وقال الجميح واسمه منقذ
وهو من بني أسد وكان من الفرسان يوم جبلة، والجميح لقب، وقتل يوم شعب جبلة مع من قتل من بني أسد، وقد تقدم نسبه عن أحمد بن عبيد.
1: سائل معدًا من الفوارس لا.......أوفوا بجيرانهم ولا غنموا
كان خالد بن نضلة الأسدي نازلاً في بني جعفر بن كلاب مجاورًا لهم فقتلوه، فقال لهم لم (يوفوا بجارهم) قتلوه، ولا هم أصابوا بقتلهم إياه غنما، وفي وأوفى لغتان، ويروى لا آبوا بجيرانهم، ويروى لا باؤوا.
2: يعدو بهم قرزل ويستمع ال.......ناس إليهم وتخفق اللمم
أي (تعدو بهم) خيل تهرب كما هرب قرزل وهو فرس طفيل بن مالك، وكان طفيل فرارًا، وإنما قال (يعدو بهم قرزل)، لأن صاحبه انهزم فانهزم قومه معه، فكأنه عدا بهم إذ كان متقدمًا لهم، و(اللمم) جمع لمة وهي ما ألم بالمنكب من الشعر، وهي أكثر من الوفرة والجمة.
3: ركضًا وقد غادروا ربيعة في أل.......أثار لما تقارب النسم
ويروى في الأدبار، ربيعة أبو لبيد الشاعر، وهو (ربيعة) بن مالك بن جعفر قتل يوم ذي علق، وثأر الرجل قاتل حميمه، يقول تركوا ربيعة فيمن قتل منهم وانهزموا، وقوله (لما تقارب النسم) أي لما قرب بعضهم من بعض، و(النسم) جمع نسمة يعني الأنفس.
4: في كفه لدنة مثقفة.......فيها سنان محرب لحم
(اللدنة) القناة اللينة، وكل لين لدن، و(المثقفة): المقومة، و(المحرب): المغيظ، وهو ههنا مثل في السنان. يقال قد حرب الرجل يحرب حربًا إذا اغتاظ، قال الأصمعي: ومن هذا سميت الحرب لأن أهلها يحرب بعضهم على بعض، أي يغتاظ. و(اللحم) القرم إلى اللحم من الرجال، وهو ههنا في السنان مثل، ويروى: يكبو لفيه طورًا ويخلجه * بالرمح حران باسل لحم، يخلجه يجذبه، حران من الغيظ والحقد شبهه بالأسد، وهو الباسل، والباسل الكريه المنظر، والباسل المر.
5: لو خافكم خالد بن نضلة ن.......جته سبوح عنانها خذم
(خذم) مسرع، والخذم المنقطع كأنه ينخذم من الخيل التي يجري معها ينقطع عنها سابقا لها، و(السبوح) السريعة في سيرها.
وأصل (الخذم) القطع، فأراد أن عنان هذه الفرس منقطع الجري، ويقال للدلو إذا انقطعت أذنها قد خذمت، قال الراجز:
أخذمت أم وذمت أم مالها.......أم صادفت في قعرها حبالها
6: جرداء كالصعدة المقامة لا.......قر زوى متنها ولا حرم
(الجرداء) القصيرة الشعرة، وذلك يستحب في الخيل، و(الصعدة) القناة، ويقال شبه طول عنقها (بالصعدة)، وطول الأعناق مستحب في الخيل، وقوله (زوى متنها) أي قبضه وشنجه، يريد أنها كانت في كن وتعاهد، لم تهزلها الإذالة، فمتنها مجتمع، وأصل الزي القبض، والجمع يقال زواه يزويه زيًا ومنه انزواء الجلدة في النار، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها))، ومنه قول الأعشى:
يزيد يغض الطرف دوني كأنما.......زوى بين عينيه علي المحاجم
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى.......ولا تلقني إلا وأنفك راغم
و(الحرم) الحرمان يريد أنها لم تحرم حسن الغذاء، وأنشد في (الحرم) بيت زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسبغة.......يقول لا غائب مالي ولا حرم
7: والحارث المسمع الدعاء وفي.......أصحابه ملجأ ومعتصم
يقول في (أصحابه ما يلجأ إليه ويعتصم) به وأصل الاعتصام الاستمساك، يقال اعتصم بعرف فرسه إذا
استمسك به مخافة الوقوع، ومنه قول طفيل الغنوي ولم يشهد الهيحاء بألوث معصم، ومن هذا سمي الحبل عصامًا، وهو حبل يشد به فم القربة، ومن هذا عصمة الله عبده عن معاصيه.
8: يعدو به قارح أجش يسو.......د الخيل نهد مشاشه زهم
ويروى: (يعدو به قارح) أقب، وإنما قال (قارح) لأنه عند تمام شدته، و(الأجش) الذي في صوته جشة، وذلك محمود، قال الشاعر:
بأجش الصوت يعبوب إذا.......طرق الحي من الغزو صهل
الأقب الضامر واليعبوب الطويل، وقوله: يسود الخيل أي هو أكرمها وأعظمها، والنهد الضخم القوائم.
و(الزهم) السمين وهو من نعت القارح، قال زهير:
القائد الخيل منكوبًا دوابرها.......منها الشنون ومنها الزاهق الزاهم
(فالزهم) أعلى الخيل سمنًا، ودونه في السمن الزاهق، ودون الزاهق الشنون، وهو الذي تشنن لحمه أي تفرق للهزال.
9: مدرعًا ريطة مضاعفة.......كالنهي وفي سراره الرهم
ويروى: وفي (سراته الرهم)، الريطة ههنا الدرع، شببها بالريطة لصفاء حديدها، و(المضاعفة) التي نسجت حلقتين حلقتين، ثم شبهها (بالنهي) قال (نهي)، و(نهي) بكسر النون وفتحها وهو مطمئن من الأرض له حاجز يمنع الماء أن يفيض منه وهو الغدير، وهو موضع ينتهي إليه الماء ثم يغادره السيل أي يخلفه وتضربه الرياح فترى له طرائق، وصفاء تشبه به الدروع بطرائقه وصفائه، و(السرار) خير موضع في الوادي، وأفضله وأكرمه، ويقال (السرارة والرهم) جمع رهمة وهي المطرة الضعيفة وقوله (وفي) أي أصابها من المطر ما كفاها وإذا كثر الماء في (النهي) كان أشد لصفائه، قال أحمد قوله مدرعًا ريطة أي ريطته التي يلبسها درع لأن الدرع تشبه الريطة، والسرارة وسط الماء، و(النهي) وغير ذلك، أراد كأنها ماء نهي ضربته الريح فتدرج.
10: فدى لسلمى ثوباي إذا دنس ال.......قوم وإذ يدسمون ما دسموا
قوله: (ثوباي) أراد نفسه كقول الآخر:
ألا أبلغ أبا حفص رسولاً.......فدى لك من أخي ثقة إزاري
أي نفسي، وقول الآخر:
فإني وثوبي راهب اللج والتي.......بناها قصي وحده وابن جرهم
أراد نفس راهب، ولم يرد ثوبيه، وقوله (إذ دنس القوم) أي تدنسوا بما فعلوا، وقوله (يدسمون) أي يسدون وهو مأخوذ من الدسام، وهو ما سد به رأس القارورة، والدبة وهو العفاص أيضًا ولا يكون العفاص إلا شيئًا من خشب أو غيره، يدخل في رأس القارورة والدبة وما أشبههما، وقوله: (ما دسموا) وذلك لأنهم خافوا على أمهم أن تدحق عند ولادتها، فسدوا فرجها فعيرهم بذلك، والدحق أن يخرج فم الرحم مع الولادة، قال أبو جعفر يدسمون أي يسدون الثغور يكونون دسامًا لها، وسلمى أمهم، و(دنس القوم) تلطخوا في معالجتهم إياها، والمعنى أنهم سدوا فرج أمهم بثوب لأنها دحوق، مخافة أن يخرج رحمها.
11: أنتم بنو المرأة التي زعم الـ.......ـناس عليها في الغي ما زعموا
12: يمرج جار استها إذا ولدت.......يهدر من كل جانب خصم
(الخصم) الناحية ومن هذا سمي طرف العين خصمًا، قال أحمد يصف سعة فرجها، أي (يهدر) ويسمع له بقبقة، والخصم الزاوية
13: وأمها خيرة النساء على.......ما خان منها الدحاق والأتم
الأتم أصله أن يجعل المسلكين واحدًا يهجوهم بذلك، قال أحمد خان نقص، (والأتم) أراد الأتم فحرك أي هي مأتومة مفضاة جعل مسلكيها واحدًا.
14: تشمذ بالدرع والخمار فلا.......تخرج من جوف بطنها الرحم
يتهكم بهم ويهزأ منهم، والتهكم الاستهزاء، وقوله (تشمذ) أي تستحشي به وتسد فرجها.
[شرح المفضليات: 45-48]