9: قصيدة عقبة بن سابق: وجَرفٍ سبسَبٍ يجري = عليه مُورُهُ ، جَدْبِ

[محمد أبو زيد]

وَقَالَ وَأَنْشَدَنِي لِعُقْبَةَ بْنِ سَابِقٍ فِي صِفَةِ الْخَيْلِ:

وَجَرْفٍ سَبْسَبٍ يَجْرِي = عَلَيْهِ مُورُهُ جَدْبِ
تَعَسَّفْتُ عَلَى وَجْنَا = ءَ حَرْفٍ حَرَجٍ رَهْبِ
طَلِيحٍ كَالْفَنِيقِ القَـ = طِـمِ المُستَكْبِرِ الصَّعْبِ
تَهَادَى بِالرُّدَافَى وَ = تَشَكَّى وَجَعَ النَّكْبِ
وَعَنْسٍ قَدْ بَرَاهَا لَـ = ـذَّةُ الْمَوْكِبِ وَالشَّرْبِ
رَفَعْنَاهَا ذَمِيلاً فِي = مُعَالاً مُعْمَلٍ لَحْبِ
وَقَدْ أَغْدُو بِطِرْفٍ هَيْـ = ـكَلٍ ذِي خُصَلٍ سَكْبِ
أَسِيلٍ سَلْجَمِ المُقْبَـ = ـلِ لا شَخْتٍ وَلاَ جَأُبِ
مِسَحٍّ لاَ يُوارِي العَـ = ـيْرَ مِنهُ عَصَرُ اللِّهْبِ
لَهُ سَاقَا ظَلِيمٍ خَا = ضِبٍ فُوجِئَ بِالرُّعْبِ
وَقُصْرَى شَنِجِ الأَنْسَا = ءِ نَبَّاحٍ مِنَ الشُّعْبِ
وَمَتْنَانِ خَظَاتَانِ = كَزُحْلُوفٍ مِنَ الْهَضْبِ
تَرَى فَاهُ إِذَا أَقْبَـ = ـلَ مِثْلَ السَّلَقِ الْجَدْبِ
لَهُ بَيْنَ حَوَامِيهِ = نُسُورٌ كَنَوَى القَسْبِ
حَدِيدُ الطَّرْفِ وَالْمَنْكـِ = ـبِ وَالعُرْقُوبِ وَالكَعْبِ
جَوَادُ الشَّدِّ وَالتَّقْرِيـ = ـبِ وَالإِحْضَارِ وَالعَقْبِ
يَخُدُّ الأَرْضَ خدًّا بِـ = ـصُمُلٍّ سَلِطٍ وَأْبِ
يَزِينُ الْبَيْتَ مَرْبُوطًا = وَيَشْفِي قَرَمَ الرَّكْبِ
وَيُردِي الْخَاضِبَ الأَخْرَ = جَ فِي ذِي عَمَدٍ صُهْبِ
وَفَحْلَ الْعَانَةِ الجُونِ الـ = ـخِماصِ النُّحُصِ الْحُقْبِ
يَهُزُّ العُنُقَ الأَجْرَ = دَ فِي مُسْتَأْمَنِ الشَّعْبِ

[محمد أبو زيد]

9
وقال:

وأنشدني لعقبة بن سابق* في صفة الخيل:

1: وجرف سبسب، يجري = عليه موره، جدب
2: تعسفت علي وجنا = حرف خرج رهب
3: طليح كالفنيق القـ = ـطم المستكبر الصعب
4: تهادى بالردافى و= تشتكي وجع النكب
5: وعنس قد براها لـ = ـذة الموكب والشرب
6: رفعناها ذميلا في = معالي معمل لحب
7: وقد أغدو بطرف هيـ = ـكل ذي خصل سكب
8: أسيل سلجم المقبـ = ـل لا شخت ولا جأب
9: مسح لا يواري العـ = ـير منه عصر اللهب
10: له ساقا ظليم خا = ضب فوجى بالرعب
11: وقصرى شنج الأنسا = ء نباح من الشعب
12: ومتنان خظاتان = كزحلوف من الهضب
13: ترى فاه إذا أقبـ = ل مثل السلق الجدب
14: له بين حواميه = نسور كنوى القسب
15: حديد الطرف والمنكـ = ب والعرقوب والكعب
16: جواد الشد والتقريـ = ـب والإحضار والعقب
17: يخد الأرض خدا بـ = صمل سلط وأب
18: يزين البيت مربوطًا = ويشفى قرم الركب
19: ويردى الخاضب الآخر = ج في ذي عمد صهب
20: وفحل العانة الجون الـ = خماص النحص الحقب
21: يهز العنق الأجر = د في مستأمن الشعب

---

(*) ترجمته: لم نجد له ترجمة، واختلفت المصادر فيه، وأكثرها يذكره باسم «عقبة بن سابق الهزائي» بكسر الهاء وتشديد الزاء، فهو من بني هزان بن صباح بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة بن أسد بن ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان. وذكره ابن الأعرابي في كتاب الخيل 82 – 83 وسماه «عقبة بن سالم الهزائي» ونرجح أن «سالم» تحريف عن «سابق». وذكره المبرد في الكامل 838 باسم «عقبة بن سابق العنبري» والظاهر أن «العنبري» محرفة عن «العنزي» نسبة إلى أصل القبيلة.
جو القصيدة: يفخر في أولهاب قطعه البيد والسباسب على ناقة شديدة، وبأنه ينضي ناقته في الأسفار. ثم يصف فرسه وصفًا مسهبًا طويلاً، يتناول فيه أعضاءه، وشدته، وسرعته، وأنه يصيد به حمر الوحش والخواضب من النعام، لا يفلته شيء منها حين يقصد إليه.
تخريجها: هذه القصيدة وأبيات كثيرة تشبهها تضطرب المصادر في نسبتها، تارة تنسب لعقبة بن سابق، وتارة تنسب لأبي دؤاد، وستأتي ترجمته في الأصمعية 65، وتارة تنسب لكليهما على التردد: هذا أو ذاك. والظاهر أن للشاعرين قصيدتين متشابهتين اختلطتا على الرواة فاضطرب كلامهم. فالأبيات 7 – 12، 21، 13، 16، 17، 14، 19، 20، 18 في كتاب الأزمنة والأمكنة للمرزوقي 2: 33 – 334 مشروحة محرفة، وزاد في ثناياها 8 أبيات مفرقة فيهما، ونسبهما لأبي دؤاد فقط. والبيت 15 وقبله بيت آخر في الآمالي 2: 250 نسبهما لأبي دؤاد، وتعقبه البكري في التنبيه 126 قال: «هذا الشعر لأبي دؤاد ولا وقع في ديوانه، وإنما هو لعقبة بن سابق الهزاني، كذا قال أهل الضبط من الرواة» ثم ذكر البيت 17 وبيتًا آخر. وتعقبه أيضًا في السمط 879 وقال: «والصحيح أنه لعقبة بن سابق الهزائي، كذا قال ابن السكيت وغيره» وذكر أيضًا البيتين 10، 17. والبيت الزائد في الأمالي نسبه الأنباري 765 – 766 لأبي دؤاد. والبيت 7 في اللسان 1: 457. والبيت 9 فيه 3: 449. والبيت 11 في الحيوان 1: 349 لأبي دؤاد. والبيتان 7، 8 ومعهما آخران في الجواليقي 198 – 188. والبيتان 10، 11 فيه 210 ونسبها كلها لأبي دؤاد. والأبيات 7، 8، 15 وآخر في ابن السيد 324 – 325. والأبيات 7، 9، 10 فيه 335. والأبيات 11، 12، 21 فيه 332 – 333 وذكر في الثلاثة المواضع الخلاف في نسبتها لعقبة أو أبي دؤاد. والبيت 14 في الكامل 838 لعقبة بن سابق العنبري، كما قدمنا في الترجمة. والبتي 18 في السمط 617 غير منسوب. وفي الحيوان 1: 273 بيت يشبهه نسبه لعقبة. وفيه 2: 168 آخر نسبه لأبي دؤاد.
(1) الجرف: ما جرفته السيول وأكلته من الأرض. السبب: المتسع من الأرض. موره: المور، بنسم الميم، هو الغبار المتردد تثيره الريح، و«موره» فاعل «يجري».
(2) تعسفت: التعسف ركوب المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية. الوجناء: الناقة الغليظة. المرف: الضامرة. الحرج: الجسيمة الطويلة على وجه الأرض. الرهب: التي استعملت في السفر وكلت، يقال للناقة وللجمل، ويقال للناقة وللجمل، ويقال للناقة أيضًا «رهبى» و«رهبة».
(3) الطليح: التي جهدها السير وهزلها، يقال للذكر والأنثى. الفنيق: الفحل الشديد الغليظ. القطم: المشتهي للضراب والنكاح.
(4) تهادى: تتهادى، أي تتمايل في مشيها. الردافى: جمع ردف ورديف. النكب: أن ينكب الحجر ظفرًا أو حافرًا أو منسمًا.
(5) العنس: الناقة الصلبة. الموكب: القوم الركوب على الإبل للزينة، وكذلك جماعة الفرسان. الشرب: اسم لجمع شارب، وقيل هو جمع.
(6) الذميل: السير السريع اللين، ورفعها: سارها ذلك السير. المعالي: الذي عولى، أراد طريقًا. المعمل: الطريق اللحب المسلوك، واللحب: الواضح.
(7) الطرف: الكريم الأبوين، أراد فرسه. الهيكل: الفرس الطويل الضخم. الخصل: خصل الشعر. السكب: الجواد الكثير العدو الذريع.
(8) الأسيل: يعني أسيل الخد، وهو السهل اللين الدقيق المستوي. السلجم: الطويل. المقبل: أي عند إقباله، وهو اسم هيئة كمدخل ومخرج. الشخت: الدقيق. الجأب: الغليظ. يريد أنه بين وصفين.
(9) المسح: الجواد السريع، كأنه يصب الجري صبًا. البعير: حمار الوحش. العصر: للجأ والمنجاة. اللهب: الصدع في الجبل، وهو بكسر اللام لا غير، وضبط بخط الشنقيطي بفتحها لم نجد ما يؤيده. يريد أنه لسرعة عدوه لا يستطيع العير أن يلجأ منه إلى غار أو نحوه.
(10) الظلم: ذكر النعام. الخاضب: الظليم قد أحمر جلده وساقاه، وهو إذ ذاك سريع العدو لا تطلبه الخيل، وإذا فوجئ بالرعب كان أشد لعدوه.
(11) القصرى، بضم القاف: أسفل الأضلاع. شنج الأنساء: متقبضها. والنسا: عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين ثم يمر بالعرقوب حتى يبلغ الحافر. والشعب: جمع أشعب، وهو الظبي إذا أسن ونبتت لقرونه شعب؛ وهو ينبح في تلك الحال. ورواية الجاحظ في الحيوان «الشعب» بفتح الشين، قال: «يعني من جهة الشعب». ورد الأزهري عليه في اللسان.
(12) المتنان: مكتنفا الصلب، والمتن مذكر وقد يؤنث كما هنا. خظاتان: تنثية «خظاة» وهي المكتنزة من كل شيء، أصلها «خظية» قلبت الياء ألفًا ساكنة على لغة طيء، كما في اللسان. الزحلوف: المكان الزلق في الرمل والصفا.
(13) السلق: الأرض المنجردة من النبات.
(14) الحوامى: ميامين الحافر ومياسره. النسور: جمع نسر، وهو لحمة صلبة في باطن الحافر كأنها حصاة أو نواة. القسب: رديء التمر.
(15) الطرف: المعين. عرقوب الدابة: هو في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.
(16) جواد الشد: يجود بجريه عند الشد، وهو وما عطف عليه ضروب من الجري.
(17) يخد الأرض: يشقها ويؤثر فيها بحوافره. الصمل من الحوافر: الشديد الخلق. حافر سلط، بسكون اللام. وسليط: شديد. ولم نجد «سلط» بكسر اللام. الحافر الوأب. الشديد المنضم السنابك الخفيف.
(18) القوم: شدة شهوة اللحم. وإنما يشفى قرمهم بما ينيلهم من الصيد.
(19) يردى: يسقط. الأخرج: الذي لون سواده أكثر من بياضه كلون الرماد. العمد، بفتحتين: جمع عود، ويجمع أيضًا على «عمد» بضمتين، وعمودا الظليم: رجلاه. الصهب: جمع أصهب وصهباء، والصهبة: الحمرة. والخاضب: أحمر الساقين.
(20) العانة: القطعة من إناث الحمير. الجون، بضم الجيم: جمع «جون» بفتحها، يقال للأبيض وللأسود، وهو هنا الأبيض، لأن حمر الوحش توصف بالبياض، كما في اللسان. الخماص: الجياع الضامرة البطون، وهو جمع «خميص» و«خميصة». النحص: جمع نحوص، وهي الأتان الوحشية التي لا ولد لها. الحقب: التي في بطنها بياض، جمع «أحقب» و«حقباء».

[شرح الأصمعيات: 39-42]