شرح دروس البلاغة لفضيلة الشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
وأما النهي فهو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء , وهو ضد الأمر , وله صيغة واحدة وهي المضارع مع لا الناهية , هذا إذا قلنا في الأمر له أربع صور ,وقلنا في النهي له صورة واحدة , والمقصود بها في الأغلب, وإلا فإن الأمر قد يأتي بغير الصور الأربع , كقول الله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن} معناه: أن ليرضع الوالدات أولادهن.
وكذلك النهي قد يأتي بغير هذه الصورة؛فقد يأتي بالنفي، يكون النفي معناه النهي ،( لاصلاة بغير طهور )لا تدع لقبور, هذا نفي لكن المقصود به النهي , معناه لا تصلوا. وهي المضارع مع لا الناهية , لا الناهية لا تدخل إلا على الفعل بخلاف لا النافية , فتدخل على الاسم وتدخل على الفعل , فلا الناهية تجزم الفعل المضارع إذا دخلت عليه فهي من الجوازم التي قد تختص بالفعل المضارع , بينما لا النافية إذا دخلت على المضارع لم تجزمه , والله لا يقوم زيد , لا يقوم: هذا فعل مضارع دخلت عليه لا النافية ولم تجزمه , بل بقي مرفوعا ,فهذا دليل على أن لا النافية لا تجزم , بخلاف لا الناهية فهي تجزم: {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} , لا تفعل , لاتعد , الفعل بعد لا الناهية مجزوم , كقوله تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} لا تفسدوا: هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية , وعلامة جزمه حذف النون؛لأنه من الأفعال الخمسة , أصله تفسدون , فلما جزم حذفت النون , فقيل: {لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}.