فرع آخر: وَإِذَا رَوَى الحَدِيثَ عَنْ شَيْخَيْنِ فَأَكْثَرَ, وَبَيْنَ أَلفَاظِهِمْ تَبَايُنٌ، فَإِنْ رَكَّبَ السِّيَاقَ مِنَ الجَمِيعِ, كَمَا فَعَلَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الإِفْكِ, حِينَ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ, وَقَالَ: (كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ, فَدَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ) وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ, فَهَذَا سَائِغٌ, فَإِنَّ الأَئِمَّةَ قَدْ تَلَقَّوْهُ بِالقَبُولِ, وَخَرَّجُوهُ فِي كُتُبِهِمُ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا.
وَلِلرَّاوِي أَنْ يُبَيِّنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَنِ الأُخْرَى, وَيَذْكُرَ مَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ, وَتَحْدِيثٍ وَإِخْبَارٍ وَإِنْبَاءٍ، وَهَذَا مِمَّا يُعْنَى بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ, وَيُبَالِغُ فِيهِ, وَأَمَّا البُخَارِيُّ فَلَا يُعَرِّجُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلتَفِتُ إِلَيْهِ, وَرُبَّمَا تَعَاطَاهُ فِي بَعْضِ الأَحَايِينِ, واللهُ أَعْلَمُ, وَهُوَ نَادِرٌ.