دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 11:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب عشرة النساء (2/11) [وصية النبي بالنساء خيرا، وحثه على الصبر عليهن]


وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)). مُتَّفَقٌ عليهِ، واللَّفْظُ للبخاريِّ.
ولمُسْلِمٍ: ((فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا)).

  #2  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 07:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


3/956 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلْعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ: ((فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا)).
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلْعٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللاَّمِ وَإِسْكَانِهَا: وَاحِدُ الأَضْلُعِ، (فَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلْعِ أَعْلاهُ، إِذَا ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً)؛ أَي: اقْبَلُوا الْوَصِيَّةَ فِيهِنَّ، وَالْمَعْنَى: إنِّي أُوصِيكُمْ بِهِنَّ خَيْراً، أَو الْمَعْنَى: يُوصِي بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِيهِنَّ خَيْراً.
(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. وَلِمُسْلِمٍ: فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ): هُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ عَلَى الأَرْجَحِ، (وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ حَقِّ الْجَارِ، وَأَنَّ مَنْ آذَى الْجَارَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُ كُفْرُ مَنْ آذَى جَارَهُ، إلاَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ لأَنَّ مِنْ حَقِّ الإِيمَانِ ذَلِكَ، فَلا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ الاتِّصَافُ بِهِ. وَقَدْ عُدَّ أَذَى الْجَارِ مِن الْكَبَائِرِ.
فَالْمُرَادُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ إيمَاناً كَامِلاً. وَقَدْ وَصَّى اللَّهُ عَلَى الْجَارِ فِي الْقُرْآنِ، وَحَدُّ الْجَارِ إلَى الأَرْبَعِينَ دَاراً، كَمَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَزَلْتُ فِي مَحَلِّ بَنِي فُلانٍ، وَإِنَّ أَشَدَّهُمْ لِي أَذًى أَقْرَبُهُمْ إِلَيَّ دَاراً.
فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيَصِيحُونَ عَلَى أَنَّ أَرْبَعِينَ دَاراً جَارٌ، وَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ خَافَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ.
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ: ((إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالْمُسْلِمِ الصَّالِحِ عَنْ مِائَةِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ))، وَهَذَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الأَوَّلِ، وَالأَذِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ مُطْلَقاً مُحَرَّمَةٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}، وَلَكِنَّهُ فِي حَقِّ الْجَارِ أَشَدُّ تَحْرِيماً، فَلا يُغْتَفَرُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ كُلُّ مَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَذًى، حَتَّى وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: ((إِنَّهُ لا يُؤْذِيهِ بِقُتَارِ قِدْرِهِ إِلاَّ أَنْ يَغْرِفَ لَهُ مِنْ مَرَقَتِهِ، وَلا يَحْجِزُ عَنْهُ الرِّيحَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَإِنِ اشْتَرَى فَاكِهَةً أَهْدَى إِلَيْهِ)).
وَحُقُوقُ الْجَارِ مُسْتَوْفَاةٌ فِي الإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ.
وَقَوْلُهُ: ((وَاسْتَوْصُوا)) تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: ((فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلْعٍ))، يُرِيدُ: خُلِقْنَ خَلْقاً فِيهِ اعْوِجَاجٌ؛ لأَنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ أَصْلٍ مُعْوَجٍّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ حَوَّاءَ أَصْلُهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} بَعْدَ قَوْلِهِ: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.
وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ((إِنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ الأَقْصَرِ الأَيْسَرِ، وَهُوَ نَائِمٌ)).
وَقَوْلُهُ: ((وَإِنَّ أَعْوَجَ مَا فِي الضِّلْعِ)) إخْبَارٌ بِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ أَعْوَجِ أَجْزَاءِ الضِّلْعِ؛ مُبَالَغَةً فِي إثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَةِ فيهنَّ.
وَضَمِيرُ قَوْلِهِ: ((تُقِيمُهُ))، وَ((كَسَرْتَهُ)) لِلضِّلْعِ، وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَكَذَا فِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: ((تُقِيمُهَا))، ((وَكَسَرْتَهَا))، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ. وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ؛ حَيْثُ قَالَ: ((وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا)).
وَالْحَدِيثُ فِيهِ الأَمْرُ بِالْوَصِيَّةِ بِالنِّسَاءِ، وَالاحْتِمَالِ لَهُنَّ، وَالصَّبْرِ عَلَى عِوَجِ أَخْلاقِهِنَّ، وَأَنَّهُ لا سَبِيلَ إلَى إصْلاحِ أَخْلاقِهِنَّ، بَلْ لا بُدَّ مِن الْعِوَجِ فِيهَا، وَأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ. وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْعِوَجِ هُنَا.
وقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْعَوَجُ بِالْفَتْحِ فِي كُلِّ مُنْتَصِبٍ؛ كَالْحَائِطِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِمَا، وَبِالْكَسْرِ مَا كَانَ فِي بِسَاطٍ أَوْ عَيْشٍ أَوْ دِينٍ، وَيُقَالُ: فُلانٌ فِي دِينِهِ عِوَجٌ؛ بِالْكَسْرِ.

  #3  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 07:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


880- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ مِنَ الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً)). مُتَّفَقٌ عليهِ، واللفظُ للبخاريِّ.
ولمسلمٍ: ((فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا، اسْتَمْتَعْتَ وَبِهَا عِوَجٌ، وإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وكَسْرُهَا طَلاقُهَا)).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرَداتُ الحديثِ:
- اسْتَوْصُوا: يعني: لِيُوصِ بَعْضُكم بعضاً خَيْراً وإحساناً في نِسائِكُم.
أو معناه: اقْبَلُوا وصِيَّتِي إيَّاكُم فِيهِنَّ، فإِنِّي أُوصِيكُم بِهِنَّ خَيْراً وإحساناً.
- ضِلَعٍ: بكسرِ الضادِ المُعْجَمَةِ، وفتحِ اللامِ، آخِرَه عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، هو عَظْمُ قَفَصِ الصَّدْرِ، وهو مُنْحَنٍ، والمرادُ أنَّ حَوَّاءَ أَصْلُها خُلِقَتْ مِن ضِلَعِ آدَمَ، كما قالَ تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1].
- أَعْلاهُ: هو ما يكونُ عندَ التَّرْقُوَةِ، فإنَّه مُدَوَّرٌ كنِصْفِ الدائرةِ، فهو عَظْمٌ شديدُ الاعوجاجِ.
- تُقِيمُهُ: تَعْدِلُه وتَرُدُّه إلى الاستقامةِ.
- عِوَجٌ: بكسرِ أَوَّلِه على الأرْجَحِ، وقالَ أهلُ اللُّغَةِ: العَوَجُ بالفتحِ في كلِّ مُنْتَصِبٍ كالعُودِ، وبالكسرِ ما كانَ في بِساطٍ، أو أرضٍ، أو دِينٍ، فيُقالُ: في دِينِه عِوَجٌ، بالكسرِ.
* مَا يُؤْخَذُ مِن الحديثِ.
1- في الحديثِ بيانُ حَقِّ الجَارِ، وأنَّ حَقَّه على جارِه كبيرٌ, فَقَدْ جَاءَ في الحديثِ الصحيحِ: ((مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)).
2- ويَدُلُّ على أنَّ مَن آذَى جَارَهُ بأذًى قوليٍّ أو فعليٍّ، فليسَ بكاملِ الإيمانِ باللهِ تعالى، ولا باليومِ الآخرِ، فإنَّ الإيمانَ باللهِ يَحْمِلُ صاحِبَه على اتَّقَاءِ مَحارِمِه، والإيمانُ باليومِ الآخِرِ يُوجِبُ الخَوْفَ من أهوالِ ذلك اليومِ، فلا يُؤْذِي جَارَه، أَمَّا مَن آذَى جَارَه، فلو كانَ حِينَ آذَاهُ يَتَّصِفُ بالإيمانِ ما صَدَرَ منه أذًى لجَارِه، فإنَّ الإيمانَ يَحْمِلُ صَاحِبَه على القيامِ بالواجباتِ، وتَرْكِ المُحرَّماتِ.
3- ويَدُلُّ الحديثُ على الوَصِيَّةِ بالنساءِ خَيْراً، فقدْ جَاءَ في خُطْبَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في حِجَّةِ الوَداعِ قَوْلُه: ((فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ)).
فاللهُ تعالى من رَحْمَتِه ولُطْفِه بخَلْقِه، يُوصِي ويَحُثُّ على العنايةِ والرعايةِ بالجِنْسِ الصغيرِ والضعيفِ من خَلْقِه، فاليتامَى أمَرَ بحفظِ أموالِهم، ونَهَى عن إضاعتِها، وتَوَعَّدَ على أكْلِها فقالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء:10] وهذه المرأةُ الضعيفةُ الأسيرةُ في بيتِ زَوْجِها يُوصِي بها تعالى فيقولُ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بالمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وقالَ تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].
وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)).
4- ولَمَّا وَصَّى صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالنساءِ ذَكَرَ أَنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وأنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، وهذا بيانٌ لطبيعةِ النساءِ، وخَلْقِهِنَّ، وهو تَمْهيدٌ للأمرِ باحتمالِهِنَّ، والصبرِ عليهنَّ؛ ولذا قالَ: ((فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا عَلَى عِوَجٍ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً)).
فهذا الوصفُ الرائعُ، والتصويرُ البارعُ، والوصيةُ الكريمةُ منه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، يُحَدِّدُ مَوْقِفَ الرجُلِ من زَوْجتِه، فيَسْلُكُ معَها سبيلَ الحِكْمةِ، والرحمةِ، والبِرِّ، والإحسانِ.
والمرادُ بخَلْقِها من الضِّلَعِ، يعني خَلْقَ أُمِّنا حَوَّاءَ مِن ضِلَعِ آدَمَ، عليهما السلامُ.
5- إذا تَدَبَّرْنَا أحكامَ الإسلامِ الرشيدةَ، وآدابَه الساميةَ، ووصاياهُ الكريمةَ، وجَدْنَا مِن صِفاتِه الكريمةِ الإيثارَ، فهو يُشْعِرُ النفْسَ بحُبِّ الخيرِ للإنسانيةِ كُلِّها، لا سِيَّما أصحابُ الحقوقِمن مسلمٍ، وقَريبٍ، وجارٍ، وغيرِهم مِمَّن تَرْبُطُهم بالإنسانِ عَلاقَةٌ وصِلَةٌ، وهذا الإيثارُ له أَكْبَرُ الأثَرِ في تَوْثيقِ المَحَبَّةِ بينَ أَفْرادِ المُجْتَمَعِ، وجَعْلِهم مُتعاطِفِينَ مُتعاوِنِينَ، بعَكْسِ الأَثَرَةِ، وحُبِّ النفسِ، والأنانيةِ، فإنَّها تَجْعَلُ صاحبَها مَكْرُوهاً، مَنْبوذاًَ من المجتمعِ؛ لأنه لا يَرْغَبُ أنْ يُؤَدِّيَ حقَّ غَيْرِه.
فمِن أَهَمِّ مكتشفاتِ علمِ النفسِ الحديثِ: ما ثَبَتَ مِن أنَّ سعادةَ الإنسانِ لَنْ تَأتِيَ بغيرِ تضحيةٍ في سبيلِ الغيرِ، قالَ تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9].
ومَا أجْمَلَ الإيثارَ وأَحْسَنَه إذا كانَ فيمَن لا تَطْمَعُ منه في مُكافأةٍ، ولا تَرْجُو منه جَزاءً ولا شُكوراً، من امرأةٍ ضعيفةٍ أو يَتيمٍ فاقدٍ لراعيهِ وواليهِ، فالإسلامُ دائماً يُوصِينَا بهؤلاءِ وأمثالِهم ممَّن ليسَ لهم حَوْلٌ ولا طَوْلٌ، فالمُوَفَّقُ البارُّ بنَفْسِه وبإخوانِه لا تَفُوتُه هذهِ المَواقِفُ الكريمةُ من الإحسانِ، والمُفَرِّطُ المُهمِلُ هو مَن فاتَتْه الفُرَصُ، وضاعَتْ منه الغَنائِمُ.
6- الحديثُ قَرَنَ بينَ حَقِّ الجارِ، وبينَ حَقِّ الزوجةِ، كما قَرَنَتْ بينَهما الآيةُ الكريمةُ في قولِه تعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36] فقَدْ ذَكَرَ المُفسِّرونَ أَنَّ الجارَ الجُنُبَ هو الجَارُ في الدارِ، والصاحِبَ بالجَنْبِ هو الزوجةُ.
7- تشبيهُ الطلاقِ بكسرِ العَظْمِ تشبيهٌ بليغٌ جِدًّا، ففيهما شَبَهٌ كبيرٌ مِن حَيْثُ الإيلامُ، وصُعوبَةُ جَبْرِه وعلاجِه ومن أجل أنه قَدْ يَعُودُ على غيرِ خِلْقَتِه الأولى.
8- وفيهِ بيانُ أنَّ الناسَ لَيْسَتْ حُقوقُهم عليك سَواءً، بل بَعْضُهم آكَدُ حَقًّا من بعضٍ، كما في الحديثِ: ((إِنَّ الجَارَ لَهُ حَقٌّ، فَإِذَا كَانَ الجَارُ مُسْلِماً فَلَهُ حَقَّانِ، فَإِذَا كَانَ جَاراً مُسْلِماً قَرِيباً فَلَهُ ثَلاثَةُ حُقُوقٍ)).
9- وفيهِ دليلٌ على نَقْصِ عُقولِ النساءِ وكمالِ عُقولِ الرجالِ، فإنَّه لَمْ يُوصِ بِهِنَّ إلاَّ لضَعْفِهِنَّ، وعَدَمِ احتمالِهِنَّ، وأَنَّهُنَّ بحَاجَةٍ إلى مُلاطَفَةٍ ومُدارَاةٍ، وإلاَّ فلا يُمْكِنُ البَقاءُ مَعَها.
10- وفيهِ دَلِيلٌ على أنَّ الرجالَ هم القَوَّامونَ على النساءِ، فإنه لم يُوصِ الرجُلَ بالمرأةِ إلاَّلِمَا له عليها من الرِّئاسَةِ.
11- وفي الحديثِ دَلِيلٌ على أنَّ أحوالَ الدنيا نَاقِصَةٌ، وأمورَها لا تأتي على المَطلوبِ والمرادِ، وأنَّ الواجبَ على الإنسانِ التَّحَمُّلُ والصبْرُ، والقَناعَةُ بما يُحَصِّلُ من خيرِها.
12- الزوجانِ ما دَامَا في انسجامٍ ووِئامٍ، فهذه هي العِشْرَةُ الطيبةُ التي حَثَّ عليها الشرْعُ المُطَهَّرُ.
أَمَّا إذا دَبَّ الخلافُ والشِّقَاقُ بينَهما، فسَبِيلُهما الإصلاحُ، ببَعْثِ حَكَمَيْنِ بينَهما، أحدُهما من أهْلِ الزوجِ، والثاني من أهلِ الزوجةِ، فيَعْملانِ ما يَريانِه الأصلحَ من جَمْعٍ أو تفريقٍ، وفي هذه الحالِ يَجوزُ الإلزامُ بالفِراقِ، إما بالخُلْعِ والفَسْخِ، أو الطلاقِ إذا لم يُمْكِنِ الإصلاحُ بينَهما.
ومِمَّن اختارَ إلزامَ الزوجِ شَيْخُ الإسلامِ، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ مُفْلِحٍ، وذكرَ أنَّه أَلْزَمَ به بَعْضُ حُكَّامِ الشامِ مِن المَقادِسَةِ الفُضلاءِ.
واختارَ الشيخُ مُحمدُ بنُ إبراهيمَ المشهورَ مِن المَذْهَبِ، وهو عَدَمُ إجبارِ الزوجِ على الخُلْعِ، ولكنَّ نُصوصَ الشريعةِ تَدُلُّ على القولِ بالإلزامِ لإزالةِ الضَّرَرِ والشِّقاقِ، قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لثابتِ بنِ قَيْسٍ: ((خُذِ الحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)). وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ ضَرَرَ، وَلاَ ضِرَارَ)).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, عشرة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir