دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > لامية العرب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:57 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي أعجب العجب لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


وليلةِ نَحْسٍ يَصْطَلِي القَوْسَ رَبُّها = وأَقْطُعَه اللاتِي بها يَتَنَبَّلُ

النَّحْسُ ضِدُّ السعْدِ، والنحْسُ الْبَرْدُ، وله أَرادَ ههنا.
والاصطلاءُ أنْ تُقَاسِيَ حَرَّ النارِ وشِدَّتَها، يُقالُ: اصْطَلَيْتُ بالنارِ, وتَصلَّيْتُ بها، قالَ أبو زُبيدٍ:

وقد تَصَلَّيْتُ حَرَّ حَرْبِهم كما = تَصَلَّى المقرورُ مِن قَرْسِ

والقَرْسُ البَرْدُ.
ورَبُّها صاحِبُها، والأَقْطُعُ جمعُ قِطْعٍ، وهو نَصْلٌ قصيرٌ عَريضُ السهْمِ، يُريدُ أنه يَصطلِي القَوسَ والسهامَ لشِدَّةِ البَرْدِ, ويَتَنَبَّلُ أي: يَرْمِي بها.
وليلةِ نَحْسٍ, الواوُ واوُ "رُبَّ"، و"رُبَّ" بعدَها مُضمَرَةٌ، والجارُّ بها دونَ الواوِ، لأنَّ الواوَ للعطْفِ، وهي غيرُ مُخْتَصَّةٍ بموْضِعٍ، بل تكونُ في الأسماءِ والأفعالِ والحروفِ، وما لا يَخْتَصُّ لا يَعملُ إلا إذا كان نائباً غيرَ مُخْتَصٍّ لا يَظهرُ معه, قولاً واحداً، مثلُ واوِ القسمِ, فإنها لا تَدخلُ على الباءِ أَصْلاً, ولذلك لم تَعملْ حروفُ العطفِ؛ لأنَّ العاملَ يَظهَرُ معها، والواوُ تَدخلُ على "رُبَّ" مع أنها عاطفةٌ، ويَصطلِي نَعْتٌ لـ "ليلةِ" أيْ: مُصْطَلًى فيها، وأَقْطُعُه معطوفٌ على القوسِ، و"اللاتي" صِفةٌ لأَقْطُعَ، و"بها" يَتعلَّقُ بـ "يَتَنَبَّلُ".
دَعَسْتُ على غَطْشٍ وبَغْشٍ وصُحْبَتِي سُعارٌ وإِرْزِيزٌ ووَجْرٌ وأَفْكَلُ
الدَّعْسُ الطعْنُ والوَطْءُ، والغطْشُ الظُّلمةُ، والبَغْشُ الْمَطَرُ الخفيفُ، وهو فَوْقَ الطَّشِّ، والسُّعارُ بالضمِّ حَرُّ النارِ وشِدَّةُ الجوعِ، ومُرادُه حَرٌّ عظيمٌ مِن شِدَّةِ الْجُوعِ، يُشْبِهُ حَرَّ النارِ.
والإرزيزُ البَرْدُ، والوجْرُ الخوفُ، وقد رُوِيَ: وَجْزٌ. وقِيلَ: هو الْخَوفُ أيضاً، والأَفْكَلُ الرِّعْدَةُ، على وزْنِ أَفعَلَ.
دَعَسْتُ جَوابُ رُبَّ في البيتِ قَبْلَه، ومَوْضِعُ "وليلةِ نَحْسٍ" نَصْبٌ بـ "دَعَسْتُ" أيْ: دَعَسْتُ في ليلةِ نَحسٍ، ويَجوزُ أنْ يكونَ "دَعَسْتُ" صِفةً لـ "ليلةِ"، أيْ مدعوسٌ فيها، ويكونُ العاملُ في "رُبَّ" محذوفاً وتقديرُه: تَعَمَّدْتُ الدعْسَ في ليلةِ نَحْسٍ، وعلى غطْشٍ موضِعُه حالٌ، أيْ داخلاً في ظلمةٍ ومَطَرٍ، وصُحبتي مُبتدأٌ, وسُعارٌ خبرُه، والجملةُ حالٌ، أيْ مُسْتَصْحِباً، وصاحبُ الحالِ الضميرُ في "دَعَسْتُ".

فأَيَّمْتُ نِسواناً وأَيْتَمْتُ إِلْدَةً = وعُدْتُ كما أَبْدَأْتُ والليلُ أَلْيَلُ

الأَيِّمُ مَن لا زَوْجَ له مِن الرجالِ والنساءِ، أيْ: تَركتُهم بلا أَزواجٍ, واليُتْمُ الانفرادُ, وهو في الناسِ مِن قِبَلِ الأبِ، وفي البهائمِ مِن قِبَلِ الأُمِّ، أي تَركتُ الأولادَ بلا آباءٍ، وإِلدةٌ عبارةٌ عن الأولادِ، وأَلْيَلُ أيْ: مُظْلِمٌ.
الفاءُ عاطفةٌ على دَعَسْتُ، وإلدةٌ هَمْزَتُها بدَلٌ مِن الواوِ، لأنها مِن الولَدِ والوِلادةُ، والكافُ في "كما" صِفةٌ لمصدَرٍ محذوفٍ, تَقديرُه: وَعُدْتُ عَوْدًا مُشْبِهاً، و"ما" مَصدريَّةٌ، أيْ كإبدائِي، والليلُ أَلْيَلُ، جُملةٌ مِن مُبتدأٍ وخبَرٍ، وهي حالٌ، وصاحبُ الحالِ الضميرُ في "عُدْتُ"، أيْ عُدْتُ مُلْيِلاً, وجاءَ بـ "أليلُ" للمبالَغَةِ.

وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُيمصاءِ جَالِساً = فَريقانِ مَسؤولٌ وآخَرُ يَسألُ

الغُميصاءُ موْضِعٌ بنَجْدٍ, والْجَلْسُ اسمٌ لنَجْدٍ، يُقالُ: جَلَسَ الرجُلُ، إذا أتى نَجْداً، فهو جالِسٌ، كما يُقالُ: أَتْهَمَ, إذا أَتى تِهامةَ، وقالَ الشاعرُ:

قُلْ للفَرزدقِ والسفاهةُ كاسْمِها = إنْ كنتَ تاركَ ما أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ

أَصْبَحَ تُستعملُ ناقصةً وتامَّةً، والوَجهانِ هنا مُحتمِلانِ، أمَّا كونُها تامَّةً، فيَحْتَمِلُ أنه أَخْبَرَ عن الفريقينِ، بأنهما دَخَلاَ الصباحَ في هذه الحالِ، وفريقانِ العاملُ، و"جالساً" حالٌ، والغُميصاءُ حالٌ مِن الضميرِ في "جالساً" أيْ: أَصْبَحَ جالساً وهو بالغُميصاءِ، والوجهُ الآخَرُ أنْ تكونَ ناقصةً، وفريقانِ اسْمُها، و"جالساً" خبَرُها، والواجبُ أنْ يُطابِقَ الخبرُ الاسمَ في التثنيةِ والجمْعِ، ولكنِ اكتَفَى بالواحدِ عن الاثنينِ، وقد جاءَ ذلك, فمِنه قولُ الشاعرِ:

وكأنَّ في العَينينِ حَبَّ قُرُنْفُلٍ = أو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانْهَلَّتِ

فأَفْرَدَ "كُحِلَتْ"، وهو يُريدُ: كُحِلَتَا, وكذلك: فانْهَلَّتِ، أيْ: فانْهَلَّتَا.
وكذلك قولُ الآخَرِ:
لِمَنْ زُحلوفةٌ زَلُّ بها العَينانِ تَنْهَلُّ
أيْ: تَنْهَلاَّنِ. ففَعَلَ فيه كما تَقدَّمَ.
وأمَّا "عَنِّي" فالعامِلُ فيها فعْلٌ محذوفٌ يُفَسِّرُه "يَسألُ"، تَقديرُه: أَصْبَحَ يَسألُ عَنِّي فريقانِ، والداعي إلى هذا التقديرِ: أنْ يَسألَ، ومَسؤولٌ صفةٌ لـ "فريقانِ"، فلو أَعْمَلَ واحداً منهما في "عني" لأُعْمِلَتِ الصفةُ فيما قَبْلَها، ولا تَعْمَلُ فيما قَبْلَها، لأنها نازِلةٌ مَنزلةَ الصلةِ مع الموصولِ، وكما أنَّ الصلةَ لا تَعملُ في الموصولِ ولا فيما قبلَه، فكذلك الصفةُ؛ لأنَّ ما في حَيِّزِ الصفةِ كالصِّلَةِ، والصفةُ مع الموصوفِ بمنزلةِ الاسمِ الواحدِ، ويَجوزُ أنْ يكونَ "عني" صِفةً لجالِسٍ، أيْ بَعيداً مجاوزًا لي، فَلَمَّا قُدِّمَ صارَ حالاً، ويَجوزُ على هذا أنْ يكونَ متَعَلِّقاً بـ "جالساً"، وبالغُميصاءِ ظرْفٌ، العاملُ فيه "جالِساً"، أي" "جالساً" في الغُميصاءِ، ولا يَعملُ فيه ما هو صفةٌ لـ "فريقانِ"؛ لِمَا ذَكَرْنَا قبلُ، ويَجوزُ أنْ يكونَ خبرُ "أَصْبَحَ" "فَريقانِ"، أيْ مُسْتَقِرِّينَ بالغُميصاءِ، فعلى هذا يكونُ "جالساً" حالاً مِن ضميرِ الاستقرارِ، ولم تُثَنَّ الحالُ لِمَا ذَكَرْنَا قبلُ مِن الاكتفاءِ بالواحدِ عن التثنيةِ، ويَجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِن "فريقانِ"؛ لأنه وإن كان نَكرةً فقد وُصِفَ، ويَجوزُ أنْ يكونَ "جالساً" صفةً لـ "فَريقانِ"، وإنما أُفْرِدَ لِمَا تَقَدَّمَ، فلَمَّا قَدَّمَ "جالساً" نُصِبَ على الحالِ، ومسؤولٌ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أيْ أحَدُهما مسؤولٌ والآخَرُ يَسألُ، قالَ شيخُنا مُحِبُّ الدِّينِ ـ أثابَه اللهُ الجنَّةَ ـ: الْجَيِّدُ أنْ يُقَدَّرَ ههنا مبتدأٌ، ومسؤولٌ وآخَرُ يَسأل ُخبرُه، ويكونُ التقديرُ: هما، وعندَ الأخفَشِ, أنَّ الظرْفَ يَعْمَلُ الرفعَ في الاسمِ الذي بعدَه، كما يَعْمَلُه الفعلُ في الفاعلِ، سواءٌ اعتمَدَ على ما قبلَه أو لم يَعتمدْ، إلا أنه إذا اعتمَدَ كان موضعَ اتفاقٍ، وههنا وافَقَ الأخفَشُ على أنَّ الظرْفَ وهو بالغُميصاء، لا يكونُ رافعاً لـ "فريقانِ"؛ لأنَّ "أَصْبَحَ" يَقتضِي اسماً مرفوعاً وخبراً منصوباً، فإذا رَفعتَ "فريقانِ"، تَعَرَّى "أَصبحَ" عن معمولٍ، وهو خَرْقُ القاعدةِ، فلذلك وافَقَ هنا.

فقَالُوا لقد هَرَّتْ بليلٍ كلابُنا = فقُلنا أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُلُ

هريرُ الكلبِ صوتُه دُونَ نُباحِه مِن قِلَّةِ صَبْرِه على البَرْدِ. وهَرَّ الكلْبُ يَهِرُّ هَريراً. قالَ الشاعِرُ يَصِفُ شِدَّةَ البَرْدِ:

إذا كَبَدَ النجْمُ السماءَ بشَتْوَةٍ = على حينَ هَرَّ الكلْبُ والثلْجُ خاشِفُ

والْخَشْفَةُ الْحِسُّ والحركةُ، وخَشَفَ الثلْجُ، وذلك في شِدَّةِ البَرْدِ، تَسمعُ خَشْفَةً عندَ المشْيِ عليه، ونَصَبَ حينَ لأنه جَعَلَ "على" فَضلةً زائدةً.
والعَسُّ الطوافُ بالليلِ، وعَسَّ الكلبُ إذا طافَ فطَلَبَ، والفُرْعُلُ ولَدُ الضَّبُعِ، وفي الْمَثَلِ (أَغْزَلُ مِن فُرْعُلٍ) وهو مِن الغَزَلِ والْمُرَاوَدَةِ.
والفاءُ في "فقالوا" رابطةٌ لِمَا بعدَها بما قَبْلَها، واللامُ في "لقد" جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ، أيْ: واللهِ لقد، وبِليلٍ ظرْفٌ لِـ "هَرَّتْ"، ويَجوزُ جعْلُه حالاً مِن "كلابُنا"، وموضِعُ هذه الْجُملةِ وما يَتعلَّقُ بها نصْبٌ بـ "قالوا"؛ لأنه المفعولُ، وهي جُملةٌ مَحكيَّةٌ، وأَذِئْبٌ يَجوزُ أنْ يكونَ خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ، أي العاسُّ، و"عَسَّ" على هذا صفةُ ذِئْبٍ، أي عاسٌّ، ويَجوزُ أنْ يكونَ مَرفوعاً بفعْلٍ يُفَسِّرُه "عَسَّ"، أيْ: عَسَّ ذِئبٌ، ومتى كان الاسمُ مَرفوعاً وَحُكِمَ بأنه فاعلٌ لفعْلٍ محذوفٍ، كانَ الفعْلُ واقِعاً بعدَ الاسمِ المفَسِّرِ للفعْلِ المحذوفِ، مِن جِنسِ المفَسَّرِ و"عَسَّ" الذي بعدَ أَذِئْبٌ لا مَوْضِعَ له، وهو المحذوفُ، وأمْ هي المعادِلَةُ هَمزةَ الاستفهامِ متَّصِلَةٌ؛ لأنه يَصِحُّ أنْ تُقَدَّرَ بـ (أَيُّهما) فيُقالُ: أيُّهما عَسَّ، كما إذا قُلتَ: أَزيدٌ عندَك أمْ عمرٌو، أيْ أيُّهما عندَك، وإنما كان كذلك لأنَّ (أيَّهما) اسمٌ مُفْرَدٌ، فإذا كان خَبَرُها مُتَّحِداً، جازَ, لا أنْ يكونَ مُخْتَلِفاً بجَرٍّ, كما إذا قُلتَ: أَزَيْدٌ في الدارِ أمْ عمرٌو في السوقِ؟ لأنه لا يَصِحُّ تقديرُ: أيُّهما عندَك، وقيلَ: بل هي منْقَطِعَةٌ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِن الاسمينِ، وهما ذِئبٌ وفُرعُلٌ قد اختَصَّ بِخَيَرٍ أُسْنِدَ إليه، وما بعدَ "فقلتا" نَصْبٌ به لأنه مَحْكِيٌّ.
فلم تَكُ إلا نَبأةٌ ثم هَوَّمَتْ = فقُلنا قَطاةٌ رِيعَ أمْ رِيعَ أَجدَلُ
النَّبْأَةُ: صوتٌ, أيْ: ما كان إلا صوتٌ ثم نامَتْ؛ لأنَّ التهويمَ هو النومُ، يُقالُ: هَوَّمَتْ أي نامَتْ، رِيعَ أيْ أُفْزِعَ، والأجْدَلُ الصقْرُ.
والمعنى أنه لم يُوجَدْ مِن الكلابِ إلا صوتٌ, فزَالَ نَوْمِي كما يَزولُ نومُ القَطاةِ والأَجْدَلُ بأَدْنَى حركةٍ أو صوتٍ.
و"لم" جازِمَةٌ لـ "تَكُ"، والأصْلُ "تكونُ"، فحُذِفَتْ حركةُ النونِ بالجازِمِ، فلَمَّا سَكَنَتِ النونُ حُذِفَتِ الواوُ لسكونِها وسكونِ النونِ بعدَها، وكانَ حذْفُ الواوِ أَوْلَى؛ لأنه حرْفُ عِلَّةٍ، ثم حُذِفَتِ النونُ لكثرةِ الاستعمالِ لهذه الكلمةِ، ولا يُقاسُ عليه مِثلُ: يَمُونُ ويَهونُ، ويَصونُ، ونظائرُه، لكثرةِ الاستعمالِ لـ "كانَ"، وكانَ هنا تامَّةٌ لأنها بمعنى الوِجدانِ، ونَبأةٌ فاعلُها، و"إلا" غيرُ عاملةٍ هنا في اللفْظِ، وإنما أَثَّرَتْ في المعنى لأنها نَفَتْ النفيَ المتقَدِّمَ، و"ثم" عاطفةٌ للجملةِ التي بعدَها على الجملةِ التي قبلَها، وليستْ عاطفةً لِـ "هَوَّمَتْ" على نفْسِ "تَكُنْ"؛ لأنه يُؤَدِّي إلى نَفْيِ التهويمِ، ومرادُ الشاعرِ إثباتُه، وقَطاةٌ خبرُ مُبتدأٍ, أيْ: أَهَذِه قَطاةٌ، ورِيعَ صِفةٌ لقطاةٍ أيْ: مَروعةٌ، وقيلَ: قَطاةٌ مُبتدأٌ، ورِيعَ خبرُه، وفيه بُعدٌ، لكونِ المبتدأِ نَكرةً ولم يَقْوَ بشيءٍ، كالمواضِعِ التي يُبْتَدَأُ بالنَّكِرَاتِ فيها، وتَرْكُ التأنيثِ في "رِيعَ" شاذٌّ مُخَالِفٌ للقياسِ, إذ القياسُ يَقتضِي عندَ تَقَدُّمِ الاسمِ على الفعلِ إلحاقَ التاءِ على الفعْلِ، كقولِك: هندٌ قامَتْ، وزينبُ أَقْبَلَتْ، وقد جاءَ مِن ذلك شاذًّا:
فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ولا أرْضٌ أَبْقَلَ أبقالَها
فلم يُلْحِقِ التاءَ في "أَبْقَلَ".
وقيلَ: إنَّ القَطاةَ طائرٌ، والطائرُ اسمُ جِنْسٍ، فلم يُلْحِقِ التاءَ حَمْلاً على الجنْسِ، والهمزةُ مقَدَّرَةٌ في أوَّلِ قَطاةٍ، أيْ أَقطاةٌ، ودَلَّ على صِحَّةِ هذا التقديرِ قولُه: أمْ رِيعَ أَجْدَلُ، والكلامُ في "أَمْ" هذه كالكلامِ في "أم" الْمُقَدَّمَةِ.
فإنْ يَكُ مِن جِنٍّ لَأَبْرَحُ طَارِقاً = وإنْ يكُ إنساً مَاكَهَا الإنْسُ تَفعلُ
الْبَرْحُ الشدَّةُ، قالَ الشاعرُ:
أَجَدِّكَ هذا عَمْرَك اللهَ كلما = دَعاكَ الهَوَى بَرْحٌ لعينيك بارِحُ
"إنْ" شَرطيَّةٌ، و"يَكُ" تَقَدَّمَ الكلامُ عليها، واسْمُها مضمَرٌ فيها. أيْ: إنْ يَكُ الْمُرَوِّعُ، و"مِن جِنٍّ" خبرُ كانَ، أيْ إنْ كانَ جِنِّيًّا، واللامُ في "لأَبْرَحُ"، جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ، أيْ واللهِ لأَبْرَحُ، وهنا جوابُ القسَمِ أَغْنَى عن جوابِ الشرْطِ، كقولِه تعالى: {وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولَنَّ} وكما لو قُلتَ: إنْ أَكْرَمْتَنِي لأُكْرِمَنَّكَ، أيْ واللهِ، و"طارقاً" تَمييزٌ، ويَجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِن الضميرِ في "لأَبْرَحُ"، وهو للطارقِ، و"إنْ يَكُ" "إنساً" مثلُ أوَّلِ البيتِ، والكافُ معناها التشبيهُ، وهي حرْفُ جَرٍّ، وقد تَكونُ اسماً، وهي مُحْتَمِلَةٌ للأمرينِ هنا، فإذا كانتْ حَرْفاً حُكِمَ بأنها في موضِعِ نصْبٍ بـ "تَفعلُ"، وإنْ كانتِ اسْماً كانتْ مَفعولاً صَريحاً، أيْ ما تَفعلُ الإنسُ مثلَها، والضميرُ في "ها" عائدٌ إلى الفِعلةِ التي وُجِدَتْ, والإنسُ مُبتدأٌ, و"تَفعلُ" خبرُه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لامية, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir