دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 02:29 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعدد الجمع في البلد الواحد

وتَحْرُمُ إقامتُها في أَكْثَرَ من مَوْضِعٍ من البَلَدِ إلا لحاجةٍ، فإن فَعَلُوا فالصحيحةُ ما باشَرَها الإمامُ أو أَذِنَ فيها، فإن اسْتَوَيَا في إذْنٍ أو عَدَمِه فالثانيةُ باطلةٌ وإن وَقَعَتَا معًا أو جُهِلَت الأُولَى بَطَلَتا.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 07:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...............

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 07:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وتَحْرُمُ إِقَامَتُهَا)؛ أي: الجُمُعَةِ, وكذا العيدُ (في أَكْثَرِ مِن مَوْضِعٍ مِنَ البَلَدِ)؛ لأنَّه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وأَصْحَابَهُ لم يُقِيمُوهَا في أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ (إلاَّ لحَاجَةٍ)؛ كسَعَةِ البَلَدِ وتَبَاعُدِ أَقْطَارِه, أو بُعْدِ الجَامِعِ أو ضِيقِهِ, أو خَوْفِ فِتْنَةٍ، فيجوزُ التَّعَدُّدُ بحَسَبِهَا فَقَط؛ لأنَّها تُفْعَلُ في الأمصارِ العَظِيمَةِ في مَوَاضِعَ مِن غَيْرِ نَكِيرٍ, فكانَ إِجْمَاعاً, ذكَرَهُ في (المُبْدِعِ). (فإن فَعَلُوا)؛ أي: صلَّوْهَا في مَوْضِعَيْنِ أو أَكْثَرَ بلا حَاجَةٍ, (فالصَّحِيحَةُ ما بَاشَرَهَا الإمامُ أو أَذِنَ فِيهَا), ولو تَأَخَّرَتْ، وسوَاءٌ قُلْنَا: إِذْنُهُ شَرْطٌ. أو لا؛ إذ في تَصْحِيحِ غَيْرِهَا افتِيَاتٌ عليهِ وتَفْوِيتٌ لجُمُعَتِه.
(فإن استوَيَا في إِذْنٍ أو عَدَمِه, فالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ)؛ لأنَّ الاستِغْنَاءَ حَصَلَ بالأُولَى, فأُنِيطَ الحُكْمُ بها، ويُعْتَبَرُ السَّبْقُ بالإحرامِ. (وإن وَقَعَتَا مَعاً) ولا مَزِيَّةَ لإِحْدَاهُمَا, بَطَلَتَا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا ولا تَصْحِيحُ إِحْدَاهُمَا، فإن أَمْكَنَ إِعَادَتُهُمَا جُمُعَةً, فَعَلُوا, وإلا صَلَّوْهَا ظُهْراً.
(أو جُهِلَتِ الأُولَى مِنْهُمَا, بَطَلَتَا), ويُصَلُّونَ ظُهْراً؛ لاحتِمَالِ سَبْقِ إِحْدَاهُمَا, فتَصِحُّ ولا تُعَادُ، وكذا لو أُقِيمَتْ في المِصْرِ جُمُعَاتٌ, وجُهِلَ كَيْفَ وَقَعَتْ. وإذا وَافَقَ العِيدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ سَقَطَتْ عَمَّن حَضَرَهُ معَ الإمامِ؛ كمَرِيضٍ دُونَ الإمامِ، فإنِ اجتَمَعَ معَهُ العَدَدُ المُعْتَبَرُ أَقَامَهَا, وإلا صَلَّى ظُهْراً، وكذا العيدُ بها إذا عَزَمُوا على فِعْلِها سقَطَ.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 08:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وتحرم إقامتها) أي إقامة الجمعة وكذا العيد (في أكثر من موضع بالبلد)([1]) لأنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه لم يقيموها في أكثر من موضع واحد([2]) (إلا لحاجة)([3]) كسعة البلد([4]).
وتباعد أقطاره([5]) أو بعد الجامع([6]) أو ضيقه([7]) أو خوف فتنة([8]) فيجوز التعدد بحسبها فقط([9]) لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع، من غير نكير، فكان إجماعا، ذكره في المبدع([10]).(فإن فعلوا) أي صلوها في موضعين أو أكثر بلا حاجة([11]) (فالصحيحة ما باشرهم الإمام([12]) أو أذن فيها).ولو تأخرت([13]) وسواء قلنا: إذنه شرط أو لا([14]) إذ في تصحيح غيرها افتيات عليه، وتفويت لجمعته([15]) (فإن استويا في إذن أو عدمه فالثانية باطلة)([16]).لأن الاستغناء حصل بالأولى، فأنيط الحكم بها([17])، ويعتبر السبق بالإحرام([18]) (وإن وقعتا معا) ولا مزية لإحداهما بطلتا([19]) لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا تصحيح إحداهما([20]) فإن أمكن إعادتها جمعة فعلوا([21]) وإلا صلوها ظهرا([22]) (أو جهلت الأولى) منهما بطلتا([23]).ويصلون ظهرا لاحتمال سبق إحداهما، فتصح ولا تعاد([24]) وكذا لو أقيمت في المصر جمعات وجهل كيف وقعت([25]) وإذا وافق العيد يوم الجمعة سقطت عن من حضره مع الإمام([26]).كمريض، دون الإمام([27]) فإن اجتمع معه العدد المعتبر أقامها([28]) وإلا صلى ظهرا([29]) وكذا العيد بها، وإذا عزموا على فعلها سقط([30])



([1]) لغير حاجة، قال في المبدع والشرح وغيرهما: لا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء ويحرم إذن إمام فيها إذا.

([2]) وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، المهديين من بعدي» الحديث، وفي تعطيل من حول المدينة مساجدهم، واجتماعهم في مسجد واحد أبين بيان بأن الجمعة خلاف سائر الصلوات، وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد، ولم يحفظ عن السلف خلاف ذلك.

([3]) فيجوز بحسبها، قال شيخ الإسلام: إقامة الجمعة في المدينة الكبيرة في أكثر من موضع يجوز للحاجة، عند أكثر العلماء، لصلاة علي رضي الله عنه بضعفة الناس في المسجد.

([4]) عن أهله، فـيجوز، ولما بـنيت بغـداد ولها جـانبان أقامـوا فيها جمعة في الجانب الشرقي، وجمعة في الجانب الغربي، وجوز ذلك علماء العصر وذكر شيخ الإسلام الحجة لذلك.

([5]) فيشق على من منزله بعيد عن محلة الجمعة المجيء إليها، وقطر الشيء ناحيته وجانبه.

([6]) عن طائفة من البلد، ولأن في الإلزام باتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على أكثر الحاضرين، ولا دليل على عدم جواز التعدد، وقضية الضرورة عدم اشتراطه.

([7]) أي ضيق المسجد عن أهله ممن تصح منه، وإن لم يصل، وإن لم تجب عليه فيجوز لأن في الإلزام به مع ضيقه حرجا بينا لا تأتي به شريعة.

([8]) كعداوة بين أهل البلد، يخشى لاجتماعهم في محل واحد إثارتها، قال الشيخ: تجوز إقامة جمعتين في بلد واحد لأجل الشحناء، بأن إذا حضروا كلهم وقعت بينهم الفتنة، ويجوز ذلك للضرورة إلى أن تزول الفتنة.

([9]) أي بحسب الحاجة فحسب، في جميع ما تقدم، ونحوه مما يدعو لحاجة التعدد، فإن حصل الغناء بجمعتين لم تجز الثالثة، وهلم جرا، قال الموفق وغيره: لا نعلم في ذلك خلافا إلا ما روي عن عطاء، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه أنهم فعلوا ذلك، إذ لم تدع الحاجة إليه وكذا العيد حكمه حكم الجمعة.

([10]) وذكر الطحاوي وغيره من أتباع الأئمة أنه الصحيح، قال الشيخ الإسلام يجوز للحاجة وأما كونه صلى الله عليه وسلم لم يقمها، هو ولا أحد من أصحابه في أكثر من موضع فلعدم الحاجة إليه، ولأن الصحابة كانوا يؤثرون سماع خطبته صلى الله عليه وسلم وشهود جمعته، وإن بعدت منازلهم، لأنه المبلغ عن الله عز وجل.

([11]) أي من نحو ما تقدم.

([12]) أي الأعظم أو نائبه.

([13]) أي عن الثانية التي لم يباشرها، أو لم يأذن فيها، وإذا كانت التي أذن فيها هي السابقة فهي الصحيحة بلا نزاع.

([14]) أي شرط في صحتها، أو قلنا: إذنه ليس شرطا، فإن ما باشرها أو أذن فيها هي الصحيحة مطلقا.

([15]) وكلاهما لا يجوز، ولو أذن ولا حاجة لم يجز كما تقدم، لأن سقوط فرض على وجه لم يرد لا يجوز، ولأنه ما خلا عصر عن نفر تفوتهم الجمعة، ولم ينقل تجميع، بل صلوا ظهرا ولم ينكر، بل ذكر ابن المنذر، لا تجميع إجماعا، والإفتيات افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار من مؤتمر، يقال: لا يفتات عليه، أي لا يعمل شيئا دون أمره.

([16]) ولـو كـانت في المسجد الأعـظم، والأخـرى في مـكان لا يسع الناس أو لا يقدرون عليه، لاختصاص السلطان وجنوده به، أو كانت المسبوقة في قصبة البلد، والأخرى في أقصاه، فالسابقة منهما هي الصحيحة، ومن صور التساوي ما لو باشر واحدة وأذن في الأخرى، قال شيخ الإسلام، صرح العلماء ببطلان صلاة من صلى جمعة ثانية بغير إذن الإمام، وبغير حاجة داعية، وأوجبوا عليه الإعادة وقواعد الشرع تدل عليه، وذكر ما شرعت الجماعة له وتقدم.

([17]) أي فتعلق حكم الصحة بالأولى لكونها سابقة.

([18]) لا بالشروع في الخطبة، ولا بالسلام.

([19]) لالتباس الصحيحة بالفاسدة، وذلك بأن أحرم إماماهما بهما في آن واحد.

([20]) على الأخرى، فترجح بها، أشبه ما لو جمع بين أختين معا.

([21]) وفاقا، لأنها فرض الوقت في مصر لم تصل فيه جمعة صحيحة، فوجب تداركها، وقال في الفروع: إن وقعتا معا صلوا جمعة وفاقا، واختار جمع الصحة مطلقا.

([22]) أي وإن لا تمكن إعادتها في الوقت لفقد شرط من شروطها فإنهم يصلونها ظهرا، لأنها بدل عن الجمعة.

([23]) ولا يعيدون جمعة، بخلاف ما قبلها.

([24]) أي الجمعة، والفرق بينها وما قبلها أن ما قبلها لم يحتمل تصحيح إحداهما والتي هنا وما بعدها يحتمل.

([25]) لأنه لم يعلم سبق إحداهما، أو علم ثم نسي، صلوا ظهرا، ولو أمكن فعل الجمعة، للشك في إقامة جمعة مجزئة، والظهر بدل عنها إذا فاتت، وقال بعض أهل العلم: إقامتها مجزئة، والشك في كونها مجزئة مطرح فتصح.

([26]) أي سقطت الجمعة عمن حضر صلاة العيد مع الإمام في ذلك اليوم، لأنه عليه الصلاة والسلام صلى العيد، وقال: من شاء أن يجمع فليجمع، رواه أحمد من حديث زيد بن أرقم، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والأضحى عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان، من جنس أدخل إحداهما بالأخرى، ولأن في إيجابها على الناس تضييق وتكدير لمقصود عيدهم، وما سن لهم فيه من السرور والانبساط فحينئذ تسقط الجمعة سقوط حضور، لا وجود فإن صلاها بعده لم يسقط الحضور، قال شيخ الإسلام، إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:(ثالثها) وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة، ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف، وقال: هو المنقول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة، كأحمد وغيره، والذي خالفوهم لم يبلغهم ما في ذلك من السنن والآثار، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة، فتكون الظهر في وقتها.

([27]) وأما الإمام فيلزمه الحضور، للخبر السابق، وفيه من حديث أبي هريرة و«إنا مجمعون» رواه أبو داود وابن ماجه، ورواته ثقات، وكذا من لم يصل العيد مع الإمام، ومثل المريض من له عذر أو شغل يبيح ترك الجمعة، لا كمسافر وعبد، لأن الإسقاط للتخفيف، فلو حضرها وجبت عليه، وانعقدت به، وصح أن يؤم فيها، والأفضل له حضورها، خروجا من الخلاف.

([28]) لما تقدم ولعدم المانع، وعليه فيجب أن يحضر مع الإمام من تنعقد به، لأنها هنا فرض كفاية، ومن لم يصل العيد يلزمه السعي إليها، بلغوا العدد أو لا قولا واحدا.

([29]) أي وإلا يجتمع معه العدد المعتبر صلى ظهرا للعذر.

([30]) أي وكذا تسقط صلاة العيد بصلاة الجمعة عمن حضرها، سقوط حضور إذا عزموا على فعلها، قبل الزوال أو بعده، لفعل ابن الزبير لما اجتمع يوم جمعة ويوم فطر، قال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فصلى ركعتين لم يزد عليهما وبلغ ابن عباس فقال: أصاب السنة، رواه أبو داود، ولجواز ترك الجمعة اكتفاء بالعيد.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 06:43 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَتَحْرمُ إِقَامَتُهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ مِن الْبَلَدِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ .........
قوله: «وتحرم إقامتها في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة» أي: تحرم إقامة صلاة الجمعة في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة، ويأتي دليل ذلك.
وهذا أيضاً من خصائص الجمعة، أما غير الجمعة فإنها تصلى في الدور (الأحياء)، ففي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب» أي الأحياء، ولهذا يقال: دار بني فلان، ودار بني فلان أي: حيّهم، فالجمعة يجب أن تكون في مسجد واحد؛ لأنها لو فرقت في مساجد الأحياء لانتفى المعنى الذي من أجله شرعت الجمعة، ولتفرق الناس، وصار كل قوم ينفضون عن موعظة تختلف عن موعظة الآخر، فيتفرق البلد، ولا يشربون من نهر واحد.
وأيضاً لو تعددت الجمعة لفات المقصود الأعظم، وهو اجتماع المسلمين وائتلافهم؛ لأنه لو ترك كل قوم يقيمون الجمعة في حيّهم ما تعارفوا ولا تآلفوا، وبقي كل جانب من البلد لا يدري عن الجانب الآخر، ولهذا لم تقم الجمعة في أكثر من موضع، لا في زمن أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا الصحابة كلهم، ولا في زمن التابعين، وإنما أقيمت في القرن الثالث بعد سنة (276هـ) تقريباً، فكان المسلمون إلى هذا الزمن يصلون على إمام واحد، حتى إن الإمام أحمد سئل عن تعدد الجمعة؟ فقال: ما علمت أنه صلي في المسلمين أكثر من جمعة واحدة، والإمام أحمد توفي سنة (241هـ)، إلى هذا الحد لم تقم الجمعة في أكثر من موضع في البلد، وأقيمت في بغداد أول ما أقيمت لما صار البلد منشقاً بسبب النهر في الشرقي منه والغربي، فجعلوا فيها جمعتين؛ لأنه يشق أن يعبر الناس النهر كل أسبوع.
وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أقام صلاة العيد في الكوفة في الصحراء، وجعل واحداً من الناس يقيمها في المسجد الجامع داخل البلد للضعفاء، فمن هنا ذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ إلى أن صلاة الجمعة يجوز تعددها للحاجة.
والدليل على التحريم: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وحافظ النبي صلّى الله عليه وسلّم على صلاته الجمعة في مسجد واحد طول حياته، والخلفاء من بعده، والصحابة من بعدهم، وهم يعلمون أن البلاد اتسعت، ففي عهد عثمان اتسعت المدينة فزاد أذاناً ثالثاً فصار أذان أول، ثم أذان عند حضور الإمام، ثم الإقامة، ولم يعدد الجمعة، وكانت أحياء العوالي في عهده صلّى الله عليه وسلّم بعيدة عن مكان الجمعة، ومع ذلك يحضرون إلى مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن مع الأسف الآن أصبح كثير من بلاد المسلمين لا يفرقون بين الجمعة وصلاة الظهر، أي: أن الجمعة تقام في كل مسجد، فتفرقت الأمة، وصار الناس يقيمون صلاة الجمعة، وكأنها صلاة ظهر، وهذا لا شك أنه خلاف مقصد الشرع وهدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا جزم المؤلف بتحريم إقامتها في أكثر من موضع في البلد.
وقوله: «إلا لحاجة» ، والمراد بالحاجة هنا: ما يشبه الضرورة؛ لأن هناك ضرورة وحاجة، والفرق بين الحاجة والضرورة:
أن الحاجة: هي التي يكون بها الكمال.
والضرورة: هي التي يندفع بها الضرر؛ ولهذا نقول: المحرَّم لا تبيحه إلا الضرورة، قال الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] .
مثال الحاجة: إذا ضاق المسجد عن أهله، ولم يمكن توسيعه؛ لأن الناس لا يمكن أن يصلوا في الصيف في الشمس، ولا في المطر في أيام الشتاء.
وكذا إذا تباعدت أقطار البلد، وصار الناس يشق عليهم الحضور فهذا أيضاً حاجة، لكن في عصرنا الآن ليس هناك حاجة من جهة البعد، بل هناك حاجة من جهة الضيق؛ لأن الذين يأتون بالسيارات من أماكن بعيدة يحتاجون إلى مواقف، وقد لا يجدون مواقف، لكن إذا كان هناك مواقف، أو كانت السيارات قليلة فإنه يجب على الإنسان أن يحضر ولو بعيداً، ويقال للقريبين: لا تأتوا بالسيارات؛ لأجل أن يفسحوا المجال لمن كانوا بعيدين.
ومن الحاجة أيضاً: أن يكون بين أطراف البلد حزازات وعداوات، يخشى إذا اجتمعوا في مكان واحد أن تثور فتنة، فهنا لا بأس أن تعدد الجمعة، لكن هذا مشروط بما إذا تعذر الإصلاح، أما إذا أمكن الصلح وجب الإصلاح، وتوحيدهم على إمام واحد.
وليس من الحاجة أن يكون الإمام مسبلاً أو فاسقاً؛ لأن الصحابة صلوا خلف الحجاج بن يوسف، وهو من أشد الناس ظلماً وعدواناً، يقتل العلماء والأبرياء، وكانوا يصلون خلفه، بل الصحيح أنه يجوز أن يكون الإمام فاسقاً، ولو في غير الجمعة، ما لم يكن فسقه إخلالاً بشرط من شروط الصلاة يعتقده هو شرطاً فحينئذٍ لا نصلي خلفه، وإن كان الإخلال بشرط من شروط الصلاة نعتقده نحن شرطاً وهو لا يعتقده فهذا لا يضر.
مثاله: أن نعتقد أن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء، والإمام يعتقد أنه لا ينقض فأكل منه ولم يتوضأ ثم صلى بنا، فإننا نصلي خلفه؛ لأن هذا اختلاف اجتهاد.

فَإِنْ فَعَلُوا فَالصَّحيحَةُ مَا بَاشَرَهَا الإِمَامُ،..........
قوله: «فإن فعلوا فالصحيحة ما باشرها الإمام» ، أي: صلوا الجمعة في موضعين فأكثر بلا حاجة فالصحيحة ما باشرها الإمام وأذن فيها، وإذا قال العلماء: «الإمام» فمرادهم من له أعلى سلطة في الدولة؛ وذلك لأن الإمام العام فقد منذ نشأ النزاع بين الخلفاء في أول خلافة بني أمية، وصارت الأمة الإسلامية مع الأسف دويلات، فإن تعددت الجمعة في موضع واحد لغير حاجة، فالصحيحة ما باشرها الإمام أي: ما صلى فيها، سواء كان هو الإمام، أو كان مأموماً، وكانوا فيما سبق لا يصلي الجمعة إلا الإمام يتولى الإمامة في صلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وقيادة الحجيج.

أَوْ أَذِنَ فِيهَا، فَإِن اسْتَوَتَا فِي إِذْنٍ أَوْ عَدَمِهِ، فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ،.........
قوله: «أو أذن فيها» ، أي: إن لم يباشرها، مثل: أن يكون بلد الإمام في محل آخر وهذا البلد الذي فيه تعدد الجمعة لم يكن فيه الإمام حاضراً، لكنه قال: أذنت لكم أن تقيموا جمعتين فأكثر، وهذه المسألة ليست مبنية على ما سبق في قول المؤلف: «لا يشترط لها إذن الإمام» ؛ لأن إذن الإمام هناك لا يشترط في إقامة الجمعة الواحدة، أما في التعدد فلا بد من إذن الإمام، والفرق بينهما ظاهر، فالأولى لو قلنا: إنه يشترط لإقامة الجمعة إذن الإمام لكانت الفرائض باختيار الأئمة، أما تعدد الجمعة فلا بد من إذن الإمام؛ لئلا يفتات عليه وتتفرق الأمة، وهذا أمر يرجع إلى الدين من جهة، وإلى نظام الدولة من جهة أخرى.
فرجوعه إلى الدين؛ لأن الدين ينهانا عن التفرق في دين الله قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] ، وقال تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13] .
وأما رجوعه إلى نظام الدولة فإن ولي الأمر هو الذي له الكلمة فيكون في إقامة الجمعة الثانية افتيات على الإمام، فتكون كل طائفة من الناس تود أن تتزعم البلد فتجعل في محلها جمعة.
قوله: «فإن استوتا في إذن أو عدمه فالثانية باطلة» ، فإن استوتا، أي: الجمعتان في إذن أو عدمه بأن يكون الإمام قد أذن فيهما جميعاً، أو لم يأذن فيهما جميعاً، وبهذا نعرف أن القسمة ثلاثية:
1 ـ يأذن في إحداهما.
2 ـ يأذن فيهما.
3 ـ لا يأذن في واحدة منهما.
فإن أذن في إحداهما فهي الصحيحة، سواء تأخرت أو تقدمت.
وإن أذن فيهما جميعاً، أو لم يأذن فيهما جميعاً فالثانية باطلة على ما يقتضيه كلام المؤلف.
والمراد بالثانية ما تأخرت عن الأخرى بتكبيرة الإحرام، وإن كانت الأخرى أسبق منها إنشاء، ولكن كيف نعلم ذلك؟
الجواب: أما في الزمن السابق فالعلم بتقدم إحداهما بالإحرام قد يكون صعباً، أما في الزمن الحاضر فالعلم بتقدم إحداهما بالإحرام قد يكون سهلاً بوسيلة مكبر الصوت إذا سمعنا قول الإمام في الأولى: «الله أكبر»، ثم قال الإمام في الثانية بعده مباشرة: «الله أكبر»، قلنا للثاني: صلاتك باطلة، وللأول: صلاتك صحيحة؛ لأن الأول لما سبق بالإحرام تعلق بها الفرض؛ لأنها سبقت، وعلى المذهب تدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام، فإذا سبقت بتكبيرة الإحرام تعلق الفرض بها وصارت هي الصلاة المفروضة، والثانية باطلة.
وقال بعض العلماء: المعتبر السبق زمناً، فالتي قد أنشئت أولاً فالحكم لها؛ لأن الثانية هي التي حدثت على الأولى، فهي تشبه مسجد الضرار الذي بناه المنافقون عند مسجد قباء، وقال الله لنبيه: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: 108] .
وهذا القول هو الصحيح، أن المعتبر السابقة زمناً وإنشاء ولو تأخرت عملاً، فلو فرضنا أن الجديدة ـ التي أنشئت حديثاً، وبدون إذن الإمام ـ صلوا ركعة قبل أن تقام الثانية ـ التي هي الأولى إنشاءً ـ فإن صلاتهم لا تصح جمعة؛ لأن الناس مجتمعون على الأولى، فجاء هؤلاء وأنشؤوا مسجداً جامعاً وفرقوا الناس.

وَإِنْ وَقَعَتَا مَعاً، أَوْ جُهِلَتِ الأُولَى بَطَلَتَا.......
قوله: «وإن وقعتا معاً» أي: إن وقعتا معاً بطلتا معاً، فمثلاً إذا كنا نحن نستمع إلى المسجد الشمالي والمسجد الجنوبي فقال إمام كل مسجد منهما: «الله أكبر» في نفس الوقت فنقول لهم: صلاتكم جميعاً باطلة؛ لأنه لم تتقدم إحداهما حتى يكون لها مزية، وإذا لم يكن لها مزية صارت كل واحدة منهما تبطل الأخرى، كالبينتين إذا تعارضتا تساقطتا، وعلى هذا يلزم الجميع إعادتها جمعة في مكان واحد مع بقاء الوقت، وإلا صلوا ظهراً.
وعلى القول الذي رجحناه نقول: أهل المسجد الشمالي صحت جمعتهم، وأهل المسجد الجنوبي لم تصح جمعتهم؛ لأن الجمعة في الشمالي هي الأولى إنشاءً.
قوله: «أو جهلت الأولى بطلتا» أي: لو أقيمت جمعتان بلا حاجة، واستوتا في إذن الإمام وعدمه. وجهلت الأولى منهما، ولم يعلم أيهما أسبق بتكبيرة الإحرام بطلتا أي: الجمعتان، ولزمهم صلاة الظهر، ولا يصح استعمال القرعة هنا؛ لأنها عبادة، وهنا تلزمهم صلاة الظهر، ولا تصح إعادتها جمعة.
وقد سبق في المسألة التي قبلها أنه يلزمهم إعادتها جمعة إن أمكن.
والفرق بين المسألتين ظاهر: لأنه في المسألة الأولى بطلت الجمعتان جميعاً، كل واحدة أبطلت الأخرى فلم تصح واحدة منهما، فيجب إعادة الجمعة إن استطاعوا، وإلا صلوا ظهراً، وفي المسألة الثانية إحداهما صحيحة وهي التي سبقت لكنها مجهولة، والجمعة لا تعاد مرتين، فحينئذٍ لا تعاد الصلاة، ولو اجتمعوا في مسجد واحد، فيجب على الجميع إعادة الصلاة ظهراً.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجمع, تعدد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir