قَالَ عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ:
وَلَقَدْ أَمَرْتُ أَخَاكِ عَمْرًا أَمْرَه = فَعَصَى وَضَيَّعَهُ بِذَاتِ الْعُجْرُمِ
فَإِذَا أَمَرْتُكِ بَعْدَهَا فَتَبَيَّنِي = أَوْ أَقْدِمِي يَوْمَ الكَرِيهَةِ مُقْدَمِي
وَجَعَلْتُ نَحْرِي دُونَ بَلْدَةِ نَحْرِهِ = وَلَبَانُ مُهْرِي إِذْ أَقُولُ لَهُ اقْدَمِ
فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ الَّتِي لاَ تَشْتَكِي = غَمَرَاتِهَا الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
وَكَأَنَّمَا أقْدَامُهُمْ وأَكُفُّهُمْ = كَرَبٌ تَسَاقَطَ مِنْ خَلِيجٍ مُفْعَمِ
لَمَّا سَمِعْتُ نِدَاءَ مُرَّةَ قَدْ عَلاَ = وَابْنَيْ رَبِيعَةَ فِي الْغُبَارِ الأَقْتَمِ
وَمُحَلِّمًا يَمْشُونَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ = وَالْمَوْتُ تَحْتَ لِوَاءِ آلِ مُحَلِّمِ
وَسَمِعْتُ يَشْكُرَ تَدَّعِي بِحُبَيِّبٍ = تَحْتَ العَجَاجَةِ وَهْيَ تَقْطُرُ بِالدَّمِ
وَحُبَيِّبٌ يُزْجُونَ كُلَّ طِمِرَّةٍ = وَمِنَ اللَّهَازِمِ شَخْتُ غَيْرِ مُصَرَّمِ
وَالْجَمْعُ مِنْ ذُهْلٍ كَأَنَّ زُهَاءَهُمْ = جُرْبُ الجِمَالِ يَقُودُها ابْنَا شَعْثَمِ
قَذَفُوا الرِّمَاحَ وَبَاشَرُوا بِنُحُورِهِمْ = عِنْدَ الضِّرَابِ بِكُلِّ لَيْثٍ ضَيْغَمِ
وَالْخَيْلُ يَضْبِرْنَ الْخَبَارَ عَرَابِسًا = وَعَلَى مَنَاسِجِهَا سَبَائِبُ مِنْ دَمِ
لاَ يَصْدِفُونَ عَنِ الْوَغَى بِخُدُودِهِمْ = فِي كُلِّ سَابِغَةٍ كَلَوْنِ الْعِظْلِمِ
نَجَّاكَ مُهْرُ ابْنَيْ حُلاَمٍ مِنْهُمُ = حَتَّى اتَّقَيْتَ الْمَوْتَ بِابْنَيْ حِذْيَمِ
وَدَعَا بَنِي أُمِّ الرُّوَاعِ فَأَقْبَلُوا = عِنْدَ اللِّقَاءِ بِكُلِّ شَاكٍ مُعْلَمِ
يَمْشُونَ فِي حَلَقِ الْحَدِيدِ كَمَا مَشَتْ = أُسْدُ الْغَرِيفِ بِكُلِّ نَحْسٍ مُظْلِمِ
فَنَجَوْتَ مِنْ أَرْمَاحِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا = جَاشَتْ إِلَيْكَ النَّفْسُ عِنْدَ الْمَأْزِمِ