دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة البقرة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1435هـ/18-08-2014م, 09:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير قول الله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}

تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}


تفسير قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{إيّاك نعبد وإيّاك نستعين (5)}
معنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع، يقال : "هذا طريق معّبد" إذا كان مذللاً بكثرة الوطء، و"بعير معبّد" إذا كان مطليّاً بالقطران.
فمعنى {إياك نعبد}: إياك نطيع الطاعة التي نخضع معها، وموضع {إيّاك} نصب بوقوع الفعل عليه، وموضع الكاف في {إيّاك} خفض بإضافة " إيّا " إليها، و " إيّا " اسم للمضمر المنصوب إلا أنه يضاف إلى سائر المضمرات، نحو: إيّاك ضربت، وإياه ضربت، وإياي حدّثت، ولو قلت: "إيا زيد" كان قبيحاً، لأنه خص به المضمر.
وقد روي عن بعض العرب، رواه الخليل: (إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيّا الشوابّ).
ومن قال: إن (إياك) بكماله الاسم، قيل له: لم نر اسما ًللمضمر ولا للمظهر يضاف، وإنّما يتغير آخره، ويبقى ما قبل آخره على لفظ واحد.
والدّليل على إضافته قول العرب: " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب " يا هذا، وإجراؤهم الهاء في "إياه" : مجراها في "عصاه".
وقوله عزّ وجلّ:{وإيّاك نستعين}
الأصل في {نستعين}: نستعون؛ لأنه إنما معناه: من المعونة والعون.
ولكن الواو قلبت ياء لثقل الكسرة فيها، ونقلت كسرتها إلى العين، وبقيت الياء ساكنة، لأنّ هذا من الإعلال الذي يتبع بعضه بعضاً، نحو: أعان يعين، وأقام يقيم، وهذا يشرح في مكانه شرحاً مستقصى إن شاء اللّه). [معاني القرآن: 1/ 48-49]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
(وقوله تعالى: {إيّاك نعبد}.
نطق المؤمن به إقرار بالربوبية وتذلل وتحقيق لعبادة الله، إذ سائر الناس يعبدون سواه من أصنام وغير ذلك، وقدم المفعول على الفعل اهتماما، وشأن العرب تقديم الأهم.
ويذكر أن أعرابيا سبّ آخر فأعرض المسبوب عنه، فقال له السابّ: «إياك أعني» فقال الآخر: «وعنك أعرض» فقدّما الأهم.
وقرأ الفضل الرقاشي: «أياك» بفتح الهمزة، وهي لغة مشهورة وقرأ عمرو بن فائد: «إياك» بكسر الهمزة وتخفيف الياء، وذاك أنه كره تضعيف الياء لثقلها وكون الكسرة قبلها، وهذا كتخفيف «رب» و «إن».
وقرأ أبو السوار الغنوي: «هيّاك نعبد وهيّاك نستعين» بالهاء، وهي لغة.
واختلف النحويون في «إيّاك»؛ فقال الخليل: إيّا اسم مضمر أضيف إلى ما بعده للبيان لا للتعريف، وحكي عن العرب إذا بلغ الرجل الستين فإياه وايا الشواب.
وقال المبرد: إيّا اسم مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف،
وحكى ابن كيسان عن بعض الكوفيين أنّ إيّاك بكماله اسم مضمر، ولا يعرف اسم مضمر يتغير آخره غيره،
وحكي عن بعضهم أنه قال: الكاف والهاء والياء هي الاسم المضمر، لكنها لا تقوم بأنفسها ولا تكون إلا متصلات، فإذا تقدمت الأفعال جعل «إيّا» عمادا لها. فيقال «إياك» و «إياه» و «إيّاي»، وإذا تأخرت اتصلت بالأفعال واستغني عن «ايا».
وحكي عن بعضهم أن أيا اسم مبهم يكنى به عن المنصوب، وزيدت الكاف والياء والهاء تفرقة بين المخاطب والغائب والمتكلم، ولا موضع لها من الإعراب فهي كالكاف في ذلك وفي أرايتك زيدا ما فعل.
و{نعبد} معناه: نقيم الشرع والأوامر مع تذلل واستكانة، والطريق المذلل يقال له: معبد، وكذلك البعير. وقال طرفة:
تباري عتاق الناجيات وأتبعت ...... وظيفا وظيفا فوق مور معبد
). [المحرر الوجيز: 1/ 82-83]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وتكررت {إيّاك} بحسب اختلاف الفعلين، فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام.
و{نستعين} معناه: نطلب العون منك في جميع أمورنا، وهذا كله تبرؤ من الأصنام.
وقرأ الأعمش وابن وثاب والنخعي: «ونستعين» بكسر النون، وهي لغة لبعض قريش في النون والتاء والهمزة ولا يقولونها في ياء الغائب وإنما ذلك في كل فعل سمي فاعله فيه زوائد أو فيما يأتي من الثلاثي على فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل نحو علم وشرب، وكذلك فيما جاء معتل العين نحو خال يخال، فإنهم يقولون تخال وأخال.
و{نستعين} أصله نستعون نقلت حركة الواو إلى العين وقلبت ياء لانكسار ما قبلها، والمصدر استعانة أصله استعوانا نقلت حركة الواو إلى العين فلما انفتح ما قبلها وهي في نية الحركة انقلبت ألفا، فوجب حذف أحد الألفين الساكنين،
فقيل: حذفت الأولى لأن الثانية مجلوبة لمعنى، فهي أولى بالبقاء،
وقيل: حذفت الثانية لأن الأولى أصلية فهي أولى بالبقاء، ثم لزمت الهاء عوضا من المحذوف). [المحرر الوجيز: 1/ 83-84]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}.
[قرأ السّبعة والجمهور بتشديد الياء من {إيّاك} وقرأ عمرو بن فايدٍ بتخفيفها مع الكسر وهي قراءةٌ شاذّةٌ مردودةٌ؛ لأنّ "إيَا" ضوء الشّمس. وقرأ بعضهم: "أيّاك" بفتح الهمزة وتشديد الياء، وقرأ بعضهم: "هيّاك" بالهاء بدل الهمزة، كما قال الشّاعر:
فهيّاك والأمر الّذي إن تراحبت ...... موارده ضاقت عليك مصادره
و{نستعين} بفتح النّون أوّل الكلمة في قراءة الجميع سوى يحيى بن وثّابٍ والأعمش فإنّهما كسراها وهي لغة بني أسدٍ وربيعة وبني تميمٍ وقيسٍ]. العبادة في اللّغة من الذّلّة، يقال: طريقٌ معبّد، وبعيرٌ معبّد، أي: مذلّلٌ، وفي الشّرع: عبارةٌ عمّا يجمع كمال المحبّة والخضوع والخوف.
وقدّم المفعول وهو {إيّاك}، وكرّر؛ للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلّا إيّاك، ولا نتوكّل إلّا عليك، وهذا هو كمال الطّاعة. والدّين يرجع كلّه إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السّلف: الفاتحة سرّ القرآن، وسرّها هذه الكلمة: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}فالأوّل تبرّؤٌ من الشّرك، والثّاني تبرّؤٌ من الحول والقوة، والتفويض إلى اللّه عزّ وجلّ. وهذا المعنى في غير آيةٍ من القرآن، كما قال تعالى: {فاعبده وتوكّل عليه وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}[هود: 123]{قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا}[الملك: 29]{ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} [المزّمّل: 9]، وكذلك هذه الآية الكريمة: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}.
وتحوّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب، وهو مناسبةٌ، لأنّه لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك؛ ولهذا لا تصحّ صلاة من لم يقل ذلك، وهو قادرٌ عليه، كما جاء في الصّحيحين، عن عبادة بن الصّامت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
وفي صحيح مسلمٍ، من حديث العلاء بن عبد الرّحمن، مولى الحرقة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يقول اللّه تعالى: [قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: {الحمد للّه ربّ العالمين}قال: حمدني عبدي، وإذا قال:{الرّحمن الرّحيم}قال: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال:{مالك يوم الدّين}قال اللّه: مجّدني عبدي، وإذا قال:{إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال:{اهدنا الصّراط المستقيم * صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل]».
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «{إيّاك نعبد} يعني: إيّاك نوحّد ونخاف ونرجو يا ربّنا لا غيرك{وإيّاك نستعين} على طاعتك وعلى أمورنا كلّها».
وقال قتادة: «{إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}يأمركم أن تخلصوا له العبادة وأن تستعينوه على أمركم».
وإنّما قدّم: {إيّاك نعبد} على {وإيّاك نستعين} لأنّ العبادة له هي المقصودة، والاستعانة وسيلةٌ إليها، والاهتمام والحزم هو أن يقدّم ما هو الأهمّ فالأهمّ، واللّه أعلم.
فإن قيل: فما معنى النّون في قوله: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} فإن كانت للجمع فالدّاعي واحدٌ، وإن كانت للتّعظيم فلا تناسب هذا المقام؟
وقد أجيب: بأنّ المراد من ذلك الإخبار عن جنس العباد والمصلّي فردٌ منهم، ولا سيّما إن كان في جماعةٍ أو إمامهم، فأخبر عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين بالعبادة الّتي خلقوا لأجلها، وتوسّط لهم بخيرٍ،
ومنهم من قال: يجوز أن تكون للتّعظيم، كأنّ العبد قيل له: إذا كنت في العبادة فأنت شريفٌ وجاهك عريضٌ فقل: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}، وإذا كنت خارج العبادة فلا تقل: نحن ولا فعلنا، ولو كنت في مائة ألفٍ أو ألف ألفٍ لافتقار الجميع إلى اللّه عزّ وجلّ.
ومنهم من قال: ألطف في التّواضع من إيّاك أعبد، لما في الثّاني من تعظيمه نفسه من جعله نفسه وحده أهلًا لعبادة اللّه تعالى الّذي لا يستطيع أحدٌ أن يعبده حقّ عبادته، ولا يثني عليه كما يليق به، والعبادة مقامٌ عظيمٌ يشرف به العبد لانتسابه إلى جناب اللّه تعالى، كما قال بعضهم:

لا تدعني إلّا بيا عبدها ...... فإنّه أشرف أسمائي
وقد سمّى اللّه رسوله بعبده في أشرف مقاماته [فقال] {الحمد للّه الّذي أنزل على عبده الكتاب}[الكهف: 1]{وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه}[الجنّ: 19]{سبحان الّذي أسرى بعبده ليلا}[الإسراء: 1] فسمّاه عبدًا عند إنزاله عليه وقيامه في الدّعوة وإسرائه به، وأرشده إلى القيام بالعبادة في أوقاتٍ يضيق صدره من تكذيب المخالفين له، حيث يقول: {ولقد نعلم أنّك يضيق صدرك بما يقولون * فسبّح بحمد ربّك وكن من السّاجدين * واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين}[الحجر: 97-99].
وقد حكى فخر الدّين في تفسيره عن بعضهم: أنّ مقام العبوديّة أشرف من مقام الرّسالة؛ لكون العبادة تصدر من الخلق إلى الحقّ والرّسالة من الحقّ إلى الخلق؛ قال: ولأنّ اللّه متولّي مصالح عبده، والرّسول متولّي مصالح أمّته وهذا القول خطأٌ، والتّوجيه أيضًا ضعيفٌ لا حاصل له، ولم يتعرّض له فخر الدّين بتضعيفٍ ولا ردّه.
وقال بعض الصّوفيّة: العبادة إمّا لتحصيل ثوابٍ وردّ عقابٍ؛ قالوا: وهذا ليس بطائلٍ إذ مقصوده تحصيل مقصوده، وإمّا للتّشريف بتكاليف اللّه تعالى، وهذا -أيضًا- عندهم ضعيفٌ، بل العالي أن يعبد اللّه لذاته المقدّسة الموصوفة بالكمال، قالوا: ولهذا يقول المصلّي: أصلّي للّه، ولو كان لتحصيل الثّواب ودرء العذاب لبطلت صلاته.
وقد ردّ ذلك عليهم آخرون وقالوا: كون العبادة للّه عزّ وجلّ، لا ينافي أن يطلب معها ثوابًا، ولا أن يدفع عذابًا، كما قال ذلك الأعرابيّ: أما إنّي لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذٍ إنّما أسأل اللّه الجنّة وأعوذ به من النّار، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «حولها ندندن»). [تفسير ابن كثير: 1 /134-136]

* للاستزادة ينظر: هنا


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, قول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir