حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
1: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.
ذكر في المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة أقوال:
الأول: المحكمات هي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم} إلى ثلاث آيات، وقوله في بني إسرائيل: {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه}. وهو قول ابن عباس. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الثاني: المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وما يؤمن به ويعمل، والمتشابه منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به. وهو قول ابن عباس. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الثالث: المحكمات الناسخات، والمتشابهات المنسوخات. وهو قول ابن مسعود, قتادة والربيع والضحاك.
الرابع: المحكمات ما فيه الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا، وذلك مثل قوله: {وما يضلّ به إلّا الفاسقين}وقوله: {كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون}. وهو قول مجاهد, وعكرمة. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الخامس: المحكمات هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، والمتشابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد. وهو قول محمد بن جعفر بن الزبير, ذكره ابن عطية. وبمثله قال محمد بن إسحاق بن يسار, ذكره ابن كثير.
السادس: المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبعضه بعكس ذلك نحو قوله:{حيّةٌ تسعى} و{ثعبانٌ مبينٌ}ونحو:{اسلك يدك} و{أدخل يدك}. وهو قول ابن زيد. ذكره ابن عطية.
السابع: المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه.وهو قول جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري، وغيرهما. ذكره ابن عطية.
الثامن: هي الحروف المقطعة في أوائل السور. وهو قول مقاتل. ذكره ابن كثير.
التاسع: المحكم هو الذي يعمل به. وهو مروي عن عكرمة، ومجاهدٍ، وقتادة، والضّحّاك، ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّي. ذكره ابن كثير.
الدراسة:
أولا: المحكم وذكر فيه عدة تعاريف:
1 - هي المفصلات المبينات الثابتات الأحكام. ذكره الزجاج, وابن عطية.
2 - هو الأصل الّذي يرجع إليه عند الاشتباه. ذكره ابن كثير.
المتشابه وذكر فيه عدة تعاريف:
1 - هي التي فيها نظر وتحتاج إلى تأويل ويظهر فيها ببادئ النظر إما تعارض مع أخرى أو مع العقل، إلى غير ذلك من أنواع التشابه. ذكره ابن عطية.
2 - هو ما تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللّفظ والتّركيب، لا من حيث المراد. ذكره ابن كثير.
ثانيا: ضعف القول السادس والسابع ابن عطية؛ ذلك لأن أهل الزيغ يتعلقون بمثل هذه التأويلات التي تكون في عبارات بعض المفسرين, مثل الكلام في بعض الغيبيات, وفي الحروف المقطعة في فواتح السور وغيرها مما لا يكون لا تعلق لهم به.
ثالثا: رجح ابن عطية وابن كثير القول الخامس أن المحكمات: هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه.
والمتشابهات: لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد, كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألّا يصرفن إلى الباطل، ولا يحرّفن عن الحق.
رابعا: أن هذه التفسيرات التي ذكرها أهل العلم للمحكم والمتشابه تعد من جهة ضرب المثال على المحكم والمتشابه, إذ أن المحكم يشمل الأمور الواضحة البينة الثابتة, والمتشابه يشمل ما يحتمل موافقة المحكم ويحتمل شيء آخر من حيث اللفظ والتركيب.
والله أعلم