دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 09:02 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب الجمع بين الصلاتين في السفر

بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ

عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قالَ: ((كانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَجْمَعُ في السَّفَرِ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ)).


  #2  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

حديثُ ابنِ عبَّاسٍ (( كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجمَعُ بينَ صلاةِ الظهْرِ والعصرِ إذا كان على ظهْرِ سَيْرٍ ويَجمَعُ بينَ المغربِ والعشاءِ ))
هذا اللفظُ للبخاريِّ دونَ مسلِم كما قالَه عبدُ الحقِّ في ( الجمْعِ بينَ الصحيحين ) ونَبَّهَ عليه ابنُ دقيقِ العيدِ وأَطلَقَ المُصنِّفُ إخراجَه عنهما نَظَراً إلى أصْلِ الحديثِ على عادةِ المحدِّثين فإن مسلِماً أخرَجَ من روايةِ ابنِ عبَّاسٍ الجمْعَ بينَ الصلاتين في الجملةِ من غيرِ اعتبارِ لفظٍ بعينِه وهو المتَّفَق عليه ثم يَنبغي التنبيهُ على أن البخاريَّ علَّقَه ولم يَصِلْ سَندَه فإنه قالَ : وقال إبراهيمُ بنُ طهمانَ عن حسينٍ عن يَحْيى عن عِكْرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ فذكَرَه والبخاريُّ لم يُدْرِكْ إبراهيمَ بنَ طهمان ففي إطلاقِ أنه رواه مُشاحَحَةٌ قويَّةٌ والعجَبُ من ابنِ الأثيرِ في شرْحِ ( المسنَدِ ) حيث ادَّعَى أن مسلِماً أَخْرَجَه وساقَ سنَدَه الذي فيه التصريحُ وذلك في عرْضِ سطْرٍ .


  #3  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 10:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ الجمعِ بينَ الصلاتَيْنِ في السفرِ

الْحَدِيثُ الثامنُ والعشرونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ في السَّفَرِ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ))

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: جوازُ الجمعِ بينَ صَلَاتَي الظهرِ والعصرِ، وبينَ صلاتَي المغربِ والعشاءِ في السفرِ.
الثَّانِيَةُ: عمومُ الحديثِ لِقَيْدِ جوازِ جمعِ التقديمِ والتأخيرِ بينَ الصلاتَيْنِ.
الثَّالِثَةُ: ظاهرُ الحديثِ أنَّهُ بِمَا إذا جَدَّ بهِ السَّيْرُ، وهوَ مَذْهَبُ بعضِ العلماءِ، والجمهورُ على جوازِ الجمعِ، ولوْ لم يَجِدَّ بهِ سَيْر.


  #4  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 10:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ الجمعِ بين الصَّلاتيْنِ في السفَرِ


لمَّا كانَ السفرُ مظنَّةَ المشقَّةِ، رخَّصَ فيه الشارعُ بعضَ الرُّخصِ في العباداتِ، تيسيراً على عبادِهِ، ورحمةً بهم.
ومن تلك الرخصِ: إباحةُ الجمعِ للمسافرِ الذي ربَّما أدركَهُ وقتُ الصَّلاةِ وهو جادٌّ في سفرِهِ.
فأُبيحَ له أنْ يجمعَ بين صلاتيِ الظهرِ والعصرِ في وقتِ إحداهما، وبين صلاتيِ المغربِ والعشاءِ في وقتِ إحداهما أيضاً.
وهذا كلُّه من سماحةِ الشريعةِ المحمَّديَّةِ ويُسرِها، وهو فضلٌ من اللَّهِ تعالى، لِئَلاَّ يجعلَ علينا في الدِّينِ من حَرجٍ.

***


الحديثُ الثامنُ والعشرونَ بعدَ المائةِ
128- عن عبدِ اللَّهِ بنِ عباسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُما قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، إِذَا كانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ “ .

(128) المعنَى الإجماليُّ:
كان مِنْ عادةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سافرَ وجَدَّ بِهِ السيرُ في سفرٍ، الجمعُ بينَ الظُّهْرِ والعصرِ، إمَّا تَقديماً أو تأخيراً، والجمعُ بينَ المغربِ والْعِشَاءِ، إمَّا تقديماً أو تأخيراً، يُراعِي في ذلك الأرفقَ بِهِ وبمَن معه مِنَ المُسافرينَ، فيكونُ سَفرُه سَبباً في جَمْعِهِ الصَّلاَتينِ، في وَقْتِ إحداهما؛ لأنَّ الوَقْتَ صار وَقْتاً للصَلاَتينِ كِلَيْهِما.

اختلافُ الْعُلَمَاءِ:
اختلفَ الْعُلَمَاءُ في الجمْعِ. فذهبَ كثيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ والتابعينَ إلَى جوازِ الجمْعِ تَقديماً أو تأخيراً وهو مذْهَبُ الشَّافعيِّ، وأحمدَ، والثَّوريِّ، مُسْتَدِلِّينَ بأحاديثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابْنِ عُمَرَ، ومنهَا حَدِيثُ مُعاذٍ، " أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارْتحلَ قبلَ أنْ تَزيغَ الشَّمْسُ أخَّرَ صَلاَةَ الظُّهْرِ حتَّى يَجْمَعَهَا إلَى العصرِ، يُصلِّيهما جَميعاً، وإذا ارتحلَ بعدَ زَيْغِ الشَّمْسِ، صَلَّى الظُّهْرَ والعصرَ جميعاً ثُم سارَ. وكان إذا ارتحلَ قبلَ المغربِ، أخَّرَ المغربَ حتَّى يُصلِّيَهَا مع الْعِشَاءِ، وإذا ارتحلَ بعدَ المغربِ يُعجِّلُ الْعِشَاءَ فصَلاَّهَا مع المغربِ " رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والترمذيُّ.
وقد صَحَّحَ بعضُ الأَئِمَّةِ هذا الْحَدِيثَ، وتَكلَّم فِيهِ بعضُهم الآخرُ، وأصْلُه في مُسْلِمٍ بدونِ جَمْعِ التَّقديمِ.
وذهبَ أبو حنيفةَ وصاحِباه، والحسنُ، والنَّخَعِيُّ: إلَى عدمِ جوازِ الجَمْعِ. فَتأوَّلوا أحاديثَ الجمعِ بأنَّه جَمعٌ صُورِيٌّ.
وصِفتُهُ ـ عندهم ـ أنْ يُؤخِّرَ الظُّهْرَ إلَى آخرِ وَقْتِهَا فَيصلِّيهَا، ثم يُصَلِّي بَعْدَهَا العصرَ في أَوَّلِ وَقْتِهَا، وكذلك المغربُ والْعِشَاءُ.
وهذا تَعسُّفٌ وخلافُ المفهومِ مِنْ لفظِ الجمْعِ، الذي معناه جَعْلُ الصَّلاَتينِ في وَقْتِ إحداهما، ويُعكِّرُ عَلَيْهِ أيضاً ثبوتُ جمعِ التقديمِ وهو يُنافِي هذهِ الطُّرقَ في التأويلِ. ذَكَر الخَطَّابِيُّ وابنُ عبدِ البرِّ أنَّ الجمعَ رُخصةٌ، والإتيانَ بالصَّلاَتينِ إحداهما في آخرِ وَقْتِهَا والثانيةَ في أَوَّلِ وَقْتِهَا، فِيهِ ضِيقٌ إذْ لا يُدركُه أكثرُ الخاصَّةِ، فما بَالُكَ بالعامَّةِ!.
وذهبَ ابنُ حزمٍ، وروايةٌ عَنْ مالكٍ: أنَّه يجوزُ جمعُ التأخيرِ دونَ التقديمِ.
وأجابوا عَنِ الأحاديثِ، بما قَالَهُ بعضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ المَقالِ فيهَا.
واخْْتَلَفُوا أيضاً في حُكمِ الجمعِ.
فذهبَ الشَّافعيُّ وأحمدُ والْجُمْهُورُ، إلَى أنَّ السَّفرَ سببٌ في جمعِ التقديمِ والتأخيرِ، وهو روايةٌ عَنْ مالكٍ.
وذهبَ مالكٌ في المشهورِ عَنْهُ إلَى اختصاصِ الجمعِ في بوَقْتِ الحاجةِ، وهي إذا جَدَّ بِهِ السَّيرُ، واختارهَا شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ وقوَّى ذلك ابنُ القيِّمِ في ِ[الهَدْيِ] قَالَ: البَاجِيُّ: كراهةُ مالكٍ للجمْعِ؛ خَشيةَ أنْ يَفعلَهُ مَنْ يقدرُ عَلَيْهِ دونَ مَشَقَّةٍ , وأما إباحتُهُ إذا جَدَّ بِهِ السفرُ فلحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
وذهبَ أبو حنيفةَ إلَى عدمِ جوازِ الجَمْعِ إلا في عَرفةَ ومُزدلِفةَ للنُّسكِ لا للسَّفرِ.
واستدلَّ الْجُمْهُورُ بأحاديثِ الجمعِ الْمُطْلَقةِ عَنْ تَقييدِ السَّفرِ بِنازلٍ أو جَادٍّ في السَّيرِ، ومنهَا ما جاءَ في المُوطَّأِ عَنْ مُعاذِ بْنِ جبلٍ مِنْ أنَّ النَّبِيَّ ُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخَّرَ الصَّلاَةَ يوماً في غزوةِ تَبُوكَ، ثم خرَجَ فصَلَّى الظُّهْرَ والعصرَ جميعاً، ثم دخلَ ثم خرجَ فصَلَّى المغربَ والْعِشَاءَ. قَالَ ابْنُ عبدِ البَرِّ: هذا الْحَدِيثُ ثابتُ الإسنادِ، وذَكرَ الشَّافعيُّ في الأمّ ,ِ وابنُ عبدِ البَرِّ , والباجِيُّ , أنَّ دخولَهُ وخروجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكونُ إلا وهو نازِلٌ غيرُ جادٍّ في السفرِ, وفي هذا رَدٌّ قَاطِعٌ عَلَى مَنْ قَالَ: لا يَجمعُ إلا مَنْ جَدَّ بِهِ السفرُ.
أما دليلُ الإمامِ مالكٍ، وشيخِ الإسلامِ، وابنِ القيِّمِ، فحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أنَّه كانَ إذا جَدَّ بِهِ السَّيرُ، جمَعَ بينَ المغربِ والْعِشَاءِ ويقولُ: " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ إذا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ".
ولكنْ عندَ الْجُمْهُورِ زيادةُ دلالةٍ في أحاديثِهَا يَحْسنُ قَبولُهَا.
ولأنَّ السَّفرَ مَوطنُ مَشَقَّةٍ في النزولِ والسَّيرِ، ولأنَّ رُخصةَ الجَمْعِ ما جُعِلَتْ إلا للتسهيلِ فِيهِ.
وابنُ القيِّمِ في ِ[الهَدْيِ] جَعلَ حَدِيثَ مُعاذٍ ونحوِه مِنْ أدِلَّتِهِ، علَى أنَّ رُخصةَ الجمعِ لا تكونُ إلا في وَقْتِ الجَدِّ في السَّيرِ.
أما رَأْيُ أبي حنيفةَ فمَردودٌ بالسُّنَنِ الصحيحةِ الصريحةِ.

فوائدُ:
الأولَى: ما ذَكره المؤلِّفُ في الجمعِ لأجلِ السَّفرِ
وهناك أعْذَارٌ غيرُ السفرِ تُبيحُ الجمعَ:
منهَا: المطرُ، فقد روَى البُخاريُّ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " جَمَعَ بينَ المغربِ والْعِشَاءِ في ليلةٍ مَطيرةٍ ". وخَصَّ الجمعَ هنا بالمغربِ والْعِشَاءِ فقطْ دونَ الظُّهْرِ والعصرِ، وجوَّزَه جماعةٌ منهم الإمامُ أحمدُ وأصحابُهُ.
وكذلك المَرضُ، فقد روَى مُسْلِمٌ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " جَمَعَ بينَ الظُّهْر والعصرِ والمغربِ والْعِشَاءِ، مِنْ غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ " وفي روايةٍ " مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ ".
وليس هناك إلا المرضُ. وقد جَوَّزه كثيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، منهم مالكٌ , وأحمدُ , وإسحاقُ , والحسنُ. وقالَ بِهِ جماعةٌ مِنَ الشَّافعيَّةِ، فمنهم: الخَطَّابِيُّ، واختارَه النوويُّ في صحيحِ مُسْلِمٍ، وذكرَ ابنُ تيميَّةَ أنَّ الإمامَ أحمدَ نَصَّ علَى جوازِ الجمعِ للحَرجِ وللشًُّغلِ بحَدِيثٍ رُوِي في ذلك.
وقد ثَبتَ جَوازُ الجمعِ للمُستحاضةِ، وهو نوعٌ مِنَ المرضِ.

الفائدةُ الثانيةُ:
أنَّ السفرَ الذي يُباحُ فِيهِ الجمعُ، قد اختلفَ الْعُلَمَاءُ في تحَدِيدِهِ. فَجعله: الإمامانِ، والشَّافعيُّ، وأحمدُ، يومَينِ قاصِدَيْنِ، يعنِي: ستَّةَ عَشَرَ فَرسخاً.
واختارَ الشيخُ تَقِيُّ الدينِ أنَّ كلَّ ما يُسمَّى سَفراً، طالَ أو قَصُرَ، أُبيحَ فِيهِ الجمعُ، وأنه لا يَتقدَّرُ بمُدَّةٍ، وقالَ: إنَّ نصوصَ الكتابِ والسُّنةِ ليس فيهَا تفريقٌ بينَ سفرٍ طويلٍ وسفرٍ قصيرٍ، فمَنْ فَرَّق بينَ هذا وهذا فقد فَرَّق بينَ ما جَمع اللَّهُ بينه فَرْقاً لا أصلَ لَهُ.
وما ذهبَ إِلَيْهِ شيخُ الإسلامِ هو مذْهَبُ الظاهريَّةِ. ونَصَره صاحبُ المُغْنِي.
وقالَ ابنُ القيِّمِ في ِ[الْهَدْيِ]: وأما ما يُروَى عَنْهُ مِنَ التحَدِيدِ باليومِ، أو اليومَينِ، أو الثلاثةِ، فلم يصِحَّ عَنْهُ منهَا شيءٌ ألبَتَّة.

الفائدةُ الثالثةُ:
عندَ جمهورِ الْعُلَمَاءِ، أنَّ تَرْكَ الجمعِ أَفْضَلُ مِنَ الجمعِ، إلا في جَمْعَيْ عَرفةَ ومُزدلفةَ؛ لما في ذلك مِنَ المَصلَحةِ.

ما يُؤخذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
جوازُ الجمعِ بينَ صَلاَتيِ الظُّهْرِ والعصرِ، وبين صَلاَتي المغربِ والْعِشَاءِ.
عمومُ الْحَدِيثِ يُفيدُ جوازَ جمعِ التقديمِ والتأخيرِ، بينَ الصَّلاَتينِ، وقد دَلَّت عَلَيْهِ الأدلَّةُ كما تقدَّمَ.
ظاهِرُه أنَّه خاصٌّ بما إذا جَدَّ بِهِ السَّيرُ، وتقدَّم الخلافُ في ذلك وأدلَّةُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ دقيقِ العيدِ: الْحَدِيثُ يدلُّ علَى الجمْعِ إذا كانَ علَى ظَهْرِ سَيرٍ، ولولا وُرودُ غَيرِه مِنَ الأحاديثِ بالجمعِ في غيرِ هذهِ الحالةِ لكان الدليلُ يقتضي امتناعَ الجمعِ في غيرِهِ، فجوازُ الجمعِ في هذا الْحَدِيثِ قد عُلِّق بصفةٍ لم يكن ليجوزَ إلغَاؤهَا، لكن إذا صحَّ الجمعُ في حالةِ النُّزولِ فالعملُ بِهِ أولَى؛ لقيامِ دليلٍ آخرَ علَى الجوازِ في غيرِ هذهِ الصورةِ، أعني السَّيرَ، وقيامُ ذلك الدليلِ يدلُّ علَى إلغاءِ اعتبارِ هذا الوصفِ، ولا يُمكنُ أنْ يُعارَضَ ذلك الدليلُ بالمفهومِ مِنْ هذا الْحَدِيثِ؛ لأنَّ دَلالةَ ذلك المنطوقِ علَى الجوازِ في تلكِ الصورةِ بخصوصِهَا أرجحُ اه.
يدلُّ الْحَدِيثُ وغيرُه مِنَ الأحاديثِ أنَّ الجمعَ يَختَصُّ بالظُّهْرِ مع العصرِ، والمغربِ مع الْعِشَاءِ، وأنَّ الفجرَ لا تُجمعُ إلَى شيءٍ منهَا.


  #5  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 10:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

بابُ الجمعِ بَيْنَ الصَّلاتينِ فِي السَّفرِ


133 - الحديثُ الأوَّلُ: عنْ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المغرِبِ وَالعِشَاءِ.

هَذَا اللفظُ فِي هَذَا الحديثِ لَيْسَ فِي كتابِ مُسلمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتابِ البُخاريِّ. وَأَمَّا روايةُ ابنِ عباسٍ فِي الجمعِ بَيْنَ الصَّلاتينِ فِي الجُملةِ من غيرِ اعتبارِ لفظٍ بعينهِ، فمتفقٌ عَلَيْهِ. ولم يختلفِ الفقهاءُ فِي جوازِ الجمعِ فِي الجُملةِ، لكنَّ أبا حنيفةَ يُخصِّصُه بالجمعِ بعرفةَ ومزدلفةَ، وتكونُ العلَّةُ فيه النُّسكَ، لاَ السَّفرَ، وَلِهَذَا يقالُ: لاَ يجوزُ الجمعُ عندَه بعذرِ السَّفرِ، وأهلُ هَذَا المذهبِ يؤوِّلونَ الأحاديثَ التي وردتْ بالجمعِ عَلَى أنَّ المرادَ تأخيرُ الصَّلاةِ الأُولى إِلَى آخرِ وقتِها، وتقديمُ الثانيةِ فِي أوَّلِ وقتِها، وَقَدْ قسَّمَ بعضُ الفقهاءِ الجمعَ إِلَى جمعِ مقارنةٍ وجمعِ مواصلةٍ، وأرادَ بجمعِ المقارنةِ أن يكونَ الشَّيئانِ فِي وقتٍ واحدٍ، كالأكلِ والقيامِ مثلاً، فإنهما يقعانِ فِي وقتٍ واحدٍ، وأرادَ بجمعِ المواصلةِ أَنْ يقعَ أحدُهمَا عقيبَ الآخرِ، وقصدَ إبطالَ تأويلِ أصحابِ أبي حنيفةَ بِمَا ذكرناهُ، لأنَّ جمعَ المقارنةِ لاَ يُمكنَ فِي الصَّلاتينِ، إذ لاَ يقعانِ فِي حالةٍ واحدةٍ، وأبطلَ جمعَ المواصلةِ أَيْضًا، وقصدَ بِذَلِكَ إبطالَ التأويلِ المذكورِ، إذْ لمْ يتنزَّلْ عَلَى شيءٍ مِنَ القِسْمينِ.
وعندِي أنَّهُ لاَ يبعدُ أنْ يتنزَّلَ عَلَى الثَّانِي، إذا وقعَ التحرِّي فِي الوقتِ، أَوْ وقعتِ المُسامحةُ بالزَّمنِ اليسيرِ بَيْنَ الصَّلاتينِ إِذَا وقعَ فاصلاً، لكنَّ بعضَ الرِّواياتِ فِي الأحاديثِ لاَ يَحتملُ لفظُها هَذَا التأويلَ إلاَّ عَلَى بُعدٍ كبيرٍ، أَوْ لاَ يحتملُ أصلاً، فَأَمَّا مَا لاَ يحتملُ، فَإِذَا كَانَ صحيحًا فِي سندهِ فيقطعُ العذرَ، وَأَمَّا مَا يبعدُ تأويلُه فيحتاجُ إِلَى أن يكونَ الدليلُ المعارضُ لَهُ أقوى من العملِ بظاهرِه.
وَهَذَا الحديثُ الَّذِي فِي الكتابِ لَيْسَ يبعُدُ تأويلُه كلَّ البعدِ بِمَا ذُكرَ منَ التَّأويلِ، وَأَمَّا ظاهرُه فإنْ ثبتَ أنَّ الجمعَ حقيقةً لاَ يتناولُ صورةَ التأويلِ، فالحُجَّةُ قائمةٌ بِهِ، حتى يكونَ الدليلُ المعارضُ لَهُ أقوى مِن ذَلِكَ التَّأويلِ مِن هَذَا الظَّاهِرِ.
والحديثُ يدلُّ عَلَى الجمعِ إِذَا كَانَ عَلَى ظهرِ سيرٍ، ولولا ورودُ غيرِه من الأحاديثِ بالجمعِ فِي غيرِ هَذِهِ الحالةِ لكانَ الدَّليلُ يقتضِي امتناعَ الجمعِ فِي غيرِها، لأنَّ الأصلَ عدمُ جوازِ الجمعِ، ووجوبُ إيقاعِ الصلاةِ فِي وقتهَا المحدودِ لَهَا، وجوازُ الجمعِ بِهَذَا الحديثِ قَدْ عُلِّقَ بصفةٍ مناسبةٍ للاعتبارِ، فلمْ يكنْ ليجوزَ إلغاؤُها، لكنْ إِذَا صحَّ الجمعُ فِي حالةِ النُّزولِ فالعملُ بِهِ أولَى، لقيامِ دليلٍ آخرَ عَلَى الجوازِ فِي غيرِ هَذِهِ الصُّورةِ، أعني السَّيرَ، وقيامُ ذَلِكَ الدَّليلِ يدلُّ عَلَى إلغاءِ اعتبارِ هَذَا الوصفِ، وَلاَ يُمكنُ أنْ يُعارَضَ ذَلِكَ الدليلُ بالمفهومِ من هَذَا الحديثِ، لأنَّ دلالةَ ذَلِكَ المنطوقِ عَلَى الجوازِ فِي تلكَ الصُّورةِ بخُصوصِها أرجحُ.
وقولهُ: وَكَذَلِكَ المغربُ والعِشاءُ، يريدُ فِي طريقِ الجمعِ، وظاهرُه اعتبارُ الوصفِ الَّذِي ذكرهُ فيهمَا، وَهُوَ كونُهُ عَلَى ظهرِ سيرٍ، وَقَدْ دلَّ الحديثُ عَلَى الجمعِ بَيْنَ الظُّهرِ والعصرِ، وبينَ المغربِ والعشاءِ، وَلاَ خلافَ أنَّ الجمعَ ممتنعٌ بَيْنَ الصبحِ وغيرِها، وبينَ العصرِ والمغربِ، كَمَا لاَ خلافَ فِي جوازِ الجمعِ بَيْنَ الظُّهرِ والعصرِ بعرفَةَ، وبينَ المغربِ والعشاءِ بمُزدلِفَةَ.
ومِنْ ههنا ينشأُ نظرُ القائسينَ فِي مسألةِ الجمعِ، فأصحابُ أبي حنيفةَ يقيسونَ الجمعَ المختلفَ فيه عَلَى الجمعِ الممتنع اتفاقًا، ويحتاجونَ إِلَى إلغاءِ الوصفِ الفارقِ بَيْنَ محلِّ النِّزاعِ ومحلِّ الإِجماعِ، وَهُوَ الاشتراكُ الواقعُ بَيْنَ الظُّهرِ والعصرِ، وبينَ المغربِ والعشاءِ، إمَّأ مطلقًا أَوْ فِي حالةِ العُذرِ، وغيرُهمْ يقيسُ الجوازَ فِي محلِّ النِّزاعِ عَلَى الجوازِ فِي محلِّ الإِجماعِ، ويحتاجُ إِلَى إلغاءِ الوصفِ الفارقِ، وَهُوَ إقامةُ النُّسُكِ.


  #6  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 11:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

المتن:


باب الجمع بين الصلاتين في السفر
137- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع في السفر بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء.


باب قصر الصلاة في السفر
138- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك.


باب الجمعة
146- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رجالا تماروا في منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي عود هو؟ فقال سهل: من طرفاء الغابة، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر، وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم رفع، فنزل القهقرى، حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس، فقال: ( يا أيها الناس! إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي )
- وفي لفظ: فصلى وهو عليها، ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى.


***

الشرح:

هذه الأحاديث الثلاثة في :
الجمع بين الصلاتين
وفي قصر الصلاة في السفر
وفي بيان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على منبره ليعلم الناس.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء.
هذا يدل على أنه إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع؛ لأنه أرفق بالمسافر. قد فسر ذلك ما في رواية أنس أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا ارتحل قبل أن تنزل الشمس أخر الظهر مع العصر وجمعهما جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد أن تنزل الشمس قدم العصر مع الظهر وجمعهما جمع تقديم، وهكذا المغرب مع العشاء.
فإذا كان المسافر على ظهر سير شرع له الجمع؛ لأنه أرفق به، وإذا كان نازلا مقيما فالأفضل عدم الجمع، ولهذا لما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم بمنى لم يجمع؛ لأنه مقيم، وصلى كل صلاة في وقتها.
فالأفضل للمقيم في أثناء السفر: عدم الجمع وإن دعت الحاجة إلى الجمع فلا بأس. ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جمع في إقامته أثناء سفره. وإذا أجمع المسافر على إقامة جازمة أكثر من أربعة أيام فإنه لا يقصر ولا يجمع، وينتهي بهذا حكم السفر حتى يجدد سفرا جديدا، أما إذا أقام وليس عنده نية الإقامة فلا يدري متى يظعن، وينتظر حاجة، فإنه يقصر ويجمع ولو أقام طويلا.
والسنة أن يلزم القصر مطلقا، ظاعنا أو مقيما فإن القصر آكد من الجمع، وهو سنة مؤكدة، والجمع رخصة حسب الحاجة، فالسنة في للمسافر أن يصلي: الظهر والعصر والعشاء ركعتين، أما المغرب فإنها ثلاث في السفر والحضر، لا تقصر، وهكذا الفجر: اثنتان، لا تقصر. وإنما القصر في الرباعية، يصليها ثنتين حال السفر، سواء كان سائرا أو مقيما ما دام له حكم السفر.
وإذا صلى المسافر مع المقيمين أتم معهم أربعا ولا يقصر، قال ابن عباس: هكذا السنة.
وإذا صلى المقيم خلف المسافر أتم، فإذا سلم المسافر من ثنتين قام المقيم وكمل صلاته.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجمع, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir