دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > سير المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ربيع الثاني 1436هـ/22-01-2015م, 01:25 PM
هدى مخاشن هدى مخاشن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 240
افتراضي سيرة الإمام الجليل/الحسن ابن أبي الحسن البصري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي رفع أهل العلم بقوله تعالى : (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
والصلاة والسلام على نبينا القائل: (العلماء ورثة الأنبياء) رواه أحمد وغيره أما بعد: فإن العلماء مصابيح الدجى وأعلام الهدى قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم ...)
وقال الآجري عن العلماء: (فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء؛ يهتدي بها في ظلمات البر والبحر ....)
ومن جميل ما يقرأ لهم القراءة في سيرهم، ومعرفة تراجمهم، وقد صنف المصنفات الكثيرة في هذا.
وقد تشرفت بالبحث في سيرة المفسر الضخم، العالم الجليل، الإمام الفقيه المشهور، أحد التابعين الكبار الإجلاء علماً وعملاً وإخلاصاً، سيد أهل زمانه علما وعملاً، إمام أهل البصرة صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن أبي الحسن البصري
طوبى لمن غابوا وباق ذكرهم سيرا تعطرنا مدى الأزمان
اسمه ونسبه/
الحسن بن أبي الحسن يساركنيتهأبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ويقال كان مولى جميل بن قطبة ويسار أبوه من سبي ميسان واسم أمه خيرة[1]
· مولده ونشأته/
سكن أبوه المدينة وتزوج بأمه في خلافة عمر ، فولدت له بالحسن - رحمة الله عليه-[2]وولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب وأتي به إليه فدعا له وحنكه[3] فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكي الصبي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه فدر عليها ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك[4] وتخرجه إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير ، وكانت أمه منقطعة إليها ، فكانوا يدعون له ، فأخرجته إلى عمر فدعا له ، وقال : اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس[5].ونشأ الحسن بوادي القرى وكان فصيحا وكان عهده بالمدينة ليالي صفين و احتلم بعد صفين عاما و كان له يوم قتل عثمان رضي الله تعالى عنه أربع عشرة، عن خالد بن عبد الرحمن بن بكير قال حدثنا الحسن قال رأيت عثمان يخطب وأنا بن خمس عشرة سنة قائما[6] وقاعدا وكان يدخل بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خلافة عثمان فيتناول سقفها بيده وهو غلام محتلم يومئذ . قال الأصمعي عن أبيه ،: ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبرا . و كان رجلا تام الشكل، مليح الصورة بهيا ، وكان من الشجعان الموصوفين[7]
شيوخه/
روى عن عمران بن حصين وأبي هريرة وأبي برزة ومعقل بن يسار وعبد الله بن المعقل وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم[8] والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وسمرة بن جندب ، وأبي بكرة الثقفي ، والنعمان بن بشير ، وجابر ، وجندب البجلي ، وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، والأسود بن سريع ، وخلق من الصحابةورأى عثمان ، وطلحة ، والكبار، وروى عن خلق من التابعين[9]
· طلبه للعلم/
سمع عن جماعة من أصحاب النبي منهم عثمان بن عفان، وجمع القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، ثم لم يخرج من سورة إلى غيرها حتى يعرف تأويلها ، وفيما أنزلت[10] ،قرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي [11]كان من سادات التابعين وأفتى في زمن الصحابة، بالغ الفصاحة وبليغ المواعظ كثير العلم بالقرآن ومعانيه.[12]
قال معتمر بن سليمان:كان أبي يقول : الحسن شيخ أهل البصرة، وقد روى بالإرسال عن طائفة : كعلي ، وأم سلمة ولم يسمع منهما ،والحسن مع جلالته فهو مدلس ، ومراسيله ليست بذاك ، ولم يطلب الحديث في صباه ، وكان كثير الجهاد ، وصار كاتبا لأمير خراسان الربيع بن زياد.[13]
قال الحافظ : رأى علياً رضي الله عنه وطلحة وعائشة ، وكتب للربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية ، وروى عن أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم. يعني: روى عنهم مرسلاً.
وعن ثوبان وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص ومعقل بن سنان ولم يسمع منهم.وقال الذهبي : روى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بكرة والنعمان بن بشير وجندب بن عبد الله وسمرة بن جندب وابن عباس وعمر وجابر.. وغيرهم[14].وحضر الجمعة مع عثمان ، وسمعه يخطب ، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة1وجاء عن أنس بن مالك سئل عن مسألة قال عليكم مولانا الحسن فسلوه فقالوا يا أبا حمزة نسألك وتقول سلوا مولانا الحسن فقال إنا سمعنا وسمع فحفظ ونسينا.[15]
تلاميذه/
قال الحافظ : وعنه حميد الطويل . ويزيد بن أبي مريم وأيوب السختياني وقتادة بن دعامة وعوف الأعرابي وبكر بن عبد الله المزني وجرير بن حازم وأبو الأشهب والربيع بن صبيح .. وغيرهم،[16] حدثنا حزم ، قال : رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى ، فجاء عطاء وطاوس ومجاهد ، وعمرو بن شعيب ، فجلسوا إليه .[17]
نبذة من أخباره/
- عن حماد بن سلمة عن حميد قال قال لي الشعبي ونحن بمكة اني أحب أن تخلي لي الحسن قال فقلت ذلك للحسن وأنا معه في بيت قال فقال إذا شاء قال فجاء الشعبي وأنا على الباب قال فقلت ادخل عليه فإنه في البيت وحده قال إن أحب إلي أن تدخل معي قال فدخلت فإذا الحسن قبالة القبلة وهو يقول يا بن آدم لم تكن فكونت وسألت فأعطيت وسئلت فمنعت فبئس ما صنعت قال ثم يذهب ثم يرجع ثم يقول يا بن آدم لم تكن فكونت وسألت فأعطيت وسئلت فمنعت فبئس ما صنعت قال ثم يذهب ثم يرجع ثم يقول يا بن آدم لم تكن فكونت وسألت فأعطيت وسئلت فمنعت فبئس ما صنعت قال ثم يذهب قال فأعاد ذلك مرارا قال فأقبل علي الشعبي فقال لي يا هذا انصرف فإن هذا الشيخ في غير ما نحن فيه
- عن يونس بن عبيد قال أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه قال فذكر أهله حاجة فقال لهم دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به .[18]
- عن حميد قال كان الحسن يشتري كل يوم لحما بنصف درهم قال وما شممت مرقة قط أطيب ريحا من مرقة الحسن.
- قال محمد بن سعد كان الحسن جامعا عالما عاليا رفيعا ثقة مأمونا عابدا ناسكا كبير العلم فصيحا جميلا وسيما وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة وما أرسل من الحديث فليس بحجة.
- قدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاؤوس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم لم نر مثل هذا قط
- عن قتادة عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه
- عن بن عون قال كان الحسن يحدث بالحديث والمعاني قال أخبرنا عفان وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا جرير بن حازم قال كان الحسن يحدثنا الحديث يختلف فيزيد في الحديث وينقص منه ولكن المعنى واحد قال أخبرنا عفان بن مسلم قال حدثنا مهدي يعني بن ميمون قال حدثنا غيلان بن جرير قال قلت للحسن يا أبا سعيد الرجل يسمع الحديث فيحدث به لا يألو فيكون فيه الزيادة والنقصان قال ومن يطيق ذلك .
- عن أبو عقيل قال رأيت خاتم الحسن في يساره قال ابن عون قال كان في خاتم الحسن خطوط وعن محمد بن عمرو قال رأيت خاتم الحسن في يساره فضة كله.
- عن عباد بن راشد قال رأيت الحسن يصلي في نعليه.
- عن سعيد بن أبي عروبة قال رأيت الحسن يصفر لحيته.
- قال بن عون قال استبطأ الناس أيام ابن الأشعث فقالوا له أخرج هذا الشيخ يعني الحسن قال بن عون فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء قال فغفلوا عنه فألقى نفسه في بعض تلك الأنهار حتى نجا منهم وكاد يهلك يومئذ.
- عن سليمان بن علي الربعي قال لما كانت الفتنة فتنة بن الأشعث إذ قاتل الحجاج بن يوسف انطلق البعض فدخلوا على الحسن فقالوا يا أبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام وأخذ المال الحرام وترك الصلاة وفعل وفعل قال وذكروا من فعل الحجاج قال فقال الحسن أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين قال فخرجوا من عنده وهم يقول نطيع هذا العلج قال وهم قوم عرب قال وخرجوا مع بن الأشعث قال فقتلوا جميعا.
- قال الحجاج الأسود تمنى رجل فقال ليتني بزهد الحسن وورع بن سيرين وعبادة عامر بن عبد قيس وفقه سعيد بن المسيب وذكر مطرفا بشيء لا يحفظه روح فنظروا ذلك فوجدوه كاملا كله في الحسن.
- أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن بن أبي الحسن أرأيت ما تفتي الناس أشياء سمعته أم برأيك فقال الحسن لا والله ما كل ما نفتي به سمعناه ولكن رأينا خير لهم من رأيهم لأنفسهم.
- عن الأشعث قال كنا إذا أتينا الحسن لا نسأل عن خير ولا نخبر بشيء وإنما كان في أمر الآخرة قال وكنا نأتي محمد بن سيرين فيسألنا عن الأخبار والأشعار.
- عن يزيد بن إبراهيم قال رأيت الحسن يرفع يديه في قصصه في الدعاء بظهر كفيه.
- عن كلثوم بن جوشن قال استعان رجل بالحسن في حاجة فخرج معه وقال إني استعنت بابن سيرين وفرقد فقالا حتى نشهد الجنازة ثم نخرج معك قال أما إنهما لو مشيا معك لكان خيرا.
- قال جرير بن حازم قال كنا عند الحسن وقد انتصف النهار وزاد فقال ابنه خفوا عن الشيخ فإنكم قد شققتم عليه فإنه لم يطعم طعاما ولا شرابا قال مه وانتهره دعهم فوالله ما شيء أقر لعيني من رؤيتهم أو منهم إن كان الرجل من المسلمين ليزور أخاه فيتحدثان ويذكران ويحمدان ربهما حتى يمنعه قائلته قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا جرير بن حازم قال كنا نكون عند الحسن فكان كلما قدم إنسان قال سلام عليكم فيقول الحسن سلام عليكم.
- عن غالب قال حملت الحسن على حماري من المسجد إلى منزله فرأى ناسا يتبعونه فقال ما يبقي هؤلاء من قلب رجل لولا أن المؤمن يرجع إلى نفسه فيعرفها.
- قال شعيبا صاحب الطيالسة رأيت الحسن يقرأ القرآن فيبكي حتى يتحدر الدمع على لحيته.
- عن قتادة قال كنا نصلي مع الحسن على البواري وكان الحسن يحلق رأسه كل عام يوم النحر.
- عن أبو هلال قال كان الحسن إذا فرغ من حديثه فأراد أن يقوم قال اللهم ترى قلوبنا من الشرك والكبر والنفاق والرياء والسمعة والريبة والشك في دينك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك واجعل ديننا الإسلام القيم.
- عن عمارة قال حدثني الحسن أنه كان يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب.
- عن الربيع بن صبيح قال كان الحسن إذا أثنى عليه أحد في وجهه كره ذلك وإذا دعا له سره ذلك.
- عن غالب القطان قال جئت إلى الحسن بكتاب من عبد الملك بن أبي بشير فقال اقرأه فقرأته فإذا فيه دعاء فقال الحسن رب أخ لك لم تلده أمك
- قال أبا بكر بن عياش كان الحسن إذا رأى جنازة يقول الحمد لله الذي لم يجعلني السواد المختطف قال ولا يحدث يومئذ شيئا
- عن محمد بن عمرو قال رأيت الحسن لا يحفي شاربه كما يحفي بعض الناس.
- عن قتادة أن الحسن كان لا يتنور
- عن بن عون قال لم أر أسخى منهما يعني الحسن وابن سيرين إلا أن الحسن كان أشدهما إلحاحا عن يونس قال كان الحسن رجلا محزونا
- عن يونس قال كان الحسن والله من رؤوس العلماء في الفتن والدماء[19]
- عن أمة الحكم ، قالت : كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي ، فما رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه.
- كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة ، وطيلسانا كرديا ، وعمامة سوداء ، وفي الصيف إزار كتان ، وقميصا وبردا حبرة.[20]
- روى الخرائطي، عن الحسن‏:‏ أنه كان إذا اشترى شيئاً وكان في ثمنه كسر جبره لصاحبه‏.‏
- وباع بغلة له فقال له المشتري‏:‏ إما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد‏؟‏ قال‏:‏ لك خمسون درهماً أزيدك‏؟‏ قال‏:‏ لا ‏!‏ رضيت‏.‏ قال‏:‏ بارك الله لك‏.[21]
- عن حميد قال لم يحج الحسن إلا حجتين حجة فيأول عمره وأخرى في آخر عمره3
· آثاره/
- إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كل جاهل
- أهينوا هذه الدنيا فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها .
- إن فضل الفعال على الكلام مكرمة وإن فضل الكلام على الفعال عار
- ضحك المؤمن غفلة من قلبه
- قال الحسن احترسوا من الناس بسوء الظن.[22]
- كان يقول في حديث الخشبة التي حنت لرسول الله عليه الصلاة والسلام : يا عباد الله ، الخشبة تحن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقا إليه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه
- عن الحسن قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم .
- المؤمن يداري دينه بالثياب.[23]
- لا دين إلا بمروءة‏.‏
- يا بني، أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه، واِبك في ساعات الليل والنهار في الخلوة لعل مولاك أن يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين‏.‏
- ما بكى عبد إلا شهد عليه قلبه بالصدق أو الكذب‏.‏
- الناس في العافية سواء، فإذا نزل البلاء تبين عنده الرجال‏.‏ وفي رواية‏:‏ فإذا نزل البلاء سكن المؤمن إلى إيمانه، والمنافق إلى نفاقه‏.‏
- إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، لم يأتوا الأمر من قبل أوله، قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 29‏]‏ وما تدبر آياته إلا أتباعه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده‏.‏ حتى إن أحدهم ليقول‏:‏ قد قرأت القرآن كله فما أسقط منه حرفاً واحداً، وقد والله أسقطه كله، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل‏.‏ حتى إن أحدهم ليقول‏:‏ والله إني لأقرأ السورة في نفس، لا والله ما هؤلاء بالقرآء ولا بالعلماء ولا الحكماء ولا الورعة، ومتى كانت القراءة هكذا، أو يقول مثل هذا، لا أكثر الله في الناس مثل هؤلاء‏.‏
- والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده‏.‏
- ابن آدم ‏!‏ إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تصيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك، فإذا فعلت ذلك كان ذلك شغلك في طاعة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا‏.‏
- ثلاثة لا تحرم عليك غيبتهم‏:‏ المجاهر بالفسق، والإمام الجائر، والمبتدع‏.‏
- من رق ثوبه رق دينه، ومن سمن جسده هزل دينه، ومن طاب طعامه أنتن كسبه‏.‏
- رأس مال المؤمن دين حيث ما زال زال معه، لا يخلفه في الرحال، ولا يأتمن عليه الرجال[24]‏.‏
- تصبروا وتشددوا فإنما هي ليال تعد، وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب ولا يلتفت، فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم، إن هذا الحق أجهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما يصبر على هذا الحق من عرف فضله وعاقبته‏.‏
- لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته‏.‏
- الرضا صعب شديد، وإنما معول المؤمن الصبر‏.‏
- ابن آدم عِنْ نفسك فكايس، فإنك إن دخلت النار لم تجبر بعدها أبداً‏.‏
- أدركت صدر هذه الأمة وخيارها وطال عمري فيهم، فوالله إنهم كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم لله عليكم، أدركتهم عاملين بكتاب ربهم، متبعين سنة نبيهم، ما طوى أحدهم ثوباً، و لا جعل بينه و بين الأرض شيئاً، و لا أمر أهله بصنع طعام، كان أحدهم يدخل منزله فإن قُرب إليه شيء أكل وإلا سكت فلا يتكلم في ذلك‏.‏
- أربع من كن فيه ألقى الله عليه محبته، ونشر عليه رحمته‏:‏ من رق لوالديه، ورق لمملوكه، وكفل اليتيم، وأعان الضعيف‏.‏
- سئل الحسن عن النفاق فقال‏:‏ هو اختلاف السر والعلانية والمدخل والمخرج، وقال‏:‏ ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق - يعني‏:‏ النفاق - وحلف الحسن‏:‏ ما مضى مؤمن ولا بقي إلا وهو يخاف النفاق‏.‏وفي رواية‏:‏ إلا وهو من النفاق مشفق، ولا مضى منافق ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن[25]‏.‏
- ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله
- قال الحسن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : الوضوء مما غيرت النار . فقال الحسن : لا أدعه أبدا[26]
- قال مالك بن دينار‏:‏ قلت للحسن‏:‏ ما عقوبة العالم إذا أحب الدنيا‏؟‏ قال‏:‏ موت القلب، فإذا أحب الدنيا طلبها بعمل الآخرة فعند ذلك ترحل عنه بركات العلم ويبقى عليه رسمه‏[27].‏
نماذج منتفسيره/
- قال في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏[‏القيامة‏:‏ 2‏]‏ قال‏:‏ لا تلقى المؤمن إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمة كذا، ما أردت بأكلة كذا، ما أردت بمجلس كذا، وأما الفاجر فيمضي قدماً قدماً لا يلوم نفسه[28]‏.‏
قال الحسن في هذه الآية:{أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}]. الفرقان: [قال: هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه[29]
أقوال العلماء فيه/
- عن الشعبي قال : ما رأيت الذي كان أسود من الحسن[30] .
- وقال إبراهيم بن عيسى‏:‏ ما رأيت أطول حزناً من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة[31]‏.‏
- عن العلاء بن زياد قال: ما أحب أن أؤمن على دعاء أحد حتى أسمع دعاءه إلا الحسن. وقال مطرف مثله
- عن حميدا ويونس يقولان ما أدركنا أجمع من الحسن
- عن بن عون قال كان يشبه كلام الحسن بكلام رؤبة بن العجاج
- قال معتمر قال كان أبي يقول الحسن شيخ البصرة وبكر فتاها
- قال عمرو بن عبيد ما كنا نأخذ علم الحسن إلا عند الغضب.
- عن قتادة قال إذا اجتمع لي أربعة لم ألتفت إلى غيرهم ولم أبال من خالفهم الحسن وسعيد بن المسيب وإبراهيم وعطاء قال هؤلاء الأربعة أئمة الأمصار
- أن عطاء سئل عن شيء فقال لا أدري فقيل إن الحسن يقول كذا وكذا قال إنه والله ليس بين جنبي مثل قلب الحسن .
- قال عمارة وما رأيت أحدا وافق قوله عمله غير الحسن
- قال أبو قتادة: عليكم بهذا الشيخ يعني الحسن بن أبي الحسن فإني والله ما رأيت رجلا قط أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه
- عن علي بن زيد قال أدركت عروة بن الزبير ويحيى بن جعدة والقاسم فلم أر فيهم مثل الحسن ولو أن الحسن أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل لاحتاجوا إلى رأيه
- قال أبو بردة ما رأيت رجلا قط لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم أشبه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الشيخ يعني الحسن
- قال الشعبي عنه ما رأيت من أهل تلك البلاد رجلا قط أفضل منه
- عن حميد ويونس بن عبيد أنهما قالا قد رأينا الفقهاء فما رأينا منهم أجمع من الحسن
- عن عمرو بن مرة قال إني لأغبط أهل البصرة بذينك الشيخين الحسن ومحمد
- عن قتادة قال كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.[32]
- عن أبي بردة ، قال : ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم – منه.
- عن أنس بن مالك ، قال : سلوا الحسن ; فإنه حفظ ونسينا .
- قال مطر الوراق : لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة ، فهو يخبر عما عاين.
- قال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه إذا أشكل عليه شيء ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله ، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن[33] .
- قال أيوب السختياني : كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له .
- وقال معاذ بن معاذ : قلت للأشعث : قد لقيت عطاء وعندك مسائل ، أفلا سألته ؟ ! قال : ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني .
- قال أبو هلال:كنت عند قتادة ، فجاء الخبر . بموت الحسن ، فقلت:لقد كان غمس في العلم غمسة . قال قتادة : بل نبت فيه وتحقبه وتشربه ، والله لا يبغضه إلا حروري .
- قال قتادة : ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن .
- عن علي بن زيد ، قال : سمعت من ابن المسيب ، وعروة ، والقاسم وغيرهم ، ما رأيت مثل الحسن ، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه
- عن حجاج بن أرطاة قال : سألت عطاء . عن القراءة على الجنازة ; قال : ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها . قلت : إن الحسن يقول : يقرأ عليها . قال عطاء : عليك بذاك ، ذاك إمام ضخم يقتدى به
- قال يونس بن عبيد : أما أنا فإني لم أر أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن
- قال عوف : ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن
- عن خالد بن صفوان ، قال : لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال : يا خالد ، أخبرني عن حسن أهل البصرة ؟ قلت : أصلحك الله ، أخبرك عنه بعلم ، أنا جاره إلى جنبه ، وجليسه في مجلسه ، وأعلم من قبلي به : أشبه الناس سريرة بعلانية ، وأشبهه قولا بفعل ، إن قعد على أمر قام به ، وإن قام على أمر قعد عليه ، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به ، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له ، رأيته مستغنيا عن الناس ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، قال : حسبك ، كيف يضل قوم هذا فيهم
- قال يونس ، عن الحسن ، أنه كان من رءوس العلماء في الفتن والدماء والفروج.
- . قال أبو زرعة الرازي : كل شيء قال الحسن : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث.
- قال سليمان التيمي : كان الحسن يغزو ، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثم جاء الحسن فكان يفتي.[34]
- عن أبو هلال قال كنا في بيت قتادة فجاءنا الخبر أن الحسن قد توفي فقلت لقد كان غمس في العلم غمسة فقال قتادة لا والله ولكنه ثبت فيه وتحقنه وتشربه والله لا يبغض الحسن إلا حروري.[35]
- وقال أبو بكر الهذلي : قال لي السفاح : بأي شيء بلغ حسنكم ما بلغ ؟ فقلت : ، ولم يقلب درهماً في تجارة ، ولا ولى سلطاناً ، ولا أمر بشيء حتى فعله ، ولا نهي عن شيء حتى ودعه ، فقال بهذا بلغ الشيخ ما بلغ.[36]
- قال العوام بن حوشب ،: ما أشبه الحسن إلا بنبي.[37]
وفاته/
يحكي لنا أبو طارق السعدي رحمه الله مشهد وفاة الإمام الحسن البصري فيقول: شهدت الحسن عند موته يوصي فقال لكاتب اكتب هذا ما يشهد به الحسن بن أبي الحسن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من شهد بها صادقا عند موته دخل الجنة يروى ذلك عن معاذ بن جبل أنه أوصى بذلك عند موته يروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال رجل لابن سيرين رأيت كأن طائرا آخذا الحسن حصاه في المسجد فقال بن سيرين إن صدقت رؤياك مات الحسن قال فلم يلبث إلا قليلا حتى مات.[38]
فالحسن أبي الحسن البصري رحمه الله بلغ من السن تسعا وثمانين4 وتوفي سنة عشر ومائة3 110 هـ7 بالبصرة في رجب ليلة الجمعة وبينه وبين محمد بن سيرين مائة يوم تقدمه الحسن غسله أيوب وحميد الطويل وأخرج به حين انصرف الناس3
وكأن الحسن يصبرنا بالأبيات التي كان يتمثل بها في حياته في أول النهار فيقول‏:‏
وما الدنيا بباقية لحيٍّ * ولا حيّ على الدنيا بباق
وبهذا البيت في آخر النهار‏:‏
يسر الفتى ما كان قدم من تقى * إذا عرف الداء الذي هو قاتله2
هذا ماتيسر ذكره عن الحسن البصري رحمه الله .رحمة واسعة وجمعنا ووالدينا به في الفردوس الأعلى مع النبين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.
*ودونكم المراجع لمن أراد الاستزادة.
المراجع/

1- سير أعلام النبلاء للذهبي مؤسسة الرسالة
2- البداية والنهاية إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي دار عالم الكتب
3- طبقات الكبرى طبقات ابن سعد لمحمد الزهري تحقيق علي محمد عمر
4- طبقات المفسرين أحمد الأدنروي تحقيق سليمان بن صالح الخزي
5- التفسير والمفسرون محمد حسين الذهبي الناشر مكتبة وهبة
6- سلسلة من أعلام السلف للشيخ أحمد فريد.
7- مكتبة كلية الدعوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى.
8- وفيات الأعيان لابن خلكان تحقيق إحسان عباس
9- وتهذيب التهذيب.لابن حجر العسقلاني المحقق: عادل أحمد عبد الموجود - علي محمد معوض
10- وشذرات الذهب.لعبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العكري الحنبلي، أبو الفلاح تحقيق عبدالقادر الأرناؤوط-محمود الأرناؤوط


[1] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[2] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[3] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[4] طبقات ابن سعد 7/156

[5] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[6] طبقات ابن سعد 7/156

[7] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[8] طبقات ابن سعد 7/156

[9] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[10] مكتبة كلية العوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى

[11] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[12] طبقات المفسرين أحمد الأدنروي1/147

[13] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[14] التفسير والمفسرون للذهبي ج3 ص10/11

[15] طبقات ابن سعد 7/156

[16] التفسير والمفسرون للذهبي ج3 ص10/11

[17] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[18] طبقات ابن سعد 7/156

[19] طبقات ابن سعد 7/156

[20] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[21] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[22] طبقات ابن سعد 7/156

[23] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[24] البداية والنهاية 9/266 ـ 268

[25] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[26] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[27] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[28] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[29] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[30] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[31] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[32] طبقات ابن سعد 7/156

[33] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[34] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[35] طبقات ابن سعد 7/156

[36] مكتبة كلية الدعوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى

[37] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[38] طبقات ابن سعد 7/156

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 ربيع الثاني 1436هـ/25-01-2015م, 10:09 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

تم التصحيح في صفحتكِ للاختبارات هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...155#post160155
بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ربيع الثاني 1436هـ/31-01-2015م, 08:13 PM
هدى مخاشن هدى مخاشن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 240
افتراضي سيرة الإمام الجليل:الحسن ابن أبي الحسن البصري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي رفع أهل العلم بقوله تعالى : (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
والصلاة والسلام على نبينا القائل: (العلماء ورثة الأنبياء) رواه أحمد وغيره أما بعد: فإن العلماء مصابيح الدجى وأعلام الهدى قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم ...)
وقال الآجري عن العلماء: (فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة، هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء؛ يهتدي بها في ظلمات البر والبحر ....)
ومن جميل ما يقرأ لهم القراءة في سيرهم، ومعرفة تراجمهم، وقد صنف المصنفات الكثيرة في هذا.
وقد تشرفت بالبحث في سيرة المفسر الضخم، العالم الجليل، الإمام الفقيه المشهور، أحد التابعين الكبار الأجلاء علماً وعملاً وإخلاصاً، سيد أهل زمانه علما وعملاً، إمام أهل البصرة صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن أبي الحسن البصري
طوبى لمن غابوا وباق ذكرهم سيرا تعطرنا مدى الأزمان
اسمه ونسبه/
الحسن بن أبي الحسن يساركنيتهأبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الأنصاري، ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي، وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية، ويقال كان مولى جميل بن قطبة، ويسار أبوه من سبي ميسان واسم أمه خيرة[1].
· مولده ونشأته/
سكن أبوه المدينة، وتزوج بأمه في خلافة عمر ، فولدت له بالحسن - رحمة الله عليه-[2]،
ولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، وأتي به إليه فدعا له وحنكه،[3] فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكي الصبي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه، فدر عليها ثديها فشربه، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك[4]، وتخرجه إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير ، وكانت أمه منقطعة إليها ، فكانوا يدعون له ، فأخرجته إلى عمر فدعا له ، وقال : اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس[5].
نشأ الحسن بوادي القرى وكان فصيحا، وكان عهده بالمدينة ليالي صفين، واحتلم بعد صفين عاما، و كان له يوم قتل عثمان رضي الله تعالى عنه أربع عشرة، وعن خالد بن عبد الرحمن بن بكير قال حدثنا الحسن: قال: رأيت عثمان يخطب وأنا بن خمس عشرة سنة قائما[6] وقاعدا، وكان يدخل بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خلافة عثمان فيتناول سقفها بيده وهو غلام محتلم يومئذ .
· صفاته الخَلقية والخُلقية/
- قال الأصمعي عن أبيه: ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبرا . و كان رجلا تام الشكل، مليح الصورة بهيا ، وكان من الشجعان الموصوفين[7]
- وعن أمة الحكم ، قالت : كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي ، فما رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه.
- كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة ، وطيلسانا كرديا ، وعمامة سوداء ، وفي الصيف إزار كتان ، وقميصا وبردا حبرة.[8]

شيوخه/
روى ابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس بن مالك، وجابر ، وعن عمران بن حصين، والنعمان بن بشير ،وسمرة بن جندب ، ومعقل بن يسار وعبد الله بن المعقل[9]، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وأبي بكرة الثقفي ، وجندب البجلي ، وعمرو بن تغلب، والأسود بن سريع وأبي برزة ، ورأى عثمان ، وطلحة ، وخلق من الصحابة، وروى عن خلق من التابعين[10]
· طلبه للعلم/
سمع عن جماعة من أصحاب النبي منهم عثمان بن عفان، وجمع القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، ثم لم يخرج من سورة إلى غيرها حتى يعرف تأويلها ، وفيما أنزلت[11] ،قرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي [12]كان من سادات التابعين وأفتى في زمن الصحابة، بالغ الفصاحة وبليغ المواعظ كثير العلم بالقرآن ومعانيه.[13]
قال معتمر بن سليمان:كان أبي يقول: الحسن شيخ أهل البصرة، وقد روى بالإرسال عن طائفة: كعلي ، وأم سلمة ولم يسمع منهما ،والحسن مع جلالته فهو مدلس ، ومراسيله ليست بذاك ، ولم يطلب الحديث في صباه ، وكان كثير الجهاد ، وصار كاتبا لأمير خراسان الربيع بن زياد.[14]
قال الحافظ : رأى علياً رضي الله عنه وطلحة وعائشة ، وكتب للربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية ، وروى عن أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم. يعني: روى عنهم مرسلاً.
وعن ثوبان وعمار بن ياسر وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص ومعقل بن سنان ولم يسمع منهم. وقال الذهبي: روى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وأبي بكرة، والنعمان بن بشير، وجندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وابن عباس، وعمر، وجابر.. وغيرهم[15].وحضر الجمعة مع عثمان، وسمعه يخطب، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة، وجاء عن أنس بن مالك سئل عن مسألة قال: عليكم مولانا الحسن فسلوه فقالوا يا أبا حمزة: نسألك وتقول سلوا مولانا الحسن فقال إنا سمعنا وسمع فحفظ ونسينا.[16]
تلاميذه/
حدثنا حزم قال: رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى، فجاء عطاء، ومجاهد، وعمرو بن شعيب ، فجلسوا إليه .[18]
نبذة من أخباره/
في نفسه وأهله:
- عن أبو عقيل قال: رأيت خاتم الحسن في يساره، قال ابن عون: كان في خاتم الحسن خطوط، وعن محمد بن عمرو قال: رأيت خاتم الحسن في يساره فضة كله.
- عن عباد بن راشد قال: رأيت الحسن يصلي في نعليه.
- عن سعيد بن أبي عروبة قال: رأيت الحسن يصفر لحيته.
- عن محمد بن عمرو قال: رأيت الحسن لا يحفي شاربه كما يحفي بعض الناس.
- عن قتادة: أن الحسن كان لا يتنور.
- عن حماد بن سلمة عن حميد قال:
قال لي الشعبي ونحن بمكة: إني أحب أن تخلي لي الحسن. قال: فقلت ذلك للحسن وأنا معه في بيت.
قال: فقال: إذا شاء. قال: فجاء الشعبي وأنا على الباب. قال فقلت: ادخل عليه فإنه في البيت وحده. قال: إن أحب إلي أن تدخل معي. قال: فدخلت، فإذا الحسن قبالة القبلة، وهو يقول: يا بن آدم لم تكن فكونت، وسَألت فأعطيت، وسُئلت فمنعت، فبئس ما صنعت. قال: ثم يذهب، ثم يرجع، ثم يقول: يا بن آدم لم تكن فكونت، وسَألت فأعطيت، وسُئلت فمنعت، فبئس ما صنعت. قال: ثم يذهب، ثم يرجع، ثم يقول: يا بن آدم لم تكن فكونت، وسَألت فأعطيت، وسُئلت فمنعت، فبئس ما صنعت. قال: ثم يذهب. قال: فأعاد ذلك مرارا ،قال: فأقبل علي الشعبي فقال لي: يا هذا انصرف فإن هذا الشيخ في غير ما نحن فيه.
- عن يونس بن عبيد قال: أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه، قال: فذكر أهله حاجة، فقال لهم: دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به .[19]
- عن حميد قال :كان الحسن يشتري كل يوم لحما بنصف درهم، قال: وما شممت مرقة قط أطيب ريحا من مرقة الحسن.
- عن الأشعث قال: كنا إذا أتينا الحسن لا نسأل عن خير ولا نخبر بشيء وإنما كان في أمر الآخرة، قال: وكنا نأتي محمد بن سيرين فيسألنا عن الأخبار والأشعار.
- عن يزيد بن إبراهيم قال رأيت الحسن يرفع يديه في قصصه في الدعاء بظهر كفيه.
في تعليمه:
- قدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاؤوس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط.
- عن قتادة عن الحسن قال: لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه.
- عن بن عون قال: كان الحسن يحدث بالحديث والمعاني قال أخبرنا عفان وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا جرير بن حازم، قال: كان الحسن يحدثنا الحديث يختلف فيزيد في الحديث وينقص منه ولكن المعنى واحد، قال أخبرنا عفان بن مسلم، قال حدثنا مهدي يعني بن ميمون، قال حدثنا غيلان بن جرير، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد الرجل يسمع الحديث فيحدث به لا يألو فيكون فيه الزيادة والنقصان. قال: ومن يطيق ذلك .
- أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن بن أبي الحسن: أرأيت ما تفتي الناس أشياء سمعته أم برأيك؟ فقال الحسن لا والله ما كل ما نفتي به سمعناه ولكن رأينا خير لهم من رأيهم لأنفسهم.
في عبادته:
- قال شعيبا صاحب الطيالسة: رأيت الحسن يقرأ القرآن فيبكي، حتى يتحدر الدمع على لحيته.
- عن قتادة قال: كنا نصلي مع الحسن على البواري، وكان الحسن يحلق رأسه كل عام يوم النحر.
- عن أبو هلال قال: كان الحسن إذا فرغ من حديثه فأراد أن يقوم قال: اللهم ترى قلوبنا من الشرك، والكبر، والنفاق، والرياء، والسمعة، والريبة، والشك في دينك، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واجعل ديننا الإسلام القيم.
- عن عمارة قال: حدثني الحسن أنه كان يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب.
- عن الربيع بن صبيح قال: كان الحسن إذا أثنى عليه أحد في وجهه كره ذلك، وإذا دعا له سره ذلك.
- عن بن عون قال: لم أرى أسخى منهما يعني الحسن وابن سيرين، إلا أن الحسن كان أشدهما إلحاحا عن يونس قال كان الحسن رجلا محزونا.
- عن يونس قال: كان الحسن والله من رؤوس العلماء في الفتن والدماء[20].
- عن حميد قال: لم يحج الحسن إلا حجتين، حجة فيأول عمره وأخرى في آخر عمره.
مع الأمراء والولاة:
- عن سليمان بن علي الربعي قال: لما كانت الفتنة فتنة بن الأشعث إذ قاتل الحجاج بن يوسف، انطلق البعض فدخلوا على الحسن، فقالوا: يا أبا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام وأخذ المال الحرام وترك الصلاة وفعل وفعل؟ قال: وذكروا من فعل الحجاج. قال: فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. قال: فخرجوا من عنده وهم يقول: نطيع هذا العلج. قال :وهم قوم عرب. قال: وخرجوا مع بن الأشعث قال فقتلوا جميعا.
في تعامله مع الناس:
- عن كلثوم بن جوشن قال: استعان رجل بالحسن في حاجة فخرج معه، وقال: إني استعنت بابن سيرين وفرقد فقالا: حتى نشهد الجنازة ثم نخرج معك. قال: أما إنهما لو مشيا معك لكان خيرا.
- عن جرير بن حازم قال: كنا عند الحسن وقد انتصف النهار وزاد. فقال ابنه: خفوا عن الشيخ فإنكم قد شققتم عليه، فإنه لم يطعم طعاما، ولا شرابا، قال: مه، وانتهره دعهم فوالله ما شيء أقر لعيني من رؤيتهم أو منهم، إن كان الرجل من المسلمين ليزور أخاه فيتحدثان ويذكران ويحمدان ربهما حتى يمنعه قائلته.
- قال أخبرنا موسى بن إسماعيل: قال حدثنا جرير بن حازم: كنا نكون عند الحسن، فكان كلما قدم إنسان قال سلام عليكم فيقول الحسن: سلام عليكم.
- عن غالب قال: حملت الحسن على حماري من المسجد إلى منزله فرأى ناسا يتبعونه فقال: ما يبقي هؤلاء من قلب رجل لولا أن المؤمن يرجع إلى نفسه فيعرفها.
- عن غالب القطان قال: جئت إلى الحسن بكتاب من عبد الملك بن أبي بشير فقال اقرأه فقرأته فإذا فيه دعاء فقال الحسن رب أخ لك لم تلده أمك.
- روى الخرائطي، عن الحسن‏:‏ أنه كان إذا اشترى شيئاً وكان في ثمنه كسر جبره لصاحبه‏.‏
- وباع بغلة له فقال له المشتري‏:‏ إما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد‏؟‏ قال‏:‏ لك خمسون درهماً أزيدك‏؟‏ قال‏:‏ لا ‏!‏ رضيت‏.‏ قال‏:‏ بارك الله لك‏.[21]
· آثاره/
في الزهد:
- إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل.
- أهينوا هذه الدنيا فو الله لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها.
- إن فضل الفعال على الكلام مكرمة وإن فضل الكلام على الفعال عار.
- ضحك المؤمن غفلة من قلبه.[22]
- كان يقول في حديث الخشبة التي حنت لرسول الله عليه الصلاة والسلام: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقا إليه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
- يا بني: أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه، واِبك في ساعات الليل والنهار في الخلوة لعل مولاك أن يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين‏.‏
- من رق ثوبه رق دينه، ومن سمن جسده هزل دينه، ومن طاب طعامه أنتن كسبه‏.‏
- رأس مال المؤمن دين حيث ما زال زال معه، لا يخلفه في الرحال، ولا يأتمن عليه الرجال[23]‏.‏
- تصبروا وتشددوا فإنما هي ليال تعد، وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب ولا يلتفت، فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم، إن هذا الحق أجهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما يصبر على هذا الحق من عرف فضله وعاقبته‏.
- لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته‏.
- الرضا صعب شديد، وإنما معول المؤمن الصبر‏.
- ابن آدم عِنْ نفسك فكايس، فإنك إن دخلت النار لم تجبر بعدها أبداً‏.
- أدركت صدر هذه الأمة وخيارها وطال عمري فيهم، فوالله إنهم كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم لله عليكم، أدركتهم عاملين بكتاب ربهم، متبعين سنة نبيهم، ما طوى أحدهم ثوباً، و لا جعل بينه و بين الأرض شيئاً، و لا أمر أهله بصنع طعام، كان أحدهم يدخل منزله فإن قُرب إليه شيء أكل وإلا سكت فلا يتكلم في ذلك‏.‏[24]
- ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله[25]
- قال مالك بن دينار‏:‏ قلت للحسن‏:‏ ما عقوبة العالم إذا أحب الدنيا‏؟‏ قال‏:‏ موت القلب، فإذا أحب الدنيا طلبها بعمل الآخرة فعند ذلك ترحل عنه بركات العلم ويبقى عليه رسمه‏[26].‏
في الغيبة‏:
- والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده‏.‏
- ابن آدم ‏!‏ إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تصيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك، فإذا فعلت ذلك كان ذلك شغلك في طاعة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا‏.‏
- ثلاثة لا تحرم عليك غيبتهم‏:‏ المجاهر بالفسق، والإمام الجائر، والمبتدع‏.‏
متفرقة:
- عن الحسن قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم [27].
- المؤمن يداري دينه بالثياب.[28]
- قال الحسن: احترسوا من الناس بسوء الظن.[29]
- لا دين إلا بمروءة‏.‏
- ما بكى عبد إلا شهد عليه قلبه بالصدق أو الكذب‏.‏
- الناس في العافية سواء، فإذا نزل البلاء تبين عنده الرجال‏. وفي رواية‏:‏ فإذا نزل البلاء سكن المؤمن إلى إيمانه، والمنافق إلى نفاقه‏.‏
- إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، لم يأتوا الأمر من قبل أوله، قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ‏}‏[‏ص‏:‏ 29‏]‏وما تدبر آياته إلا أتباعه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده‏.‏ حتى إن أحدهم ليقول‏:‏ قد قرأت القرآن كله فما أسقط منه حرفاً واحداً، وقد والله أسقطه كله، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل‏.‏ حتى إن أحدهم ليقول‏:‏ والله إني لأقرأ السورة في نفس، لا والله ما هؤلاء بالقرآء ولا بالعلماء ولا الحكماء ولا الورعة، ومتى كانت القراءة هكذا، أو يقول مثل هذا، لا أكثر الله في الناس مثل هؤلاء‏.[30]
- أربع من كن فيه ألقى الله عليه محبته، ونشر عليه رحمته‏:‏ من رق لوالديه، ورق لمملوكه، وكفل اليتيم، وأعان الضعيف‏.‏
- سئل الحسن عن النفاق فقال‏:‏ هو اختلاف السر والعلانية والمدخل والمخرج، وقال‏:‏ ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق - يعني‏:‏ النفاق - وحلف الحسن‏:‏ ما مضى مؤمن ولا بقي إلا وهو يخاف النفاق‏.‏وفي رواية‏:‏ إلا وهو من النفاق مشفق، ولا مضى منافق ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن[31]‏.‏
- قال الحسن: سمعت أبا هريرة يقول : الوضوء مما غيرت النار . فقال الحسن : لا أدعه أبدا[32]
نماذج منتفسيره/
- قال في قوله تعالى‏:‏‏{‏وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏[‏القيامة‏:‏ 2‏]‏ قال‏:‏ لا تلقى المؤمن إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمة كذا، ما أردت بأكلة كذا، ما أردت بمجلس كذا، وأما الفاجر فيمضي قدماً قدماً لا يلوم نفسه[33]‏.‏
- قال الحسن في هذه الآية:{أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}]. الفرقان: [قال: هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه[34]
أقوال العلماء فيه/
- عن أنس بن مالك ، قال : سلوا الحسن ; فإنه حفظ ونسينا .
- عن الشعبي قال : ما رأيت الذي كان أسود من الحسن[35] .
- وقال معاذ بن معاذ: قلت للأشعث : قد لقيت عطاء وعندك مسائل ، أفلا سألته ؟ ! قال : ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني.
- وقال إبراهيم بن عيسى‏:‏ ما رأيت أطول حزناً من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة[36]‏.‏
- عن العلاء بن زياد قال: ما أحب أن أؤمن على دعاء أحد حتى أسمع دعاءه إلا الحسن. وقال مطرف مثله
- عن حميدا ويونس يقولان: ما أدركنا أجمع من الحسن.
- قال معتمر قال كان أبي يقول الحسن شيخ البصرة وبكر فتاها.
- قال عمرو بن عبيد: ما كنا نأخذ علم الحسن إلا عند الغضب.
- عن قتادة قال: إذا اجتمع لي أربعة لم ألتفت إلى غيرهم ولم أبال من خالفهم؛ الحسن، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، وعطاء، قال هؤلاء الأربعة أئمة الأمصار.
- أن عطاء سئل عن شيء فقال: لا أدري فقيل إن الحسن يقول كذا وكذا قال إنه والله ليس بين جنبي مثل قلب الحسن.
- قال عمارة: وما رأيت أحدا وافق قوله عمله غير الحسن.
- قال أبو قتادة: عليكم بهذا الشيخ يعني الحسن بن أبي الحسن فإني والله ما رأيت رجلا قط أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه.
- عن علي بن زيد قال: أدركت عروة بن الزبير ويحيى بن جعدة والقاسم فلم أر فيهم مثل الحسن ولو أن الحسن أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل لاحتاجوا إلى رأيه
- قال أبو بردة: ما رأيت رجلا قط لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم أشبه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الشيخ يعني الحسن.
- قال الشعبي عنه: ما رأيت من أهل تلك البلاد رجلا قط أفضل منه.
- عن حميد ويونس بن عبيد أنهما قالا: قد رأينا الفقهاء فما رأينا منهم أجمع من الحسن.
- عن عمرو بن مرة قال: إني لأغبط أهل البصرة بذينك الشيخين الحسن ومحمد.
- عن قتادة قال: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.[37]
- عن أبو هلال قال كنا في بيت قتادة فجاءنا الخبر أن الحسن قد توفي فقلت لقد كان غمس في العلم غمسة فقال قتادة لا والله ولكنه ثبت فيه وتحقنه وتشربه والله لا يبغض الحسن إلا حروري.[38]
- عن أبي بردة، قال: ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم – منه.
- قال مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة ، فهو يخبر عما عاين.
- قال قتادة:ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه إذا أشكل عليه شيء ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله ، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن[39] .
- قال أيوب السخستياني: كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له .
- قال يونس، عن الحسن، أنه كان من رءوس العلماء في الفتن والدماء والفروج.
- عن حجاج بن أرطاة قال: سألت عطاء. عن القراءة على الجنازة; قال: ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها. قلت: إن الحسن يقول: يقرأ عليها. قال عطاء: عليك بذاك، ذاك إمام ضخم يقتدى به.
- قال يونس بن عبيد:أما أنا فإني لم أر أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن.
- قال عوف:ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن.
- قال قتادة:ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن .
- عن علي بن زيد ، قال : سمعت من ابن المسيب ، وعروة ، والقاسم وغيرهم ، ما رأيت مثل الحسن ، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه
- وقال أبو بكر الهذلي : قال لي السفاح : بأي شيء بلغ حسنكم ما بلغ ؟ فقلت: ، ولم يقلب درهماً في تجارة ، ولا ولى سلطاناً ، ولا أمر بشيء حتى فعله ، ولا نهي عن شيء حتى ودعه ، فقال بهذا بلغ الشيخ ما بلغ.[40]
- عن خالد بن صفوان، قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه الناس سريرة بعلانية، وأشبهه قولا بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنيا عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك، كيف يضل قوم هذا فيهم.
- . قال أبو زرعة الرازي : كل شيء قال الحسن : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث. [41]
- قال العوام بن حوشب ،: ما أشبه الحسن إلا بنبي.[42]
وفاته/
يحكي لنا أبو طارق السعدي رحمه الله مشهد وفاة الإمام الحسن البصري فيقول: شهدت الحسن عند موته يوصي فقال: لكاتب اكتب هذا ما يشهد به الحسن بن أبي الحسن، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، من شهد بها صادقا عند موته دخل الجنة، يروى ذلك عن معاذ بن جبل، أنه أوصى بذلك عند موته يروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وقال رجل لابن سيرين رأيت كأن طائرا آخذا الحسن حصاه في المسجد. فقال بن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن قال فلم يلبث إلا قليلا حتى مات.
فالحسن أبي الحسن البصري رحمه الله بلغ من السن تسعا وثمانين وتوفي سنة عشر ومائة 110 ه بالبصرة في رجب ليلة الجمعة وبينه وبين محمد بن سيرين مائة يوم تقدمه الحسن غسله أيوب وحميد الطويل وأخرج به حين انصرف الناس[43].
وكأن الحسن يصبرنا بالأبيات التي كان يتمثل بها في حياته في أول النهار فيقول‏:‏
وما الدنيا بباقية لحيٍّ * ولا حيّ على الدنيا بباق
وبهذا البيت في آخر النهار‏:‏
يسر الفتى ما كان قدم من تقى * إذا عرف الداء الذي هو قاتله[44]
هذا ما تيسر ذكره عن الحسن البصري -رحمه الله- رحمة واسعة، وجمعنا ووالدينا به في الفردوس الأعلى، مع النبين والصدقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.
*ودونكم المراجع لمن أراد الاستزادة.
المراجع/

1- البداية والنهاية إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، دار عالم الكتب
2- التفسير والمفسرون محمد حسين الذهبي، الناشر: مكتبة وهبة
3- تهذيب التهذيب.لابن حجر العسقلاني، المحقق: عادل أحمد عبد الموجود - علي محمد معوض
4- سلسلة من أعلام السلف للشيخ أحمد فريد.
5- سير أعلام النبلاء للذهبي، مؤسسة الرسالة
6- شذرات الذهب.لعبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العكري الحنبلي، أبو الفلاح، المحقق: عبدالقادر الأرناؤوط-محمود الأرناؤوط
7- طبقات الكبرى طبقات ابن سعد لمحمد الزهري، تحقيق: علي محمد عمر
8- طبقات المفسرين أحمد الأدنروي، تحقيق: سليمان بن صالح الخزي
9- مكتبة كلية الدعوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى.
10- وفيات الأعيان لابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس



[1] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[2] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[3] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[4] طبقات ابن سعد 7/156

[5] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[6] طبقات ابن سعد 7/156

[7] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[8] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[9] طبقات ابن سعد 7/156

[10] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[11] مكتبة كلية العوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى

[12] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[13] طبقات المفسرين أحمد الأدنروي1/147

[14] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[15] التفسير والمفسرون للذهبي 3/10-11

[16] طبقات ابن سعد 7/156

[17] التفسير والمفسرون للذهبي 3 /10-11

[18] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[19] طبقات ابن سعد 7/156

[20] طبقات ابن سعد 7/156

[21] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[22]طبقات ابن سعد 7/156

[23] البداية والنهاية 9/266 ـ 268

[24]البداية والنهاية9/266 ـ 268

[25]سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[26] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[27]البداية والنهاية9/266 ـ 268

[28] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[29] طبقات ابن سعد 7/156

[30]البداية والنهاية9/266 ـ 268

[31] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[32] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[33] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[34] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[35] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[36] البداية والنهاية9/266 ـ 268

[37] طبقات ابن سعد 7/156

[38] طبقات ابن سعد 7/156

[39] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[40] مكتبة كلية الدعوة وأصول الدين في منتدى جامعة أم القرى

[41] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[42] سير أعلام النبلاء للذهبي4/563

[43] طبقات ابن سعد 7/156

[44]البداية والنهاية9/266 ـ 268

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 شعبان 1436هـ/13-06-2015م, 07:00 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

تم التصحيح في صفحتك للاختبارات هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...395#post208395
وفقكِ الله ، ونفع بكِ الإسلام والمسلمين .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإمام, سيرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir