دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 09:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الربا (2/9) [أمثلة من البيوع التي تندرج تحت الربا]


وعنْ أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعنْ عُبادَةَ بنِ الصامتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)). رواهُ مسلمٌ.
وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا)). رواهُ مسلمٌ.

  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


3/785 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا): بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَفَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، أَيْ: لا تُفَضِّلُوا، (بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ): بِالْجِيمِ وَالزَّايِ؛ أَيْ: حَاضِرٍ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلاً، سَوَاءٌ كَانَ غَائِباً أَوْ حَاضِراً؛ لِقَوْلِهِ: ((إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ))؛ فَإِنَّهُ اسْتُثْنِيَ مِنْ أَعَمِّ الأَحْوَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لا تَبِيعُوا ذَلِكَ فِي حَالٍ مِن الأَحْوَالِ إلاَّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مِثْلاً بِمِثْلٍ؛ أَيْ: مُتَسَاوِيَيْنِ قَدْراً، وَزَادَهُ تَأْكِيداً بِقَوْلِهِ: ((وَلا تُشِفُّوا))؛ أَيْ: لا تُفَاضِلُوا، وَهُوَ مِن الشِّفِّ بِكَسْرِ الشِّينِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ هُنَا.
وَإِلَى مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ ذَهَبَت الْجُلَّةُ مِن الْعُلَمَاءِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْعِتْرَةِ وَالْفُقَهَاءِ، فَقَالُوا: يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِيمَا ذَكَرَ غَائِباً كَانَ أَوْ حَاضِراً.
وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِن الصَّحَابَةِ إلَى أَنَّهُ لا يَحْرُمُ الرِّبَا إلاَّ فِي النَّسِيئَةِ؛ مُسْتَدِلِّينَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((لا رِبَا إِلاَّ فِي النَّسِيئَةِ)).
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: لا رِبَا أَشَدُّ إِلاَّ فِي النَّسِيئَةِ، فَالْمُرَادُ نَفْيُ الْكَمَالِ لا نَفْيُ الأَصْلِ، وَلأَنَّهُ مَفْهُومٌ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ مَنْطُوقٌ، وَلا يُقَاوِمُ الْمَفْهُومُ الْمَنْطُوقَ؛ فَإِنَّهُ مُطْرَحٌ مَعَ الْمَنْطُوقِ.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ؛ أَيْ: بِأَنَّهُ لا رِبَا إلاَّ فِي النَّسِيئَةِ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَن الْقَوْلِ بِهِ. وَلَفْظُ الذَّهَبِ عَامٌّ لِجَمِيعِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَضْرُوبٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْوَرِقِ. وَقَوْلُهُ: ((لا تَبِيعُوا غَائِباً مِنْهَا بِنَاجِزٍ))، الْمُرَادُ بِالْغَائِبِ: مَا غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ مُؤَجَّلاً كَانَ أَوْ لا، وَالنَّاجِزُ: الْحَاضِرُ.
4/786 - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
لا يَخْفَى مَا أَفَادَهُ مِن التَّأْكِيدِ بِقَوْلِهِ: ((مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَسَوَاءً بِسَوَاءٍ)). وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيمَا اتَّفَقَا جِنْساً مِن السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا النَّصُّ.
وَإِلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا ذَهَبَت الأُمَّةُ كَافَّةً، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهَا، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى ثُبُوتِهِ فِيمَا عَدَاهَا مِمَّا شَارَكَهَا فِي الْعِلَّةِ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً مَنْصُوصَةً اخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلافاً كَثِيراً، يَقْوَى لِلنَّاظِرِ الْعَارِفِ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الظَّاهِرِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ لا يَجْرِي الرِّبَا إلاَّ فِي السِّتَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا.
وَقَدْ أَفْرَدْنَا الْكَلامَ عَلَى ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ سَمَّيْنَاهَا (الْقَوْلَ الْمُجْتَبَى)، وَاعْلَمْ أَنَّهُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ لا يُشَارِكُهُ فِي الْجِنْسِ مُؤَجَّلاً وَمُتَفَاضِلاً؛ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْحِنْطَةِ، وَالْفِضَّةِ بِالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِن الْمَكِيلِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ وَأَحَدُهُمَا مُؤَجَّلٌ.


5/787 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ. وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِباً)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْناً بِوَزْنٍ): نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، (مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَو اسْتَزَادَ فَهُوَ رِباً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ التَّقْدِيرِ بِالْوَزْنِ لا بِالْخَرْصِ وَالتَّخْمِينِ، بَلْ لا بُدَّ مِن التَّعْيِينِ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْوَزْنِ. وَقَوْلُهُ: ((فَمَنْ زَادَ))؛ أَيْ: أَعْطَى الزِّيَادَةَ، (أَوِ اسْتَزَادَ)؛ أَيْ: طَلَبَ الزِّيَادَةَ، فَقَدْ أَرْبَى؛ أَيْ: فَعَلَ الرِّبَا الْمُحَرَّمَ، وَاشْتَرَكَ فِي إثْمِهِ الآخِذُ وَالْمُعْطِي.

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


709- وعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ)) مُتَّفَقٌ عليهِ.
مُفرداتُ الحديثِ:
-الذَّهَبَ بالذَّهَبِ: بَيْعُ أحَدِهما بالآخَرِ هو ما يُسَمَّى بالصَّرْفِ، سُمِّيَ صَرْفاً؛ لانْصِرافِه عن مُقْتَضَى البياعاتِ مِن عَدَمِ جَوازِ التصَرُّفِ قبلَ التقابُضِ، وقيلَ: مِن تَسْوِيَتِهما في الميزانِ.
-مِثْلاً بمِثْلٍ: بكسرِ الميمِ فسُكونِ الثاءِ، حالَ كَوْنِهما مُتماثِلَيْنِ مُتساوِيَيْنِ.
-ولا تُشِفُّوا بَعْضَها علَى بَعْضٍ: بضمِّ التاءِ وكسرِ الشينِ المُعْجَمَةِ وتشديدِ الفاءِ، من أَشَفَّ ثُلاثِيٌّ مَزِيدٌ، والشَّفُّ بالكَسْرِ: الزيادةُ والرِّبْحُ، أي: لا تَفْضُلُوا ولا تَزِيدُوا بَعْضَها على بَعْضٍ.
الوَرِقَ: بفتحِ الواوِ وكسرِ الراءِ آخرَه قافٌ، هو الفِضَّةُ المضروبةُ، جَمْعُه أَوْرَاقٌ، قالَ الفَارَابِيُّ: الوَرِقُ المالُ من الدَّراهِمِ، والرِّقَةُ مثلُ عِدَةٍ من الوَرِقِ.
-بنَاجِزٍ: بنونٍ وجِيمٍ وزايٍ، من النَّجْزِ، يقالُ: نَجَزَ يَنْجُزُ نَجْزاً - من بابِ قَتَلَ - إذا حَضَرَ وحَصَلَ، وأنْجَزَ الوَعْدَ أحْضَرَه، والمرادُ به الحاضِرُ، أمَّا الغالِبُ هنا فهو الذي لَمْ يَكُنْ مَوْجوداً عندَ العقدِ.
-بَعْضَها على بَعْضٍ: الضميرُ راجعٌ إلى الذَّهَبِ والوَرِقِ، ولَفْظةُ (علَى) هي الفارقةُ بينَ الزيادةِ والنُّقْصانِ.

710-وعن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بمِثْلٍ، سَواءً بسَوَاءٍ، يَداً بيَدٍ، فإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَداً بَيَدٍ)) رواهُ مُسْلِمٌ.

مُفرداتُ الحديثِ:
-الذَّهَبُ بالذَّهَبِ: أي: بَيْعُ الذَّهَبِ بالذهبِ، وهكذا يُقَدَّرُ في البواقي.
-البُرُّ بالبُرِّ: بضمِّ الباءِ وتشديدِ الراءِ، هو حَبُّ القمحِ.
-المِلْحُ: قالَ الكِيمائيُّونَ: المِلحُ مُرَكَّبٌ يَحصُلُ من مَحلولِ مَعْدِنٍ مَكانَ الهَيْدروجِينَ من أحدِ الحوامِضِ، ويُسْتَخْدَمُ لتَطْبِيبِ الطعامِ وحِفْظِه، جَمْعُه أملاحٌ، وهو مُؤَنَّثٌ وقدْ يُذَكَّرُ.
-مِثْلاً بمِثْلٍ سَواءً بسواءٍ: التماثُلُ أعَمُّ مِن أَنْ يَكُونَ في القَدْرِ بخِلافِ المُساواةِ؛ ولذا أكَّدَه بقولِه: سَواءً بسَواءٍ. والمعنَى: أنَّهما متساويانِ فلا فَضْلَ لأحدِهما على الآخَرِ.
-يَداً بيَدٍ: اليَدُ من أعضاءِ الجِسْمِ، وهي مِن المَنْكِبِ إلى أطْرافِ الأصابِعِ، مُؤَنَّثَةٌ.
والمُرادُ هنا: أنْ يَقْبِضَ كُلُّ وَاحِدٍ من المتبايعَيْنِ عِوَضَ ما دَفَعَ من المالِ الرَّبَوِيِّ في مجلسِ العقدِ.
قولُه: ((مِثْلاً بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَداً بيَدٍ)) كلٌّ مِن مِثْلٍ، وسَواءٍ، ويَدٍ، مَنْصوباتٌ على الحالِ، والعامِلُ هو مُتعَلَّقُ الجارِّ، الذي هو قَوْلُه: ((بالذَّهَبِ)) وصاحِبُ الحالِ هو الضميرُ المُستَتِرُ فيه، أي: الذَّهَبُ بالذهبِ مُتماثِلَيْنِ مَقبوضَيْنِ يداً بيَدٍ.

711- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، وَزْناً بوَزْنٍ، مِثْلاً بمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا)) رواهُ مُسْلِمٌ.

مُفرداتُ الحديثِ:
-الفِضَّةُ بالفِضَّةِ: الأوَّلُ مَرْفوعٌ على الابتداءِ على تَقْريرِ حَذْفِ المُضافِ، تقديرُه: بَيْعُ الفِضَّةِ بالفِضَّةِ.
-الفِضَّةُ: قالَ عُلماءُ الكيمياءِ الحديثةِ: الفِضَّةُ بكسرِ الفاءِ، جَمْعُه فِضَضٌ وفِضَاضٌ، هو عُنْصُرٌ أبيضُ قابِلٌ للسَّحْبِ والطَّرْقِ والصَّقْلِ، من أكْثَرِ الموادِّ توصيلاً للحرارةِ والكَهْرُباءِ، وهو من الجَواهرِ النفيسَةِ التي تُسْتَخْدَمُ في سَكِّ النُّقودِ، كما تُسْتَعْمَلُ أملاحُها في التصويرِ.
-وَزْناً بوَزْنٍ: هو مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ، أي: الذَّهَبُ يُباعُ بالذهَبِ مَوْزوناً بمَوْزونٍ، ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ مَصْدراً مُؤَكَّداً، أي: يُوزَنُ وَزْناً، قالَه في فَتْحِ الباري.
-اسْتَزَادَ: يُقالُ: زادَ يَزِيدُ زِيادَةً: نَمَا. فاستزادَه, أي: طَلَبَ الزِّيادَةَ.
ما يُؤْخَذُ من الأحاديثِ الثلاثةِ:
1-هذهِ الأحاديثُ هي العُمْدَةُ في هذا البابِ، حَيْثُ عَدَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ أصولاً، وصَرَّحَ بأحَكامِها وشُروطِها التي تُعْتَبَرُ في بَيْعِ بَعْضِها ببعضٍ جِنْساً واحداً، أو أجناساً، وبَيَّنَ العِلَّةَ في كلِّ واحدٍ منها؛ ليَتوَصَّلَ المُجْتَهِدُ بالشاهِدِ إلى الغائبِ؛ فإِنَّه صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ذكَرَ النقدَيْنِ والمطعوماتِ الأربعَ، إيذاناً بأنَّ عِلَّةَ الرِّبا هي الثَّمَنِيَّةُ أو الطَّعْمُ، وإشعاراً بأنَّ الرِّبا إِنَّما يَكُونُ في النوعَيْنِ المَذكورَيْنِ، وهما الثَّمَنُ، أو الطَّعْمُ؛ من البُرِّ والشَّعِيرِ والتَّمْرِ، أو ما يُقْصَدُ لغَيْرِه وهو المِلْحُ؛ ليُعْلَمَ أنَّ الكلَّ سواءٌ في هذا الحُكْمِ.
2-أنَّ هذهِ الأجناسَ السِّتَّةَ هي الأجناسُ الرَّبَوِيَّةُ المَنْصوصُ عليها، وما عَداهَا ألْحَقَه علماءُ القياسِ بها إلحاقاً.
3-الجِنْسُ إذا بِيعَ بجِنْسِه، كالذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والبُرِّ بالبُرِّ، يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ العَقْدِ أمرانِ:
أحدُهما: التماثُلُ بينَهما، بأنْ لا يَزِيدَ أحدُهما عن الآخَرِ، وهذا هو المُرادُ بقولِه: ((مِثْلاً بمِثْلٍ)) و ((لا تُشِفُّوا بَعْضَها عَلَى بَعْضٍ)).
الثاني: التقابُضُ بينَ الطرفَيْنِ في مَجْلسِ العقدِ، وهذا هو المرادُ بقولِه: ((يَداً بِيَدٍ)) ((وَلاَ تَبِيعُوا غَائِباً بنَاجِزٍ)).
4-أمَّا إذا كانَ البيعُ بينَ الجِنْسَيْنِ، كذَهَبٍ بفِضَّةٍ، أو بُرٍّ بتَمْرٍ، فلا يُشْتَرَطُ إِلاَّ شَرْطٌ وَاحِدٌ فقَطْ، وهو التقابُضُ بمَجْلِسِ العَقْدِ، وهذا هو المرادُ بقولِه: ((يَداً بيَدٍ))، و((وَلاَ تَبِيعُوا غَائِباً بنَاجِزٍ)).
5-الجِنْسُ: ما له اسْمٌ خاصٌّ يَشْمَلُ أنواعاً، والنوعُ هو الشامِلُ لأشياءَ مُخْتلفةٍ بأشخاصِها، وقَدْ يَكُونُ النوعُ جِنْساً، وبالعكسِ، والمرادُ هنا الجنسُ الخاصُّ كالبُرِّ، لا العامُّ الذي هو الحَبُّ، والمرادُ هنا النوعُ الخاصُّ الذي هو -اللُّقَيْمِيُّ - مَثَلاً، لا العامُّ الذي هو البُرُّ.
6-أجْمَعَ العلماءُ على تحريمِ التفاضُلِ في جنسٍ واحدٍ من هذهِ الأجناسِ الستَّةِ التي نَصَّ عليها حديثُ عُبادَةَ بنِ الصامِتِ.
7-أجْمَعَ العُلماءُ على جوازِ التفاضُلِ بينَ جِنْسيْنِ إذا بِيعَ أحدُهما بالآخَرِ، بشَرْطِ التقابُضِ في المَجْلِسِ؛ لقولِه: ((فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَداً بيَدٍ)).
8- يُرادُ بمَجْلِسِ العَقْدِ مكانُ التبايُعِ، سواءٌ كانا جالسَيْنِ، أو مَاشِيَيْنِ، أو رَاكِبَيْنِ، ويُرادُ بالتَّفَرُّقِ ما يَعُدُّهُ الناسُ تَفَرُّقانِ عُرْفاً بينَ الناسِ.
9-إذا كانَ المَبِيعانِ من جِنْسٍ واحدٍ فلا بُدَّ مِن تَحَقُّقِ التماثُلِ بالمِعْيارِ الشَّرْعِيِّ، وهو الكَيْلُ في الحُبوبِ والثِّمارِ والمائعاتِ.
فلا يَصِحُّ بَيْعُ رَطْبِهِ بيَابِسِه، ولا بَيْعُ نَيِّئِه بمَطْبُوخِه، ولا بَيْعُ حَبِّه بدَقِيقِه، ونحوُ ذلك مِمَّا يَحصُلُ معَه اختلافُ الصفاتِ التي لا يَنْضَبِطُ معَها التماثُلُ بينَ المَبِيعَيْنِ الرَّبَوِيَّيْنِ، إذا كانَا= من جِنْسٍ واحدٍ.
قالَ الوَزِيرُ: اتَّفَقوا على أنَّه لا يُباعُ مَوْزونٌ بجِنْسِه إلاَّ وَزْناً، ولا مَكِيلٌ بجِنْسِه إِلاَّ كَيْلاً، لعَدَمِ تَحَقُّقِ التماثُلِ بغَيْرِ مِعْيارِه الشرعيِّ، فأمَّا ما لا يَتَهَيَّأُ فيهِ الكَيْلُ - كالتُّمُورِ التي تغشاها المِياهُ - فالوَزْنُ.
قالَ الشيخُ مُحمدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشَّيخِ: التَّمْرُ المَكْنُوزُ فهذا لا يُمْكِنُ بَيعُه بالكيلِ، فيُعْتَبَرُ بالوزنِ.
10-قالَ شيخُ الإسلامِ: الأَظهَرُ أنَّ عِلَّةَ الرِّبا في الذَّهَبِ والفِضَّةِ هي الثَّمَنِيَّةُ، لا الوَزْنُ، كما قالَه جُمهورُ العُلماءِ.
وقالَ مجلسُ هَيْئَةِ كِبارِ العُلماءِ في قَرَارِهم:
إنَّ القولَ باعتبارِ مُطْلَقِ الثَّمَنِيَّةِ عِلَّةً في جَرَيانِ الرِّبا في النقْدَيْنِ هو الأَظْهَرُ دَلِيلاً، والأقْرَبُ إلى مَقاصِدِ الشريعةِ، وهو إِحْدَى الرواياتِ عن الأئمَّةِ: مَالِكٍ، وأبي حنيفةَ، وأحمدَ، كما هو اختيارُ بعضِ المُحقِّقينَ من أهلِ العِلْمِ؛ كشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ، وتَلْمِيذِه ابنِ القَيِّمِ وغَيْرِهما.
وإنَّ مَجْلِسَ المجمعِ الفِقْهيِّ برَابِطَةِ العَالَمِ الإسلاميِّ فِي قرارِه رَقْمِ ( 6 ) في 10/4/1402هـ بعدَ المُناقَشَةِ في مَوْضوعِ العُمْلةِ الوَرَقِيَّةِ، قَرَّرَ مَا يَلِي:
بناءً على أنَّ الأصلَ في النقْدِ هو الذَّهَبُ والفِضَّةُ، وبِنَاءً على أنَّ عِلَّةَ جَرَيانِ الرِّبَا فيهما هي مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ، في أصَحِّ الأقوالِ عندَ فُقهاءِ الشريعةِ، وبما أنَّ الثَّمَنِيَّةَ لا تَقْتَصِرُ عندَ الفُقهاءِ على الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وإنْ كانَ مَعْدِنُهما هو الأَصْلَ، وبما أنَّ العُمْلَةَ الوَرَقِيَّةَ قَدْ أصْبَحَتْ ثَمَناً، وقَامَتْ مَقامَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ في التعامُلِ بها، وبها تقومُ الأشياءُ في هذا العَصْرِ؛ لاختفاءِ التعامُلِ بالذهَبِ والفِضَّةِ، ويَحْصُلُ الوَفاءُ والإِبْراءُ بها، رَغْمَ أنَّ قِيمَتَها ليسَتْ في ذاتِها، وإِنَّما في أمْرٍ خَارِجٍ عنها، وحَيْثُ إِنَّ التحقيقَ في عِلَّةِ جَرَيانِ الرِّبا في الذَّهَبِ والفِضَّةِ هو مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ، وهو مُتَحَقِّقٌ في العُملةِ الورقيَّةِ، لذلك كُلِّه فإنَّ مَجْلِسَ مجمعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ يُقَرِّرُ: أنَّ العُمْلَةَ الوَرَقِيَّةَ نَقْدٌ قَائِمٌ بذَاتِه، له حُكْمُ النقدَيْنِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، فتَجِبُ الزَّكَاةُ فيها.
ويَجْرِي الرِّبا عليها بنَوعَيْهِ؛ فَضْلاً ونَساءً، كما يَجْرِي ذلكَ بالنقدَيْنِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ تَماماً باعتبارِ الثَّمَنِيَّةِ في العُملةِ الوَرَقِيَّةِ قِياساً عليها، وبذلك تَأْخُذُ العُملةُ الوَرَقِيَّةُ أحْكامَ النُّقودِ في كلِّ الالتزاماتِ التي تَفرِضُها الشريعةُ فيها، ولا مُعَوِّلَ عليه، وأصبحَتْ الثَّمَنِيَّةُ هي العِلَّةُ في كلِّ عُملةٍ نقديَّةٍ من أيِّ نَوْعٍ تَكُونُ.

قَرارُ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ بشأنِ تِجارَةِ الذَّهَبِ
الحُلولُ الشرعيَّةُ لاجتماعِ الصَّرْفِ والحِوالَةِ:
قرارٌ رقْمُ ( 84 ):
إِنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ المُنْعَقِدِ في دَوْرَةِ مُؤْتَمَرِه التاسِعِ بـ( أبو ظَبْيٍ ) بدولةِ الإماراتِ العربيةِ المُتَّحدةِ، من 1-6 ذي القَعْدةِ 1415هـ، الموافقِ 1-6 نيسانَ ( أَبْرِيلَ ) 1995م.
بعدَ اطِّلاعِه على البُحوثِ الواردةِ إلى المَجْمَعِ بخُصوصِ مَوْضوعِ: تِجَارَةِ الذَّهَبِ، الحُلولِ الشرعيَّةِ لاجتماعِ الصَّرْفِ والحوالةِ.
وبعدَ استماعِه إلى المناقشاتِ التي دَارَتْ حَوْلَه.
قَرَّرَ ما يلي:
أوَّلاً: بشَأْنِ تِجَارَةِ الذَّهَبِ:
( أ ) يَجُوزُ شِراءُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ بالشِّيكاتِ المُصَدَّقَةِ، على أنْ يَتِمَّ التقابُضُ بالمَجْلِسِ.
( ب ) تَأْكِيدُ ما ذهَبَ إليهِ عامَّةُ الفُقهاءِ مِن عَدَمِ جَوازِ مُبادَلَةِ الذَّهَبِ المَصُوغِ بذَهَبٍ مَصُوغٍ أكْثَرَ مِقْداراً منه؛ لأنَّه العِبْرَةُ في مُبادَلَةِ الذهَبِ بالذَّهَبِ بالجَوْدَةِ أو الصياغةِ، لذا يَرَى المَجْمَعُ عَدَمَ الحاجةِ للنظَرِ في هذه المسألةِ؛ مُراعاةً لكونِ هذه المسألةِ لَمْ يَبْقَ لها مَجالٌ في التطبيقِ العَمَلِيِّ، لعَدَمِ التعامُلِ بالعُملاتِ الذَّهَبِيَّةِ بعدَ حُلولِ العُملاتِ الوَرَقِيَّةِ مَحَلَّها، وهي إذا قُوبِلَتْ بالذَّهَبِ تُعْتَبَرُ جِنْساً آخَرَ.
( ج ) تَجوزُ المُبادَلَةُ بينَ مقدارٍ من الذهَبِ، ومقدارٍ آخَرَ أقَلَّ منه، مضمومٍ إليه جِنْسٌ آخَرُ، وذلك على اعتبارِ أنَّ الزيادةَ في أحَدِ العِوَضَيْنِ مُقابَلَةٌ بالجِنْسِ الآخَرِ في العِوَضِ الثاني.
( د ) بما أنَّ المَسائِلَ التاليةِ تَحتاجُ إلى مَزيدٍ من التصَوُّراتِ والبُحوثِ الفَنِّيَّةِ والشرعيَّةِ عنها، فقَدْ أُرْجِئَ اتخاذُ قَراراتٍ فيها، بعدَ إثباتِ البياناتِ التي يَقَعُ بها التمييزُ بينَها، وهي:
-شِراءُ أسْهُمِ شَركةٍ تَعْمَلُ في استخراجِ الذَّهَبِ أو الفِضَّةِ.
ملُّكُ وتمليكُ الذهَبِ من خلالِ تسليمِ وتَسَلُّمِ شهاداتٍ تُمَثِّلُ مَقادِيرَ مُعَيَّنَةً منه مَوْجودةً في خزائِنِ مَصْدَرِ الشهاداتِ، بحيثُ يُتَمَكَّنُ بها من الحُصولِ على الذَّهَبِ أو التصَرُّفِ فيه متَى شاءَ.

ثانياً: بشأنِ الحلولِ الشرعيَّةِ لاجتماعِ الصرفِ والحوالةِ:
( أ ) الحِوالاتُ التي تُقَدَّمُ مَبالِغُها بعُملةٍ ما، ويَرْغَبُ طالبُها تحويلَها بنَفْسِ العُملةِ جَائِزَةٌ شَرْعاً، سَواءٌ كانَ بدُونِ مُقابِلٍ، أم بمُقابِلٍ في حدودِ الأجْرِ الفِعْلِيِّ، فإذا كانَتْ بدونِ مُقابِلٍ فهي من قَبِيلِ الحوالةِ المُطْلَقةِ عندَ مَن لم يَشْترطْ مَدْيُونِيَّةَ المُحالِ إليه، وهم الحَنَفِيَّةُ، وهي عندَ غيرِهم سُفْتَجةٌ، وهي إعطاءُ شَخْصٍ مَالاً لآخَرَ لتَوْفِيَتِهِ للمُعْطِي، أو لوَكِيلِه في بَلَدٍ آخَرَ، وإذا كانَتْ بمُقابِلٍ، فهي وَكالَةٌ بأجْرٍ، وإذا كانَ القَائِمُونَ بتنفيذِ الحوالاتِ يَعْملونَ لعمومِ الناسِ، فإِنَّهم ضَامِنونَ للمبالغِ؛ جَرْياً على تَضْمينِ الأجيرِ المُشْتَرِكِ.
( ب ) إذا كانَ المَطْلُوبُ في الحِوالةِ دَفْعَها بعُملةٍ مُغايِرَةٍ للمبالغِ المُقَدَّمَةِ من طالبِها، فإنَّ العَمَلِيَّةَ تَتَكوَّنُ من صرفٍ وحِوالةٍ بالمَعْنَى المشارِ إليه في الفِقْرَةِ ( أ ).
وتَجْرِي عَمَلِيَّةُ الصرفِ قبلَ التحويلِ، وذلكَ بتسليمِ العميلِ المَبْلَغَ للبنكِ، وتَقْيِيدِ البنكِ له في دَفاتِرِه بعدَ الاتفاقِ على سِعْرِ الصرفِ المُثْبَتِ في المستندِ المُسَلَّمِ للعميلِ، ثم تَجْرِي الحوالةُ بالمعنَى المُشارِ إليه. واللَّهُ أعْلَمُ.
11-الوَرَقُ النَّقْدِيُّ:
بعدَ أنْ عَلِمْنَا أنَّ العِلَّةَ الرَّبَوِيَّةَ للنقدَيْنِ؛ الذهبِ والفِضَّةِ هي الثَّمِنيَّةُ، فقدْ قرَّرتِ المجامعُ الفِقْهيَّةُ أنَّ العِلَّةَ في الوَرَقِ النقديِّ هي ( الثَّمَنِيَّةُ ). قالَتْ هَيْئَةُ كِبَارِ العُلماءِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ في قرارِها رَقْمِ ( 10 ): إنَّ " الوَرَقَ النَّقْدَ " يُعْتَبَرُ نَقْداً قَائِماً بذاتِه؛ كقيامِ النقدَيْنِ في الذَّهَبِ والفِضَّةِ وغيرِهما من الأثمانِ، وأنَّه أجناسٌ تَتعدَّدُ بتَعَدُّدِ جهاتِ الإصدارِ، بمعنَى أنَّ الوَرَقَ النَّقْدِيَّ السعوديَّ جِنْسٌ، وأنَّ الوَرَقَ النَّقْدِيَّ الأمريكيَّ جِنْسٌ، وهكذا كلُّ عُمْلَةٍ ورَقِيَّةٍ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ بذاتِه، وأنَّه يَترَتَّبُ على ذلكَ الأحكامُ الشرعيَّةُ الآتيةُ:
أولا: جَرَيانُ الرِّبا بنوعَيْهِ فيها، كما يَجْرِي بنَوْعَيْهِ في النقدَيْنِ؛ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وهذا يَقْتَضِي ما يلي:
( أ ) لا يَجوزُ بيعُ الجِنْسِ الواحدِ منهُ بَعْضِهِ ببَعْضٍ، أو بغيرِه من الأجناسِ النَّقْدِيَّةِ الأُخْرَى من ذَهَبٍ، أو فِضَّةٍ، أو غيرِهما نَسِيئةً مُطْلقاً، فلا يَجُوزُ مَثَلاً بَيْعُ الدُّولارِ الأمريكيِّ بخَمْسَةِ أَرْيِلَةٍ سُعودِيَّةٍ، أو أقَلَّ أو أكْثَرَ نَسِيئةً.
( ب ) لا يَجوزُ بَيْعُ الجِنْسِ الوَاحِدِ منه بعضِهِ ببَعْضٍ مُتفاضِلاً، سَواءٌ كانَ ذلك نَسِيئةً أو يَداً بيَدٍ، فلا يَجوزُ مَثَلاً بَيْعُ عَشَرَةِ أَرْيِلةٍ سُعودِيَّةٍ وَرَقٍ، بأحَدَ عَشَرَ رِيالاً وَرَقاً.
( ج ) يَجوزُ بَيْعُ بعضِه ببعضٍ عن غيرِ جِنْسِه مُطْلقاً، إذا كانَ ذلك يَداً بيَدٍ، فيَجوزُ بَيْعُ اللِّيرَةِ السُّورِيَّةِ أو اللُّبْنانيَّةِ برِيالٍ سُعودِيٍّ وَرَقاً أو فِضَّةً، أو أقَلَّ من ذلك أو أكْثَرَ، وبَيْعُ الدُّولارِ الأمْرِيكيِّ بثَلاثَةِ أريلةٍ سُعوديةٍ أو أقلَّ أو أكثرَ، إذا كانَ يَداً بيَدٍ.
ومِثْلُ ذلك كُلِّه في الجوازِ بَيْعُ الريالِ السعوديِّ الفِضَّةِ بثلاثةِ أريلةٍ سُعوديَّ‍ةٍ وَرَقٍ أو أقَلَّ أو أكثرَ يداً بيَدٍ؛ لأنَّ ذلك يُعْتَبَرُ بيعَ جِنْسٍ بغَيْرِ جِنْسِه، وإنَّما لمُجرَّدِ الاشتراكِ في الاسْمِ معَ اختلافِ الحَقِيقَةِ.
وما قَرَّرَهُ هَيئَةُ كِبارِ العُلماءِ هو ما قَرَّرَه المجمعُ الفقهيُّ الإسلاميُّ برابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ، ثم قَرَّرَه مَجْمَعُ الفِقْهِ الإسلاميِّ المُنْبَثِقُ عن مُنَظَّمَةِ المُؤْتَمَرِ الإسلاميِّ بجُدَّةَ، فلا حاجةَ إلى التطويلِ بنَقْلِ قَرارَيْهما.
12-قالَ ابنُ القَيِّمِ: ويَجوزُ بَيْعُ المَصُوغِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ بجِنْسِه من غَيْرِ اشتراطِ التماثُلِ، ويُجعَلُ الزائِدُ في مُقابَلَةِ الصَّنْعَةِ.
أمَّا مجلسُ هيئةِ كبارِ العلماءِ فأصْدَرُوا قراراً بعَدَمِ جوازِ بيعِ المَصُوغِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ بجِنْسِه مُتفاضِلاً لأجْلِ الصَّنْعَةِ في أحَدِ العِوَضيْنِ، وهذا هو ما يُفهَمُ من عُمومِ الأحاديثِ.

خِلافُ العُلماءِ:
أجْمَعَ العُلماءُ على جَرَيانِ الرِّبا بالأجناسِ السِّتَّةِ المذكورةِ في حديثِ عُبادَةَ؛ لوُجودِ النصِّ الصحيحِ الصريحِ، واخْتَلفوا فيما عداها: هل يَجْرِي فيها الرِّبا أم لا؟
فذَهَبَ الظاهِرِيَّةُ إلى قَصْرِ الرِّبا على هذهِ الأجناسِ السِّتَّةِ، وأنَّه لا يَتَعَدَّاها إلى غيرِها؛ لنَفْيِهِم القياسَ.
أمَّا جُمهورُ العلماءِ القائلينَ بالقياسِ فقَدْ عَدَّوُا الحُكْمَ إلى غيرِها من الأشياءِ.
واختلفوا في الأشياءِ التي تَلْحَقُ بالأجناسِ، وذلك تَبَعاً لاختلافِهم في العِلَّةِ الرَّبَويَّةِ.
فمَن قالَ: إِنَّ العِلَّةَ هي الكيلُ والوَزْنُ. قالَ: إِنَّ الرِّبا يَجْرِي في كلِّ مَكِيلٍ ومَوْزونٍ مُطْلقاً، ولو لَمْ يَكُنْ مَطْعوماً.
ومَن قالَ: إِنَّ العِلَّةَ معَ الكيلِ أو الوَزْنِ هو الطُّعْمُ، جَعَلَ الرِّبا في المَكِيلاتِ والمَوْزوناتِ إذا كانَتْ مِن المَطْعوماتِ.
والراجِحُ: أنَّ عِلَّةَ الرِّبا تَتعدَّى ولا تَقْتَصِرُ على السِّتَّةِ المَنْصوصِ عليها، فأمَّا النقدانِ فالعِلَّةُ فيهما الثَّمَنِيَّةُ، فكُلُّ ما أُعِدَّ نَقْداً من أيِّ نوعٍ فعِلَّةُ الرِّبا فيه الثَّمَنِيَّةُ.
وأمَّا الأربعةُ الباقيةُ فالعِلَّةُ فيها هي مَجموعُ الكيلِ أو الوزنِ معَ الطُّعْمِ، فكُلُّ مَكِيلٍ أو مَوْزونٍ لا يُطْعَمُ فلا يَدْخُلُه الرِّبا.
وكلُّ مَطْعُومٍ لا يُكالُ ولا يُوزَنُ لا يَدْخُلُه الرِّبا، فإذا اجْتَمَعَ الكَيْلُ معَ الطُّعْمِ أو الوَزْنِ معَ الطُّعْمِ، فهنا عِلَّةُ الرِّبا، فإنَّ الوَزْنَ والكيلَ جاءَ ذِكْرُهما في حديثِ أَنَسٍ عندَ الدَّارَقُطْنِيِّ ( 3/18 ) أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالَ: ((مَا وُزِنَ مِثْلاً بمِثْلٍ، ومَا كِيلَ فمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ))، وجاءَ الطُّعْمُ فيما رَواهُ مُسْلِمٌ ( 1592 ) عن مَعْمَ‍رِ بنِ عبدِ اللَّهِ: " أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ الطعامِ إلاَّ مِثْلاً بمِثْلٍ ".
وبهذا القَوْلِ تَجْتَمِعُ الأدِلَّةُ في هذهِ المَسْأَلَةِ، ويُقَيَّدُ كُلُّ حَدِيثٍ منها بالآخَرِ.
وهذا القولُ هو مَذْهَبُ الإمامِ مَالِكٍ، وروايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، وهي مَذْهَبُ الشافعِيِّ في القديمِ، واختارَها المُوَفَّقُ ابنُ قُدامَةَ، وصَاحِبُ ( الشَّرْحِ الكَبيرِ)، وشيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ.
قالَ في ( المُغْنِي): الحاصِلُ أنَّ الأُمورَ ثلاثةٌ:
1-أنَّ ما اجْتَمَعَ فيهِ الكَيْلُ أو الوزنُ والطُّعْمُ من جِنْسٍ وَاحِدٍ ففيهِ الرِّبا رِوايةً وَاحِدَةً؛ كالأُرْزِ والدُّهْنِ.
وهذا قَوْلُ عُلماءِ الأمصارِ في القَديمِ والحديثِ.
2-وما عُدِمَ فيهِ الكيلُ والوزنُ والطُّعْمُ واخْتَلَفَ جِنْسُه، فلا رِبَا فيه، رِوايَةً وَاحِدَةً، وهو قَوْلُ أكْثَرِ العُلماءِ، وذلك كالتِّبْنِ والنَّوَى.
3-وما وُجِدَ فيهِ الطُّعْمُ وَحْدَه، أو الكيلُ والوَزْنُ من جِنْسٍ، ففيهِ روايتانِ:
الأولى: حِلُّه إنْ شاءَ اللَّهُ، إذْ لَيْسَ في تحريمِه دليلٌ مَوْثوقٌ فيه. اهـ
والصحيحُ ما تَقَدَّمَ من أنَّ الرِّبا هو فيما اجْتَمَعَ فيهِ الكَيْلُ أو الوَزْنُ معَ الطُّعْمِ، فإنْ عُدِمَ هذانِ القيدانِ أو عُدِمَ أحدُهما فلا رِبَا، واللَّهُ أعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الربا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir