أقسامُ العَلَمِ:
1- باعتبارِ وَضْعِه:
74- واسْماً أَتَى وكُنيةً ولَقَبَا = وأَخِّرَنْ ذا إنْ سِواهُ صَحِبَا
للعَلَمِ تَقسيماتٌ مُتَعَدِّدَةٌ:
التقسيمُ الأوَّلُ: باعتبارِ وضْعِه ثلاثةُ أقسامٍ:
1- اسمٌ، وهو ما أُطْلِقَ على الذاتِ أوَّلاً، نحوُ: خالِدٍ، هِنْدٍ.
2- كُنْيَةٌ، ما أُطْلِقَ على الذاتِ بعدَ التسميةِ، وصُدِّرَ بأبٍ أو أُمٍّ، نحوُ: أبو حَفْصٍ عمرُ بنُ الْخَطَّابِ، عائشةُ أمُّ المؤمنينَ، قالَ تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}، فـ {أَبِي لَهَبٍ} كُنْيَةُ عبدِ العُزَّى بنِ عبدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ.
3- لَقَبٌ: وهو ما أُطْلِقَ على الذاتِ بعدَ التسميَةِ وأَشْعَرَ بِمَدْحٍ أو ذَمٍّ؛ كالمأمونِ والرَّشيدِ والجاحِظِ والسَّفَّاحِ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}، فالمَسيحُ لقَبٌ لـ (عِيسَى) عليه الصلاةُ والسلامُ.
وقد يَجْتَمِعُ الاسمُ معَ اللَّقِبِ أو الكُنيةِ، ولذلك ثلاثُ صُوَرٍ:
الأُولَى: الاسمُ معَ اللَّقَبِ، ويَجِبُ تأخيرُ اللقَبِ عن الاسْمِ.
فنقولُ: ثاني الخلفاءِ الراشدينَ عُمرُ الفاروقُ رَضِيَ اللَّهُ عنه؛ وذلك لأَنَّ اللَّقَبَ بِمَنْزِلَةِ الصِّفَةِ، وهي تَتأخَّرُ عن الْمَوصوفِ.
وقد يَتَقَدَّمُ اللقَبُ إذا كانَ أشْهَرَ مِن الاسمِ؛ كقولِه تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}، وقد وَرَدَ عن العرَبِ تقديمُ اللقَبِ قليلاً؛ كقولِ المرأةِ:
بأَنَّ ذا الكلْبِ عَمْراً خَيْرَهُمْ حَسَباً = ببَطْنِ شِرْيَانَ يَعْوِي حَوْلَهُ الذِّيبُ
فقَدَّمَ اللقَبَ (ذا الكلْبِ) على الاسْمِ (عَمْراً).
الثانيةُ: الاسْمُ معَ الكُنيةِ، فأنتَ بالْخِيارِ في تَقديمِ أيُّهُمَا شِئْتَ.
فتقولُ: ثاني الْخُلفاءِ الراشدينَ عُمَرُ أبو حَفْصٍ، أو أبو حفْصٍ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه.
الثالثةُ: الكُنيةُ معَ اللقبِ، فعندَ ابنِ مالِكٍ يَجِبُ تأخيرُ اللقَبِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، نحوُ: ثاني الْخُلفاءِ الراشدينَ أبو حَفْصٍ الفاروقُ، وعندَ الْجُمهورِ أنتَ بالخيارِ، فتقولُ: ثاني الخلفاءِ الراشدينَ الفارُوقُ أبو حَفْصٍ، بتقديمِ اللقَبِ على الكُنيةِ.
قالَ ابنُ مالِكٍ: (واسْماً أَتَى.. إلخ)؛ أيْ: أتى العَلَمُ اسْماً وكُنيةً ولَقَباً، (وأَخِّرَنْ ذَا)؛ أيْ: أَخِّرَنْ اللَّقَبَ إذا صَحِبَ (سِواهُ) والمرادُ الاسمُ والكُنيةُ، ولا يَجوزُ تَصحيحُ عِبارةِ الأَلْفِيَّةِ بما ذَكَرَه بعضُ الشُّرَّاحِ؛ لأجْلِ موافَقَةِ مَذْهَبِ الجمهورِ، وهو الجوازُ؛ لِأَنَّ ابنَ مالِكٍ يَذْكُرُ رأيَهُ في المسألةِ وإنْ كانَ مَذهَبُ الجمهورِ أَرْجَحَ.
أحوالُ إعرابِ الاسمِ واللقَبِ
75- وإنْ يَكونَا مُفرَدَيْنِ فأَضِفْ = حَتْماً وإلاَّ أَتْبِعِ الذي رَدِفْ
في الاسمِ معَ اللَّقَبِ بَحثانِ:
الأوَّلُ: مِن حيثُ التقديمُ والتأخيرُ، وقد تَقَدَّمَ قبلَ هذا البيتِ أنَّ اللقَبِ يُؤَخَّرُ عن الاسمِ.
الثاني: مِن حيثُ الإعرابُ، وهو المرادُ هنا.
فالاسمُ يُعْرَبُ حسَبَ العواملِ؛ لأنه مُتَقَدِّمٌ، وأمَّا اللَّقَبُ فله معَ الاسمِ أربَعُ حالاتٍ:
الأُولَى: أنْ يكونَ الاسمُ واللقَبُ مُفْرَدَيْنِ، والمرادُ بالمُفْرَدِ هنا: ما ليسَ بِمُرَكَّبٍ، فالمُفْرَدُ مِن كَلِمَةٍ، والمُرَكَّبُ مِن كَلِمَتيْنِ، مِثلُ: جاءَ عليُّ سَعيدٍ، الأوَّلُ اسْمٌ والثاني لقَبٌ، فتَجِبُ إضافةُ الأوَّلِ إلى الثاني، فيُعْرَبُ الأوَّلُ على حَسَبِ حاجةِ الجُمْلَةِ، ويُجَرُّ الثاني بسببِ الإضافةِ.
والقولُ بالإضافةِ مَشروطٌ بما إذا لم يُوجَدْ مانعٌ؛ كَكونِ الاسمِ مَقروناً بألْ، نحوُ: جاءَ الحارِثُ سعيدٌ، فتَمْتَنِعُ الإضافةُ، وهذا رأيُ البَصْرِيِّينَ، وتَبِعَهُم ابنُ مالِكٍ.
وأجازَ الكُوفِيُّونَ في هذه الحالةِ الاتِّباعَ، فتُعْرِبُ الثانيَ بإعرابِ الأَوَّلِ، على أنه بَدَلٌ منه أو عَطْفُ بيانٍ، فتقولُ: هذا عَلِيٌّ سَعِيدٌ، ورأيتُ عَلِيًّا سَعِيداً، ومَرَرْتُ بعَلِيٍّ سَعيدٍ.
وهذا هو الْمُختارُ؛ لعَدَمِ احتياجِه إلى التأويلِ؛ فإنه يَلْزَمُ على رأيِ البَصْرِيِّينَ إضافةُ الشيءِ إلى نَفْسِه، وهذا ممنوعٌ كما في بابِ الإضافةِ.
وما وَرَدَ منه فهو مُؤَوَّلٌ، فيَتَرَجَّحُ رأيُ الكُوفيِّينَ؛ لأنه أَيْسَرُ.
الصورةُ الثانيةُ: أنْ يكونَ الاسمُ واللقَبُ مُرَكَّبَيْنِ، نحوُ: هذا عبدُ اللَّهِ زَيْنُ العابِدِينَ.
الصورةُ الثالثةُ: أنْ يكونَ الاسمُ مُرَكَّباً واللقَبُ مُفْرَداً، نحوُ: هذا عبدُ اللَّهِ سعيدٌ.
الصورةُ الرابعةُ: أنْ يكونَ الاسمُ مُفْرَداً واللقَبُ مُرَكَّباً، نحوُ: هذا عليٌّ زَيْنُ العابِدينَ.
وفي هذه الحالاتِ الثلاثِ تَمْتَنِعُ الإضافةُ، ويُعْرَبُ اللقَبُ بإعرابِ الاسمِ، فيكونُ تابعاً له في رَفْعِه ونَصْبِه وجَرِّه, فإنْ كانَ اللقَبُ مُرَكَّباً أُعْرِبَ صَدْرُه كما ذَكَرْنا، وأمَّا عَجُزُه فيكونُ مَجروراً دائماً على أنه مُضافٌ إليه.
وهذا معنَى قولِه: (وإنْ يَكُونَا مُفْرَدَيْنِ.. إلخ)؛ أيْ: وإنْ يَكونَا - الاسمُ واللقَبُ - مُفْرَدَيْنِ فأضِفِ الأوَّلَ إلى الثاني حَتْماً, يُعْرَبُ الأوَّلُ حَسَبَ حالةِ الجُمْلَةِ، والثاني يُعْرَبُ مُضافاً إليه مَجروراً، وإنْ لم يَكونَا مُفْرَدَيْنِ كما في الحالاتِ الثلاثِ فأَتْبِعِ الثانِيَ للأوَّلِ في إعرابِه، ومعنى (الذي رَدِفْ) أي: الذي جاءَ رِدْفاً للأوَّلِ؛ أيْ: بعدَه متَأَخِّراً عنه.