وقالت امرأة من بني حنيفة ترثي يزيد بن عبد الله
ابن عمرو الحنفي.
1: ألا هلك ابن قران الحميد.......أخو الجلى أبو عمرو يزيد
(الجلى): الفعلى من الأمر الجليل، وهو العظيم، و(أخوها): صاحبها والقائم بها.
2: ألا هلك امرؤ هلكت رجال.......فلم تفقد وكان له الفقود
لم يفقدوا لقلة خيرهم وخمولهم بعد موتهم وفقد هو لإفضاله وإحسانه ونباهته في الناس. قال أبو نخيلة لمسلمة بن عبد الملك:
وأحييت لي ذكري وما كنت خاملاً.......ولكن بعض الذكر أنبه من بعض
أبو بكر: وما كان خاملاً.
3: ألا هلك امرؤ حباس مالٍ.......على العلات متلاف مفيد
أي: يحبس إبله في فنائه لا يدعها تسرح لتكون قريبًا منه، فإذا جاءه ضيف قراه أو صاحب حمالة أعطاه، ومثله قول الآخر:
صبرنا فلم نسرح لكيلا يلومنا.......على حقه صبرًا معودة الحبس
غيره: (العلات) ههنا الشدائد أي: يفعل هذا في الشدة والرخاء وفي إضاقته وسعته، كما قال الآخر:
ولكن إنما عودت نفسي.......على علاتها جري الجواد
أي: عودتها جري الجواد في سعتها وضيقها، والمعنى أنه يجحف بها البذل فيضيق لكثرة السؤال كقول زهير:
هو الجواد الذي يعطيك نائله.......عفوًا ويظلم أحيانًا فيظلم
ظلمهم إياه أن يسأل فوق طاقته فيظلم فيحتمل ذلك ويظلم نفسه لسائله، وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه وإذا ألح عليه في المسألة أيضًا فقد ثمده، قال:
من مالٍ من لست له بثامدٍ.......وليس في كراته بزاهد
وقال النابغة:
جلوسًا لدى أبياتهم يثمدونهم.......رمى الله في تلك الأكف الكوانع
يثمدونهم: يكثرون سؤالهم.
4: ألا هلك امرؤ ظلت عليه.......بشط عنيزةٍ بقر هجود
شبه النساء بالبقر. و(الهجود) ههنا المنتبهات، والمتهجد والهاجد من الأضداد والهاجد هو النائم والمنتبه، قال الله عز وجل: {ومن الليل فتهجد به}، قال الأصمعي: ودعا رجل على امرأته فقال: عليك لعنة المتهجدين. والعرب تشبه النساء بالبقر كثيرًا مثل قول الخنساء:
ونوحٍ بعثت كمثل الإراخ.......آنست العين أسبالها
قال الطوسي: الإراخ: أولاد البقر الواحد أرخ. وإنما جعلها مؤنسة للأسبال لأنها تمرح بعد المطر، ورثت أخاها أي قتلت سيد هؤلاء القوم فبعثت النوائح عليه كبقر الوحش إذا أحست بالمطر، قال: و(البقر) تستنشئ السحاب، الهاء للسحاب.
5: سمعن بموته فظللن نوحًا.......قيامًا ما يحل لهن عود
(النوح): القيام، قال الأصمعي: المناوحة المقابلة ومنه سميت النوائح لأن بعضهن يقابل بعضًا ومنه مناوحة الرياح. وقوله (لا يحل لهن عود) أي: لا يطعمن شيئًا، وأصل ذلك في البهائم يقول كأنهن لحزنهن عليه وتركهن الأكل حرم عليهن المرعى، ويروى لا يحل لهن عود.
[شرح المفضليات: 549-551]