القارئ :.
" مسألة التائب من الكذب في حديث الناس تقبل روايته خلافا لأبي بكر الصيرفي, فأما إن كان قد كذب في حديث متعمدا فنقل ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل و أبي بكر الحميدي شيخ البخاري أنه لا تقبل روايته أبدا
القارئ: أنه لا تقبل روايته أبدًا.وقال أبو المظفر السمعاني: من كذب في خبر واحد,وجب إسقاط ما تقدم من حديثه.
قلت: ومن العلماء من كفر متعمد الكذب في الحديث النبوي,ومنهم من يحتم قتله,وقد حررت ذلك في المقدمات.
وأما من غلط في حديث فيبين له الصواب,فلم يرجع إليه,فقال ابن المبارك وأحمد بن حنبل والحميدي: لا تقبل روايته أيضًا.وتوسط بعضهم فقال: إن كان عدم رجوعه إلى الصواب عنادا,فهذا يلتحق بمن كذب عمدًا,وإلا فلا, والله أعلم.
ومن ههنا ينبغي التحرز من الكذب كلما أمكن,فلا يحدث إلا من أصل معتمد,ويجتنب الشواذ والمنكرات.
وقد قال القاضي أبو يوسف: من تتبع غرائب الحديث كذب.
وفي الأثر: كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع.
الشيخ: هذه قضية التوبة من الكذب,تكلم عليها ابن كثير,ويقول: إنه إذا تاب من الكذب في حديث الناس تقبل روايته,خلافا لأبي بكر الصيرفي,وهذا أصولي متأخر,وكذلك أيضًا تكلم عن إذا كذب في الحديث متعمدًا,فنقل ابن الصلاح عن أحمد والحميدي,أنها لا تقبل روايته,وإن تاب تغليظا له على كذبه الأول,ونقل منهم من يكفره.
المهم هذه المسألة نعلق عليها,أن تأثيرها في الرواة قليل جدًّا,بحمد الله تعالى, لا تصادف الباحث كثيرا, إن صادفتك فهي نادرة جدا,أن يقال: فلان كان يكذب في حديث ثم تاب,هذا بحمد الله تعالى نادر جدا, يمكن ما يذكر, يعوزك المثال الصحيح,أن فلانًا كان يكذب في الحديث,ثم تاب,فاحتجنا إلى النظر: هل تقبل روايته أو لا ؟ هذا بحمد الله تعالى نادر جدا تأثيرها في باب الرواة,وإنما يذكرونها هكذا من باب التغليظ في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قضية العناد أو الغلط قد مست جماعة من الأئمة,على أن الراوي إذا غلط في حديث,أو في أحاديث,وقيل له: هذا غلط,وأصر على روايته,أن هذا جرح فيه,ولكن في كلامهم ما يوحي أن هذا إذا أصر على غلط مجمع عليه الناس قالوا له: هذا غلط,وهكذا فإن هذا جرح فيه.
وهذا الكلام صحيح أنه يعد جرحا,وممن يجرح بذلك إمام مشهور يقال له: علي بن عاصم,علي بن عاصم هذا أكثر ما أخذوا عليه إصراره على الخطأ,كان فيه رحمه الله يعني نوع كبر وإباء وإلا كان من المحدثين الكبار,الذين يحضرون مجلسه بمائة ألف شخص ,ولكنه رحمه الله يغلط؛لأنه كان كثير يعني الاعتماد على الصحف,فيصحف ويغلط في أسماء الرواة,فيقال له هذا اسمه كذا يقول: لا, ليس.. هذا شخص آخر, أن من أروي عنه شخص غير الذي تريد أنت.
وهو هو, لكنه أخطأ في اسمه.
ولهذا يقول الإمام أحمد: إن الراوي -في كلام له- إن الراوي إذا نبه إلى الغلط ورجع,نبأك عن ثقته,وعن يعني صدقه وأمانته, وأما إذا أصر على غلطه وهذا موجود في بعض الرواة,كما ذكرت في علي بن عاصم وغيره,موجود أنهم ينبهون,ولهذا يعني نص على هذا شعبة وغيره,يقولون: الرجل إذا كان أصر على خطأ مجمع عليه,فهذا جرح فيه,نبه ابن كثير رحمه الله إلى أنه ينبغي للراوي ألا يحدث إلا من أصل معتمد,وهذا تصحيح كثير من الأئمة رحمهم الله يوصون ألا يحدث الإنسان إلا من كتاب,ويقصد بالأصل المعتمد يعني عند المتأخرين هذا و الشاذ والمنكرات,الشواذ والمنكرات.
وهذا أيضًا صحيح؛لأن بعض الرواة يأخذون عليهم الإكثار من الرواية عن الضعفاء,ومن الرواية للمناكير,فربما أثر هذا فيهم,وهم ثقات,مثل عيسى بن موسى,يقال ابن الجار,ومثل بقية بن الوليد,ومثل جماعة من الرواة يكثرون من رواية الشواذ والمناكير,حتى أثرت على روايتهم,وهم في أنفسهم ثقات رحمهم الله تعالى.
تمت مراجعته وتهذيبه بواسطة ام العنان