(وتَحْرُمُ إِقَامَتُهَا)؛ أي: الجُمُعَةِ, وكذا العيدُ (في أَكْثَرِ مِن مَوْضِعٍ مِنَ البَلَدِ)؛ لأنَّه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وأَصْحَابَهُ لم يُقِيمُوهَا في أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ (إلاَّ لحَاجَةٍ)؛ كسَعَةِ البَلَدِ وتَبَاعُدِ أَقْطَارِه, أو بُعْدِ الجَامِعِ أو ضِيقِهِ, أو خَوْفِ فِتْنَةٍ، فيجوزُ التَّعَدُّدُ بحَسَبِهَا فَقَط؛ لأنَّها تُفْعَلُ في الأمصارِ العَظِيمَةِ في مَوَاضِعَ مِن غَيْرِ نَكِيرٍ, فكانَ إِجْمَاعاً, ذكَرَهُ في (المُبْدِعِ). (فإن فَعَلُوا)؛ أي: صلَّوْهَا في مَوْضِعَيْنِ أو أَكْثَرَ بلا حَاجَةٍ, (فالصَّحِيحَةُ ما بَاشَرَهَا الإمامُ أو أَذِنَ فِيهَا), ولو تَأَخَّرَتْ، وسوَاءٌ قُلْنَا: إِذْنُهُ شَرْطٌ. أو لا؛ إذ في تَصْحِيحِ غَيْرِهَا افتِيَاتٌ عليهِ وتَفْوِيتٌ لجُمُعَتِه.
(فإن استوَيَا في إِذْنٍ أو عَدَمِه, فالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ)؛ لأنَّ الاستِغْنَاءَ حَصَلَ بالأُولَى, فأُنِيطَ الحُكْمُ بها، ويُعْتَبَرُ السَّبْقُ بالإحرامِ. (وإن وَقَعَتَا مَعاً) ولا مَزِيَّةَ لإِحْدَاهُمَا, بَطَلَتَا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا ولا تَصْحِيحُ إِحْدَاهُمَا، فإن أَمْكَنَ إِعَادَتُهُمَا جُمُعَةً, فَعَلُوا, وإلا صَلَّوْهَا ظُهْراً.
(أو جُهِلَتِ الأُولَى مِنْهُمَا, بَطَلَتَا), ويُصَلُّونَ ظُهْراً؛ لاحتِمَالِ سَبْقِ إِحْدَاهُمَا, فتَصِحُّ ولا تُعَادُ، وكذا لو أُقِيمَتْ في المِصْرِ جُمُعَاتٌ, وجُهِلَ كَيْفَ وَقَعَتْ. وإذا وَافَقَ العِيدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ سَقَطَتْ عَمَّن حَضَرَهُ معَ الإمامِ؛ كمَرِيضٍ دُونَ الإمامِ، فإنِ اجتَمَعَ معَهُ العَدَدُ المُعْتَبَرُ أَقَامَهَا, وإلا صَلَّى ظُهْراً، وكذا العيدُ بها إذا عَزَمُوا على فِعْلِها سقَطَ.