليه الاصطلاح هو ما ذكرنا.
قال ابن الصلاح: "وقد روى الأعمش عن الشعبي" قال يعني: موقوف على الشعبي,"((يقال للرجل يوم القيامة عملت كذا وكذا؟ فيقول: لا فيختم على فيه)). الحديث,قال: فقد أعضله الأعمش" يعني: حذف الصحابي وحذف النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن الشعبي يرويه عن أنس,عن النبي صلى الله عليه وسلم "قال: فقد أسقط الأعمش أنسا والنبي صلى الله عليه وسلم فناسب أن يسمى معضلا".
يقول ابن الصلاح: هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى. لكن ابن جماعة قال: هذا فيه نظر.لماذا؟
لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، مثل هذا لا يقال بالرأي,فله حكم الرفع,وحينئذ يكون الساقط منه الصحابي فقط، والرسول عليه الصلاة والسلام,وإن كان محذوفاً من السند إلا أنه في حكم الموجود، هذا وجه تنظير ابن جماعة يقول: الراوي قد أسقط الصحابي فقط,وعلى هذا يكون حكمه حكم المرسل.
بعض الكبار من الأئمة أطلق الإعضال على ما لم يسقط من إسناده شيء، سنده متصل؛وذلكم لإشكال في معناه مثلاً، يقول: في معناه إشكال فيكون مرسلا أو معضلا. نعم.
القارئ: قال: وقد حاول بعضهم أن يطلق على الإسناد المعنعن اسم الإرسال أو الانقطاع.
قال: والصحيح الذي عليه العمل,أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصرا مع البراءة من وصمه التدليس.
وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل الفضل على ذلك,وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضاً.
قلت: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه,وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي,حتى قيل: إنه يريد البخاري، والظاهر أنه يريد علي بن المديني؛فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث.
وأما البخاري فإنه لا يشترطه في أصل الصحة,ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح.
وقد اشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحبة.
وقال أبو عمرو الداني: إن كان معروفاً بالرواية عنه قبلت العنعنة.
وقال القابسي: إن أدركه إدراكاً بيناً.
وقد اختلف الأئمة فيما إذا قال الراوي: أن فلاناً قال, هل هو مثل قوله عن فلان فيكون محمولاً على الاتصال حتى يثبت خلافه,أو يكون قوله: أن فلاناً قال دون قوله عن فلان,كما فرق بينهما أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة وأبو بكر البرديجي,فجعلوا (عن) صيغة اتصال,وقوله: أن فلاناً قال: كذا في حكم الانقطاع حتى يثبت خلافه.
وذهب الجمهور إلى أنهما سواء في كونهما متصلين.قاله ابن عبد البر.وممن نص على ذلك مالك بن أنس.
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي,سواء فيه أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,أو:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم,أو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبحث الشيخ أبو عمرو ههنا فيما إذا أسند الراوي ما أرسله غيره؛فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك، إذا كان المخالف له أحفظ منه أو أكثر عدداً، ومنهم من رجح بالكثرة أو الحفظ، ومنهم من قبل المسند مطلقا إذا كان عدلا ضابطاً,وصححه الخطيب وابن الصلاح,وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وحكى عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة.
الشيخ: هنا حكم الاحتجاج بالسند المعنعن والمؤنن السند,والمعنعن ما يقول فيه الراوي: فلان عن فلان عن فلان... إلى آخره، والمؤنن ما يقول فيه: أن فلانا قال.
فمنهم من يزعم أن ما لم يصرح فيه بالتحديث أو بالسماع لا يحكم باتصاله حتى يقول: حدثنا وسمعت، حتى قال بعضهم: كل حديث ليس فيه حدثنا وسمعت فهو خل وبقل.
لكن جمهور علماء الإسناد المعنعن محكوم له بالاتصال,وحكمه في حكمه المؤنن، شريطة أن لا يكون الراوي موصوفا بالتدليس,والخلاف جار بينهم في اشتراط ثبوت اللقاء أو الاكتفاء بالمعاصرة، اشتهر النقل عن الإمام البخاري رحمه الله تعالى وعلي بن المديني اشتراط ثبوت اللقاء والسماع من الراوي ولو مرة واحدة,ولو مرة واحدة,ومسلم في صدر الصحيح أطال الكلام في تفنيد هذا القول والتشنيع على قائله بألفاظ قوية جداً,حتى استبعد بعضهم أن يكون مراد البخاري أو علي بن المديني.
وعلى كل حال لا يوجد تصريح,سواء كان من البخاري أو علي بن المديني، باشتراط اللقاء، وأما الإمام مسلم فقد صرح بأن المعاصرة كافية، ولا شك أنه يشكل على اشتراط ثبوت اللقاء أن أهل العلم في تراجم الرواة لا ينصون على أنه لقيه أو لم يلقاه وإنما يقولون: روى عن فلان وفلان وفلان وفلان... إلى آخره.
وهذا الإشكال نظير الإشكال الناتج عن اشتراط تفسير الجرح,وهو قول الجمهور، إذا اختلف في الراوي جرحاً وتعديلا اشترطوا تفسير الجرح,يقولون: كتب التراجم ليس فيها تفسير للجرح، بل أهل العلم يكتفون بالنقل عن الأئمة بأن فلانا ضعيف، وفلان فيه كذا,وفلان سيئ الحفظ,هذا فيه تفسير,لكن ضعيف ما فيه تفسير، وعلى هذا ينبغي أن نهمل كتب التراجم حتى يفسر الجرح,ونهمل كتب من يعتني بذكر الشيوخ والتلاميذ حتى ينص على أنه ثبت لقاء الراوي لمن روى عنه,وهذا مشكل، لا شك أنه استفاض النقل عن البخاري اشتراط ثبوت اللقاء,وإن كان منهم من يخص ذلك في صحيحه في صحيح البخاري.
يقول: إن البخاري في صحيحه لم يخرج إلا عمن ثبت لقاؤه لمن روى عنه,ولا يشترط ذلك في أصل الصحة,خلافاًَ لعلي بن المديني.
على كل حال، مذهب الإمام مسلم من حيث العمل,والعمل جار عليه، وأطال في ناصره والتشديد على المخالف حتى رماه بأنه يحاول الطعن في السنة الذي يخالف ويشترط اللقاء؛ لأن أكثر الأحاديث لا توجد مروية إلا بالعنعنة,ولم يذكر أن الراوي ثبت لقاؤه لمن روى عنه، ويذكر أن أول من صرح بأن مراد البخاري أو علي بن المديني هو القاضي عياض في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم,وهذا في رسالة طبعت أخيراً لم أتمكن من الاطلاع عليها
وصححوا وصل معنعن سلم من دلسة راويه واللقا علم
هذا القول الأول أنه لا بد من ثبوت اللقاء,وهو الذي قرره ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل العلم.
القول الثاني:وهو قول الإمام مسلم,وهو الذي نصره في مقدمة الصحيح,أنه لا يشترط اللقاء, تكفي المعاصرة، لكن ومع عدم استحالة اللقاء مع إمكان المعاصرة مع إمكان اللقا,مع إمكان اللقاء، أما إذا عرفنا أن شخصا عاش في أقصى المشرق,والآخر في أقصى المغرب,فلا يحكم له بالاتصال.
لذا ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح البخاري,أن العلماء يحكمون بالانقطاع بتباين البلدان، يعني: إذا عرف أن هذا الراوي عاش في المشرق والآخر عاش بالمغرب,ولم يعرف أنهما حجا في سنة واحدة,هذا الذي يغلب على الظن أنه ما لقي أحدهما الآخر، والسماع حينئذ غير متأن.
على كل حال العمل جار على قول مسلم,لكن هل يثبت القول الآخر عن الإمام البخاري ولو في صحيحه؟ محل تأمل,يحتاج إلى مزيد من البحث في رواة الصحيح أنه الإمام البخاري رحمه الله في تاريخه الكبير يعتني بذكر السماع,يعتني بذكر سماع فلان من فلان, وذكر لقاء فلان عن فلان.
المقصود: أنه يهتم بهذه المسألة,لكنه لم يصرح ولا في موضع واحد أنه يشترط,والنقل عنه مستفيض بأنه شرط عنده كما أنه شرط عند علي بن المديني فيما نقله أهل العلم,والمسألة كما قال الإمام مسلم ما عرف أن العلماء توقفوا بتصحيح حديث بسند معنعن إلا إذا عرف راويه بالتدليس، فإذا سلم الراوي من وصمة التدليس فإنه يحكم له بالاتصال.
والغريب في الأمر أن الإمام مسلم رحمه الله ضرب أمثلة بأحاديث لا توجد عند أحد إلا معنعنة,ووجه الغرابة أن الإمام مسلم خرجها في صحيحه بصيغة التحميل ليست معنعنة,خرج الأحاديث في صحيحه بصيغة التحميل,ونبه على ذلك ابن رشيد في كتابه (السند الأبين),وهي معروفة هذه في مقدمة صحيح مسلم,ننبه عليها,ومخرج في صحيحه.
وعلى كل حال الخطأ لا يسلم منه أحد,والنسيان من يعرى عنه؟ قد يقعد قاعدة ثم تنخرم فيما بعد,والله المستعان، منهم من يشترط قدراً زائداً على مجرد اللقاء، يشترط طول الصحبة,أن يدركه إدراكاً بيناً,مثلا يقول: وقد ادعى هنا.
يقول: "قال: والصحيح الذي عليه العمل أنه صحيح متصل,أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصرا" اكتفى بالمعاصرة "مع البراءة من وصمة التدليس,وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقل على ذلك,وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضاً. قلت: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه,وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي أو اللقاء,حتى قيل: إنه يريد البخاري".
قيل: إنه يريد البخاري,نعم ادعى ذلك القاضي عياض,ومن جاء بعده,كلهم تتباعوا على أنه يريد البخاري أو علي بن المديني.
قال: "والظاهر أنه يريد علي بن المديني؛ فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث، وأما البخاري فإنه لا يشترط في أصله الصحة ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح".
هذا كلام من؟ الحافظ ابن كثير رحمه الله، فهو مع من يرى أن البخاري يشترط اللقاء,ولو على أقل الأحوال في صحيحه.#
"وقد اشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحبة.وقال أبو عمرو الداني: إن كان معروفا بالرواية عنه قبلت العنعنة.قال القابسي: إن أدركه إدراكا بيناً" كل هذا قدر زائد على مجرد ثبوت اللقا، السند المؤنن.
يقول: "وقد اختلف الأئمة فيما إذا قال الراوي: أن فلاناً قال, هل هو مثل قوله: عن فلان,فيكون محمولاً على الاتصال حتى يثبت خلافه,أو يكون قوله: أن فلاناً قال,دون قوله: عن فلان" وهذا تبع فيه ابن الصلاح, "كما فرق بينهما أحمد بن حنبل,ويعقوب بن شيبة,وأبو بكر البرديجي,فجعلوا (عن) صيغة اتصال.وقوله: أن فلانا قال كذا,في حكم الانقطاع حتى يثبت خلافه"
يقول الحافظ العراقي:
........................ وحكم (أن) حكم (عن) فالجل
سووا وللقطع نحا البرديجي حتى يبين الوصل في التخريج

فالبرديجي يرى أن المؤنن في حكم المنقطع,لكن هل الإمام أحمد يرى أنه في حكم المنقطع بالنسبة ليعقوب بن شيبة؟
نقل ابن الصلاح أن أحمد بن حنبل يرى التفريق, ويعقوب بن شيبة يرى التفريق، لكن هل الحق.. هل كلام ابن الصلاح صواب؟
الإمام أحمد حكم على حديث محمد بن الحنفية,عن عمار,أنه مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وحكم عليه بالاتصال,حكم على رواية عن محمد بن الحنفية أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم بالانقطاع، هل سبب ذلك اختلاف الصيغة أو لا؟
ومثله يعقوب بن شيبة، هل السبب في اختلاف الحكم اختلاف الصيغة؟
الطريق الأول: عن محمد بن الحنفية,عن عمار,أنه مر بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال: هذا متصل (طيب).
الطريق الثاني: عن محمد بن الحنفية,أن عماراً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم,قال: هذا منقطع، لا,ليس هذا مرده اختلاف الصيغة,بل السبب في ذلك أن محمد بن الحنفية في الطريق الأول يروي عن عمار قصة حصلت له مع النبي صلى الله عليه وسلم,يروي عن عمار، والقصة حصلت لعمار مع النبي عليه الصلاة والسلام فهي متصلة، الطريق الثاني يحكي محمد بن الحنفية قصة حصلت بين عمار مع النبي عليه الصلاة والسلام,وهو لم يدركها,فرق نعم فرق, هو ظهر فرق (ولا) ما ظهر؟
فرق ظاهر (ولا) ما هو بظاهر؟
في الطريق الأول محمد الحنفية يحكي عن عمار,وقد لقيه وسمع منه، يحكي عن عمار قصة وقعت له مع النبي علية الصلاة والسلام,فهو يحكيها عن صاحب الشأن,في الطريق الثاني محمد بن الحنفية يحكي قصة لم يحضرها، ولذا قال عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم نعم.
يعني: على سبيل المثال: أنتم في طبقتكم في الجملة يعني: بعضكم من أدرك الشيخ محمد بن إبراهيم مثلاً صحيح؟ يعني: في الجملة جملتكم ما أدركه، لكن لما يقول واحدكم عن الشيخ عبد العزيز رحمه الله نعم عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله,أن الشيخ محمد بن إبراهيم قال له كذا، هذا متصل؛لأنكم أدركتم الشيخ عبد العزيز، نعم,لكن لو قال منكم واحد، حدث فلان واحد منكم أن الشيخ محمد بن إبراهيم قال للشيخ ابن باز ما أدرك القصة، فالفرق ظاهر,الفرق بين الصيغتين ظاهر,ولذا قال الحافظ العراقي.
.................... كذا له ولم يصوب صوبه
يعني: ما أدرك المعنى الحقيقي للاختلاف لاختلاف الحكم، هو نظرة عاجلة وهو أن اختيار الحكم بسبب اختلاف الصيغة؟ لا، سببه أن محمد بن الحنفية حكى قصة عن صاحب الشأن في الطريق الأول,فحكم له بالاتصال,وفي الطريق الثاني حكى قصة لم يحضرها فهي متقطعة.
ولذا قال: كذا له -يعني: أين الصلاح- ولم يصوب صوبه –يعني: ما وقف
على حقيقة الأمر.
"وذهب الجمهور إلى أنهما سواء"
........................ وحكم (أن) حكم (عن) فالجل
سووا.................. ............................
"في كونهما متصلين.قاله ابن عبد البر: وممن نص على ذلك مالك بن أنس.وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم,أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم" هذا متصل؛لأن الصحابي بالنسبة لصيغ الأداء.. يعني: المحذور في اختلاف صيغ الأداء أن يكون الراوي موصوفا بالتدليس,وليس في الصحابة مدلس، فسواء قال الصحابي: عن رسول الله أو قال رسول الله أو سمعت رسول الله سواء هنا تعارض الوصل والإرسال,ومثله تعارض الوقف والرفع.
يقول: "وبحث الشيخ أبو عمرو ههنا فيما إذا أسند الراوي ما أرسله غيره,فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك، إذا كان المخالف له أحفظ منه,أو أكثر عدداً,ومنهم من رجح بالكثرة أو الحفظ,ومنهم من قبل المسند مطلقا إذا كان عدلاً ضابطاً,وصححه الخطيب وابن الصلاح وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وحكى عن البخاري من قال: الزيادة من الثقة مقبولة"
وهذا سيأتي في زيادات الثقات,في زيادات الثقات يأتي هذا البحث في النوع السابع عشر.
على كل حال نشير إلى مسألة اختلاف الوصل مع الإرسال,ومثلها اختلاف الرفع مع الوقف,إذا روي الخبر مرسلا وروي من طريق آخر مسنداً, أوروي موقوفاً ومن طريق آخر مرفوعاً، فمنهم من يقول: الحكم لمن وصل ولمن رفع؛ لأن مع من وصل زيادة علم خفيت على من أرسل,والزيادة من الثقة مقبولة.
وهذا كل فرع عما سيأتي في الكلام على زيادة الثقة، يقول: من وصل معه زيادة علم,والزيادة من الثقة مقبولة,ومنهم من يقول: لا,الحكم لمن أرسل ولمن وقف؛لأن الإرسال هو المتيقن,والوصل مشكوك فيه,ومثله الوقف والرفع,الوقف متيقن والرفع مشكوك فيه,وهو الجادة أيضاً.
وكثيراً ما يكون الخطأ في سلوك الجادة,ولذا من منهج بعضهم أنه إذا اختلفت الجادة مع غيرها صحح الغير,ترك الجادة يعني: لما يأتي الحديث من حديث مالك,عن نافع,عن ابن عمر,أو مالك,عن نافع,عن ابن عباس,يقول: لا,الصواب: عن ابن عباس؛ لأن الراوي من (كتر) ما يسمع مالك,عن نافع,عن ابن عمر,ارتكب هذه الجادة، والثاني لولا أنه متيقن متأكد ما طاوعه لسانه على أن يقول: مالك,عن نافع,عن ابن عباس,هذا مسلك لبعض أهل العلم, ويستشف من صنيع أبي حاتم والدارقطني.
فالقول الأول في تعارض الوصل مع الإرسال,أن الحكم لمن وصل؛لأن معه زيادة علم خفيت على من أرسل.
والقول الثاني: أن الحكم لمن أرسل؛لأن الإرسال هو المتيقن,والوصل مشكوك فيه.
والقول الثالث: أن الحكم للأحفظ إذا كان أحدهما أحفظ من الآخر حكم له.
والقول الرابع: أن الحكم للأكثر إذا كان رواة الإرسال أكثر حكم لهم,إذا كان رواة الوصل أكثر حكم لهم.
واحكم لوصل ثقة في الأظهر وقيل بل إرساله للأكثر
الذي عليه الأئمة المتقدمون,أنه لا يحكم لحكم عام مطرد في كل حديث تعارض فيه الوقف والإرسال بقول يسلك باستمرار,لا، إنما يحكم لما ترجحه القرائن، ولذا تجدون في أحكام الأئمة أنهم لم يسلكوا مسلكاً واحداً في هذا، بل الواحد منهم ليس له طريقة واحدة في الترجيح.
فعلى سبيل المثال: الإمام البخاري رحمه الله رجح وصل حديث: ((لا نكاح إلا بولي)),((لا نكاح إلا بولي)) رجح الوصل، هل لأن من وصل زيادة والزيادة من الثقة مقبولة؟ مع كون من أرسله كالجبل، شعبة وسفيان ممن أرسل الحديث,إنما رجح الوصل لقرائن احتفت به,وتجدونه في بعض الأحيان يرجح الإرسال قرائن احتفت بالإرسال.
وعلى هذا ليس في مثل هذه المسألة قاعدة مطردة يحكم بها، بل الحكم للقرائن، ومثل هذه المسألة: مسألة تعارض الوقف مع الرفع، يترك الحكم فيها للقرائن.
ولذا تجدون الأئمة لا يحكمون بأحكام عامة مطردة,لكن الطالب: طالب العلم المبتدئ,الذي يريد أن يتمرن,نحن نقول: لا تحكم في مثل هذه الحالة؛لأنك لم تصل إلى حد تدرك فيه القرائن المرجحة,أو نقول: اعتمد أي قول من الأقوال للتمرين,وإذا تأهلت احكم بالقرائن,واعرض عملك على أهل العلم؛ليوضحوا لك ما يحتف بأحد القولين من القرائن.
هذا هو المطلوب، تمرن على قواعد المتأخرين,فإذا تأهلت وأقرك أهل العلم,وشهدوا لك بأنك أدركت المرجحات,فحينئذ عليك أن تحاكم وتحدث.
على كل حال هذه المسألة من المسائل الكبار,وسيأتي بسطها إن شاء الله تعالى في زيادة الثقة؛لأنها فرع عام.نعم.
(ردا على كلام غير مسموع) تقلد البخاري مثلاً في وصله,وتترك أبا حاتم وأبا زرعة وتقلد، تترك أحمد مثلاً في بعض الأحاديث منها حديث:رفع اليدين إذا قام من الركعتين,حديث ابن عمر، الإمام البخاري رحمه الله رجح الرفع,وخرجه في صحيحه، الإمام أحمد رجح الوقف, أنه موقوف على ابن عمر,تأخذ بقول من؟
ولذلك بعض طلبة العلم يقول: إن مثل هذه الكتب في مذهب أحمد مما ينفر من التقليد, يقول: كيف يقول الحنابلة بأن مواضع الرفع ثلاثة,والرابع ثابت في صحيح البخاري، هل على الحنابلة أن يقلدوا البخاري؟ نعم وإمامهم يقول: موقوف؟ الراجح عند الإمام أحمد أن حديث ابن عمر موقوف,والذي رجحه البخاري وخرجه في صحيحه أن الحديث مرفوع,فمن تقلد الإمام أحمد أو البخاري في مثل هذه الصورة؟ أو نقول: ما دمت في مرحلة التقليد خرج على قواعد المتأخرين,واعرض قولك على أقوال أهل العلم وأهل الخبرة,ثم إذا تأهلت لست ملزما بقول أحد على أن لا تخرج عن مجموع أقوال المتقدمين عن مجموعها، لكن لك النظر في أقوالهم وترجح ما شئت منها,أما تصحح حديثا اتفقوا على تضعيفه أو تضعف حديثا اتفقوا على تصحيحه. لا.
أحد الطلبة: صنيع بعض المتأخرين ممن يتصدر التصحيح والتضعيف يضعف, يصحح حديث أو يحسنه, والإمام أحمد قال: منكر,والبخاري قال: لا يصح,يعني: أجمع الأئمة الكبار والمتقدمين على تصحيحه,وسبب هذا أنه يمشي على قواعد المتأخرين.
الشيخ: نقول: إذا تأهل له أن ينظر في أقوال المتقدمين,وله أن يحكم بالقرائن,فيحاكي المتقدمين,لكن قبل التأهل له أن يتمرن على قواعد المتأخرين؛ لأنها منضبطة ومحررة ومتقنة في كتبهم,موجودة.
لكن على سبيل المثال حديث ابن عمر أراد طالب علم أن يحكم بالقرائن,كيف يحكم؟ الإمام أحمد وهو إمام هذا الشأن إمام السنة يقول: الحديث موقوف,والبخاري يقول: مرفوع، فهل ترفع يديك إذا قمت من الركعتين أو ما ترفع؟
بهذا نبين أن الكتب كتب الفقه وإن كان فيها يعني: فيها شيء الراجح خلافه,لكن ما وضعت عبثا, قد يقول قائل مثلاً (غير مسموع) حينما يذكر أن المواضع ثلاثة البخاري موجود ومتداول يعني: ما اطلع عليه البخاري فيه الرفع (غير مسموع) نعم؟ (غير مسموع) بهذا هو إمام ما قال من تلقاء نفسه يعني: رجح أن الخبر موقوف (ولا)لا؟ فهو أتبع الناس وأشد الناس اتباعاً للسنة الإمام أحمد.
أحد الطلبة: شيخ,أنتم قلتم يعني: إن الواحد ما يخرج عن مجموع كلام المتقدمين,سبب سؤالي لماذا بعض المصححين والمضعفين يخرجون عن هذا المجموع,شيخنا الشيخ الألباني الله يرحمه,الله يغفر له ويرحمه يصحح حديثا أو يحسن حديث,كل الأئمة الكبار (غير مسموع) هل له نظر معين أو حجة معينة؟
الشيخ: على كل حال الشيخ يعتني بقواعد المتأخرين رحمه الله,والشيخ كما نعلم من طريقته أنه يرقي الحديث بمجموع الطرق,وإن كان بعضها لا تصلح للترقي,وعلى كل حال هو إمام في هذا، هو إمام ومجدد في هذا,فرحمه الله رحمة واسعة.
ـ................
ـ والله التدليس طويل,لكنه مشكلة إن بقي إلى الغد يأخذ وقت.نعم. [كلام ليس له فائدة علمية]


  #4  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: سعد الحميد (مفرغ)

القارئ: النوع الحادي عشر: المعضل
وهو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدًا,ومنه ما يرسله تابعو التابعين.
قال ابن الصلاح: ومنه قول المصنفين من الفقهاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلًا، وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلًا.
قال ابن الصلاح: وقد روى الأعمش عن الشعبي,قال: ((ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا. فيقول: لا.فيختم على فيه)) الحديثَ.
قال: فقد أعضله الأعمش؛لأن الشعبي يرويه عن أنس,عن النبي صلى الله عليه وسلم,قال: فقد أسقط منه الأعمش أنسًا,والنبي صلى الله عليه وسلم، فناسب أن يسمى معضلًا.
قال: وقد حاول بعضهم أن يطلق على الإسناد المعنعن اسم الإرسال,أو الانقطاع.
قال: والصحيح الذي عليه العمل,أنه متصل محمول على السماع,إذا تعاصروا مع البراءة من وصمة التدليس.

الشيخ: لحظة (شوي). فهذا مبحث آخر,الحقيقة كان الأولى أن يفرد بعنوان: الحديث المعنعن والمؤنن؛ لأنه لا يدخل في المعضل بالذات، وإنما هذا من أنواع السقط,عموما (طيب) إلى هنا يكون انتهى الكلام عن الحديث المعضل، الحديث المعضل قبل أن نشرحه ونبينه ينبغي أن نعرفه بتعريف جامع مانع.
فنستطيع أن نعرفه بالتعريف الآتي,وهو أحسن مما ذكر عندكم في الكتاب,فنقول: المعضل: هو ما سقط من وسط إسناده راويان فأكثر على التوالي.
بهذا التعريف نستطيع أن نفرق بين المعضل والمعلق والمرسل أيضًا,فما وجدنا فيه سقطًا من آخر الإسناد,أي: من جهة الصحابي,وإن كان بأكثر من اثنين,ولكن بشرط: أن يكون التابعي هو الذي يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم,سميناه مرسلًا، فإن أردنا أن نتكلم على شدة ضعفه,قلنا: إنه في هذه الحال يعتبر معضلًا؛لأجل أن الساقط فيه أكثر من واحد، ولكنه من حيث الاصطلاح يسمى مرسلًا؛لأن التابعي يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان السقط من أول الإسناد من جهة صاحب الكتاب,وكان بأكثر من واحد,مثل ما لو تصورنا أن البخاري يقول عن الحديث الذي ذكرته لكم اليوم: قال يحيى بن سعيد الأنصاري,فحذف منه شيخه الحميدي وشيخ شيخه، وهو سفيان بن عيينة,فأصبح السقط ههناكم؟
أصبح السقط اثنين على التوالي، يعني: وراء بعض، لكن السقط من أول الإسناد,فهذا نسميه معلقًا,ولا نسميه معضلًا، مع العلم أن هناك تساهل كثير من أهل العلم في التمييز بين هذه الأنواع الثلاثة؛ فأحيانًا يجعلون بين المعضل والمرسل تداخلًا,وذلك إذا كان الساقط فيمن بعد التابعي أكثر من واحد، وأحيانًا يسمون المعلق معضلًا,وكذلك العكس أيضًا: قد يسمونه معلقًا وقد يسمونه معضلًا، وذلك إذا كان الساقط من أول الإسناد أكثر من واحد.
ولكن يفترق بناء على مفهوم هؤلاء العلماء,يفترق المعضل عن المعلق,ويفترق المعضل عن المرسل بالآتي,هذا بناء على قولهم,ثم نذكر إن شاء الله ما يمكن أن يميز كلا منها عن الآخر:
فإذا كان السقط من جهة الصحابي بواحد فقط,فهذا يقال له: مرسل,ولا يقال له: معضل؛بناء على كلام هؤلاء العلماء، أما إذا كان السقط من جهة الصحابي باثنين,أو أكثر,فهذا يسمونه مرسلًا ومعضلًا في آن واحد,فقد يشتركان وقد يفترقان.
وإذا كان السقط من وسط السند باثنين أو أكثر على التوالي، يعني: وراء بعض,فهذا يكون معضلًا,ولا يكون مرسلًا,كما أنه أيضًا لا يكون معلقًا، وإذا كان السقط من أول الإسناد بواحد فقط,فهو يكون معلقًا,ولا يكون معضلا.
فعرفنا أنه عندهم قد يلتقي مع المعلق وقد يفترق، وقد يلتقي مع المرسل، وقد يفترق، لكن إذا أردنا أن نتمشى بموجب هذا التعريف الذي ذكرته لكم,فهو يخرج المعلق والمرسل، ويبقي له الصورة المحدودة عندكم في هذا التعريف ما سقط من وسط الإسناد.
فبهذا القيد يخرج المعلق الذي هو من أول الإسناد,ويخرج المسند الذي هو من آخر الإسناد، ما سقط من وسط إسناده اثنان أو أكثر على التوالي, فقولنا: على التوالي يخرج ماذا؟ (هه؟) (غير مسموع) يخرج المنقطع؛ لأن المنقطع لا على التوالي.
فبهذه الصورة الآن يصبح للمعضل تعريف محدود,لا يشترك معه غيره فيه، وأنا أرى أن هذا هو الصواب إن شاء الله تعالى، أما كون هناك من يسميه أو يسمي غيره من أنواع السقط مرسلًا، فهذه مسألة تكررت معنا,أنهم أحيانًا يتجوزون فيعبرون عن أي سقط في الإسناد بأنه مرسل,وأحيانًا يعبرون عنه بأنه منقطع، لكن هذا فيه تجوز، ونحن الآن نتكلم عن التسمية الاصطلاحية الفنية التي ينبغي أن تحد كل نوع بحد يميزه عنها.
أما هذا المثال الذي أورده فهو مثال لا يصلح؛ لأن الساقط من بعد الشعبي إنما هو راو واحد فقط،
وهو: أنس,أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعتبر في هذه الحال من أنواع السقط في الإسناد، لكن هذا الحديث بهذه الصورة حينما يقول الأعمش عن الشعبي أنه قال: ((ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا)) ماذا يسمى هذا؟ (هه؟) يا جماعة (غير مسموع) (أيوه) أحسنت نعم، أخذنا اليوم أن هذا من كلام التابعي، فهذا يقال له: مقطوع، فلا يقال له: لا مرسل ولا معضل، هذا من كلام الشعبي، التابعي أحيانًا قد يروي الحديث وكذلك الصحابي أحيانًا قد يروي الحديث فيفتي بموجبه إن كان الحديث مما يدل على فتوى معينة، فلا يقال في هذه الحال: إن هذا يعتبر معضلًا.
وقد يذكر التابعي أو الصحابي الحديث من باب الوعظ والإرشاد,والبيان لمعنى معين، فكل هذا يقال له: موقوف؛ لأنه جاء من كلام التابعي نفسه، فهذا لا يعتبر معضلًا في حقيقة الأمر,وإنما هذا يعتبر موقوفًا على الشعبي رحمه الله تعالى.
الآن عندنا مبحث الإسناد المعنعن، فهل تنشطون لأن (نمشي) فيه؟ يمكن يأخذ منا على الأقل ربع ساعة أو أكثر, أو نتركه ليوم غد؟ (هه؟) خلاص نتركه ليوم غد إن شاء الله؛ لأن هذا فيه الكلام على مذهب البخاري ومذهب مسلم رحمهما الله تعالى.

ردًا على سؤال غير مسموع: إي, مقطوع,أو نقول: موقوف على الشعبي.
نحن قلنا:إنه يجوز أن يطلق الوقف لكن مع التقييد.نعم.

ردًا على سؤال غير مسموع: يرد عليه الكلام الذي ذكرناه في مسألة المرفوع، يكون له حكم الرفع (هه) إذا كان الشعبي ما يأخذ مثلًا عن أحد من أهل الكتاب فيكون (إيش) مرسلًا.

ردًا على سؤال غير مسموع: (هه؟) لا هو المشكلة ما هي بإسقاط أنس؛المشكلة إسقاط النبي صلى الله عليه وسلم,فيصبح الكلام موهمًا في هذه الحال: هل هو ما تلقاه عن أهل الكتاب (ولا) لا؟

سؤال: أحد الإخوة يقول: صغار الصحابة الذين هم لهم رؤية,وليس لهم رواية,هل يعتبرون ثقات عدولًا؟
- يا جماعة الإخوة (اللي بيمشون) جزاهم الله خيرًا يخفضون الأصوات - هل يعتبرون ثقات عدولا؟
جواب: أقول: هذه مسألة الحقيقة أنا في قلبي,أو عندي شيء,فيها نوع من التوقف,في بعض الأحيان وليس في كل الأحيان، فالغالب نعم أنهم يعتبرون عدولًا، لكننا وجدنا منهم من خاض في بعض الفتن التي شانتهم,مثل من؟
مثل محمد بن أبي بكر الصديق,رضي الله عن أبيه؛فمحمد بن أبي بكر بن الصديق هذا ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر حين انصرف النبي عليه الصلاة والسلام من حجة الوداع في الطريق,وجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبال في حجره,وكان ممن شارك في قتل عثمان رضي الله عنه، فلذلك بقي في القلب شيء عليه، فهل يعتبر في هذه الحال من العدول؟
حقيقة أنا ما وجدت من أهل السنة, ويمكن أني قصرت في البحث,لكنني ما وجدت من يوثقه ويثني عليه، بل كأنهم يعتبرون ما أصابه من العقوبة؛لأنه قتل وجعل في جلد حمار وأحرق، فتن,والله المستعان,ينبغي أن تطوى ولا تروى,فمثل هذا له رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم,فهل يعتبر في هذه الحال عدلا؟
هذا أمر مرده إلى الله, والعلم عند الله جل وعلا.

سؤال: هل هذه القاعدة صحيحة كل دليل تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال يقال: إنها أخذت عن الشافعي؟
جواب: أقول: هي صحيحة,لكن بناء على الفهم الصحيح,أما من يستخدمها لضرب نصوص الشرع,وتكلف الاحتمالات,فهذا لا، لكن إذا كان هناك احتمال قوي,لا مناص عنه,فنعم، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)).
تطرق الاحتمال لهذا الدليل,ولذلك الصحابة اختلفوا في فهمه,فمنهم من صلى في الطريق,ومنهم من لم يصل إلا في بني قريظة,فمثل هذا هو الاحتمال السائغ.

سؤال: إبهام الصحابي هل يؤثر في السند,مع احتمال أن يكون الصحابي من صغار الصحابة الذين لم يرووا عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
جواب: أقول: هذه مسألة أخرى,لذلك اعتبر البيهقي رحمه الله الأحاديث التي بالصورة المذكورة من الأحاديث المرسلة,وكأنه لحظ أيضًا هذا الملحظ، لكن يبقى الإشكال,وأنا أشكر الأخ على سؤاله.
يبقى الإشكال فيما لو قال التابعي: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهل في هذه الحال نشترط أن يقول هذا الصحابي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كذا,أو نكتفي بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا، إذا اكتفينا بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا, وكان هذا من صغار الصحابة الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم,ولم يرووا عنه,فهل يكون مقبولًا في هذه الحال؟والله هذه محل نظر,ولعلي أنظر فيها,والحقيقة أنه يبدو أنها من مشكلات المسائل؟

سؤال: ألا يكون ما ذكر عن الشعبي رحمه الله من المرسل حكمًا؟
جواب: بلى,يكون من المرسل حكمًا بعد ماذا؟ بعد أن نتأكد أن الشعبي رحمه الله لم يأخذ عن أهل الكتاب، أما لو كان هناك احتمال أن يكون أخذ عن أهل الكتاب فقد يحتمل أن يكون هذا من حكاية بني إسرائيل، ولا يكون له حكم المرسل؛ لأننا لم يغلب على ظننا أنه نسبه للنبي صلى الله عليه وسلم.

سؤال: ما قولكم من موطأ مالك وكثرة المراسيل التي فيه ؟ وهل ابن عبد البر وصل كل أحاديث الموطأ؟
جواب: يبدو أن الأخ ما كان سمعنا قبل ذلك.
على كل حال المراسيل التي في موطأ الإمام مالك هي بناء على أصل مذهبه الذي أشرنا إليه قبل قليل,من أنه يحتج بالحديث المرسل، وأما كون ابن عبد البر وصلها فلا,ابن عبد البر لم يتصد لوصل المراسيل وإنما تصدى لوصل البلاغات,ففرق بين المراسيل وفرق بين البلاغات,فابن عبد البر وصل كل بلاغات الموطأ إلا أربعة أحاديث,هي التي لم يصلها. نعم؟ المراسيل (إيش؟)
ـ..................
ـ لا,المراسيل التي في موطأ مالك ما تصدى لها أحد؛لأنهم يرون أن هذه المراسيل جاءت بناء على أصل الإمام مالك رحمه الله,وهو أنه يرى الاحتجاج بالمرسل,فالمرسل والموصول عنده بمعنى واحد,لا يختلف هذا عن ذاك.

سؤال: هل الاحتجاج بالحديث المرسل الذي كان بعض الأئمة الأربعة ومن وافقهم عليه,هل هو جارٍ إلى عصرنا اليوم؟
جواب: ما أدري ما مقصود الأخ بهل هو جارٍ؟ يعني: هل يمكن قبول المرسل الذي يرسله أحدنا في هذا الزمان؟ إن كان هذا المفهوم فلا,ولا أظن أن الأخ يقصد هذا المفهوم,لكن لعله يقصد أننا لو وجدنا حديثًا مرسلًا، فهل يقبل بناءً على قواعد العلماء السابقين في مثل هذا الزمان؟
نقول: أصلًا المراسيل التي جاءت لا بد أن تجدهم تكلموا عليها,فكل إمام نصر رأيه ونصر مذهبه بما وجده من أحاديث مراسيل أو غير مراسيل، ولو فتحت على كتب الفقه وكتب الخلاف,ستجد الأدلة التي استدلوا بها لابد أن يكون متكلما عنها,فأنت اضرب مثالًا على هذا ونحن نعطيك الجواب.



سؤال: يقول: نرجو أن تعيد تعريف المنقطع؟
جواب: تعريف المنقطع: هو ما سقط من وسط إسناده راوٍ أو أكثر,لا على التوالي,أي: لابد أن يكون بينهما فاصل.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين,وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..,
وكان أحد الإخوة بالأمس سأل سؤالا فيما يتعلق بمستدرك الحاكم,وهي جزئية أغفلتها؛لعدم ورودها في الكتاب,ولأنا محتاجون للوقت؛لكي نقطع هذا المشوار الطويل,لكن ريثما يجتمع الإخوة لا بأس من الحديث عنها إن شاء الله تعالى,وذلك فيما يتعلق بشرط الشيخين.

ما المقصود بشرط الشيخين؟ وهل مجرد كون الإسناد مرويا لرجال من رجال الشيخين يكفي هذا في الحكم على حديث في خارج الصحيحين بأنه صحيح على شرط الشيخين,أو على شرط أحدهما؟
أقول: هذا لا يكفي,بل إذا أردنا أن نحكم على حديث بأنه على شرط الشيخين,أو بأنه على شرط البخاري أو مسلم,فنص العلماء على أنه لا بد من توفر شرطين:
الشرط الأول: أن يكون الرجال من رجال من حكمتَ على الحديث بالصحة على شرطه إما على شرط الشيخين أو شرط البخاري أو شرط مسلم.
والشرط الثاني: أن يكونوا على صفة الاجتماع,يعني: هؤلاء الرجال يكونون على صفة الاجتماع,فما المقصود بصفة الاجتماع؟
المقصود بصفة الاجتماع: أن يكون كل راو أخذ عن شيخه هذا,في من حكمت على حديثهم بالصحة على شرطه.
فإذا جاءك حديث مثلا من رواية سماك بن حرب,عن عكرمة,عن ابن عباس,فلا يليق والحالة هذه أن تحكم على هذا الإسناد بأنه صحيح على شرط الشيخين؛لأننا لو نظرنا في هذا الإسناد لوجدناه مركباً من شرط مسلم ومن شرط البخاري,ولوجدنا فيه علة تَمنع أن يكون هذا الحديث صحيحاً,فضلاً عن أن نحكم عليه بالصحة على شرطِ أحدِ الشيخيْنِ, وتوجدُ فيه علة تبين لنا أن الشيخين أو أحدهما لم يحكمْ على هذا الحديث بالصحَّةِ بهذه الصورة؛وذلك أن هذا الإسناد فيه سماك بن حرب,وهو ممن احتج به مسلم ولم يحتج به البخاري,وفيه عكرمةُ مولَى ابن عباس,وهو ممن احتج به البخاري ولم يحتج به مسلم,فأصبح هذا الإسناد مركباً من شرط.. أو من رجل من رجال مسلم ومن رجل من رجال البخاري.
فهذا التلفيق لا يصلح, لذلك قالوا: لابد أن يكون الرجال على صفة الاجتماع,كلهم من رجال مَن حكمت على حديثي بالصحة على شرطه,وأن يكون كل واحد منهم قد أخذ عن الآخر.
فحتى تتضح هذه الصورة الثانية -أن يكون كل واحد منهماقد أخذ عن الآخر - ننظر في المثال الآخر, بعدأن نبين بأن المثال السابق,وهي رواية سماك بن حرب عن عكرمة متكلم فيها عند العلماء,فبعضهم يعدها رواية منكرة.
ولذلك قلت: إنها لا تصح,فضلاً عن أن تكون على شرط الشيخين أو أحدِهِما.
أما المثال الآخر: فعندنا داود بن الحصين ممن أخرج له البخاري,وعكرمة مولى ابن عباس ممن أخرج له البخاري, فإذا جاءنا حديث من رواية داود بن الحصين,عن عكرمة,عن ابن عباس,قد يغتر الناظر في هذا الإسناد فيقول: هذا الإسناد على شرط البخاري؛لكون داود بن الحصين وعكرمة مولى ابن عباس ممن أخرج لهم البخاري؛فإذن لا بأس من تصحيح الحديث على شرط البخاري.
نقول: لا بد أن تنظر نظرة أخرى,وهي التي قلنا فيها: لا بد أن يكونوا على صفة الاجتماع,فهل وجدتَ في صحيح البخاريِّ أن داود بن الحصين يروي عن عكرمة؟
إذا وجدت حديثا بهذه الصورة فنعم يصح لك أن تحكم على الحديث بالصحة على شرط البخاري,لكن فتِّشْ,لو طالعت صحيح البخاري ورقة ورقة لما وجدت لداود بن الحصين رواية عن عكرمة في صحيح البخاري.
والسبب أن روايته عنه منكرة,فلذلك التقاها البخاري وأخرج لداود بن الحصين من روايته عن شيوخ غير عكرمة,وأخرج لعكرمة من رواية تلاميذ عنه غير داود بن الحصين,فلا بد أن يوضع هذا في الحسبان.
كذلك أيضاً لو أردت أن تحدث في الصحيح حديثاً على شرط الشيخين,فتعلم أن الزهري ممن احتج به الشيخانِ,وأن هشيم بن البشير ممن احتج به أيضاً البخاري ومسلم,فيأتيك حديث من رواية هشيم بن بشير عن الزهري,فتقول: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛لكونهما أخرجا لكل من هشيم والزهري,ولكن هل وجدتَ أن الشيخين قد احتجا برواية هشيم بن بشير عن الزهري,فتش ثم انظر؛فإنك لا تجد رواية بهذه الصورة.
والسبب أنهم أعرضوا عن روايات هشيم بن بشير عن الزهري؛لكونها متكلما فيها,فتبين بهذا أنه لا بد أن تجد أن الراوي قد أخذ عن شيخه؛إما في الصحيحين كليهما,أو في أحدهما؛ حتى تستطيع أن تحكم على الحديث بهذا الحكم الذي تريده.
فلعل بهذا إنشاء الله يكون اتضح المقصود. (طيب) نكمل ما وقفنا عليه في يوم أمس.
القارئ: الحمد لله وكفى,والصلاة والسلام على النبي المصطفَى,وآلِه وصحبه ومن اقتفى,أما بعد..,
قال المصنف رحمه الله تبارك وتعالى,ونفعنا بعلمه وبعلم شيخنا,وأجزل لهما المثوبة في الدارين,قال:
وقد حاول بعضهم أن يطلق على الإسناد المعنعن اسم الإرسال أو الانقطاع.
قال: والصحيح الذي عليه العمل,أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصروا,مع البراءة من وصمة التدليس.
وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقل على ذلك,وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضاً.
قال: قلت: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه,وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي,حتى قيل: إنه يريد البخاري.
والظاهر أنه يريد علي بن المديني؛فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث,وأما البخاري فإنه لا يشترطه في أصل الصحة,ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح.
وقد اشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحابة.
وقال أبو عمرو الداني: إن كان معروفاً بالرواية عنه,قبلت العنعنة.
وقال القادسي: إن أدركه إدراكا بينا.
وقد اختلف الأئمة فيما إذا قال الراوي:"أن فلانا قال" هل هو مثل قوله:"عن فلان" فيكون محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه, أو يكون قوله:"أن فلاناً قال" دون قوله:"عن فلان".
كما فرق بينهما أحمد بن حنبل,ويعقوب بن شيبة,وأبو بكر البرديجي,فجعلوا "عن" صيغة اتصال,وقوله: "أن فلانا قال كذا" في حكم الانقطاع حتى يثبت خلافه.
وذهب الجمهور إلى أنهما سواء في كونهما متصلين.قاله ابن عبد البر.
وممن نص على ذلك مالك بن أنس,وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه أن يقول:"عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" أو:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أو: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وبحث الشيخ أبو عمرو هنا فيما إذا أسند الراوي ما أرسله غيره,فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك إذا كان المخالف له أحفظ منه,أو أكثر عدداً,ومنهم من رجح بالكثرة أو الحفظ,ومنهم من قبل المسند مطلقاً إذا كان عدلا ضابطاً.
وصححه الخطيب وابن الصلاح وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وحكى عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة.
الشيخ: بعد الحمد لله,والصلاة والسلام على رسول الله..,
هذا المبحث كما رأيتم ألحقه المصنِّف تبعاً لابنِ الصلاحِ بمبحثِالحديثِ المعضَل,وكما قلت بالأمس:
إن الأولى أن يوضع له عنوان مستقل؛لكونه لا يختص بالمعضل,وإنما هذا يُعَنْوَنُ له أحياناً في بعض كتب المصطلحِ بمبحث الحديث المعنعن والمؤنن.
والمقصود به الحديث الذي لا يصرح الراوي فيه بسماعِه ذلك الحديث من شيخِه مباشرةً,وإنما يأتي بصيغةٍ محتمِلة للسماع وعدمه,كأن يقول: عن فلان,فكلمة "عن"هي التي اصطلحوا عليها فيما بعد بأنها العنعنة.
وأحياناً يقول: إن فلانا قال كذا وكذا,فهذا يقال له: المؤنن.
إنما حصل الاختلاف في هذه الصيغة؛لأنه وجد من المحدثين مَن يُسقِط واسطة بينه وبين من روى هذا الحديث عنه,وقد يُسقِط واسطة واحدة,وقد يسقط أكثر من واحد,لذلك وجدُوا أن التعبيرَ بما يدل على تلقيه ذلك الحديث صراحةً من شيخه,كـ: سمعت,وأخبرني,وحدثني,وما في حكمها, التعبير بهذا أبعد عن وجود العلة,وأسلم للحديث,لكن هذا التمني وهذا الترجي لا يسعفه الواقع الذي صار عليه بعض المحدثين؛فإنهم أحياناً يأتون بهذه الصيغة,فلما كثرت في الحديث النبوي وجد العلماء أنفسهم مضطرين إلى مناقشة هذه القضية مناقشة تتكفل لنا بحفظ السنة النبوية من أن يدخل فيها ما ليس منها,ومن حفظها أيضاً من أن يرد جزء كبير منها.
وهو في الأصل مقبول؛ففي بداية النزاع في هذه القضية كان هناك طائفة من العلماء يردون الحديث المعنعن,ولا يقبلون إلا ما صرح فيه بالسماع,ولكن هذا المذهب قد انقرض وانتهى,وأحياناً ينسب إلى أناس كالإمام أحمد لا نجد ذلك واضحا في استدلالاته بالحديث,أو في رواياته التي يخرجها أو يصححها؛ لذلك فإن نسبة هذا القول إلى بعض الأئمة تحتاج أيضاً إلى مزيد من التحفظ.
ولعلكم تعرفون أن هذه المسألة مِن المسائِلِ التي دارَ الخلافُ فيها بينَ مسلمٍ ومخالِفِيه,وقد نصَّ عليها مسلم في مقدمة صحيحه,ونصرها وشنع على المخالف,لذلك هناك من اغتر بأسلوب مسلم,وظن أن رأيه هو رأي الجمهورِ؛لأنه نصَّ في المقدمة على أن هذا المخالف قد خالف الإجماع أو كلمة نحو هذا, فظنَّ المطلع على هذا الكلام بأن ما ذهَب إليه مسلم هو مذهب الجمهورِ,فرأوا الاكتفاء بالمعاصرة.
وهذا كله في حالِ الإسناد المعنعن؛لأن الخلافَ الذي جاء بين مسلم ومَن خالفه,ولا بأس أن نحدد بعض المخالفين كعليِّ بن المديني والبخاري,الخلاف بينهم إنما يجري في الإسناد المعنعن.
أما لو جاءنا الحديثُ وفيه التصريح بالسماع,أو بما يقوم مقامه,فهذا لا إشكال فيه,ولا نزاع,ولكن بقِيَ أن ننظر في الإسناد الذي يأتينا وفيه بين الراوي,وبينَ شيخِه التعبير بصيغة "عن" فهل يُقبل أو يُرد أو فيه تفصيل؟
قلتُ: إن القول برد هذا الإسناد قد انقرض وانتهى,أما مسألةُ القبولِ فإنها هي الأصل,لكن وِفق شروط سنذكرها:
فمن هذه الشروط أنهم ينظرون في الراوي: إن كان مدلِّساً,فهذا يتحفظ عن قبول عنعنته,ودعونا الآن نأخذ هذه القضية بهذه الصورة,أي: بردِّ عنعنة المدلِّس,أما التفصيل فيها فنتركه إلى ما بعد قليل -إن شاء الله- حينما نتكلم عن الحديث المدلَّس,لكن الآن حتى تسلسل الأفكار في مثل هذا المبحث نقول:
إن كان الحديث جاء بصيغة "عن" والراوي مِمن وُصف بالتدليس,فإن عنعنته ترد في هذه الحال,لكن الإشكال وقع فيمن لم يعرف بتدليس:
فالبخاريُّ ومسلم ينظرون: إن كان هذا الراوي ممن عرف بتلقيه عن ذلك الشيخ؛ إما لطول ملازمته له أو عرف معرفة تامة بأنه ممن تتلمذ عليه,
وإن لم تطل الملازمة,أو عرف بأنه لقيه ولو مرة مجرد لقاء,فهذا كافٍ عندَهم بما يُشْبِهُ الإجماعَ في قبولِ العنعنةِ,عدا من خالف كأبي المظفر السمعاني وغيره,وهو خلاف قليل جدًّا.
لكن نستطيع أن نقول: إن رأي الجمهور قاطبة كلُّه متوافر على قبول العنعنة ممن عرف عنه أنه لقي شيخه,أما لو طالت ملازمتُه لشيخه وعرف بالأخذ عنه,فهذا هو قول علماء الحديث وغيرهم أيضاً بالإجماع في قبول عنعنة من كان بهذه الصفة:ليس بالمدلس,وطالت ملازمته لشيخه.
لكننا نناقش الآن قضية اللقاء فقط,الاكتفاء به ولو مرة واحدة,فمسلم لا يخالف في أن الحديث الذي بهذه الصورة لا شك أن العنعنة فيه محمولة على الاتصال,فشرط البخاري داخل في شرط مسلم من باب أولى,لكن المشكلة العكس: شرط مسلم هل يقبله البخاري وهو الحد الأدنى؟
الجواب: لا؛ فإن مسلما رحمه الله توسع في الشرط فقال: لا يلزم من ذلك اللقاء بين الراوي وبين شيخه لو لم يتحقق اللقاء,ولكن أمكن اللقاء,فإن كان اللقاء مع وجود المعاصرة,أي: أن يكون الراوي عاش فترةً كافية في السماع من حياة شيخه,كأن يكون التلميذ وُلد سنة ثمانين للهجرة,والشيخ تُوفِي سنة عشر ومائة للهجرة,فكم تكون المعاصرة بينهما؟
ثلاثين سنة, ثلاثون سنة كافية في أن يكونَ التلميذ قد سَمِع من ذلك الشيخ,لكن هذه العبارة التي استخدمت: مع إمكان اللقاء.ما المقصود بها؟
كأني أفهم من شرط مسلم من خلال التطبيق,أن المقصود بإمكان اللقاء,أي: أن لا يثبت خلافه,أي: لا يثبت خلاف اللقاء,وهو الانقطاع,فلو نُصَّ على أن هذا الراوي لم يسمع من شيخه فإن هذا يخرج عن شرط مسلم.
لكن هل مسألة إمكان اللقاء عند مسلم بالشرط الذي سأوضحه,
وأقول: إنه يمكن أن يكون منهجا وسطاً بين ما ذهب إليه البخاري وما ذهب إليه مسلم,أنا لم أجد هذا في الأحاديث التي يحكم عليها مسلم ويكتفي بالمعاصرة, لكن يمكن أن يجري مجرى التنصيص على عدم سماع الراوي من شيخه,أن يكون ذلك التلميذ وذلك الشيخ ممن غلب على الظن عدم تلاقيهما,كأن يكون التلميذ في بلدٍ والشيخ في بلد, فالفترة التي عاشها ذلك التلميذ في بلدِهِ عُرِفَ أنه لم يرحلْ فيها,ولم يرحل إلا بعد وفاة شيخه.
فإذا جئنا بالمثال الذي قبل قليل: راو وُلد سنة ثمانين للهجرة,والشيخ توفي سنة عشر ومائة للهجرة,فما بين ثمانين إلى عشر ومائة هل يكون ذلك التلميذ قد رحل من بلده خراسان مثلاً إلى بلاد شتى وشيخه في مصر ؟ فإن وجد أنه رحل فعند مسلم يكفي هذا؛لأن إمكان اللقاء مظنون في هذه الحال.
لكن إن تحقق من أنه لم يرحل إلا في سنة إحدى عشرة ومائة,فمعنى ذلك أنه لم يرحل إلا بعد وفاة شيخه,والشيخ لم يعرف عنه أنه ذهب إلى خراسان,فإمكان اللقاء إذًا في هذه الحال غير موجود,فجميع هذه اللفتات نجد أن المحدثين يراعونها لو قرأتم في كتب التراجم ونظرتم كيف أنه يمكن أن يحكم على راو بأنه لم يسمع من شيخ وما إلى ذلك, السبب في هذا كله مراعاتهم لمثل هذه المسألة.
ولذلك أفردوا بعض أنواع علوم الحديث مما يتعلق بهذه المسألة بالتصنيف,مثل معرفة بلدان الرواة وأوطانهم ووفياتهم وتواريخهم ومواليدهم,كل هذه المسائل تعين,فعلوم الحديث مشتبك بعضها ببعض,أحياناً في المسألة الواحدة تكون محتاجا لتطبيق أنواع كثيرة من أنواع علوم الحديث لأجل حديث واحد.
بقي أن نقول: ما هو الرأي الراجح؟ هل هو ما ذهب إليه مسلم أو ما ذهب إليه البخاري؟
أقول: إن من اغتر بعبارة مسلم,وظن أن رأي الجمهورهو هذا,قد يذهب إلى هذا المذهب,ولكنَّ الدعاوى لا بد من إقامة الدليل عليها,فإقامة الدليل على ما ذهب إليه مسلم لا تسعفها أقوال الأئمة,وإنما أقوال الأئمةِ كلها متوافرة على نصرة ما ذهب إليه البخاري رحمه الله,وليس أدلَّ على هذا من أنكم لو نظرتم في كتاب ( المراسيل ) لابن أبي حاتم,لوجدتم النقولَ الكثيرةَ عن الإمام أحمدَ,ويحيى بن معين,وعلي بن المديني,وعبد الرحمن بن مهدي,ويحيى بن سعيد القطان,وشعبة,والثوري,وغيرهم قديماًوأخيراً كمثل أبي زرعة,وأبي حاتم الرازي,وأبي داود,والترمذي,وغير هؤلاء من العلماء.
كل هؤلاء نجدهم إذا جاؤوا لرواية الراوي عن شيخ من الشيوخ بدؤوا يدققون فيها,هل سمع منه أو لم يسمع؟ مع العلم أن المعاصرة موجودة,مثل رواية سفيان الثوري عن الزهري, سفيان الثوري أدرك حياة طويلة من حياة الزهري,ولكنه لم يسمع منه,فالمعاصرة موجودة بالدرجة الأولى,بل إن مَنهو أصغر سناً من الثوري سمع من الزهْري أحاديث كثيرة,مثل: سفيان بن عيينة,فوفاة الثوري كانت في سنة إحدى وستين ومائة,ووفاة سفيان بن عيينة كانت سنة ثمان وتسعين ومائة,فسفيان بن عيينة أصغر من الثوري بكثير,ومع ذلك سفيان بن عيينة من كبار تلاميذ الزهري,وأما سفيان الثوري فلم يسمع من الزهري.
فذلك إذا جاءك يا طالب العلم حديث من الأحاديث: سفيان عن الزهري فتحقق من هو سفيان هذا؟ إن كان سفيان الثوري فالإسناد منقطع,وإن كان ابن عيينة فإسناده متصل,بل إن التدقيق كان أكثر في حال التابعين ورواياتهم عن الصحابة,فتجد الخلاف يجري: هل سمع فلان من فلان أو لا؟.
مثل مسألة سماع الحسن البصري من سمرة,فإمكان اللقي موجود,ولكن هناك من حكم على رواية الحسن البصري عن سمرة بالانقطاع, فلما اتضح وتبين أنه نص في حديث العقيقة على أنه سمعه من سمرة بدؤوا بعد ذلك ينظرون: هل سمع منه غير حديث العقيقة؛ لأن الشك كان يساورهم في مسألةِ تلقِّي الحسن البصري عن سمرة أصلا,ثم لما تبين ما يخرم هذا الأصل بدؤوا يناقشون؛إذ قد لا يكون سمع منه إلا هذا الحديث.
فلما وُجِدَ أنه سمع منه غير حديث العقيقة,كثر الاختلاف أيضاً في مثل حالِ هذا الراوي,لذلك فالبخاري رحمه الله فضَّ النزاع,فبمجرد كون الحسن البصري لقي الحسن ولو مرةً في حديث العقيقة والنص على سماعه منه اكتفى البخاري بهذا,ولم يطلب مزيداً عليه.
لذلك حكم البخاري على أن رواية الحسن البصري عن سمرة كلها متصلة,إلا أن يتبين ما يخدش ذلك الاتصال.
لهذا أنا أقول: إن ما ذهب إليه البخاري هو المذهب الأقوى,وهو رأي الجمهور,ومنشاء التفصيل وإقامة الأدلة واضحة وبينة,فليراجع كلام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرحه لـ علل الترمذي؛فإنه أسهب في هذه المسألة وأطال فيها,وذكر الأدلة التي تؤيد ما ذهَبَ إليه البخاري رحمه الله تعالى.
لكن مسألة إمكان اللقي التي قلنا: إن مسلماً يشترطها في اكتفائِهِ بالمعاصرةِ,نستطيع أن نلحقها بما رجحناه مما ذهب إليه البخاري,وهذا أمر ذكرته لكم قبل ذلك,ولا بأس بإعادته لأهميته,فأقول:
إذا كان هناك ما يغلب الظن على سماع هذا الراوي من ذلك الشيخ,أو على الأقل لقيه له,كأن يكونا تعاصرا فترة كافية في اللقاء, وكانا في بلد واحدٍ,حتى ولو لم ينص على أن فلانا لقي فلانا, لكن الدواعي متوافرة على أن أهل العلم دائماً يتواصلون,وبالذات في مثل المجاميع التي تجمعهم,كصلاة الجمعة,ونحن نعرف أن بلدانهم في الماضي ليست متسعة كبلداننا الآن,بحيث إن المدينة الواحدة الآن يمكن أن تكون عبارة عن مدن وقرى متفرقة في أزمان ماضية,فالأحياء الآن يعتبرُ كل حي عبارة عن مدينةٍ أو على الأقل قرية من القرَى,لكن في الماضي كانت بيوتهم متشابكةًوصغيرة ومتعددة الأدوار,بحيث إن الموضع الواحد الذي يمكن أن يكون لبيت واحد الآن قد تضع فيه في ذلك الزمن عشرة أو عشرين بيتًا وربما أكثر,وهذا يختلف بحسب البيوت الآن سعة وضيقا.
فعلى كل حال ما دامت المدينة الواحدة محصورة,وفي معظم الأحيانِ أنه يجمعهم إما مسجدٌ واحد,أو لو كان هناك مساجد فإنها قليلة,والتواصل بينهم,وبخاصة في الطلب على شيوخ معينين محتمل جداً,لذلك نحن نقول: إذا كان الراوي هو وشيخه من موطن واحد, من بلدة واحدة,والمعاصرة موجودة,فإن هذا يغلب على الظن أن كل واحد منهما سمع من الآخر,فهذا يمكن أن يلحق بشرط البخاري.
أما مَن أطلقَ على الحديث المعنعن اسم الإرسال,أو الانقطاع,فهذا قلت: إنه مذهب انقرَضَ وانتهى,والصحيح أنه محمول على الاتصال بالشرطين المذكورينِ:
الشرط الأول: براءة الراوي من وصمة التدليس.
والشرط الثاني: اللقاء وما في حكمه,أو على مذهب مسلم ومن يذهب إليه وجود المعاصرة مع إمكان اللقاء.
أما دعوى أبي عمرو الداني إجماع أهل النقل على ما ذهب إليه مسلم,فهذه دعوى تفتقر إلى الدليل,والدليل بخلافها,كما أشرت إليه.
وأما كون ابن عبد البر رحمه الله كاد أن يدعي ذلك أيضاً, فهذا الكلام موهم؛ موهم في أن ابن عبد البر رحمه الله كادَ أن يدعي إجماع أهل النقل على الاكتفاء بالمعاصرة,والذي جاء عن ابن عبد البر التأكيدُ على أن العنعنةَ محمولةٌ على الاتصالِ مع وجود اللقاء.
وهذا لعلكم تجدونه فيما نقله عن.. الأخ علي حسن عبد الحميد وفقه الله,مع الإحالة إلى موضعِه في مقدمةِ التمهيد.
فابن عبد البر إذًا لم يذكر ما ذكره أبو عمرو الداني,فأصبح في العبارة شيء من الإطلاق الموهِم,ولكن إذا ما فهمنا أن ابن عبد البر لم يتكلم عن المعاصرة,انتهى هذا الإشكال.
أما كون مسلم رحمه الله حينما اعتمد هذا في صحيحِه,وشنع في خطبته في مقدمة الصحيح على من اشترط المعاصرة مع اللقاء,فهذه قيل: إنه يريد بها البخاري,وقيل: إنه يريد علي بن المديني,ولكن من أدب مسلم رحمه الله أنه لم يحدد شخصاً,فلذلك لا يليق في هذه الحال أن نذهب لننزل كلامه على شخص بعينِه؛لأنه قد يكون تكلم,وإن كان الكلام يُظهر أنه يتكلم عن شخص,لكن يمكن أن يكون في هذا التعبير الذي استخدمه مسلم إيماء إلى أن هناك من قال بهذا القول,مع عدم تحديده لمن قال ذلك القول,ولكنه يتكلم عن الجنس, جنس من قال بهذا القول.
فتنزيله على أناس بأعيانهم لا يليق؛ حتى لا يكون هناك شيء من الظنِّ بأن مسلما رحمه الله أساء الأدب مع شيخه البخاري,وقد عُرِف هو بتبجيله وتقديره واحترامه له.
وحتى علي بن المديني, هو من الأئمة الذين لا يظن أن مسلما قد يتكلم عنهم بكلام جارح,ولذلك فكلامه يتجه إلى منهج معين,وهو منهج من اشترط اللقاء مع المعاصرة,فلا ينبغي أن ينزل على معين.
وأما كون مثل ابن كثير رحمه الله ههنا,ذكر أن كلام مسلم هذا يتنزل على علي بن المديني؛لأنه هو الذي اشترط اللقاء في أصل الصحَّة,وأما البخاري فإنما اشترطه في صحيحه فقط ولم يشترطه في أصل الصحة,فهذا كلام غير صحيح؛فإن البخاري رحمه الله تابع شيخه علي بن المديني على هذا الشرط,أي: في أصل الصحة.
والذي يقول: إن البخاري إنما اشترطهفقد في صحيحه عليه بإقامة الدليل على هذه المسألة؛لأن الدليل جاء بخلافه,فمن نظر في كتاب التاريخ الكبير للبخاري,وجد أنه يعنَى في هذا الكتاب بهذه المسألة: مسألة اللقاء,وإثبات السماع أحياناً,وهذا يعرِفُه أهل الاختصاص حينما يجدونه ينص: فلان روَى عن فلان مرسل,وإذا لم يذكر الإرسال معنى ذلك أنه يؤيد مسألة اللقاء,وإذا أعلَّ حديثا يرويه من طريق ذلك الشيخ,تجده يعله بهذه العلة,يقول: لا يدرى سمع من فلان أم لا.
فكل هذا يدلُّ على أنه رحمه الله يشترط هذا الشرط في أصل الصحةِ,وليس فقط في صحيحه,وما عداه فإنه يَجري على مجرى مسلم رحمه الله,فلنتنبه لهذه المسألة التي هي من دقائق هذا المبحث.
أما كون أبي المظفر السمعاني اشترط مع اللقاء طول الصحابة,أي: طول الصحبة, طول الصحبة بين الراوي وبين شيخه,فهذا شرط فيه تشدد وتكلف, ولو اشترطناه لذهب جزء كبير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم,فهذا لا يلزم.
وكذلك من اشترط شرطا حول هذا,كأن يكون ذلك الراوي معروفاً بالرواية عن شيخِه,فكلمة: معروفا بالرواية عن شيخه,يمكن أن يكونَ مذهبا وسطا بينَ ما ذهب إليه أبو المظفر السمعاني,وما ذهب إليه البخاري,فلا يُشترط طول الصحبةِ,ولا يكتفي أيضاً بمجرد اللقاء,بل لا بد من تحقق السماع والمعرفة بأن هذا الراوي ممن أخذ عن ذلك الشيخ,وهو قريبٌ مما قاله القادسي,قال: إن أدركه إدراكا بينا . أي: واضحا.
وأما الإدراك غير البين,فيكون القادسي قد استثناه,مثل ماذا؟ مثل رواية الحسن البصري عن سمرة؛فإن إدراك الحسن البصري لسمرة يعتبر على مثل هذا المذهب إدراكا غير بيِّن,فكونه إنما عرِف بأخذه حديث العقيقة عن سمرة,وحديث في قتلِ العبدِ فيما أضافه بعض العلماء,وبعضهم قال: إنها وصلتإلى أربعة أحاديث,فلنفرض أنها وصلت إلى أربعة أحاديث,لكن ما سبيل الأحاديث الباقية؟
يكون على ما ذهب إليه القادسي أدركه إدراكا غير بين,فبعضهم يكتفي فقط بهذه الأحاديث التي نص العلماءُعلى أنه أخذها عنه,وما عدا ذلك فيعتبِرونه مرسلاً,وهذا إنما يكونُ في الرواة الذين يُتحقق مِن أنهم لم يسمعوا من أولئك الشيوخ سوى تلك الأحاديث, أما ما عدا ذلك فإِذا وجد اللقاء,فهو كاف بلا شك إن شاء الله تعالى.
وأما المسألة الأخرى,وهي مسألة الحديث المؤنن, فالحقيقة أنه لا فرق بين الحديث المؤنن والحديث المعنعن,وهذا الخلاف المذكور أمامكم حصَل بسبب لبس وقع في هذه المسألة,مثل نسبة هذا للإمام أحمد,كما يقولُ: كما فرق بينهما أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة وأبو بكر البرديجي.
فالإمام أحمد رحمه الله لم يرد الحديث المؤنن,وهو الذي يقول فيه الراوي: إن فلانا قال؛لأن هذا والمعنعن سواء,فمن فرق بينهما فإنه يفرق بين المتماثلات؛فإن هذه الصيغة محتملة للسماع من عدمِه,وتلك الصيغة محتملة للسماع من عدمه أيضاً.
لكن الذي أوقعهم في هذا اللبس أن الإمام أحمد رحمه الله تكلم عن مسألة أخرى,وهي مثل ما لو قال عروة, وهو معروف بالرواية عن عائشة كثيراً رضي الله تعالى عنها,فيروي أحياناً عروة,عن عائشة,عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا,وكذا فهذا متصل بلا شك.
لكن لو قال عروة: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا, فهذه المسألة تختلف عما نحن بصددهالآن,هذه المسألة يتصور معها أن عروة صحابي,وأنه كان حاضراً حينما قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم هذه المقولة,ورد عليها النبي صلى الله عليه وسلم بالقول الفلاني, فهذا يعتبر مرسلاً,فالفرق بين هذه الصيغة وبين عروة,أن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا, الفرق واضح وبين,فهنا عروة يروي عن عائشة,يقول: هي التي قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال,فما جاء بعد عائشة وضَّح أن عروة أخذ هذا عن عائشة.
أما تلك الصيغة الأولى عروة أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم,فهذه لا تدل على أن عروة أخذ هذا عن عائشة,وإنما كأنه شاهد عائشة وهي تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم ويخاطبها,فالفرق واضح بين الصورتين.
لذلك كلام الإمام أحمد على هذه الصورة الثانيةوالإرسال فيها واضح وجلي,أما الصورة الأولى فلم يردها الإمام أحمد,وليس له فيه كلام, فلنتنبه أيضاً إلى هذا النقل.
ولأني لم أجد أيضاً الأخ علي حسن عبد الحميد تكلم عنه في تعليقه, فيما يظهر, والعلم عند الله.
أما مسألة العنعنةِ فيما بين الصحابِي وبين النبي صلى الله عليه وسلم,وما في حكمها,فليسَت داخِلة في كلامِنا هذا؛لأن الصحابَة كما قلنا سابقاً: كلهم عدول,وما دام أنهم أصلا أخذوا عن النبي صلى الله عليه وسلم,فهذا كافٍ,فلا يُتوقف إطلاقاً في قبولِ قول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا,أو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا,ونحو هذه العبارات,فهذه خارجة عما نتكلم عنه؛ وإنما نتكلم عن العنعنة فيما بين الراوي وبين شيخه ما عدا الصحابي.
أُلْحِقَ بهذا المبحَث أمر آخر,لعلنا نُرجئ الكلام عنه إن شاء الله إلى مبحث الحديث الشاذ وزيادة الثقة؛ لأن هذا الكلام ينبغي أن يُنقل في ذلك الموضِع,وهو الاختلاف الذي يَجري بين بعض الرواة أحياناً,فبعضُهم يسند الحديث وبعضهم يرسله,أي: بعضهم يَجعل الحديث متصلاً,وهذا معنى: أسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم... سقط...


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: إبراهيم اللاحم (مفرغ)

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله رب العالمين,وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد,وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى:
النوع الحادي عشر: المعضل
وهو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا,ومنه ما يرسله تابع التابعي,قال ابن الصلاح: ومنه قول المصنفين من الفقهاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلا,وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلا.
قال ابن الصلاح: وقد روى الأعمش عن الشعبي,قال: ((ويقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا؟ فيقول: لا.فيختم على فيه)) الحديثَ. قال: فقد أعضله الأعمش؛لأن الشعبي يرويه عن أنس,عن النبي صلى الله عليه وسلم ,قال: فقد أسقط منه الأعمش أنسا,والنبي صلى الله عليه وسلم ,فناسب أن يسمى معضلا.
الشيخ: نعم.هذا النوع الحادي عشر,الذي هو المعضل,وقد عرفه ابن كثير رحمه الله,وهو بقوله: وهو ما سقط منه اثنان فصاعدا,ومنه ما يرسله تابع التابعي,فالمعضل من.. أو يعني: من نوع الضعيف الذي ضعف بسبب عدم اتصال إسناده,واشترطوا فيه أن يكون الساقط اثنان فصاعدا.
وقد تقدم في المنقطع أنه ما سقط منه راو واحد.إذن الفرق بين المنقطع والمعضل أن المعضل سقط منه اثنان فأكثر,وذكر.. وهذا لا إشكال فيه.
وذكر ابن الصلاح رحمه الله تعالى,أن الخطيب يسميه مرسلا, وهذا فيه إشكال,أو ليس فيه إشكال تسمية المعضل مرسلا؟ على ما ذكرت بالأمس؟ هل يشكل هذا أو لا تسمية المعضل مرسلا,هذا الخطيب يقول ابن الصلاح: وقد سماه الخطيب في بعض مصنفاته مرسلا,وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل إسناده مرسلا.من هم الذين يسمون أو يطلقون على كل ما لم يتصل إسناده مرسلا؟
هم الأئمة الأول,إذن لا إشكال فيه,إذن هو نوع من الإرسال اشتد إرساله فأطلق عليه اسم المعضل؛لأن المعضل هو الأمر المستغلق الشديد,وتنبهون هنا في المعضل إلى أنه يعني: مأخوذ في اللغة من الإعضال,الذي هو الاستغلاق,ولهذا يطلق الأئمة أيضا على الأسانيد يطلقون عليها,أو على بعض الأحاديث بأنها معضلة,وإن لم يكن فيها سقط أصلا,وإن لم يكن فيها سقط أصلا,بمعنى: أنها شديدة العلة أو يعني: نحو هذا الأمر,إذن في كلام الأئمة يوجد نعم يوجد الإعضال هنا في الإرسال ما سقط منه اثنان أطلق ابن المديني وأطلق أبو داود على ما سقط منه اثنان اسم المعضل.
وكذلك الحاكم,كما مثل لذلك برواية الأعمش عن الشعبي قال: ((ويقال للرجل يوم القيامة عملت كذا وكذا؟ فيقول: لا.فيختم على فيه)) قال الحاكم : أسقط الأعمش أنسا والنبي صلى الله عليه وسلم , وهذا لا إشكال فيه, ولكن أيضا يسمى أو يطلق المعضل على.. يطلقونه على ما اشتد ضعفه,وإن لم يكن فيه سقط,وإن لم يكن فيه سقط.
وممن استخدمه بهذا المعنى الإمام أحمد,والجوزجانييكثر من هذا,يقول الراوي له معاضيل أو له معضلات أو نعم,ويقولون: هذا حديث معضل,ويسوقون الإسناد كاملا.
إذن إذا قرأت في كلام الأئمة ووجدت إطلاق اسم المعضل على غير السقط فلا تستغرب,هذا فالمقصود هنا أن ما سقط منه اثنان يسمى؟ يسمى معضلا, وليس معناه أنه لا يسمى المعضل إلا ما كان فيه سقط,لا يريدون هذا,وإنما يريدون أن ما سقط منه راو أو.. متى يسمى السقط في الإسناد معضلا؟
إذا كان الساقط اثنين فأكثر,هذا يسمى معضلا, ولكن يسمى أيضا ما لم يسقط منه شيء يسمى أيضا معضلا؛ لأن الإعضال كما ذكرت هو من الاستغلاق وقد أطلق عليه كذلك الإمام أحمد والجوزجاني وابن عدي والنسائي,وجماعة كثيرون يطلقون اسم الإعضال على ما لم يسقط منه شيء, فهذا معنى المعضل.
إذن نعم عندنا الآن سيدخل المؤلف في المعنعن,وهو غير المعضل,ووضعه تحت النوع الحادي عشر,تحت النوع الحادي عشر,وإن كان مستقلا عنه. نعم اقرأ قوله: قال : "وقد حاول بعضهم".
القارئ: قال: وقد حاول بعضهم أن يطلق على الإسناد المعنعن اسم الإرسال أو الانقطاع. قال: والصحيح الذي عليه العمل أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصروا مع البراءة من وصمة التدليس,وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقل على ذلك,وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضا.
قلت: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه,وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي,حتى قيل: إنه يريد البخاري,والظاهر أنه يريد علي بن المديني؛فإنه يشترط ذلك في أصل صحة الحديث,وأما البخاري فإنه لا يشترطه في أصل الصحة,ولكن التزم ذلك في كتابه الصحيح.
وقد اشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحابة,وقال أبو عمرو الداني: إن كان معروفا بالرواية عنه قبلت العنعنة.وقال القابسي: إن أدركه إدراكا بينا.
الشيخ: نعم.هذا الكلام عن المعنعن فيه عدد من الأمور:
أولها: أن ابن كثير رحمه الله اختصر كلام ابن الصلاح بما يعني: اختصارا شديدا,وأبين هذا الآن:
النقطة الأولى في موضوع المعنعن هو ما ذكره ابن الصلاح,أن بعض المحدثين في عصر الرواية يقول: لا نقبل صيغة (عن) فلا بد أن يكون الإسناد كله مصرحا فيه بأي شيء؟ بالتحديث,وينسبون هذا القول,والله أعلم,نسبه ابن عبد البر إلى شعبة في أول أمره,ثم ذكر أن شعبة رجع عنه إلى قول سفيان الثوري,وينسبون هذا إلى شخص اسمه حسين الكرابيسي.
فالمقصود أن بعض المحدثين,ومنهم من ذكرت,يقولون: لا نقبل أن يكون الإسناد فيه (عن) ثم ذكر ابن الصلاح الصحيح الذي عليه العمل,وقال: إنه الصحيح الذي عليه العمل قبول الإسناد المعنعن,ونحن نعرف أن.. الآن إذا قرأت في كتب السنة أيها أكثر الأسانيد المعنعنة أو المصرح فيها بالتحديث؟ المعنعنة.
إذن ذاك الخلاف إن كان خلافا صحيحا, انقرض, ومنهم من يقول: إن ذاك الخلاف أصلا وقع بعد إجماع,فلا يعتد به.ومنهم من يقول: وقع الإجماع متى؟ بعده فانتهى الخلاف.
إذن هناك إجماع من المحدثين, سواء قبل الاختلاف الذي ينسب إلى شعبة أو ينسب إلى الكرابيسي,أو غيرهما,منقول عن بعض المحدثين,هو إجماع إما قبل هذا الخلاف,وإما بعده,وعلى قبول الإسناد المعنعن,ولا إشكال في ذلك.انتهت هذه المسألة,انتهت هذه المسألة,لا خلاف فيها,أن الحديث المعنعن أنه لا يشترط التصريح بالتحديث في كل رواية,وقد اعتذر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى,أو بين الخطيب البغدادي لما استخدم المحدثون كلمة (عن).
بالمناسبة الذي يستخدم كلمة (عن) من هو؟ إذا قال مثلا: يمثلون لذلك؛لأن يقول وكيع مثلا: حدثنا الأعمش,عن إبراهيم,عن أبي وائل,عن إبراهيم,عن علقمة,عن عبد الله بن مسعود,من الذي يقول عن إبراهيم؟ الآن (عن) بين من ومن؟ بين الأعمش وبين إبراهيم,لكن أكثر الذين يستخدمون (عن) هم التلاميذ قبل الأعمش,يعني: وكيع هو الذي قال: الأعمش عن إبراهيم.
نعم أحيانا الراوي يستخدم كلمة (عن)أحيانا الراوي نفسه, ولكن الأكثر أن الذين غيروا.. أن الذي يستخدم كلمة (عن) من هم؟ التلاميذ.
وأما أصل الرواية فقط تكون (حدثنا) وقد تكون حدث إبراهيم,أو قال إبراهيم,أو ذكر إبراهيم,وقد تكون أيضا أحيانا في,أحيانا تكون بلفظ: نبئت عن إبراهيم, أو بلغني أن إبراهيم, وأحيانا يكون بين الأعمش وإبراهيم واحد أسقطه الأعمش, فقال: قال مثلا.. أو ليس الذي أسقطه الأعمش يسقطه راو متأخر.
فالمقصود أن التعبير بكلمة (عن) هذه من قبل من؟ من قبل التلاميذ.
يقول الخطيب البغدادي: إنما فعلوا ذلك تخففا بدل أن يقول: قال: أخبرنا,قال: حدثنا,قال كذا يستخدم كلمة (عن) يقول: لأنهم رحمهم الله يحتاجون إلى الورق في الكتابة,ويحتاجون إلى نقل كتبهم في الأسفار؛ لمراجعتها وللمذاكرة بها,ولحفظها,وللتحديث,فيثقل عليهم,فتطول الأسانيد عليهم,فتخففوا واستخدموا كلمة (عن) إذن كلمة (عن) هذه,كلمة 0عن) هذه محتملة أن تكون مبدلة من أي شيء؟
من (حدثنا) تصريح بالتحديث,أو سمعت,ومحتمل أن تكون مبدلة من غير صريحة بالتحديث,مثل: قال وذكر وروى,ومحتملة أن تكون مبدلة من صريحة في الانقطاع,مثل: نبئت وأخبرت ونحو ذلك.
فلهذا بهذا السبب لما كانت يعني: محتملة,اشترط من اشترط هذا الذي خالف اشترط أن لا تقبل أو قال: إنها لا تقبل العنعنة,فلا بد من التصريح بالتحديث,ولكن المحدثون قبلوها,أو أجمعوا على قبولها,واحتاطوا في الأمر,اشترطوا شروطالقبولها,وهذا هو الشاهد هنا,الذي ذكره ابن الصلاح,نعم هي محتملة,لا إشكال في ذلك,لا إشكال,لا أحد يعني: لا ينبغي أن نتردد في أنها محتملة؛لأنها ليست من.. تعبيره في الغالب,في الغالب,وإن كان قد يعبر بها الراوي,وإنما هي من تغير من بعد الراوي,فهي محتملة للسماع,ومحتملة للانقطاع,ومحتملة لصيغة مترددة.
فالعلماء رحمهم الله لما قبلوها ليس تسامحا في يعني: في الرواية,وإنما قبلوها بشروط,هذه الشروط هي التي ذكرها ابن الصلاح رحمه الله تعالى,قال: والصحيح الذي عليه العمل أنه متصل محمول على السماع,إذا تعاصروا مع البراءة من وصمة التدليس.
إذن كم ذكر من شرط؟
ذكر شرطين: الشرط الأول: أنه متصل محمول على السماع إذا تعاصر,إذا تعاصر الراوي ومن روى عنه,وأيضا يشترط فيه في الراوي ماذا؟ البراءة من وصمة التدليس,البراءة من وصمة التدليس,يعني: لا يقول: قال وحدث وذكر فلان وروى فلان,وهو لم يسمعه منه,هذا معنى البراءة.. وسيأتي معنى التدليس.
إذن ذكر ابن الصلاح شرطين ثم قال: وقد ادعى الشيخ أبو عمرو الداني المقرئ إجماع أهل النقد على ذلك, وكاد ابن عبد البر أن يدعي ذلك أيضا. ادعوا الإجماع على قبول ماذا؟ الإسناد المعنعن,إذا جمع هذين الشرطين (بس).. يعني: فقط الآن التنبيه على أي شيء؟ وهو أن ابن كثير رحمه الله اختصر كلام ابن الصلاح الإجماع المدعى ليس على قبول الإسناد المعنعن,إذا جمع هذين الشرطين,بل على قبول الإسناد المعنعن في الجملة.
وبعد ذلك يأتي البحث في الشروط, الشروط يعني: كثير من المحدثين اشترط شرطا ثالثا,ذكره ابن الصلاح؛وهو ماذا مع البراءة مع المعاصرة؟ أن يثبت.. لا يكفي المعاصرة,وإنما أن يثبت أنه لقي من روي عنه,ولو مرة واحدة,يعني: يثبت ولو في حديث واحد صحيح, أو في إسناد,صحيح أنه يقول: حدثنا فلان,لا يكفي أن يعاصره فقط,وإنما يثبت في حديث صحيح في إسناد صحيح أنه سمع منه.
ثم بعد ذلك يشترط أيضا أن يكون بريئا من التدليس,فهذه ثلاثة شروط ويدخل.. المهم قوله.. إذًا دعوى الإجماع هذه ليست على قبول الإسناد المعنعن بالشرطين,وإنما على قبول الإسناد المعنعن مطلقا في الجملة,وأن الشروط فيأتي بعد ذلك الاختلاف المشهور.
فجمهور العلماء كما نقله ابن الصلاح عنهم اشترطوا كم من شرط؟ ثلاثة شروط,وإن كان واحد يدخل والثاني المعاصرة وأن يكون قد سمع منه,هذا يدخل واحد في الثاني والثالث أن يكون بريئا من وصمة التدليس.
ومن العلماء من اكتفى بكم؟ بشرطين,إذن مهم هذا الأمر, يعني كما ذكرت ابن كثير اختصر قليلا,فالإجماع المذكور على قبول الإسناد المعنعن في الجملة هذا لا إشكال فيه,نقله ابن عبد البر,وكلمته ما أطيل في تحليلها,لكن أكتفي يعني : أكتفي بهذا التنبيه هذا,وهو أن الإجماع المذكور هو على قبول الإسناد المعنعن في الجملة,وبعد ذلك تأتي الشروط أو التفصيل في الشروط التي ذكرها العلماء.
فجمهور العلماء اشترطوا شرطين أو ثلاثة,ومن العلماء من يكتفي بشرطين,وهما ماذا؟ اللذان ذكرهما الاكتفاء بأي شيء؟
بالمعاصرة يعني: لا يشترط أن يقول الراوي.. أن نقف على حديث واحد يقول فيه الراوي: حدثنا فلان,يكتفي بالمعاصرة,مع إمكان اللقي والبراءة من وصمة,من وصمة التدليس,وهذا من الذي قال بهذا القول؟ معروف هذا القول عن من؟ ذكره ابن الكثير قال: وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه,وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة اللقي.
إذن مسلم يكتفي بالمعاصرة,وقال ابن كثير رحمه الله: إن الذي شنع عليه مسلم يظهر أنه ابن المديني أنه ابن المديني؛ لأن البخاري يقول.. يقول ابن كثير: لأن البخاري لا يشترط ثبوت اللقي في أصل الصحة,وإنما اشترطه في أي شيء؟
في صحيحه,وهذا الذي قاله ابن كثير نوقش فيه كثيرا,وقالوا: إن البخاري لا فرق عنده بين الصحيح خارج كتابه,وبين الصحيح في كتابه,فهو يشترط ثبوت اللقي في صحيحه وخارج.. أو في خارج صحيحه,هذا الذي قاله ابن كثير.
أما قضية من يريد مسلم بهذه المناقشة بالتشييع والمناقشة,فهذا أمر آخر لا أطيل بذكره,أولا أطيل فيه,ويعني: يحتاج الأمر إلى تفصيل,لكن أشير هنا هذا الذي ذكره نعم هذا الذي يتعلق بهذه الفقرة,أو بهذا الموضوع,والذي ذكره ابن الصلاح وافقه ابن الكثير من التفريق بين مذهب البخاري ومذهب مسلم,هذا هو الصحيح أن بينهما فرق,بينهما فرق في هذه القضية الخاصة,وهي أن البخاري يشترط ثبوت اللقي.
ومر بنا أن ابن كثير ذكر من مميزات صحيح البخاري,التي قدم فيها على صحيح مسلم,ماذا؟ أن البخاري يشترط، يشترط ثبوت اللقي, ولو مرة واحدة, وهذا هو الصحيح, مهما قيل في هذه المسألة,ومهما كتب,فالصحيح أن بين البخاري وبين مسلم فرقا يسيرا في هذه النقطة المعينة,وهو يعني اشتراط ثبوت اللقي,ومسلم رحمه الله أطال في مقدمة في التشنيع على هذا القول ومناقشة هذه المسألة , يعني تحتاج إلى وقت أو تحتاج إلى يعني شرح طويل.
أكتفي بهذا,يبقى النقل عن أبي عمرو الداني,وعن القابسي,يعنى متى أبو عمرو الداني هذا في أي عصر؟ والقابسي كذلك؟
كلاهما في عصر متأخر,يعني هذه الشروط اشتراط أبو عمرو الداني أن يعرف بطول الصحبة أبو المظفر السمعاني هذا هو (اللي) اشترط طول الصحابة,يعني هذه لم يؤخذ بها,فلو يلقاه مرة واحدة وهو ثقة ويروي عنه.. بل لو يكاتبه فهذا كاف في يعني الرواية عنه,أو في اتصال الإسناد,وكذلك أن يكون معروفا بالرواية عنه,هذا أيضا يكتفى بعض المحدثين,لا يسمع من شيخه,إلا كم من حديث؟ إلا حديث,ويصرح هو يقول: لم أسمع منه إلا الحديث الفلاني,أو يقول العلماء: لم يسمع منه إلا الحديث الفلاني,وهذا كثير ليس بالقليل.
فهذه الشروط اشترطت متى؟ في وقت متأخر,ولا اعتبار لها,فهذا يذكره المحدثون في كتب المصطلح,كما ذكرت يذكرون أمور خارج كلام المحدثين الأوائل,أو خارج ما اصطلحوا عليه,واشترطوه من باب الفائدة,وكذلك قول القابسي: إن أدركه إدراكا بينا,هذا يدخل في شرط مسلم,فمسلم يشترط أن يدركه إدراكا يعني يسميه إمكان اللقي,قال: وأمكن لقاء بعضهم بعضا.
الآن عندنا عنوان جديد أدخله أيضا ابن كثير في المعضل الذي مر قبل قليل,ما هو الذي أدخله في المعضل أيضا؟ هو المعنعن,الآن عندنا إسناد آخر,مصطلح آخر يسمونه المؤنن أو المؤنأن,يعني الذي فيه الرواية بصيغة: أن فلانا قال مثلا أو أن فلانا ذكر,أو أن فلانا دخل يقرأه، الأخ يتفضل مشكورا.
القارئ: وقد اختلف الأئمة فيما إذا قال الراوي: إن فلانا قال, هل هو مثل قوله: عن فلان,فيكون محمولا على الاتصال, حتى يثبت خلافه, أو ليكون قوله : إن فلانا قال دون قوله عن فلان, كما فرق بينهما أحمد بن حنبل,ويعقوب بن شيبة,وأبو بكر البرديجي,فجعلوا (عن) صيغة اتصال, وجعلوا أن فلانا قال كذا في حكم الانقطاع,حتى يثبت خلافه.
وذهب الجمهور إلى أنهما سواء في كونهما متصلين,قاله ابن عبد البر,وممن نص على ذلك مالك بن أنس,وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي,سواء فيه أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ,أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: نعم هذا يسمونه الإسناد المؤنن، المؤنن والمؤنأن,وقد ذكر ابن الصلاح رحمه الله في قبول الإسناد المؤنن أن فلانا قال: كم ذكر من قول؟ كم من قول ذكر؟ ذكر قولين، ونسب الأول منهما إلى أحمد ويعقوب بن شيبة,في بعض الطبعات يعقوب بن أبي شيبة,وهذا خطأ, هو يعقوب بن شيبة,ونسبه أيضا إلى أبي بكر البرديجي,فيقول ابن الصلاح: جعلوا (عن) صيغة اتصال,وقوله: إن فلانا قال كذا في حكم الانقطاع,حتى يثبت خلافه,نعلق على هذا بـ..
وابن الكثير رحمه الله وافق ابن الصلاح على ما ذكره,وأن هناك في المسألة كم من قول؟ أن فيها قولين,وذهب الجمهور إلى أنهما سواء في كونهما متصلين, بل تقول، يعني يعلق على هذا بأن كلام ابن الصلاح هذا يعني من الأشياء التي تعقبه العلماء فيها,وقالوا: إنه لم يتمعن في أجوبة أحمد والبرديجي,ويعقوب بن شيبة,فليس في المسألة اختلاف,ليس في المسألة اختلاف,فالعلماء رحمهم الله مجمعون على شيئين,ننتبه لهما، ننتبه لهما,هذا يعني: أقول: في بعض الدقائق لماذا؟ لأن ابن كثير رحمه الله دخل فيها ولا بأس بـ يعني معالجة مثل هذه الأمور,انتبه لها,أجمعوا على شيئين,إذا عرفناهما نعرف أنه ليس هناك اختلاف :
إذا قال الراوي مثلا: عروة بن الزبير,هذا السؤال الذي وجه للإمام أحمد إذا قال الراوي إن.. الذي هو عروة,مثلا لنفرض أن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذا,انتبه لصيغة الرواية,أن عائشة قالت,قالت لمن؟ لعروة أن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم .
إذن عائشة قالت لعروة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كذا... قال كذا، هذا بالإجماع متصل كما لو قال عروة,كما لو جاءتنا الرواية بصيغة عن عروة عن عائشة,فهذا بالإجماع متصل,ولا خلاف فيه.
انتبه للصيغة الثانية: لو قال عروة: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:كذا وكذا,فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: كذا, الآن عروة يروي عن عائشة أو يروي قصة عائشة؟
لا يروي عن عائشة,الآن هذا بالإجماع منقطع,هذا بالإجماع منقطع، مرسل,يسمونه مرسلا,ويقولون الراوي إذا روى حكاية بأن وهو لم يدركها فهو مرسل أو متصل؟ فهو مرسل بالإجماع,هذا البرديجي وغير البرديجي,وقد نقل الإجماع على هذا ابن النواق وغيره نقلوا الإجماع على هذا.
إذن الكلام في الإرسال والاتصال على صورتين,وليس على صورة.. من كلام البرديجي ويعقوب بن شيبة,وكذلك أحمد الكلام على صورتينك واحدة متصلة والأخرى مرسلة منقطعة,وبينهما فرق في جهة من جهة الرواية ومن جهة أيضا يعني الصيغة.
فإذن المسألة ليس فيها اختلاف,إذا قال الراوي: أن فلانا قال لي كذا أو أن فلانا قال: قلت: كذا مثلا,فهذه صيغة رواية,وهي متصلة,مثل (عن) أما إذا قال الراوي: إن فلانا خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم، إن فلانا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم, إن فلانا قال للنبي صلى الله عليه وسلم, إن فلانا جاء والنبي فهذه كلها مرسلة أو منقطعة,إذا قالها التابعي؟
هذه كلها مرسلة؛لأن التابعي لا يمكنه أن يكون قد حضر القصة,(طيب) ننتبه الآن لو قال عبد الله بن عمر بن الخطاب أن عمر خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ,أو أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:كذا وكذا,هذه مرسلة أو متصلة؟..
لماذا متصلة؛لأن عبد الله بن عمر يمكنه أن يكون قد حضر القصة,فهذه إذن ليست في المؤنن اختلاف، يعني ليس فيه اختلاف يذكر,وإنما ابن الصلاح رحمه الله يقولون: لم يتمعن في أجوبة هؤلاء الأئمة,أو في كلامهم على الفرق بين الصيغتين,وأطال في ذلك ابن رجب وابن حجر رحمهما الله,أطالا في شرح كلام العلماء واتفاقهم في هذه المسألة,وهذا هو الذي يعرف بالإسناد المؤنن, أو المؤنأن,الاختلاف فيه بسبب اختلاف الصيغة,وليس هو اختلاف,وإنما هو اختلاف صيغة كل واحدة لها حكم,وفيها اتفاق بين الأئمة رحمهم الله تعالى.
وكثير من الباحثين ما ينتبه لهذا الفرق, الفرق بين أن يكون الراوي قد قصد الرواية بأن وأن,يكون قد قصد حكاية القصة,كثير من الباحثين ما ينتبه لهذا.
(طيب) عندنا الآن,نعم حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء في.. هذا ما إشكال الآن أيضا ابن كثير اختصر كلاما لابن الصلاح,اختصره كثيرا,يلجأ يعني هذه المشكلة في الاختصار أنه قد يقع, وإن كان ابن كثير رحمه الله أجاد في هذا الكتاب, أجاد الاختصار, ولكن قد يقع في الأسطر الأخيرة التي سيقرأها القارئ,يعني أدخل أو يعني تكلم على عدد من الأمور.نعم يا شيخ نعرفها الآن.
القارئ: وبحث الشيخ أبو عمرو ههنا فيما إذا أسند الراوي ما أرسله غيره,فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك إذا كان المخالف له أحفظ منه,أو أكثر عددا,ومنهم من رجع بالكثرة أو الحفظ,ومنهم من قبل المسند مطلقا إذا كان عدلا ضابطا,وصححه الخطيب وابن الصلاح,وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وحكى عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة.
الشيخ: نعم هذه المسألة أدخل فيها يعني قضية.. في هذه المسألة قضيتان:
القضية الأولى: الراوي إذا أرسل أو إذا أسند الراوي ما أرسله غيره,ما معنى أسنده؟ يعني: ذكر فيه صحابيه له ما أرسله غيره,هذا الغير ماذا فعل في روايته؟ لم يذكر الصحابي و.. يعني اعتبرنا أو توصلنا إلى أن الذي أسند وذكر الصحابي قد غلط,هل يقدح هذا فيه أو لا يقدح فيه؟
هذه المسألة قضية,وهي تأثيرها على الراوي نفسه,على عدالته وضبطه,عندنا مسألة العدالة إذا تعمد الراوي الإسناد.. الزيادة في الإسناد,ما حكم هذا يقدح في عدالته أو لا يقدح؟
هذا يقدح بلا إشكال,يقدح في عدالته,ويعتبر كذبا إذا لم يتعمد الراوي,وزاد في الإسناد الصحابي ما حكمه؟ مر بنا هذا قضية أن العلماء رحمهم الله يعرفون ضبط الرواة بمقارنه مرويات بعضهم ببعض,فإذا رأوا أن الراوي يخطأ ما يرويه غيره مرسلا يرويه هو متصلا,وما يرويه غيره موقوفا يرويه هو مرفوعا أو العكس,كذلك أيضا فهذا متى يخل ضبطه؟
عرفنا متى يخل ضبطه,عرفنا متى يخل بالعدالة، يخل بالعدالة متى؟
إذا تعمد,متى يخل بالضبط؟
أو هو يخل بالضبط لكن درجة الإخلال هذه تخضع لأي شيء؟
لكثرة المخالفة,وقلتها إذا كان يخالف قليلا يعني له عدد من الأحاديث خالف فيها,فهذا هو الذي يقولون: ثقة له أوهام,أو يقولون: ثقة,ويعني ينزلونه عن درجة من يقولون فيه: ثقة ثبت,أو ثقة حافظ,أو ثقة ثقة ثقة مثلا ينزل قليلا,وكلما كثرت المخلفات في حديثه كلما..كلما كثرت المخلفات في حديثه نزلت درجته,هذه طريقة العلماء رحمهم الله في يعني إحدى الوسائل في معرفة ضبط الرواة وعدالتهم,هي مقارنة مرويات بعضهم ببعض.
فبالنسبة للضبط إذا قلت المخالفة تسامحوا فيه ولم ينزلوه عن درجة الثقة؛لأنهم يقولون: من ذا الذي لا يغلط؟! ما معنى هذه الكلمة؟
يعني أن كل إنسان عرضة للخطأ,ولكنه إذا كثر منه حفظوا عليه شيئا وشيئا وشيئا قالوا: ثقة له أوهام,فإذا زاد قالوا: صدوق،فإذا زاد قالوا: صدوق يخطئ، صدوق سيئ الحفظ,فإذا زاد وانضم إلى ذلك أمور,قد ينضم إلى ذلك أمور أخرى,مثل أن يتفرد بأشياء,فربما ينزلونه إلى درجة الضعيف,فإذا كثر منه ذلك صار لا يبالي أكثر أحاديثه خطأ أنزلوه إلى درجة المتروك,هذا إذا لم يكن يتعمد,وقالوا: متروك الحديث,مع صلاحه وكذا وكذا؛ لأنهم رحمهم الله يعني مسألة التعمد هذه وإن كانت ربما لا تتبين كثيرا.
ولهذا نرى الاختلاف بين أن يقول واحد: إنه يكذب,وبين أن يقول: إنه صدوق,لا يتعمد الكذب؛لأن مسألة النية هذه مرجعها إلى أي شيء؟ مرجعها إلى القلب,وإنما يعني الله أعلم، وإنما العلماء رحمهم الله يحكمون بحسب ما لديهم من قرائن.
فالمقصود أن هذه تأثير المسألة هذه التي ذكرها تأثيرها على الراوي هو ذكر مسألتين,الآن ابن كثير قضية تأثير المخالفة على الراوي وهذه هي التي ذكرتها الآن,وذكروا القضية الثانية تأثيرها على المروي,ما معنى تأثيرها على المروي؟
يعني: إذا روى الراوي حديثا وأرسله,ورواه غيره,وأسنده,نقبل قول من؟ نقبل قول من؟ ذكر يعني ثلاثة أقوال، قال: منهم من رجح بالكثرة أو الحفظ,ومنهم من قبل المسند مطلقا إذا كان عدلا ضابطا وصححه من هذا القول؟
الخطيب وابن الصلاح,وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وحكى عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة (بس) تقولون: أيضا كذلك هذه الحكاية وهذه الأقوال في هذه القضية يقولون: إن الخطيب البغدادي رحمه الله أخذها من كلام,نظريا من كلام المتكلمين وذكر أربعة أقوال، يعني لو نحصي من تعقب الخطيب وتعقب ابن الصلاح في هذه القضية يمكن يبلغون أكثر من عشرة,وقالوا: إن ابن الصلاح رحمه الله هنا اختار أن الصواب مع من؟ إذا روى شخص حديثا مرسلا,ورواه شخص أو أكثر مسندا,اختار قول من هنا؟ اختار.. وتسمى هذه القضية تعارض الوصل والإرسال,اختار قول من هنا الآن؟ رجح قول من ابن الصلاح والخطيب كذلك؟ رجح أن الصواب مع من؟
مع المسند,وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين,وهذا الذي رجحه الخطيب وابن الصلاح,يقولون: إنه ليس هو مذهب من؟ ليس هو مذهب المحدثين, الترجيح دائما للمسند,ليس مذهب المحدثين,وحتى أن الخطيب رحمه الله يقولون: ألف كتابا سماه.. المهم في كتاب اسمه تميز المزيد في متصل الأسانيد, وهنالك كتاب في مبهم المراسيل للخطيب البغدادي,لم يسر فيهما على ما اختاره هنا,يعني: خالف تطبيقه تنظيره ما سار عليه في كتابيه أو في كتابيه,أو في كتبه,يقولون: إنه هو مذهب المحدثين، ما هو مذهب المحدثين إذن؟
الآن القول هذا عزاه ابن الصلاح إلى من؟ وأصاب في ذلك عزاه إلى من؟ إلى اختيار الخطيب وإلى الفقهاء هذا لا إشكال فيه,ولكن لابد من معرفة من نبحث في مصطلحه,لابد من معرفة مذهبي من في هذه القضية المهمة,وهم المحدثون ابن رجب وابن حجر,وابن الملقن والبقاعي والعلائي,وجماعة كثيرون نبهوا إلى أنه كان ينبغي أن يذكر هنا ويختار منهج من؟
المحدثين,وهو أنهم يقولون: مذهب المحدثين باختصار في هذه القضية أنهم يقولون: الأمر يدور في ترجيح المرسل والمسند مع أي شيء يدور؟ يدور مع القرائن,ليس هناك قاعدة ,بأن نقول: الراجح دائما المرسل, ولا أن نقول: الراجح دائما المسند, ولا أن نقول: الراجح دائما مع الأحفظ,أو مع الأكثر,ليس هناك قاعدة مطردة في ترجيح شيء على شيء في هذا الموضوع المهم.
ونلاحظ، لاحظوا معي يا إخوان نقطة مهمة أن إذا رجحنا,قبول المسند,قبول قول المسند دائما ارجعوا إلى شروط الحديث الصحيح,ماذا اشترطنا في.. ماذا اشترطوا في شروط الحديث الصحيح؟ في الشرطين الأخيرين, ألا يكون شاذا وألا يكون معللا, إذا قبلت قول المسند دائما ألغيت الشرط الأخير الذي هو ماذا؟
الذي هو شرط المعلل,وقد نص ابن دقيق العيد رحمه الله على أن الفقهاء والأصوليين لا يشترطون هذين الشرطين اللذين هما ماذا؟ الشذوذ والعلة,وهذا هو معنى كلام ابن دقيق العيد: لإنهم يقولون: إذا تعارض وصل وإرسال فالحكم دائما لمن؟
لمن وصل أو لمن أرسل عندهم؟
لمن وصل,هؤلاء هم الفقهاء,ولكن لابد هنا من معرفة مذهب المحدثين الذي هو أنهم يديرون الأمر مع القرائن,فإن ترجح أن المسند هو المصيب انتفت العلة,وإن ترجح أن المرسل هو المصيب صار الحديث لم يتوافر فيه الشرط الأخير,الذي هو ماذا؟ ألا يكون معلولا.
يبقى القضية وهي قولهم نقلهم عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة,ننتبه لهذا النقطة,وهي أن البخاري لم يقل هذا مطلقا,وإنما يتكلم على حديث بعينه,الذي هو حديث:((لا نكاح إلا بولي)).
إذن كلام البخاري على إطلاقه أو بخصوص حديث معين؟
لا يصح الاستدلال به على أن دائما من زاد هو المصيب,أو أن زيادته مقبولة,فهذا كلام البخاري نبهوا أيضا إلى أنه إنما البخاري يتكلم على إسناد بعينه,وهذه الموضوعات بينها تداخل ومرتبطة بتعريف.. ولهذا يقولون: الذي اختار مذهب الفقهاء والأصوليين هنا واختار هناك في التعريف خمس في الشروط بين.. يكون بين قوليه تضاد وتعارض,ويعني مثل هذا الأمر مصطلح الحديث دقيق جدا,ينبغي للشخص أن يتنبه لما يختاره من مصطلحات وما يختاره من قواعد؛لئلا يكون بين كلامه تعارض,وكذلك قضية التعارض بين التنظير والتطبيق,هذا أمر مهم,نلاحظ أن الخطيب البغدادي رحمه الله يعني في كتابه المزيد في متصل الأسانيد,وكتابه في مبهم المراسيل,يعني مشى على منهج المحدثين,حتى بل قالوا: إنه ربما بالغ في تطبيق العلل، ربما يعني يقولون: ولكنه هنا اختار هذا اختار أن الزيادة.. أن القول قول من وصل دائما,ويعني جل من لا يخطئ,هذا نعم والآن نوعنا.. النوع الثاني عشر الذي هو المدلس.نعم تفضل يا شيخ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحادي, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir