دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 12:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المبيت بمنى وكيفية رمي الجمرات الثلاث ووقته وترتيبه

ثم يَرْجِعُ فيَبيتُ بِمِنًى ثلاثَ ليالٍ فيَرْمِي الجمرةَ الأُولَى، وتَلِيَ مَسجدَ الْخَيْفِ ـ بسبْعِ حَصَياتٍ ويَجعلُها عن يَسارِه ويَتأَخَّرُ قليلًا ويَدعو طَويلاً، ثم الوُسْطَى مِثْلَها، ثم جَمْرَةَ العَقَبَةِ ويَجعلُها عن يَمينِه ويَسْتَبْطِنُ الوادِيَ ولا يَقِفُ عندَها، يَفعلُ هذا في كلِّ يومٍ من أَيَّامِ التشريقِ ـ بعدَ الزوالِ مُستقْبِلَ القِبلةِ مُرَتِّبًا ـ فإن رَماهُ كلَّه في الثالثِ أَجْزَأَه ويُرَتِّبُه بنِيَّتِهِ، فإن أَخَّرَه عنه أو لم يَبِتْ بها فعليه دَمٌ، ومَن تَعَجَّلَ في يومينِ خَرَجَ قبلَ الغُروبِ، وإلا لَزِمَه الْمَبيتُ والرَّمْيُ من الْغَدِ.


  #2  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 05:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ثُمَّ يَرْجِعُ) مِن مَكَّةَ بعدَ الطوافِ والسَّعْيِ (فـ) يُصَلِّي ظُهْرَ يومِ النحرِ بمِنًى، و (يَبِيتُ بمِنًى ثلاثَ ليالٍ) إن لم يَتَعَجَّلْ، وليلتَيْنِ إن تَعَجَّلَ في يومَيْنِ، ويَرْمِي الجَمَرَاتِ أيَّامَ التشريقِ، (فيَرْمِي الجَمْرَةَ الأُولَى وتَلِي مَسْجِدَ الخَيْفِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ) متعاقباتٍ يَفْعَلُ كما تَقَدَّمَ في جَمْرَةِ العَقَبَةِ، (ويَجْعَلُها؛ أي: الجَمْرَةَ (عَن يسارِه ويَتَأَخَّرُ قليلاً) بحيثُ لا يُصِيبُه الحَصَا (ويَدْعُو طَويلاً) رَافعاً يَدَيْهِ (ثُمَّ) يَرْمِي الوْسُطَى (مِثْلَها) سَبْعَ حَصَيَاتٍ يَرْمِي ويَتَأَخَّرُ قليلاً ويَدْعُو طَويلاً، لَكِنْ يَجْعَلُهَا عَن يَمينِه، (ثُمَّ) يَرْمِي (جَمْرَةَ العَقَبَةِ) بسَبْعٍ كذلك (ويَجْعَلُها عَن يمينِه ويَسْتَبْطِنُ الوادِيَ ولا يَقِفُ عندَها يَفْعَلُ هذا) الرَّمْيُ للجِمَارِ الثلاثِ على الترتيبِ والكَيْفِيَّةِ المذكورَيْنِ (في كُلِّ يَوْمٍ مِن أيَّامِ التشريقِ بعدَ الزوالِ) فلا يُجْزِئُ قبلَه، ولا ليلاً لغيرِ سُقَاةٍ ورُعَاةٍ، والأفضلُ الرَّمْيُ قبلَ صلاةِ الظُّهْرِ، ويَكُونُ (مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ) في الكُّلِ (مُرَتِّباً)؛ أي: يَجِبُ تَرتيبُ الجَمَرَاتِ الثلاثِ على ما تَقَدَّمَ (فإن رَمَاهُ كُلَّهُ)؛ أي: رَمَى حَصَا الجِمَارِ السَّبْعِينَ كُلَّه (في) اليومِ (الثالثِ) مِن أيَّامِ التشريقِ (أَجْزَأَه) الرَّمْيُ أداءً؛ لأنَّ أيَّامَ التشريقِ كُلُّها وَقْتٌ للرَّمْيِ. (ويُرَتِّبُه بنيَّةٍ) فيَرْمِي لليومِ الأوَّلِ بنيَّةٍ ثُمَّ للثانِي مُرَتِّباً، وهَلُمَّ جَرًّا كالفوائِتِ مِن الصلاةِ، (فإن أَخَّرَه)؛ أي: الرَّمْيَ (عَنه)؛ أي: عَن ثالثِ أيَّامِ التشريقِ فعليه دَمٌ (أو لم يَبِتْ بها)؛ أي: بمِنًى (فعليه دَمٌ)؛ لأنَّه تَرَكَ نُسُكاً واجباً، ولا مَبِيتَ على سُقاةٍ ورُعاةٍ، ويَخْطُبُ الإمامُ ثَانِيَ أيَّامِ التشريقِ خُطْبةً يُعَلِّمُهُم فيها حُكْمَ التعجيلِ والتأخيرِ والتوديعِ. (ومَن تَعَجَّلَ في يومَيْنِ خَرَجَ قبلَ الغُروبِ) ولا إِثْمَ عليه وسَقَطَ عَنه رَمْيُ اليومِ الثالثِ، ويَدْفِنُ حَصَاهُ، (وإلا) يَخْرُجْ قبلَ الغُروبِ (لَزِمَه المَبيتُ والرَّمْيُ مِن الغَدِ) بعدَ الزوالِ.
قَالَ ابنُ المُنْذِرِ: وثَبَتَ عَن عُمَرَ أنَّه قالَ: (مَنْ أَدْرَكَهُ المَسَاءُ فِي اليَوْمِ الثَّانِي فَلْيُقِمْ إِلَى الغَدِ حَتَّى يَنْفِرَ مَعَ النَّاسِ).


  #4  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 05:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ثم يرجع) من مكة بعد الطواف والسعي([1]) (فـ) يصلي ظهر يوم النحر بمنى([2]) (ويبيت بمنى ثلاث ليال) إن لم يتعجل([3]) وليلتين إن تعجل في يومين([4]) ويرمى الجمرات أيام التشريق([5]).
(فيرمي الجمرة الأولى([6]) وتلي مسجد الخيف([7]) بسبع حصيات) متعاقبات([8]) يفعل كما تقدم في جمرة العقبة([9]) (ويجعلها) أي الجمرة (عن يساره) ([10]).
ويتأخر قليلاً) بحيث لا يصيبه الحصى([11]) (ويدعو طويلاً) رافعا يديه([12]) (ثم) يرمي (الوسطى مثلها) بسبع حصيات ويتأخر قليلاً، ويدعو طويلاً([13]) لكن يجعلها عن يمينه([14]) (ثم) يرمي (جمرة العقبة) بسبع كذلك([15]).
(ويجعلها عن يمينه([16]) ويستبطن الوادي([17]) ولا يقف عندها([18]) يفعل هذا) الرمي للجمار الثلاث، على الترتيب والكيفية المذكورين([19])(في كل يوم من أيام التشريق([20]) بعد الزوال) فلا يجزئ قبله([21]).
ولا ليلاً لغير سقاة ورعاة([22]) والأفضل الرمي قبل صلاة الظهر([23]) ويكون (مستقبل القبلة) في الكل([24]) (مرتبًا) أي يجب ترتيب الجمرات الثلاث على ما تقدم([25]).
(فإن رماه كله) أي رمى حصى الجمار السبعين كله (في) اليوم (الثالث) من أيام التشريق (أجزأه) الرمي أداءً([26]) لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي([27]) (ويرتبه بنيته) فيرمي لليوم الأول بنيته([28]) ثم للثاني مرتبا، وهلم جرا([29]).
كالفوائت من الصلاة([30]) (فإن أخره) أي الرمي (عنه) أي عن ثالث أيام التشريق فعليه دم([31]) (أو لم يبت بها) أي بمنى (فعليه دم) ([32]) لأنه ترك نسكًا واجبًا([33]) ولا مبيت على سقاة ورعاة([34]).
ويخطب الإمام ثاني أيام التشريق، خطبة يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير والتوديع([35]) (ومن تعجل في يومين خرج قبل الغروب) ([36]) ولا إثم عليه([37]) وسقط عنه رمي اليوم الثالث([38]).
ويدفن حصاه([39]) (وإلا) يخرج قبل الغروب (لزمه المبيت، والرمي من الغد) بعد الزوال([40]) قال ابن المنذر: وثبت عن عمر أنه قال: من أدركه المساء في اليوم الثاني، فليقم إلى الغد، حتى ينفر مع الناس([41]).



([1]) ولا يبيت بمكة ليالي منى، بلا نزاع في الجملة، بل بمنى، ليتم ما بقي عليه من أعمال الحج، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد يبيت بمكة إلا العباس، من أجل سقايته.
([2]) لقول ابن عمر: أفاض النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى، متفق عليه، قال الشيخ، والسنة أن يصلي بالناس بمنى، ويصلي خلفه أهل الموسم، ويستحب أن لا يدع الصلاة في مسجد منى، وهو مسجد الخيف، مع الإمام فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ، وعمر، كانوا يصلون بالناس قصرا بلا جمع بمنى، ويقصر الناس خلفهم، أهل مكة، وغير أهل مكة، فإن لم يكن للناس إمام عام صلى الرجل بأصحابه، والمسجد بني بعد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على عهده.
([3]) قال الوزير وغيره: هو مشروع إجماعًا، إلا في حق سقاة ورعاة، وهو واجب عند أحمد، في رواية وقول للشافعي اهـ وعنه: سنة وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، والقول الثاني للشافعي.
([4]) أي ويبيت بمنى غير سقاة ورعاة ونحوهم ليلتين إن تعجل في يومين ولا نزاع في جوازه.
([5]) وجوابًا إجماعًا وهي الثلاثة بعد يوم النحر، وقال الوزير: اتفقوا على
وجوبه كل جمرة بسبع حصيات، قال الشيخ: ويستحب أن يمشي إليها اهـ، ولأن بعده وقوف ودعاء، فالمشي أقرب إلى التضرع، وقال ابن القيم: لما زالت الشمس مشى من رحله إلى الجمار ولم يركب.
([6]) إجماعا، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بها، وسميت الأولى، والدنيا لقربها من مسجد الخيف، وهي أبعدهن من مكة، ويرميها بعد الزوال كما سيأتي، ويسن قبل الصلاة.
([7]) وهو المسجد المعروف، وأول من بناه المنصور العباسي، وهو محل خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وصلواته «والخيف» ما انحدر من غلظ الحبل وارتفع عن مسيل الماء.
([8]) واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة، وفعله صلى الله عليه وسلم بيان للصفة المشروعة، وثبت رميه بسبع، من حديث عمر، وابن مسعود، وعائشة وغيرهم، وثبت التساهل عن بعض الصحابة في البعض، قال سعد: رجعنا من الحجة بعضنا يقول: رميت بست وبعضنا يقول: بسبع، فلم يعب بعضنا على بعض، رواه الأثرم، وعن ابن عمر معناه، قال الموفق: الظاهر عن أحمد لا شيء في حصاة ولا حصاتين.
([9]) بأن يرميها بسبع حصيات، واحدة بعد واحدة، يرفع يده، حتى يرى بياض إبطه، ويكبر مع كل حصاة، قاله الشيخ وغيره، قال: وإن شاء قال: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا إلخ.
([10]) لما في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم تقدم أمامها فوقف
مستقبل القبلة، وفي لفظ: ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة، ولا يكون كذلك إلا بجعلها عن يساره.
([11]) وعبارة الموفق وغيره: ثم يتقدم قليلاً، كما في الصحيح وغيره، فإنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه تقدم أمامها، حتى أسهل فقام مستقبل القبلة.
([12]) بقدر سورة البقرة، وقاله الشيخ، وتلميذه وغيرهما، لما في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما: فيقوم مستقبل القبلة، قيامًا طويلاً ويدعو ويرفع يديه وقيده بعضهم بقدر سورة البقرة.
([13]) بلا نزاع، وظاهر كلام غيره، يتقدم قليلاً ويدعو لما في الصحيحين وغيرهما، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ويدعو، ويرفع يديه ويقوم طويلاً، يحمد الله، ويثني عليه، ويهلل ويكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بحاجته، ويرفع يديه، وقال ابن القيم: ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فوقف مستقبل القبلة، رافعًا يديه يدعو قريبًا من وقوفه الأول، فتضمن حجه ست وقفات للدعاء، على الصفا، والمروة وبعرفة، ومزدلفة وعند الجمرتين، وإن ترك الوقوف عندها والدعاء فقد ترك السنة ولا شيء عليه.
([14]) لما تقدم ولا يكون كذلك إلا بجعلها عن يمينه.
([15]) أي بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده حتى يرى بياض إبطه ويكبر ويدعو إلى آخره، وقال الموفق وغيره: لا نعلم مخالفا لما تضمنه حديث ابن عمر، إلا ما روي عن مالك في رفع يديه، والسنة متظاهرة بذلك.
([16]) فيكون مستقبل القبلة،وعنه: يستقبلها لما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرميها من بطن الوادي، مستقبلاً لها، ويكون البيت عن يساره، وقال الشيخ: هذا هو الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم.
([17]) لما تقدم من الأخبار، والعمل عليه عند أهل العلم، وبعضهم يرى وجوبه.
([18]) قال الحافظ وغيره: لا نعلم فيه خلافا، لما في الصحيحين وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم لا يقف عندها، وحكمة الوقوف عندهما دونها والله أعلم تحصيل الدعاء لكونه في وسط العبادة، بخلاف جمرة العقبة، لأن العبادة قد انتهت بفراغ الرمي، والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها، أفضل منه بعد الفراغ منها، كالصلاة.
([19]) أي في «المتن» وذلك باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم، وبنقل الخلف عن السلف.
([20]) فيرمي في اليوم الثاني من أيام منى، مثل ما رمى في الأول، ثم إن شاء رمى في اليوم الثالث، وهو الأفضل، وإن شاء تعجل في اليوم الثاني بنفسه، قبل غروب الشمس.
([21]) عند جمهور العلماء فعن عائشة: مكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمار،
إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة
يقف عند الأولى، والثانية، فيطيل القيام والتضرع، ويرمي الثالثة، ولا يقف عندها، رواه أبو داود، ولمسلم عن جابر، رأيته يرمي على راحلته يوم النحر، وأما بعد ذلك، فبعد زول الشمس، وللترمذي وحسنه: عن ابن عباس كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس، قال: والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، أنه لا يرمي بعد يوم النحر إلا بعد الزوال، فوقت الزوال للرمي، كطلوع الشمس لرمي يوم النحر، وله عن ابن عمر مرفوعًا: أنه كان يمشي إلى الجمار، وله عنه أيضا وصححه: كان إذا رمى الجمار مشى إليها، ذاهبًا وراجعًا، وقال: العمل عليه عند أكثر أهل العلم.
([22]) فهم يرمون ليلاً ونهارًا «والسقاة» جمع ساق، اسم فاعل والسقاية: مصدر، كالحماية والرعاية، مضاف إلى المفعول: وليس المراد الذين يأتون بالماء للحاج، إنما الرخصة لسقاة زمزم خاصة، لأنها إنما وقعت للعباس، وهو صاحب زمزم، كما قاله المجد وغيره، والرعاة: هم رعاة الإبل خاصة، بضم الراء، جمع راع، ويجمع على رعيان.
([23]) لفعله صلى الله عليه وسلم.
([24]) أي حال الرمي، وآخر وقت كل يوم: المغرب، وتقدم: أنه يرمي جمرة العقبة مستقبلاً لها، والكعبة عن يساره.
([25]) قريبًا، بأن يرمي الأولى، وتلي مسجد الخيف، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، وهو شرط، إلا عند أبي حنيفة، فلو نكسه فبدأ بغير الأولى، لم يحتسب له إلا بها، ويعيد رمي الأخيرتين مرتين، وإن أخل بحصاة من الأولى لم يصح رمي.
الثانية، وإن جهل محلها بنى على اليقين، والموالاة ليست بشرط، جزم به مرعي وغيره، قال الخلوتي، يدل عليه قول: وإن جهل من أيها ترك، بنى على اليقين، أي فيجعلها من الأولى فيذهب إليها، فيرميها بحصاة واحدة فقط، ثم يعيد رمي ما بعدها، فإنها لو كانت الموالاة غير معتبرة، لما أعاد رمي الأولى.
وقال في قوله: وفي ترك حصاة ما في إزالة شعرة، بشرط أن تكون الأخيرة وأن يكون سائر ما قبلها من الجمرات وقع تاما، وأن تكون أيام التشريق قد مضت، فإنه لو كان الترك من غير الأخيرة، لم يصح رميه، ولم يصح رمي ما بعدها بالمرة، ولو كان جميع الترك من الأخيرة، ولم تمض أيام التشريق، وجب عليه أن يعيد، ولم يجزئه الإطعام، لبقاء وقت الرمي، وفي حاشيته، قوله: ومن له عذر، من نحو مرض، وحبس جاز أن يستنيب من يرمي عنه، هذا فيما إذا كان فرضًا، وأما إن كان نفلا جاز أن يستنيب ولو لغير عذر.
([26]) قال في الإنصاف: بلا نزاع، كتأخير وقوف بعرفة إلى آخر وقته.
([27]) لأنه عليه الصلاة والسلام جوزه للرعاة، فلزم تجويزه لغيرهم.
([28]) فيرمي الأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة.
([29]) أي يرمي لليوم الثاني مرتبًا بنيته، يبتدئ بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة وهلم جرا، فيرمي للثالث كذلك، ويوالي بين الرمي.
([30]) أي يرتبه بنيته، كما يرتب الفوائت من الصلاة بنيته.
([31]) أي فيستقر عليه الدم شاة.
([32]) وهو مذهب مالك، وقول للشافعي، وعنه: لا شيء عليه، وفاقا لأبي حنيفة.
([33]) فاستقر عليه الدم، لقول ابن عباس: من ترك نسكًا فعليه دم، والمبيت نسك عند الجمهور.
([34]) أي أهل سقاية الحج، القائمين بها، قولاً واحدًا، لما روي عن ابن عمر: أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته فأذن له، متفق عليه، وكذا الرعاة، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لما روى الترمذي وصححه: رخص لرعاة الإبل في البيتوتة، في أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر، يرمونه في أحدهما، ولأنهم يشتغلون بإسقاء الماء والرعي، فرخص لهم في ذلك، وكان العباس يلي السقاية، في الجاهلية والإسلام فمن قام بذلك بعده إلى الآن، فالرخصة له، وهم أهل سقاية زمزم.
ولما نزلت{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية قال العباس: ما أراني إلا تارك سقايتنا فقال صلى الله عليه وسلم ((أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيرًا)) ورواه البغوي بلفظ ((اعملوا فإنكم على عمل صالح)) وقال الموفق وغيره: أهل الأعذار كالمرضى ونحوهم، ومن له مال يخاف ضياعه، أو فواته، أو موت مريض، حكمه حكم الرعاة والسقاة، في ترك البيتوتة، وجزم به جمع، وصوبه في الإنصاف .
وقال ابن القيم: يجوز للطائفتين ترك المبيت بالسنة، وإذا كان قد رخص لهم، فمن له مال يخاف ضياعه، أو مريض يخاف من تخلفه عنه، أو كان مريضًا لا تمكنه البيتوتة، سقطت عنه، بتنبيه النص على السقاة والرعاة اهـ، وإن أدرك الليل الرعاة بمنى، لزمهم المبيت إلا أن تكون إبلهم في المرعى، ونحوه، فلهم الخروج لها إن خافوا عليها، وأهل السقاية يسقون ليلاً ونهارًا فلا يلزمهم.
([35]) لما روي أبو داود عن رجلين من بنى بكر قالا: رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بمنى، أوسط أيام التشريق، ونحن عند راحلته، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك، ليذكر العالم، ويعلم الجاهل.
([36]) قال في الإنصاف: بلا نزاع، وهو النفر الأول.
([37]) قال تعالى: {تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} أي أن يصيب في حجه شيئا نهاه الله عنه، خيرَّه تعالى ونفى الحرج، وظاهره، يشمل مريد الإقامة بمكة وغيره، قال في المبدع: وهو قول أكثر العلماء اهـ والأفضل أن يمكث ويرمي لفعله صلى الله عليه وسلم ونفي الإثم لا يقتضي المساواة، لنزولها بسب أن أهل الجاهلية منهم من يؤثِّم المتقدم، ومنهم من يؤثِّم المتأخر، فنفى الإثم تعالى عنهما لأخذ أحدهما بالرخصة، والآخر بالأفضل، وقيل: معناه: يغفر لهما بسبب تقواهما، فلا يبقى عليهما ذنب، كما روي عن ابن عباس وغيره.
([38]) حيث تعجل، ولا نزاع في ذلك ، سوى الإمام، فالسنة بقاؤه، ليقيم لمن تأخر من الحاج نسكهم.
([39]) لا حاجة لدفنه، ولا يتعين عليه، بل له طرحه، أو دفعه إلى غيره.
([40]) لأن الشارع إنما جوز التعجيل في اليومين ، واليوم : اسم لبياض النهار، فإذا غربت الشمس لزمه المبيت، والرمي من الغد بلا نزاع.
([41]) رواه مالك، وقال الشافعي، ليس له أن ينفر بعد غروب الشمس، وهو رواية عن أبي حنيفة وقاله الشيخ وغيره؛ وقال: ولأن الشارع جوز التعجيل في اليوم وهو اسم لبياض النهار، فإذا غربت الشمس خرج من أن يكون في اليوم فهو ممن تأخر، فلزمه المبيت بمنى، والرمي بعد الزوال، ونص عليه جمهور أهل العلم، وقال: ولا ينفر الإمام الذي يقيم للناس المناسك، بل السنة أن يقيم إلى اليوم الثالث، وقال أيضا: ليس له التعجيل لأجل من يتأخر اهـ، ثم إن نفر في اليوم الثاني، ثم رجع في اليوم الثالث، لم يضره رجوعه، وليس عليه رمي، لحصول الرخصة.
قال الشيخ: ثم إن نفر من منى، فإن بات بالمحصب، وهو الأبطح، وهو ما بين الجبلين إلى المقبرة، ثم نفر بعد ذلك فحسن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بات به وخرج، ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى، لكنه ودع البيت، وقال: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.
وقال ابن القيم: اختلف السلف في التحصيب، هل هو سنة أو منزل اتفاق؟
فقالت طائفة: هو من سنن الحج، لما في الصحيحين: «نحن نازلون غدا إن شاء الله، بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر» فقصد إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر، والعداوة لله ورسوله، ولمسلم: أن أبا بكر وعمر كانوا ينزلونه ، وابن عمر يراه سنة.
وذهبت طائفة منهم ابن عباس وعائشة، إلى أنه ليس بسنة، وإنما هو منزل اتفاق، وقال أبو رافع: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أنا ضربت قبته فيه، ثم جاء فنزل، فأنزل الله فيه بتوفيقه، تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم قال في المبدع: ولا خلاف في عدم وجوبه.



  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 04:37 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

ثُمَّ يَرْجعُ فيبيتُ بِمِنَى ثَلاَثَ ليالي، فَيرمي الجَمْرَةَ الأولى، وَتَلِي مَسْجِدَ الخِيفِ بِسَبعِ حَصَيَاتٍ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَتَأخر قَلِيلاً، ويَدْعُو طَويلاً، ثُمَّ الوُسْطَى مِثْلَهَا،..
قوله: «ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاث ليالي» ، أي: ثم يرجع من مكة بعد أن يطوف ويسعى فيبيت ثلاث ليالي، هذا إن تأخر، وإن تعجل فليلتين، فيبيت الحادية عشرة، والثانية عشرة، والثالثة عشرة إن تأخر، وإن تعجل فالحادية عشرة والثانية عشرة.
قوله: «فيرمي الجمرة الأولى وتلي مسجد الخيف بسبع حصيات ويجعلها عن يساره» .
صفة الرمي على المذهب: أن يرمي الجمرة الأولى، وتلي مسجد الخيف، وتسمى الجمرة الصغرى، ويجعلها عن يساره حال الرمي بسبع حصيات متعاقبات ويستقبل القبلة، ولا يرمي تلقاء وجهه.
قوله: «ويتأخر قليلاً ويدعو طويلاً» ، أي: يبعد إلى موضع لا يناله فيه الحصا، ولا يتأذى بالزحام، ويدعو طويلاً مستقبل القبلة، وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنه بقدر ما يقرأ سورة البقرة[(1)]، رافعاً يديه.
قوله: «ثم الوسطى مثلها» لكن يجعلها عن يمينه، والقبلة أمامه على كلام الأصحاب ـ رحمهم الله ـ فيرميها بسبع حصيات متعاقبات.

ثُمَّ جَمَرَةَ العَقَبَة، وَيَجْعَلُهَا عَن يَمِيِنِه، وَيَستَبْطِنُ الوَادِي، وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا،..
قوله: «ثم جمرة العقبة، ويجعلها عن يمينه، ويستبطن الوادي» ، أي: يرميها بسبع حصيات متعاقبات، ويستقبل القبلة، ويرمي من بطن الوادي، ويجعلها عن يمينه كالوسطى.
ولكن الصحيح خلاف ما ذكره المؤلف، والصحيح أنه يرمي مستقبل القبلة في الأولى والوسطى، ويجعل الجمرة بين يديه، وما ذكره من الصفات مردود بأنه لا دليل عليه.
أما الثالثة فيرميها من بطن الوادي مستقبل الجمرة، وتكون الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه؛ لأن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ رماها كذلك وقال: «هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة»[(2)] ، يعني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحينئذ يستثنى من استقبال القبلة في رمي الجمرات جمرة العقبة، وإنما كان الأمر كذلك؛ لأنه في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن أن تستقبل القبلة، وترمي جمرة العقبة بحيث تكون بين يديك، لأجل الجبل، لأنها ملاصقة للجبل، وفي هذا دليل واضح على أن المقصود هو استقبال الجمرة، سواء استقبلت القبلة أم لم تستقبلها، لكن في الجمرة الأولى والوسطى يمكن أن تجمع بين استقبال القبلة واستقبال الجمرة، أما في العقبة فلا يمكن أن تجمع بين استقبال القبلة واستقبال الجمرة، ولذلك فُضِّل استقبال الجمرة.
قوله: «ولا يقف عندها» ، أي: لا يقف عند جمرة العقبة فإذا رماها انصرف، وإنما يقف بعد الأولى والوسطى.
قال بعض العلماء: لأن المكان ضيق، فلو وقف لحصل منه تضييق على الناس وتعب في نفسه.
وقال بعض العلماء: لأن الدعاء التابع للعبادة يكون في جوف العبادة ولا يكون بعدها، ولذلك دعا بعد الأولى ودعا بعد الوسطى وهذه انتهت بها العبادة؛ وهذا على قاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية واضح، ولهذا يرى أن الإنسان إذا أراد أن يدعو في الصلاة، فليدع قبل أن يسلم؛ لا بعد أن يسلم، لا في الفريضة، ولا في النافلة.
وبه نعرف أيضاً أن الدعاء على الصفا والمروة يكون في ابتداء الأشواط لا في انتهائها، وأن آخر شوط على المروة ليس فيه دعاء؛ لأنه انتهى السعي، وإنما يكون الدعاء في مقدمة الشوط كما كان التكبير أيضاً في الطواف في مقدمة الشوط، وعليه فإذا انتهى من السعي عند المروة ينصرف، وإذا انتهى من الطواف عند الحجر ينصرف، ولا حاجة إلى التقبيل، أو الاستلام، أو الإشارة، والذي نعلل به دون أن يعترض معترض أن نقول هكذا فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم.
يَفْعَلُ هَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ مُرَتِّباً فَإِن رَمَاهُ كُلَّهُ فِي الثَّالثِ أجْزَأه، وَيُرتِّبهُ بِنِيَّتِهِ فَإِن أخَّرَهُ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَبِتْ بِهَا، فَعَلَيهِ دَمٌ.
قوله: «يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال» يفعل هذا، أي: رمي الجمرات الثلاث، على ما وصف في كل يوم من أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد العيد سميت أيام التشريق لأن الناس يشرقون فيها اللحم أي ينشرونه إذا طلعت الشمس، فتشرق عليه الشمس وييبس ولا يُعفِّن، وقيل: إنها تسمَّى أيام التشريح أيضاً؛ لأن الناس يشرحون فيها اللحم.
قوله: «بعد الزوال»، أي زوال الشمس ويكون الزوال عند منتصف النهار، وعليه يكون وقت الرمي من زوال الشمس إلى غروبها، فلا يجزئ الرمي قبل الزوال، ولا يجزئ بعد الغروب؛ لأن ذلك خارج عن اليوم، والدليل على أنه لا يجزئ قبل الزوال ما يلي:
أولاً : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((رمى بعد الزوال)) [(3)]، وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) [(4)].
ثانياً : ولأنه لو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم، لما فيه من فعل العبادة في أول وقتها من وجه، ولما فيه من التيسير على العباد من وجه آخر، لأن الرمي في الصباح قبل الزوال أيسر على الأمة من الرمي بعد الزوال؛ لأنه بعد الزوال يشتد الحر ويشق على الناس أن يأتوا من مخيمهم إلى الجمرات، ومع شدة الحر يكون الغم مع الضيق والزحام، فلا يمكن أن يختار النبي صلّى الله عليه وسلّم الأشد ويدع الأخف، فإنه ما خيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً[(5)]، فنعلم من هذا أنه لو رمى قبل الزوال صار ذلك إثماً، ولذلك تجنبه النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولعل هناك فائدة وهي ابتلاء العباد هل يرمون مع المشقة أو يتقدمون خوف المشقة؟ وليس هذا ببعيد أن يبتلي الله عباده بمثل هذا، ولما فيه من تطويل الوقت من وجه ثالث، فلما كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتعمد أن يؤخر حتى تزول الشمس مع أنه أشق على الناس، دل هذا على أنه قبل الزوال لا يجزئ.
ثالثاً : أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يبادر بالرمي حين تزول الشمس فيرمي قبل أن يصلي الظهر[(6)]، وكأنه يترقب زوال الشمس ليرمي ثم ليصلي الظهر، ولو جاز قبل الزوال لفعله صلّى الله عليه وسلّم، ولو مرة بياناً للجواز، أو فعله بعض الصحابة وأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم وهذا هو القول الراجح، أعني القول بمنع الرمي قبل الزوال.
وقد رخص بعض العلماء في اليوم الثاني عشر لمن أراد أن يتعجل أن يرمي قبل الزوال، ولكن لا يتعجل إلا بعد الزوال وبعضهم أطلق جواز الرمي في اليوم الثاني عشر قبل الزوال، ولكن لا وجه لهذا إطلاقاً مع وجود السنة النبوية، فلو قال قائل إن الله يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] ، والأيام تكون في أول النهار وآخر النهار؟
فالجواب: أن هذا المطلق في القرآن بينته السنة، وليس هذا أول مطلق تبينه السنة، فما دام النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر الله برمي الجمرات في هذا الوقت فإنه لا يجزئ قبله.
وأما الرمي بعد غروب الشمس فلا يجزئ على المشهور من المذهب، لأنها عبادة نهارية فلا تجزئ في الليل كالصيام.
وذهب بعض العلماء إلى إجزاء الرمي ليلاً، وقال: إنه لا دليل على التحديد بالغروب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: حدد أوله بفعله ولم يحدد آخره.
وقد سئل الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما في صحيح البخاري فقيل: «رميت بعدما أمسيت ، قال: ((لا حرج)) [(7)] والمساء يكون آخر النهار، وأول الليل[(8)]، ولما لم يستفصل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل بعدما أمسيت في آخر النهار، أو في أول الليل، علم أن الأمر واسع في هذا.
ثم إنه لا مانع أن يكون الليل تابعاً للنهار، فالوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، والليل فيه تابع للنهار، فإن وقت الوقوف يمتد إلى طلوع الفجر.
ولهذا نرى أنه إذا كان لا يتيسر للإنسان الرمي في النهار، فله أن يرمي في الليل، وإذا تيسر لكن مع الأذى والمشقة، وفي الليل يكون أيسر له وأكثر طمأنينة، فإنه يرمي في الليل؛ لأن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من المتعلق بزمن العبادة، وما دام أنه ليس هناك دليل صحيح صريح يحدد آخر وقت الرمي، فالأصل عدم ذلك.
قوله: «مستقبل القبلة مرتباً» ، سبق القول في قوله مستقبل القبلة، والمراد بالترتيب هنا الترتيب في الجمرات أن يرمي الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ودليله قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لتأخذوا عني مناسككم)) [(9)]، فإن نكس ورمى العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى صحت الأولى فقط، ووجب عليه أن يرمي الثانية، والثالثة[(10)].
وقال بعض أهل العلم: إن الترتيب ليس بشرط، لكنه ندب وقال: إن هذا ليس أولى من عدم الترتيب في أنساك يوم العيد، وأنساك يوم العيد لا يشترط فيها الترتيب، وعورض هذا بأن الرمي عبادة واحدة فلا بد أن تفعل كما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف أنساك يوم العيد، فإنها عبادات متنوعة، كل عبادة مستقلة عن الأخرى.
ولكن نقول: ما دام الإنسان في سعة فيجب الترتيب، وأنه لو سألنا في أيام التشريق، فقال: إنه رمى منكساً لسهل علينا أن نقول: اذهب وارم مرتباً، لكن إذا كان الأمر قد فات بفوات أيام التشريق، وجاء وسأل فقال: إني رميت من غير أن أعلم فبدأت بجمرة العقبة، فلا بأس بإفتائه بأن رميه صحيح؛ لأنه ليس هناك قول عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بوجوب الترتيب بينها، وليس هناك إلا مجرد الفعل، وعموم: «لتأخذوا عني مناسككم».
ولا سيما أن كثيراً من العلماء قالوا: يسقط الترتيب بين أعضاء الوضوء بالجهل والنسيان، وبين الفوائت بالجهل والنسيان، وبين الصلاتين المجموعتين بالجهل، فهذا يدل على أنه إذا اختل الترتيب لعذر من الأعذار، فإنه يسقط عن الإنسان؛ لأنه أتى بالعبادة لكن على وجه غير مرتب.
قوله: «فإن رَمَاهُ كله في الثالث أجزأه» ، الضمير يعود على حصى الجمار، أي: رماه كله في اليوم الثالث، وهو الثالث عشر أجزأه، وظاهر كلام المؤلف أنه لا شيء عليه.
قوله: «ويرتبه بنيته» ، أي يرتب الأيام بنيته، فمثلاً يبدأ برمي أول يوم بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، ثم يعود فيرمي لليوم الثاني يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ثم يعود فيرمي للثالث يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة، فلا بد أن يأتي بعبادة اليوم الأول قبل عبادة اليوم الثاني.
ولا يجزئ أن يرمي الأولى عن ثلاثة أيام، ثم الوسطى عن ثلاثة أيام، ثم العقبة عن ثلاثة؛ لأن ذلك يفضي إلى تداخل العبادات، أي: إدخال جزء من عبادة يوم في عبادة يوم آخر.
وما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ من جواز جمع الرمي في آخر يوم ضعيف؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رمى كل يوم في يومه، وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) [(11)]، لأنه رخص للرعاة أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً[(12)].
وكلمة ((رخص)) تدل على أن من سواهم، لا رخصة له، وعلى هذا فالقول الصحيح، أنه لا يجوز أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم إلا في حال واحدة مثل أن يكون منزله بعيداً، ويصعب عليه أن يتردد كل يوم، لا سيما في أيام الحر والزحام، فهنا لا بأس أن يؤخر الرمي إلى آخر يوم ويرميه مرة واحدة؛ لأن هذا أولى بالعذر من الرعاة الذين رخص لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجمعوا الرمي في يوم.
وأما من كان قادراً، والرمي عليه سهل لقربه من الجمرات، أو لكونه يستطيع أن يركب السيارات حتى يقرب من الجمرات، فإنه يجب أن يرمي كل يوم في يومه.
قوله: «فإن أخره عنه» ، أي: عن آخر يوم من أيام التشريق فعليه دم، أي: ولو لعذر، لكن إذا كان لعذر يسقط عنه الإثم، وأما جبره بالدم فلا بد منه.
فلو فرض أن رجلاً من الناس ظن أن رمي الجمرات غير واجب، أو ظن أن الترتيب فيها غير واجب، وجاء يسألنا بعد أن مضت أيام التشريق، فعلى ما مشى عليه المؤلف يجب عليه دم.
فإذا قال: أنا جاهل؟ قلنا: نعم أنت جاهل ويسقط عنك الإثم، لكن هذا العمل الذي فات بجهلك له بدل، وهو الدم، فيجب عليك أن تذبح فدية توزعها على الفقراء في مكة.
تنبيه: ظاهر كلام المؤلف أنه إذا أخره عن اليوم الثالث رماه وعليه دم، وهذا غير مراد لأنه إذا مضت الأيام انتهى وقت الرمي فيسقط.
قوله: «أو لم يبت بها فعليه دم» ، الضمير يعود على منى، أي: لم يبت بها ليلتين إن تعجل أو ثلاث ليالٍ إن تأخر فعليه دم وسبق ما يراد بالدم عند الإطلاق في قول المؤلف «والدم شاة» إلخ.
وقوله: «أو لم يبت بها» ، عُلم منه أنه لو ترك ليلة من الليالي، فإنه ليس عليه دم، وهو كذلك[(13)]، بل عليه إطعام مسكين إن ترك ليلة، وإطعام مسكينين إن ترك ليلتين، وعليه دم إن ترك ثلاث ليالي.
وقيل: إن ترك المبيت، ليس فيه دم مطلقاً، وهذا مبني على أن المبيت سنة، وليس بواجب.
واستدل لهذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم:(رخص لعمه العباس في السقاية أن يبيت بمكة من أجل سقي الناس ماء زمزم) [(14)] ، وهذا ليس بضرورة إذ من الجائز أن تترك زمزم، وكل من جاء شرب منها، ولكن كون الرسول صلّى الله عليه وسلّم يرخص للعباس يدل على أن المبيت سنة.
والصحيح أنه واجب، لأن كلمة((رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقايته)) ، يدل على أن ما يقابل الرخصة عزيمة لا بد منه.
ولكن لا نفعل كما يفعل بعض المفتين اليوم، يأتيه السائل، ويقول أنا لم أدرك الليل كله في منى، فات علي بعض الليل وأنا في مكة؛ لأنني نزلت إلى مكة أقضي الحج، وأطوف ثم تأخر بي السير، ولم أصل إلى منى إلا بعد الفجر.
فيقول عليك دم، فهذا غلط؛ لأن إلزام المسلمين بما لم يلزمهم الله به قول على الله بلا علم.
مسألة: لو أن مفتياً أفتى بغير علم، وقال للحاج: عليك دم، فذهب الحاج واشترى دماً بخمسمائة ريال، وتصدق به على الفقراء، هل يمكن أن نقول بتضمين المفتي؟
الجواب: نعم نقول بتضمينه؛ لأنه هو الذي أفتاه بغير علم، وألزمه بما لم يلزمه الله به، ونحن نستفيد من هذا التضمين أن هذا الذي أفتى بغير علم اليوم لا يفتي بمثله أبداً، ولا يفتي بمسألة إلا وقد علمها أو غلب على ظنه أن هذا حكمها.

وَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَينِ خَرجَ قَبْلَ الغُروب، وإِلاَّ لَزِمَه المَبِيتُ والرَّميُ مِن الغَدِ
قوله: «ومن تعجل في يومين» ، أتى بلفظ الآية ونعم ما صنع، لأنه متى أمكن الإنسان أن يأتي بلفظ الدليل فهو أولى؛ لأنه يجمع بين المسألة ودليلها مثل قول الماتن ـ رحمه الله ـ: «وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» ، فهذا لفظ المتن وهو أيضاً لفظ الحديث[(15)]، فمتى أمكنك الإتيان بالألفاظ الشرعية فهو خير وأسلم لذمتك، ويفهم الناس منها ما يفهمون من الدليل، والمراد باليومين الحادي عشر والثاني عشر؛ لقول الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: 203] . أي: من هذه الأيام المعدودات، والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
وبعض العوام يظنون أن المراد بقوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} يوم العيد والحادي عشر، فيتعجلون في الحادي عشر، ولكن هذا غلط، لم يقل به أحد من أهل العلم، وإنما المراد من تعجل في يومين من هذه الأيام الثلاثة أيام التشريق.
قوله: «خرج قبل الغروب» ، أي: خرج من منى قبل أن تغرب الشمس، وذلك ليصدق عليه أنه تعجل في يومين؛ إذ لو أخر الخروج إلى ما بعد الغروب لم يكن تعجل في يومين؛ لأن اليومين قد فاتا.
قوله: «وإلا لزمه المبيت والرمي من الغد» ، أي: وإلا يخرج قبل غروب الشمس لزمه المبيت ليلة الثالث عشر، والرمي من الغد، بعد الزوال، كاليومين قبله.
والدليل أن الله قال: {فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: 203] وفي للظرفية، والظرف لا بد أن يكون أوسع من المظروف، وعليه فلا بد أن يكون الخروج في نفس اليومين.
وقد روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ: أَنَّ مَنْ أدركه المساء فإنه يلزمه البقاء[(16)].
مسألة: لو أن جماعة حلوا الخيام وحملوا العفش وركبوا، ولكن حبسهم المسير؛ لكثرة السيارات فغربت عليهم الشمس قبل الخروج من منى، فلهم أن يستمروا في الخروج، لأن هؤلاء حبسوا بغير اختيار منهم.



[1] سبق تخريجه ص(325).
[2] أخرجه ابن أبي شيبة (321) الجزء المفقود موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنهما وإسناده صحيح كما قال الحافظ في الفتح (3/683) ط/الريان.
[3] سبق تخريجه ص(326).
[4] سبق تخريجه ص(240).
[5] أخرجه البخاري في «المناقب»/ باب صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم (3560)؛ ومسلم في «الفضائل»/ باب مباعدته صلّى الله عليه وسلّم للآثام (2327) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[6] لما روى وبرة قال: سألت ابن عمر ـ رضي الله عنهما: «متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك فارمه، فأعدت عليه المسألة، قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا»، أخرجه البخاري في الحج/ باب رمي الجمار (1746).
[7] أخرجه البخاري في الحج/ باب إذا رمى بعدما أمسى (1735) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما.
[8] انظر: «لسان العرب» مادة «مسا».
[9] سبق تخريجه ص(240).
[10] وهذا هو المذهب.
[11] سبق تخريجه ص(240).
[12] أخرجه الإمام أحمد (5/450)؛ وأبو داود في الحج/ باب في رمي الجمار (1976)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء في الرخصة للرعاة أن يرموا يوماً... (954)؛ والنسائي في المناسك/ باب رمي الرعاة (5/273)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب تأخير رمي الجمار من عذر (3036) وصححه ابن خزيمة (2976)، (2977)؛ وابن حبان (3888) عن عاصم بن عدي ـ رضي الله عنه ـ وأخرجه الإمام أحمد (5/450)؛ وأبو داود (1975)؛ والترمذي (955)؛ والنسائي (5/273)؛ وابن ماجه (3037)؛ وصححه ابن خزيمة (1979) عن عاصم بن عدي ـ رضي الله عنه ـ بلفظ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (رخص لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر فيرمونه في أحدهما)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال: إنه أصح من اللفظ الأول.
[13] وهذا هو المذهب.
[14] أخرجه البخاري في الحج/ باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم ليالي منى (1743)؛ ومسلم في الحج/ باب وجوب المبيت بمنى (1315) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ واللفظ للبخاري.
[15] سبق تخريجه ص(276).
[16] أخرجه البيهقي (5/152)؛ وأخرجه مالك في «الموطأ» (1/407)؛ ومن طريق البيهقي (5/152) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما.
وصححهما النووي في «المجموع» (8/283) وروى مرفوعاً ولا يثبت، كما قال البيهقي.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المبحث, بمنى

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir