بسم الله الرحمن الرحيم
موهم التعارض في القرآن الكريم
تعريف التعارض:
التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشيء والأخرى نافية فيه.
والسؤال :هل يمكن أن يقع التعارض في القرآن الكريم؟
لايمكن أن يقع التعارض في القرآن الكريم, فمدلول الآيات إما خبري أو حكمي.
*لا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى، قال الله تعالى:{ومن أصدق من اللّه حديثاً}
*لا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها} وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة.
كيف ندفع إيهام التعارض؟
وإذا وجدنا ما يوهم التعارض فنحاول الجمع بينهما، فإن لم يتبين لنا وجب علينا التوقف، ونكل الأمر إلى عالمه.
أمثلة ذلك:
الشاهد الأول:
قال تعالى في القرآن: {هدىً للمتّقين} , جعل الهداية هنا خاصة للمتقين
وقال أيضا: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدىً للنّاس} ,فجعل هداية القرآن هناعامة للناس
والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد.
الشاهد الثاني:
قال تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء}
وقال أيضاً: {وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ}
والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق, والهداية في الثانية هداية التبيين.
الشاهد الثالث:
قال تعالى:{شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم} ,في هذه الآية نفي الألوهية عما سوى الله تعالى.
وقال أيضاً :{فلا تدع مع اللّه إلهاً آخر فتكون من المعذبين )) وفي هذه الآية الثانية إثبات الألوهية لغيره.
والجمع بينهما أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالى:{ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير}
الشاهد الرابع:
قال تعالى: {قل إنّ اللّه لا يأمر بالفحشاء} , في هذه الآية نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء
وقال أيضاً: : {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميراً} , وظاهر الآية الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.
والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء
والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته
والحمد لله رب العالمين