دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأسئلة العلمية > أسئلة التفسير وعلوم القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ذو القعدة 1435هـ/19-09-2014م, 10:25 PM
أبو ياسر الشمري أبو ياسر الشمري غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 72
افتراضي سؤال عن ما ورد في تفسير ابن كثير لقوله: {ما غرّك بربّك الكريم}

شيخنا الفاضل:
في تفسير قول الله تعالى: {ما غرّك بربّك الكريم}، نقل ابن كثير عن قتادة - رحمهما الله - قوله: «شيء ما غرّ ابن آدم، وهذا العدو الشيطان»
فهل من إيضاح لمعنى قوله؟
جزاكم الله خيرا


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 محرم 1436هـ/5-11-2014م, 02:47 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو ياسر الشمري مشاهدة المشاركة
شيخنا الفاضل:
في تفسير قول الله تعالى: {ما غرّك بربّك الكريم}، نقل ابن كثير عن قتادة - رحمهما الله - قوله: «شيء ما غرّ ابن آدم، وهذا العدو الشيطان»
فهل من إيضاح لمعنى قوله؟
جزاكم الله خيرا
قول قتادة: (شيء ما غرّ ابن آدم , و هذا العدو الشيطان) أي شيء ما يعادي الإنسانَ قد غرَّه حتّى جرّأه على معصية الله ومخالفة أمره، وهذا العدوّ هو الشيطان.
وهذا لا ينافي قول من قال: (غرّه جهله) لأن الشيطان إنما تسلّط عليه لجهله، ولو كان عنده من اليقين ما يدفع به كيد الشيطان ما اغترّ به.

وهذا تلخيص سابق لبعض مسائل هذه الآية ، أرفقه بالجواب للفائدة.
اقتباس:
معنى الغرور:
الغُرور في اللغة مصدر غر يغر غروراً ، وهو الخداع بالباطل بسبب الجهل والغفلة وقلة التجربة، ومنه الانخداع بالأماني الباطلة ، قال الله تعالى: يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً

وقال آكل المرار والد امرئ القيس :
إن من غرَّه النساء بشيء = بعد هند لجاهل مغرور

وقال طرفة ابن العبد:
أبا منذر كانت غُروراً صحيفتي = ولم أعطكم بالطوع مالي ولا عرضي
أي منيتموني بالباطل حتى خدعتموني بتلك الصحيفة

والمغترّ: المنخدع.
وغرته الدنيا: أي خدعته بزيتها فهو مغرور منخدع بها.
وغرَّر الرجل بنفسه إذا عرَّضها للهلكة.
والغِرُّ الذي لم يجرب الأمور فيسهل انخداعه.
والتغرير بالشخص تعريضه للخديعة لضعف رشده.
والغَرور هو الذي يَغُرُّ غيرَه.
والمغرور هو المنخدع به.
والغُرور هو وصف فعل الخديعة؛ قال الله تعالى: {فدلاهما بغرور}، وقال: {وما يعدهم الشيطان إلا غروراً}
قال الأصمعي: (الغَرور الذي يغرّك، والغُرور الأباطيل).

فهذا تلخيص كلام علماء اللغة في معنى الغرور ، وأقوال المفسرين في تفسير الآية لا تخرج عن هذا المعنى اللغوي.

وما شاع في القرون المتأخرة من إطلاق لفظ الغرور على معنى الزهو والعجب ، وقولهم عن صاحب العجب والزهو : إنه مغرور، هو تخصيص لمعنى اللفظ وصرف له عن صريح دلالته في اللغة.
وصاحب العجب يصدق عليه أنه مغرورٌ لأنه منخدع بما غرَّه وفتَنه حتى أصابه ما أصابه من العجب والزهو، لكن من الخطأ أن يظن أن دلالة اللفظ اللغوية على هذا المعنى هي باعتبار العجب والزهو، وإنما هي باعتبار الجهل والانخداع.
ثم تقسيم بعضهم الغرور إلى محمود ومذموم أو أن منه ما ينبغي ومنه ما لا ينبغي تقسيم لا يصح، وقد أخطأ خطأ قبيحاً من زعم هذا الزعم، وجعل الاغترار بكرم الله من النوع المحمود؛ فالغرور مذموم كلّه، لكن الصحيح أن يقال: إن منه ما يعفى عنه، ومنه ما لا يعفى عنه.

وأما قوله تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}
ففيه مسائل:
المسألة الأولى: ما معنى هذا الأسلوب في اللغة ؟ أي ما غرك بكذا؟ أو ما غرك بفلان؟
المسألة الثانية: ما معنى الاستفهام في الآية؟
المسألة الثالثة: ما جواب الاستفهام؟ وما مناسبة ذكر اسم الله (الكريم) في الآية؟

وهذا تلخيص لأجوبة هذه المسائل لخصتها لنفسي ومن ينتفع بها من إخواني.
أما جواب المسألة الأولى: فالعرب تقول: ما غرك بفلان؟! تريد: ما جرَّأك عليه؟ وما خدعك حتى أصابك منه ما أصابك، أو فاتك من خيره ما فاتك؟.
- قال الأصمعي: (ما غرك بفلان؟ أي: كيف اجترأت عليه؟) . ونقله أبو علي القالي عن أبي نصر.
وفي مواعظ عبد الله بن عمرو بن العاص أن القبر يقول لصاحبه إذا وضع فيه: (يا بن آدم ما غرَّك بي؟! قد كنت تمشي حولي فِدَادا). رواه ابن أبي شيبة وغيره، فداداً أي اختيالاً.
ومنه قول امرئ القيس الكندي يوبّخ بني أسد ويتشفَّى منهم بعد أن ظفر بهم وقتل منهم من قتل:
قل لدودانَ عبيدِ العصا .. ما غرّكم بالأسد بالباسل؟
قد قرّت العينان من مالك .. ومن بني عمرو ومن كاهل
نطعنهم سلكى ومخلوجة .. كرّك لأمين على نابل
حتى تركناهم لدى معرك .. أرجلهم كالخشب الشائل
حلّت لي الخمر وكنت امرأ .. عن شربها في شغل شاغل

والشاهد قوله: (ما غرّكم بالأسد الباسل) يعني نفسه، أي كيف اجترأتم عليه؟
ودودان لقب لبني أسد.

وقال أبو إسحاق الزجاج في تفسير الآية: (أي ما خدعك وسوّل لك حتى أضعت ما وجب عليك؟ ) .
وقد تناقله كثير من المفسرين.
ومن هذا الإطلاق قول الله تعالى: {وغركم بالله الغرور} أي جرّأكم على عصيانه.

وأما جواب المسألة الثانية: فالاستفهام جامع لمعنى الإنكار والتوبيخ، وللمفسرين نحو خمسة أقوال في معنى الاستفهام، والقول في معنى الاستفهام فرع عن فهم دلالة الآية.

وأما جواب المسألة الثالثة فبيانه في قول الله تعالى: {وغركم بالله الغرور} أي خدعكم وجرأكم على عصيان الله الغَرورُ، وقد فُسر بالشيطان باعتبار المصدر ، وفسر بالدنيا لأنها وسيلة، وقال بعض السلف غره جهله لأنه منفَذ الاغترار، وبه تسلط الشيطان على المغرور، وروي هذا المعنى (أن الذي غره جهله) عن عمر وابن عباس والربيع بن خثيم والحسن البصري.
وأما من قال: غرَّه كرمه ؛ فخطأ لأن كرم الله لا يغرُّ بل يوجب الشكر ، وإنما الذي يغر جهل الجاهل بما يجب أن يقابل به هذا الكرم، وعمايته عن العبر والآيات.
وهذا القول نقل معناه عن الفضيل بن عياض ويحيى بن معاذ وأبي بكر الوراق، وذكر الماوردي ما في معناه احتمالاً.
وقد أحسن ابن القيم وابن كثير في رد هذا القول فقال ابن كثير: (وقوله: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} : هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب؛ حيث قال: {الْكَرِيمِ} حتى يقول قائلهم: غرَّهُ كرمه.
بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم-أي: العظيم-حتى أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟ كما جاء في الحديث: "يقول الله يوم القيامة: ابنَ آدم! ما غرك بي؟ ابن آدم! ماذا أجبتَ المرسلين؟").
وقال ابن القيم في الجواب الكافي: (كاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم} فيقول: كرمه، وقد يقول بعضهم: إنه لقَّن المغترَّ حجته!!
وهذا جهل قبيح، وإنما غرَّه بربه الغَرور، وهو الشيطان ونفسه الأمارة بالسؤ وجهله وهواه، وأتى سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لاينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه؛ فوضع هذا المغتر الغرور فى غير موضعه واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به).

وقال البغوي: (وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ دون سائر أسمائه وصفاته، كأنه لقنه الإجابة).
قال ابن كثير معقباً على هذا القول: (وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل؛ لأنه إنما أتى باسمه الْكَرِيم لينبه على أنه لا ينبغي أن يُقَابَل الكريم بالأفعال القبيحة، وأعمال السوء).

والكريم من أسماء الله الحسنى ومعناه المتصف بكل كمال وصفات حسنى، فهو كريم في ذاته، كريم في صفاته، كريم في أفعاله، كريم في أحكامه لا يأمر إلا بالعدل والإحسان، كريم في ثوابه، كريم في إنعامه لا تحصى نعمه، ولا يُحَدُّ فضله، وهو الكريم الذي بيده الخير كله، فكل خير هو موليه والمتفضل به، وهو الكريم المتنزه عن كل نقص وسوء، وهو الكريم في ما يأمره به وينهى عنه ويرشد إليه، {إن الله نعما يعظكم به}.
فما الذي غر هذا الجاهل المغرور بربه الكريم فحرمه من ثواب ربه وعطائه وفضله العظيم؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي لا أكرم منه في ذاته وصفاته، الذي من كرمه تشتاق نفوس العارفين به أعظم شوق إلى لقائه والنظر إلى وجهه الكريم فما الذي غره بربه وحجبه عنه؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي لا يأمر إلا بالعدل والإحسان وما فيه زكاة نفس العبد وطهارتها وقيام مصالحه، ولا يكلف عبده ما لا يطيق؟!
وما الذي غره بربه الكريم الذي أنعم عليه بالنعم العظيمة من مبدأ خلقه إلى موته فقابله نعمه وإحسانه بهذا الكفر والنكران؟!!

فتدبُّر هذه المعاني ومعرفة أوجه اتصالها بمعنى اسم الكريم وآثاره في الخلق والأمر والجزاء يفتح لك أبواباً من فهم القرآن، والله الموفق والمستعان.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال, عن


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir