1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.
من الفوائد السلوكية في الآيات:
1 - أن أكون سريع الاستجابة لأوامر الله ورسوله, فإن ذلك يورث قوة الإيمان. (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
2 - أن أتقي الله تعالى وأحسن في كل اموري, فذلك يورث الأجر العظيم. (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).
3 - عدم الإسراع في نشر الشائعات لتخويف الناس. (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ).
4 - التوكل على الله تعالى وعدم الخشية إلا منه سبحانه. (فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).
5 - بتحقيق التوكل على الله والخشية منه؛ يورث زيادة الإيمان. (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).
6 - أن الإيمان يزيد وينقص, فينظر المرء الأمور التي تزيده إيمانا فيفعلها ويكثر منها, والأمور التي تنقص الإيمان فينقصها ويبعد عنها. (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).
7 - إذا علمت أن الله تعالى هو نعم الوكيل؛ يورث ذلك اطمئنان القلب, وسكون النفس. (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
8 - بتحقيق التوكل على الله وخشيته, ينقلب الخوف إلى اطمئنان, والضر إلى نعم وفضل. (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
9 - أن أستعيذ بالله تعالى وألجأ إليه ليعصمني من الشيطان الرجيم. (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ).
10 - أن أكون من أولياء الله تعالى قدر استطاعتي بفعل الأوامر واجتناب النواهي؛ كي لا أكون من أولياء الشيطان. (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ).
11- أن لا أخاف إلا من الله تعالى؛ فإن ذلك يورث تحقيق الإيمان به سبحانه. (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
2. حرّر القول في:
1: المراد بالبخل في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ}.
ذكر في المراد بالبخل أقوال:
الأول: اليهود الّذين بخلوا أن يبيّنوا للنّاس ما أنزل اللّه في التّوراة من أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ونعته. هو قول ابن عباس ومجاهد. ذكره الزجاج, وابن عطية, وابن كثير.
قول ابن عباس أخرجه:
- ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عبّاسٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس.
وقول مجاهد أخرجه:
- ابن جرير في تفسيره, عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، مجاهدٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) قال: هم يهود، إلى قوله: {والكتاب المنير}
الثاني: الّذين يبخلون بما أعطاهم اللّه في الدّنيا من الأموال، فلا يخرجون منه حقّ اللّه الّذي فرضه عليهم فيه من الزّكوات. وهو قول السدي, والحسن. ذكره الزجاج, وابن عطية, وابن كثير.
قول السدي أخرجه:
- ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره عن السّدّيّ: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم):ام الذين يبخلون بما اتاهم الّذين آتاهم اللّه من فضله، فبخلوا أن ينفقوها في سبيل اللّه، ولم يؤدّوا زكاتها.
وقول الحسن أخرجه:
- ابن أبي حاتم في تفسيره عن الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم, قال: سيعذبون بما بخلوا به يوم القيامة قال: هم كافرٌ ومنافقٌ يبخل أن ينفق في سبيل اللّه.
الدراسة:
اختلف المفسرون في المراد بالبخل في الآية, ونقل ابن حجر عن الواحدي أن المفسرين أجمعوا على أنها نزلت في مانعي الزكاة, ولكنه حكم بضعف الروايات في ذلك مع ترجيحه لهذا القول قال: قال الواحديّ أجمع المفسّرون على أنّها نزلت في مانعي الزّكاة وفي صحّة هذا النّقل نظرٌ … نعم الأوّل هو الرّاجح وإليه أشار البخاريّ.
ورجح الزجاج القول الأول وذكر الثاني بصيغة التضعيف فقال: هذا يعني به: علماء اليهود الذين بخلوا بما آتاهم اللّه من علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشاقته وعداوته وقد قيل إنهم الذين يبخلون بالمال فيمنعون الزكاة.
ورجح ابن جرير القول الثاني, واستدل له بحديث من السنة, واستدل أيضا بسياق الآية ولحاقها, وهو من فقهه -رحمه الله- فقال: وأولى التّأويلين بتأويل هذه الآية التّأويل الأوّل وهو أنّه معنى بالبخل في هذا الموضع: منع الزّكاة لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تأوّل قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: البخيل الّذي منع حقّ اللّه منه أنّه يصير ثعبانًا في عنقه، ولقول اللّه عقيب هذه الآية: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} فوصف جلّ ثناؤه قول المشركين من اليهود الّذين زعموا عند أمر اللّه إيّاهم بالزّكاة أنّ اللّه فقيرٌ).
وقال ابن عطية: والأحاديث في مثل هذا من منع الزكاة واكتناز المال كثيرة صحيحة.
والله أعلم