قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (سياق ما ورد في كتاب اللّه من الآيات ممّا فسّر أو دلّ على أنّ القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/241]
354 - أخبرنا محمّد بن عثمان بن محمّدٍ الدّقيقيّ قال: حدّثنا
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/241]
الحسين بن محمّد بن عبادة الواسطيّ قال: حدّثنا مسلم بن عيسى الأحمر قال: حدّثنا إبراهيم بن بشّارٍ قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن محمّد بن سوقة، عن مكحولٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوجٍ} [الزمر: 28] قال: غير مخلوقٍ.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/242]
355 - وأخبرنا الحسين بن أحمد بن إبراهيم الطّبريّ قال: حدّثنا الحسن بن طاهرٍ قال: حدّثنا مسبّح بن حاتمٍ البصريّ بالبصرة قال: حدّثنا عبد الأعلى بن عبد الكريم الخراسانيّ قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوجٍ} [الزمر: 28] قال: غير مخلوقٍ ومن دلائل الكتاب من حيث الاستنباط قوله تبارك وتعالى:
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/242]
{إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82]
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/243]
356 - أخبرنا الحسين بن أحمد بن إبراهيم الطّبريّ قال: حدّثنا محمّد بن بندارٍ، ومحمّد بن إسحاق بن مبشّرٍ الطّبريّان قالا: حدّثنا أبو نعيمٍ الإستراباذيّ قال: قلت للرّبيع: سمعت البويطيّ يقول: إنّما خلق اللّه كلّ شيءٍ بكن، فإن كانت كن مخلوقةً فمخلوقٌ خلق مخلوقًا. قال: فحكاه الرّبيع قلت: وهذا معنى ما يعبّرون عنه العلماء اليوم: إنّ هذا كن الأوّل كان مخلوقًا، فهو مخلوقٌ بكن أخرى. فهذا يؤدّي إلى ما يتناهى، وهو قولٌ مستحيلٌ.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/243]
357 - حدّثنا جعفر بن عبد اللّه بن يعقوب قال: أخبرنا محمّد بن هارون الرّويانيّ قال: حدّثنا عمرو بن عليٍّ قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا عبد الواحد بن سليمٍ، عن عطاءٍ قال: حدّثني الوليد بن عبادة وسألته: كيف كانت وصيّة أبيك حين حضره الموت؟ قال: دعاني فقال: يا بنيّ، اتّق اللّه، واعلم أنّك لا تتّقي اللّه حتّى تؤمن باللّه، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه، فإن متّ على غير هذا دخلت النّار،
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/243]
سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أوّل ما خلق اللّه القلم قال: اكتب، فكتب ما كان وما هو كائنٌ إلى الأبد " قلت: فأخبر أنّ أوّل الخلق القلم، والكلام قبل القلم، وإنّما جرى القلم بكلام اللّه الّذي قبل الخلق إذا كان القلم أوّل الخلق. استنباط آيةٍ أخرى من كتاب اللّه وهي قوله: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] ففرّق بينهما. والخلق هو المخلوقات، والأمر هو القرآن.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/244]
358 - أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس قال: أخبرنا عبد اللّه بن محمّدٍ البغويّ قال: حدّثنا سعيد بن نصيرٍ أبو عثمان الواسطيّ الشّعيريّ في مجلس خلف بن هشامٍ البزّار قال: سمعت ابن عيينة يقول: " ما يقول هذا الدّويبة؟ يعني بشرًا المريسيّ، قالوا: يا أبا محمّدٍ: يزعم أنّ القرآن مخلوقٌ. قال: فقد كذب، قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] فالخلق خلق اللّه، والأمر القرآن " وكذلك قال أحمد بن حنبلٍ، ونعيم بن حمّادٍ، ومحمّد بن يحيى الذّهليّ، وعبد السّلام بن عاصمٍ الرّازيّ، وأحمد بن سنانٍ الواسطيّ، وأبو حاتمٍ الرّازيّ
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/244]
استنباط آيةٍ أخرى من القرآن وهو قوله عزّ وجلّ:
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/244]
{ولكن حقّ القول منّي} [السجدة: 13] وما كان منه فهو غير مخلوقٍ
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/245]
359 - وذكر أحمد بن فرجٍ الضّرير قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الهاشميّ قال: حدّثنا عمّي قال: سمعت وكيع بن الجرّاح يقول: " من زعم أنّ القرآن مخلوقٌ فقد زعم أنّ شيئًا من اللّه مخلوقٌ. فقلت: يا أبا سفيان، من أين قلت هذا؟ قال: لأنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: {ولكن حقّ القول منّي} [السجدة: 13] ولا يكون من اللّه شيءٌ مخلوقٌ " وكذلك فسّره أحمد بن حنبلٍ، ونعيم بن حمّادٍ، والحسن بن الصّبّاح البزّار، وعبد العزيز بن يحيى المكّيّ الكنانيّ
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/245]
استنباط آيةٍ أخرى من القرآن وهو قوله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27] والمخلوقات كلّها تنفد وتفنى، وكلمات اللّه لا تفنى، وتصديق ذلك قوله تعالى حين يفنى خلقه: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فيجيب تعالى نفسه: {للّه الواحد القهّار} [إبراهيم: 48]
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/245]
360 - وعن قتادة في قوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27] قال: قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، فأنزل اللّه تعالى ما تسمعون، يقول: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحرٍ مدادًا،
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/245]
لتكسّرت الأقلام ونفدت البحور قبل أن تنفد عجائب ربّي وحكمته وكلماته وعلمه.
361 - وعن الحسن في تفسير هذه الآية: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ} مذ خلق اللّه الدّنيا إلى أن تقوم السّاعة أقلامٌ، والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ لتكسّرت الأقلام، ونفدت البحور، ولم تنفد كلمات اللّه: فعلت كذا صنعت كذا. ذكره عبد الرّحمن قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا يزيد بن زريعٍ قال: حدّثنا أبو رجاءٍ قال: سمعت الحسن قرأ: {ولو أنّما في الأرض} [لقمان: 27] فذكره كما مضى.
362 - وعن أبي الجوزاء ومطرٍ الورّاق مثله،
363 - وسأل رجلٌ أبا الهذيل العلّاف المعتزليّ البصريّ عن القرآن، فقال: مخلوقٌ. فقال له: مخلوقٌ يموت أو يخلّد؟ قال: لا، بل يموت. قال فمتى يموت القرآن؟ قال: إذا مات من يتلوه فهو موته. قال: فقد مات من يتلوه وقد ذهبت الدّنيا وتصرّمت وقال اللّه عزّ وجلّ: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فهذا القرآن وقد مات النّاس. فقال: ما أدري. وبهت.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/245]
وذكره عبد الرّحمن قال: حدّثنا أبو سعيدٍ أحمد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان قال: سمعت رجلًا سأل أبا الهذيل فذكره
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/246]
364 - أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس قال: أخبرنا عبد اللّه بن محمّد بن زيادٍ النّيسابوريّ قال: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن وهبٍ، عن يونس، عن الزّهريّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يطوي اللّه الأرض يوم القيامة ويطوي السّماوات بيمينه، ثمّ يقول: أنا الملك، فأين ملوك الأرض "؟ أخرجه البخاريّ ومسلمٌ جميعًا من حديث ابن وهبٍ
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/247]
365 - ذكره عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ قال: ذكره أحمد بن محمّد بن عثمان أبو عمرٍو الدّمشقيّ قال: حدّثنا محمّد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنا أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " يأمر اللّه إسرافيل بنفخة الصّعقة فإذا هم خامدون وجاء ملك الموت فقال: يا ربّ فقد مات أهل السّماء والأرض إلّا من شئت فيقول: من بقي؟ وهو أعلم، قال: يا ربّ بقيت أنت الحيّ الّذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا. فيقول: ليمت جبريل وميكائيل وليمت حملة عرشي.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/247]
فيقول اللّه تعالى وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحيّ الّذي لا تموت وبقيت أنا. فيقول: يا ملك الموت أنت خلقٌ من خلقي خلقتك لما رأيت فمت. ثمّ لا يحيى. فإذا لم يبق إلّا اللّه الواحد الصّمد قال اللّه: لا موت على أهل الجنّة، ولا موت على أهل النّار. ثمّ طوى اللّه السّماء والأرض كطيّ السّجلّ للكتاب ثمّ قال: أنا الجبّار لمن الملك اليوم؟ ثمّ قال: لمن الملك اليوم؟ ثلاثًا، ثمّ قال لنفسه: للّه الواحد القهّار
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/248]
366 - أخبرنا أحمد بن عبيدٍ قال: أخبرنا عليّ بن عبد اللّه بن مبشّرٍ قال: حدّثنا أبو الأشعث قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ قال: ينادي المنادي بين يدي الصّيحة فيسمعها الأحياء والموتى، وينزل اللّه تعالى إلى سماء الدّنيا فيقول: لمن الملك اليوم؟ للّه الواحد القهّار قلت: وهذه دلالة نعيم بن حمّادٍ، وإسحاق بن راهويه، وهشام بن عبيد اللّه الرّازيّ، وسعيد بن رحمة المصّيصيّ صاحب ابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاريّ.
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/248]