دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > أسباب النزول > لباب النقول للسيوطي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 رجب 1432هـ/21-06-2011م, 02:37 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة الإسراء


(17) سورة الإسراء
مكية وآياتها إحدى عشرة ومائة
قوله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)}
أخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف عن عائشة قالت: سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: ((هم مع آبائهم)) ثم سألته بعد ذلك، فقال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))، ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام، فنزلت: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وقال: ((هم على الفطرة)) أو قال ((في الجنة)).
قوله تعالى: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)}
أخرج الطبراني وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: لما أنزلت {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاه فدك.
قال ابن كثير: هذا الحديث مشكل فإنه يشعر بأن الآية مدنية والمشهور خلافه.
وروى ابن مردويه عن ابن عباس مثله.
قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
أخرج سعيد بن منصور عن عطاء الخراساني قال: جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ((لا أجد ما أحملكم عليه)) فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا، ظنوا ذلك من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: نزلت فيمن كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المساكين.
قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
[لباب النقول: 146]
(ك) أخرج سعيد بن منصور عن سيار أبي الحكم قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بز من العراق، وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس، فأتاه قوم فوجدوه قد فرغ منه، فأنزل الله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها} الآية.
وأخرج ابن مردويه وغيره عن ابن مسعود قال: جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا، قال: ((ما عندنا شيء اليوم)) قال: فتقول لك اكسني قميصك، فخلع قميصه فدفعه إليه فجلس في البيت حاسرا، فأنزل الله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}.
(ك)، وأخرج أيضا عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: ((أنفق ما على ظهر كتفي))، فقالت: إذا لا يبقى شيء فأنزل الله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} الآية. وظاهر دلك أنها مدنية.
قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}
أخرج ابن المنذر عن ابن شهاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الكتاب قالوا يهزؤون به: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب} فأنزل الله قولهم: {وإذا قرأت القرآن} الآيات.
قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56)}
(ك). أخرج البخاري وغيره عن ابن مسعود قال: كان الناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بعبادتهم فأنزل الله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} الآية.
قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)}
أخرج الحاكم والطبراني وغيرهما عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن
[لباب النقول: 147]
يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت تؤتهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم قال: ((بل أستأني بهم))، فأنزل الله: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} الآية.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن الزبير نحوه أبسط منه.
قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)}
أخرج أبو يعلى عن أم هانئ أنه صلى الله عليه وسلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش يستهزئون به فطلبوا منه آية فوصف لهم بيت المقدس، وذكر لهم قصة العير، فقال الوليد بن المغيرة: هذا ساحر فأنزل الله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}.
وأخرج ابن منذر عن الحسن نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما مهموما، فقيل له ما لك يا رسول الله لا تهتم فإن رؤياك فتنة لهم، فأنزل الله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}.
وأخرج ابن جرير من حديث سهل بن سعد نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص، ومن حديث يعلى بن مرة، ومن مرسل سعيد بن المسيب نحوها وأسانيدها ضعيفة.
قوله تعالى: {والشجرة الملعونة في القرآن} الآية.
[لباب النقول: 148]
أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: لما ذكر الله الزقوم خوف به هذا الحي من قريش. قال: أبو جهل هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد؟ قالوا: لا، قال: عجوة يئربد بالزبد، أما لئن أمكننا منها لنزقمنها زقما، فأنزل الله: {والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا} وأنزل: {إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم}.
قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}
أخرج ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم، فأنزل الله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} -إلى قوله- {نصيرا}
قلت: هذا أصح ما ورد في سبب نزولها وهو إسناد جيد وله شاهد.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر، فقالوا: لا ندعك تستلم حتى تستلم آلهتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه)) فنزلت
وأخرج نحوه عن ابن شهاب. وأخرج عن جبير بن نفير: أن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالواإن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم فنكون نحن أصحابك فركن إليهم، فنزلت.
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي: أنه صلى الله عليه وسلم قرأ {والنجم} -إلى قوله- {أفرأيتم اللات والعزى} فألقى عليه الشيطان: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى فنزلت، {وإن كادوا ليفتنونك} فما زال مهموما حتى أنزل الله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله} ... الآية. وفي هذا دليل على أن هذه الآيات مكية، ومن جعلها مدنية استدل بما
[لباب النقول: 149]
أخرجه ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى نهدي لآلهتنا، فإن قبضنا الذي يهدى للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة فهم أن يؤجلهم، فنزلت وإسناده ضعيف.
قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}
أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من حديث شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا النبي صل الله عليه وسلم، فقالوا: إن كنت نبيا فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء، فصدق رسول الله صلى الله عليه ما قالوا، فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} وأمره بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث وقال له جبريل: سل ربك فإن لكل نبي مسألة، فقال: ((ما تأمرني أن أسأل؟)) قال: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} فهؤلاء نزلن في رجعته من تبوك.
هذا مرسل ضعيف الإسناد
وله شاهد من مرسل سعيد بن جبير عن ابن أبي حاتم ولفظه: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: كانت الأنبياء تسكن الشام فما لك والمدينة؟ فهم أن يشخص فنزلت
وله طريق أخرى مرسلة عند ابن جرير أن بعض اليهود قاله له.
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)}
أخرج الترمذي عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثم أمر بالهجرة، فنزلت عليه: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)} وهذا صريح في أن الآية مكية
[لباب النقول: 150]
وأخرجه ابن مردويه بلفظ أصرح منه.
قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}
أخرج البخاري عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو متوكئ على عسيب، فمر بنفر من يهود، فقال بعضهم: لو سألتموه، فقالوا: حدثنا عن الروح، فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال: {الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح فسألوه، فأنزل الله: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}.
قال ابن كثير: يجمع بين الحديثين بتعدد النزول
وكذا قال الحافظ ابن حجر
أو يحمل سكوته حين سؤال اليهود على توقع مزيد بيان في ذلك وإلا فما في الصحيح أصح.
قلت: ويرجح ما في الصحيح بأن راويه حاضر القصة بخلاف ابن عباس.
قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم في عامة من يهود سماهم فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، وإن هذا الذي جئت به لا نراه متناسقا كما تناسق التوراة، فأنزل علينا كتابا نعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} الآية.
قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)}
[لباب النقول: 151]
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس: أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار وأبي البختري أخا بني أسد والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا فقالوا: يا محمد والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد سببت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكنا ملكناك علينا وإن هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بي ما تقولون ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشرا ونذيرا))، قالوا: فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلدا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا فإن لم تفعل فسل ربك ملكا يصدقك بما تقول، وأن يجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك عن ما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش، فإن لم تفعل فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية، فقال: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب، فوالله لا أومن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة ومعك أربعة من الملائكة فيشهدوا لك أنك كما تقول فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينا فأنزل الله عليه ما قاله عبد الله بن أبي أمية {وقالوا لن نؤمن لك} -إلى قوله- {بشرا رسولا}.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير في قوله: {وقالوا لن نؤمن لك} قال: نزلت في أخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية، مرسل صحيح شاهد لما قبله يجبر المبهم في إسناده.
قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
أخرج ابن مردويه وغيره عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم،
[لباب النقول: 152]
فدعا فقال في دعائه: ((يا الله يا رحمن))، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين. فأنزل الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
قوله تعالى: {ولا تجهر} الآية.
أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فكان المشركون إذا سمعوا القرآن سبوه ومن أنزله ومن جاء به فنزلت.
وأخرج البخاري أيضا عن عائشة: أنها نزلت في الدعاء.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن عباس مثله
ثم رجح الأولى لكونها أصح سندا وكذا رجحها النووي وغيره.
وقال الحافظ بن حجر: لكن يحتمل الجمع بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عائشة قالت: نزلت هذه الآية في التشهد وهي مبينة لمرادها في الرواية السابقة
ولابن منيع في مسنده عن ابن عباس كانوا يجهرون بالدعاء: اللهم ارحمني، فنزلت فأمروا أن لا يخافتوا ولا يجهروا.
قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: إن اليهود والنصارى قالوا اتخذ الله ولدا. وقالت العرب: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. وقال الصابئون والمجوس: لولا أولياء الله لذل فأنزل الله: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك}.
[لباب النقول: 153]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإسراء, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir