دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > اختصار علوم الحديث

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 07:25 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي رواية مجهول الحال ومجهول العين

(مَسْأَلَةٌ): مَجْهُولُ العَدالَةِ ظَاهِرًا وبَاطِنًا لا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عِنْدَ الجَمَاهِيرِ، ومَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُه بَاطِنًا ولَكِنَّهُ عَدْلٌ بالظاهرِ، وهو المستورُ فَقَدْ قَالَ بقَبُولِهِ بَعْضُ الشافعِيِّينَ، ورَجَّحَ ذَلِكَ سُلَيْمُ بنُ أَيُّوبَ الفَقِيهُ، ووَافَقَهُ ابنُ الصَّلاحِ، وقد حَرَّرْتُ البَحْثَ في ذلكَ في المقَدِّمَاتِ.
واللهُ أَعْلَمُ، فأَمَّا المُبْهَمُ الذي لم يُسَمَّ أو مَن سُمِّيَ ولا تُعْرَفُ عَيْنُه فهذا مِمَّن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاه، ولكنَّه إذا كانَ في عَصْرِ التابِعينَ والقُرونِ المَشْهُودِ لَهُمْ بالخَيْرِ فإِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ برِوَايَتِهِ ويُسْتَضاءُ بها في مَواطِنَ، وقد وَقَعَ في مُسْنَدِ الإمامِ أَحْمَدَ وغَيْرِه مِن هذا القَبيلِ كثيرٌ. واللهُ أَعْلَمُ.
قالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ وغَيْرُه: وتَرْتَفِعُ الجَهَالَةُ عَنِ الرَّاوِي بمَعْرِفَةِ العُلَمَاءِ لَهُ، أو بِرِوَايَةِ عَدْلَيْنِ عَنْهُ.
قالَ الخَطِيبُ: لا يَثْبُتُ له حُكْمُ العَدَالَةِ برِوَايَتِهِمَا عَنْهُ، وعَلَى هَذَا النَّمَطِ مَشَى ابنُ حِبَّانَ وغَيْرُه، بل حَكَمَ لَهُ بالعَدَالَةِ لِمُجَرَّدِ هَذِهِ الحَالَةِ. واللهُ أَعْلَمُ.
قالُوا: فأَمَّا مَنْ لم يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَاحِدٍ مِثْلُ عَمْرِو بنِ ذِي مُرٍّ، وجُبَارٍ الطَّائِيِّ، وسعيدِ بنِ ذِي حُدَّانٍ تَفَرَّدَ بالروايةِ عنه أبو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وجُرَيِّ بنِ كُلَيْبٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ قَتادَةُ، قالَ الخطيبُ: والهَزْهَازُ بنُ مَيْزَنٍ تَفَرَّدَ عنه الشَّعْبِيُّ، قالَ ابنُ الصلاحِ: ورَوَى عنهُ الثَّوْرِيُّ. وقالَ ابنُ الصَّلاحِ: وقد رَوَى البُخَارِيُّ لِمِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ، ولم يَرْوِ عنه سِوَى قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، ومُسلمٌ لِرَبِيعَةَ بنِ كَعْبٍ، ولم يروِ عنه سِوَى أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرحمنِ.
قالَ: وذلك مَصِيرٌ مِنْهُما إلى ارتفاعِ الجَهَالَةِ برِوَايَةِ وَاحِدٍ، وذلك مُتَّجِهٌ، كالخلافِ في الاكتفاءِ بواحدٍ في التعديلِ.
قُلْتُ: توجيهٌ جَيِّدٌ. لَكِنِ البُخَارِيُّ ومُسلِمٌ إنما اكتَفَيَا في ذلكَ برِوايَةِ الوَاحِدِ فقَطْ؛ لأنَّ هَذَيْنِ صَحَابِيَّانِ، وجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لا تَضُرُّ بخِلافِ غَيْرِه. واللهُ أَعْلَمُ.


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 10:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباعث الحثيث للشيخ: أحمد شاكر

(مَسْأَلَةٌ): مَجْهُولُ العَدالَةِ ظَاهِرًا وبَاطِنًا لا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عِنْدَ الجَمَاهِيرِ، ومَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُه بَاطِنًا ولَكِنَّهُ عَدْلٌ بالظاهرِ، وهو المستورُ فَقَدْ قَالَ بقَبُولِهِ بَعْضُ الشافعِيِّينَ، ورَجَّحَ ذَلِكَ سُلَيْمُ بنُ أَيُّوبَ الفَقِيهُ، ووَافَقَهُ ابنُ الصَّلاحِ، وقد حَرَّرْتُ البَحْثَ في ذلكَ في المقَدِّمَاتِ. واللهُ أَعْلَمُ، فأَمَّا المُبْهَمُ الذي لم يُسَمَّ أو مَن سُمِّيَ ولا تُعْرَفُ عَيْنُه فهذا مِمَّن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاه، ولكنَّه إذا كانَ في عَصْرِ التابِعينَ والقُرونِ المَشْهُودِ لَهُمْ بالخَيْرِ فإِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ برِوَايَتِهِ ويُسْتَضاءُ بها في مَواطِنَ، وقد وَقَعَ في مُسْنَدِ الإمامِ أَحْمَدَ وغَيْرِه مِن هذا القَبيلِ كثيرٌ. واللهُ أَعْلَمُ.
قالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ وغَيْرُه: وتَرْتَفِعُ الجَهَالَةُ عَنِ الرَّاوِي بمَعْرِفَةِ العُلَمَاءِ لَهُ، أو بِرِوَايَةِ عَدْلَيْنِ عَنْهُ.
قالَ الخَطِيبُ: لا يَثْبُتُ له حُكْمُ العَدَالَةِ برِوَايَتِهِمَا عَنْهُ، وعَلَى هَذَا النَّمَطِ[1] مَشَى ابنُ حِبَّانَ وغَيْرُه، بل حَكَمَ لَهُ بالعَدَالَةِ لِمُجَرَّدِ هَذِهِ الحَالَةِ. واللهُ أَعْلَمُ.
قالُوا: فأَمَّا مَنْ لم يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَاحِدٍ مِثْلُ عَمْرِو بنِ ذِي مُرٍّ[2]، وجُبَارٍ الطَّائِيِّ[3]، وسعيدِ بنِ ذِي حُدَّانٍ[4] تَفَرَّدَ بالروايةِ عنه أبو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وجُرَيِّ بنِ كُلَيْبٍ[5] تَفَرَّدَ عَنْهُ قَتادَةُ، قالَ الخطيبُ: والهَزْهَازُ بنُ مَيْزَنٍ[6] تَفَرَّدَ عنه الشَّعْبِيُّ، قالَ ابنُ الصلاحِ: ورَوَى عنهُ الثَّوْرِيُّ. وقالَ ابنُ الصَّلاحِ: وقد رَوَى البُخَارِيُّ لِمِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ، ولم يَرْوِ عنه سِوَى قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، ومُسلمٌ لِرَبِيعَةَ بنِ كَعْبٍ، ولم يروِ عنه سِوَى أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرحمنِ[7].
قالَ: وذلك مُصَيَّرٌ مِنْهُما إلى ارتفاعِ الجَهَالَةِ برِوَايَةِ وَاحِدٍ، وذلك مُتَّجِهٌ، كالخلافِ في الاكتفاءِ بواحدٍ في التعديلِ.
قُلْتُ: توجيهٌ جَيِّدٌ. لَكِنِ البُخَارِيُّ ومُسلِمٌ إنما اكتَفَيَا في ذلكَ برِوايَةِ الوَاحِدِ فقَطْ؛ لأنَّ هَذَيْنِ صَحَابِيَّانِ، وجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لا تَضُرُّ بخِلافِ غَيْرِه. واللهُ أَعْلَمُ.



[1] قوله: (وعلى هذا النمط) أي التعديل برواية عدلين عنه.

[2] هو عمرو ذو مر الهمداني التابعي، روى عن علي بن أبي طالب. وحديثه عنه في مسند أحمد، بتحقيقنا برقم 951.

[3] هو تابعي روى عن ابن عباس. وله ترجمة في التاريخ الكبير للبخاري ج1 ص2، ص 250، ولسان الميزان 2: 4.

[4] سعيد بن ذي حدان، بضم الحاء وتشديد الدال المهملتين: تابعي ثقة، روى عن سهل بن حنيف، وقيل عن علي أيضًا، ولكن الصحيح أن بينه وبين علي راويا مبهما. انظر المسند رقم 696، 697، 1034.

[5] جري، بضم الجيم. وهو تابعي ثقة. روى عن علي بن أبي طالب، وحديثه في مسند الإمام أحمد برقم 633، 791، 1048.

[6]اختلف في روايته عن علي، وبعضهم يقول: عن رجل عن علي. انظر ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري ج4 ق2 ص250- 251 وقد ذكر أنه روى عن الثوري أيضًا.

[7] تبع المصنف هنا ابن الصلاح، وكذلك تبعه الثوري، وابن الصلاح تبع الحاكم، والحاكم تبع مسلما في كتاب الوحدان. قال العراقي: وليس ذلك بجيد، فقد روى عن ربيعة أيضًا نعيم بن عبد الله المجمر، وحنظلة بن علي وأبو عمران الجوني.
قال: وأما مرداس، فقد ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في التهذيب أنه روى عنه أيضًا زياد بن علاقة، وتبعه عليه الذهبي في مختصره. وهو وهم منهما، فإن الذي روى عنه زياد بن علاقة إنما هو مرداس بن عروة، صحابي آخر، والذي روى عنه قيس: مرداس بن مالك الأسلمي. وهذا ما لا أعلم فيه خلافا.. قال: وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر من يقف على كلام المزي بذلك لجلالته. والله أعلم اهـ كلام العراقي ملخصًا.


  #3  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 10:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: عبد الكريم الخضير (مفرغ)


  #4  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 10:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: سعد الحميد (مفرغ)

القارئ: قال: مسألة: مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لا تقبل روايته عند الجماهير، ومن جهلت عدالته باطنا، ولكنه عدل في ظاهره، وهو المستور، فقد قال بقبوله بعض الشافعية، ورجح ذلك سليم بن أيوب الفقيه، ووافقه ابن الصلاح.
قال: وقد حققوا البحث في ذلك من مقدمات. والله أعلم.
فأما المبهم الذي لم يسم أو من سمي ولا تعرف عينه، فهذا ممن لا يقبل روايته أحد علمناه، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن.
قال: وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير. والله أعلم.
قال الخطيب البغدادي وغيره: وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه.
قال الخطيب: لا يثبت له حكم العدالة في روايتها عنه.
وعلى هذا النمط مشى ابن حبان وغيره، بل حكم له بالعدالة بمجرد هذه الحالة. والله أعلم.
قالوا: فأما من لم يرو عنه سوى واحد، مثل عمرو بن ذي مر، وجبار الطائي، وسعيد بن ذي حدال، تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، وجري بن كلي تفرد عنه قتادة.
قال الخطيب: والهزهاز بن ميزن تفرد عنه الشعبي. قال ابن الصلاح: وروى عنه الثوري.
وقال ابن الصلاح: وقد روى البخاري لمرداس الأسلمي، ولم يرو عنه سوى قيس بن حازم، ومسلم بن ربيعة بن كعب، ولم يرو عنه سوى أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: وذلك مصير منهما إلى ارتفاع الجهالة برواية واحد، وذلك متجه كالخلاف في الاكتفاء بواحد بالتعديل.
قال: قلت: توجيه جيد، لكن البخاري ومسلم إنما اكتفيا في ذلك برواية الواحد فقط؛ لأن هذين صحابيان، وجهالة الصحابي لا تضر بخلاف غيره. والله أعلم.

الشيخ: هذا من المباحث المهمة، بل المهمة جدا في علم المصطلح هذه المسألة أيها الإخوة ينبغي أن ينظر إليها بالنظرة الآتية:
أولا: في مسألة الجهالة، ثم مسألة الراوي عن الراوي، فمسألة الجهالة نجد أننا يمكن أن نعتبرها ثلاثة أقسام، فجهالة العين تماما التي تعدم معها العين بالدرجة الأولى هي مسألة الإبهام، الراوي المبهم الذي لا يسمى، فهذا أعلى درجات الجهالة.
الدرجة الثانية: مجهول العين، الذي سمي، ولكن جهلت عينه، وهذه فيها تفصيل، وسأبينه إن شاء الله.
والمسألة الثالثة: جهالة الحال، معرفة العين وجهالة الحال، وهذه تنقسم إلى قسمين: مجهول الحال ظاهرا وباطنا، ومجهول الحال باطنا لا ظاهرا.
وأما مسألة الرواية فهي متعلق بها، ويأتي بيانها إن شاء الله تعالى، فبالنسبة للأمر الأول، وهو أعلى درجات الجهالة، وهو الراوي المبهم، هذه باتفاق أنها تعتبر رواية ضعيفه، فالراوي المبهم هو الراوي المجهول الذي يؤثر وجوده في السند، فيضعف السند لأجله، وهذا هو الذي عدمت عينه تماما؛ لأنه لم يسم.
أما المسألة الثانية، وهي جهالة العين، فهذه حصل فيها الاختلاف وفق الآتي:
أولا: إما أن يكون السند إلى ذلك الراوي صحيحا أو لا، إما أن يكون السند إلى ذلك الراوي صحيحا أو غير صحيح، فإن كان السند غير صحيح، بمعنى: أن هذا الراوي ذكر في إسناد حديث من الأحاديث، ولم نجد من تكلم عن هذا الراوي أو روى عنه سوى ذلك الراوي الذي في ذلك الحديث، ولكن ذلك الراوي الذي روى عنه إما هو مضعف أو من دونه، المهم بأي حال من الأحوال أن السند إلى ذلك الراوي لا يصح.
فنحن في هذه الحال نشبه هذا الراوي بمتن يروى كأنه حديث، فتنظر في هذا الراوي على أنه حديث صح السند إليه، أو لم يصح، فإن صح السند إلى هذا الراوي عرفت أن في الوجود رجلا يقال له: فلان، ولدته النساء، وإن لم يصح السند إليه، عرفت أن هذا الرجل حتى الآن مشكوك في وجوده في الوجود أصلا، لذلك إذا قلنا عن راو: سمي بأنه مجهول العين، فينبغي أن نقيده بمن لم يصح السند إليه؛ لأننا لم نتيقن من وجوده في الوجود، فهو ملتحق بالقسم الأول وهو المبهم، وإن كان أخف حالا منه.
أما إذا صح السند إليه، فنحن ننظر: هل روى عنه أكثر من واحد، أو لم يرو عنه إلا واحد؟ فإن روى عنه أكثر من واحد، فهذا بلا خلاف هو مجهول الحال الذي يأتي الكلام عليه إن شاء الله، وإن لم يرو عنه إلا واحد فالمسألة خلافية.
فبناء على ما قرره الخطيب، ونصره في كتاب (الكفاية) فإن هذا الراوي الذي بهذه الصورة لم يرو عنه إلا واحد، يعتبر مجهولا أيضا، مجهول العين، فهل يا ترى ما ذهب إليه الخطيب البغدادي هو الصحيح أو لا؟
أنا أقول: إن الخطيب - رحمه الله – أخطأ في هذه المسألة.
والسبب: أن هذه المسألة مرتبطة أصلا برد حديث الآحاد، أرأيتم لو أن هذا السند إلى هذا الراوي نزلنا مكان هذا الرواي متنا من المتون، أكنا نقبل هذه المتن أو لا ؟
نقبله، ونعتبره صحيحا، وقد يترتب عليه عمل عظيم، يمكن يترتب عليه إراقة دماء، أو استباحة فروج، أو أي عمل عظيم، فكيف نقبل المتن الذي روي بذلك الاسناد، ولا نقبل من رجل يقول: حدثني فلان بن فلان، وهو يدلل على أن في الوجود رجلا يقال له: فلان بن فلان، كأن يأتينا إسناد مثلا عن شعبة، ويسمي رجلا، ولم يرو عنه إلا هو، أو دعونا ننحي شعبة؛ لأنه ممن قيل عنه: إنه لا يروي إلا عن ثقة، وهذه مسألة لا نريد أن تشتبه علينا فيما نحن فيه، ولكن دعونا نسمي رجلا آخر:
كسفيان الثوري، كأن يقول: حدثني مثلا الحكم بن محمد، ولم نعرف للحكم بن محمد هذا راويا إلا سفيان الثوري، أو خذوا مثلا من روى عنه أبو إسحاق السبيعي من هؤلاء الرواة الذين سموا عندنا مثل: عمرو ذي مر، أو جبار الطائي، أو سعيد بن ذي حدال، أو غيرهم، الرواة الذين تفرد عنهم أبو إسحاق السبيعي كثر، هؤلاء لم يرو عنهم سوى أبي إسحاق السبيعي، فهل الواحد من هؤلاء نقول: إنه مجهول، وأبو إسحاق السبيعي ثقة، وبخاصة إذا جاءنا الإسناد إليه صحيحا؟ فرضنا أن الراوي عنه شعبة، نقول في هذه الحال: إنه لو كان بدل عمر ذي مر مثلا حديثا من الأحاديث لقبلناه، فكيف لا نقبل من أبي إسحاق السبيعي أن يقول: إن في الوجود رجلا يقال له: عمر ذي مر.
إذن انتفت جهالة عين هذا الرجل، فما دام انتفت جهالة عينه، ما بقي أمامنا إلا جهالة الحال، جهالة الحال ننظر إليها وفق الأمور الآتية. لعلي بهذا أكون وضحت الفرق بين مجهول العين الذي يمكن أن يتفق عليه، وهو من لم يصح إليه السند، وبين مجهول العين عند مثل الخطيب البغدادي.
ولكننا نقول: لا، بل ارتفعت جهالة عينه، وبقيت جهالة حاله؛ لأن هذه المسألة مربوطة أصلا بقبول حديث الآحاد عموما، فاشتراط الخطيب البغدادي في ارتفاع جهالة العين رواية اثنين، كأنها مرتبطة بالمسألة التي تقول: لا نقبل الحديث إلا إذا كان عزيزا، أي: مرويا من طريقين.
وذاك منهج خاطئ

المسألة التي كثر فيها الخلاف أكثر من هذا هي جهالة الحال، فمجهول الحال الذي تبينت عينه وبقيت جهالة حاله، أي: لم نجد لإمام معتبر من أئمة الجرح والتعديل فيه توثيقا يرفع جهالة الحال عنه ويتبين من حاله أنه ثقة أو العكس، كأن يكون تكلم فيه أحد الأئمة بجارح، فعرفنا من حاله أنه مجروح، الراوي الذي بهذه الصفة كما ترون من خلال الكلام أنهم قسموه إلى قسمين:
مجهول الحال ظاهرا وباطنا، ومجهول الحال باطنا لا ظاهرا.
الحقيقة أن التفرقة بين هذين القسمين في نظري أنها تفرقة لا ينبني عليها كبير شيء، ولكن لأجل أنها ذكرت تبين الفرق بينها، مجهول الحال ظاهرا وباطنا هو الذي لا نجد فيه كلاما لإمام من أئمة الجرح والتعديل، ولكن جهالة عينه انتفت، ولنأخذ بالمقدار المتفق عليه، لنفرض أنه روى عنه اثنان، روى عنه اثنان، ولكن لم يوثق من إمام معتبر، لم نجد لأحد فيه توثيقا، ومن روى عنه ليس أحد منهم ممن قيل عنه: إنه لا يروي إلا عن ثقة، كشعبة مثلا، ومالك ونحوهم.
أقول هذا الكلام؛ لأننا نريد أن نأخذ بالمقدار ماذا؟
المتفق عليه؛ حتى تتجسد أمامنا القضية وتتضح، فلو وجدنا راويا بهذه الصورة هذا يقال: إنه مجهول الحال ظاهرا وباطنا، ما الفرق بينه وبين مجهول الحال باطنا لا ظاهرا؟
قالوا: مجهول الحال باطنا لا ظاهرا هو الذي يمكن أن يكون ورد عنه بعض ما يدلل على معرفة حاله ظاهرا، كأن يقال: إنه مثلا يحافظ على صلاة الجماعة، أو ذكر من حاله أنه رجل كريم وشجاع، ويسرع إلى النجدة، وهناك بعض الرواة الذين فعلا ذكرت عنهم بعض هذه الأوصاف، لكنها لا تتعلق بالأوصاف المعتبرة عند أئمة الحديث، قالوا: هذا عدل في الظاهر، ولكن بقيت العدالة الباطنة التي يهتم بها المحدثون، هل هو فعلا ممن يمكن أن يعتمد عليه في الحديث أو لا؟
لكن الغريب أن هناك من يتساهل في قبول رواية الراوي المجهول الحال ظاهرا وباطنا، أو مجهول الحال باطنا لا ظاهرا، يتساهل في قبول روايته ويمشيها، مع العلم أننا نعرف أن شرط قبول الراوي لا بد أن يكون بماذا؟ بالعدالة، والضبط.
فهؤلاء كل كلامهم منصب على العدالة، وأما الضبط فلم يلتفت إليه، فلست أدري لماذا؟ ألئن هذا الراوي مثلا يمكن أن يكون مقلا من الرواية، والمقل مظنة ضبط الحديث الذي أقل فيه؟ هناك من يقبل رواية هذا الصنف، ولكن يشترط ماذا؟
يقول: بشرط أن لا يكون المتن طويلا، فكأن هذا دل على أنه يراعون ماذا؟
يراعون مسألة الضبط، ولكنه يقول: إذا كان المتن قصيرا فجرت العادة أنه يضبط ذلك المتن، ولكن إذا كان المتن طويلا فهو بحاجة إلى ضابط يضبط ذلك المتن، فنحن بحاجة الآن هنا إلى التنصيص على ماذا؟
على أنه ضابط، ففرقوا إذًا في حال هذا الراوي، فكأنهم لم يقبلوه على الإطلاق، وهذا عند طائفة، وليس عند الجميع عند طائفة ممن قبل رواية من هذه صفته، أما لو كان الراوي معروف العدالة باطنا وظاهرا، فهذا هو الذي يعبر عنه بأنه ثقة، فهذا لا كلام لنا فيه، وإنما الكلام الآن على مجهول الحال مطلقا، أو مجهول الحال باطنا، لا ظاهرا، هؤلاء الرواة الذين بهذه الصفة كما رأيتم من كلام ابن كثير - رحمه الله – أن من تساهل فيهم من العلماء يمكن أن يتساهل في طبقة منهم، وهم من كان من التابعين، فقال: التابعون يمكن أن يتسمح فيهم.
لكن هذا الكلام لا يدل أيضا على أنهم من الثقات، وحتى المجهولين، وكما قلت لكم: إن التفريق بين المجهول ومجهول الحال هذا بناء على كلام الخطيب، يعني: من سار على هذا، فسار بناء على كلام الخطيب.
لكن نحن نقول: إن كل هؤلاء يعتبرون مجهولي الحال، بخلاف قول الخطيب البغدادي، فالذين في طبقة التابعين نعم وجد من الأئمة من يتسمح فيمشي رواياتهم أحيانا، لكن ما نوع هذه الروايات؟
هذه الروايات التي قد يمشونها أحيانا هي ما كان في مثل ما أشرت إليه قبل ذلك في الترغيب والترهيب، في المواعظ، في الرقائق، ونحو هذا، أما إذا جاء الحديث الذي يحتاج -كما قالوا- إلى تشديد، فتجدهم يشددون، ويبدؤون يتساءلون عن حال هذا الراوي، ويتكلمون فيه جرحا وتعديلا.
إذًا لا ينبغي إطلاق القول بقبول روايات مجهولين أو مجاهيل الحال من التابعين، بل الأمر فيهم عند الأئمة بهذه الصورة، ولكن المنهج الأحوط التوقف عن قبول رواياتهم حتى يتبين من حالهم ما يكفي، لكن من قبل رواياتهم من الأئمة رواية التابعين في هذه الحدود؛ فإن هذا يمكن أن يتسع له الخلاف، أما من جاء بعد التابعين، وبالذات كل ما تأخرت بهم السن، أو تأخرت بهم الطبقة، فالأئمة يشددون فيهم أكثر وأكثر، وقد نتساءل فنقول: لماذا يفرقون بين المتماثلات، فالتابعون رجال ومن جاء بعدهم رجال؟
أقول: السبب في تفريقهم، أن علم الجرح والتعديل نشأ من البداية ضعيفا، وكان الذي يتكلم في الرجال جرحا وتعديلا أناس مخصوصون، وقلة قليلة، فهذه القلة كلامها لم يشمل جميع التابعين، ولم يتتبع أحوالهم جميعا، ولم يكن هناك انتشار لأولئك الأئمة الذين يتكلمون في الرواة جرحا وتعديلا.
فإذن ستظلم فئة من التابعين، هم في الحقيقة عدول، ولكن القصور جاء من قبلنا نحن، فنشأة علم الجرح والتعديل كانت متأخرة بعد ذلك، لذلك قالوا: يفرق بين من كان في تلك الطبقة التي كانت نشأة الجرح والتعديل فيها ضعيفة، وبين الطبقة التي جاءت بعد أن نشط الأئمة في الرواة جرحا وتعديلا، وظهرت الرحلة في الحديث، واشتهر الشيوخ وعرفوا، وما من شيخ من الشيوخ إلا وتجد العلماء يروون عنه ويتكلمون فيه، ويعرفون من حاله ما يشفي ويكفي، فإذا جاء من شذ عن هذه القاعدة فإنهم يبدؤون يتساءلون: يقولون: أين هذا الرجل؟
لو كان من أهل العلم المعروفين، لو كان ممن يمكن أن يعتمد على روايته -لاشتهر وظهر، وحرص الأئمة على تلقي حديثه، ورحلوا إليه، ورغبوا في الرواية عنه، ولكن لما لم يكن كذلك فالأمر يختلف.
فإذن فرقوا بين التابعين وبين من سواهم لأجل هذا الغرض الذي ذكرته، لذلك نقول: إن المنهج الأحوط والأسلم التوقف عن قبوله رواية الراوي الذي لا يعرف بعدالة ولا جرح، حتى يتبين من حاله ما يكفي، وحتى ينص على توثيقه إمام معتبر، أما توثيق المتساهل كابن حبان والحاكم ممن يوثقون المجاهيل، وممن عرف عنهم أنهم يوثقون المجاهيل، فهؤلاء لا نعتد بتوثيقهم، ولأنه قد اتضح لنا من حال ابن حبان بلسان مقاله وحاله ما يدل على أنه فعلا يوثق المجاهيل؛ فإنه في بعض الأحيان يقول عن الراوي: لا أعرف من هو، ولا ابن من هو. بل تجده يخلط في طبقته، فأحيانا يورده في طبقة التابعين، وأحيانا في طبقة أتباع التابعين؛ لعدم معرفته به.
فهذا يدل على أنه - رحمه الله – على أن توثيقه كلا توثيق، بمعنى: لو جاءك راو، لو لم تجد لابن حبان فيه توثيقا، أو نقول لك: لا تكلف نفسك أن تذهب لتبحث عن توثيق ابن حبان، اعتبره موثق على قاعدة ابن حبان؛ لأن قاعدته أصبحت معروفة والحالة هذه
أما بالنسبة لهؤلاء الرواة الذين ذكروا في قولهم قالوا: فأما من لم يرو عنه سوى واحد. وذكر الكلام عنهم، فهؤلاء مثل ما قلت لكم: إن كان الإسناد صحيحا إليهم، فهم معروفو الأعيان، وتبقى مسألة جهالة الحال.
في نقطة أحب أن أنبه عليها: أن الراوي الذي لم يرو عنه إلا واحد، ووجدنا للأئمة فيه توثيقا، هذا يمكن أن يكون ثقة، وهذا يخدش قاعدة الخطيب البغدادي التي ذكرها بأنه لا ترتفع جهالة عينه إلا برواية اثنين، ولذلك من تكلم فيه من رجال الصحيحين بناء على قاعدة الخطيب البغدادي، فكلامه لا يلتفت إليه ولا يعتد به، أما من ذكروا بعد ذلك بقوله: وقد روى البخاري لمرداس الأسلمي، ولم يرو عنه سوى قيس بن أبي حازم... وهلم جرا، ننبه على أمرين اثنين فيه:
الأمر الأول: أن رواية البخاري عن مثل هؤلاء الصحابة، ولم يرو عنهم سوى راو واحد، هذا دليل قوي جدا جدا في القدح في قاعدة الخطيب البغدادي؛ لأننا ننظر الآن إلى هذا الصحابي: هل ثبت أنه صحابي أو لا ؟ حتى الآن ما ارتفعت الجهالة عنه بناء على قاعدة الخطيب البغدادي برواية الواحد الذي هو تابعي ما ارتفعت الجهالة عنه، لكننا نقول: بل ترتفع الجهالة عنه وتبقى ماذا جهالة حاله، فجهالة حاله بما أنه صحابي فلا كلام، الصحابة كلهم عدول.
لذلك نقول: هؤلاء الرواة الذين روي عنهم في الصحيحين، ولم يرو عنهم سوى راو واحد، هؤلاء لا كلام لنا فيهم إطلاقا، فهؤلاء صحابة، ما دام السند صحيحا إليهم بلا منازع، وهذا أيضا يعرج فيه على الكلام الذي كنت ذكرته عن أبي عبد الله الحاكم من قوله: إن الحديث الذي في الصحيحين لا بد أن يكون برواية الاثنين، فهل يقصد من رواية اثنين عن الصحابي، أو بمجيء ذلك الحديث من طريقين، قلت: وإن كلا القولين خطأ، إن كان يقصد أن الحديث جاء من طريقين في الغرائب التي في الصحيحين ترد عليه، وإن كان يقصد أن الصحابي الذي روي عنه في الصحيحين لا بد أن يكون روى عنه اثنان من التابعين فيخدشه مثل هذه الأمثلة المورودة ههنا كمرداس الأسلمي وغيره ممن ذكر. والله أعلم.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
نجيب على بعض الأسئلة
سؤال: أحد الإخوة يسأل، يقول: هل يعد تفرد زائدة ابن قدامة بتحريك الأصبع - يعني: في التشهد- من أمثلة زيادة الثقة،أم من باب الشاذ؟ وإذا كان أحدهما، ففصل القول في ذلك.
وكذلك الأخ يطلب الكلام على زيادة لفظة النهار في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى . وكذلك زيادة: إنك لا تخلف الميعاد؟
جواب: على كل حال بالنسبة لهذا الأحاديث وغيرها، لعل الأخ السائل يحاول أن يراجع تخريج هذه الأحاديث،ثم ينظر وفق التقعيد الذي ذكرناه، فإن ظهر له شيء فالحمد لله، وإن لم يظهر له شيء فلعله يأتيني بتخريج، وبخاصة حديث صلاة الليل، و ((إنك لا تخلف الميعاد)).
بالنسبة لحديث زائدة بن قدامة الثقفي، وفيه ذكر تحريك الأصبع في التشهد، وهو في حديث وائل بن حجر كما هو معروف، فرأيي في هذه الزيادة أنها زيادة شاذة؛ لأن جميع الرواة الذين رووا هذا الحديث إنما قالوا: وأشار بأصبعه عدا زائدة؛ فإنه هو الذي ذكر التحريك، وهذه تعتبر مخالفة متنية للرواة الآخرين؛ فإن الرواة الآخرين يقولون: وأشار. وهذا يخالفهم، فيقول: وحرك. فهذه المخالفة حتى وإن كانت من ثقة، لكنه خالف من هو أكثر عددا منه،فهم أولى بالترجيح منه،ولا يقال: إن هذا من باب زيادة الثقة؛ لأن هذه الزيادة فيها مخالفة،كما هو ظاهر .
أما صلاة الليل والنهار، فأنا لا يحضرني تخريج الحديث،اللهم إلا من بعد التقليد لغيري ممن صحح هذه الزيادة أو حسنها على الأقل .
أما زيادة: ((إنك لا تخلف الميعاد)). فكذلك أيضا، وأنا أظن أن ما ذهب إليه الشيخ ناصر فيها من ردها أن هذا سيكون صوابا؛ لأن ما يضعفه الشيخ مما هذا سبيله في ظني أنك لن تجد عليه مزيد تعقب.
هذا بالنسبة للتضعيف، نعم قد يخالف الإنسان فيما حسنه، أو ما إلى ذلك، أما كونه رد هذه الزيادة فالشيخ لن يردها إلا ولن تجد عليه في الأغلب أي زيادة أو تعقب، لكن الأمر كذلك أنا لم أتوسع في تخريجها وأستحضر علتها الإسنادية وما يمكن أن ترد لأجله.

تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان


  #5  
قديم 7 ذو الحجة 1429هـ/5-12-2008م, 11:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: إبراهيم اللاحم (مفرغ)

القارئ :.
" مسألة مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لا تقبل روايته عند الجماهير, وما جهلت عدالته باطنا ولكنه عدل في الظاهر, وهو المستور, فقد قال بقبوله بعض الشافعيين, ورجح ذلك سنن ابن أيوب الفقيه, ووافقه ابن الصلاح, وقد حررت البحث في ذلك في المقدمات والله أعلم.
فأما المبهم الذي لم يسم أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحد عهدناه, ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير؛ فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن, وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير والله أعلم.
وقال الخطيب البغدادي وغيره:وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له, أو برواية عدلين عنه. قال الخطيب: ما يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه, وعلى هذا النمط مشى ابن حبان وغيره بأن حكم له بالعدالة بمجرد هذه الحالة والله أعلم.
قالوا : فأما من لم يرو عنه سوى واحد مثل: عمرو ذي مر, وجبار الطائي, وسعيد بن ذي حدان, تفرد بالرواية عنهم أبو إسحاق السبيعي, وجرير بن كليب تفرد عنه قتادة, قال الخطيب: الهزهاز بن ميزن تفرد عن الشعبي, قال ابن الصلاح: وروى عنه الثوري. وقال ابن الصلاح: وقد روى البخاري لمرداس الأسلمي, ولم يرو عنه سوى قيس بن أبي حازم, ومسلم لربيعة بن كعب, ولم يرو عنه سوى أبي سلمة بن عبد الرحمن. قال: وذلك مصير منهما إلى ارتفاع الجهالة برواية واحد, وذلك متجه كالخلاف في الاكتفاء بواحد في التعديل.

قلت: توجيه جيد, لكن البخاري ومسلم إنما اكتفيا في ذلك برواية الواحد فقط؛ لأن هذين صحابيان وجهالة الصحابي لا تضر بخلاف غيره والله أعلم ".
الشيخ :.
هذا الكلام كله في المجهول, وهو الذي لم ينص أحد على عدالته, أو على جرحه ما حكمه ؟ هذا فيه تفصيل كثير, يعني: للعلماء -رحمهم الله تعالى- فمنهم من تسامح ومشى على أنه إذا روى عنه عدلان فهذا توفيق له, وهذه قاعدة ابن حبان, بل ربما تسامح توقف مالم يرو عنه إلا راو واحد, وخلاصة الكلام هنا أن الجهالة هذه ينظر فيها إلى أمرين :
أشار ابن كثير إلى أحدهما: وهي الطبقة, فالمجهول في عصر التابعين يختلف عنه عن العصور التي جاءت بعده, فكلما تأخر الزمن كلما كانت رواية المجهول أقرب إلى الرد أو إلى القبول؟ إلى الرد هذه قاعدة مهمة في الموضوع, ولهذا يعني: يلاحظ تطبيقها في الصحيحين, وهذا ضابط في موضوع الجهالة, بغض النظر عن كلام ابن كثير الذي ذكره عن سليم بن أيوب, وهذا أحد الفقهاء متأخر هذا, جاء بعد عصر الرواية, ونحن نتكلم على أي شيء ؟ على قواعد المحدثين .
أشرت إلى هذا مرارا , أما بعض هذه الآراء أُخذت من كتب أصول الفقه, فنلخص الموضوع في موضوع الجهالة, وهو كلام كثير أنه يحكمه أمران :
الأمر الأول: الزمن, فكلما تقادم العهد بالراوي كلما كان أدعى إلى قبول حديثه, هي ثلاثة أمور هذا أمر .
يعني: مثلا المجهول في عصر أحمد أو في عصر ابن معين يختلف, لماذا يختلف ؟ لماذا يختلف الحكم؟ وهكذا في قواعد النقد كلها تطبيقها بالتفرد كما مر بنا, وفي زيادة الثقة وفي أمور كثيرة في قواعد النقد كلما تأخر الزمن احتجنا في تطبيقها إلى التدقيق, هذه قاعدة عامة في قواعد النقد, ومنها.. أو نطبقها في الجهالة .
الجهالة المجهول مثلا إذا كان تابعي أشار ابن كثير والذهبي وابن عبد الهادي وجماعة إلى أن التابعي إذا كان مجهولا -وذكروا شروطا أخرى- فإنه يستأنس بروايته ويتقوى بها, ويعني: قوي يكون حديثه قوي, هذه واحدة .
الأمر الثاني : الذي يحكم موضوع الجهالة هو الراوي عنه من الرواة, سئل ابن معين -رحمه الله- إذا روى الثقة عن شخص هل هو توفيق له ؟ يعني: معنى هذا السؤال فقال: إن كان ممن لا يروي عن ثقة ومَثَّل بابن سيرين من التابعين, ومثل أيضا فيما أذكر بالشعبي, قيل له: فأبو إسحاق سماك بن حرب قال: لا. هؤلاء يروون عن مجهولين يتسامحون في الرواة؛ فإذن ينظر في الراوي الذي روى عن هذا المجهول, ولهذا يقول أحمد -هو ما تقدم قبل قليل- يقول أحمد رحمه الله: فلان ثقة روى عنه يحيى القطان إن اعتمد فيه وروى عنه مالك .

اعتمد في توفيقه على أي شيء ؟ على راوية هذين, وله النصوص في هذا ليحيى القطان, ويقول الإمام أحمد رحمه الله في بعض شيوخه: إنهم كانوا لا يحدثون عن كل أحد, ولا يرضون كل أحد, ذكر منهم أبا كامل المظفر بن مدرك,المهم أنه ذكر بعض شيوخه يثني عليهم بهذا, وأنهم ينتقون, فهذه قضية الانتقاء في الرواة تفيد في موضوع الجهالة.
والأمر الثالث: الذي يحكم موضوع الجهالة هو حديث الراوي, حديث الراوي الذي جاء به, أحيانا لا نحتاج للبحث في عدالة الراوي وضبطه, المجهول ينكشف حاله من أي شيء ؟ ينكشف حاله من حديثه, أحيانا يكون قد وافق الثقات فلا نعرفه؛ فإذن حديثه ماذا يكون الآن؛ لأن الغرض أصلا من الكلام في الرواة هو الوصول إلى درجة حديثهم.
فإذن هذه ثلاثة أمور تحكم موضوع الجهالة, تُكُلِّم كثيرا في الجهالة, وألقيت محاضرات والكتب الكثيرة, وفي نظري أنه يحكم هذه الأمور قضية المجهول, و أيضا بعض الأمور الجانبية مثل تخريج الشيخين, ومثل يعني: هذه أمور تحكم موضوع الجهالة, لكنها هي تدور حول هذه الأمور الثلاثة, حول هذه الأمور الثلاثة :
قضية الزمن ، قضية الراوي عنه من هو؟ يعني: الآن مثلا ذكر ابن كثير أنه إذا روى عنه عدلان ارتفعت جهالة عينه, وبقيت جهالة حاله, ذكره عن الخطيب, يقولون: هذا ليس على إطلاقه, ربما يروي عنه خمسة ولا ترتفع حاله, وربما يروي عنه واحد وترتفع الجهالة عن حاله, يكون قويا, وهذا كما ذكرت ينظر في حال الراوي عنه.
ذكر ابن كثير أن البخاري ومسلم -رحمهما الله- أخرجا لرواة لا يروى عنهم, ومَثَّل بصحابيين, فقال ابن كثير: هذا أمر مختلف؛ لأننا نتكلم في غير الصحابة, أما الصحابة إذا ثبتت صحبته فيكفي كونه صحابي, لا علاقة اعتراض.
ابن كثير وجيه, لكن ليس معنى ذلك أنه لا يوجد في الصحيحين إلا هذا, يعني: يوجد بعض الرواة لم يوثقهم أئمة الجرح والتعديل, حتى في الصحيحين يقول : أظن أحد الباحثين أنه وقف على خمسين راويا في صحيح مسلم أظنه ذكر أيضا ليس له إلا راو واحد, أو ذكر أنه ليس فيهم جرح ولا تعديل, فهذا موجود حتى في الصحيحين.
ولكن كما ذكرت هناك أمور للنظر في حال الراوي غير التوثيق والتعديل, ونسميها الأحكام العملية التي هي من روى عنه, وأيضا ما مرويه, وهذه أمور تتعلق بالجهالة,

تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجهول, رواية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir