دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الآخرة 1431هـ/8-06-2010م, 03:59 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 96: قصيدة بشر بن أبي خازم: عَفَتْ مِنْ سلَيمى رامة فكَثيبها = وشطتْ بِها عنك النوى وشعوبها

قال بشر بن أبي خازم:

عَفَتْ مِنْ سُلَيْمَى رَامَةٌ فَكَثِيبُهَا = وشَطَّتْ بِهَا عنكَ النَّوَى وشُعُوبُهَا
وغَيَّرها ما غَيَّرَ النَّاسَ قَبْلَها = فَبانَتْ وحاجاتُ الفُؤَادِ تُصِيبُهَا
ألَمْ يَأْتِها أَنَّ الدُّمُوعَ نَطَافَةٌ = لِعَيْنٍ يُوَافِي في المَنَام حَبِيبُهَا
تَحَدُّرَ ماءِ الغَرْب عَن جُرَشِيَّةً = عَلَى جِرْبَةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُهَا
بِغَرْبٍ ومَرْبُوعٍ وعَوْدٍ تُقِيمُهُ = مَحَالةُ خُطَّافٍ تَصِرُّ ثُقُوبُهَا
مُعَالِيَةً لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ = وحَرَّةُ لَيْلَى السَّهلُ منْها ولُوبُهَا
رَأَتنِي كأُفْحُوصِ القَطَاةِ ذُؤَابَتِي = وما مَسَّها مِن مُنْعِمٍ يَسْتَثِيبُها
أَجَبْنا بَنِي سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ إِذْ دَعوْا = وللهِ مَوْلَى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها
وكنَّا إِذا قُلْنا: هَوازِنُ أَقْبِلي = إِلى الرُّشْدِ، لم يَأْتِ السَّدادَ خَطيبُها
عَطَفْنَا لَهُمْ عَطْفَ الضَّرُوسِ مِنَ المَلا = َبِشَهْباءَ لا يَمْشي الضَّرَاءَ رَقِيبُها
فلَمَّا رَأَوْنا بالنِّسَارِ كأَنَّنا = نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيَّجَتْها جَنُوبُها
فكانُوا كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذْ غَلَتْ = أَتُنْزِلُها مَذْمومَةً أَمْ تُذِيبُهَا
قَطَعْناهُمُ فبِاليمَامَةِ فِرْقَةٌ = وأُخْرَى بأَوْطاسٍ تَهِرُّ كَلِيبُهَا
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها = على كلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عُكُوبُها
لَحَوْ ناهُمُ لَحْوَ العِصِيّ فأَصْبَحوا = على آلَةٍ يَشكُو الهَوانَ حَريبُها
لَدُنْ غُدْوَةً حتي أَتى اللَّيْلُ دونَهُمْ = وأَدرَكَ جَرْيَ المُبقِيات لُغوبُها
جَعلْنَ قُشَيْراً غايةً يُهْتَدَى بها = كَما مَدَّ أَشْطَانَ الدِّلاءِ قَلِيبُهَا
إِذا ما لَحِقْنا مِنهُمُ بِكَتيبَةٍ = تُذُكِّرَ مِنها ذَحْلُها وذُنوبُها
بَنِي عامِرٍ إِنَّا تَركْنا نِساءَكمْ = مِنَ الشَّلِّ والإِيجافِ تَدْمَى عُجوبُها
عَضَارِيطُنا مُسْتَبْطِنو البِيضِ كالدُّمَى = مُضَرَّجَةً بالزَّعْفرانِ جُيُوبُهَا
تَبِيتُ النِّساءُ المُرْضِعاتُ برَهْوَةٍ = تَفَزَّعُ من خَوْفِ الجَنانِ قُلوبُهَا
دَعُوا مَنْبِتَ السَّيفَيْن إِنَّهُما لَنا = إِذا مُضَرُ الْحَمراءُ شُبَّتْ حُرُوبُها


  #2  
قديم 7 رجب 1432هـ/8-06-2011م, 08:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

96


وقال بشر بن أبي خازم*


1: عفت من سليمى رامة فكثيبها = وشطت بها عنك النوى وشعوبها
2: وغيرها ما غير الناس قبلها = فبانت وحاجات الفؤاد تصيبها
3: ألم يأتها أن الدموع نطافة = لعين يوافي في المنام حبيبها
4: تحدر ماء الغرب عن جرشية = على جربة تعلو الدبار غروبها
5: بغرب ومربوع وعود تقيمه = محالة خطاف تصر ثقوبها
6: معالية لا هم إلا محجر = وحرة ليلى السهل منها ولوبها
7: رأتني كأفحوص القطاة ذؤابتي = وما مسها من منعم يستثيبها
8: أجبنا بني سعد بن ضبة إذ دعوا = ولله مولى دعوة لا يجيبها
9: وكنا إذا قلنا: هوازن أقبلي = إلى الرشد، لم يأت السداد خطيبها
10: عطفنا لهم عطف الضروس من الملا = بشهباء لا يمشي الضراء رقيبها
11: فلما رأونا بالنسار كأننا = نشاص الثريا هيجتها جنوبها
12: فكانوا كذات القدر لم تدر إذ غلت = أتنزلها مذمومة أم تذيبها
13: قطعناهم فباليمامة فرقة = وأخرى بأوطاس تهر كليبها
14: نقلناهم نقل الكلاب جراءها = على كل معلوب يثور عكوبها
15: لحوناهم لحو العصي فأصبحوا = على آلة يشكو الهوان حريبها
16: لدن غدوة حتى أتى الليل دونهم = وأدرك جري المبقيات لغوبها
17: جعلن قشيرا غاية يهتدى بها = كما مد أشطان الدلاء قليبها
18: إذا ما لحقنا منهم بكتيبة = تذكر منها ذحلها وذنوبها
19: بني عامر إنا تركنا نساءكم = من الشل والإيجاف تدمى عجوبها
20: عضاريطنا مستبطنو البيض كالدمى = مضرجة بالزعفران جيوبها
21: تبيت النساء المرضعات برهوة = تفزع من خوف الجنان قلوبها
22: دعوا منبت السيفين إنهما لنا = إذا مضر الحمراء شبت حروبها


*ترجمته: هو بشر بن أبي خازم بن عمرو بن عوف بن حميري بن ناشرة بن أسامة بن والبة بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار شاعر فارس فحل جاهلي قديم، شهد حرب أسد وطيء وشهد هو وابنه نوفل بن بشر الحلف بينهما وكان بشر في أول أمره يهجو أوس بن حارثة بن لأم الطائي، وذكر أمه في بعض هجوه، فأسرته بنو نبهان من طيء فركب أوس إليهم فاستوهبه منهم وكان قد نذر ليحرقنه إن قدر عليه فقالت له أمه سعدى: قبح الله رأيك، أكرم الرجل وخل عنه، فإنه لا يمحو ما قال غير لسانه! ففعل، فجعل بشر مكان كل قصيدة هجاء قصيدة مدح له وكان بشر أغار في مقنب من قومه على الأبناء من بين صعصعة بن معاوية وكل بني صعصعة إلا عامر بن صعصعة يدعون الأبناء، وهم وائلة ومازن وسلول فلما جالت الخيل مر بشر بغلام من بني وائلة فقال له بشر: أستأسر، فقال له الوائلي: لتذهبن أو لأرشقنك بسهم من كنانتي، فأبى بشر إلا أسره، فرماه بسهم على ثندوته، فاعتنق بشر فرسه وأخذ الغلام فأوثقه فلما كان في الليل أطلقه بشر من وثاقه وخلى سبيله وقال: أعلم قومك أنك قتلت بشرا وقد رثى بشر نفسه بقصيدة رائعة 20 بيتا في منتهى الطلب 1: 159 -160 يقول فيها:
فإن أباك قد لاقى غلاما.......من الأبناء يلتهب التهابا
وإن الوائلي أصاب قلبي.......بسهم لم يكن نكسا لغابا
فرجى الخير وانتظري إيابي.......إذا ما القارظ العنزي آبا
وهذا الغلام هو عبس (أو عمرو) بن حذار، يكنى أبا أبي، ويدعى ذا العنق، وكان شجاعا. و"أبو خازم" بالخاء والزاء المعجمتين، ويرسم في كثير من الكتب بالحاء من غير نقط، وهو تصحيف.
جو القصيدة: قالها بشر، يسجل بها ما كان في يوم النسار وكان من أمر هذا اليوم أن بني ضبة حالفت بني أسد على بني تميم وكان معهم في الحلف طيء وعدي وكانت ضبة أصابت من بني تميم نفرا فهربت إلى بني أسد فحالفوهم على أن يقاتلوا العرب ثلاث سنين معهم. فلما بلغ بني تميم حلف ضبة بعثت إلى بني عامر بالنسار، والنسار أجبل متجاورة، فحالفوهم وقالت بنو أسد لضبة: بادروا بني عامر بالنسار قبل أن تصير إليهم بنو تميم ففعلوا، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة فناشدتهم بنو عامر وقالوا: هذه أموالنا نشاطركم، فرضوا بذلك وكفوا عنهم وشاطروهم وانظر تفصيل الخبر عن يوم النسار في الشرح 363-371 والنقائض 238-245، 790، 1064-1067 والعقد 3: 107 وابن الأثير 1: 258-259 والعمدة 2: 199 وقد جرى بشر في هذه القصيدة على عادة بعض القدماء، من بدء القصيدة بذكر أطلال الحبيبة ثم شبه دموعه الساكبة بما يتحدر من الدلو العظيمة، ونعت الدلو وما يحيط بها ثم وصف رحلتها والنية التي انتوتها، وتحدث عن صلعه. ثم ساق إلى وجه القصيدة، وهو الحديث عن يوم النسار، وما كان فيه من فتك بالأعداء، وتشتيت لشملهم، وإلحاق الهون بهم، وأن الذحول والأوتار كانت تحفز همم قومه وتذكي عزائمهم في استئصال العدو وتحدث أيضا عما لحق نساء الأعداء من فزع وسبي واسترقاق وطالب العدو في آخر بيت أن يتركوا لهم سيفي البحر ويجلوا عنهما.
تخريجها: منتهى الطلب 1: 158-159 عدا البيت 9 والبيت 7 في الفصول والغايات 404 والأبيات 8-10، 17، 16، 13، 15، 19، 20 في النقائض 243-245 والبيت 10 في الكنز اللغوي 95 والبيت 15 في النقائض 240 والبيت 21 في جمهرة ابن دريد 2: 422 وهو أيضا في اللسان 19: 61 ولم ينسبه وانظر الشرح 640-648.
(1) عفت: درست رامة: بلد شطت: بعدت النوى: نية السفر الشعوب: جمع شعب، وهو القبيلة أو البلد الذي شعب إليه أي: ذهب.
(2) تصيبها: تريدها، من قول الله عز وجل: {رخاء حيث أصاب} أي حيث أراد، قال الأصمعي: ومنه قولهم أصاب الصواب فأخطأ الجواب، أي أراد الصواب وانظر تفسير الطبري 23: 103-104 والبحر 7: 398.
(3) نطافة: بكسر النون، سائلة، نطف الشيء إذا سال ونطافة، بفتحها: مفسدة وقرح لكثرة دموعها.
(4) الجرشية: ناقة منسوبة إلى جرش وهي أرض باليمن، وأهلها يستقون على الإبل الجربة: المزرعة الدبار: جمع دبرة، وهي القطعة من المزرعة. الغروب: جمع غرب، وهو الدلو الضخمة شبه تحدر دموعه بتحدر ماء على جربة من غروب يستقى عليها.
(5) المربوع: حبل فتل على أربع قوى العود: البعير المسن، وقال الطوسي: العود: المعترض المحور، وهذا المعنى ليس في المعاجم المحالة: البكرة. الخطاف: الحديد الذي في جانبيها.
(6) معالية: يريد أنها تقصد العالية، رجع إلى ذكر المرأة، أي شطت معالية. لا هم: أي لا هم لها محجر، بفتح الجيم وكسرها: موضع اللوب: جمع لوبة، وهي الحرة، وهي اللابة أيضا وجمعها لاب.
(7) يريد أنه صلع حتى صار رأسه كأفحوص القطاة، وذلك أنها تفحص الأرض فتبيض فيقول: لم يكن ذهاب شعري لأني أسرت فجزت ناصيتي على طلب الثواب، وكذلك كانوا يفعلون، إذا أسر أحدهم رجلا شريفا جز رأسه، أو فارسا جز ناصيته، وأخذ من كنانته سهما ليفخر بذلك.
(8) مولى دعوة: أي صاحب دعوة لا يجيب إذا دعي قال "لله" وهو ههنا ذم، كما تقول "لله أنت ألا أجبت" قال ابن الأعرابي: دعت يال خندف فأجبتها بأسد، وهذا يوم النسار.
(9) السداد، بفتح السين: القصد والصواب في الأمر.
(10) أي عطفنا لهم بمكروه وشر الضروس ههنا: الحرب الشديدة. وهو تمثيل بالناقة السيئة الخلق. الملا، مقصور: الصحراء. الشهباء: الكتيبة التي علتها ألوان الحديد. الضراء: ما واراك من شجر، وفلان يمشي الضراء: إذا مشى مستخفيا فيه الرقيب: الناظر يقول لا نختل ولكنا نجاهر.
(11) النسار: موضع نشاص الثريا: ما ارتفع من السحاب بنوئها، شبه الكتيبة في كثرتها بهذا السحاب جنوبها: الهاء ترجع على الثريا، فإذا كان مع السحاب ريح كان أكثر له، لأن الجنوب تؤلب السحاب.
(12) فكانوا: الفاء زائدة كما تزاد الواو، قال أبو عبيدة: يقولون "والسلام عليكم" يقول: لما لقيناهم سقط في أيديهم فعجزوا وانهزموا شبههم بامرأة نصبت قدرها لسلء سمنها فأقبل نازل فروأت في أمرها أتتم نضج قدرها فتقري منها ضيفها أم تنزلها فتفسد عليها ولا يرضاها ضيفها، فأي الأمرين فعلت فهو شاق عليها.
(13) اليمامة وأوطاس: موضعان. كليب: جمع كلب. أي يهرون مثل هرير الكلاب.
(14) نقلناهم: خافوا حربنا فانتقلوا من بلدهم الجراء: جمع جرو المعلوب: الطريق الموطوء المعبد. العكوب: الغبار، وأنث الضمير لتأنيث الطريق، وترك لفظ "معلوب"
(15) اللحو: قشر العود، يريد أخذنا جميع مالهم. الآلة: الحالة الحريب: الذي سلب ماله. وصدر البيت في النقائض *أضر بهم حصن بن بدر فأصبحوا*
(16) أي: قتلناهم من الغدوة إلى الليل المبقيات: اللاتي تبقي بعض جريها تدخره اللغوب: الإعياء وانظر 2: 5 و105: 24
(17) جعلن: يعني خيل بني أسد، جعلت همها بني قشير، إذ كانت الحرب من أجلهم، وكانوا آخر الناس. الأشطان: الحبال الطويلة. القليب: البئر يقول: قصدنا إليهم لا نلتوي يمينا ولا شمالا كما مد الحبل.
(18) المعنى أنه إذا ذكرت الذحول، وهي الثارات، كان أشد للقتال.
(19) الشل: الطرد. الإيجاف: السير الشديد العجوب: جمع عجب، بسكون الجيم، وهو آخر العصعص. يريد أنهن حملن على غير وطاء وأسرع بهن السير فدمين لذلك.
(20) العضاريط: التباع والأجراء. البيض: أراد النساء من أعدائه، وهو بالجر على الإضافة، وبالنصب مفعول "مستبطنو" وحذف النون منها في النصب كحذفها في الإضافة، وانظر شرح الأشموني على الألفية في باب الإضافة، وانظر أيضا ما مضى 81: 3.
(21) الرهوة: ما ارتفع من الأرض وما انخفض، أي فررن فاستترن فيما انخفض، أو من أفلت منهن علا شرفا لينظر من شدة الحذر. الجنان: القلب.
(22) السيفين: يعني سيفي البحر، والسيف بالكسر الساحل وسميت "مضر الحمراء" لقبة من أدم وهبها نزار لمضر.


  #3  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 09:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال بشر بن أبي خازم

1: عفت من سليمى رامة فكثيبها.......وشطت بها عنك النوى وشعوبها
قال الطوسي: (عفت): درست تعفو عفاء: وعفا الرجل عن أخيه يعفو عفوا: وعفا شعره كثر: وعفاه الناس أتوه طالبين لنواله واعتفوه أيضا. و(رامة) بلد (وشطت) بعدت تشط شطا: قال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة
تشط غدًا دار جيراننا.......وللدار بعد غدٍ أبعد
و(النوى) وجهك الذي تريده والنية مثله، و(الشعوب) جمع شعب ويقال ما أدري أين شعب أي أين ذهب، قال: وقال ابن الأعرابي شعبه أي قبيله، وشعبه أيضًا بلده الذي شعب إليه، وشعبته شعوب أي: أهلكته المنية وهي لا تنصرف والمنية تدعى الشعوب ولا تجرى للتأنيث.
2: وغيرها ما غير الناس قبلها.......فبانت وحاجات الفؤاد تصيبها
(تصيبها): تريدها من قول الله عز وجل: {رخاءً حيث أصاب}، أي: حيث أراد، قال الأصمعي: ومنه قولهم: أصاب الصواب فأخطأ الجواب، أي أراد الصواب. هذا تفسير الضبي، قال الطوسي: ويروى: (وحاجات الفؤاد) تنوبها ومعناه تكلف بها وتسعى لها.
3: ألم يأتها أن الدموع نطافة.......لعينٍ يوافي في المنام حبيبها
قال الضبي: (نطافة) سائلة وقد نطف الشيء إذا سال ورواها بكسر النون، وروى الطوسي بفتح النون وقال: نطافة مفسدة وقرح لكثرة دموعها وقد نطفت تنطف نطافة وبعير نطف ورجل نطف إذا كان به جرح قال: ومن هذا قول الآخر:
يا من لعينٍ لا تني تهماعا.......قد ترك الدمع بها دماعا
(الدماع): سمة فيقول قد ترك الدمع بها قرحًا في مجاريه.
4: تحدر ماء البئر عن جرشيةٍ.......على جربةٍ تعلو الدبار غروبها
شبه (تحدر) دموعه بتحدر ماءٍ على جربةٍ من غروبٍ يستقى عليها و(الجرشية) ناقة منسوبة إلى جرش وجرش أرض باليمن والجربة القراح ويقال البستان هذا قول الضبي. وقال الطوسي: قال ابن الأعرابي: (الجربة) والدبرة والمشارة واحد. وقال الأخفش عبد الله بن محمد أبو محمد: (الجربة) خصفةٍ أو بارية تجعل على شفير البئر لأن لا يعمل الماء فيه حكى ذلك عن بعض العرب. وقال ابن الأعرابي: غروبها مياهها ويقال دلاؤها الواحد غرب.
5: بغربٍ ومربوعٍ وعودٍ تقيمه.......محالة خطافٍ تصر ثقوبها
قال الضبي: (الغرب) الدلو الضخمة. و(المربوع): حبل فتل على أربع قوى، و(العود): البعير المسن. و(المحالة): البكرة سميت بذلك لأنها تحيل الماء أي: تصبه، أحلت الماء في الحوض أي: صببته وقال الطوسي: (المحالة) البكرة نفسها و(الخطاف) الحديد الذي في جانبيها، و(العود): المعترض المحور. وهذا قول ابن الأعرابي و(ثقوبها) جحرتها والواحد ثقب. والقوى: طاقات الحبل كل طاقةٍ قوة.
6: معاليةٍ لا هم إلا محجر.......وحرة ليلى السهل منها ولوبها
قال الضبي: (معاليةٍ) يريد إنها تقصد العالية. و(محجر) موضع. و(الحرة) أرض تلبس حجارةٍ. و(اللوب) جمع لوبة واللوبة الحرة وهي اللابة أيضًا. فمن قال لوبة جمعها لوبًا ومن قال لابة جمعها لابًا، ومنه قولهم لوبي ونوبي من السواد. ويروى (محجر) بفتح الجيم وبكسرها. ويروى فلوبها بالفاء. وقال: رجع إلى ذكر المرأة أي: شطت معالية ينصبها على الحال. وقال ابن الأعرابي: كل جبلٍ محجرٍ بالرمل فهو محجر.
7: رأتني كأفحوص القطاة ذؤابتي.......وما مسها من منعمٍ يستثيبها
قال الضبي: يريد أنه صلع حتى صار رأسه كأفحوص القطاة، وذلك أنها تفحص الأرض فتبيض على غير عشٍ فيقول لم يكن ذهاب شعري لأني أسرت فجزت ناصيتي على طلب الثواب وكذلك كانوا يفعلون إذا أسر أحدهم رجلاً شريفًا جز رأسه أو فارسًا جز ناصيته وأخذ من كنانته سهمًا ليفخر بذلك واحتج بقول الحطيئة:
قد ناضلوك فسلوا من كنانتهم.......مجدًا تليدًا ونبلاً غير أنكاس
هذا قول الضبي. وقال الطوسي: يقال إن القطاة تجيء إلى موضعٍ لينٍ من الأرض فتملسه ثم تدير حوله ترابًا فشبه صلعه بأفحوص القطا وقال الآخر:
رأيتكم لا تستثيبون نعمةً.......وغيركم من ذي يدٍ يستثيبها
هذا يذم يقول ليس لكم يد ترجون عليها الثواب.
8: أجبنا بني سعد بن ضبة إذ دعوا.......ولله مولى دعوةٍ لا يجيبها
قال الطوسي: قوله (مولى دعوةٍ) أي صاحب دعوةٍ لا يجيب إذا دعي. قال لله وهو ههنا ذم كما تقول، لله أنت ألا أجبت. قال ابن الأعرابي: دعت يال خندف فأجبتها بأسدٍ، قال: وهذا يوم النسار، وقال أحمد بن عبيد: هذا أول يومٍ تخندفت فيه خندف أي: قيل فيه يال خندف.
9: وكنا إذا قلنا هوازن أقبلي.......إلى الرشد لم يأت السداد خطيبها
قال علي بن عبد الله: (السداد) القصد والصواب في الأمر منصوبة السين، وقولهم في هذا سداد من عوزٍ مكسورة السين وكذلك سداد القارورة.
10: عطفنا لهم عطف الضروس من الملا.......بشهباء لا يمشي الضراء رقيبها
قال الضبي: أي عطفنا لهم بمكروهٍ وشر. و(الضروس) ههنا الحرب الشديدة وهو تمثيل بالناقة السيئة الخلق.
و(الضراء) ما ورأك من شجر والخمر ما ورأك من شجرٍ وغيره. و(الشهباء): الكتيبة البيضاء من كثرة الحديد.
وقوله (لا يمشي الضراء رقيبها)، أي: هي عزيزة لا تحتاج إلى أن تختل، كما قال النابغة:
لا يخفض الرز عن أرضٍ ألم بها.......ولا يضل على مصباحه الساري
هذا تفسير الضبي. وقال الطوسي: (عطفنا لهم) أي: عطفنا عليهم، قال: وقال ابن الأعرابي: (الضروس) الناقة التي تعض حالبها، وقال غيره: التي معها ولدها، فإذا دنا منها دانٍ عضته، والملا الصحراء يكتب بالألف مقصورًا.
و(الشهباء): الكتيبة التي علتها ألوان الحديد. و(الرقيب): الناظر. يقول لا نختل ولكنا نجاهر، قال: وقال أبو عبيدة الضراء كل شيء استترت به والخمر كذلك كل شيء تخمرت به وسترك.
11: فلما رأونا بالنسار كأننا.......نشاص الثريا هيجتها جنوبها
قال الضبي: (النسار) موضع. و(نشاص الثريا) ما ارتفع من السحاب بنوئها، شبه الكتيبة في كثرتها بهذا السحاب، قال الأصمعي: كل ما ارتفع فقد نشص. ومنه قولهم نشصت ثنيتا فلانٍ إذا ارتفعتا عن مركب الأسنان. وقوله (هيجتها جنوبها) الهاء ترجع على الثريا، فإذا كان مع السحاب ريح كان أكثر له لأن الجنوب تؤلب السحاب. وقال الطوسي (النشاص) سحاب ترتفع له رؤوس من نواحي السماء ينشأ بنوء الثريا. قال: وقال أبو عبيدة: (النشاص) والنشاص سحاب كثير مطبق ويقال نشص إذا مضى وذهب.
12: فكانوا كذات القدر لم تدر إذ غلت.......أتنزلها مذمومةً أم تذيبها
قال الضبي: يقول لما رأونا تحيروا فلم يدروا ما يصنعون، وأصل ذلك أن امرأةً كانت تسلأ قدرًا فرأت راكبًا مقبلاً فجعلت تفكر أتترك القدر فتحترق أو تنزلها فترفعها قبل أن تنضج فتفسدها. قال ويقال لم تدر هذه المرأة أتغرف للناس من قدرها فتطعمهم فذلك إذابتها إياها إذا فرقتها أم ترفعها مذمومةً لم تطعم منها أحدًا. قال الطوسي: ويروى كانوا بغير فاء، قال: وقال أبو عبيدة: كذا ينشد الحاذق منهم.
وقال يقولون والسلام عليكم يريدون السلام عليكم، قال: وإنما أراد كسالئةٍ ارتجنت عليها زبدتها، فإن أذابتها لم تصلح وإن أنزلتها فهو شر فقد فسدت. قال: وقال ابن الأعرابي: هذا يقوله في يوم النسار لبني عامر، يقول لما لقيناهم سقط في أيديهم فلم يقدروا على القتال ولم يكن لهم بنا يد فانهزموا فشبههم بامرأة نصبت قدرها لسلء سمنها فأقبل نازل فروأت في أمرها أتتم نضج قدرها فتقري منها ضيفها أم تنزلها فتفسد عليها ولا يرضاها ضيفها، فأي الأمرين فعلت فهو شاق عليها، فيقول فأولئك حين لقيناهم كهذه المرأة، قال: وأما الأخفش أبو محمد فقال: اختلط عليهم أمرهم وتقطع كهذه القدر التي ارتجنت: قال والاتجان أن صاحبة القدر إذا نصبتها فإذ رسخت الزبدة في أصل قدرها ولم ترتفع فإن السمن يذوب ويرتفع فإن أصابها حر النار فارتفعت الزبدة حتى تصير في أعالي القدر فإنها تتقطع وتفسد فيقول: ارتجنت القدر بما فيها، وهذا مثل للقوم واختلاط أمرهم عليهم.
13: قطعناهم فباليمامة فرقة.......وأخرى بأوطاسٍ تهر كليبها
روى الطوسي قطعة.
14: نقلناهم نقل الكلاب جراءها.......على كل معلوبٍ يثور عكوبها
روى أبو عكرمة (يثور) بالراء وقال الطوسي: يثوب بالباء وقال الطوسي: خافوا حربنا فانتقلوا من بلدهم وجلوا عنها، قال: وقال ابن الأعرابي: (المعلوب): الطريق الموطوء المعبد فهو بين الأثر من وطء الناس كالعلب في الوجه وأنشد لبعض بني أسدٍ:
وقحم القوم طريق أملس.......عاري الجآجي علب موعس
قوله قحم أراد أن ينزلوا به فوجدوه جدبا فمضوا إلى منزلٍ غيره، والطريق هو الذي قحمهم من منزل إلى منزل كأنهم أرادوا أن يسيروا عشرين فرسخًا فلم يجدوا خصبًا إلا بعد ثلاثين فرسخًا فمضوا ومنه إقحام البعير من سنٍ إلى سنٍ كما قال ذو الرمة:
أو مقحم أضعف الإبطان حادجه.......بالأمس فاستأخر العدلان والقتب
وأنث عكوبها لتأنيث الطريق وترك لفظ معلوب. و(العكوب): الغبار، هذا تفسير الطوسي، وقال الطوسي في البيت الأول: تهر كليبها أي: يهرون مثل هرير الكلاب. قال: وأوطاس موضع. قال: و(معلوب) طريق قد أثر بجانبيه وأصل العلب الأثر يقال قد علبه علبًا إذا أثر به. قال: وقوله (نقل الكلاب جراءها) أي كنا مقتدرين عليهم وكانوا لنا أذلاء بهذه المنزلة نصرفهم كيف نشاء.
15: لحوناهم لحو العصي فأصبحوا.......على آلةٍ يشكو الهوان حريبها
قال الضبي: (الآلة) الحالة. و(اللحو): قشر العود. أي: فعلنا بهم مثل ذلك أي أخذنا جميع مالهم، وقال الطوسي: يقول أذللناهم وقشرناهم لحو العصي، وكل من آتيت إليه مكروهًا أو بالغت في أساءته وسبه فقد لحوته ولحيته، قال أبو الحسن: وأنشدنا ابن الأعرابي:
لحوت شماسًا كما تلحى العصي.......سبًا لوأن السب يدمي لدمي
16: لدن غدوةً حتى أتى الليل دونهم.......وأدرك جري المبقيات لغوبها
قال الضبي: أي قتلناهم من الغدوة إلى الليل، و(المبقيات) ذوات الجري. ويروى: المنقيات وهن ذوات النقي وهو المخ. قال الطوسي: (المبقيات) وقال ابن الأعرابي التي على العدو، و(اللغوب): الإعياء وقد لغب يلغب لغوبًا.
وهو قريب من قول الآخر:
فأدرك إبقاء العرادة ظلعها.......وقد جعلتني من حزيمة إصبعا
7: جعلن قشيرًا غايةً يهتدى بها.......كما مد أشطان الدلاء قلبيها
قال الضبي: يقول جعلناهم غايةً في الشر، ويقال (الغاية) ههنا الراية أي: قصدناهم كأنهم راية يقصد إليها. قال الطوسي: يعني خيل بني أسدٍ وذلك أن قشيرًا كانت آخر الناس فأرادهم بنو أسد وصمدوا صمدهم فجعلوا كلما أرادوا أن يصلوا إلى قشير حيل بينهم وبين ذلك. ورواها أحمد بن عبيد: (تهتدي بها). يعني جعلت خيل حية تهتدي بها تطلبها. يقول يقاتلونهم ولا هم لهم إلا قشير فجعلت الخيل قشيرًا غايةً تؤمها وتريدها كأنها لهم علم. قوله كما مد يقول قصدنا إليهم لا نلتوي يمينًا ولا شمالاً كما مد الحبل وإنما خص قشيرًا لأن الحرب كانت من أجلهم وقال الآخر:
ناط أمر الضعاف واجتعل الليـ.......ـل كحبل العادية ممدود
18: إذا ما لحقنا منهم بكتيبةٍ.......تذكر منها ذحلها وذنوبها
قال الضبي: المعنى أنه إذا ذكرت الذحول كان أشد للقتال، قال: ومثله قول الآخر في عجز بيتٍ: خفضوا أسنتهم فكل ناعيٍ
أي يطعنون ويقولون وا فلاناه. قال الطوسي قوله (بكتيبةٍ) قال ومثل هذا كثير يقول إذا لحقناهم تذكرنا ما آتوا إلينا من ذحلٍ أو ذنبٍ فبالغنا في العقوبة. و(الكتيبة): الجماعة تكتبوا تجمعوا.
19: بني عامرٍ إنا تركنا نساءكم.......من الشل والإيجاف تدمى عجوبها
قال الضبي: (الشل): الطرد. و(الإيجاف): سير شديد، يقال أوجف إيجافًا، قال: وقال الأصمعي: يكون الإيجاف على الخيل وعلى الإبل جميعًا. قال الله عز وجل: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ}، والعجب آخر العصعص، يريد أنهن حملن على غير وطاءٍ وأغذ بهن في السير فدمين لذلك، قال الطوسي: الشل: الطرد، قال: و(الإيجاف): السير الشديد. وقوله: (تدمى عجوبها) يقول حملناهن على أقتابٍ غليظةٍ خشنةٍ فأدمت عجوبها. وإنما أراد أعجازها.
20: عضاريطنا مستبطنو البيض كالدمى.......مضرجةٍ بالزعفران جيوبها
قال الضبي: يروى (البيض) نصبًا وخفضًا. قال: و(العضاريط): التباع والأجراء. ورواها الطوسي: عضاريطنا البيض الكواعب كالدمى، واحدهم (عضروط) وعضروط وإنما أراد ههنا النساء، يقول هن خدمنا، و(الدمى): التماثيل جمع دميةٍ شبه النساء بهن في الحسن. وأنشدني أحمد بن عبيد قال هذا مثله للفرذدق:
يحصن عنهن الهذيل فراشه.......وهن لخدام الهذيل براذغ
21: تبيت النساء المرضعات برهوةٍ.......تفزع من خوف الجنان قلوبها
قال الضبي: قال أبو عبيدة: (الرهوة) ما ارتفع من الأرض وما انخفض وهو ههنا ما انخفض أي فررن فاستترن. قال: وقال الأصمعي: (الرهوة) ههنا ما ارتفع من الأرض، أي من أفلت من نسائهم علا شرفًا لينظر من شدة الحذر.
وقال الطوسي: قال ابن الأعرابي في قوله: (تبيت النساء المرضعات برهوة)، يقول: هن مع الرجال سبايا، قال: وقال ابن الأعرابي: لا يكون القلب جنانًا إلا وهو مرعوب، قال: ويقال الجنان كل ما ستر عنك شيئًا فهو جنان وكل ما سترته فهو جنان.
22: دعوا منبت السفين إنهما لنا.......إذا مضر الحمراء شبت حروبها
قال الضبي: قال الأصمعي: يعني سيفي البحر. قال: وسميت مضر الحمراء لقبةً من أدمٍ وهبها نزار لمضر.
ورواها الطوسي دعوا منبت الشيقين وقال: قال ابن الأعرابي: هما واديان وقال غير ابن الأعرابي: هما جبلان.
[شرح المفضليات: 640-648]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
96, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir