دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 رجب 1436هـ/10-05-2015م, 12:05 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي تلخيص مقاصد الباب الأول من كتاب "المرشد الوجيز"


تلخيص مقاصد الباب الأول من كتاب "المرشد الوجيز"



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا الموضوع نقوم بإذن الله بتلخيص مقاصد الباب الأول من كتاب "المرشد الوجيز".

أولا: استخراج مقاصد الباب:
- نستخرج المسائل التي تضمّنها الباب من خلال النظر في الأدلة التي ذكرها المؤلف في موضوعه.
- نصنّف هذه المسائل إلى أنواع؛ بحيث يضمّ كل نوع ما يتعلّق به من المسائل، ويعدّ كلّ نوع من أنواع هذه المسائل مقصداً فرعياً من مقاصد الباب.
- نصيغ المقصد الرئيس للباب من مجموع مقاصده الفرعية، كما تعودنا من قبل.

ثانيا: تلخيص مقاصد الباب.
- المقصد الفرعي للباب هو بمثابة العنصر الذي يضم تحته عددا من المسائل المتشابهة، أو نسمية مسألة رئيسة للباب تضم تحتها عددا من المسائل الفرعية.
- نضع خلاصة مختصرة لكلام المؤلف في كل مسألة من هذه المسائل الفرعية مرتبة على المقاصد، وهذه المسائل قد استخرجناها ابتداء في أول خطوة، فنذكر الأدلة التي استدل بها المؤلف لكل مسألة مع إضافة ما نراه مناسبا للمقام من تعقيبات المؤلف.

ويكون الشكل النهائي للملخص كالتالي:

● المقصد الرئيس للباب:

● المقاصد الفرعية للباب:
أ:
- المسألة الأولى
- المسألة الثانية
- ......

ب:
- .....
- .....

ج:
- .....
.
.

● تلخيص مقاصد الباب:
أ:
- (المسألة الأولى)
- (المسألة الثانية)
-
-
.
ب:
-
-
.
ج:
.
.



تنبيهات:
1: الاهتمام بمسائل العماد وعدم الاستطراد.

2: الاجتهاد بتحرير الأقوال بأسلوبك الشخصي وتجنب النسخ، مع ملاحظة أن النسخ قد يخرج الموضوع خارج نطاق التلخيص خاصة مع كتاب مثل المرشد .
3: إيراد أصح الأدلة في الباب، وليس شرطًا أن تُذكر جميع الأحاديث والآثار.
4: الانتباه لترتيب المسائل، فقد يظهر للطالب تقديم أو تأخير يخالف ترتيب المؤلف.
5: العناية بحسن صياغة عناوين المسائل، وحسن عرض الملخص.


للطلاع على الباب الأول من الكتاب:
- خطبة المرشد الوجيز
- الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان

- إذا كان هناك أي استفسار يوضع في المجلس الخاص بالمقرر (هنا)
- توضع نماذج الإجابة وملاحظات التصحيح (هنا)



وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 12:56 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

المقصد الرئيس للباب
بيان وقت ومعنى نزوله نزول القرآن، وبيان نزوله جملة ونجوما وفوائد ذلك، ، ومعارضة جبريل النبي القرآن، وأول وآخر ما نزل، وكتابة القرآن وجمعه وترتيبه ونسخه.

المقاصد الفرعية للباب

وقت نزول القرآن
المقصود بإنزاله في ليلة القدر
إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا
فوائد نزول القرآن مفرقا
معارضة جبريل النبي القرآن
أول وآخر ما نزل من القرآن وما بينهما
كتابة القرآن في عهد النبي
جمع القرآن
ترتيب الآيات والسور وفصل السور
النسخ في القرآن
تلخيص مقاصد الباب
وقت نزول القرآن
-أنزل القرآن في ليلة مباركة وهي ليلة القدر وهي في شهر رمضان وهذا هو القول الصحيح الظاهر من الأدلة
فمن أدلة الكتاب: قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وبجمع هذه الآيات يثبت أن ليلة القدر بشهر رمضان.
-وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة} على ليلة القدر. كيف، وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير.
-وكان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وإلى أن أول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.
- ومن السنة: ما رواه قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.
قال البيهقي في معنى قوله: ((أنزل القرآن لأربع وعشرين)): إنما أراد -والله أعلم- نزول الملك بالقرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
- ومن آثار السلف: ورد الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن.
أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام."
قال أبي شامة المقدسي:رسلاً أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق، فقوله على مواقع النجوم في موضع نصب على الحال، ورسلا أي ذا رسل يريد مفرقا رافقا.
- وإذا ثبت ما سبق تبين بطلان القول بنزولها في ليلة النصف من شعبان وبطلان القول قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وبطلان القول بأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان:
وإبطال هذه الأقوال متحقق بالأحاديث الصحيحة الواردة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها.

المقصود بإنزاله في ليلة القدر
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، وهذا قول الشعبي.
قال صاحب المرشد الوجيز: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، ثم قال: وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا.
الثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
-روى الحاكم في"المستدرك" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
-أسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
وفي "تفسير الثعلبي" عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
الثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
-وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
الرابع: أنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي مفرقا عشرين ليلة بعشرين سنة
وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام.
وهذا القول يجمع بين القول الثاني والثالث؛ فإن قوله: نزل جملة واحدة، هو القول الأول، وقوله: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، هو القول الثاني، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل.
القول الخامس: عرضه وإحكامه
-قال أبو عبيد: حدثنا ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
قال صاحب المرشد الوجيز تعليقا على كلام الشعبي:"وكأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه، مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته."
من حاصل الأقوال الخمسة السابقة يتضح الآتي:
-أن أول نزوله كان بليلة القدر
-وأنه أنزل فيها جملة إلي السماء الدنيا
-ثم أنزل بعد ذلك عشرين ليلة بعشرين سنة على النبي صلى الله عليه وسلم
- وكان بهذه العشرين ليلة عرضه وإحكامه.

الأقوال في المراد بقوله تعالى:"
{وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
قيل: فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة.
وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل.
وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا.
{على مكث} على تؤدة وترسل.
{ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم.
وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.

إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا
فائدة إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا
فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه.

زمان زول القرآن إلى السماء الدنيا
أبعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
قال صاحب المرشد الوجيز: الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده.
وقال أيضا أن في حديث الإسراء، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك.

فوائد نزول القرآن مفرقا
-أنزله الله مفرقا لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه .
-ليكون فؤاد النبي ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد.
-وإذا قال قائل: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
أجاب صاحب المرشد الوجيز عن هذا فقال:"ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه، فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأن يلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}"
-وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

معارضة جبريل النبي القرآن
-كان جبريل يعارضه القرآن كل سنة مرة برمضان.
-وعارضه مرتين سنة وفاته.
في الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.

أول وآخر ما نزل من القرآن وما بينهما

أول ما نزل من القرآن
-أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}
- ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.

آخر ما نزل من القرآن
قيل: آخر ما نزل من الآيات {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية.
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها.
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين.
وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن.
ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.

بين أول نزوله وآخر نزوله
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.

كتابة القرآن في عهد النبي
-كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته.
كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب.

ترتيب الآيات والسور والفصل بين السور
ترتيب الآيات
كان ترتيبها توقيفا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل عليه شئ من القرآن يأمرهم بوضعها في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. فالأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

ترتيب السور
على قولين ذكرهما القاضي أبو بكر بن الطيب:
الأول: أنه قد يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره.
الثاني: يمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم.
ورجح القاضي القول الثاني
قال مالك: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فصل السور
كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعرفون ختم السورة حتى تنزل البسملة فتفصل بين السور.

جمع القرآن

من جمع القرآن من الصحابة في عهد النبي
-من المهاجرين: أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
-ومن الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
-ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة وحفصة وأم سلمة.
-عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
-وعن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه، وفي رواية: أحد عمومتي.
ملحوظة:قد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي لذلك تأويلات سائغة:
منها: أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها: أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها: أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها: أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها: أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها: أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.
وإن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكل، بل الشيء الكثير إذا روى كل جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواترا.

جمع
أبو بكر للقرآن
أمر أبو بكر بجمع القرآن بعد إشارة عمر عليه في مصحف واحد، وكانت الآيات كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب.

جمع عثمان للقرآن
جمع الناس على مصحف وواحد، ونسخه، ونشره في الآفاق.

النسخ في القرآن
على ثلاثة أضرب:
الأول: ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
مثاله: آية رجم الشيخ الزاني.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
الثاني: ما نسخت تلاوته وحكمه.
مثاله: آية الرضاع
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته.
مثاله: كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 05:41 AM
عبدالله الصبحي عبدالله الصبحي غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 239
افتراضي

الباب الاول
المقصد الكلي للباب :
ذكر مسائل نزول القران من حيث الوقت ومعناه وكيفيته وحفظه وأول وآخر منازل منه وترتيب آياته وأنواع النسخ فيه .

المقاصد الفرعية :
1- وقت نزول القران .

2- نزول القران
2.1- الخلاف في المقصود بنزول القران في ليلة القدر مع الراجح.
2.2-الحكمة من نزول القران جملة إلى السماء الدنيا .
2.3- معنى نزول القران منجماً إلى النبي صلى الله عليه .
2.4- الحكمة من نزوله منجماً .
2.4.1- معنى قوله ( لنثبت به فؤادك )
2.4.2- مدة نزول القران منجماً
2.5- معنى قوله ( وقراناً فرقناه )

3- حفظ القران الكريم
3.1- تكفل الله سبحانه بحفظه.
3.2- كتابة المصحف في العهد النبوي
3.3- حفاظ الصحابة .
3.4- معارضة جبريل القران مع النبي صلى الله عليه وسلم .

4- أول وآخر ما نزل من القران .

5- ترتيب آي القران .

6- أنواع النسخ في القران .
_____________________________________
الباب الاول
المقصد الكلي للباب :
ذكر مسائل نزول القران من حيث الوقت ومعناه وكيفيته وحفظه وأول وآخر منازل منه وترتيب آياته وأنواع النسخ فيه .


المقاصد الفرعية :
1- وقت نزول القران .
نزل القران الكريم في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك جمعاً بين الآيات الكريمات وهي
قوله {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقاوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقوله {إنا أنزلناه في ليلة القدر} .
وقد دلت آثار السنة على أن ليلة القدر في رمضان وقد جاءت الآثار بطلب التماسها في العشر الأواخر منه . ويتعين حمل قوله ( ليلة مباركة ) على انها ليلة القدر لان الله قال بعدها ( فيها يفرق كل أمر حكيم )
فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير، فإذا ثبت هذا، علمت أنه قد أبعد من قال: الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان . وقد أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.



2- نزول القران
2.1- الخلاف في المقصود بنزول القران في ليلة القدر مع الراجح.
اختلف أهل العلم في الإنزال المضاف إلى ليلة القدر على أربعة اقوال :
القول الاول :
نزوله جملة واحدة إلى السماء الدنيا ثم نزوله مفرقاً على النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": حدثنا يزيد -يعني ابن هارون- عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
- وأسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
القول الثاني :
أن المراد بذلك هو ابتداء نزوله . وقد روي هذا عن الشعبي
قال صاحب المرشد الوجيز: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، ثم قال: وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا .
القول الثالث :
وما رواه داود عن الشعبي في معنى قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن}، وكأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه، مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته.
القول الرابع :
أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
- وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام.
والراجح من ذلك هو نزوله جملة واحدة إلى السماء الدنيا ثم نزوله منجماً ومفرقاً على النبي عليه الصلاة والسلام في عشرين سنة كما روي ذلك عن ابن عباس.
2.2-الحكمة من نزول القران جملة إلى السماء الدنيا .
فيه تفخيم لأمر القران وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا .
2.2.1-في أي زمان نزل جملة إلى السماء الدنيا، أبعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
قال صاحب المرسز الوجيز : (الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد عليه السلام ) .

2.3- معنى نزول القران منجماً إلى النبي صلى الله عليه .
- وأسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
قال صاحب المرشد الوجيز : (هو من قولهم: نجم عليه الدية أي قطعها، ومنه نجوم الكتابة، فلما قطع الله سبحانه القرآن وأنزله مفرقا قيل لتفاريقه نجوم، ومواقعها: مساقطها، وهي أوقات نزولها، وقد قيل: إن المراد {بمواقع النجوم} مغارب نجوم السماء، والله أعلم.
وقوله في الرواية الأولى: وكان بموقع النجوم: أي بمنزلة ذلك في تفرقه وعدم تتابعه على وجه الاتصال، وإنما هو على حسب الوقائع والنوازل، وكذا مواقع النجوم بحساب أزمنة معلومة تمضي. وقرئ {بمواقع} بالجمع و"بموقع" بالإفراد.)

2.4- الحكمة من نزوله منجماً .
ذكرها الله سبحانه في قوله ( لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً)
وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
2.4.1- معنى قوله ( لنثبت به فؤادك )
قيل في تفسيرها قولان :
أ) أي لنقوي به فؤادك .لان تجدد الوحي غي كل حاثة يكون مقوياً لقلب النبي عليه الصلاة والسلام وتجدد العهد به ، ثم كذلك من حكمة نزول الفران منجماً هو ما يستلزمه من كثرة نزول الملك عليه بالوحي القريب العهد بجانب الله الذي يحدث من السرور الذي لا يوصف في قلب المصطفى عليه السلام ولهذا كان عليه الصلاة والسلام أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام .
ب) أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب . وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره.
2.4.2- مدة نزول القران منجماً
كان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم

2.5- معنى قوله ( وقراناً فرقناه )
قال أبو نصر ابن القشيري في تفسيره: فرقناه أي فصلناه.
وقيل: فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة، وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل، وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل
{ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.



3- حفظ القران الكريم
3.1- تكفل الله سبحانه بحفظه.
الله سبحانه وتعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء، وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى).

3.2- كتابة المصحف في العهد النبوي
ففي جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}.

3.3- حفاظ الصحابة .
حفظ القران في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة بلغوا مبلغ التواتر فعن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وعن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
والتحقيق ان العدد أكثر من ذلك كما صاحب المرشد الوجيز عن القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" ( ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث)
- فالعدد المذكور ليس الحصر وإن كان اللفظ للحصر فله تأويلات قد ذكرها القاضي :
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.

3.4- معارضة جبريل القران مع النبي صلى الله عليه وسلم
وفيه عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).



4- أول وآخر ما نزل من القران .
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
وآخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين . قال الشيخ أبو شامة : يعني العاشر من يوم مرضه.
وقال: حدثنا عبد الله بن صالح وابن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين . قال الشيخ أبو شامة : يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.



5- ترتيب آي القران .
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)) ففي جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.



6- أنواع النسخ في القران
ما نسخ من القرآن فعلى ثلاثة أضرب:
1- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه. ومثاله اية الرجم .
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)
2- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا..
3- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

____________________________________

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 02:49 PM
عائشة أبو العينين عائشة أبو العينين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 600
افتراضي

● المقصد الرئيس للباب:
نزول القرآن فى ليله القدروكيفيه نزوله و المده التى نزل فيها وبيان حفظ القرآن وتأليفه فى عهد رسول الله وجمعه بعده
● المقاصد الفرعية للباب:
نزول القرآن فى ليله القدروكيفيه نزوله
== ليله القدر فى شهر رمضان
==اثبات نزول القرأن فى ليله القدر من شهر رمضان
==الإنزال الخاص بليله القدروالأقوال فيه
==وقت النزول جمله بعد النبوه ام قبلها والحكمه من ذلك
==السر فى نزول القران منجماً
== أول ما نزل من القران واخر ما نزل
المده التى نزل فيها القران
== مده نزول القرآن
==متابعه الوحى على الرسول حتى وفاته
== معارض جبريل الرسول للقران كل عام فى رمضان ومرتان عام وفاته
حفظ القرآن وتأليفه فى عهد رسول الله وجمعه بعده
==وعد الله لنبيه حفظ القران وبيانه
==أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع كل آيه فى مكانها
==من جمع القران من الصحابه
==تأليف القرأن فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
== جمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

● تلخيص مقاصد الباب:
نزول القرآن فى ليله القدروكيفيه نزوله
== ليله القدر فى شهر رمضان
ليله القدر فى شهر رمضان وليست متنقله فى شهور العام وليست هى ليله النصف من شعبان فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه
ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة} على ليلة القدر.
وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير، فإذا ثبت هذا، علمت أنه قد أبعد من قال: الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان

==اثبات نزول القرأن فى ليله القدر من شهر رمضان
-أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
والمعنى أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق

- دل أيضا على أن إنزال القرآن كان في شهر رمضان، رواية قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.


==الإنزال الخاص بليله القدروالأقوال فيه




الأول : أنه ابتدئ إنزاله فيها.
وهذا قول الشعبي.
وهو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان


الثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
- قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": حدثنا يزيد -يعني ابن هارون- عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.وأخرجه الحاكم فى المستدرك
-قال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.


الثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
قال أبو الحسن الواحدي المفسر: وقال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة. وذكره ابى عبد الله الحليمى فى المنهاج


الرابع : الجمع بين القول الثانى والثالث
ذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام.


الخامس:
أن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.

وكأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه، مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته.


القول الراجح
قال ابو شامه في "كتاب شرح حديث المبعث": أن أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن




==وقت النزول جمله بعد النبوه ام قبلها والحكمه من ذلك


الأول أنزل بعدها ويكون سرفى ذلك
تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
وهذا من جملة ما شرف به نبينا صلى الله عليه وسلم،

الثانى أنزل قبلها ويكون سر ذلك
فائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده، وعلى ذلك حملنا قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))، على ما أوضحناه في "كتاب شرح المدائح النبوية"، وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة، ألا ترى أن في حديث الإسرى، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك وقد تكلم على فائدة إنزال القرآن جملة، شيخنا أبو الحسن رحمه الله ببعض ما ذكرناه.
الراجح
الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل


==السر فى نزول القران منجماً
-هذا سؤال قد تولى الله سبحانه الجواب عنه فقال في كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
- وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.


== أول ما نزل من القران واخر ما نزل

اول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، على ما شرحناه في "كتاب المبعث"، ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا، وآخر ما نزل من الآيات {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
قلت: يعني العاشر من يوم مرضه.
وقال: حدثنا عبد الله بن صالح وابن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
قلت: يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.


المده التى نزل فيها القران
== مده نزول القرآن
وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
==متابعه الوحى على الرسول حتى وفاته
عن أنس بن مالك أن الله تعالى تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. هذا لفظ البخاري، ولمسلم: إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: يعني عام وفاته أو حين وفاته، يريد أيام مرضه كلها، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، وكانت أياما، والله أعلم.
== معارض جبريل الرسول للقران كل عام فى رمضان ومرتان عام وفاته
بئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.


حفظ القرآن وتأليفه فى عهد رسول الله وجمعه بعده
==وعد الله لنبيه حفظ القران وبيانه
في الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.

==أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع كل آيه فى مكانها
جامع الترمذي وغيره عن ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
==من جمع القران من الصحابه
أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره
واحاديث المذكوره فى من جمع القرآن من الصحابه منها:-
وفيه عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وفيه عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه، وفي رواية: أحد عمومتي.
قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
==تاليف القران عهد رسول الله

تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ودليل تاليفه فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)).
== جمع القرأن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: "الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم، وإن هذا القول الثاني أقرب وأشبه بأن يكون حقا على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإن القرآن لم يثبت آيه على تاريخ نزوله، بل قدم ما تأخر إنزاله، وأخر بعض ما تقدم نزوله على ما قد وقف عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك"... وساق الكلام إلى آخره في "كتاب الانتصار" للقرآن، على كثرة فوائده، رحمه الله.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 05:08 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

الباب الأول
المقصد الرئيسي للباب :
وقت نزول القرآن ، وكيفية نزوله ، وجمعه وترتيبه وأنواع النسخ فيه.

المقاصد الفرعية :
1- وقت نزول القرآن
2- كيفية نزول القرآن
3- نزول القرآن منجما
4- حفظ القرآن وجمعه
5- ترتيب القرآن
6- أنواع النسخ في القرآن
تلخيص المقاصد الفرعية :

1- وقت نزول القرآن
- بيان وقت نزول القرآن
قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} ، ولا منافاة بين هذه الأدلة ، فقد دلت الأحاديث على أن الليلة المباركة هي ليلة القدر ، وليلة القدر تكون في شهر رمضان .
- إبطال قول من قال بنزول القرآن في ليلة النصف من شعبان .
الأحاديث الصحيحة الواردة في شأن ليلة القدر تبطل هذا القول ، أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
- الأدلة على نزول القرآن في رمضان .
أخرج البيهقي عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). وكذلك الحديث السابق عن ابن عباس .

2- كيفية نزول القرآن
- معنى الإنزال الخاص في ليلة القدر.
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
- الأدلة على معنى الإنزال في ليلة القدر .
قال تعالى : (إنا أنزلناه في ليلة القدر) :
أ- قال أبو عبيد القاسم بن سلام ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
ب- أخرج البيهقي عن سعيد ابن جبير: نزل القرآن كله في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
ج- وأخرج بن أبي شيبة : عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.
- سبب نزول القرآن جملة واحدة .
قال أبو شامة : سبب نزول القرآن جملة واحدة تفخيما لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
- زمن نزول القرآن جملة واحدة .
قال أبو شامة : هل هو قبل البعثة النبوية أم بعدها ، الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده .

3- نزول القرآن منجما :
- معنى نزول القرآن منجما .
أي مفرقا ، قال تعالى : {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} ، أي فصلناه ، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
- الحكمة من نزول القرآن منجما .
أ- قال تعالى : {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه .
ب- ولأن في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها .
ج- ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
- معنى قوله تعالى : (كذلك لنثبت به فؤادك) .
معناه : لنقوي به قلبك ، وقيل : معنى {لنثبت به فؤادك}، أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب .
- بيان معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في رمضان .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين، وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.
عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وعن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن: (الله -تعالى- تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي)، ثم توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد. هذا لفظ البخاري، ولمسلم: (إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته حتى توفي)، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- الحكمة بذكر الفعل أنزلناه بصيغة الماضي في قوله تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه.
والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة، وكل ذلك حسن واضح، والله أعلم.
- أول ما نزل من القرآن
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
- أخر ما نزل من القرآن :
وآخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية.
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها.
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين .
وقيل : ما نزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
وقيل آية الدين .

4- حفظ القرآن وجمعه :
- وعد الله لنبيه بحفظ القرآن وبيانه .
تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء، وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به}
- تعريف القرآن .
قال القاضي أبو بكربن الطيب : القرآن الذي هو بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة.
- مراحل جمع القرآن .
جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.
- جمع النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن .
أسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)).
فهذا دليل على أن القرآن كان يؤلف بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم .
- ما يكتب عليه القرآن في زمن النبي صلى الله عليه .
كان القرآن مثبت في الصدور ، ويكتب في الرقاع واللخاف والعسب.
- أشهر كتاب الوحي .
ذكر أبو شامة أن كتاب الوحي كانوا نحو خمسة وعشرين كاتبا ، والله أعلم .
- أشهر من جمع القرآن من الصحابة .
عن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)
والراجح أنه قد اشتهر عدد كبير من الصحابة بحفظ القرآن ، منهم عبدالله بن عمرو ، وعبدالله بن مسعود ، وسالم وعثمان بن عفان وغيرهم ، ولم يكونوا محصورين في هؤلاء النفر ، والدليل على كثرتهم ما ورد في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار كانوا يسمون القراء يوم بئر معونة ، و كثرة القراء الذين قتلوا في يوم اليمامة .
- تأويل ألفاظ الحصر في الآثار التي وردت فيمن جمع القرآن .
1- أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها إلا أولئك النفر فقط.
2- أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
3- أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
4- أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة .
5- أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
6- أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم سوى هؤلاء الأربعة لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
7- يحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به.

5- ترتيب القرآن :
- حكم ترتيب آيات القرآن الكريم .
ترتيب الآيات توقيفيا على النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن
- حكم ترتيب السور في القرآن الكريم .
ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب : أنه قد يمكن أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم، وإن هذا القول الثاني هو الأقرب .

6- أنواع النسخ في القرآن الكريم .
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه كآية الرجم .
- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه ، كالعشر رضعات .
- ومنه ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 06:58 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

● المقصد الرئيس للباب:
بيان ما يتعلق بنزول القرآن الكريم: من فضيلة وقت نزوله ،وبيان معنى الإنزال وكيفيته، وبيان نزول آياته ،ونبذة عن جمعه وما يتعلق بنسخه.
● المقاصد الفرعية للباب:
أ:بيان عظم وقدر وقت نزول القرآن:
-نزوله في شهر مبارك.
-نزوله في ليلة مباركة.
-نزول الكتب السماوية في هذا الشهر.

ب:بيان قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
-المراد من الآية.
-معنى الإنزال.
-المقصود بالإنزال.
-حال الملائكة عند سماع الوحي.
-هل كان الإنزال قبل ظهور النبوة أم بعدها.
- الحكمة من إنزال القرآن جملة واحدة.
-الحكمة من إنزال القرآن منجمًا إلى الأرض.
-مدة نزول القرآن.

ج:بيان نزول آيات القرآن.
-أول ما نزل من القرآن.
-حال النبي صلى الله عليه وسلم عند تلقي القرآن.
- وعد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بحفظ كتابه وبيانه :
-آخر ما نزل من القرآن.

د- بيان جمع القرآن:
- لم يكن جمع القرآن مرة واحدة.
*في العهد النبوي:
-عرض جبريل القرآن على النبي .
-أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة ما ينزل من القرآن.
-من كتاب الوحي:
- أدوات الكتابة.
-تأليف النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن.
- الصحابة الذين حفظوا القرآن .

*جمع أبي بكر رضي الله عنه:
-ظهور الحاجة لجمع القرآن.
* في جمع عثمان رضى الله عنه.
- ما جمعه عثمان هو جميع ما أنزله الله تعالى.
ه- أوجه نسخ القرآن:




● تلخيص مقاصد الباب:
أ:بيان عظم وقدر وقت نزول القرآن:
-نزوله في شهر مبارك.
أول نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك ،لقوله تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}.
-نزوله في ليلة مباركة.
~ أجمعت الأدلة الصحيحة من السنة على أن نزول القرآن كان في ليلة القدر،قال تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقوله {إنا أنزلناه في ليلة القدر} .
~هل ليلة القدر مختصة بشهر رمضان أم سائر الشهور؟ :
القول الأول:
أنها مختصة في شهر رمضان وبالتحديد في العشر الأواخر.
الدليل:في قوله تعالى: {في ليلة مباركة}؛ و قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، لأن التقدير يكون فيها فهو ملائم لتسميتها.
وما روي من الأحاديث الصحيحة ؛ وقول ابن عباس رضي الله عنه:- إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام- وهو القول الصحيح.
القول الثاني:
أنها نزلت في ليلة النصف من شعبان.
حجتهم : أن ليلة القدر ليست محصورة في شهر معين ؛بل هي على مدار الأشهر ؛ ووافقت نزولها ليلة النصف من شعبان ،وإنما أريد بقوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} أي أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه،
وهذا القول مردود.
~نصت الأحاديث على كونها في العشر الأواخر من رمضان .
لقوله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الأواخر.

-نزول الكتب السماوية في هذا الشهر.
~دلت الروايات أن الكتب السماوية ( الصحف والتوراة والإنجيل والزبور) نزلت في شهر رمضان .
~ الاختلاف في تحديد وقت نزولها من الشهر الفضيل:
1) أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان.
وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان.
وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت.
وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان.
وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان. [هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.]
2) أنزل الزبور لثنتي عشرة .
والإنجيل لثماني عشرة.[ذكر في تفسير الماوردي وكتاب أبي عبيد.]
3) الإنجيل لثنتي عشرة .
والزبور لثماني عشرة .
وأن صحف إبراهيم -عليه السلام- لأول ليلة.
والتوراة لست مضين .
والقرآن لأربع وعشرين خلت.[ذكر في بعض التفاسير]
4) أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان.
وأنزلت التوراة لست .
والزبور لثنتي عشرة،وفي رواية أخرى: الزبور في ست، يعني من رمضان.[ذكر أبو بكر ابن أبي شيبة في "كتاب ثواب القرآن" عن أبي قلابة]
5) نزل القرآن ليلة لأربع وعشرين.[ذكره البيهقي]

ب:بيان قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
-المراد من الآية.
أسمعنا القرآن للمك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع.
-معنى الإنزال:
في اللغة :الانتقال من علو إلى سفل.
-المقصود بالإنزال.
أي النزول الابتدائي: أي جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا .
*كان إنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى السفرة-وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا -فكان ينزل ليلة القدر تدريجيا ؛ حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة.[ذكره مقاتل]
النزول الثاني: نزل بعد ذلك على مدى عشرين سنة؛لقوله تعالى:{وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
فرَّقناه:آية بعد آية وسورة بعد سورة / على مكث :تؤدة وترسل /ونزلنان تنزيلا :أي نجم بعد نجم على فترات.[قاله ابن عباس،ذكره أبي عبيد القاسم في فضائل القرآن]
~ الأقوال في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر:
أحدها: بداية نزوله فيها.
والثاني: نزوله فيه جملة واحدة .
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.


-حال الملائكة عند سماع الوحي.
وذلك يتوضح في معنى قوله: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}،إذ غشي على أهل السماوات عند تلقي جبريل عليه السلام القرآن من الله تعالى من هيبة كلامه عزوجل ،فعندما أفاقوا سألوا جبريل:{ماذا قال ربكم قالوا الحق}، يعني القرآن، ثم أملاه للملائكة الكتبة.

-هل كان الإنزال قبل ظهور النبوة أم بعدها.
الأمرين محتملين؛ فوجه أن يكون قبل النبوة :
لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة محمد الموصوفة فيما سبق من الكتب.
وإرسال خليفة الأرض كما بين الله تعالى ذلك لملائكته قبل خلق آدم.
إخراج محمد من ذرية آدم وهوسيد ولده ؛وهو أيضا ما أشير إليه .

- الحكمة من إنزال القرآن جملة واحدة.
1) لعظم شأن القرآن ومنزلته.
2) عطم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم.
3) تكريم لبني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة.

-الحكمة من إنزال القرآن منجمًا إلى الأرض.
1) تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ؛قال تعالى :{لنثبت به فؤادك}
2) الإجابة عن أمور يسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم .
3) وجود الناسخ والمنسوخ لا يكون إلا بنزول القرآن مفرقا.

-مدة نزول القرآن.
لا خلاف بأن مدة نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة عشر سنوات.
والخلاف في مدة نزوله في مكة :
قيل:عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة.

ج:بيان نزول القرآن.
-أول ما نزل من القرآن.
أول ما نزل صدر سورة العلق عند بدء نبوته صلى الله عليه وسلم:{اقرأ باسم ربك الذي خلق}،ثم نزل {يا أيها المدثر} ؛وبعدها صار ينزل بحسب الوقائع والنوازل.
-حال النبي صلى الله عليه وسلم عند تلقي القرآن.

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يحرك لسانه وشفتيه ،يتعجل بحفظه حتى لا يفوته؛ فأنزل تعالى :{لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}.
"فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى" [روي عن ابن عباس في الصحيحين.]
- وعد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بحفظ كتابه وبيانه :
قال تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي نجمعه في صدرك فلا يتفلت منه.
وقوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي تحفظه لا تنساه.
-آخر ما نزل من القرآن.
وفيه أقوال:
1)قيل قوله تعالى{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} ،وقيل آيات الربا.[ذكره ابن عباس]
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها.
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين.
و قيل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
و قيل: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.[ذكره ابن شهاب]

د- بيان جمع القرآن:
- لم يكن جمع القرآن مرة واحدة.
جمع في الصدور وعلى الألواح وغيرها؛زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
جمع زمن أبي بكر رضي الله عنه.
جمع في عهد عثمان رضي الله عنه.
*في العهد النبوي:
-عرض جبريل القرآن على النبي .
~عرض جبريل عليه السلام القرآن الذي نزل على النبي في كل سنة مرة في رمضان.
~عرض جبريل عليه السلام القرآن الذي نزل على النبي في السنة التي قبض فيها مرتين في رمضان.
أسر النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
~(تابع الله تعالى الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي)،[ذكره أنس وأخبر به ابن شهاب.]
-أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة ما ينزل من القرآن.
كان صلى الله عليه وسلم حين تنزل عليه السور ذات العدد يأمر كتبة الوحي بوضعها حيث يشير عليهم، فكان يقول ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)).
-من كتاب الوحي:
زيد بن ثابت ؛قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا...))
- أدوات الكتابة.
~الألواح والدواة والأكتاف والرقاع والعسب واللخاف.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة-
-تأليف النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن؛وذلك بجمع الآيات المتفرقة ووضعها في السور بإشارة من النبي صلى الله عليه وسلم.[أسنده البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" ]
- الصحابة الذين حفظوا القرآن في عهد النبي.
*فيه أقوال:
~روى عبد الله بن عمرو ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
~قيل:(أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد.) وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد،[ذكره قتادة]
~قيل: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا،
قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء سوى عثمان رضي الله عنهم.[ذكره الشعبي]
~وقيل العدد أكثر من ذلك ؛ودلَّ عليه مقتل سبعين من الحفظة يوم اليمامة.[ذكره القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار"]

~وقيل في تأويل حصر هؤلاء الصحابة:
1) أن جمعهم كان للوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها.
2)أن جمعهم كان لما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته.
3) أنهم تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم.
4)أنهم أكملوه واستجازوا به.
5)ِ
*جمع أبي بكر رضي الله عنه:
-ظهور الحاجة لجمع القرآن.
مقتل أكثر الحفظة في يوم اليمامة.
* في جمع عثمان رضى الله عنه.
في جمع عثمان كان ترتيب السور الذي عليه الآن .
- ما جمعه عثمان هو جميع ما أنزله الله تعالى.
ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب:أن جميع ما أنزله الله وأثبته ،حواه مصحف عثمان ، من غير زيادة أو نقصان،ونقله الخلف عن السلف، حفظ كما حفظه الله ورتبه.

ه- أوجه نسخ القرآن:
1) ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
مثال:في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن".
2) ما نسخت تلاوته وحكمه، كآيتي الرجم والرضاع.
مثال:صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
3)ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته .
مثال :آية عدة الوفاة حولا نسخت بقوله تعالى: {أربعة أشهر وعشرا}.

والله تعالى أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 07:57 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان
المقاصد الفرعية:
المقصد الأول:
بدء نزول القران
المسائل:
أول مانزل من القران
آخر مانزل من القران
المقصد الثاني:
كيفية نزول القرآن
المسائل:
نزول القران جملة واحدة إلى السماء الدنيا
نزول القران مفرقا
المقصد الثالث:
حملة القران في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
المقصد الرابع:
أحكام تتعلق بالقران
المسائل:
الترخيص في القراءات السبع
الناسخ والمنسوخ
العرضة الأخيرة
جمع القران
تأليف القران
تلخيص المقصد الأول:
بدء نزول القران
بدء نزول القران في ليلة القدر بدليل قوله تعالى: ((إنَّا أنزلناه في ليلة القدر))
وفي المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
- قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
المسألة الثانية:
أول مانزل من القران
أن أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته، على الراجح .
ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
المسألة الثالثة:
أخر ما نزل من القران:
آخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
تلخيص المقصد الثاني:
كيفية نزول القران
المسألة الاولى :
كيفية نزوله ليلة القدر
- فيه قولان:
أحدهما :ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل.
-القول الثاني :أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، وهذا قول الشعبي.
و هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان،وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا، على ما تقدم.
المسألة الثانية:
نزول القران جملة واحدة إلى السماء الدنيا
جاء في "تفسير الثعلبي" عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا.
السر في إنزاله جملة واحدة:
فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم.
-زمن نزوله إلى السماء الدنيا
قيل بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقيل قبلها وكلاهما محتمل،والظاهر أنه قبلها
[COLOR="purple"]المسألة الثالثة:
تلخيص الحكمة من نزول القران مفرقا
الحكمة من نزوله منجما هي:
تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتقويته ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
وقيل :
يحفظ قلبه فيكون فؤاده ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه
وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
[COLOR="Navy"]المقصد الثالث:
تلخيص حملة القران في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)
واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
ومن أمهات المؤمنين:
عائشة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهن.
وقيل أكثر من ذلك وإنما اختص هؤلاء الأربعة لأنه:
- لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
-ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
-ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
-ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
- ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
-ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بإنه إكمله.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
[COLOR="navy"]المقصد الرابع :
تلخيص أحكام تتعلق بالقران
المسألة الاولى:
العرضة الأخيرة
-عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي)).
المسألة الثانية:
تأليف القران
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)).
))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
[COLOR="Indigo"]المسألة الثالثة:
جمع القران
مرعلى ثلاث مراحل:
في عهده صلى الله عليه وسلم ،وكانت تعتمد على الحفظ في الصدور ، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر.
ثم في عهد أبي بكر ثم ترتيب السور في خلافة عثمان رضي الله عنه.
المسألة الرابعة:
أنواع المنسوخ
هي ثلاث:
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وذلك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
-ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
المسألة الخامسة:
الترخيص في القراءات السبع
ورخص لامته قراءة القران على سبعة أحرف توسعة عليهم.
مقصد الباب:
بدء نزول القران وكيفية ذلك وجمعه وتأليفه وحفاظه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أحكام تتعلق به.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 10:30 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي مقاصد الباب الأول

-التمهيد
-المقصد العام من الباب الأول:
-بيان كيفية نزول القرآن وتلاوته
وذكر حفاظه في ذلك الأوان
-المقاصد الفرعية :
-أدلة أن القرآن أنزل في شهر رمضان وإبطال القول أنه أنزل في ليلة النصف من شعبان.
-الأقوال في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر مع الأدلة والترجيح.
-الحكمة في إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
-الحكمة من إنزال القرآن إلى الأرض منجما،و من أنه لم ينزل جملة كسائر الكتب.
-الخلاف في تحديد الزمن بين نزول أول القرآن وآخره وسببه.
-أدلة تحقيق وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمان له عدم نسيانه
-بيان ان أكثر نزول الوحي كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم حتى توفي.
-الأقوال في أول مانزل وآخر مانزل مع الأدلة والترجيح.
-جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-معنى التواتر في القراءة.
-الجمع في الاختلاف بين أن عدد القراء بلغ حد التواتر و ما جاء في الرواية عن مسروق.
-جمع القرآن في عصر الصحابة.
-بيان أن جمع القرآن وترتيب الآيات والسور أمر توقيفي .

-التمهيد:
بعد أن حمد المؤلف الله وأثنى عليه وعلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والنبيين والملائكة وعلى صحبه وآله، وتابعيهم وجميع أهل البر والطاعة
ذكر اسم كتابه وهو:"المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز"ا.و أبوابه الستة وهي:
1-البيان عن كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
2-جمع الصحابة رضي الله عنهم القرآن.
3-معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
4-معنى القراءات السبع المشهورة الآن وتعريف الأمر في ذلك كيف كان.
5-الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.
6- الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها، وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها.
كما بين أهمية كتابه وهي :معرفة كيفية نزول القرآن وجمعه وتلاوته، ومعنى الأحرف السبعة التي نزل عليها، والمراد بالقراءات السبع وضابط ما قوي منها، وبيان ما انضم إليها، والتعريف بحق تلاوته وحسن معاملته.

-المقصد العام من الباب الأول:
-بيان كيفية نزول القرآن وتلاوته
وذكر حفاظه في ذلك الأوان:

-المقاصد الفرعية :
-أدلة أن القرآن أنزل في شهر رمضان وإبطال القول أنه أنزل في ليلة النصف من شعبان:
1- حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
-معنى الحديث:
رسلاً أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق، فقوله على مواقع النجوم في موضع نصب على الحال، ورسلا أي ذا رسل يريد مفرقا رافقا.

2-حديث أبو بكر ابن أبي شيبة -وهو أحد شيوخ مسلم- في "كتاب ثواب القرآن" عن أبي قلابة قال: أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان. وعنه: أنزلت التوراة لست والزبور لثنتي عشرة، وفي رواية أخرى: الزبور في ست، يعني من رمضان.
3-قول البيهقي في معنى قوله: ((أنزل القرآن لأربع وعشرين)): إنما أراد -والله أعلم- نزول الملك بالقرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
وقال في معنى قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}: يريد -والله أعلم: إنا أسمعناه الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع،
فيكون الملك منتقلا به من علو إلى سفل.
قلت: هذا المعنى مطرد في جميع ألفاظ الإنزال المضافة إلى القرآن أو إلى شيء منه: يحتاج إلى نحو هذا التأويل أهل السنة المعتقدون قدم القرآن، وأنه صفة قائمة بذات الله تعالى.

-الأقوال في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر :
1-أنه ابتدئ إنزاله فيها.
ابتدء إنزال القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم وهو متحنث بحراء في شهر رمضان
2-أنه أنزل فيها جملة واحدة.
3- أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
-أدلة تجمع بين القول الثاني والثالث:
1-حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
- معنى {بمواقع النجوم}
نزل متفرقا.قاله ابن عباس
هو من قولهم: نجم عليه الدية أي قطعها، ومنه نجوم الكتابة، فلما قطع الله سبحانه القرآن وأنزله مفرقا قيل لتفاريقه نجوم، ومواقعها: مساقطها، وهي أوقات نزولها، وقد قيل: إن المراد هو مغارب نجوم السماء، والله أعلم.قاله البيهقي
2-ماوردفي "كتاب ثواب القرآن" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.
~ تساؤل:
هل يدل قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة، وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
~الجواب له وجهان:
أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر، واختير لفظ الماضي لأمرين: أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه، والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة، وكل ذلك حسن واضح، والله أعلم.
3-قول قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
-معنى قوله تعالى :{وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
-فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة، وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل،وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا.
-{على مكث} على تؤدة وترسل.
- {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
4-أنه كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان
الدليل :
حديث أبي عبيد، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.
-القول الراجح:
ما قد صح من الآثار عن ابن عباس التي تجمع بين القول الثاني والثالث.
ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كلذلك ،وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.

-الحكمة في إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا:
1-فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، واقتضت الحكمة الإلهية وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع ولم ينزل جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
2-وهذا من جملة ما شرف به نبينا صلى الله عليه وسلم، كما شرف بحيازة درجتي الغني الشاكر والفقير الصابر، فأوتي مفاتيح خزائن الأرض، فردها واختار الفقر والإيثار بما فتح الله عليه من البلاد، فكان غنيا شاكرا وفقيرا صابرا صلى الله عليه وسلم.
3-أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت رحمة، ثم أجرى من السماء الدنيا الآية بعد الآية عند نزول النوائب، قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقال عز وجل: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}.

4- فائدة إنزال القرآن جملة قبل ظهورنبوة محمد صلى الله عليه وسلم -وهو القول الراجح -
هي: إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء.
قال صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))، وفي ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة الكرام البررة عليهم السلام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له...
، وكلا القولين محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكره المؤلف من التفخيم له ولمن أنزل عليه،

-الحكمة من إنزال القرآن إلى الأرض منجما،و من أنه لم ينزل جملة كسائر الكتب:
1-لتقوية فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى : {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك}وإدخال السرور على قلبه ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه .
2-ليتيسر عليه حفظه،وهذا من معاني قوله تعالى: {لنثبت به فؤادك}، وقد كان النبي أمياًولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره، والله أعلم.
-تساؤل:
فإن قلت: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
الجواب:
ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه، فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأن يلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
3-أن في القرآن جواب عن أمور سأله عنها قومه ، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

-الخلاف في تحديد الزمن بين نزول أول القرآن وآخره :
وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة،
-سبب الخلاف:
وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.

-أدلة تحقيق وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمان له عدم نسيانه:
1-قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء،
2-وقوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
3-وما ورد في الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.

-بيان ان أكثر نزول الوحي كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم حتى توفي:
الدليل:
حديث ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تعالى تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. هذا لفظ البخاري،
~المقصود بهذه المدة هي أيام مرضه كلها، كما يقال: يوم الجمل ويوم صفين، وكانت أياما، والله أعلم.

-أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن:
أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، ، ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.

-الأقوال في آخر ما نزل من الآيات :
~قوله تعالى:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية،
الدليل:حديث أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين،
~ وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن،
الدليل :حديث عبد الله بن صالح وابن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
قلت: يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.

-جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1-كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا))،الدليل:ففي جامع الترمذي وغيره عن ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
2-وكان يعرضه على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين،الدليل: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة
3-وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.الدليل:عن عائشة رضي الله عنها عن فاطمة رضي الله عنها: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي.
4-وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر.
-معنى التواتر في القراء:
-وإن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكل، بل الشيء الكثير إذا روى كل جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواترا.
وقد سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" له، فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.
-الجمع في الاختلاف بين أن عدد القراء بلغ حد التواتر و ما جاء في الرواية عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
1-أن مفهوم الرواية ليس للحصر ومما يشهد لصحة ذلك :
-كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
-ما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء.
-قول عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن.

2-أن ما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
ومن هذه التأويلات :
1- أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
2-ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
3-ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
4-ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
5-ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
6-ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛
-سبب أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛
1- لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
2-ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.ذكره القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" كما ذكر ذلك المؤلف .



-جمع القرآن في عصر الصحابة:
1-كانت الآيات مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر،
2-ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
-وبذلك يتبين أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.

-بيان أن جمع القرآن وترتيب الآيات والسور أمر توقيفي :
-ما ذكره القاضي أبو بكر بن الطيب:" أن جميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة.وأنه قد يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم، وإن هذا القول الثاني أقرب وأشبه بأن يكون حقا على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإن القرآن لم يثبت آيه على تاريخ نزوله، بل قدم ما تأخر إنزاله، وأخر بعض ما تقدم نزوله على ما قد وقف عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك"...
-ما ذكره أبو الحسن في "كتاب الوسيلة" عن شيخه الشاطبي بإسناده إلى ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم... وذكره أبو عمرو الداني في "كتاب المقنع".
-ما جاء في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
-ما جاء في البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}.

-أنواع النسخ في القرآن:
1- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
مثاله : كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
2- ما نسخت تلاوته وحكمه.
3-ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته .
مثاله:كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

[المرشد الوجيز: 9- 47]

من جهاز الـ iPhone الخاص بي‬

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 رجب 1436هـ/11-05-2015م, 10:47 PM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي مقاصد الباب الأول من المرشد الوجيز

الباب الأول (المرشد الوجيز)
المقصد الرئيس للباب:
بيان وقت نزول القرآن وكيفية نزوله والحكمة من نزوله من منجماً ،المدة التي نزل فيها، وبيان تأليفه وحفظه وجمعه وحفاظه في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وبعده.
المقاصد الفرعية للباب:
أ: وقت نزول القرآن وكيفية نزوله والحكمة من نزوله منجماً
-المسألة الأولي:وقت نزول القرآن.
-المسألة الثانية:ليلة القدر في رمضان.
-المسألة الثالثة:كيفة أنزال القرآن في ليلة القدر.
المسألة الرابعة:مكان نزول القرآن أول مرة.
-المسألة الخامسة:الحكمة من أنزال القرآن منجماً.
-المسألة السادسة: بيان أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن.
ب: المدة التي نزل فيها القرآن .
المسألة الأولي: مدة أقامة النبي في مكة والمدينه.
المسألة الثانية:معارضة جبريل القرآن للنبي.
المسألة الثالثة:نزول القرآن جملة واحدة لإلي السماء الدنيا ،أكان بعد النبوة أم قبلها؟
المسألة الرابعة:الحكمة من إنزاله جملة واحدة إلي السماء الدنيا.
ج:حفظ القرآن وتأليفه وجمعه،وحفاظه في عهد النبي وبعده
المسألة الأولي:وعد الله تعالي نبيه صلي الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه.
المسألة الثانية:كتابة القرآن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
المسألة الثالثة: حفظ القرآن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
المسألة الرابعة:حفاظ القرآن في ذلك الوقت.
المسألة الخامسة: تأليف القرآن في العهد النبوي.
المسألة السادسة : جمع القرآن بعد العهد النبوي.
تلخيص مقاصد الباب:
أ: وقت نزول القرآن وكيفية نزوله والحكمة من نزوله منجماً
-المسألة الأولي:وقت نزول القرآن.
نزل القرآن الكريم في ليلة مباركة وهي ليلة القدر في العشر الأخيرة من شهر رمضان والدليل:
من الكتاب:
-قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}
-قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}.
- وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
من السنه:قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)) أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات وشعب الايمان وذكره الثعالبي في تفسيره.
من أقوال الصحابة:الشاهد ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
-المسألة الثانية:ليلة القدر في رمضان.
1-ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان جمعا بين هؤلاء الآيات.
2-أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة}؛ على ليلة القدر.
3-أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير.
والدليل:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
و ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن.
والدليل السابق فيه الرد علي من قال أن المقصود بالليلة المباركة التي هي ليلة القدر ليلة النصف من شعبان، أوأن ليلة القدر توجد في جميع السنةولا تختص بشهر رمضان.

-المسألة الثالثة:كيفية أنزال القرآن في ليلة القدر.(معني الإنزال الخاص في ليلة القدر) وفيه أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
هذا قول الشعبي
قلت: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم في غار حراء.
الثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} ذكره الأمام القاسم في "كتاب فضائل القرآن"
-قال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
الثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
-كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة. ذكره الحليمي في "كتاب المنهاج
الرابع:الجمع بين القول الثاني والثالث.
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، فذكر ذلك، وكأنه قول ثالث غير القولين المقدمين، أو أراد الجمع بينهما، فإن قوله: نزل جملة واحدة، هو القول الأول، وقوله: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، هو القول الثاني، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل.
الخامس : نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة ،
مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه.
-عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان،وهذا معني يحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء ،ذكره الثعالبي في تفسيره ،وفي العام الذي قبض فيه عرض عرضتين.
المسألة الرابعة:مكان نزول القرآن أول مرة.
- في غار حراء ،حين كان صل الله عليه وسلم يتحنث فيه الليالي ذوات العدد.
-المسألة الخامسة :الحكمة من أنزال القرآن منجماً.
1-لتثبيت قلب النبي صل الله عليه وسلم، قال تعالي في
كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
2- وفيه جواب عن أمور سألوه عنها
3- لأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
-المسألة السادسة: بيان أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن.
أول ما نزل:
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته،ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
وآخر ما نزل من الآيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
والراجح : كما قال بن عباس:آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
قلت: يعني العاشر من يوم مرضه.
ب: المدة التي نزل فيها القرآن .
المسألة الأولي: مدة أقامة النبي في مكة والمدينه.
كان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر.
المسألة الثانية:معارضة جبريل القرآن للنبي.
نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.
ذكره أيوب السختياني عن محمد بن سيرين.
المسألة الثالثة:نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا، أبعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
القول الأول: قبل النبوة،أن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده، وعلى ذلك حملنا قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))، على ما أوضحناه في "كتاب شرح المدائح النبوية"، وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة، ألا ترى أن في حديث الإسرى، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك.
القول الثاني: بعد النبوة ،أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء
الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت رحمة، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن.
وكلاهما محتمل.
المسألة الرابعة: الحكمة من أنزاله جملة واحدة إلي سماء الدنيا
1- فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه (شرف نبينا محمد صل الله عليه وسلم).
2-ذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب المنزل على خاتم الرسل، لأشرف الأمم.
ج:حفظ القرآن وتأليفه وجمعه،وحفاظه في عهد النبي وبعده
المسألة الأولي:وعد الله تعالي نبيه صل الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه.
كان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء، وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
والدليل:عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى).
المسألة الثانية:كتابة القرآن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)).
- عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا )).
المسألة الثالثة:حفظ القرآن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.
-حفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
المسألة الرابعة: حفاظ القرآن في ذلك الوقت.
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وفيه عن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
- قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
قلت: وقد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
المسألة الخامسة:تأليف القرآن في عهد رسول الله.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)).
زاد في "الدلائل": نؤلف القرآن من الرقاع، ثم قال: وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب.
المسألة السادسة: جمع القرآن بعد زمن النبي صلي الله عليه وسلم.
بعد عهد النبي صلي الله عليه وسلم جمع القرآن في صحف بإشارة أبي بكر وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
- قال القاضي أبو بكر بن الطيب: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله -تعالى- وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم وساق الكلام إلى آخره في "كتاب الانتصار" للقرآن.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 12:15 AM
عابدة المحمدي عابدة المحمدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 483
افتراضي

تلخيص مقاصد الباب الأول من كتاب المرشد الوجيز

المقصد الكلي للباب
وقت نزول القرآن ’ كيفية نزول القرآن ’ مدة نزول القرآن ’ معارضة جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم القرآن ’ كتابة الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعه للقرآن ومراحل جمع القرآن وأفضلية بعض الصحابة لما معهم من القرآن.

المقاصد الفرعية
1- وقت نزول القرآن .
2- كيفية نزول القرآن .
3- كتابة الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعه للقرآن .
4- معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القرآن .
5- أنواع النسخ .
6- مراحل جمع القرآن.
7- فضل بعض الصحابة لما معهم من القرآن

تفصيل المقاصد الفرعية .
1- وقت نزول القرآن .
8- الشهر الذي نزل فيه القرآن قال تعالى (( شهر رمضان وقت نزول القرآن .
- الليلة التي نزل فيها القرآن : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحريها في العشر الأخير منه ولا ليلة أبرك من ليلة هي خير من ألف شهر – فتعين حمل قوله سبحانه (( في ليلة مباركة )) على أنها ليلة القدر .
- سبب تسميتها ليلة القدر : لأن معناها التقدير ويدل على ذلك قوله تعالى (( فيها يفرق كل أمر حكيم )) .
- معنى قوله تعالى (( إنا أنزلناه في ليلة القدر )) .
أنزلناه أي أسمعناه الملك , وأفهمناه إياه , وأنزلناه بما سمع , فيكون الملك منتقلا به من علو إلى سفل , ويشمل هذا المعنى جميع ألفاظ الإنزال المضافة إلى القرآن .
- المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر:
1- أنه ابتدئ إنزاله فيها.
2- أنه أنزل فيها جملة واحدة .
3- أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة وقرأ:(( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا )).
- الرد على من قال أن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان،وأن قوله تعالى:(( أنزل فيه القرآن )) أي:في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان:
نرد عليه بالأحاديث الواردة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها كذلك يبطل هذا القول الجمع بين الآيات الثلاث وهي:(( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )) وقوله:(( إنا أنزلناه في ليلة القدر )) وقوله:(( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )) فليلة القدر هي:الليلة المباركة وهي في شهر رمضان فلا منافاة بينها.
كذلك الخبر ورد عن ابن عباس وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن.
2) كيفية نزول القرآن :
أ- نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا , ثم بعد ذلك في عشرين سنة : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال (( أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر , ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة وقرأ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ))
ب- نزول القرآن منجما من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها , فينزل جبريل عليه السلام نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة .
- معنى قوله (( وقرآنا فرقناه )) أي فصلناه آية آية وسورة سورة وقيل فصلناه إحكاما ومنها قوله تعالى (( فيها يفرق كل أمر حكيم ))
- معنى قوله (( على مكث )) أي على تؤدة وترسل .
- معنى قوله (( نزلناه تنزيلا )) نجما بعد نجم وقيل جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء
- فصل الذكر عن القرآن : عن ابن عباس رضي الله عنه قال (( فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم ويرتله ترتيلا .
- وعد الله لنبيه بجمع القرآن في صدره وبيانه له عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه فكان ذلك يعرف منه فأنزل الله(( لا تحرك به لسانك لتعجل به )) (( إن علينا جمعه وقرآنه ))
- الحكمة من إنزاله جملة إلى السماء الدنيا :
أ.تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله عز وجل ورحمته بهم
ب.تسليمهم ما أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صل الله عليه وسلم , وإنزال القرآن, وكلاهما رحمة , وقد قال الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) وقال تعالى (( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين )) فوضع القرآن في بيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا .
- الحكمة من إنزاله إلى الأرض منجما :
قد بين الله تعالى تفسير ذلك بقوله (( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة )) ثم قال (( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا )) أي أنزلناه مفرقا لنقوي به قلبك, فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب, وأشد عناية بالمرسل إليه ,وذلك لكثرة نزول الملك عليه ,وتجديد العهد به ,وبما معه من الرسالة من الله العزيز, فيحدث له السرور ما لا يوصف , ولذلك يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه .
وكذلك قيل (( لنثبت به فؤادك )) أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب .
كذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب , ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد.
كذلك في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها .
وكذلك لأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يكون ذلك إلا أنزل فيما أنزل مفرقا
- أول ما نزل من القرآن :
ورد في كتاب شرح حديث المبعث إن أول ما نزل على النبي صل الله عليه وسلم (( إقرأ باسم ربك الذي خلق )) وذلك بحراء عند ابتداء نبوته .
ثم نزل (( يا أيها المدثر ))ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا ومدنيا حضرا وسفرا .
- آخر ما نزل من القرآن :
قوله تعالى (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )) الآية
قال ابن عباس رضي الله عنهما زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين أي العاشر من يوم مرضه .
وأما ما قيل من أن آخر النزول آية الربا , وآية الدين ,فيكون ذلك آخر ما نزل من آيات الأحكام .
- كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف نهاية السورة :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (( بسم الله الرحمن الرحيم )).
- متابعة الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته
عن انس بن مالك رضي الله عنه(( أن الله تعالى تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي )) ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد .
3) كتابة الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعه للقرآن :
عن عثمان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات العدد, فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)) وإذا نزلت عليه الآية يقول
((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)) .
- جمع النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن :
عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه قال : ((كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم : نؤلف القرآن من الرقاع, وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صل الله عليه وسلم .
4) أنواع النسخ ثلاثة أنواع :
أ‌. ما نسخت تلاوته وبقي حكمه مثل ما روي عن عائشة رضي الله عنها(( كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن ))
ب‌. ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه كعشر رضعات يحرمن .
ت‌. ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته : كأية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها وذكر فيها (( أربعة أشهر وعشرا ))
5) مراحل جمع القرآن :
- أن القرآن لم يجمع مرة واحدة فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم جمع بحضرة أبي بكر الصديق , والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان .
- قبول الآمة للمصحف الذي جمعه عثمان :
أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين ولم ينقص منه شيء ولم يزاد فيه شيء .
6) فضل بعض الصحابة لما معهم من القرآن :
- عن ابن مسعود قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم (( يقول خذوا القرآن من أربعة من عبدالله ابن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب)) .
- تأويلات صرف حصر قول النبي صلى الله عليه وسلم خذوا القرآن عن أربعة تدل على أنها ليست للحصر وتأويل هذا اللفظ كالآتي :
1- أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها إلا أولئك النفر فقط .
2- أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته إلا تلك الجماعة .
3- أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا إلا تلك الجماعة .
4- أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه إلا تلك الجماعة .
5- لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كل ما نزل حتى تكامل نزوله إلا هؤلاء
6- لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سوى هؤلاء الأربعة .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 12:42 AM
ريم الحمدان ريم الحمدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقصد الأساسي : نزول القرآن

المقاصد الفرعية :
(1)متى نزل القرآن
1-الأدلة
2-أقوال المخالفين
3-الرد عليهم
(2)نزول الكتب السماوية في رمضان
1-الأدلة
(4) المراد من قوله تعالى :( وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس).
1- حديث ابن عباس .
2-معنى فرقناه
3-معنى على مكث
4- معنى نزلناه تنزيلاً
(5)كيفية نزول القرآن في ليلة القدر
1- قول الواحدي
2-قول الماوردي
3- قول الحاكم في المستدرك
4- قول النيسابوري
(6) متى نزل القرآن جملة واحدة
1- حديث آدم والطين
2- حديث الإسراء
(7) هل جملة ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) ضمن ما أنزل جملة واحدة ؟
1- بمعنى شاء وقدر وأمر
2-ان يكون الفعل ماضي بمعنى المستقبل
(8) الحكمة من إنزاله جملة واحدة .
1- تعظيماً لشأنه .
2- إشعاراً بأنه خاتم الكتب
(9) نزول القرآن منجماً
1-حديث ابن عباس
2-معاني الكلمات
3- وجه الشبه بين نزول القرآن ومواقع النجوم
4- الحكمة من إنزاله منجماً :
1~تثبيتاً للرسول صلى الله عليه وسلم .
2~ لكي يكون أيسر بالحفظ
3- متناسباً مع الأحداث والوقائع .
4-لورود الناسخ والمنسوخ
(10) المدة التي نزل بها القرآن :
1-عشرون سنة
2- ثلاث وعشرون
3- خمس وعشرون
(11) تعهد الله بحفظ القرآن :
1-الآية :( إن علينا جمعه وقرآنه ) .
2- الآية : ( سنقرئك فلا تنسى )
3- حديث ابن عباس .
(12) أول وآخر ما نزل من القرآن
1- أول ما نزل
2- آخر ما نزل
3- الدليل
(13) كيفية ترتيب الايات والسور في القرآن
1- كان النبي يأمر بترتيبها
2-الفصل ببسم الله الرحمن الرحيم
3-أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الايات .
(14) عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل عليه السلام .
1- حديث أبو هريرة رضي الله عنه
2- حديث عائشة رضي الله عنها
3-حديث ابن عباس رضي الله عنهما
(15) الصحابة الذين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ عنهم
1- حديث ابن عمرو رضي الله عنه (خذوا القرآن من أربعة )
2- رواية أنس رضي الله عنه .
3-ما ذكره الشعبي .
4- ما ذكره القاضي أبو بكر في كثرة القراء .
(16) أسباب حصر الصحابة :
1- معرفتهم بالقراءات
2-معرفتهم بالناسخ والمنسوخ
3- تلقيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
4-حفظهم وكتابتهم للقرآن
5- اشتهارهم بالحفظ والتعليم
(17) النسخ في القرآن
1- ما نسخ حكمه وتلاوته
2- ما نسخ حكمه وتلاوته :
1/ آية الرجم
2/ آية الرضاع
3-ما نسخ حكمه وبقي تلاوته
1/ حديث عثمان وعدة المتوفى عنها زوجها .
(18) جمع القرآن :
1- في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
2- في عهد أبي بكر رضي الله عنه
3- في عهد عثمان رضي الله عنه
(19) حفظ القرآن
1-أدى النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كاملاً تاماً وعلمه أمته
2-مصحف عثمان اشتمل القرآن كاملاً تاماً
3- حفظ الأمة للقرآن
4- إثبات النسخ
5-ترتيب السور والايات
6- ترتيب السور لا علاقة له بترتيب النزول .


(1)متى نزل القرآن :
1//نزل في شهر رمضان وفي ليلة القدر تخصيصاً.
الأدلة :
من القرآن :
1-قوله تعالى :( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ).
2- قوله تعالى :( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ).
3- قوله تعالى :( إنا أنزلناه في ليلة القدر )
أجمع العلماء أن ليلة القدر تكون في شهر ومضان .

2//أقوال المخالفين في ليلة القدر :
1- إنها في النصف من شعبان .
2- انها تنتقل بين الشهور فلا تختص بشهر معين .

3//الرد عليهم :
الأحاديث المتواترة على أن ليلة القدر في رمضان ومنها :
1-حديث ابن عباس لعطية بن الأسود :( إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام).
2- حديث واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم :(وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). أخرجه البيهقي .

(3)نزول الكتب السماوية في رمضان :
الأدلة :
1- عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). أخرجه البيهقي .


(4)المراد من قوله تعالى :( وقرآناً فرقناه عليك لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) :
1-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
معنى فرقناه :
2- قال أبو عبيد : فرّقناه بالتشديد .
3-قال القشيري :فرقناه أي فصلناه .
4- قال ابن جبير : نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
5- وقيل فرقناه أي جعلناه مفرقاً آيات وسور .
6- قيل فصلناه أحكاماً .
معنى ( لتقرأه على الناس على مكث) :
قال قتادة : ( كان بين أوله وآخره عشرون سنة ) .
معنى ( على مكث) : تؤدة وترسل .
معنى ( نزلناه تنزيلاً ) : جعلناه ينزل شيئاً بعد شيء كي يتهيأ الناس لقبول الأحكام وتنفيذها .

(5)كيفية نزول القرآن في ليلة القدر :

1/ قال الواحدي في تفسيره عن مقاتل : نزل جبريل بالقرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، ثم نزل به مفرقاً على النبي صلى الله عليه وسلم خلال عشرين سنة .
2/ ذكر الماوردي في تفسيره :نزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ بأيدي الملائكة السفرة الى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل على جبريل مفرقاً في عشرين يوماً ثم نزل به جبريل عليه السلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة .
3/وفي الكتاب "المستدرك" عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم ويرتله ترتيلا.
وقال بهذا القول الشعبي والثعلبي وابن أبي شيبة .
4/ في تفسير النيسابوري : نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، ومن الهيبة التي ألقيت مع القرآن أن الملائكة أخذهم الغشي ،ثم أفاقوا وسألهم جبريل عليه السلام ،قال تعالى:( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق )

(6)متى نزل القرآن جملة واحدة :
من العلماء من قال قبل النبوة واستدل :
1-بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))،
2- حديث الاسراءعندما كان جبريل يستفتح عند كل صلاة فيقول أهل كل سماء : ( أو قد بعث؟) .

(7)هل كانت الاية ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) من ضمن ما أنزل جملة واحدة ؟:
لهذا السؤال احتمالان :
1/ أن يكون الله شاء وقدر وأمر بإنزاله .
2/ أن يكون الفعل ( أنزلناه ) ماضي بمعنى المستقبل اي سننزله .

(8)الحكمة من إنزال القرآن جملة واحدة :
1-تعظيم لهذا القرآن .
2- إشعار الملائكة بأن القرآن خاتم الكتب وبأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .

(9) نزول القرآن منجماً:
1-عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}
2-معاني الكلمات :
منجماً هو كقولهم نجم عليه الدية أي قطعها . فلما قطع الله القرآن ونزله متفرقاً أصبح منجماً.
مواقع النجوم : مساقطها أي أوقات نزولها ، وقيل مغارب نجوم السماء
3-وجه التشبيه بمواقع النجوم :
اي ان نزول القرآن أتى مفرقاً غير متتابع بحسب الوقائع والأحداث ، في أزمنة معلومة .
4-الحكمة من نزول القرآن منجماً :
1~سأل الكفار نفس السؤال ( وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة ) ، ورد الله عليهم ( كذلك لنثبت به فؤادك )
فكان بنزوله متفرقاً يعطي ثباتاً للنبي صلى الله عليه وسلم .
2~ليتيسر للنبي صلى الله عليه وسلم حفظه .
3~ في القرآن إجابة لأسئلة وتعليق على أحداث وقعت فناسب كونه مفرقاً .
4~ لأن بعضه ناسخ ومنسوخ ،وهذا لا يكون الإ إذا كان منجماً .

(10)المدة التي نزل فيها القرآن العظيم :
اختلف العلماء فمنهم من قال :
1- عشرون سنة .
2- أو ثلاث وعشرون سنة .
3- او خمس وعشرون سنة .

(11)تعهد الله بحفظ القرآن :
1-قال تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}.
2-وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}.
3-وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.
4-عن أنس بن مالك :إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان
الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.رواه الشيخان .

(12)أول وآخر ما نزل من القرآن :
للعلماء عدة أقوال، أصحها:
1-أول ما نزل قوله تعالى ( إقرأ باسم ربك الذي خلق) في غار حراء والنبي صلى الله عديه وسلم يتحنث .
2- آخر ما نزل قوله تعالى :( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ).
الدليل :
قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.


(13)كيفية ترتيب السور والايات في القرآن :
1-كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الكتبة بأن ضعوا هذه الآية في الموضع المناسب .
الدليل :
عن عثمان رضي الله عنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)) صحيح على شرط الشيخين .
2-وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم".
3-وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).

(14)عرض النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن على جبريل :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).
2-وفيه عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
3-وفيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
قال ابن سيرين: يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.

(15)الصحابة الذين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم :
1- عن عبد الله بن عمرو سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
2-عن أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه.
3-وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
4- وقد رجح القاضي أبو بكر الطيب أن يكون عدد الصحابة اللذين حفظوا القرآن أكثر من ذلك بكثير واستشهد بأدلة صحيحة ومنها : أ/حادثة بئر معونة قتل القراء وكانوا سبعين .
ب/ والرواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قام بالقرآن في ليلة .
5-سمّى القاسم بن سلام الصحابة الذين حفظوا القرآن : فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.
(16)أسباب حصر اربعة من الصحابة لأخذ القرآن منهم :
1- معرفتهم بالقراءات والاحرف التي نزل بها القرآن .
2- معرفتهم بالناسخ والمنسوخ .
3-أخذهم القرآن كاملاً تلقياً من الرسول صلى الله عليه وسلم .
4-حفظهم القرآن وتميزهم بين الصحابة بذلك وتعليمهم للناس .
5-حفظهم وكتابتهم للقرآن كاملاً.
6-تصريحهم بحفظهم وجمعهم للقرآن كاملاً .

(17)النسخ في القرآن :
1- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه .
2- ما نسخ تلاوته وحكمه ،ومنها :
أ/ في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها))
ب/ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
3- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ، في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

(18)جمع القرآن :
كان جمع القرآن على مراحل :
1- أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الكتبة بأن يكتبواالقرآن في الرقاع والسعف .
2- أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بجمعه .
3- جمع عثمان بن عفان بكتابته وجمعه في مصحف واحد .

(19)حفظ القرآن :
1- أجمع المسلمون على أن مصحف عثمان احتوى لفظ القرآن كاملاً تاماً لم يزد ولم ينقص منه شيء.
2- وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أدى القرآن كاملاً تاماً وعلمه أصحابه .
3- أن الأمة حفظت القرآن جيلاً بعد جيل .
4- ثبوت نسخ بعض الايات .
5-ترتيب الآيات والسور كما أمر به الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد يكون أوكل بعض من ترتيب الآيات والسور للصحابة .
6- ترتيب الايات والسور لا علاقة له بترتيب النزول .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 08:12 AM
يزيد يزيد غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 270
افتراضي تلخيص مقاصد الباب الأول

المقصد الرئيس للباب:
بيان نزول القرآن ووقته وكيفيته وبيان الحكمة من نزوله جملة وتفريقا وبيان عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ الله للقرآن وجمع القرآن ومن جمعه من الصحابة وذكر النسخ في القرآن.

المقاصد الفرعية للباب

(أ) متى نزل القرآن
· نزول القرآن في شهر رمضان
· خطأ من قال أن القرآن نزل في ليلة نصف شعبان
· هل نزل القرآن قبل البعثة أم بعدها؟

(ب) كيفية نزول القرآن
· القول الأول
· القول الثاني
· القول الثالث
· الجمع بين نزول القرآن في ليلة القدر وبين نزوله مفرقا في السنة
· الحكمة من نزوله جملة واحدة إلى السماء الدنيا
· الحكمة من نزول القرآن منجما إلى الأرض
· مدة نزول القرآن إلى الأرض
· أول ما نزل من القرآن
· آخر ما نزل

(ج) عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم

(د) حفظ الله للقرآن

(ه) جمع القرآن
· كتابة القرآن
· حفظة القرآن من الصحابة
· سبب الاقتصار على الأربعة أو الستة المذكورين في الآثار من الصحابة الذين جمعوا القرآن

(و) النسخ في القرآن
· وقوع النسخ في القرآن
· أنواع النسخ في القرآن

تلخيص المقاصد


(أ) متى نزل القرآن

· نزول القرآن في شهر رمضان
كان نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك في ليلة القدر، والأدلة على ذلك:
1. قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن).
2. وقال (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)
3. وقال (إنا أنزلناه في ليلة القدر). فيكون المراد بالليلة المباركة هي ليلة القدر، وقد ثبت في السنة الصحيحة أن ليلة القدر من ليالي رمضان المبارك، فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه.
4. ما رواه قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)، أخرجه البيهقي وغيره.
5. ثبوته عن الصحابة، فقد بيّن حبر الأمة ابن عباس هذا المعنى بقوله: (إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام). ومعنى رسلا: أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق.
6. ثبوته عن السلف، فقد قال أبو قلابة كما في مصنف ابن أبي شيبة: (أنزلت الكتب كاملة ليلة أربع وعشرين من رمضان).

· خطأ من قال أن القرآن نزل في ليلة نصف شعبان
زعم بعضهم أن القرآن قد نزل في ليلة النصف من شعبان، وأن المراد باللية المباركة في قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) أي ليلة النصف من شعبان لأن ليلة القدر غير مختصة برمضان بل هي متنقلة في شهور السنة، وهذا قول ضعيف ترده الأحاديث الصحيحة المثبتة لليلة القدر في رمضان كما تقدم، وما جاء عن الصحابة وابن عباس في كون القرآن قد نزل في رمضان.

· هل نزل القرآن قبل البعثة أم بعدها؟
الأمر محتمل في كون نزول القرآن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبعدها، والظاهر أنه كان قبل البعثة النبوية إعلاما للملائكة بقرب ظهور نبينا صلى الله عليه وسلم، لأن الله تعالى قد أخبرهم بشأن النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه، وجاء في السنة ما يدل على علمهم المسبق بنبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث الإسراء لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم به.

(ب) كيفية نزول القرآن

· فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا. وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وجماعة من السلف.
1. فقد روى عكرمة عن ابن عباس قوله: (أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: "وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا")، أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه.
2. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله: (أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: "وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا")
3. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: "فلا أقسم بمواقع النجوم"، قال: نزل متفرقا.
4. وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويرتله ترتيلا.
5. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا. أخرجه ابن أبي شيبة.
6. وقال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
7. وقال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: "لتقرأه على الناس على مكث"
القول الثاني: أن القرآن أنزل في ليلة القدر جملة واحدة على الملائكة السفرة ثم نجمته السفرة على جبريل في عشرين ليلة من عشرين سنة ينزل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
1. ذكر الواحدي عن مقاتل قوله: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل بهجبريل على محمد -عليهما الصلاة والسلام- في عشرين سنة.
2. وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ فيعشرين ليلة من عشرين سنة
3. وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين فيالسماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام
القول الثالث: أن القرآن بدأ نزوله في ليلة القدر على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وهو قول الشعبي، فعن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهررمضان.
إلا أن هذا القول بعيد لأنه معارض لما صح عن ابن عباس رضي الله عنه في نزوله جملة واحدة في ليلة القدر.

· الجمع بين نزول القرآن في ليلة القدر وبين نزوله مفرقا في السنة
لا تعارض بين نزول القرآن الكريم جملة واحدة في ليلة القدر وبين نزوله مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تقدم بيان ابن عباس رضي الله عنه لما سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.

· الحكمة من نزوله جملة واحدة إلى السماء الدنيا
في ذلك تعظيم وتفخيم لأمر القرآن الكريم وأمر من أنزل عليه، وذلك لإعلام الملائكة أن هذا آخر الكتب المنزلة، وهو منزل على خاتم المرسلين إلى أشرف الأمم، وهذا من جملة ما شرف الله تعالى به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.

· الحكمة من نزول القرآن منجما إلى الأرض
كان القرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم منجما بحسب الوقائع، خلافا لسائر الكتب السماوية، وقد تولى الله سبحانه بيان الحكمة من هذا الأمر فقال: (وقالالذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك)، فالفائدة العظمى هي تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم تيسيرا عليه لحفظه، وإجابة لما نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم من وقائع، وإجابة لما سأله الناس عنه من أمور الدين، ولأن بعضه منسوخ ببعض وهذا لا يتأتى إلا بإنزاله مفرقا.

· مدة نزول القرآن إلى الأرض
كان بيننزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل : ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، اما في المدينة فكان لبثه صلى الله عليه وسلم عشر سنين.

· أول ما نزل من القرآن
قوله تعالى أول سورة العلق: (اقرأ باسم ربك الذي خلق). نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته.

· آخر ما نزل
فيه أقوال:
1. قيل: هو قوله تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله). وهو مروي عن ابن عباس، قال: (آخر آية أنزلت من القرآن: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله")
2. وقيل: آي الربا وآية الدين، وهو موافق للأول لأن (واتقوا يوما) هي آخرهن. قال ابن شهاب: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.وحمل المصنف هذا القول على أنها آخر آيات الأحكام نزولا لا أنها آخر الآيات مطلقا.
3. وقيل: هو قوله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) إلى آخرها.
4. وقيل: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)
5. وقيل: (اليوم أكملت لكم دينكم)

(ج) عرض القرآن
- كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم يدارسه.
- عن ابن عباس قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس بالخير، وأجود ما يكونفي شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ،يعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن).
- وعن فاطمة رضي الله عنها قالت: (أسر إلى النبي صلى الله عليهوسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي)
- وعن أبي هريرة قال: (كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه).

(د) حفظ الله للقرآن
وعد الله تعالى نبيه بحفظ القرآن الكريم وبيانه، وضمن لنبيه عدم نسيانه فقال: (لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه) أي علينا أن نجعمه في صدرك في يتفلت. وفي الصحيحين عن ابن عباس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه} .. الحديث)

(ه) جمع القرآن

· كتابة القرآن
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة القرآن كلما نزل منه شيء، ويأمر بوضع الآيات في مواضعها من السور، فعن عثمان رضي الله عنه قال: قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)، أخرجه الترم ذي وهو حديث حسن. وعن البراء قال: لما نزلت " لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله "، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)، ثم قال: (اكتب " لا يستوي القاعدون")، أخرجه البخاري.

· حفظة القرآن من الصحابة
- حفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه يحفظه جماعة كثيرة، ورحص لهم النبي صلى الله عليه وسلم بقراته على الأحرف السبعة.
- من أشهر من جمع القرآن من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت وأبو زيد.
- عن عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود،وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب).
- عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد). وفي رواية: (مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه).
- عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
- وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
- ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه الانتصار أنهم كانوا أكثر من ذلك بكثير، ويشهد لذلك كثرة القراء المقتولين في معركة اليمامة في عهد لأبي بكر رضي الله عنه، وما روي عن عبدالله بن عمرو قوله: (جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأه في شهر) ... الحديث)، وعبدالله غير مذكور فيما تقدم من الآثار.
- وقد سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" له، فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة .
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك

· سبب الاقتصار على الأربعة أو الستة المذكورين في الآثار من الصحابة الذين جمعوا القرآن
ذكروا لذلك عدة تأويلات، منها:
- أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها إلا أولئك النفر.
- أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
- أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
- أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره إلا هم.
- أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء.
- أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاء الأربعة.

(و) النسخ في القرآن

· وقوع النسخ في القرآن
من القرآن ما ثبت نسخه لحكمة.

· أنواع النسخ في القرآن
النسخ في القرآن على ثلاثة أنواع:
1. ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
2. ما نسخت تلاوته وحكمه، كآيتي الرجم والرضاع. فعن عمر رضي الله عنه قال: (فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)، وعن عائشة قالت: (كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن"، ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن")
3. ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا. فعن عبدالله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج"، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 12:40 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

الباب الأول: في بيان عن كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.
المقصد الرئيس للباب : نزول القرآن وكيفيته وحفظه في السطور والصدور في العهد النبوي
المقاصد الفرعية
- نزول القرآن
١- ابتداء نزول القرآن
2- معنى إنزالة ليلة القدر
3- كيفية نزوله
4- الحكمة من نزوله جملة واحدة
5- زمن نزول القرآن بعد ظهور النبوة أم قبلها والحكمة من ذلك.
6- استشكال.
7- الحكمة من نزوله منجما
8- أول ما نزل
9- آخر ما نزل
- النسخ في القرآن
- حفظ القرآن في الصدور
١- حفظ النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
٢- معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن
٣ - حفظ الصحابة رضي الله عنهم
أ‌- من جمع القرآن من الصحابة
ب‌- هل الحفاظ من الصحابة هؤلاء فقط .
- كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
- جمع القرآن .
1- تأليف القرآن.
2- تعدد جمع القرآن
3- مصحف عثمان رضي الله عنه مؤلف على ما يسمعون تلاوتة النبي صلى الله عليه وسلم
تلخيص مقاصد الباب
- نزول القرآن
١- ابتداء نزول القرآن
ابتدأ نزول القرآن في ليلة القدر ولكن اختلف في المراد بليلة القدر وفي معنى كون انزاله في شهر رمضان فورد فيها قولان
الأول : قيل:أن ليلة القدر هي ليلة النصف من شعبان وأن قوله تعالى :( أنزل فيه القرآن) معناه أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامة وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان بل هي متنقلة في الشهور على ممر السنين واتفق أن وافق زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان .
الثاني : ليلة القدر هي في شهر رمضان في العشر الأواخر منه قال تعالى :( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) وقال :( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )وقال :( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) فليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان .وبهذا وردت الأحاديث الصحيحة ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه بالتماسها بالعشر الأواخر من رمضان .
- الاستدلال على أن ليلة القدر هي الليلة المباركة وابطال القول الأول :
قال تعالى في الليلة المباركة ( فيها يفرق كل أمر حكيم) وهذا موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر لأن معناه التقدير .
وليلة القدر خير من ألف شهر فلا أبرك من ليلة هي خير من ألف شهر .
الدليل على أن أنزال القرآن في شهر رمضان
عن واثلة بن الاسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(..وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)اخرجه البيهقى في ( كتاب الاسماء والصفات)و( شعب الإيمان)وذكره الثعلبي في تفسيره.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"
وبهذا يبطل قول من زعم أنها ليلة النصف من شعبان وأن قوله ( أنزل فيه القرآن) معناه انزل في شأنه وفضل صيامه.
٢- معنى إنزال القرآن في رمضان وفي ليلة القدر
قال البيهقى في قوله ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) يريد والله أعلم : إنا أسمعناه الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون الملك متنقلاً به من علو إلى سفل.
الرد عليه قال أبو شامة: هذا المعنى مطرد في جميع ألفاظ الانزال المضافة إلى القرآن أو إلى شيء منه.
ولكن وردت أقوال في معنى إنزاله في ليلة القدر
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.قال به الشعبي ذكره الماوردي في تفسيره
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.قال به ابن عباس ذكره الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك"وأسنده البيهقي في دلائله والواحدي في تفسيره.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة. قال به ابن عباس ذكره القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": وأخرجه الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك على الصحيحين"
الرابع : معنى إنزال القرآن في رمضان عرضه وإحكامه . قال به الشعبي رواه عنه داوود
الاستدلال على هذه الأقوال:
دليل القول الأول:- ذكر الماوردي في تفسيره ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما وجعله القول الأول في معنى الآية ثم قال والقول الثاني : أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، قال: وهذا قول الشعبي
الرد عليه
هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، وقد بين ذلك أبو شامة في "شرح حديث المبعث"، وغيره، وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا، على ما تقدم.
دليل القول الثاني- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}،أسنده الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك" صحيح على شرطهما.وأسنده البيهقي في دلائله والواحدي في تفسيره.
دليل القول الثالث:- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.ذكره الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": وأخرجه الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك على الصحيحين" وقال في آخره: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
دليل القول الرابع: عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.ذكره أبو عبيد
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
زاد غير الثعلبي: فلما كان في العام الذي قبض فيه عرضه عرضتين، فاستقر ما نسخ منه وبدل.
عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.ذكره أبو عبيد
وعن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم. ذكره ابن أبي شيبة
قال أبو شامة تعليقا على قول الشعبي :ما رواه داود عن الشعبي، يعد قولا رابعا في معنى قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن}، وكأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه، مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته.
الجمع بين الأقوال:
قال أبو شامة: ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.
٣- كيفية نزوله
نزل القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ ليلة القدر إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل منجما ًعلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه حسب الاحداث والوقائع مدة عشرون سنة او ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة حسب الخلاف في مدة إقامته عليه الصلاة والسلام بمكة بعد النبوة فقيل :عشر وقيل: ثلاث عشر وقيل: خمسة عشر ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر.
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.خرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "كتاب ثواب القرآن"
وفي "تفسير الثعلبي" عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
٤- الحكمة من نزوله جملة واحدة
الحكمة من ذلك
فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم،وميزة عن الكتب السابقة حيث كانت تنزل جملة واحدة والقرآن جمع له بين نزوله جملة واحدة وبين نزوله منجما.
وفي ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورة الأنعام أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة الكرام البررة عليهم السلام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له.ذكره الشيخ أبو الحسن في كتابه "جمال القراء...":

٥- زمن نزول القرآن جملة بعد ظهور النبوة أم قبلها والحكمة من ذلك؟
الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فهو من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده،، وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة، ففي حديث الإسراء ، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك .
6- استشكال :
قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة، وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
له وجهان:
أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر،
واختير لفظ الماضي لأمرين: أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه،
والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة، وكل ذلك حسن واضح، والله أعلم.
7- الحكمة من نزوله منجما
{وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه.
وقيل معنى ( لنثبت به فؤدك) : أي لتحفظه فيكون ثابتاً به غير مضطرب .
كذلك ليسهل عليه حفظه فقد كان عليه الصلاة والسلام أميا لا يقرأ ولا يكتب والله قادر على أن ييسر له حفظه دفعة واحدة ولكن الله يفعل ما يريد لا معترض عليه في حكم.
كذلك في القرآن ما هو جواب عن أمور سُأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه فهذا من اسباب نزوله مفرقا.
كذلك هناك من الاحكام ما هو منسوخ ومنها ماهو ناسخ ولا يمكن هذا إلا بنزوله مفرقاً.
8- أول ما نزل
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
9- آخر ما نزل
أختلف في آخر ما نزل من الآيات
١- قيل :{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية،
٢- وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها،
٣- وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين،
٤- وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن،
٥- ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
والراجح:
قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.ذكره أبو عبيد
يعني العاشر من يوم مرضه.
و عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين. ذكره ابو عبيد
يعني من آيات الاحكام والله أعلم
- النسخ في القرآن
من القرآن ما نسخ لحكمة اقتضت نسخه، وهو على ثلاثة أضرب:
١- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه، ٢- منه ما نسخت تلاوته وحكمه، وذلك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

- حفظ القرآن في الصدور
١- حفظ النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
كان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء، وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.
وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، قال: جمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: فاستمع وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
٢- معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن
وكان يعرض القرآن على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة . رواه البخاري
وفيه عن عائشة رضي الله عنها عن فاطمة رضي الله عنها: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي.
٣ - حفظ الصحابة رضي الله عنهم
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).رواه البخاري
وفيه عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه، وفي رواية: أحد عمومتي.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
هل الحفاظ من الصحابة هؤلاء فقط؟
أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي وغيره له تأويلات سائغة:
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.
وإن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكل، بل الشيء الكثير إذا روى كل جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواترا.
قال أبوشامة :وقد سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" له، فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.
قال: وبعض ما ذكرنا أكثر في القراءة وأعلى من بعض، وإنما خصصنا بالتسمية كل من وصف بالقراءة، وحكي عنه منها شيء.
- كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا))،
عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))...ذكرهالترمذي في جامعه .. هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت. ذكره أبو داود في سننه
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}.
وقد ذكرأبو شامة أسماء كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يكتبون له الوحي وغيره في ترجمته صلى الله عليه وسلم في "تاريخ دمشق" نحو خمسة وعشرين اسما. والله أعلم.
- جمع القرآن
1- تأليف القرآن
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)). ذكره البيهقي في كتاب المدخل والدلائل
زاد في "الدلائل": نؤلف القرآن من الرقاع، ثم قال: وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأخرج هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
2- تعدد جمع القرآن
قال الحاكم في المستدرك تعليقاً على الحديث السابق : وفيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.
3- إن مصحف عثمان مؤلف على ما يسمعون من تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: "الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم، وإن هذا القول الثاني أقرب وأشبه بأن يكون حقا على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإن القرآن لم يثبت آيه على تاريخ نزوله، بل قدم ما تأخر إنزاله، وأخر بعض ما تقدم نزوله على ما قد وقف عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك"... وساق الكلام إلى آخره في "كتاب الانتصار" للقرآن، على كثرة فوائده، رحمه الله.
عن الشاطبي بإسناده إلى ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم...ذكره أبوالحسن في كتاب الوسيلة وذكره أبو عمرو الداني في "كتاب المقنع"

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 04:29 PM
الشيماء وهبه الشيماء وهبه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 1,465
افتراضي



المقصد الرئيس للباب : الأول
بيان كيفية نزول القرآن وجمعه


المقاصد الفرعية للباب:
أ: بيان وقت نزول القرآن وكيفية والحكمة من ذلك

ب: بيان كيفية جمع القرآن
ج
:
مناسبة بعض الآيات والسور

أنواع النسخ في القرآن

تلخيص مقاصد الباب:



أ: بيان وقت نزول القرآن وكيفية والحكمة من ذلك

- فأما وقت نزول القرآن

قال الله تعالى{إنا أنزلناه في ليلة مباركة}وقال تعالى {إنا أنزلناه في ليلة القدر} وقال تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}
فقيل في ذلك :
الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان، وأن قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن}معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين،واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان
وهذا القول باطل من عدة وجوه :
1- قد وردت الأحاديث الصحيحة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها وأنها توجد في شهر رمضان خاصة وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتماسها في العشر الأخير منه وهذا ثابت بالسنة .
2- أنه لا يوجد ليلة هي أبرك من ليلة القدر التى فيها العبادة خير من ألف شهر وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى:{فيها يفرق كل أمر حكيم}فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير .
3- وقد ورد الخبر عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن في جوابه عن سؤال عطية بن الأسود ( إنه قد وقع في قلبيالشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة )أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات
سؤال : في أي زمان نزل جملة إلى السماء الدنيا، أبعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل،فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإنكان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمدالمرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلمالله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة.
- وأما في كيفية نزوله
ورد في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها:أنه ابتدئ إنزاله فيها.
وهو قول الشعبي يقصد بذلك إنزاله على النبي صلى الله عليه وسلم وهو متحنث بغار حراء في شهر رمضان
والثاني:أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة
في "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي قال: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلىالليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
الثالث : أنه أنزل جملة واحدة
وقد حاول أبو الحسن الماوردي في تفسير قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} الجمع بين القولين الثاني والثالث قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عندالله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا،فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبيصلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام.
الرابع : أنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان
عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}،أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان. قاله أبو عبيد
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
وزاد غير الثعلبي: فلما كان في العام الذي قبض فيه عرضه عرضتين، فاستقر ما نسخ منه وبدل.
والراجح : أنه أنزل جملة واحدة في ليلة واحدة من ليالي القدر ثم نزل مفرقًا بعد ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم ودل على ذلك :


- جواب ابن عباس عن سؤال عطية ابن الأسود (إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام) وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق . ذكره البيهقي في كتاب الأسماء والصفات

- حديث يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهماقال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعدذلك في عشرين سنة ،وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}. أخرجه الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك على الصحيحين"
وقيل: فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة، وقيل: فصلناه أحكاما وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا .

- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}،قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقعالنجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثربعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا { أسند الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك


- وفيالكتاب "المستدرك" أيضا عن الأعمش عن سعيد بن جبير، عنابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيافجعل جبريل عليه السلام ينزله على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويرتله ترتيلا

ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن}إشارة إلى كل ما سبق من الأقوال ذلك أنه أنزل جملة إلى السماء الدنيا ثم كان أول نزوله إلى الأرض في ليلة القدر بشهر رمضان ثم عرضه وإحكامه في شهر رمضان في كل عام على مدار دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالاجملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفيةللقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.
إشكال وجوابه :
قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة، وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟
قي ذلك وجهان:
أحدهماأن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثانيأن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر،
واختير لفظ الماضي لأمرين:
أحدهماتحققه وكونه أمرا لا بد منه.
والثانيأنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة، وكل ذلك حسن واضح .

بيان الحكمة من نزول القرآن بتلك الكيفية

- الحكمة من إنزاله جملة إلى السماء الدنيا
تفخيملأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخرالكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم .
تكريمبني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهمورحمته لهم، ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة لما أنزل سورةالأنعام أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلامبإملائه على السفرة الكرام البررة عليهم السلام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له . ذكره أبو الحسن في جمال القراء

الحكمة من نزوله مفرقًا على الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة * كذلك لنثبت به فؤادك}أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلبوأشد عناية بالمرسل إليه
- أن كثرة نزول الملك على الرسول صلى الله عليه وسلم وتجديد العهدبه وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز يحدث له من السرورما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه.
وقيل: معنى{لنثبت به فؤادك}،أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي -صلى الله عليهوسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزلجملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه،والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كانغيره، والله أعلم.
فإن قيل: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
فيكون الجواب أن ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه،فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأنيلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.
- أن في القرآن ما هو جواب عن أمور سؤل الرسول صلى الله عليه وسلمعنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول.
- أن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ وذلك لحكم عظيمة ولايتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

ب- بيان كيفية جمع القرآن الكريم

أولًا : جمعه في صدر النبي صلى الله عليه وسلم
- كان النبي صلى الله عليه وسلم أمي لا يعرف القراءة والكتابة فلما كان جبريل ينزل عليه بالوحي كان يحرك لسانه ويتعجل بتلاوته خشية نسيانه فوعد الله تعالى نبيه بحفظ القرآن في صدره أنزل الله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه *فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}أي: فاستمع وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، فكان رسول الله صلى اللهعليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أقرأه.
- ثم كانجبريل يعرض القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كانالعام الذي توفي فيه عرض عليه القرآن مرتين عن عائشة -رضي الله عنها-، عن فاطمة -رضي الله عنها-: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي).
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض)).

ثانيًا : حملة القرآن من الصحابة
تعددت الروايات عمن جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة فقيل
عن مسروق قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وعن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد.
وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
-
قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعبوزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء،وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
والصحيح في ذلك :
ما ذكره القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" عن حملة القرآن في حياة رسولالله -صلى الله عليه وسلم-،
أنهم كانوا أضعاف هذهالعدة المذكورة وقد ذكر الأدلة على ذلك ومنها :
- كثرة القراءالمقتولين يوم مسيلمة باليمامة وذلك في أول خلافة أبيبكر رضي الله عنه
- ما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونةكانوا يسمون القراء.
- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: قال جمعت القرآنفقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذهالآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان منألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي وغيره له عدة تأويلات :
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا،غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمرهوانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهمالراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها أنه لميذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاءالأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلىالله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء،ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
وقد سمى الإمام أبو عبيد أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" فذكر من المهاجرينأبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفةوحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرووعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبدالله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.
قال: وبعض ما ذكرنا أكثر في القراءة وأعلى من بعض، وإنما خصصنا بالتسمية كل من وصف بالقراءة، وحكي عنه منها شيء.

ثالثًا: مراحل جمع القرآن
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته فكتب في الرقاع واللخاف والعسب
فيجامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسولالله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذواتالعدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا .
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي اللهعنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزلعليه "بسم الله الرحمن الرحيم".
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت{لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}،قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها{غير أولي الضرر}.
فكان القرآن مدون بعضه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعضه في صدور الصحابة رضوان الله عليهم
- ثم جمع كله في عهد أبو بكر الصديق رضى الله عنه بإشارة من عمر بن الخطاب فدون كله في صحف.
- ثم جمعت هذه الصحف في عهد عثمان بن عفان بترتيب للسور على رسم النبي صلى الله عليه وسلم وتلاوته في العرضة الأخيرة
قال ابن أبي شيبة: عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني: القراءة التيعرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي قبض فيه هيالقراءة التي يقرأها الناس اليوم.

ج : مناسبة بعض الآيات والسور


- أول ما نزل من القرآن
سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته ثم نزل{يا أيها المدثر}ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
- آخر ما نزل من القرآن
آيات: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}الآية،
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}إلى آخرها
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}إلى آخر الآيتين
وقيل آيات الربا عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين ، يعنى من آيات الأحكام ، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن{واتقوا يوما}هي آخرهن لحديث أبو عبيد عن ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
- نزل يوم عرفة
نزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.

د: أنواع النسخ في القرآن
الأول :ما نسخت تلاوته وبقي حكمه

الثاني : ما نسخت تلاوته وحكمه، وذلك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمهوحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوهارسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الثالث : ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}. في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24 رجب 1436هـ/12-05-2015م, 07:43 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

المقصد الكلى للباب الأول:
نزول القرءان فى شهر رمضان فى ليلة القدر وكيفية نزوله ومعارضة جبريل عليه السلام النبى صلى الله عليه وسلم القرءان فى كل رمضان والحكمة من نزوله منجما وأول ما نزل وآخر مانزل وترتيب آياته فى السور وذكر الحفاظ الذين جمعوا القرءان فى عهده صلى الله عليه وسلم وأنواع النسخ ونبذة عن جمعه فى عهد أبى بكر وعثمان رضى الله عنهم
المقاصد الفرعية:
-نزول القرءان فى شهر رمضان فى ليلة القدر:
أ-معنى الظرفيه فى قوله تعالى:"أنزل فيه القرءان"
ب-نزوله فى ليلة القدر
ج-سبب تسميتها بليلة القددر
د-اختصاص ليلة القدر بشهر رمضان
-كيفية نزول القرءان فى ليلة القدر
أ-معنى قوله تعالى "إنا أنزلناه فى ليلة القدر"
الحكمة من نزوله جملة إلى السماء الدنيا
--الحكمة من نزوله منجما
-معارضة جبريل النبى صلى الله عليه وسلم القرءان
-تكفل الله تعالى لنبيه بحفظ القرءان وبيانه
-أول ما نزل وآخر مانزل
-ترتيب الآيات فى السور
-ذكر من حفظ القرءان وجمعه من الصحابة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم
-أنواع ما نسخ من القرءان
-نبذة عن جمع القرءان فى عهد أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما

تلخيص المقاصد:

-نزول القرءان فى شهر رمضان فى ليلة القدر:
قال تعالى "شهر رمضان الذى انزل فيه القرءان "
ما رواه قتادة عن واثلة بن الأسقع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :"انزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وانزل القرءان لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان"أخرجه البيهقى فى كتاب الأسماء والصفات
أ-معنى الظرفيه فى قوله تعالى:"أنزل فيه القرءان"
-أى أنزل فى شان رمضان وفضل صيامه وبيان احكامه القرءان
-قال بن أبى شيبة:ويجوز ان يكون قوله أنزل فيه القرءان إشارة إلى كونه نزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وأحكامه فى شهر رمضان فقويت ملابسة شهر رمضان للقرءان إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وأحكاما
-وفى معنى الآية ما رواه داود عن الشعبى حيث نزل -عرضه وإحكامه فى رمضان من كل سنة -منزلة إنزاله فيه مع أنه لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل
وإن ضم لهذا القول ابتداء نزوله فى شهر رمضان ظهرت قوة هذا القول
ب-نزوله فى ليلة القدر
قال تعالى "إنا أنزلناه فى ليلة القدر"
قال تعالى "إنا انزلناه فى ليلة مباركة"
فالليلة المباركة هى ليلة القدر (جمعا بين الادلة)ولا ليلة أبرك من ليلة خير من ألف شهر وقد امر النبى بالتماسها فى العشر الاواخر من رمضان
ج-سبب تسميتها بليلة القدر
من التقدير لقوله تعالى "فيها يفرق كل امر حكيم"

د-اختصاص ليلة القدر بشهر رمضان
ولا عبرة بقول من قال ان ليلة القدر لا تختص بشهر رمضان بل متنقلة بين الشهور على مر السنين وقد اتفق أن وافقت زمن إنزال القرءان ليلة النصف من شعبان
دليل بطلان هذا القول:
الأحاديث الصحيحة الواردة فى بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها
ما ورد عن بن عباس لما سأله عطية بن الاسود فقال إنه قد وقع فى قلبى الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
قلت: رسلاً أي رفقًا
-معنى قوله تعالى "إنا أنزلناه فى ليلة القدر"
المعنى المطرد للإنزال ويدل على معتقد اهل السنة بقدم القرءان وانه صفة قائمة بذات الله تعالى
الإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر
-كيفية نزول القرءان فى ليلة القدر:
القول الاول:أنزل فيها جملة واحدة
عن بن عباس قال أنزل القرءان جملة واحدة إلى سماء الدنيا فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة
وفى المستدرك عن بن عباس قال: فصل القرءان من الذكر فوضع فى بيت العزة فى السماء الدنيا فجعل جبريل ينزله على النبى ويرتله ترتيلا "صحيح الإسناد ولم يخرجاه
القول الثانى:أنزل فى عشرين ليلة من عشرين سنة
فى كتاب المنهاج للحليمى :قال:كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا فى كل ليلة ما ينزل على النبى إلى الليلة التى تليها فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بامر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرءان كله من اللوح المحفوظ فى عشرين ليلة من عشرين سنة
وقد ذكر الماوردى تفسير نزوله فى عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل
القول الثالث:
قال الماوردى فى تفسير قوله تعالى "إنا انزلناه فى ليلة القدر"ان الله تعالى ابتدأ بإنزاله فى ليلة القدر وهو قول الشعبى
وهو إشارة إلى ابتداء نزوله على النبى فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء فى شهر رمضان وهو قول بعيد على ما قد صح من الآثار عن بن عباس أنه نزل جملة إلى السماء الدنيا
-نزوله منجما
قال تعالى "وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا"
معنى فرقناه أى فصلناه آية آية وسورة سورة
وقيل فصلناه أحكاما
وقيل فرقناه بالتشديد أى أنزلناه مفرقا
الحكمة من إنزاله منجما
قال تعالى "وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا"
-أنزله تعالى مفرقا لتثبيت قلب النبى (لنثبت به فؤادك) أى لنحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب
-السرور الحاصل للنبى بسبب ؤكثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به ولهذا كان أجود ما يكون فى رمضان لكثرة نزول جبريل
-لتيسير حفظه ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه فى وقت واحد
-فى القرءان جواب عن أمور سألوه عنها
-بعضه ناسخ وبعضه منسوخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما انزل مفرقا

الحكمة من نزوله جملة إلى السماء الدنيا
-تفخيما لأمره وامر من انزل عليه
-إعلام سكان السموات السبع ان هذا آخر الكتب فى النزول على خاتم الرسل لأشرف الامم
-باين الله تعالى بينه وبين الكتب الأخرى المنزلة قبله جملة فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا

زمان نزوله جملة إلى السماء الدنيا قبل أم بعد ظهور النبوة
كلاهما محتمل فإن كان بعدها فالامر للتفخيم له ولمن أنزل عليه
وإن كان قبلهاففيه إعلام الملائكة بقرب ظهور امة النبى المرحومة
-أول ما نزل وآخر مانزل
أول ما نزل على النبى صلى الله عليه وسلم "اقرأ باسم ربك الذى خلق" وذلك بحراء عند ابتداء نبوته ثم نزل "يأيها المدثر" ثم صار ينزل منه شىء فشىء بحسب الوقائع والنوازل مكيا ومدنيا وحضرا وسفرا
وآخر ما نزل "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله "
وقيل "يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة "إلى آخرها
وقيل"لقد جاءكم رسول من أنفسكم" إلى آخر الآيتين
وقيل آيات الربا وهو الموافق للقول الأول لأن "واتقوا يوم"هى آخرهن
ونزل يوم عرفة فى حجة الوداع "اليوم اكملت لكم دينكم"
قال ابو عبيد وساق باسناده عن بن جريج قول بن عباس: آخر آية نزلت من القرءان "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " قال :زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال ومات العاشر من يوم مرضه

-ترتيب الآيات فى السور
كان النبى صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه شىء من القرءان أمر بكتابته ويقول فى مفرقات الآيات "ضعوا هذه فى سورة كذا"
وأسند البيهقى فى كتاب المدخل والدلائل عن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرءان من الرقاع
ثم قال وهذا أشبه أن يكون أراد به تأليف مانزل من الآيات المتفرقة فى سورها

-معارضة جبريل النبى صلى الله عليه وسلم القرءان
كان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض القرءان على جبريل فى شهر رمضان فى كل عام وعرضه عليه عام وفاته مرتين وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام مرة وعرض عليه عام وفاته مرتين

-تكفل الله تعالى لنبيه بحفظ القرءان وبيانه
قال تعالى "لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه"
فى الصحيحين عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضى الله عنهم قال :كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحى كان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه فكان ذلك يعرف منه فأنزل الله تعالى"لا تحرك به لسانك لتعجل به"
وعد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرءان وبيانه وضمن له عدم نسيانه بقوله تعالى "لا تحرك به لسانك لتعجل به"أى علينا أن نجمعه فى صدرك تقرؤه فلا ينفلت عنك منه شىء وقال تعالى "سنقرئك فلا تنسى" أى غير ناس له

-ذكر من حفظ القرءان وجمعه من الصحابة على عهد ا لنبى صلى الله عليه وسلم
عن مسروق قال :ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال:لا أزال أحبه سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول :"خذوا القرءان عن أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبى بن كعب
عن الشعبى قال جمع القرءان على عهد رسول الله ستة نفر من الأنصار :أبى بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد واختلفوا فى رجلين من ثلاث قالوا :عثمان وأبو الدرداء وقالوا عثمان وتميم الدارى
وقد أقام القاضى أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله فى كتاب الانتصار الأدلة الكثيرة على أنهم أضعاف هذه العدة المذكورة وأن العادة تحيل خلاف ذلك ويشهد لذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة وما فى الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء
وقد قال عمرو بن العاص جمعت القرءان كله فى ليلة فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأه فى شهر"
وعبد الله بن عمرو غير مذكور فى الآثار المتقدمة فدل على أنها ليست للحصر
وأما الجمع بين هذه الآثار فقد ذكر القاضى غيره له تأويلات سائغة:
لم يجمعه على جميع الوجوه والاحرف التى نزل بها إلا اولئك النفر فقط
لم يجمع جميع القرءان عن رسول الله ويأخذه من فيه تلقيا غير تلك الجماعة
لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقى فرض حفظه وتلاوته إلا تلك الجماعة
لم يجمعه على عهد رسول الله ممن ظهر به وأبدى ذلك غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوى
لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله فى حياة النبى سوى هؤلاء الاربعة إذ قد يكون غيرهم أكمله ولم يستجيزوا النطق بذلك لانهم كانوا يتوقعون نزول القرءان ما دام النبى حيا
ويحتمل ان يكون غيره أكمله ولم ينطق بذلك خوفا من المراءاة به واحتياطا على النيات

-أنواع ما نسخ من القرءان
منه ما نسخت تلاوته وبقى حكمه
في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.
ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وذانك كآيتي الرجم والرضاع.
في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها))

-نبذة عن جمع القرءان فى عهد أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما
جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله -تعالى- وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين -رضي الله عنه-، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 25 رجب 1436هـ/13-05-2015م, 01:04 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تلخيص مقاصد الباب الأول من كتاب "المرشد الوجيز"
المقصد الكلي للباب : ذكر ما يتعلق بنزول القرآن وكيفية إنزاله وبيان أول وآخر ما نزل من القرآن وذكر الحكمة المتعلقة بإنزاله جملة واحدة إلى السماء الدنيا ومنجمًا إلى الأرض , وكم بين نزول أول القرآن وآخره وعرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وتعهد الله بحفظه .
المقاصد الفرعية للباب:
أ- ما يتعلق بوقت نزول القرآن وكيفيته وآخر وأول ما نزل والحكمة من إنزاله منجمًا وكم بين أوله وآخره
1- في أي شهر ويوم أنزل القرآن .
2- هل نزل القرآن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .
3- كيفية إنزاله.
4-بيان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم .
5-بيان آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم.
6- الحكمة من إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا .
7-الحكمة من إنزال القرآن الكريم منجمًا ومفرقًا إلى الأرض:
8-كم بين نزول أول القرآن وآخره؟
ب-ذكر ما يتعلق بآيات الإنزال وبيان أقوال العلماء في معناها :
1- هل قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟
2القراءات في قوله تعالى :"وقرآنًا فرقناه لتقرأه للناس على مكث ونزلناه تنزيلا" وما جاء في معناها من أقوال.
ج- عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.
1-ما ورد من الآثار في معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
2- القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه:

د- حفظ الله للقرآن الكريم في الصحف والصدور :
1- ما جاء في وعد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن .
2-ذكر الحفاظ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هـ-ثبوت النسخ في القرآن الكريم .


تلخيص مقاصد الباب الأول :
أ- ما يتعلق بوقت نزول القرآن وكيفيته وآخر وأول ما نزل والحكمة من إنزاله منجمًا وكم بين أوله وآخره :
1- في أي شهر ويوم أنزل القرآن .
القول الأول: في ليلة القدر في رمضان .
أدلتهم :
1-قوله تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} .
2-قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}.
3-وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
وجه الدلالة من الآيات السابقة:
أن ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان جمعا بين هؤلاء الآيات؛ إذ لا منافاة بينها.
4- دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر.
لذلك تعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة} على ليلة القدر. وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير.
كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام. أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات.
ومعنى رسلاً : رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق.
5- رواية قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.

القول الثاني: أنه نزل في ليلة النصف من شعبان .
واستدلوا على ذلك :
1-بأن قوله تعالى : {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان.
-الرد على هذا القول وإبطال استدلالهم :
وإبطال هذا القول متحقق بالأحاديث الصحيحة الواردة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها.
2- هل نزل القرآن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال صاحب المرشد الوجيز : الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده، وعلى ذلك حملنا قوله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نبيا وآدم بين الماء والطين))، على ما أوضحناه في "كتاب شرح المدائح النبوية"، وكان العلم بذلك حاصلا عند الملائكة، ألا ترى أن في حديث الإسرى، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك وقد تكلم على فائدة إنزال القرآن جملة، شيخنا أبو الحسن رحمه الله ببعض ما ذكرناه.

3- كيفية إنزاله.
القول الأول : أنه نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا ثم أنزل مفرقًا إلى الأرض , وهذا ما قال به ابن عباس :
دليلهم:
1-عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}. أخرجه الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك على الصحيحين" وقال في آخره: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه , وذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن.
2- وأسند الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك" من حديث ابن أبي شيبة، حدثنا جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
وأسنده البيهقي في دلائله والواحدي في تفسيره.
القول الثاني: أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، وهذا قول الشعبي.
قال صاحب المرشد الوجيز: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، ثم قال: وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى السماء الدنيا.
القول الثالث: نزل في عشرين ليلة من عشرين سنة :
قال أبو الحسن الواحدي المفسر: وقال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة.
وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
4-بيان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم .
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كل ذلك، وهو كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وأول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان , ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا. ذكره ابو شامه.
5-بيان آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم.
وآخر ما نزل من الآيات {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال أبو عبيد: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
قال ابو شامه: يعني العاشر من يوم مرضه.
وقال أبو عبيد: عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين.
قال ابو شامه: يعني من آيات الأحكام، والله أعلم.

6- الحكمة من إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا .
فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.
7-الحكمة من إنزال القرآن الكريم منجمًا ومفرقًا إلى الأرض:
أما السر في نزوله إلى الأرض قال تعالى في كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا :
1-{لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
وقيل: معنى {لنثبت به فؤادك}، أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب.
2- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره، والله أعلم.
3- وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
8-كم بين نزول أول القرآن وآخره؟
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
قال صاحب المرشد الوجيز : وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.
ب-ذكر ما يتعلق بآيات الإنزال وبيان أقوال العلماء في معناها :
1- هل قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} من جملة القرآن الذي نزل جملة، أم لا؟
قال ابو شامه: له وجهان:
أحدهما أن يكون معنى الكلام: إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به، وقدرناه في الأزل، وأردناه، وشئناه، وما أشبه ذلك.
والثاني أن لفظه لفظ الماضي، ومعناه الاستقبال، وله نظائر في القرآن وغيره، أي ننزله جملة في ليلة مباركة، هي ليلة القدر، واختير لفظ الماضي لأمرين: أحدهما تحققه وكونه أمرا لا بد منه، والثاني أنه حال اتصاله بالمنزل عليه، يكون الماضي في معناه محققا؛ لأن نزوله منجما كان بعد نزوله جملة واحدة، وكل ذلك حسن واضح، والله أعلم.

2-القراءات في قوله تعالى :"وقرآنًا فرقناه لتقرأه للناس على مكث ونزلناه تنزيلا" وما جاء في معناها من أقوال.
قال أبو عبيد: "فرقناه" بالتشديد. قال أبو نصر ابن القشيري في تفسيره: فرقناه أي فصلناه.
قال ابن جبير: نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها.
وقيل: فرقناه –بالتخفيف- أي جعلناه آية آية وسورة سورة، وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل، وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.

ج- عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.
1-ما ورد من الآثار في إثبات معارضة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وفيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل عليه السلام كان يلقاه كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
وفيه عن عائشة رضي الله عنها عن فاطمة رضي الله عنها: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي.
وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض.
وقال أبو عبيد: عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
زاد غير الثعلبي: فلما كان في العام الذي قبض فيه عرضه عرضتين، فاستقر ما نسخ منه وبدل.
وقال أبو القاسم البغوي: عن الشعبي: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
2- القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه:
عن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم. قاله ابن أبي شيبة.

د- حفظ الله للقرآن الكريم في الصحف والصدور :
1-ما جاء في وعد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن .
وكان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم نسيانه بقوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}، أي علينا أن نجمعه في صدرك فتقرؤه فلا ينفلت عنك منه شيء، وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.

2-ذكر الحفاظ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
وفيه عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وفيه عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد.
قال صاحب المرشد الوجيز: وقد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي وغيره له تأويلات سائغة:
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.

هـ-ثبوت النسخ في القرآن الكريم .
ففي جامع الترمذي وغيره عن ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}.
نسخ القرآن على ثلاثة أضرب:
منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه، ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وزانك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
قلت: هذا تأويل حسن، ومثله ما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث.
فمعناه، فعلها بعد النبي صلى الله عليه وسلم من لم يبلغه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فلما اتصل ذلك بعمر رضي الله عنه نهى عنها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فاشتهر ذلك وثبت، والله أعلم.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 26 رجب 1436هـ/14-05-2015م, 07:14 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

المقصد الرئيسي للباب : (القرأن وزمن نزوله، وأول وآخر ما نزل منه ،ومراحل جمعه وكتابته ))
🔴

العناصرالرئيسية للباب :
العنصر الأول:بيان نزول القران
- زمن نزول القرأن
- المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر
-أول ما أنزل من القران
-اخر مانزل من القران

▪ معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم
- المقصود من المعارضة
- أدلة المعارضة

▪العنصر الثاني :جمع القران وكتابته
- بيان مراحل جمع القران
- بيان من جمع القران من الصحابة
- بيان كتاب الوحي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

▪ بيان أنواع النسخ في القران
- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه
- ما نسخت تلاوته وحكمه
- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته
⬛ المسائل الواردة في هذا الباب


العنصر الأول : بيان نزول القران
- زمن نزول القران
(قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، فليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في شهر رمضان، جمعاً بين هؤلاء الآيات ، ولأ نه لا منافاة بينها،
- ودل أيضا على أن إنزال القرآن كان في شهر رمضان، رواية قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره
- والمقصود بالإنزال : نأخذه من قول ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام
فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة}؛ على ليلة القدر. كيف، وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير

▪ المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.- كما روى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن": عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.ه..
- والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
كما أسند الحاكم أبو عبد الله في كتابه "المستدرك" من حديث ابن أبي شيبة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
وأسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
وقد ذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره أن القرآن نزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا.
وقال أبو الحسن الواحدي المفسر: قال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد -عليهما الصلاة والسلام- في عشرين سنة.
- وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.

فإن قلت: ما السر في نزوله
▪ ما السر في إنزاله جملة إلى السماء الدنيا؟
ذكر " المقدسي " رحمه الله تعالى ، عدة أمور منها :
- تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله عليهم، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لم نهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله تعالى باين بينه وبينها فجمع له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا.

- تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم،
- تثبيتاً للنبيّ صلى الله عليه وسلم وتقوية لقلبه، لأن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه،
- وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول

▪ زمان نزوله إلى السماء الدنيا.
هل هو بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
فيه قولان : وكلاهما محتمل ، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر، لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة،
الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة،
- ( والذي رجح "المقدسي" أنه أنه كان قبله )

▪ السر في نزوله إلى الأرض منجما ؟
يقول "المقدسي "رحمه الله تعالى ، قد تولى الله سبحانه الجواب عنه فقال في كتابه العزيز: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}، يعنون كما أنزل على من كان قبله من الرسل، فأجابهم الله تعالى بقوله: {كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.
- وقيل: معنى {لنثبت به فؤادك}، أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد على ما أجرى الله تعالى به عوائد خلقه، والتوراة نزلت على موسى عليه السلام مكتوبة وكان كاتبا قارئا، وكذا كان غيره، والله أعلم
- وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب كونه مفرقا ،
فهذه وجوه ومعان حسنة في حكمة نزوله منجما، وكان بين نزول أول القرآن وآخره عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.


▪ المقصود بالمعارضة:
أن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
معارضة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم

- أدلة المعارضة :
حديث داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
- وزاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
- وقال غير الثعلبي: فلما كان في العام الذي قبض فيه عرضه عرضتين، فاستقر ما نسخ منه وبدل.
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن الشعبي: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي -صلى الله عليه وسلم- بما أنزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
وورد عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، قال ابن سيرين: فيرون أو يرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءات عهدا بالعرضة الأخيرة.
وقال ابن أبي شيبة: عن عبيدة السلماني قال: القراءة التي عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم.


▪ أول ما أنزل من القران
- أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، على ما شرحناه في "كتاب المبعث"،
- ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا،
وآخر ما نزل من الآيات:
١-{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية،


▪ بيان كيفية جمع القران
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا))،
وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم.
ففي جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
وفي البخاري عن البراء بن عازب قال: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله}، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ادع لي زيدا، وليجئ باللوح والدواة والكتف)) -أو الكتف والدواة- ثم قال: ((اكتب: {لا يستوي القاعدون ...} )).
وخلف ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله فما تأمرني، فإني رجل ضرير البصر؟ فنزلت مكانها {غير أولي الضرر}.


▪ بيان من جمع القران من الصحابة
وفيه عن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
- قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
قلت: وقد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة على ما سيأتي ذكره، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
- وقد ذكر القاضي وغيره له تأويلات سائغة:
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
- ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
- ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
- ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
- ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
- ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
"ويحتمل" أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
- قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.
وإن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكل، بل الشيء الكثير إذا روى كل جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواترا.
قلت: وقد سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" له، فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.
قال: وبعض ما ذكرنا أكثر في القراءة وأعلى من بعض، وإنما خصصنا بالتسمية كل من وصف بالقراءة، وحكي عنه منها شيء.

▪ بيان أنو اع النسخ في القران:
ما نسخ من القرآن فعلى ثلاثة أضرب:
- منه ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
- ومنه ما نسخت تلاوته وحكمه، وزانك كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
قلت: هذا تأويل حسن، ومثله ما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث.
فمعناه، فعلها بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يبلغه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فلما اتصل ذلك بعمر رضي الله عنه نهى عنها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فاشتهر ذلك وثبت، والله أعلم.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.
وأسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)).


▪ جمع القرأن الكريم
جمع بعضه بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.

في "الدلائل": نؤلف القرآن من الرقاع، ثم قال: وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسل


▪ بيان كتاب الوحي
ذكر أن الذين كانوا يكتبون الوحي وغيره لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحو خمسة وعشرين اسما.

والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 26 رجب 1436هـ/14-05-2015م, 10:08 PM
هبة مجدي محمد علي هبة مجدي محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 656
افتراضي تلخيص الباب الأول

المقصد الرئيسي للباب:
بيان نزول القرآن ومايتصل به ، وجمعه ، وكتابته.
المقاصد الفرعية:
أولا :نزول القرآن:
1-وقت نزوله.
2-معنى نزوله في ليلة القدر.
3-معنى نزوله منجما.
4-الحكمة من نزوله منجما.
5-الحكمة من إنزاله جملة إلى السماء الدنيا.
6- متى كان نزوله إلى السماء الدنيا بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
7-كم استغرق نزول القرآن؟
8-أول مانزل.
9-آخر مانزل.
10-كم استغرق نزول القرآن؟
ثانيا:حفظ القرآن:
أ-حفظ القرآن في صدر النبي صلى الله عليه وسلم.
ب-من جمع القرآن من الصحابة.
ج-هل العدد محصور فيمن ذكر من الصحابة؟
ثالثا:النسخ في القرآن.
رابعا:كتابة القرآن وتأليفه.
خامسا:جمع القرآن.


أولا :نزول القرآن:
1-وقت نزوله:

-قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
-من ذهب أنها ليلة النصف من شعبان فقوله بعيد ، لأن ليلة القدر وردت الاحاديث بالأمر بالتماسها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان .
وممايدل على أن نزوله كان في رمضان ؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات".
وممايدل أيضا أنها ليلة القدر الأثر الذي رواه البيهقي ، وفيه قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
2-معنى نزوله في ليلة القدر:
القول الأول :نزوله فيها جملة واحدة.
الآثار في هذا:
- روى أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن بسنده عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}. وكذلك أخرجه الحاكم في المستدرك.
- وأسند الحاكم في "المستدرك" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
- وأسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
- في "تفسير الثعلبي" عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
- وخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "كتاب ثواب القرآن" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: رفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة فرفع في بيت العزة ثم جعل ينزل تنزيلا.
الثاني: أنه ابتدئ إنزاله فيها: وهذا قول الشعبي.
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة:
- قال صحاب كتاب المنهاج : كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
القول الرابع :المراد عرضه على جبريل عليه السلام كل عام في رمضان:
روى أبو عبيد بسنده عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.

3-معنى نزوله منجما:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.
مواقع النجوم أي مساقطها يريد أنه أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على الرفق والتؤدة.
قال أبو شامة : هو من قولهم: نجم عليه الدية أي قطعها، ومنه نجوم الكتابة، فلما قطع الله سبحانه القرآن وأنزله مفرقا قيل لتفاريقه نجوم، ومواقعها: مساقطها، وهي أوقات نزولها، وقد قيل: إن المراد {بمواقع النجوم} مغارب نجوم السماء، والله أعلم.
4-الحكمة من نزوله منجما:
-معنى فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة، وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل، وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
-منها أيضا ماورد في الآية }كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا{ومعنى تثبيت الفؤاد :أن يقوى به قلبه؛فإن القرآن إذا كان يتجدد في النوازل على أقوى للقلب وأثبت .
ومعنى التثبيت أيضا ليسهل عليه حفظه ؛ أي لتحفظه فيكون فؤادك ثابتا به غير مضطرب.
- وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.

5-الحكمة من إنزاله جملة إلى السماء الدنيا:
- تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه.
-إعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب. ذكره ابن أبي شامة.
و- متى كان نزوله إلى السماء الدنيا بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
-الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل.ذكره أبو شامة .

6-كم استغرق نزول القرآن؟
قال ابو شامة رحمه الله:عشرون أو ثلاث وعشرون أو خمس وعشرون سنة، وهو مبني على الخلاف في مدة إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة، فقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة، ولم يختلف في مدة إقامته بالمدينة أنها عشر، والله أعلم.
7-أول مانزل:
-هو قوله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته.
ثم نزل {يا أيها المدثر} .

8-آخر مانزل:
-قال بعض العلماء:هو قوله تعالى:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية.
- وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها.
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين.
وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن، ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.

ثانيا:حفظ القرآن:
أ-حفظ النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن:
وفي الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى).
-وقال تعالى: {سنقرئك فلا تنسى}، أي غير ناس له.
-وعن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن: (الله -تعالى- تابع الوحي على رسوله قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي)، ثم توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد. هذا لفظ البخاري، ولمسلم: (إن الله عز وجل تابع الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته حتى توفي)، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ب-من جمع القرآن من الصحابة:

يه عن قتادة قال: (سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه)، وفي رواية: أحد عمومتي.
- قال الحافظ البيهقي في "كتاب المدخل": الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة، لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة، قالوا: عثمان وأبو الدرداء، وقالوا: عثمان وتميم الداري، رضي الله عنهم.
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنهم.
-عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
ج-هل العدد محصور فيمن ذكر من الصحابة؟

قال العلماء أن العدد ليس للحصر وجمعوا هذه الروايات من وجوه:
منها أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
ذكر هذا القاضي وغيره.
-سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام أهل القرآن من الصحابة في أول "كتاب القراءات" له، فذكر من المهاجرين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
ومن الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة وأم سلمة.

ثالثا:النسخ في القرآن.

وهو ثلاثة أنواع:
1- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
2- ما نسخت تلاوته وحكمه، كآيتي الرجم والرضاع.
ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: ((إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ((كان مما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
3-ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها: {أربعة أشهر وعشرا}.
في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.

رابعا:كتابة القرآن وتأليفه:

-كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ((ضعوا هذه في سورة كذا)).
-في جامع الترمذي وغيره، عن ابن عباس، عن عثمان -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن.
-وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
-وأسند البيهقي في "كتاب المدخل" و"الدلائل" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم)).
زاد في "الدلائل": نؤلف القرآن من الرقاع، ثم قال: وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب، فجمعها منها في صحف بإشارة أبي بكر وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
-قال أبو شامة:وقد أخبرنا شيخنا أبو الحسن في "كتاب الوسيلة" عن شيخه الشاطبي بإسناده إلى ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم... وذكره أبو عمرو الداني في "كتاب المقنع").

خامسا:جمع القرآن:
جمع بعضه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع في خلافة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.
والجمع في خلافة عثمان رضي الله عنه كان في ترتيب السور كما ذكر أبو شامة رحمه الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مقاصد, تلخيص

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir