اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى سلمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ورد في حديث النبي في رسالة هرقل: ((فإن توليت فإنّ عليك إثم الأريسيين)) ).
فضيلة الشيخ ما معنى: «عليك إثم الاريسيين»؟
|
اختلف في المراد بالأريسيين في هذا الحديث على أقوال أشهرها أربعة أقوال:
القول الأول: هم الأكّارون والفلاحون، وهذا كان وصف لعامّة من كان في مملكة هرقل وسلطانه.
قال النووي: (وهذا القول هو الصحيح وقد جاء مصرحا به في رواية رويناها في كتاب دلائل النبوة للبيهقي وفي غيره: "فإن عليك إثم الأكَّارين" وفي رواية ذكرها أبو عبيد في كتاب الأموال: "وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام"، وفي رواية بن وهب: "وإثمهم عليك"
قال أبو عبيد: ليس المراد بالفلاحين الزراعين خاصة؛ بل المراد بهم جميع أهل مملكته).
ومما يشهد لذلك ما ذكره ابن الملقّن في التوضيح أن معاوية رضي الله عنه كتب إلى الطاغية ملك الروم لما بلغه أنه يريد قصد بلاد الشام أيام صفين: تالله لئن هممت على ما بلغني، وذكر كلامًا، ثم قَالَ: ولأردنك أريسًا من الأراسة ترعى الدوائل. يعني: ذكور الخنازير.
والقول الثاني: أنهم طائفة منسوبة لعبد الله بن أريس ، رجل كان معظما عند النصارى في الزمان الأول وتنتسب إليه طائفة عريضة منهم، وأن عامة من كان من رعايا هرقل هم من هذه الطائفة.
والقول الثالث: أن الأريسيين هم الرؤساء والمتبوعون، وهذا القول نقله ثعلب عن ابن الأعرابي، وقال به جماعة من أهل اللغة، حيث ذهبوا إلى أن الكلمة عربية أصيلة، وأنها مشتقة من الأرس، يقال: أرس ورأس بمعنى واحد، وأن الأريس هو الأمير.
وقال كراع النمل فيما نقله ابن سيده: الإرّيس هو الأمير، والمؤرَّس هو الذي يستعمله الأمير.
وقال ابن الأعرابي: (أَرس يأرِس أَرْساً: إِذا صَار أَرِيساً، والأريس: الأكّار، وأرَّسَ يؤرِّس تأريساً: إِذا صَار أَكّاراً، وجمعُ الأَرِيس أَرِيْسُون، وَجمع الإرِّيس إِرِّيسُون وأرارِسة).
والقول الرابع: أن الأريسيين من المجوس، واختلف في مناسبة ذكرهم في الحديث، فقال أبو منصور الأزهري: ( أحسِبُ الأَرِيسَ والإرِّيسَ بِمَعْنى الأكّار من كَلَام أهلِ الشَّام، وَكَانَ أهلُ السّواد وَمَا صاقَبَها أهلَ فلاحة وإثارَة للأرَضين، وهم رَعِيَّةُ كِسرَى، وَكَانَ أهلُ الرُّوم أهلَ أَثاث وصَنْعَة، وَيَقُولُونَ للمجوسيّ: أَرِيسيٌّ، يُنسَب إِلَى الأرِيس وَهُوَ الأكّار، وَكَانَت الْعَرَب تسمِّيهم الفلاّحين، فأَعلَمَهم النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّهم وَإِن كَانُوا أهلَ كتاب فإنّ عَلَيْهِم من الْإِثْم إِن لم يُؤمنُوا بِمَا أُنْزِل عَلَيْهِ مثل إِثْم المَجوس والفلاّحين الّذين لَا كِتَاب لَهُم. وَالله أعلم).
وقيل: إنما ذكروا لأنهم كانوا كالمستخدمين لدى الروم في عهد هرقل، فنصّ على أنّ عليه إثمهم لأنهم من جملة رعاياه وإن كانوا من الفرس.
والمعتمد هو القول الأول ، والله تعالى أعلم.