دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ربيع الثاني 1431هـ/4-04-2010م, 10:00 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

باب المفهوم
وأما المستفاد من فحوى الألفاظ وإشاراتها وهو (المفهوم) فأربعة أضرب:
الأول: (الاقتضاء) وهو الإضمار الضروري لصدق المتكلم، مثل: (صحيحاً) في قوله: «لا عَمَل إلا بِنِيَّة» أو ليوجد الملفوظ به شرعاً، مثل: «فَأَفْطَرَ» لقوله: {{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}} أو عقلاً مثل الوطء في مثل: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ}}.
قوله: (وأمَّا المستفاد من فحوى الألفاظ وإشاراتها وهو المفهوم، فأربعة أضرب) شرع المصنف رحمه الله في بيان المفهوم بعد كلامه على ما يتعلق بالمنطوق، وهما من المباحث الأساسية في أصول الفقه؛ لأن دلالة الكتاب والسنة على الأحكام إمَّا من منطوق اللفظ أو من مفهومه.

والمراد بفحوى اللفظ: ما نبّه عليه اللفظ، قال في «المصباح المنير»: (فحوى الكلام: معناه ولحنه) [(681)]، وقال الزمخشري: (عرفت ذلك في فحوى كلامه ـ بالقصر والمد ـ أي: فيما تَنَسَّمْتُ من مراده بما تكلم به)[(682)]، ففحوى اللفظ ما أفاده اللفظ من معنى دون أن يصرح به.
قوله: (وهو المفهوم) أي: إن ما يفهم من غير منطوق اللفظ يسمى: فحوى ومفهوماً، ففحوى اللفظ ما أفاده اللفظ لا من صيغته، وهو يقابل المنطوق، فالمنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق، أي: إن دلالته تكون من مادة الحروف التي ينطق بها، كدلالة قوله تعالى: {{فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}} [الإسراء: 23] على تحريم التأفيف للوالدين، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «في سائمة الغنم الزكاة» [(683)] يدل على وجوب الزكاة في الغنم السائمة، وهي التي تأكل من الأرض.
وأمَّا المفهوم، فهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، كالآية السابقة، فإن منطوقها تحريم التأفيف، ويستفاد من الاعتماد على اللفظ تحريم السب والضرب وما كان في معناهما، وهذا هو المفهوم من الآية.
قوله: (فأربعة أضرب) وهي: الاقتضاء، والإشارة، والتنبيه، ودليل الخطاب، وقد مشى المصنف رحمه الله على أن الاقتضاء والإشارة من قبيل المفهوم، ومن الأصوليين من يجعلهما من قبيل المنطوق غير الصريح، فيقسم المنطوق إلى صريح، وهو: ما وضع له اللفظ، ودل عليه بالمطابقة أو التضمن، وغير الصريح، وهو: ما لم يوضع له اللفظ، بل يلزم مما وضع له، فيدل عليه بالالتزام[(684)]، وما مشى عليه المصنف أجود، لأنهما يفهمان من الكلام فهماً، ولم ينطق بهما مطلقاً.
قوله: (الأول: الاقتضاء، وهو الإضمار الضروري لصدق المتكلم...) إلخ، أي: الضرب الأول من المفهوم: دلالة الاقتضاء، ومعنى: (الاقتضاء) : أن الكلام المذكور لا يصح إلا بتقدير محذوفٍ ضرورة، وذلك المحذوف هو المقتضى، أي: الذي يقتضيه صحة الكلام ويطلبه، ومعنى الضروري: أي: تدعو الضرورة إلى إضماره، فلا تستقيم دلالة الكلام إلا بتقديره، وقوله: (لصدق المتكلم) بيان للسبب الذي أوجب تقدير المحذوف، وهو توقف صدق الكلام على هذا التقدير.
قوله: (مثل صحيحاً في قوله: «لا عمل إلا بنية») أي: مثل: إضمار لفظ الصحة في قوله: «لا عمل إلا بنية»[(685)]، أي: لا عملٌ صحيحاً إلا بنية، على أن (لا) عاملة عمل (ليس) كما قدَّر المصنف، أو: لا عملَ صحيحٌ، على أنها عاملة عمل (إن) ولولا هذا التقدير لم يكن الكلام صدقاً؛ لأن صور الأعمال كالصلاة، والصوم يمكن وجودها بلا نية، فكان إضمار الصحة من ضرورة صدق المتكلم.
ومثاله ـ أيضاً ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم لذي اليدين، لما قال له: أقُصِرَت الصلاة أم نسيت؟، قال: «كل ذلك لم يكن» [(686)]، أي: في ظني؛ لأنه دون المحذوف يكون كذباً، لأنه قد وقع بالفعل واحد منهما، حيث إنه صلّى الله عليه وسلّم سلَّم من ركعتين، وهو صلّى الله عليه وسلّم يستحيل في حقه الكذب.
قوله: (أو ليوجد الملفوظ به شرعاً...) هذا معطوف على قوله: (لصدق المتكلم) أي: أو يكون الإضمار ضرورياً لأجل أن يوجد الملفوظ به شرعاً، مثل: إضمار «فأفطر» في قوله تعالى: {{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}} [البقرة: 184] ، لأن القضاء لا يكون إلا للمفطر، سواء كان مريضاً أو مسافراً، فلأجل أن يوجد الملفوظ به شرعاً وهو القضاء لا بُدَّ من هذا الإضمار.
ومثله ـ أيضاً ـ قوله تعالى: {{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}} [البقرة: 196] ، أي: فحلق رأسه ففدية.
قوله: (أو عقلاً) هذا معطوف أي: أو يكون الإضمار ضرورياً لأجل أن يوجد الملفوظ به عقلاً، والتعبير بالوجود ليس بجيد، ولو قال: ليتوقف صحة الكلام عليه شرعاً أو عقلاً، لكان أجود[(687)]، لأنه ليس المتوقف على التقدير هو وجود القضاء، بل صحة الحكم بإيجابه على المريض والمسافر.
قوله: (مثل الوطء...) أي: إضمار لفظ (الوطء) في قوله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ}} [النساء: 23] أي: حرم عليكم وطء أمهاتكم، فإن العقل يأبى إضافة التحريم إلى الأعيان، فوجب لذلك إضمار فعل يتعلق به التحريم.
الثاني: (الإيماء والإشارة وفحوى الكلام ولحنه) كفهم عِلِّيَّة السرقة في قوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}}.
قوله: (الثاني: الإيماء والإشارة وفحوى الكلام ولحنه) أي: الثاني من أنواع دلالة المفهوم: دلالة الإيماء والإشارة، وهما بمعنى واحد، على ما مشى عليه المصنف كغيره، ويرى كثير من الأصوليين أن بينهما فرقاً، وهو أن دلالة الإيماء مختصة بفهم التعليل من السياق دون التصريح به، كما سيأتي في مسالك العلة، حيث سماه إيماءً وتنبيهاً، ولم يسمِّه إشارة.
ودلالة الإشارة المراد بها: إشارة اللفظ إلى معنى غير مقصود من سياقه، ولكنه لازم للمعنى الذي سيق الكلام من أجله.
قوله: (كفهم عِلِّيَّةِ السرقة في قوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}} [المائدة: 38] ) هذا مثال دلالة الإشارة، فإن الآية دلت بعبارتها على وجوب قطع يد السارق والسارقة؛ لأن هذا هو المعنى المقصود منها، ويفهم من الآية أن السرقة هي علة القطع، وهذا المعنى غير مقصود من سياق الآية، فتكون دلالتها عليه بالإشارة.
ومن الأمثلة ـ أيضاً ـ: {{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}} [البقرة: 187] فإن الآية دلت بعبارتها على إباحة إتيان الزوجة في ليلة الصيام، في أيِّ وقت من الليل إلى آخر جزء منه، ويفهم من الآية صحة صوم من أصبح جنباً، فإن امتداد الإباحة إلى آخر جزء من الليل يستلزم أن الصائم قد يصبح جنباً، لعدم الوقت الذي يتسع للاغتسال، وهذا المعنى غير مقصود من سياق الآية، فتكون دلالتها عليه بالإشارة.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفهوم, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir