دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي (إنَّ) وأخواتها

إنَّ وأخواتُها

لِأَنَّ أنَّ لَيْتَ لكِنَّ لعَلْ = كأنَّ عكسُ ما لِكَانَ مِنْ عمَلْ
كإنَّ زيدًا عالِمٌ بِأَنِّي = كُفْءٌ ولكنَّابنَهُ ذُو ضِغْنِ
وراعِ ذا الترتيبَ إلَّا في الذي = كَلَيْتَ فيها أو هنا غيرَ الْبَذِي


  #2  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا
لإِنَّ أَنَّ لَيْتَ لَكِنَّ لَعَلْ = كَأَنَّ عَكْسُ مَا لِكَانَ مِنْ عَمَلْ ([1])
كَإِنَّ زَيْداً عَالِمٌ بِأَنِّي = كُفْءٌ ولَكِنَّ ابْنَهُ ذُو ضِغْنِ ([2])

هذا هو القِسْمُ الثاني من الحروفِ الناسخةِ للابتداءِ، وهي ستَّةُ أَحْرُفٍ([3]): إنَّ، وأنَّ، وكأنَّ، ولكِنَّ، ولَيْتَ، ولَعَلَّ، وعَدَّهَا سِيبَوَيْهِ خَمْسَةً فأَسْقَطَ (أنَّ) المفتوحةَ؛ لأنَّ أصلَها (إنَّ) المكسورةُ؛ كما سيأتي.
ومعنى (إنَّ وأنَّ) التوكيدُ، ومَعْنَى (كأنَّ) التشبيهُ، و(لكِنَّ) للاستدراكِ، و(لَيْتَ) للتمنِّي، و(لَعَلَّ) للتَّرَجِّي والإشفاقِ، والفرقُ بينَ التَّرَجِّي والتَّمَنِّي أنَّ التمنِّيَّ يكونُ في المُمْكِنِ، نحوُ: (ليتَ زيداً قائِمٌ)، وفي غيرِ المُمْكِنِ، نحوُ: (ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً) ([4])، وأنَّ الترَجِّيَ لا يكونُ إلا في المُمْكِنِ، فلا تقولُ: (لَعَلَّ الشبابَ يعودُ).
والفرقُ بينَ الترجِّي والإشفاقِ أنَّ الترجِّيَ يكونُ في المحبوبِ، نحوُ: (لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُنا)، والإشفاقَ في المكروهِ، نحوُ: (لَعَلَّ العدوَّ يَقْدَمُ).
وهذه الحروفُ تَعْمَلُ عَكْسَ عَمَلِ (كانَ)؛ فتَنْصِبُ الاسمَ وترفَعُ الخبرَ ([5])، نحوُ: (إنَّ زيداً قائمٌ)، فهي عاملةٌ في الجُزْءَيْنِ، وهذا مذهَبُ البَصْرِيِّينَ.
وذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنها لا عَمَلَ لها في الخبرِ، وإنما هو باقٍ على رفعِه الذي كانَ له قبلَ دخولِ (إنَّ)، وهو خبرُ المبتدأِ.
وَرَاعِ ذَا التَّرْتِيبَ إِلاَّ فِي الَّذِي = كَلَيْتَ فِيهَا - أَوْ هُنَا - غَيْرَ الْبَذِي ([6])
أي: يَلْزَمُ تقديمُ الاسمِ في هذا البابِ وتأخيرُ الخبرِ، إلا إذا كانَ الخبرُ ظرفاً أو جارًّا ومجروراً، فإنَّه لا يَلْزَمُ تأخيرُه، وتحتَ هذا قِسمانِ:
أحدُهما: أنه يَجُوزُ تقديمُه وتأخيرُه، وذلك نحوُ: (ليتَ فيها غيرَ البَذِي)، أو (ليتَ هنا غيرَ البذي)؛ أي: الوقِحِ، فيَجُوزُ تقديمُ (فيها وهنا) على (غيرَ) وتأخيرُهما عنها.
والثاني: أنه يَجِبُ تقديمُه، نحوُ: (ليتَ في الدارِ صاحِبَها)، فلا يَجُوزُ تأخيرُ (في الدارِ)؛ لئلاَّ يعودَ الضميرُ على متأخِّرٍ لفظاً ورُتْبَةً.
ولا يَجُوزُ تقديمُ معمولِ الخبرِ على الاسمِ إذا كانَ غيرَ ظرفٍ ولا مجرورٍ، نحوُ: (إنَّ زيداً آكِلٌ طعامَكَ)، فلا يَجُوزُ (إنَّ طَعَامَكَ زَيداً آكِلٌ)، وكذا إنْ كانَ المعمولُ ظرفاً أو جارًّا ومجروراً، نحوُ: (إنَّ زيداً واثقٌ بِكَ)، أو (جالسٌ عندَكَ)، فلا يَجُوزُ تقديمُ المعمولِ على الاسمِ، فلا تقولُ: (إنَّ بكَ زيداً واثقٌ)، أو (إنَّ عندَك زيداً جالِسٌ)، وأَجَازَهُ بعضُهم، وجَعَلَ مِنه قولَه:
95- فَلاَ تَلْحَنِي فِيهَا فَإِنَّ بِحُبِّهَا = أَخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمٌّ بَلاَبِلُهْ ([7])


([1])(لإِنَّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، (أَنَّ لَيْتَ لَكِنَّ لَعَل كَأَنَّ) كُلُّهُنَّ معطوفٌ على المجرورِ بعاطفٍ مقدَّرٍ، (عَكْسُ) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وعكسُ مضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ مضافٌ إليه، (لكانَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بفعلٍ محذوفٍ تقَعُ جملتُه صلةَ الموصولِ؛ أي: عَكْسُ الذي اسْتَقَرَّ لِكَانَ، (مِن عَمَلْ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بما تَعَلَّقَ به الأوَّلُ.

([2])(كإِنَّ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ كما سَبَقَ غيرَ مرَّةٍ، إنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، (زَيْداً) اسْمُها، (عالِمٌ) خَبَرُها، (بأنِّي) الباءُ جارَّةٌ، وأنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، والياءُ اسْمُها، (كُفْءٌ) خَبَرُها، وأنَّ ومَعْمُولاها في تأويلِ مصدرٍ مجرورٍ بالباءِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بقولِهِ: (عالِمٌ) السابقِ، (ولكِنَّ) حرفُ استدراكٍ ونصبٍ، (ابْنَهُ) ابنَ: اسمُ لَكِنَّ، وابنَ مضافٌ والهاءُ مضافٌ إليه، (ذو) خبرُ لَكِنَّ، وذو مضافٌ و(ضِغْنِ) مضافٌ إليه.

([3])قدْ عَرَفْتَ مِمَّا قَدَّمْنَا لكَ ذِكْرَه في أَوَّلِ الكلامِ على أفعالِ المقارَبَةِ (ص 322) أنَّ سِيبَوَيْهِ رَحِمَه اللهُ يَرَى أنَّ (عَسَى) قد تكونُ حَرْفاً دالاًّ على الترجِّي مثلَ لَعَلَّ، وأنها على مذهبِه تكونُ عاملةً عَمَلَ إنَّ، فتَنْصِبُ الاسمَ، وترفَعُ الخبرَ، وذلك في حالةٍ واحدةٍ، وهي أنْ يَتَّصِلَ بها ضميرُ نَصْبٍ، نحوُ قولِ الشاعِرِ:
* فَقُلْتُ عَسَاهَا نَارُ كَأْسٍ وَعَلَّهَا *

وقد تَقَدَّمَ إنشادُه كامِلاً في الموضِعِ الذي أَحَلْنَاكَ عليه، ومثلُه قولُ الراجِزِ:
تقولُ بِنْتِي قدْ أَنَى أَنَاكَا = يا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَا
ومثلُه قولُ عِمْرَانَ بنِ حِطَّانَ الخارِجِيِّ:
ولي نَفْسٌ أَقُولُ لها إذا ما = تُنَازِعُنِي لعَلِّي أو عَسَانِي
ولهذا تَجِدُ ابنَ هشامٍ عَدَّ هذه الحروفَ سبعةً: الستَّةَ التي عَدَّهَا الناظِمُ والشارِحُ، والسابعُ عَسَى، عندَ سِيبَوَيْهِ وجماعةٍ من النُّحاةِ. فاعْرِفْ ذلك.

([4])قد وَرَدَتْ هذه الجملةُ في بيتٍ لأبي العَتَاهِيَةِ، وهو قولُه:
ألاَ لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْماً = فَأُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَ المَشِيبُ

([5])ههنا أمرانِ يَجِبُ أنْ تَتَنَبَّهَ لَهما:
الأوَّلُ: أنَّ هذه الحروفَ لا تَدْخُلُ على جملةٍ يَجِبُ فيها حذفُ المبتدأِ، كما لا تَدْخُلُ على مبتدأٍ لا يَخْرُجُ عن الابتدائيَّةِ، مثلُ (ما) التعجبيَّةِ، كما لا تَدْخُلُ على مبتدأٍ يَجِبُ له التصديرُ ـ أي: الوقوعُ في صدرِ الجملةِ ـ كاسمِ الاستفهامِ، ويُسْتَثْنَى من هذا الأخيرِ ضميرُ الشأنِ؛ فإنَّه مما يَجِبُ تصديرُه، وقدْ دَخَلَتْ عليه إنَّ في قولِ الأَخْطَلِ التَّغْلِبِيِّ:
إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الْكَنِيسَةَ يَوْماً = يَلْقَ فِيهَا جَآذِراً وَظِبَاءَ
فإنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، واسمُها ضميرُ شأنٍ محذوفٌ، ومَن: اسمُ شرطٍ مبتدأٌ، وخَبَرُه جملةُ الشرطِ وجَوَابِه، أو إحداهما، وجملةُ المبتدأِ وخبرِه في محَلِّ رفعِ خبرِ إنَّ، ولا يجوزُ أنْ تَجْعَلَ اسمَ الشرطِ اسماً لإنَّ؛ لكونِه مِمَّا يَجِبُ له التصديرُ، وقد حُمِلَ على ذلك قولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ)) فإنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، واسمُها ضميرُ شأنٍ محذوفٌ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، والمُصَوِّرُون: مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وجملةُ المبتدأِ وخَبَرِه في محَلِّ رفعِ خبرِ إنَّ، وهذا هو الراجِحُ في إعرابِ هذا الحديثِ على هذه الروايةِ، ومنهم مَن جَعَلَ (مِن) في قولِه: ((مِنْ أَشَدِّ)) زائدةً على مذهَبِ الكِسَائِيِّ الذي يُجِيزُ زيادةَ مِن الجارَّةِ في الإيجابِ، ويَجْعَلُ (أَشَدِّ) اسمَ إنَّ، و(المُصَوِّرُون) خَبَرَها، وهو مبنيٌّ على رأيٍ ضعيفٍ.
ولا تَدْخُلُ هذه الحروفُ على جملةٍ يكونُ الخبرُ فيها طَلَبِيًّا أو إنشائيًّا، فأمَّا قولُه تعالى: {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقولُه سُبْحَانَهُ: {إِنَّ اللَّه نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}، وقولُ الشاعِرِ:
إِنَّ الذين قَتَلْتُمْ أَمْسِ سَيِّدَهُمْ = لا تَحْسَبُوا لَيْلَهُمْ عَنْ لَيْلِكُمْ نَامَا
فإنَّها على تَقْدِيرِ قولٍ محذوفٍ يَقَعُ خبراً لإنَّ، وتَقَعُ هذه الجملةُ الإنشائيَّةُ معمولةً له، فيكونُ الكلامُ من بابِ حذفِ العاملِ وإبقاءِ المعمولِ، والتقديرُ: إنَّ الذين قَتَلْتُمْ سَيِّدَهُم مقولٌ في شأنِهم: لا تَحْسَبُوا... إلخ، وكذلك الباقي، هكذا قالُوا، وهو عندي تَكَلُّفٌ والْتِزَامُ ما لا لُزُومَ له.
ويُسْتَثْنَى من ذلك عندَهم أنَّ المفتوحةُ؛ فإنَّها انْفَرَدَتْ بجَوَازِ وُقُوعِ خَبَرِها جملةً إنشائيَّةً، وهو مَقِيسٌ فيما إذا خُفِّفَتْ، نحوُ قولِهِ تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}، وقولِهِ جَلَّ شَأْنُه: (وَالْخَامِسَةَ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا).
الأمرُ الثاني: أنَّ جَماعةً من العلماءِ ـ منهم ابنُ سِيدَهْ ـ قد حَكَوا أنَّ قوماً مِن العربِ يَنْصِبُونَ بإنَّ وأَخَوَاتِها الاسمَ والخبرَ جميعاً، واسْتَشْهَدُوا على ذلكَ بقولِ الشاعِرِ: (ويُنْسَبُ إلى عُمَرَ بنِ أبي رَبِيعَةَ، ولم أَجِدْهُ في دِيوانِه):
إذا اسْوَدَّ جُنْحُ الليلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ = خُطَاكَ خِفَافاً إنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا
وبقولِ مُحَمَّدِ بنِ ذُؤَيْبٍ العُمَانِيِّ الفُقَيْمِيِّ الراجزِ يَصِفُ فَرَساً:
كَأَنَّ أُذْنَيْهِ إِذَا تَشَوَّفَا = قَادِمَةً أَوْ قَلَماً مُحَرَّفَا
وبقولِ ذِي الرُّمَّةِ:
كَأَنَّ جُلُودَهُنَّ مَموَّهَاتٍ = على أَبْشَارِهَا ذَهَباً زُلاَلاَ

وبقولِ الراجِزِ:
* يا لَيْتَ أَيَّامَ الصِّبَا رَوَاجِعَا *
وزَعَمَ ابنُ سَلامٍ أنَّ لغةَ جماعةٍ مِن تَمِيمٍ ـ هم قومُ رُؤْبَةَ بنِ العَجَّاجِ ـ نَصْبُ الجزأيْنِ بإنَّ وأَخَوَاتِها، ونَسَبَ ذلك أبو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ إلى تَمِيمٍ عَامَّةً.
وجَمْهَرَةُ النُّحاةِ لا يُسَلِّمُونَ ذلك كُلَّه، وعندَهم أنَّ المنصوبَ الثانِيَ منصوبٌ بعامِلٍ محذوفٍ، وذلك العامِلُ المحذوفُ هو خبرُ إنَّ، وكأنه قالَ: إنَّ حُرَّاسَنَا يُشْبِهُونَ أُسْداً، يا ليتَ أَيَّامَ الصبا تكونُ رَوَاجِعَ.

([6])(وَرَاعِ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، (ذا) اسمُ إشارةٍ مفعولٌ به لِرَاعِ، (الترتيبَ) بَدَلٌ، أو عَطْفُ بيانٍ، أو نعتٌ لاسمِ الإشارةِ، (إلاَّ) أداةُ استثناءٍ، (في الذي) جارٌّ ومجرورٌ يَقَعُ مَوْقِعَ المُسْتَثْنَى من محذوفٍ، والتقديرُ: راعِ هذا الترتيبَ في كلِّ تركيبٍ إلا في التركيبِ الذي... إلخ، (كَلَيْتَ) الكافُ جارَّةٌ لمحذوفٍ، وليتَ: حرفُ تَمَنٍّ ونصبٍ، (فيها) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ ليتَ مُقَدَّمٌ على اسمِها، (أو) عاطفةٌ، معناها التخييرُ، (هنا) ظرفُ مكانٍ معطوفٌ على قولِه: (فيها)، (غيرَ) اسمُ (ليتَ) مُؤَخَّرٌ، وغيرَ مضافٌ و(البَذِي) مضافٌ إليه، والمرادُ بالتركيبِ الذي كَلَيْتَ فيها... إلخ: كلُّ تركيبٍ وَقَعَ فيه خبرُ إنَّ ظرفاً أو جارًّا ومجروراً.

([7]) هذا البيتُ مِن شواهدِ سِيبَوَيْهِ الخَمْسِينَ التي لم يَنْسُبُوها إلى قائلٍ معيَّنٍ (انْظُرْ كتابَ سِيبَوَيْهِ 1 / 280).
اللغةُ: (لا تَلْحَنِي) - من بابِ فَتَحَ - أي: لا تَلُمْنِي ولا تَعْذِلْنِي، (جَمٌّ) كثيرٌ عظيمٌ، (بلابِلُهْ)؛ أي: وَسَاوِسُه، وهو جمعُ بَلْبَالٍ، وهو الحزنُ واشتغالُ البالِ.
المعنى: قالَ الأعلَمُ في شرحِ شواهدِ سِيبَوَيْهِ: (يقولُ: لا تَلُمْنِي في حُبِّ هذه المرأةِ؛ فقدْ أُصِيبَ قَلْبِي بها، واسْتَوْلَى عليه حُبُّها؛ فالعَذْلُ لا يَصْرِفُنِي عنها) اهـ.
الإعرابُ: (فلا) ناهيةٌ، (تَلْحَنِي) تَلْحَ: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلا الناهيةِ، وعلامةُ جَزْمِه حذفُ حرفِ العلةِ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه وجوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، والنونُ للوقايةِ، والياءُ مفعولٌ به، (فيها) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بتَلْحَى، (فإنَّ) الفاءُ تعليليَّةٌ، إنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، (بِحُبِّهَا) الجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بقولِهِ: (مُصابُ) الآتي، وحُبِّ مضافٌ، وها: ضميرُ الغائبةِ مضافٌ إليه، (أخاك) أخا: اسمُ إنَّ، وأخا مضافٌ والكافُ مضافٌ إليه، (مُصابُ) خبرُ إنَّ، ومصابُ مضافٌ و(القلبِ) مضافٌ إليه، (جَمٌّ) خبرٌ ثانٍ لإنَّ، (بَلابِلُهْ) بَلابِلُ: فاعلٌ لِجَمٌّ، مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وبلابلُ مضافٌ وضميرُ الغائبِ العائدُ إلى (أخاكَ) مضافٌ إليه، مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ.
الشاهِدُ فيه: تقديمُ معمولِ خبرِ (إنَّ)، وهو قولُه: (بِحُبِّهَا) على اسْمِها، وهو قولُه: (أخاكَ)، وخَبَرِها، وهو قولُه: (مُصابُ القلبِ)، وأصلُ الكلامِ: (إنَّ أخاكَ مصابُ القلبِ بِحُبِّها)، فقَدَّمَ الجارَّ والمجرورَ على الاسمِ، وفَصَلَ به بينَ إنَّ واسْمِها معَ بقاءِ الاسمِ مُقَدَّماً على الخبرِ، وإجازةُ هذا هو ما رآه سِيبَوَيْهِ شيخُ النُّحاةِ (انْظُر الكِتَابَ 1 / 280).


  #3  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

................

  #4  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


إِنَّ وأَخَوَاتُهَا
[عمَلُ "إنَّ" وأخواتِها]:

174 - لِإِنَّ أَنَّ لَيْتَ لَكِنَّ لَعَلْ = كَأَنَّ عَكْسُ مَا لِكَانَ مِنْ عَمَلْ
175 - كَـ "إِنَّ زَيْدًا عَالِمٌ بِأَنِّي = كُفْءٌ وَلَكِنَّ ابْنَهُ ذُو ضِغْنِ"
(لِإِنَّ) و(أَنَّ) و(لَيْتَ) و(لَكِنَّ) و(لَعَلَّ) و(كَأَنَّ عَكْسُ مَا لِكَانَ) الناقصةِ (مِنْ عَمَلْ): فتَنصِبُ المبتدَأَ اسمًا لها وترفعُ الخبرَ خبرًا لهَا.
(كَـ(إِنَّ زَيْدًا عَالِمٌ بِأَنِّي = كُفْءٌ وَلَكِنَّ ابْنَهُ ذُو ضِغْنِ)
أيْ: حقْدٍ، وقِسِ الباقيَ، هذه اللغةُ المشهورةُ وحكى قومٌ – منهمُ ابنُ سِيدَهْ – أنَّ قومًا مِنَ العربِ تنصِبُ بها الجُزْءينِ معًا، مِنْ ذلك قولُهُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
254 - إِذَا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيْلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ = خُطَاكَ خِفَافًا إِنَّ حُرَاسَنَا أُسْدًا
وقولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
255 - يَا لَيْتَ أَيَّامَ الصِّبَا رَوَاجِعَا
وقولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
256 - كَأَنَّ أُذُنَيْهِ إِذَا تَشَوَّفَا = قَادِمَةٌ أًوْ قَلَمًا مُحَرَّفًا
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: لَمْ يَذكُرِ الناظِمُ في تسهِيلِهِ أنَّ المفتوحةَ نَظَرًا إلى كَونِها فرْعَ المكسورةِ وهو صنيع سِيبَوَيْهِ حيثُ قالَ: "هذا بابُ الحروفِ الخمسةِ".
الثانِي: أشارَ بقولِهِ "عَكْسُ مَا لِكَانَ" إلى ما لهذه الأحرفِ مِنَ الشَّبَهِ بـ "كَانَ" في لزومِ المبتدَأِ والخبرِ والاستغناءِ بهما فعَمِلَتْ عملَهَا معكُوسًا ليكونَا معهُنَّ كمفعولٍ قُدِّمَ وفاعلٍ أُخِّرَ، تنبيهًا على الفرعيةِ، ولأنَّ معانيَهَا في الأخبارِ فكانَتْ كالعُمَدِ، والأسماءُ كالفضلاتِ فأُعْطِيَا إعرابَيْهِمَا.
[معانِي "إنَّ" وأخواتِها]:
الثالثُ: معنى "إنَّ" و"أنَّ" التوكيدُ.
و"لكِنَّ" الاستدراكُ والتوكيدُ، وليست مركَّبَةً على الأصحِّ.
وقال الفَرَّاءُ: أصلُها "لكِنْ أنْ" فطُرحتِ الهمزةُ للتخفيفِ ونونُ "لكنْ" للساكنَيْنِ؛ كقولِهِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
257 - وَلَسْتُ بِآتِيهِ وَلَا أَسْتَطِيعُهُ = وَلَاكِ اسْقِنِي إِنْ كَانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ
وقالَ الكُوفِيُّونَ: مُركَّبَةٌ مِن "لَا" و"إنْ" والكافُ الزائدةُ لا التشبيهيَّةُ وحُذفتِ الهمزةُ تخفيفًا.
ومعنَى "لَيْتَ" التمنِّي في الممْكِنِ والمستحيلِ لا في الواجبِ؛ فلا يقالُ: لَيْتَ غَدًا يجيءُ وأمَّا قولُهُ تعالى: {فَتَمَنَّوُا المَوْتَ} معَ إنَّهُ واجبٌ فالمرادُ تمنِّيهِ قبلَ وقتِهِ وهو الأكثرُ.
ولعلَّ: الترجِّي في المحبوبِ نحوُ {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} والإشفاقُ في المكروهِ نحوُ {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} وقدِ اقتصَرَ على هذين في (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، وزادَ في (التَّسْهِيلِ) أنَّهَا تكونُ للتعليلِ والاستفهامِ:
فالتعليلُ نحوُ: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ}.
والاستفهامُ نحوُ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} وَتَابَعَ في الأوَّلِ الأَخْفَشَ وفي الثانِي الكُوفِيِّينَ.
وتَختصُّ لعلَّ بالممكِنِ وليستْ مركَّبَةً على الأصحِّ وفيها عشْرُ لُغاتٍ مشهورةٍ .
و"كَأنَّ": التشبيهُ، وهي مركَّبَةٌ – على الصحيحِ، وقيلَ: بإجماعٍ مِن كافِ التشبِيهِ و"أنْ" فأَصْلُ "كأنَّ زَيْدًا أَسَدٌ". إنَّ زَيْدًا كَأَسَدٍ فقُدِّمَ حرفُ التشبِيهِ اهتمامًا بهِ ففُتِحَتْ همزةُ "أنَّ" لدخولِ الجارِّ.
176 - وَرَاعِ ذَا التَّرْتِيبَ إِلَّا فِي الَّذِي = كَلَيْتَ فِيهَا – أَوْ هُنَا – غَيْرُ البَذِي
(وَرَاعِ ذَا التَّرْتِيبَ): وهو تقديمُ اسمِهَا وتأخيرُ خبرِها وُجُوبًا (إِلَّا فِي) الموضعِ (الَّذي) يكونُ الخبرُ فيهِ ظرفًا أو مَجرورًا (كَلَيْتَ فِيهَا – أَوْ هُنَا – غَيْرُ البَذِي) للتوَسُّعِ في الظروفِ والمجروراتِ، قالَ في (العُمْدَةِ): ويجبُ أنْ يُقدَّرَ العاملُ في الظرفِ بعدَ الاسمِ، كما يقَدَّرُ الخبرُ وهو غيرُ ظرفٍ.
تنبيهانِ: الأوَّلُ: حُكمُ معمولِ خبرِها حكمُ خبرِها؛ فَلا يجوزُ تقديمُهُ إلا إذا كَانَ ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا نحوُ: "إِنَّ عِنْدَكَ زَيْدًا مُقِيمٌ" و"إِنَّ فِيكَ عَمْرًا رَاغِبٌ". ومنهُ قولُهُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
258 - فَلَا تَلْحَنِي فِيهَا فَإِنَّ بِحُبِّهَا = أَخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمٌّ بَلَابِلُهْ
وقدْ صَرَّحَ بهِ في غيرِ هذا الكتابِ ومَنَعَهُ بعضُهُمْ.
الثانِي: مَحَلُّ جوازِ تقديمِ الخبرِ إذا كانَ ظرفًا أو مجرورًا في غيرِ نحوِ: "إِنَّ عِنْدَ زَيْدٍ أَخَاهُ" و"لَيْتَ فِي الدَّارِ صَاحِبُهَا" لِمَا سَلَفَ.

  #5  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


إِنَّ وأَخَوَاتُها
عَمَلُ (إنَّ) وأَخَوَاتِها

173- لإِنَّ أَنَّ لَيْتَ لَكِنَّ لَعَلْ = كَأَنَّ عَكْسُ مَا لِكَانَ مِن عَمَلْ
174- كَإِنَّ زَيداً عالِمٌ بِأَنِّي = كُفْءٌ ولَكِنَّ ابنَهُ ذُو ضِغْنِ
هذا هو القِسْمُ الثاني مِن الحروفِ الناسخةِ للابتداءِ، وهو (إنَّ وأَخَوَاتُها)، وقد ذَكَرَ ابنُ مالِكٍ منها سِتَّةً: وهي إنَّ، وأنَّ، وليتَ، ولكنَّ، ولعَلَّ، وكأنَّ.
وهي تَنْصِبُ المُبْتَدَأَ ويَكونُ اسْماً لها، وتَرفَعُ الخبرَ ويكونُ خَبَراً لها.
ولكلِّ حَرْفٍ منها معنًى خاصٌّ يُغَلَّبُ فيه؛ فالغالِبُ في (إنَّ وأنَّ) التوكيدُ؛ أيْ: تَوكيدُ نِسبةِ الخبَرِ للمُبْتَدَأِ، ورَفْعُ الشكِّ عنها، نحوُ: إنَّ القَناعةَ كَنْزٌ، قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
ومعنى (ليتَ) التَّمَنِّي، وهو طَلَبُ الشيءِ المحبوبِ الذي لا يُرْجَى حُصولُه؛ إمَّا لكونِه مُستحيلاً أو بعيدَ المنالِ: فالأوَّلُ نحوُ: ليتَ الشبابَ يَرْجِعُ، قالَ تعالى: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}، والثاني كقولِ مُنْقَطِعِ الرجاءِ: ليتَ لي مالاً فأَحُجَّ منه، وكقولِه تعالى: {قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}.
ومعنى (لعلَّ): الترَجِّي والإشفاقُ، والترَجِّي طَلَبُ الشيءِ المحبوبِ الذي يُرْجَى حُصولُه، نحوُ: لعلَّ المجاهِدِينَ يَنتصِرونَ، قالَ تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، والإشفاقُ هو تَوَقُّعُ الأمْرِ الْمَخُوفِ، نحوُ: لعلَّ العدُوَّ قادمٌ، قالَ تعالى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}.
ومعنى (لكنَّ) الاستدراكُ، وهو تعقيبُ الكلامِ بنَفْيِ ما يُتَوَهَّمُ ثُبوتُه، نحوُ: الإخوانُ كثيرونَ، ولكنَّ الأوفياءَ قَلِيلُونَ، أو إثباتُ ما يُتَوَهَّمُ نَفْيُه، نحوُ: الكتابُ رَخيصٌ لكنَّ نَفْعَه عظيمٌ.
ومعنى (كأنَّ) التشبيهُ، نحوُ: كأنَّ المعَلِّمِينَ آباءٌ. قالَ تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ}.
قالَ ابنُ مالِكٍ: (لإِنَّ أنَّ.. إلخ)؛ أي: عكْسُ ما ثَبَتَ لِكانَ مِن العملِ ثابِتٌ لإنَّ وأنَّ وليتَ ولكنَّ ولعلَّ وكأنَّ، ثم ذَكَرَ أمْثلةً. وقولُه: (ذُو ضِغْنِ)؛ أيْ: حِقْدٍ.
تقديمُ الخبرِ في هذا البابِ

175- وراعِ ذا الترتيبَ إلاَّ في الذي = كليتَ فيها أو هنا غيرَ الْبَذِي
خبرُ هذه النواسِخِ نوعانِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ مُفْرَداً أو جُملةً، وهذا لا يَجُوزُ تقديمُه على الاسمِ، ولو قُدِّمَ لبَطَلَ عَمَلُها وفَسَدَ الأسلوبُ، مِثالُ المفرَدِ: إنَّ الحياةَ جِهادٌ، ومِثالُ الْجُملةِ: إنَّ الإسلامَ آدابُه عاليةٌ.
الثاني: أنْ يكونَ شِبْهَ جُملةٍ (وهو الظرْفُ والمجرورُ)، وله مِن حيثُ تَقَدُّمُه على الاسمِ ثلاثُ حالاتٍ:
الأُولى: وُجوبُ تقديمِه على الاسمِ إذا وُجِدَ ما يُوجِبُ التقديمَ، نحوُ: إنَّ في الفصْلِ طُلاَّبَهُ، فيَجِبُ تقديمُ الخبرِ (في الفصْلِ)؛ لأنَّ في الاسمِ (طُلابَهُ) ضَميراً يعودُ على بعضِ الخبرِ، فلو أُخِّرَ الخبرُ لعادَ الضميرُ على متأَخِّرٍ لَفْظاً ورُتْبَةً، وهو ممنوعٌ هنا.
ومِن ذلك قولُه تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً}، فيَلْزَمُ تَقَدُّمُ الخبرِ (لَدَيْنَا)؛ لأنَّ الاسمَ نَكِرَةٌ، ولا مُسَوِّغَ له إلاَّ تَقَدُّمُ الخبرِ، وكذا قولُه تعالى: {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً}.
الثانيةُ: وُجوبُ تأخيرِه إذا وُجِدَ مانِعٌ مِن التقديمِ، نحوُ: إنَّ السعادةَ لفِي العَمَلِ الصالحِ، فلا يَجُوزُ تقديمُ الخبرِ هنا؛ لوُجودِ لامِ الابتداءِ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}.
الثالثةُ: جوازُ الوجهينِ فيما عدا ذلك، نحوُ: إنَّ العِزَّ في طاعةِ اللهِ.
وهذا معنى قولِه: (وراعِ ذا الترتيبَ.. إلخ)؛ أيْ: راعِ هذا الترتيبَ المعلومَ مِن الأمثلةِ في البيتِ قبلَه في كلِّ تركيبٍ، إلاَّ في التركيبِ الذي يكونُ فيه الخبرُ ظَرْفاً، نحوُ: ليتَ هنا غيرَ البَذِي. أو مجروراً، نحوُ: ليتَ فيها غيرَ الْبَذِي. فلا يَلْزَمُ مُراعاةُ هذا الترتيبِ.
و(الْبَذِي) هو الفاحِشُ في نُطْقِه.
أمَّا معمولُ الخبرِ فإنْ كانَ غيرَ ظَرْفٍ ولا جارٍّ ومجرورٍ لم يَجُزْ تقديمُه على الاسمِ، نحوُ: إنَّ خالداً مُستعيرٌ كتابَكَ. وإنْ كانَ أحَدَهما فالظاهِرُ الجوازُ؛ للتوَسُّعِ فيهما، نحوُ: لعلَّ جابراً جالسٌ في المسجِدِ، ليتَ طَارِقاً مقيمٌ عِنْدَنا. فيَجوزُ تقديمُ الظرْفِ والمجرورِ على اسمِ الناسخِ، وقد جاءَ عن العرَبِ كما في قولِ الشاعرِ.
فَلاَ تَلْحَنِي فيها فَإِنَّ بِحُبِّها = أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمٌّ بَلاَبِلُهْ
فقَدَّمَ الشاعرُ معمولَ الخبرِ (بحُبِّها)، وهو جارٌّ ومجرورٌ، على الاسمِ (أخاكَ) والخبرِ (مُصابُ القلْبِ).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
إنَّ, وأخواتها

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir