دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الأيمان والنذور

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 محرم 1430هـ/22-01-2009م, 09:45 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي جواز الحلف بأي اسم من أسماء الله تعالى


وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). مُتَّفَقٌ عليهِ. وساقَ التِّرمذيُّ وابنُ حِبَّانَ الأسماءَ، والتحقيقُ أنَّ سَرْدَها إِدْرَاجٌ مِنْ بعضِ الرُّواةِ.

  #2  
قديم 26 محرم 1430هـ/22-01-2009م, 10:22 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


9/1288 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَسَاقَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ الأَسْمَاءَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَرْدَهَا إدْرَاجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا)، وَفِي لَفْظٍ: مَنْ حَفِظَهَا، (دَخَلَ الْجَنَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَسَاقَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ الأَسْمَاءَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَرْدَهَا إدْرَاجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ).
اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَنَّ سَرْدَهَا إدْرَاجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى مُنْحَصِرَةٌ فِي هَذَا الْعَدَدِ؛ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَصْرٌ لَهَا بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: ((مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ.
فَالْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ تَخْتَصُّ بِفَضِيلَةٍ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنَّ إحْصَاءَهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حَصْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ غَيْرَ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعاً: ((أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ)).
فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ تَعَالَى أَسْمَاءً لَمْ يَعْرِفْهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، بَل اسْتَأْثَرَ بِهَا، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ بَعْضُ عِبَادِهِ بَعْضَ أَسْمَائِهِ، وَلَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّها مِن التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ.
وَقَدْ جَزَمَ بِالْحَصْرِ فِيمَا ذُكِرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، فَقَالَ: قَدْ صَحَّ أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى لا تَزِيدُ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ شَيْئاً؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِائَةً إِلاَّ وَاحِداً))، فَنَفَى الزِّيَادَةَ وَأَبْطَلَهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ فِي إحْصَاءِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ اسْماً مُضْطَرِبَةً، لا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلاً، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الْقُرْآنِ، وَمَا صَحَّ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَرَدَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ اسْماً اسْتَخْرَجَهَا مِن الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَالَ الشَّارِحُ تَبَعاً لِكَلامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّلْخِيصِ: إنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَحَداً وَثَمَانِينَ اسْماً، وَالَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي كَلامِ ابْنِ حَزْمٍ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ، وَقَدْ نَقَلْتُ كَلامَهُ. وَتَعْيِينُ الأَسْمَاءِ الْحُسْنَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي هَامِشِ التَّلْخِيصِ. وَاسْتَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ مِن الْقُرْآنِ فَقَطْ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، وَسَرَدَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ.
وَذَكَرَ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ فِي إيثَارِ الْحَقِّ، أَنَّهُ تَتَبَّعَهَا مِن الْقُرْآنِ، فَبَلَغَتْ مِائَةً وَثَلاثَةً وَسَبْعِينَ اسْماً، وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الإِيثَارِ: مِائَةً وَسَبْعَةً وَخَمْسِينَ؛ فَإِنَّا عَدَدْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا كَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلاً، وَعَرَفْتَ مِنْ كَلامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ سَرْدَ الأَسْمَاءِ الْحُسْنَى الْمَعْرُوفَةَ مُدْرَجٌ عِنْد الْمُحَقِّقِينَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى أَنَّ عَدَّهَا مَرْفُوعٌ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلامَ الْعُلَمَاءِ فِي ذِكْرِ عَدِّ الأَسْمَاءِ وَالاخْتِلافِ فِيهَا مَا لَفْظُهُ: وَرِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ هِيَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلى الصِّحَّةِ، وَعَلَيْهَا عَوَّلَ غَالِبُ مَنْ شَرَحَ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى. ثُمَّ سَرَدَهَا عَلَى رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَذَكَرَ اخْتِلافاً فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا، وَتَبْدِيلاً فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ لِلَفْظٍ بِلَفْظِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:


الْقِسْمُ الأَوَّلُ: الاسْمُ الْعَلَمُ، وَهُوَ اللَّهُ.
وَالثَّانِي: مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ لِلذَّاتِ؛ كَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ.
وَالثَّالِثُ: مَا يَدُلُّ عَلَى إضَافَةِ أَمْرٍ إلَيْهِ؛ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ.
وَالرَّابِعُ: مَا يَدُلُّ عَلَى سَلْبِ شَيْءٍ عَنْهُ؛ كَالْعَلِيِّ وَالْقُدُّوسِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضاً: هَلْ هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَقَّ مِن الأَفْعَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ تَعَالَى اسْماً، بَلْ لا يُطْلَقُ عَلَيْهِ إلاَّ مَا وَرَدَ بِهِ نَصُّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ فَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ.
وَقَالَت الْمُعْتَزِلَةُ وَالْكَرَّامِيَّةُ: إذَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى اللَّفْظِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ إطْلاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْغَزَالِيُّ: الأَسْمَاءُ تَوْقِيفِيَّةٌ دُونَ الصِّفَاتِ، كما قَالَ الْغَزَالِيُّ: كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمٍ لَمْ يُسَمِّهِ بِهِ أَبُوهُ وَلا أُمُّهُ، وَلا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، كَذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ تَعَالَى اسْمٌ أَوْ صِفَةٌ تُوهِمُ نَقْصاً، فَلا يُقَالُ: مَاهِدٌ، وَلا زَارِعٌ، وَلا فَالِقٌ، وَإِنْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}، {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}، {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}، وَلا يُقَالُ: مَاكِرٌ، وَلا بَنَّاءٌ، وَإِنْ وَرَدَ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا}.
وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الأَسْمَاءُ تُؤْخَذُ تَوْقِيفاً مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، فَكُلُّ اسْمٍ وَرَدَ فِيهَا وَجَبَ إطْلاقُهُ فِي وَصْفِهِ، وَمَا لَمْ يَرِدْ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ صَحَّ مَعْنَاهُ.
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْبَحْثَ فِي كِتَابِنَا إيقَاظِ الْفِكْرَةِ.
وَقَوْلُهُ: ((مَنْ أَحْصَاهَا)) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الإِحْصَاءِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِن الْمُحَقِّقِينَ: مَعْنَاهُ حَفِظَهَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ فَإِنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلأُخْرَى.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ وُجُوهاً:
أَحَدُهَا: أَنْ يَعُدَّهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، بِمَعْنَى أَنْ لا يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهَا، فَيَدْعُوَ اللَّهَ تعالى بِهَا كُلِّهَا، وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا، فَيَسْتَوْجِبَ الْمَوْعُودَ عَلَيْهِ مِن الثَّوَابِ.
وَثَانِيهَا: مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ بِحَقِّ هَذِهِ الأَسْمَاءِ، وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهَا، وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَانِيَهَا، فَيُلْزِمَ نَفْسَهُ بِمُوجِبِهَا، فَإِذَا قَالَ: الرَّزَّاقُ، وَثِقَ بِالرِّزْقِ، وَكَذَا سَائِرُ الأَسْمَاءِ.
وثَالِثُهَا: الإِحَاطَةُ بِمَعَانِيهَا.
وَقِيلَ: ((أَحْصَاهَا)): عَمِلَ بِهَا، فَإِذَا قَالَ: الْحَكِيمُ، سَلَّمَ لِجَمِيعِ أَوَامِرِهِ؛ لأَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى الْحِكْمَةِ، وَإِذَا قَالَ: الْقُدُّوسُ، اسْتَحْضَرَ كَوْنَهُ مُقَدَّساً مُنَزَّهاً عَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ، ومُنَزَّهاً عَنِ الظُّلْمِ، وعَن الرِّضَا بالقَبَائِحِ وسَائِرِ المَعَاصِي، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هو أَنَّ مَا كَانَ يَسُوغُ الاقْتِدَاءُ بِهِ فيها؛ كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ، فَيُمَرِّنُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَصِحَّ لَهُ الاتِّصَافُ بِهَا، وَمَا كَانَ يَخْتَصُّ بِهِ نَفْسَهُ؛ كَالْجَبَّارِ وَالْعَظِيمِ، فَعَلَى الْعَبْدِ الإِقْرَارُ بِهَا، وَالْخُضُوعُ لَهَا، وَعَدَمُ التَّحَلِّي بِصِفَةٍ مِنْهَا، وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعْدِ يَقِفُ فِيهِ عِنْدَ الطَّمَعِ وَالرَّغْبَةِ، وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعِيدِ يَقِفُ مِنْهُ عِنْدَ الْخَشْيَةِ وَالرَّهْبَةِ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ حِفْظَهَا لَفْظاً مِنْ دُونِ اتِّصَافٍ كَحِفْظِ الْقُرْآنِ مِنْ دُونِ عَمَلٍ، لا يَنْفَعُ كَمَا جَاءَ: ((يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ))، وَلَكِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لا يَمْنَعُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ قَرَأَهَا سَرْداً، وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّساً بِمَعْصِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَقَامَ الْكَمَالِ الَّذِي لا يَقُومُ بِهِ إلاَّ أَفْرَادٌ مِن الرِّجَالِ. وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ لا تَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ تَرَكْنَاهَا.
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَتِمُّ أَنَّ الْمُرَادَ: ((مَنْ حَفِظَهَا)) عَلَى مَا هُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ وَلَمْ يَأْتِ بِعَدَدِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ؟
قُلْتُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ مَنْ حَفِظَ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْجُودُ فِيهِمَا أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، فَقَدْ حَفِظَ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي ضِمْنِهَا، فَيَكُون حَثًّا عَلَى تَطَلُّبِهَا مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَحِفْظِهَا.

  #3  
قديم 26 محرم 1430هـ/22-01-2009م, 10:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1192- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً،مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَسَاقَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ الأَسْمَاءَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَرْدَهَا إِدْرَاجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.

*درجةُ الحديثِ:
الحديثُ في الصحيحيْنِ، وزيادةُ التِّرْمِذِيِّ مُدْرَجَةٌ.
قالَ ابنُ حِبَّانَ: إِنَّ زِيَادَةَ التِّرْمِذِيِّ مُدْرَجَةٌ، وبهذا قالَ كلٌّ مِن ابنِ حَزْمٍ، وأبي بَكْرِ بنِ العَرَبِيِّ، وابنِ عَطِيَّةَ، وابنِ تَيْمِيَّةَ، وابنِ القَيِّمِ، وابنِ حَجَرٍ، وغيرِهم.
قالَ الصَّنْعَانِيُّ: اتَّفَقَ الحُفَّاظُ مِن أَئِمَّةِ الحديثِ أنَّ سَرْدَهَا إدراجٌ مِن بعضِ الرُّوَاةِ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- ساقَ المؤلِّفُ –رَحِمَه اللَّهُ تعالى - هذا الحديثَ لبيانِ أسماءِ اللَّهِ الحُسنَى التي يَجُوزُ الحَلِفُ بها، ويَجُوزُ القَسَمُ بأيِّ واحدٍ منها، وانْعِقَادُه بها.
قالَ فُقَهَاؤُنا: فاليَمينُ التي تَجِبُ بها الكفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فيها هي اليمينُ باللَّهِ تعالى، والرحمنِ الرحيمِ، أو بِصفةٍ مِن صفاتِه تعالى؛ كوجهِ اللَّهِ تعالى، وعَظَمَتِه، وجَلاَلِه، وعِزَّتِه.
قالَ الوزيرُ وغيرُه: اتَّفَقُوا على أنَّ اليمينَ باللَّهِ تعالى مُنْعَقِدَةٌ بأسماءِ اللَّهِ الحسنَى؛ كالرحمنِ، والرحيمِ، والحيِّ، وغيرِها.
2- الحَلِفُ بغيرِ اللَّهِ تعالى وصِفاتِه مُحَرَّمٌ؛ لقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَ حَالِفاً، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (6108) ومُسْلِمٌ (1646).
قالَ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأَنْ أَحْلِفَ باللَّهِ كاذِباً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بغيرِه صَادِقاً.
قالَ شيخُ الإسلامِ: لأنَّ حَسَنَةَ التوحيدِ أعظمُ من حسنةِ الصدْقِ، وسيِّئَةَ الكَذِبِ أَسْهَلُ مِن سيِّئةِ الشِّرْكِ.
3- جاءَتْ أسماءُ اللَّهِتعالى التسعةُ والتسعونَ في سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ، وفي صحيحِ ابنِ حِبَّانَ، ولَكِنِ اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ والحُفَّاظُ على أنَّ سَرْدَها ليسَ مرفوعاً إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما هو مُدْرَجٌ مِن بعضِ الرُّواةِ.
قالَ شيخُ الإسلامِ: اتَّفَقَ أهلُ المعرفةِ بالحديثِ أنَّ تَعْيِينَها ليسَ مِن كلامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قالَ أبو الوفاءِ مُحَمَّدٌ دَرْوِيشٌ: وأسماءُ اللَّهِ تعالى كثيرةٌ، مِنها ما نَزَّلَه في كُتُبِهِ وعَلَّمَه رُسُلَه وأنبياءَه، ومنها ما اسْتَأْثَرَ بعلمِه؛ لأنَّ عقولَ البشَرِ أَعْجَزُ مِن أنْ تُدْرِكَ معناه، أو تُحِيطَ بمَكْنُونِ أسرارِه، ويَدُلُّ على هذا ما رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ (3704) عن ابنِ مَسْعُودٍ،عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ)).
قالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ العلماءُ على أنَّ الحديثَ ليسَ فيه حَصْرٌ لأسمائِه تعالى، وليسَ معناه أنه ليسَ له تعالى أسماءٌ غيرُ هذه التسعةِ والتسعينَ، وإنما المقصودُ منه أنَّ هذه التسعةَ والتسعينَ اسماً، مَن أَحْصَاهَا دَخَلَ الجنَّةَ.
4- قولُه: ((مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). المرادُ بإحصائِها هو حِفْظُها، والإيمانُ بها، وبمُقْتَضَاها، والعَمَلُ بمدلولاتِها.
5- قالَ ابنُ بَطَّالٍ: طُرُقُ العملِ بها: أنَّ ما كانَ يَسُوغُ الاقتداءُ به كالرحيمِ والكريمِ، فيُمَرِّنُ العبدُ نفسَه على أنه يَصِحُّ له الاتِّصافُ بالرحمةِ والكَرَمِ اللائقةِ به، وما كانَ يَخْتَصُّ باللَّهِ جَلَّ وعَلاَ كالجبَّارِ والعظيمِ، فعلى العبدِ الإقرارُ بها، والخُضُوعُ لها، وعَدَمُ التحلِّي بصفةٍ منها، وما كانَ فيه معنَى الوَعْدِ يَقِفُ فيه عندَ الطمَعِ والرغبةِ، وما كانَ فيه الوَعِيدُ يَقِفُ منه عندَ الخَشْيَةِ والرَّهْبَةِ.
ويُؤَكِّدُ هذا أنَّ حِفْظَها لَفْظاً مِن دُونِ عَمَلٍ واتِّصافٍ، كحِفْظِ القرآنِ من دونِ عَمَلٍ؛ كما جاءَ في الحديثِ: ((يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (3166) ومُسْلِمٌ (1063).
6- وهذه الأسماءُ لَمَّا لم يَصِحَّ تَعْيِينُها وعَدَدُها عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقدِ اخْتَلَفَ العلماءُ فيها اختلافاً كبيراً.
وبعضُهم تَتَبَّعَها مِن الكتابِ والسنَّةِ، ومنهم الشيخُ أبو الوفاءِ مُحَمَّدٌ درويشٌ في كتابِه (الأسماءِ الحسنَى).
7- قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ رَحِمَه اللَّهُ تعالى في (توحيدِ الأنبياءِ والمرسَلِين): وأتباعُهم يَعْتَرِفُونَ، ويَتَّبِعُون كلَّ صفةٍ للرحمنِ وَرَدَتْ في الكُتُبِ الإلهيَّةِ، وثَبَتَتْ في النصوصِ النبويَّةِ، يَعْرِفُون معناها ويَعْقِلُونَهَا بقُلُوبِهم، ويَتَعَبَّدُون اللَّهَ تعالى بعِلْمِها واعْتِقَادِها، ويَعْمَلُونَ بما تَقْتَضِيه، وذلك مِن الأحوالِ القلبيَّةِ، والمعارِفِ الربانيَّةِ.
- فأوصافُ العَظَمَةِ، والكِبرياءِ، والمَجْدِ، والجَلالِ، تَمْلأُ قُلُوبَهُم هَيْبَةً للهِ وتعظيماً له.
- وأوصافُ العِزِّ، والقُدْرَةِ، والجَبَرُوتِ، تَخْضَعُ لها القلوبُ، وتَذِلُّ بينَ يَدَيْ رَبِّها.
- وأوصافُ الرحمةِ، والبِرِّ، والجُودِ، والكَرَمِ، تَمْلأُ قلوبَهم رَغْبَةً وطَمَعاً فيه، وفي فَضْلِه، وإحسانِه، وجُودِه.
- وأوصافُ العِلْمِ، والإحاطةِ، تُوجِبُ لهم المراقبةَ في جميعِ الحركاتِ والسَّكَنَاتِ.
وبِعلم هذه المعاني الجليلةِ، وتحقِيقِها؛ يُرْجَى للعبدِ أنْ يَدْخُلَ في قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعاً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). فإحصاؤُها: فَهْمُها، وعَقْلُها، والاعترافُ بها، والتعبُّدُ لِلَّهِ تعالى بها.
*فوائدُ:
الأُولَى: أهلُ السنَّةِ أَثْبَتُوا كلَّ ما جاءَ به الكتابُ والسنَّةُ من صفاتِ اللَّهِ تعالى، لا فَرْقَ عندَهم بينَ صفاتِ الذاتِ وصفاتِ الأفعالِ المتعلِّقَةِ بمشيئةِ اللَّهِ تعالى.
فكلُّها قائِمَةٌ باللَّهِ، واللَّهُ تعالى موصوفٌ بها، مِن غيرِ تَحْرِيفٍ ولا تَعْطِيلٍ، ومِن غيرِ تَكْيِيفٍ ولا تَمْثِيلٍ، وإنما أَثْبَتُوا حقيقةَ الصفةِ على الوجهِ الذي يَلِيقُ بجلالِ اللَّهِ تعالى، وأمَّا كيفِيَّةُ الصفةِ: ففَوَّضُوا عِلْمَها إلى اللَّهِ تعالى، وبهذا سَلِمُوا مِن تَعْطِيلِ صفاتِ اللَّهِ تعالى، وسَلِمُوا مِن تَشْبِيهِ اللَّهِ بخَلْقِه، حيثُ تَوَرَّطَ فيهما طائفتانِ ضالَّتَانِممَّن أَسْرَفُوا في النفيِ، أو في الإثباتِ.
فإثباتُ صفاتِ اللَّهِ تعالى إثباتاً يَلِيقُ بجلالِه، وتفويضُ علمِ كيفيَّةِ الصفةِ إلى اللَّهِ تعالى: قاعِدَةٌ مهمَّةٌ اعْتَمَدَها السَّلَفُ الصالحُ في فَهْمِ صفاتِ اللَّهِ، فأَغْنَتْهُم عن تأويلِ آياتِ الصفاتِ وأحاديثِها، كما عَصَمَتْهُم مِن أنْ يَفْهَمُوا مِن الكتابِ والسنَّةِ مُسْتَحِيلاً على اللَّهِ تعالى مِن تَشْبِيهِه بخَلْقِه؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
الثانيةُ: التحريفُ تَغْيِيرُ النصِّ لَفْظاً، أو معنًى، فالتغييرُ اللفظيُّ: يَتَغَيَّرُ معَه المعنَى، وأمَّا التغييرُ المعنويُّ: فهو صَرْفُ اللفظِ عن ظاهرِه بلا دليلٍ.
وأمَّا التعطيلُ فمعناه إنكارُ جميعِ صفاتِ اللَّهِ تعالى، أو إنكارُ بعضِها.
وأمَّا التمثيلُ: فهو إثباتُ مَثِيلٍ له ممَّا يَقْتَضِي المُمَاثَلَةَ والمساواةَ.
وأمَّا التَّكْيِيفُ: فهو تَكْيِيفُ صفاتِ اللَّهِ تعالى بأنْ يَحْكِيَ للصفةِ كيفيَّةً مطلَقَةً.
وأمَّا التشبيهُ: فهو أنْ يَجْعَلَ لصفةِ اللَّهِ شَبَهاً مقيَّداً بصفةِ خَلْقِه.
الثالثةُ: كما يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ تعالى في ذاتِه وصفاتِه عن جميعِ النقائصِ والعُيُوبِ، فإنَّه أيضاًً يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ في أسمائِهِ تعالى عنها.
الرابعةُ: أسماءُ اللَّهِ تعالى وصِفاتُه تَوْقِيفِيَّةٌ، فلا يَصِحُّ أنْ يُسَمَّى اللَّهُ تعالى، أو يُوصَفَ إلاَّ بما سَمَّى به نفسَه، أو وَصَفَ به نفسَه أو سَمَّاه به أو وَصَفَه نبيُّه ورسولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ممَّا جاءَ في كتابِه، أو على لِسانِ رسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الخامسةُ: أسماءُ اللَّهِ الحُسْنَى يَدُلُّ الاسمُ منها على ثلاثةِ أمورٍ:
أحدُها: دَلالتُه على ذاتِ اللَّهِ تعالى.
الثاني: دَلالتُه على صِفَةِ اللَّهِ تعالى.
الثالثُ: دَلالتُه على صِفاتٍ أُخْرَى بطريقِ الالتزامِ.
فإنْ دَلَّ الاسمُ على الذاتِ وَحْدَها، أو دَلَّ على الصفةِ وَحْدَها، فهي دَلالةُ تضمُّنٍ؛ لأنَّ المعنَى المرادَ بعضُ اللفظِ، وداخِلٌ ضِمْنَه.
وأمَّا إنْ أُرِيدَ بدَلالتِه الذاتُ والصفةُ معاً، فهي دَلالةُ مطابقةٍ؛ لأنَّ اللفظَ طابَقَ معناه بالكاملِ.
مثالُ ذلك: (الرحمنُ):
فإنَّه يَدُلُّ على الذاتِ وَحْدَها، وعلى الرحمةِ وَحْدَها، فدَلالتُه على واحدٍ مِنهما دَلالةُ تضمُّنٍ.
أمَّا دَلالتُه على الذاتِ والرحمةِ معاً، فهي دَلالةُ مطابقَةٍ؛ لأنَّ اللفظَ طَابَقَ معناه.
أمَّا دَلالةُ الالتزامِ: فإنَّ الذاتَ المتَّصِفَةَ بالرحمةِ يَلْزَمُ لها الحياةُ والعِلْمُ؛ فدَلالتُه على هاتيْنِ الصفتيْنِ دَلالةُ الْتِزَامٍ.
والمتأمِّلُ للمعانِي وما يَلْزَمُ لها يَسْتَفِيدُ عِلْماً كثيراً تَحَصَّلَ له مِن الدليلِ الواحدِ.
السادسةُ: أنَّ أسماءَ اللَّهِ تعالى تَدُلُّ على الذاتِ وعلى الصفةِ، كما تَقَدَّمَ، والوصفُ الذي يَدُلُّ عليه الاسمُ نوعانِ: مُتَعَدٍّ وغيرُ مُتَعَدٍّ، فإنْ كانَ مُتَعَدِّياً فهو يَتَضَمَّنُ أمريْنِ:
أحدَهما: ثُبُوتُ الصفةِ.
الثانِيَ: ثُبُوتُ حُكْمِها.
مثالُ ذلك: (الحَكِيمُ):
فهو يَدُلُّ على ثُبُوتِ الحِكْمَةِ مِن اللهِ تَعالى.
ويَدُلُّ على حُكْمِها ومُقْتَضَاها؛ وذلك بأنَّ أفعالَ اللَّهِ وتدابيرَه قائمةٌ كلُّها على الحِكْمَةِ الرَّشِيدَةِ، وذلك بوضعِ الأمورِ في مواضِعِها المناسبةِ لها واللائقةِ بها.
أمَّا صِفةُ الاسمِ التي لا تَتَعَدَّى، فإنَّها تَدُلُّ على مُجَرَّدِ ثُبُوتِ الصفةِ للهِ تعالى، بدونِ تَعْدِيَةٍ إلى حُكْمٍ ومُقْتَضًى؛ كصفةِ الحياةِ.


فَصْلٌ
حولَ أسماءِ اللَّهِ تعالى وصِفَاتِه
مِن كتابَِدَائِعِ الفوائِدِ) لابنِ القَيِّمِ
رَحِمَه اللَّهُ تعالَى
وقد يكونُ في بعضِ فِقَرَاتِه تَكرارٌ معَ ما تَقَدَّمَ:
أوَّلاً: ما يَجْرِي صِفَةً أو خبراً على الربِّ تَبَارَكَ وتعالى أقسامٌ:
أحدُها: ما يَرْجِعُ إلى نفسِ الذاتِ؛ كقولِكَ: ذاتٌ، وموجودٌ، وشيءٌ.
الثاني: ما يَرْجِعُ إلى صفاتٍ معنويَّةٍ؛ كالعليمِ، والقَديرِ، والسميعِ.
الثالثُ: ما يَرْجِعُ إلى أفعالِه؛ كالخالِقِ، والرازِقِ.
الرابِعُ: ما يَرْجِعُ إلى التنزيهِ المَحْضِ؛ كالقُدُّوسِ، والسلامِ، ولابُدَّ في هذا مِن تَضَمُّنِهِ ثُبُوتاً؛ إذ لا كمالَ في العَدَمِ المَحْضِ.
الخامِسُ: الاسمُ الدالُّ على جُمْلَةِ أوصافٍ عديدةٍ؛ نحوُ المَجِيدِ، والعظيمِ، والصَّمَدِ:
فإنَّ المَجِيدَ: هو مَنِ اتَّصَفَ بصفاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِن صفاتِ الكمالِ، ولفظُه يَدُلُّ على هذا.
ومِثْلُه العظيمُ: فهو مَنِ اتَّصَفَ بصفاتٍ كثيرةٍ مِن صفاتِ الكمالِ.
وكذلك الصَّمَدُ: فإنَّه الذي كَمُلَ في سُؤْدَدِهِ، فهو الذي يَصْمُدُ إليه الناسُ في حوائجِهم وأمورِهم.
ثانياً: ما يَدْخُلُ في بابِ الإخبارِ عنه تعالى أَوْسَعُ مِمَّا يَدْخُلُ في بابِ أسمائِه وصفاتِه؛ كالشيءِ، والموجودِ، والقائمِ بنفسِه؛ فإنَّه يُخْبَرُ به عنه، ولكنَّه لا يَدْخُلُ في أسمائِه الحُسنَى، وصفاتِه العُلَى.
ثالثاً: لا يَلْزَمُ من الإخبارِ عنه بالفعلِ مقيَّداً أنْ يُشْتَقَّ منه اسمٌ مطلَقٌ؛ كما غَلِطَ فيه بعضُ المتأخِّرينَ، فجَعَلَ من أسمائِه الحُسْنَى (المُضِلَّ)، (والفاتِنَ)، (الماكِرَ)، تعالى اللَّهُ عن قولِه؛ فإنَّ هذه الأسماءَ لم يُطْلَقْ عليه سُبْحَانَهُ منها إلاَّ أفعالٌ مخصوصةٌ معيَّنَةٌ؛ فلا يَجُوزُ أنْ يُسَمَّى بأسمائِها المطلقةِ.
رابعاً: أنَّ الاسمَ من أسمائِه له دَلالاتٌ:
(أ) دَلالةٌ على الذاتِ والصفةِ؛ فهذه المُطابَقةُ.
(ب) ودَلالةٌ على أحدِهما؛ فهي بالتضمُّنِ.
(ج) ودَلالةٌ على الصفةِ الأخرَى؛ فهي باللُّزُومِ.
خامساً: أسماءُ اللَّهِ تعالى الحُسْنَى هي أعلامٌ، وأوصافٌ، والوصفُ بها لا يُنافِي العَلَمِيَّةَ.
سادساً: أسماؤُه الحسنَى لها اعتبارانِ: اعتبارٌ مِن حيثُ الذاتُ، واعتبارٌ مِن حيثُ الصفاتُ، فهي بالاعتبارِ الأوَّلِ مترادِفةٌ، وبالاعتبارِ الثاني متبايِنَةٌ.
سابعاً: أنَّ ما يُطْلَقُ عليه تعالى من بابِ الأسماءِ والصفاتِ فهو تَوْقِيفِيٌّ.
وما يُطْلَقُ عليه من الأخبارِ لا يَجِبُ أنْ يكونَ توقِيفِيًّا، كالقديمِ، والشيءِ، والموجودِ، والقائمِ بنفسِه.
ثامناً: أنَّ الاسمَ إذا أُطْلِقَ عليه؛ فإنَّه يَجُوزُ أنْ يُشْتَقَّ منه المصدرُ، والفعلُ، فيُخْبَرُ عنه به فعلاً، أو مَصدراً؛ نحوَ السميعِ، والبصيرِ، والقديرِ، يُطْلَقُ عليه السمْعُ، والبَصَرُ، والقُدْرَةُ، ويُخْبَرُ عنه بالأفعالِ مِن نحوِ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} [المجادلة:1] و{فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات:23].
تاسعاً: أسماؤُه تعالى كلُّها حُسْنَى،ليسَ فيها اسمٌ غيرُ ذلكَ أصلاً؛ فإنَّ مِن أسمائِه ما يُطْلَقُ عليه باعتبارِ الفِعْلِ؛ نحوَ الخالِقِ، والرازِقِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ أفعالَه كلَّها خيرٌ مَحْضٌ، لا شَرَّ فيها؛ لأنَّه لو فَعَلَ الشرَّ لاشْتُقَّ منه اسمٌ، ولم تَكُنْ كُلُّها حُسنَى، فالشرُّ ليس إليه، فلا يُضافُ إليه، لا فِعلاً، ولا وَصْفاً، وإنما يَدْخُلُ في مفعولاتِه، وفَرْقٌ بينَ الفعلِ والمفعولِ، فالشرُّ قائمٌ بمفعولِه المبايِنِ له، لا بفِعْلِه الذي هو فِعْلُه.
فتَأَمَّلْ هذا؛فإنَّه قد خَفِيَ على كثيرٍ من المتكلِّمينَ، وزَلَّتْ فيه أقدامٌ، وضَلَّتْ فيه أفهامٌ، وهَدَى اللَّهُ أهلَ الحقِّ لِمَا اخْتَلَفُوا فيه بإذنِه، واللَّهُ يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُستقيمٍ.
عاشِراً: أسماءُ اللَّهِ الحُسنَى لا تَدْخُلُ تحتَ حَصْرٍ، ولا تُحَدُّ بعددٍ؛ فإنَّ لِلَّهِ تعالى أسماءً وصِفاتٍ اسْتَأْثَرَ بها في عِلْمِ الغَيْبِ عندَه، لا يَعْلَمُها مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ كما في الحديثِ الصحيحِ: ((أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ)). رَوَاهُ أحمدُ (3704). أي: انْفَرَدْتَ بعِلْمِه.
ومِن هذا قولُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديثِ الشفاعةِ: ((فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ بِمَا لاَ أُحْسِنُهُ الآنَ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (4435) ومُسْلِمٌ (194).
ومنه قولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (486).
حاديَ عَشَرَ: أنَّ أسماءَ اللَّهِ تعالى مِنها: ما يُطْلَقُ عليه مُفْرَداً، ويكونُ أيضاًً مُقْتَرِناً بغيرِها، وهذا هو غالِبُ الأسماءِ، كالقديرِ، والسميعِ، والبصيرِ، والعزيزِ، والحكيمِ، فهذا يَسُوغُ أنْ يُدْعَى به مُفرداً أو مُقترِناً بغيرِه.
ومِنها: مالا يُطْلَقُ عليه بمفردِه، بل مَقْرُوناً بمقابِلِه؛ كالمانِعِ، والضارِّ، والمُنْتَقِمِ، فهذا لا يَجُوزُ أنْ يُفْرَدَ عن مقابلِهِ، فتقولَ: المُعْطِي المانِعُ، الضارُّ النافعُ، المُنْتَقِمُ العَفُوُّ، المُعِزُّ المُذِلُّ؛ لأنَّ الكمالَ في اقترانِ كلِّ اسمٍ من هذه بما يُقابِلُه؛ لأنَّه يُرادُ به أنه المنفرِدُ بالربوبيَّةِ، وتَدبيرِ الخَلْقِ، والتصرُّفِ فيهم عَطاءً ومَنعاً، ونَفعاً وضَرًّا، وعَفْواً وانتقاماً، وأمَّا أنْ يُثْنَى عليه بمجرَّدِ المنعِ والانتقامِ فلا يَسُوغُ، فهذه الأسماءُ المزدوجةُ تَجْرِي الأسماءُ منها مَجْرَى الاسمِ الواحدِ، وإنْ تَعَدَّدَتْ لم تُطْلَقْ إلاَّ مُقْتَرِنَةً.
ثانيَ عَشَرَ: أنَّ مِن أسمائِه تعالى الحُسْنَى ما يكونُ دالاًّ على عِدَّةِ صِفاتٍ، ويكونُ الاسمُ مُتناوِلاً لجميعِها؛ كالعظيمِ، والمَجِيدِ، والصَّمَدِ.
فالعظيمُ: الذي قد كَمُلَ في عَظَمَتِه، والصَّمَدُ: الذي كَمُلَ في سُؤْدَدِهِ، وهذا ممَّا يَخْفَى على كثيرٍ ممَّن تَعاطَى الكلامَ في تفسيرِ الأسماءِ الحُسنَى، ففَسَّرَ الاسمَ بدونِ معناه الكاملِ، ونَقَّصَه من حيثُ لا يَعْلَمُ.
فمَن لم يُحِطْ بهذا علماً، بَخَسَ الاسمَ الأعظمَ حَقَّه، وهَضَمَه معناه. فتَدَبَّرْه.
ثالثَ عَشَرَ: إحصاءُ الأسماءِ الحسنَى والعِلْمُ بها أصلٌ للعِلْمِ بكلِّ معلومٍ؛ فإنَّ المعلوماتِ إمَّا أنْ تكونَ خَلْقاً له، أو أَمْراً، فهي إمَّا علمٌ بما كَوَّنَه، أو عِلْمٌ بما شَرَعَه، فالخَلْقُ والأمرُ مرتبطانِ بالأسماءِ الحسنَى ارتباطَ المُقْتَضَى بمُقْتَضِيه؛ لذا صارَ العِلْمُ بها أصلاً لسائرِ العلومِ، فمَن أَحْصَى أسماءَه كما يَنْبَغِي فقد أَحْصَى جميعَ العلومِ؛ لأنَّ المعلوماتِ هي مُقْتَضَاها، ومُرْتَبِطَةٌ بها، وتَأَمَّلْ صُدُورَ الخَلْقِ والأمرِ عن عِلْمِه وحِكْمَتِه تعالى؛ فإنَّكَ لا تَجِدُ فيها خَلَلاً ولا تَفَاوُتاً؛ لأنَّ الخَلَلَ الواقِعَ فيما يَأْمُرُ به العبدُ، أو يَفْعَلُه؛ إمَّا أنْ يكونَ لجهلِه به، أو لعدمِ حِكْمَتِه.
وأمَّا الربُّ فهو العليمُ الحكيمُ، فلا يَلْحَقُ فِعْلَه ولا أَمْرَه خَلَلٌ ولا تَفَاوُتٌ.
رابعَ عَشَرَ: وهي الجامعةُ لمَا تَقَدَّمَ.
وذلك مَعْرِفَةُ الإلحادِ في أسماءِ اللَّهِ تعالى حتَّى لا يَقَعَ المسلِمُ فيه؛ قالَ تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180].
والإلحادُ في أسمائِه: هو العُدُولُ بها، وبحقائِقِها وَمَعَانِيهَا عن الحقِّ الثابتِ لها، وهو مأخوذٌ مِنَ المَيْلِ؛ كما يَدُلُّ عليه مادَّتُه.
والإلحادُ في أسمائِه تعالى أنواعٌ:
أحدُها: أنْ تُسَمَّى الأصنامُ بها؛ كتَسْمِيَتِهم اللاتَ مِن اللَّهِ، والعُزَّى مِن العَزيزِ.
الثاني: نِسْبَتُه تعالى إلى ما لا يَلِيقُ بجلالِه؛ كنسبةِ النصارَى له ابْناً، ونِسْبَةِ الفلاسفةِ له مُوجباً بذاتِه، أو عِلَّةً فاعِلَةً بالطبْعِ.
الثالثُ: وَصْفُه بما يتعالَى عنه ويَتَقَدَّسُ من النقائصِ؛ كقولِ أخبثِ اليهودِ: إنه فقيرٌ، وقولِهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 65].
الرابِعُ: تَعْطِيلُ الأسماءِ عن مَعَانِيهَا، وجَحْدُ حَقائِقِها؛ كقَوْلِ الجَهْمِيَّةِ وأتباعِهم: إنها ألفاظٌ مُجَرَّدَةٌ، لا تَتَضَمَّنُ صِفاتٍ، ولا معانِيَ، فيقولون: هو السميعُ والبصيرُ، ولا سَمْعَ ولا بَصَرَ. وهذا مِن أَعْظَمِ الإلحادِ عقلاً وشرعاً.
فكلُّ مَن جَحَدَ شيئاً ممَّا وَصَفَ اللَّهُبه نفسَه، أو وَصَفَه به رسولُه، فقدْ أَلْحَدَ في ذلك.
الخامِسُ: تَشْبِيهُ صفاتِه بصفاتِ خَلْقِه؛ فهذا الإلحادُ في مقابَلَةِ إلحادِ المُعَطِّلَةِ؛ فإنَّ أولئِكَ نَفَوْا صفاتِ كمالِه، وهؤلاء شَبَّهُوها بصفاتِ خَلْقِه، فجَمَعَهُمُ الإلحادُ، وتَفَرَّقَتْ بهم طُرُقُه، وبَرَّأَ اللَّهُ أَتْبَاعَ رسولِه عن ذلك، فلم يَصِفُوه إلاَّ بما وَصَفَ به نفسَه، ولم يَجْحَدُوا صِفاتِه، ولم يُشَبِّهُوهَا بصفاتِ خَلْقِه، فكانَ إثباتُهم بريئاً من التشبيهِ، وتَنْزِيهُهم خالياً مِن التَّعْطِيلِ.
وبَعْدُ: فهذه قواعدُ عليكَ بمَعْرِفَتِها ومُرَاعَاتِها، ثُمَّ اشْرَحِ الأسماءَ الحُسْنَى إنْ وَجَدْتَ قلباً عاقِلاً، وإلاَّ فالسكوتُ أَوْلَى بِكَ، فجَنَابُ الربوبيَّةِ أَجَلُّ مما يَخْطِرُ بالبالِ، أو يُعَبِّرُ عنه المَقالُ، واللَّهُ أعلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحلف, جواز

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir