دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ربيع الأول 1439هـ/22-11-2017م, 02:28 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثالث: مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة
الآيات (101 - 110)


اختر إحدى المجموعتين الآتيتين وأجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:
1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بكتاب الله في قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله..}.
ب. المراد بما تتلو الشياطين.
2: فصل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}.
3: أجب عما يلي:
أ: كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟
ب: ما الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}؟

المجموعة الثانية:

1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بالملكين.
ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
2: فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.
3: أجب عما يلي:
أ: ما المراد بملك سليمان في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان}؟
ب: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها}.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ربيع الأول 1439هـ/24-11-2017م, 05:58 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

المجموعة الأولى
: حرر القول في المسائل التالية
أ. المراد بكتاب الله في قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله
فيها قولان:
القول الأول: القرآن ،ذكره الزجاج وابن عطية.
القول الثاني: التوراة وما فيها من بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم ،ذكره الزجاج ،وابن عطية،واختاره ابن كثير.
قال السّدّيّ: {ولمّا جاءهم رسولٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم} قال: «لمّا جاءهم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم عارضوه بالتّوراة فخاصموه بها، فاتّفقت التّوراة والقرآن، فنبذوا التّوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت، فلم يوافق القرآن، فذلك قوله: {كأنّهم لا يعلمون}» ، ذكره ابن كثير.
ب. المراد بما تتلو الشياطين
فيها أقوال:
القول الأول:
كانت الشّياطين تسترق السّمع من السّماء،و كانوا يلقون إلى الكهنة الكلمة من الحق معها المائة من الباطل حتى صار ذلك علمهم، فجمعه سليمان ودفنه تحت كرسيه، فلما مات؛ قالت الشياطين: إن ذلك كان علم سليمان، ذكره ابن عطية،وذكره ابن كثيرعن ابن عباس ومجاهد والسدي.
روى ابن جرير عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عمران -وهو ابن الحارث-، قال: بينا نحن عند ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- إذ جاء رجلٌ فقال له: «من أين جئت؟»، قال: من العراق. قال: «من أيّه؟»، قال: من الكوفة. قال: «فما الخبر؟»، قال: تركتهم يتحدّثون أنّ عليًّا خارجٌ إليهم. ففزع ثمّ قال: «ما تقول؟ لا أبًا لك! لو شعرنا ما نكحنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه، أما إنّي سأحدّثكم عن ذلك: إنّه كانت الشّياطين يسترقون السّمع من السّماء، فيجيء أحدهم بكلمة حقٍّ قد سمعها، فإذا جرّب منه صدقٌ كذب معها سبعين كذبة»،
قال: «فتشربها قلوب النّاس. فأطلع اللّه عليها سليمان -عليه السّلام- فدفنها تحت كرسيّه. فلمّا توفّي سليمان -عليه السّلام- قام شيطان الطّريق، فقال: أفلا أدلّكم على كنزه الممنّع الذي لا كنز له مثله؟ تحت الكرسيّ. فأخرجوه، فقالوا هذا سحره فتناسخا الأمم -حتّى بقاياها ما يتحدّث به أهل العراق- وأنزل اللّه عزّ وجلّ:{واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا}».
ورواه الحاكم في مستدركه، عن أبي زكريّا العنبري، عن محمّد بن عبد السّلام، عن إسحاق بن إبراهيم، عن جريرٍ، به ،ذكره ابن كثير.
وقال مجاهدٌ في قوله: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان} قال: «كانت الشّياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمةٍ [إلّا] زادوا فيها مائتين مثلها. فأرسل سليمان -عليه السّلام- إلى ما كتبوا من ذلك. فلمّا توفّي سليمان وجدته الشّياطين فعلّمته النّاس [به] وهو السّحر» ،ذكره ابن كثير.
القول الثاني:
كانت الشياطين تتلوا كتاب من السحر،وقيل جمعه سليمان ودفنه تحت كرسيه وقيل أن الجن هم من دفنوه تحت كرسيه، فلبهت اليهود وكذبهم, ادعوا أن هذا السحر أخذوه عن سليمان ،ذكره الزجاج وابن عطية ،وذكره ابن كثير عن الربيع بن أنس،وسعيد بن جبير .
وقال الرّبيع بن أنسٍ: «إنّ اليهود سألوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم زمانًا عن أمورٍ من التّوراة، لا يسألونه عن شيءٍ من ذلك إلّا أنزل اللّه تعالى عليه ما سألوه عنه، فيخصمهم، فلمّا رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل اللّه إلينا منّا. وإنّهم سألوه عن السّحر وخاصموه به، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر} وإنّ الشّياطين عمدوا إلى كتابٍ فكتبوا فيه السّحر والكهانة وما شاء اللّه من ذلك، فدفنوه تحت مجلس سليمان، وكان [سليمان] عليه السّلام، لا يعلم الغيب. فلمّا فارق سليمان الدّنيا استخرجوا ذلك السّحر وخدعوا النّاس، وقالوا: هذا علمٌ كان سليمان يكتمه ويحسد النّاس عليه. فأخبرهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد حزنوا، وأدحض اللّه حجّتهم» ،ذكره ابن كثير
وقال سعيد بن جبيرٍ: «كان سليمان -عليه السّلام- يتتبّع ما في أيدي الشّياطين من السّحر فيأخذه منهم، فيدفنه تحت كرسيّه في بيت خزانته، فلم يقدر الشّياطين أن يصلوا إليه، فدبّت إلى الإنس، فقالوا لهم: أتدرون ما العلم الذي كان سليمان يسخّر به الشّياطين والرّياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم. قالوا: فإنّه في بيت خزانته وتحت كرسيّه. فاستثار به الإنس واستخرجوه فعملوا بها. فقال أهل الحجا: كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحرٌ. فأنزل اللّه تعالى على [لسان] نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم براءة سليمان عليه السّلام، فقال: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا}» ،ذكره ابن كثير.
القول الثالث:
أن الجن كتبت السحر بعد موت سليمان عليه السلام ونسبته إليه ،ذكره ابن عطية،وذكره ابن كثير عن ،محمّد بن إسحاق بن يسار.
وقال محمّد بن إسحاق بن يسارٍ: «عمدت الشّياطين حين عرفت موت سليمان بن داود -عليه السّلام- فكتبوا أصناف السّحر: "من كان يحبّ أن يبلغ كذا وكذا فليقل كذا وكذا". حتّى إذا صنّفوا أصناف السّحر جعلوه في كتابٍ. ثمّ ختموا بخاتمٍ على نقش خاتم سليمان، وكتبوا في عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا الصّديق للملك سليمان بن داود -عليهما السّلام- من ذخائر كنوز العلم". ثمّ دفنوه تحت كرسيّه واستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حتّى أحدثوا ما أحدثوا. فلمّا عثروا عليه قالوا: واللّه ما كان سليمان بن داود إلّا بهذا. فأفشوا السّحر في النّاس [وتعلّموه وعلّموه]. وليس هو في أحدٍ أكثر منه في اليهود لعنهم اللّه. فلمّا ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما نزل عليه من اللّه، سليمان بن داود، وعدّه فيمن عدّه من المرسلين، قال من كان بالمدينة من يهود: ألا تعجبون من محمّدٍ! يزعم أنّ ابن داود كان نبيًّا، واللّه ما كان إلّا ساحرًا. وأنزل اللّه [في] ذلك من قولهم:{واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا}الآية» ،ذكره ابن كثير.
القول الرابع:
لمّا سلب سليمان -عليه السّلام- ملكه، كانت الشّياطين تكتب السّحر في غيبة سليمان ،ثم نسبوه له بعد موته.ذكره ابن عطيه وذكره ابن كثير عن ابن عباس وشهر بن حوشب.
وروى ابن جريرٍ: عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان سليمان -عليه السّلام- إذا أراد أن يدخل الخلاء، أو يأتي شيئًا من نسائه، أعطى الجرادة -وهي امرأةٌ-خاتمه. فلمّا أراد اللّه أن يبتلي سليمان -عليه السّلام- بالذي ابتلاه به، أعطى الجرادة ذات يومٍ خاتمه، فجاء الشّيطان في صورة سليمان فقال لها: هاتي خاتمي. فأخذه فلبسه. فلمّا لبسه دانت له الشّياطين والجنّ والإنس».
قال:«فجاءها سليمان، فقال: هاتي خاتمي فقالت: كذّبت، لست سليمان».
قال: «فعرف سليمان أنّه بلاءٌ ابتلي به».
قال:«فانطلقت الشّياطين فكتبت في تلك الأيّام كتبًا فيها سحرٌ وكفرٌ. ثمّ دفنوها تحت كرسيّ سليمان، ثمّ أخرجوها وقرؤوها على النّاس، وقالوا: إنّما كان سليمان يغلب النّاس بهذه الكتب» ،ذكره ابن كثير.
وروى ابن جريرٍ عن شهر بن حوشب، قال: «لمّا سلب سليمان -عليه السّلام- ملكه، كانت الشّياطين تكتب السّحر في غيبة سليمان. فكتبت: "من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشّمس، وليقل كذا وكذا ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشّمس وليقل كذا وكذا". فكتبته وجعلت عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان [بن داود] من ذخائر كنوز العلم". ثمّ دفنته تحت كرسيّه. فلمّا مات سليمان -عليه السّلام- قام إبليس -لعنه اللّه- خطيبًا، [ثمّ] قال: يا أيّها النّاس، إنّ سليمان لم يكن نبيًّا، إنّما كان ساحرًا، فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته. ثمّ دلّهم على المكان الذي دفن فيه. فقالوا: واللّه لقد كان سليمان ساحرًا! هذا سحره، بهذا تعبدنا، وبهذا قهرنا. وقال المؤمنون: بل كان نبيًّا مؤمنًا. فلمّا بعث اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جعل يذكر الأنبياء حتّى ذكر داود وسليمان. فقالت اليهود [لعنهم اللّه] انظروا إلى محمّدٍ يخلط الحقّ بالباطل. يذكر سليمان مع الأنبياء. إنّما كان ساحرًا يركب الرّيح، فأنزل اللّه تعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان}الآية»،ذكره ابن كثير.
القول الخامس:
إن سليمان -عليه السلام- كان يملي على كاتبه آصف بن برخيا علمه ويختزنه، فلما مات أخرجته الجن وكتبت بين كل سطرين سطرا من سحر ثم نسبت ذلك إلى سليمان ،وقيل إن آصف تواطأ مع الشياطين على أن يكتبوا سحرا وينسبوه إلى سليمان بعد موته ،ذكره ابن عطية وذكره ابن كثير عن ابن عباس.
روى ابن جرير عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس، قال: «كان آصف كاتب سليمان، وكان يعلم الاسم "الأعظم"، وكان يكتب كلّ شيءٍ بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيّه، فلمّا مات سليمان أخرجه الشّياطين، فكتبوا بين كلّ سطرين سحرًا وكفرًا، وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل بها»،ذكره ابن كثير.
القول السادس:
الشّهوات، وهي المعازف واللّعب وكلّ شيءٍ يصدّ عن ذكر اللّه،ذكره ابن كثير عن ابن عباس.
عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا}: «وكان حين ذهب ملك سليمان ارتدّ فئامٌ من الجنّ والإنس واتّبعوا الشّهوات، فلمّا رجع الله إلى سليمان ملكه، وقام النّاس على الدّين كما كان أوان سليمان، ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيّه، وتوفّي سليمان -عليه السّلام- حدثان ذلك، فظهر الإنس والجنّ على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتابٌ من اللّه نزل على سليمان وأخفاه عنّا فأخذوا به فجعلوه دينًا. فأنزل اللّه: {ولمّا جاءهم رسولٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم نبذ فريقٌ من الّذين أوتوا الكتاب كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون}واتّبعوا الشّهوات، [أي]: التي كانت [تتلو الشّياطين] وهي المعازف واللّعب وكلّ شيءٍ يصدّ عن ذكر اللّه» ،ذكره ابن كثير.
وهذه الأقوال متقاربة ولا تعارض بينها كما قال ابن كثير:(لا تعارض بين السّياقات على اللّبيب الفهم)

2: فصل القول في تفسير قول الله تعالى
{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}

(وما يعلمان) قيل وما يُعْلمان أي ينذران الناس من السحر ويأمرانهم باجتنابه،لأن سائلاً لو سأل: ما الزنا وما القذف؟ لوجب أن يوقف، ويعلّم أنه حرام ، ولا يكون على هذا القول تعلم السحر كفراً, إنما يكون العمل به كفرا، كما أن من عرف الزنا لم يأثم بأنه عرفه، وإنما يأثم بالعمل به ،ورجح الزجاج هذا القول ،وقال إنه أشبه بالحق عند كثير من أهل اللغة.
وقيل المراد تعلم السحر ،وأن الله سبحانه وتعالى امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت، وجعل الاختبار في الكفر والإيمان ،فمن قبل تعلم السحر يكون كافرا ،ومن رفض يكون مؤمنا.
و(من) في قوله: {من أحدٍ} زائدة بعد النفي.
(إنّما نحن فتنة فلا تكفر) الفتنة هي الابتلاء والاختبار.
قال قوم في قوله تعالى: (وما أنزل على الملكين) أن ما هنا نافية ، أي إن السحر ما أنزل على الملكين، ولا أمرا به ،ويكون "هاروت" و"ماروت" من الشياطين، وعلى تأويل هؤلاء يكون معنى قولهما {إنّما نحن فتنة فلا تكفر} كقول الغاوي :أنا في ضلال فلا ترد ما أنا فيه.
وقال آخرون أن ما هنا غير نافية ، ويكون "هاروت" و"ماروت" ملكان ويكون معنى قولهما {إنّما نحن فتنة فلا تكفر} أي ابتلاء وهذا على سبيل الوعظ والنهي.
وروي عن ابن عبّاسٍ، قال: «فإذا أتاهما الآتي يريد السّحر نهياه أشدّ النّهي، وقالا له: إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر، وذلك أنّهما علما الخير والشّرّ والكفر والإيمان، فعرفا أنّ السّحر من الكفر
[قال:] «فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا، فإذا أتاه عاين الشّيطان فعلمه، فإذا تعلّم خرج منه النّور، فنظر إليه ساطعًا في السماء، فيقول: يا
حسرتاه! يا ويله! ماذا أصنع؟
وعن الحسن البصريّ أنّه قال في تفسير هذه الآية: «نعم، أنزل الملكان بالسّحر، ليعلّما النّاس البلاء الذي أراد اللّه أن يبتلي به النّاس، فأخذ عليهما الميثاق أن لا يعلّما أحدًا حتّى يقولا:{إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر}» رواه ابن أبي حاتمٍ
وقيل أن هذا القول على سبيل الاستهزاء، لأنهما إنما يقولانه لمن قد تحقق ضلاله.
(فلا تكفر) قيل بتعلم السحر، وقيل بالعمل به.

أجب عما يلي
أ: كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟
الدليل على أن السحر حقيقة وليس تخييل قول الله تعالى:{وما هم بضارّين به من أحدٍ إلا بإذن اللّه} فهو دليل على وقوع السحر وأنه بخلق الله ، وقول أهل السنة في ذلك : إنّ اللّه يخلق الأشياء عندما يقول السّاحر تلك الرّقى وتلك الكلمات المعيّنة.
ب: ما الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}؟
الصحيح ألا نصدقها ولا نكذبها، كما قال عنها ابن عطية: (وهذا القصص يزيد في بعض الروايات وينقص في بعض، ولا يقطع منه بشيء، فلذلك اختصرته).

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 ربيع الأول 1439هـ/25-11-2017م, 01:16 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة
الآيات (101 - 110)

اختر إحدى المجموعتين الآتيتين وأجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الثانية:

1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بالملكين.
ورد في الملكين قراءتين ، واختلف المراد فيهما حسب اختلاف كل من القراءتين ...

فقد قرئت :
- الملَكين بفتح اللام وهي مثنى ملك من الملائكة ... قراءة الجمهور
- الملِكين بكسر اللام هي مثنى ملك من الملك ... وقرأ بها ابن عباس والحسن والضحاك وابن أبزى ... ذكره ابن عطية وابن كثير

والمراد بالملكين على القراءتين :
🔹أولا : على قراءة الملكين بفتح اللام :
1 - قيل هما جبريل وميكائيل ... وذلك أن اليهود ادعت إنزال السحر عليهما فأكذبهم الله ، وعلى هذا القول تكون ( ما ) نافية ، أي لم ينزل على الملكين السحر ...
- ذكره ابن عطية ... وذكر مثله ابن كثير من قول القرطبي ، كما ذكره عن ابن جرير عن العوفي عن ابن عباس
- وذكر الزجاج أن ما نافية وأنه لم ينزل السحر على الملكين ولا أمرا بتعليمه ولم يحدد الملكين ... وضعف هذا القول .
وزاد ابن كثير من قول أبي العالية أنهما إنما علما الكفر والإيمان ، والسحر كفر فهما ينهيان عنه أشد النهي ...

- وعلى هذا القول يكون هاروت وماروت هنا بدلا من الشياطين ، وفي الآية تقديم وتأخير ، فكأن معناها : ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل ؛ هاروت وماروت ... ويكون هاروت وماروت إما من باب أن المثنى جمع ، أو كناية عن أتباعهما من الشياطين وممن تعلم السحر ... وقولهما ( إنما نحن فتنة فلا تكفر ) من باب قول الغاوي أنا في ضلال فلا ترد معي .
- قال القرطبي: وهذا أولى ما حملت عليه الآية وأصحّ ولا يلتفت إلى ما سواه. ذكره ابن كثير

- وذكر ابن كثير في تأويل ابن جرير على هذا القول أن السحر من عمل الشياطين وأنها تعلم الناس ذلك ببابل وأنّ الّذين يعلّمونهم ذلك رجلان، اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت، فيكون هاروت وماروت على هذا التّأويل ترجمةً عن النّاس، وردًّا عليهم .

2 - وقيل هما ملكان أنزلهما الله امتحانا واختبارا للناس ... فتكون ( ما ) هنا موصولة بمعنى الذي ... ويكون معنى الآية ( والذي أنزل على الملكين ببابل ، هاروت وماروت ) وهاروت وماروت بدل من الملكين ... وهما يعلمان الناس السحر ببابل ... ذكره الزجاج ورجحه ، وذكره ابن كثير عن ابن جرير واستغربه ...

- فقيل أنهما يعلمان الناس مبادئ السحر ليعرفوه ويجتنبوه فيكون العمل بالسحر هنا كفرا ... ذكره الزجاج وجها
- وقيل معهم علم السحر فيمتحنون الناس به ، ويقولون لهم نحن فتنة فلا تكفر بتعلمك السحر ، فمن أصر على تعلمه علماه وكفر بذلك ، ومن أبى حفظ إيمانه ... ذكره الزجاج وجها

3 - وقيل المراد بالملكين هنا هاروت وماروت ، ذلك أن الملائكة تعجبت من تجرؤ ابن آدم على محارم الله وانتهاكها ، فطلب الله منهم اختيار ملكين منهما وركب فيهما شهوات الإنسان فأتيا ما يأتيه بنوآدم من المعاصي وخيرا بين عقاب الدنيا والآخرة فاختارا الدنيا فعلقا فوق بابل بين السماء والأرض ... وزاد البعض أنهما يعلمان الناس السحر هناك .
ذكره ابن عطية وضعفه ، وذكره ابن كثير عن كثير من السلف وقال أن كثيرا من الروايات مرجعها إلى الإسرائيليات مما لم يرد ما يثبتها أو ينفيها فتوقف فيه ....

🔹ثانيا : على قراءة الملِكين بكسر اللام :
1- قيل الملكين هما داود وسليمان عليهما السلام ، ذكره ابن عطية عن قول ابن أبزى
وعليه تكون ( ما ) نافية ، فتنفي نزول السحر على داود وسليمان ، وتكون الشياطين هي التي تعلم الناس السحر ، وهاروت وماروت إما بدل من الناس ممن تعلم السحر من الشياطين فهما يعلمانه الناس ... أو بدلا من الشياطين نفسهم فهما رأس الشياطين التي تعلم الناس السحر أو هما شيطانان يعلمان الناس السحر ببابل ... ذكر القولين في البدل ابن عطية

2- قيل هما علجان كانا بابل ملكين ... ذكره ابن عطية من قول الحسن ... وذكره ابن كثير عن الضحاك بن مزاحم .

3- قيل الملكين هما هاروت وماروت ...ذكره ابن عطية عن أبي الأسود الدؤلي وقال وهو كقول الحسن

وفي القولين الثاني والثالث : يكون هاروت وماروت بدلا من الملكين ، وتكون ( ما ) موصولة ، ويكون الإنزال هنا بمعنى الخلق لا بمعنى الإيحاء ... فهما ملكين كانا يحكمان بابل ويعلمان الناس السحر ... ذكره ابن عطية

🔺 الترجيح :
- رجح الزجاج أنهما ملكين اختبر الله الناس بهما ، وأن ما موصولة ... فقال : وقد قرئ (على المِلَكَيْنِ)، و{المَلَكَيْنِ} أثبت في الرواية والتفسير جميعاً,
- لم يرجح ابن عطية قولا .
- وضعف ابن كثير قول القائلين أن الملكين علما الناس السحر ابتلاء وفتنة وتعجب منه ،...
وقال في القول أن الملكين هما هاروت وماروت وهما من الملائكة اختبرا بشهوات بني آدم :
وقد روى في قصّة هاروت وماروت عن جماعةٍ من التّابعين، كمجاهدٍ والسّدّيّ والحسن [البصريّ] وقتادة وأبي العالية والزّهريّ والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان وغيرهم، وقصّها خلقٌ من المفسّرين من المتقدّمين والمتأخّرين، وحاصلها راجعٌ في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيها حديثٌ مرفوعٌ صحيحٌ متّصل الإسناد إلى الصّادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصّة من غير بسطٍ ولا إطنابٍ فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده اللّه تعالى، واللّه أعلم بحقيقة الحال.

ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
جاءت نهيا للمؤمنين عن كثرة السؤال فيما لم يبين ويفصل لهم كما كان بنو إسرائيل يسألون رسولهم تشديدا على أنفسهم ... كما فعلوا في قصة البقرة ...
وللمشركين الذين طلبوا من المعجزات المادية كما طلبت بنو إسرائيل ... فطلبت قريش أن يروا الله جهرة ، وطلبوا تفجير العيون ، وطلبوا أن يأتي الرسول بالله والملائكة قبيلا ، ، وطلبوا منه أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، فقال هذا لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كذبتم فنكصوا وأبوا
وطلب منه اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء يقرأوه
...
ذكر ذلك ابن عطية وابن كثير ...
وذكرا أن قوله تعالى ( كما سئل موسى من قبل ) أن ذلك بأن بني إسرائيل سألو موسى عليه أن يريهم الله جهرة : قال تعالى : {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم}[النّساء: 153].

والآية تخص ذلك وتعم كل ما سأله بنو إسرائيل لنبيهم تعنتا وعنادا
فهم طلبوا أن يروا الله جهرة ، وطلبوا مائدة من السماء ، وطلبوا أن يكلمهم الله كما كلم موسى ، وطلبوا تغيير مآكلهم من المن والسلوى إلى ما تنبت الأرض ، وطلبوا أن يروا إحياء الموتى ...وطلبوا آلهة يعبدونها كما لعبدة الأصنام ... وتشددوا في أمر البقرة
وتعنتوا في كل أمر أمروا به لا رغبة في الاتباع وإنما رغبة في التعنت والعناد

2: فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}
.

🔹نزول الآية :
- قيل في سبب نزولها أن حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر أتيا بيت المدراس فحاول اليهود ثنيهم عن دينهم فثبتا عليه فنزلت ... ذكره ابن عطية

- وقيل: إنما هذه الآية تابعة في المعنى لما تقدم من نهي الله عن متابعة أقوال اليهود في راعنا وغيره، وأنهم لا يودون أن ينزل خير، ويودون أن يردوا المؤمنين كفارا.
ذكره ابن عطية

🔹 التفسير :
- ود كثير من أهل الكتاب :
- ود : أي رغب وأحب ذلك

- كثير من أهل الكتاب ... أهل الكتاب هنا هم أهل التوراة ، فهم اليهود

- والمراد ب( كثير من أهل الكتاب) :
- قيل هو كعب بن الأشرف ذلك أنه كان شديد العداوة لرسول الله وكثير الهجاء له ... وهو قول الزهري ، ذكره ابن عطية واستبعده ، وذكره ابن كثير
- عن الزّهريّ قال أخبرني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه: أنّ كعب بن الأشرف اليهوديّ كان شاعرًا، وكان يهجو النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وفيه أنزل اللّه: {ودّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردّونكم} إلى قوله: {فاعفوا واصفحوا}... رواه ابن أبي حاتم ، وذكره ابن كثير

- وقيل هما حيي وأبو ياسر ابنا أخطب وهو قول ابن عباس ... حيث كانا يعرفان أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وعرفا أنه النبي الحق لكنهم رفضوا الإيمان حسدا للمؤمنين أن النبي لم يكن من بني إسرائيل ... ذكره ابن عطية ... وقال وفي الضمن الأتباع ( أي أن الآية تشمل أتباعهما ) وذكره ابن كثير
- عن سعيد بن جبيرٍ، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: كان حييّ بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشدّ يهود للعرب حسدًا، إذ خصهم اللّه برسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وكانا جاهدين في ردّ النّاس عن الإسلام ما استطاعا، فأنزل اللّه فيهما: {ودّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردّونكم} الآية... رواه محمد بن إسحاق ، وذكره ابن كثير

- وقيل هي عامة في كل من ود ذلك من اليهود

- لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا
لو : حرف امتناع لامتناع ... أي أن الشيء المشروط غير موجود لذا لا يتحقق شرطه ...
وفعل الشرط هنا ( يردونكم ) والجواب غير مذكور ... ويفهم من السياق ... كأنه قال : لو يستطيعون أن يردوكم كفارا لما ترددوا في فعل ذلك لأنهم يودونه

- كفارا: مفعول به ثان ل( يرد ) وقيل حال ...
والمفعول الأول الضمير المتصل ( ك )
أي لو تتركوا إيمانكم بنبيكم صلى الله عليه وسلم وتكفروا به فتكونوا في الكفر به معهم سواء
وذلك حال أهل الضلال ... لا يكتفون بضلالهم بل يودون لو شاركهم الناس كلهم بضلالهم وغرقوا معهم فيما هم فيه من الإثم ... ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء )

- حسدا
أن هذا التمني منهم هو حسد لأن النبي الذي كانوا ينتظرونه لم يكن من بني إسرائيل وإنما من ولد إسماعيل عليه السلام فحسدوهم على ذلك ...
و حسدا : مفعول لأجله ، أي لأجل الحسد ودوا لو يكفر المؤمنون فيكونون في الكفر سواء
- قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسولًا أمّيًّا يخبرهم بما في أيديهم من الكتب والرّسل والآيات، ثمّ يصدّق بذلك كلّه مثل تصديقهم، ولكنّهم جحدوا ذلك كفرًا وحسدًا وبغيًا ... ذكره ابن كثير .

- من عند أنفسهم
اختلف في متعلق ( من عند أنفسهم )
- فقيل متعلق بحسدا ... أن حسدهم للمؤمنين كان من تلقاء أنفسهم لم يأمرهم به كتاب ولا إيمان ... وضعف الزجاج هذا القول وقال أن حسد الإنسان لا يكون من عند نفسه ، وذكره ابن عطية وجها

- وقيل بل متعلق ب( ود ) أي أن ما يودونه ويرغبون به من عودة المؤمنين كفارا هو من تلقاء أنفسهم ومما أملته عليه أنفسهم لا من كتاب ولا إيمان آمنوا به ... ،ذكره الزجاج ورجحه، وذكره ابن عطية وجها

وعلى القولين السابقين يكون الوقف على كفارا ... ويكون المعنى أن فعلهم ذلك هو من تلقاء أنفسهم لم يأمرهم به كتاب ... وتكون ( من عند أنفسهم ) كالتأكيد مثل ( يكتبون الكتاب بأيديهم ) ( يقولون بأفواههم ) قال ذلك ابن عطية

- وقيل بل متعلق ب( يردونكم ) ومعناه أنهم ليس فقط يودون لو تصبحوا كفارا ، وإنما يزيدون على ذلك أنهم يرغبون أن يكون ذلك بفعلهم وإغوائهم وإضلالهم فلا يزالون يحاولون أن يكونوا هم السبب في ذلك ... ذكره ابن عطية ...

🔺وقد رجح الزجاج تعلقه ب ( ود ) فقال أن المعنى أن مودتهم بكفركم هي من عند أنفسهم لم يؤمروا به ولا بالكفر برسول الله في كتابهم ، وهم لا يعتقدون أن الكفر به هو الحق ولكنهم يتعتنون ولا يتمنون الخير لكم ... وقال أن ما يؤيد ذلك قوله بعدها ( من بعد ما تبين لهم الحق )
ولم يرجح ابن عطية بين الأقوال
وجميعها محتملة وكل واحدة منها تعطي معنى للآية وكلها في اليهود ...

- من بعد ما تبين لهم الحق
الحق هنا : هو صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن ما جاء به صدق وحق ...
ويعني ذلك أن كل ما قاموا به من محاولات لثني المؤمنين عن إيمانهم وصرف عوامهم والمشركين عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ليس جهلا بأنه على الحق ، وليس اعتقادا بعدم صدقه ، بل ذلك بعد تيقنهم ومعرفتهم أن رسول الله نبي الله حقا ، وأن ما جاء به هو الحق من عند الله وأنه هو النبي الذي كانوا ينتظرونه ... وذلك تعنت منهم وعناد ... فبدل أن يكونوا أول من آمن به كانوا ألد أعدائه وأفجر الخصوم ...

- والآية تحذير للمؤمنين من الاطمئنان لليهود ، وإخبار بعداوتهم للمؤمنين في الظاهر والباطن وأنهم لا يريدون لهم خيرا ويودون لو شاركوهم فيما هم فيه من الكفر والبعد عن الحق واستحقاق غضب الله وذلك حسد منهم للمؤمنين ... مع علمهم بأنهم ( أي المؤمنين ) على الحق

3: أجب عما يلي:
أ: ما المراد بملك سليمان في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان}؟
ورد في ملك سليمان عدة أقوال :
- قيل على ملك سليمان أي على عهد ملك سليمان عليه السلام عليهم إذ نسبت له اليهود السحر ، فبرأه الله مما نسبوه له ... قاله الزجاج وذكر ابن عطية مثله كما نقله ابن كثير عن السدي

- قيل في ملك سليمان أي في قصصه وصفاته وأخباره ... ذكره ابن عطية

- ونقل ابن عطية عن الطبري قوله : على ملك سليمان أي: على شرعه ونبوته وحاله،

وقد ذكر الزجاج وابن كثير القول الأول ولم يذكرا غيره ... وزاد ابن كثير أن التعدية إلى ( ملك سليمان ) بحرف الجر على أفادت تضمين معنى الكذب أي كذبوا على ملك سليمان وتلوا في ملكه ...
ولم يرجح ابن عطية منها ...
وكلها تحتملها الآية وجها ...
ذلك أن اليهود اتبعوا ما تلته الشياطين وافترت به على سليمان عليه السلام من نسبة السحر له وادعائهم أنه بهذا حكم الجن والإنس في عهده ...
كما أنهم زادوا في قصصه وأخباره ونسبوا له ما لم يصح عنه فبرأه الله مما قالوا بما أنزل من القرآن على نبيه
كما أنهم اتهموا شرعته وما جاء به أنه السحر .. حتى أنهم سخروا حين ذكره رسول الله مع الأنبياء فقالوا محمد يذكر سليمان مع الأنبياء ولم يكن إلا ساحرا - حاشاه - فبرأه الله وأكذبهم بقولهم ( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا )

ب: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها}.
ورد خلاف في القراءات في كلمتي ( ننسخ ) و( ننسها )
وعلى كل قراءة ينتج خلاف للمعنى في الآية ... وهو من باب أثر القراءات في توسعة معاني الآيات وما ينتج عنها من أحكام وأفهام ...

🔹أولا : القراءات في ( ننسخ ) :
ورد فيها قراءتان متواترتان :
1- ( نَنْسَخ ) من نسخ وهو متعد إلى مفعول واحد وهي قراءة الجمهور
2- و( نُنْسِخ ) من أنسخ وهو متعد إلى مفعولين وهي قراءة ابن عامر .
ذكر ذلك ابن عطية ، وذكره ابن كثير عن الزهري .

والقراءتان ترجعان لنفس الجذر الثلاثي للكلمة ( نسخ )
ونسخ تأتي بعدة معان :
- نسخ بمعنى نقل .. كأن تقول نسخت الكتاب أي نقلت كتابته ... وليس هذا المعنى مقصودا في الآية هنا ، وإنما ورد النسخ في هذا المعنى بقوله تعالى ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون )

- نسخ بمعنى أزال ، كما نقول : نسخت الشمس الظل أي أزالته ، ونسخت الريح الأثر أي أزالته .

- نسخ بمعنى ترك
المعنى الثاني والثالث متقاربان وهما المقصودان في النسخ للآيات ...

▪ قال الزجاج : ( فأما النسخ في اللغة؛ فإبطال شيء, وإقامة آخر مقامه، العرب تقول: نسخت الشمس الظل، والمعنى: أذهبت الظل, وحلّت محلّه )

▪ وفي الاصطلاح : النسخ رفع حكم شرعي بدليل شرعي آخر متأخر عنه ... فيكون النسخ للأحكام وآيات الأحكام
- وقد يكون برفع الحكم والتلاوة معا كما ورد في بعض ما رواه الصحابة مما كان يتلى فرفع ...
- وقد يكون برفع التلاوة دون الحكم كما في آية الرجم
- وقد يكون برفع الحكم دون التلاوة كما في كثير من الأحكام المنسوخة كنسخ صدقة النجوى ...

▪ عن ابن عبّاسٍ، قال: قال عمر: عليٌّ أقضانا، وأبيٌّ أقرؤنا، وإنّا لندع بعض ما يقول أبيّ، وأبيٌّ يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول، فلن أدعه لشيءٍ. واللّه يقول: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسئها نأت بخيرٍ منها أو مثلها}. رواه أحمد وذكره ابن كثير ...

- فعلى معنى الإزالة :
ما نَنْسَخ من آية أي ما نزيل من آية نزلت برفعها أو رفع حكمها والعمل بها ،
وما نُنْسِخ من آية أي ننسخك يا محمد أو نجعلها منسوخة بأن نزيلها ...

- وعلى معنى الترك :
ما نَنْسَخ من آية أي ما نترك من آية فلا ننزلها أو نترك تلاوتها أو العمل بها فنرفعها
وما نُنْسِخ من آية أي ما نتركك يا محمد ونجعلك تترك تلاوتها أو تترك العمل بها ...

قال ابن عطية :
وقد خرج قرأة هذه القراءة المعنى على وجهين :
- أحدهما أن يكون المعنى ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ، أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله أي ذلك فعلنا فإنا نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله، فيجيء الضميران في منها ومثلها عائدين على الضمير في ننسأها .
- والمعنى الآخر أن يكون ننسخ من النسخ بمعنى الإزالة ويكون التقدير ما ننسخك أي نبيح لك نسخه، كأنه لما نسخها الله أباح لنبيه تركها بذلك النسخ، فسمى تلك الإباحة إنساخا، وما شرطية وهي مفعولة ب ننسخ، وننسخ جزم بالشرط.

🔹ثانيا : القراءات في ( ننسها )
فيها قراءتان متواترتان ، وقراءات أخرى رويت عن الصحابة والتابعين ...
فأما المتواترتان :
فقرئت بـ:
1- بفتح النون الأولى وإسكان الثانية ، وفتح السين مع همزة ساكنة بعدها ( ننسأها ) من النسء وهو التأخير
أوالزيادة كقولهم ( نسأ الله في أجلك وأنسأ في أجلك ) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ... ذكر القراءة ابن عطية وابن كثير ...
وقرأ بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعبيد ابن عمير ذكره ابن عطية
وقال : تقول العرب: نسأت الإبل عن الحوض أنسؤها نسأ أي أخرتها، وكذلك يقال: أنسأ الإبل إذا زاد في ظمئها يوما أو يومين أو أكثر من ذلك بمعنى أخرها عن الورد

2- بضم النون الأولى وإسكان الثانية وكسر السين ولا همز ( ننسها ) من ( أنسى ) من النسيان أي ننسك إياها ، أوالترك أي نتركها فلا ننسخها أو نأمرك بتركها ... وهي قراءة الباقين ... ذكرها الزجاج وابن عطية وابن كثير

وذكر ابن كثير في معنى ننسأها :
- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسئها} يقول: ما نبدّل من آيةٍ، أو نتركها لا نبدّلها.
- وقال مجاهدٌ عن أصحاب ابن مسعودٍ: {أو ننسئها} نثبت خطّها ونبدّل حكمها.
- وقال عبيد بن عميرٍ، ومجاهدٌ، وعطاءٌ: {أو ننسئها} نؤخّرها ونرجئها.
- وقال عطيّة العوفيّ: {أو ننسئها} نؤخّرها فلا ننسخها

▪ورفض الزجاج أن يكون معنى( ننسها ) من النسيان الذي يسلب المرء ما كان يذكره ، أي أن النبي ينسى شيئا مما أوحي إليه لأن الله عصمه من ذلك ، وقوله تعالى : ( سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله ) دليل أن الله عصمه من أن ينسى بنفسه أو يترك شيئا مما أوحي إليه ، فلا يسلبه الله شيئا مما علمه ... وإنما إذا شاء الله ذلك أمره بتركها ... أو إن توارد عليه ما جبلت عليه الطبيعة البشرية من نسيان مؤقت فسيذكره إلا إن شاء الله له رفعه ...
والحقيقة أن النسيان وارد إن شاء الله أن ينسي نبيه شيئا ليرفعه ...

▪وقد ذكر ابن كثير عن السلف في هذا المعنى قول قتادة والحسن :
- عن قتادة في قوله: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها} قال: كان اللّه تعالى ينسي نبيّه ما يشاء وينسخ ما يشاء. ... رواه عبد الرزاق
- و عن الحسن أنّه قال في قوله: {أو ننسها} قال: إنّ نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم أقرئ قرآنًا ثمّ نسيه
. رواه ابن جرير

🔺وذكر الزجاج وجوها أخرى في قراءتها فقال :
في {ننسها} غير وجه قد قرئ به: (أو نُنْسِهَا)، و(نَنْسَهَا)، و(نَنْسَؤُها).

🔺وذكر ابن عطية عدة قراءات أخرى :
- «أو ننسها» بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح السين، وهذه بمعنى الترك، ذكرها مكي ولم ينسبها، وذكرها أبو عبيد البكري في كتاب اللآلي عن سعد بن أبي وقاص، وأراه وهم
- وقرأ سعد بن أبي وقاص «أو تنسها» على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ونون بعدها ساكنة وفتح السين، هكذا قال أبو الفتح وأبو عمرو الداني
فقيل لسعد إن سعيد بن المسيب يقرؤها بنون أولى مضمومة وسين مكسورة فقال: إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب، وتلا سنقرئك فلا تنسى ، واذكر ربّك إذا نسيت
- وقرأ سعيد بن المسيب فيما ذكر عنه أيضا «أو تنسها» بضم التاء أولا وفتح السين وسكون النون بينهما، وهذه من النسيان،
- وقرأ الضحاك بن مزاحم وأبو رجاء «ننسّها» بضم النون الأولى وفتح الثانية وسين مكسورة مشددة، وهذه أيضا من النسيان.
- ، وقرأت فرقة مثل هذه القراءة إلا أنها بتاء مفتوحة أولا على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وإسناد الفعل إليه،
- وقرأ أبو حيوة مثل ذلك إلا أنه ضم التاء أولا، وقرأ أبي بن كعب «أو ننسك» بضم النون الأولى وسكون الثانية وسين مكسورة وكاف مخاطبة،
- وفي مصحف سالم مولى أبي حذيفة «أو ننسكها» مثل قراءة أبيّ إلا أنه زاد ضمير الآية.
- وقرأ الأعمش «ما ننسك من آية أو ننسخها نجيء بمثلها»، وهكذا ثبتت في مصحف عبد الله بن مسعود.

قال ابن عطية : وهذه القراءات لا تخلو كل واحدة منها أن تكون من النسء أو الإنساء بمعنى التأخير، أو تكون من النسيان.

🔶 وبجمع القراءات وتوجيهها في الكلمتين :
فالنسخ كما ورد من التبديل أو الترك والإزالة ... وهو على معناه الشرعي في نسخ القرآن بتبديل الحكم أو رفع الحكم والتلاوة أو التلاورة وحدها أو الحكم وحده ...
▪ وعليه يكون المعنى حسب تغير قراءة ومعنى ننسها :
فعلى ( ننسها )من النسيان :
ما ننسخ من آية أي نبدلها أو نبدل حكمها أو نرفعها بأي طريقة من طرق النسخ أو نقدر نسيانك إياها فتنساها كلها فإنا نأت بخير منها أو مثلها بوجوه من الوجوه ... ويكون فيها من المنفعة الخير لكم ...

وعلى ( ننسها ) من الترك :
أي ما ننسخ من آية فنبدلها أو نقبضها ونزيلها أو غيرها من طرق النسخ أو نتركها غير منزلة فلا ننزلها فإنا ننزل خيرا منها لكم أو مثلها في نفعها...
أو ما ننسخ من آية أو نترك حكمها ونرفع تلاوتها أو نترك تلاوتها ونرفع حكمها أو نترك تلاوتها والعمل بها فنرفعهما جميعا فإنا ننزل لكم خيرا منها او مثلها قدرا ونفعا ...

وعلى ( ننسأها) من التأخير :
أي ما ننسخ من آية أو نؤخر إنزالها فإنا ننزل خيرا منها أو مثلها
أو ما ننسخ من آية أو نؤخر حكمها فنبقيه ونرفع التلاوة أو نؤخر التلاوة فنبقيها ونرفع الحكم أو نؤخرهما معا مثبتين لاننسخهما فذلك لخير لكم ويأت الله بخير مما نسخ أو أخر أو مثله ...

وهذه الآية فيها من توسع المعاني ما يدل على عظمة القرآن وسعة معانيه وعدم انقضاء عجائبه ... ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 01:50 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الأولى:
1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بكتاب الله في قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله..}.
اختلف المفسرون في المراد بـــ " كتاب الله " هنا على قولين :
القول الأول : أنه القرآن …. ذكره الزجاج وقال به ابن عطية .
ووجه ابن عطية هذا القول بـــ : أن التكذيب بالقرآن نبذ .
القول الثاني : أنه التوراة ….روي عن السدي وقتادة ونقل ذلك عنهم ابن كثير كما ذكره الزجاج وابن عطية .
ووجه هذا القول : بأن جحدها وكتمانها والكفر بما أخذ عليهم فيها نبذ لها . حاصل ما ذكره ابن كثير عن السدي وقتادة وما ذكره الزجاج و ابن عطية .

وقد اختار ابن عطية القول الأول واختار ابن كثير القول الثاني .
ويمكن الجمع بين القولين لإمكان استيعاب الآية لهما فكفر بعض أهل الكتاب بمحمد وما جاء به من القرآن هو كفر بالتوراة لما فيها من البشارة بمحمد وما معه من الحق .


ب. المراد بما تتلو الشياطين.
ما تتلوه أي : تلت أو ما كانت تتلوه ، فالمستقبل وضع موضع الماضي ….. ذكره الزجاج وابن عطية .
والتلاوةهناذكر لها معنيين :
الأول : بمعنى القراءة ... أورده ابن عطية عن عطاء .
الثاني : بمعنى التتبع ، كما تقول: جاء القوم يتلو بعضهم بعضا … أورده ابن عطية عن ابن عباس .

واختلفت المفسرون في المراد بــــ " ما تتلوه الشياطين " على قولين .
القول الأول : كتب السحر والكفر وتعليمهما …. حاصل ما قاله الزجاج وابن عطية وابن كثير .
القول الثاني : الكلمة التي كان يلقيها الشيطان إلى الكاهن ومعها المائة من الباطل …. ذكره ابن عطية
القول الثالث : أنه الشهوات من المعازف واللّعب وكلّ شيءٍ يصدّ عن ذكر اللّه …. ذكره ابن كثير .
والمعنى الثالث أشمل وأعم والمعنى الأول ألصق بسياق الآية ويدخل فيه المعنى الثاني .

ثم اختلفوا في توقيت هذا الفعل وكيفيته على أقوال :

القول الأول: إنهم كانوا يلقون إلى الكهنة الكلمة من الحق معها المائة من الباطل حتى صار ذلك علمهم، فجمعه سليمان ودفنه تحت كرسيه، فلما مات؛ قالت الشياطين: إن ذلك كان علم سليمان …. ذكره ابن عطية وروى بنحوه ابن كثير عن ابن جرير عن ابن الحارث مسندا .

القول الثاني : كان الذي تلته الشياطين سحرا وتعليما فجمعه سليمان عليه السلام كما تقدم …...ذكره ابن عطية

القول الثالث :إن سليمان -عليه السلام- كان يملي على كاتبه آصف بن برخيا علمه ويختزنه، فلما مات أخرجته الجن وكتبت بين كل سطرين سطرا من سحر ثم نسبت ذلك إلى سليمان ….ذكره ابن عطية كما رواه ابن كثير عن ابن عباس مسندا ً .

القول الرابع : إن آصف تواطأ مع الشياطين على أن يكتبوا سحرا وينسبوه إلى سليمان بعد موته …. ذكره ابن عطية .

القول الخامس : الجن كتبت ذلك بعد موت سليمان واختلقته ونسبته إليه ….. ذكره ابن عطية .

القول السادس :: إن الجن والإنس حين زال ملك سليمان عنه اتخذ بعضهم السحر والكهانة علما، فلما رجع سليمان إلى ملكه تتبع كتبهم في الآفاق ودفنها، فلما مات؛ قال شيطان لبني إسرائيل: هل أدلكم على كنز سليمان الذي به سخرت له الجن والريح، هو هذا السحر، فاستخرجته بنو إسرائيل وانبث فيهم، ونسبوا سليمان إلى السحر وكفروا في ذلك حتى برأه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم …. ذكره ابن عطية .

القول السابع : أن سليمان ابتلي بأخذ خاتمه وفي تلك الأثناء انطلقت الشياطين وكتبت كتبا فيها سحر وكفر ثمّ دفنوها تحت كرسيّ سليمان، ثمّ أخرجوها وقرؤوها على النّاس، وقالوا: إنّما كان سليمان يغلب النّاس بهذه الكلمة …… ذكره ابن كثير عن ابن عباس مسنداً .

2: فصل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}
يختلف تفسير الآية حسب مرجع الضمير في "يعلمان" على أقوال :
  • القول الأول : أنهما ملكين من السماء - والمتقدم ذكرهما في الآية - نزلا .بأمر الله تعالى إلى الأرض لفتنة الناس واختبارهم في الإيمان والكفر فمن تعلم السحر فقد كفر ومن أبى فقد آمن ، ويكون هذا نظير قوله تعالى : "{إنّ اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنه منّي إلّا من اغترف غرفة بيده}. ويكون تعلم السحر على هذا القول كفرا .وهذا الذي عليه ظاهر الآية وعليه كثير من السلف ولا ينافي عصمة الملائكة .

القول الثاني : أنهما ملكين من السماء ولكن نزلا ليُعلِما الناس بالسحر وينهيانهم عنه ويحذرانهم منه ، ويكون تعلم السحر على هذا القول ليس بكفر . ولكن هذا المعنى ينافي العرف السائد في التعليم .

  • القول الثالث : أن السحر لم ينزل على الملكين وأن مرجع الضمير في " يعلمان" عائدا على الشياطين ومنهما هاروت وماروت ...وهذا بعيد .

وهذان الملكان لم يعلما أحدا السحر إلا أخبراه أولا بعاقبة أمره إن تعلم منهما ذلك وأن ما هما " فتنة" أي اختبار وامتحان وابتلاء له له ولإيمانه وثباته عليه وذلك نظير قوله تعالى إخبارًا عن موسى، عليه السّلام، حيث قال:{إن هي إلا فتنتك}أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانك{تضلّ بها من تشاء وتهدي من تشاء} [الأعراف: 155].
وقد استدلّ بعضهم بهذه الآية على تكفير من تعلّم السّحر، ويستشهد له بالحديث الذي رواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همامٍ، عن عبد اللّه، قال: «من أتى كاهنًا أو ساحرًا فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».فالملكان يحذرانه من السحر الذي هو عين الكفر فيقولان له "فلا تكفر" بتعلمك السحر أو استعماله حتى يقيمان الحجة عليه .



3: أجب عما يلي:
أ: كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟
ذكر الوزير أبو المظفّر يحيى بن هبيرة بن محمّد بن هبيرة في كتابه: "الإشراف على مذاهب الأشراف" بابًا
في السّحر، فقال: أجمعوا على أنّ السّحر له حقيقةٌ إلّا أبا حنيفة، فإنّه قال: لا حقيقة له عنده.
و أهل السّنّة جوّزوا وجود السحر وأنه على الحقيقة وأن يقدر السّاحر أن يطير في الهواء، ويقلب الإنسان حمارًا، والحمار إنسانًا، إلّا أنّهم قالوا: إنّ اللّه يخلق الأشياء عندما يقول السّاحر تلك الرّقى و [تلك] الكلمات المعيّنة، ، وقد استدلّ على وقوع السّحر وأنّه بخلق اللّه تعالى،
- بقوله تعالى:{وما هم بضارّين به من أحدٍ إلا بإذن اللّه}
- ومن الأخبار بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سحر، وأنّ السّحر عمل فيه وأعياه إلى أن منّ الله عليه بأخراجه ومن ثم شفائه منه،
- وبقصّة تلك المرأة مع عائشة، رضي اللّه عنها، وما ذكرت تلك المرأة من إتيانها بابل وتعلّمها السّحر وذلك أن صحت القصة وصدقت المرأة القول مع عائشة رضي الله عنها .

ب: ما الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}؟

وردت آثاراً كثيرة في هذه الآية كلها تعد من الإسرائيليات التي لم يثبت شي منها بحديث مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن لا نصدق من الإسرائيليات إلا ما جاء الشرع بتصديقه .
والحقيقة أن في ذكره هذه الآثار ما يشعر بالتنقص من الملائكة الذين ذكرهم الله تعالى بقوله " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" ،وقد جمع ابن كثير بين هذا الأمر وأمر احتمال صحة الحديث الوارد عن الإمام أحمد قائلا :" كون الجمع بين هذا وبين ما ثبت من الدّلائل على عصمة الملائكة أنّ هذين سبق في علم اللّه لهما هذا، فيكون تخصيصًا لهما، فلا تعارض حينئذٍ، كما سبق في علمه من أمر إبليس ما سبق، وفي قولٍ: إنّه كان من الملائكة، لقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى} [طه: 116]، إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على ذلك. مع أنّ شأن هاروت وماروت -على ما ذكر- أخفّ ممّا وقع من إبليس لعنه اللّه " أهـ
وبغير تفنيد لهذا القول لم أجده ناجعا في المسألة لأنه ينبني على أمور غير مقطوع بصحتها والله تعالى أعلى وأعلم .
وظاهر سياق القرآن إجمال القصّة من غير بسطٍ ولا إطنابٍ فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده اللّه تعالى، ولو أراد الله التفصيل لفصّل لنا ولو علم أن في التفصيل خير ما كان حرمنا خيرا ، فكثير من الاسرائيليات الواردة بتفصيل القصص الوارد مجملا في القرآن مما لا فائدة في ذكره ، فلا ينتفع بها العبد ولا يزداد بها إيماناً ، فلا تعنينا معرفتها ولا يضرنا إجمالها والله تعالى أعلم بكتابه .




رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 02:43 PM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي المجلس الثالث: مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة

المجموعة الأولى:

1: حرر القول في المسائل التالية:

أ. المراد بكتاب الله في قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله..}.

القول الأول: التوراة؛ لأن الذين كفروا بالرسول عليه السلام قد نبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف و سحر هاروت و ماروت، فلم يوافق القرآن ذكره ابن كثير في نفسيره عن السدي. وقال به الزجاج و ابن عطية.
القول الثاني: القرآن لأن الكفر و التكذيب به هو نبذ. قال به الزجاج و ابن عطية.

ب. المراد بما تتلو الشياطين.

•اختلف أهل التفسير في سبب ذلك، على قولين: أحدهما: أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ويستخرجون السحر، فأطلع الله سليمان ابن داود عليه، فاستخرجه من أيديهم، ودفنه تحت كرسيه، فلم تكن الجن تقدر على أن تدنو من الكرسي. بعد موت سليمان عليه السلام استخرجته من تحت كرسيه،وقالت إنه لم نبيا بل كان ساحرا يسخر الشياطين و الرياح، فأنزل الله براءته في هذه الآية.

والثاني: أن (آصف بن برخيا) وهو كاتب سليمان واطأ نفرا من الشياطين على كتاب كتبوه سحرا ودفنوه تحت كرسي سليمان، ثم استخرجوه بعد موته وقالوا: هذا سحر سليمان، فبرأه الله تعالى من قولهم.

•إن الجن كتبت ذلك بعد موت سليمان و نسبته إليه.
•أنهم كانوا يسترقون السمع من السماء و يزيدوا عليها سبعين كذبة،و يلقونها إلى الكهنة حتى صار ذلك علما لهم فجمعه سليمان و دفنه تحت كرسيه.
و المراد بتتلوا:
تقرأ من تلاوة. قال به عطاء.
وتتلوا: أي تتبع كما القول جاء القوم يتلو بعضهم بعضا. قال به ابن عباس.
وقيل هي المعازف و اللعب و كل لهو يصد عن ذكر الله .ذكره ابن كثير في تفسير الآية.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عصام بن روّاد، حدّثنا آدم، حدّثنا المسعوديّ، عن زيادٍ مولى ابن مصعبٍ، عن الحسن: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين} قال:«ثلث الشّعر، وثلث السّحر، وثلث الكهانة».
و لا تعارض بين هذه السياقات و الأقوال.

•2فصل القول في تفسير قول الله تعالى:

{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}

ذكر الزجاج فيهما قولين:

أحدهما و قد أثبته:أن الملكين كانا يعلمان الناس السحر،"وعلمت"و "أعلمت " لها ذات المعنى و هو أنهما كانا يعلمان نبأ السحر، مثل ذلك كمن يسأل عن الزنا و ما القذف؟ فيُعلّم أنه حرام، و بعد ذلك يؤمروا لإجتنابه كما أمر الملكين الناس باجتناب السحر. و على هذا التأويل يكون تعليم السحر جائز و لكن العمل به هو الحرام و يؤثم فاعله و يعاقب.

القول الثاني و هو جائز عند الزجاج: أنه ابتلاء و اختبار للناس بالملكين في ذلك الوقت، و جعل الابتلاء في الكفر و الإيمان بقبول تعلم السحر، فيكون بتعلمه كافراً،وإذا لم يقبل به كان مؤمناً، والدليل على ذلك: أن فرعون فزع في أمر موسى صلى الله عليه وسلم إلى السحر, فقال: {ائتوني بكل ساحر عليم}, وهذا ممكن أن يمتحن اللّه به كما امتحن بالنهر في قوله: {إنّ اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنه منّي إلّا من اغترف غرفة بيده}.

وقول ثالث: قد قيل أن السحر ما أنزل على الملكين، ولا أمرا به و لا أتى به سليمان عليه السلام،" وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين}, فيكون "ما" جحدا، ويكون "هاروت" و"ماروت" من صفة الشياطين، على تأويل هؤلاء،كقول الغاوي و الخليع و قد رده الزجاج و قال إن التفسير يكون على مذهب أهل اللغو و نقل أهل العلم.

وقد ذكر ابن عطية في تفسيره مثل هذا القول؛ حيث قال:

ذكر ابن الأعرابي في الياقوتة أن (يعلّمان) بمعنى: يعلمان ويشعران كما قال كعب بن زهير:
تعلّم رسول الله أنّك مدركي ....... وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد

وأن الآية تحمل على أن الملكين إنما نزلا يعلمان الناس السحر و ينهونهم عنه.وقال الجمهور:بل التعليم على عرفه.

وذكر ابن كثير في قوله تعالى : ( وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) إلى أن " ما " نافية ، التي في قوله : ( وما أنزل على الملكين ) قال القرطبي : " ما " نافية ومعطوفة على قوله : ( وما كفر سليمان ) ثم قال : ( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل ) أي : السحر ( على الملكين ) وذلك أن اليهود لعنهم الله كانوا يزعمون أنه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم الله في ذلك كما أكذبهم في اتهامهم لسليمان عليه السلام وجعل قوله : ( هاروت وماروت ) بدلا من : ( الشياطين ) قال : وصح ذلك ، إما لأن الجمع قد يطلق على الاثنين كما في قوله : ( فإن كان له إخوة ) [ النساء : 11 ] أو يكون لهما أتباع ، أو ذكرا من بينهم لتمردهما ، فتقدير الكلام عنده : تعلمون الناس السحر ببابل ، هاروت وماروت . ثم قال : وهذا أولى ما حملت عليه الآية وأصح ولا يلتفت إلى ما سواه .

وذكر ابن كثير أن الملكين قد علما الخير و الشر والكفر و الإيمان ، و فعلما أن السحر كفر، و لذلك كانوا يحذروا من جاءهم يتعلم منهم السحر أنهما فتنة و ابتلاء فلا تتعلم السحر فتكفر،لأنه ذكر عن ابن جريج في تفسيره هذه الآية: " لا يجترئ على السحر إلا كافر.

أن السحر هو علم و به يفرق بين المعجزة و السحر ،ولكن العمل به هو الإثم.

و من دراسة هذه الآية يتبين أن الملكين قد فتنا و رضيا بعذاب الدنيا لأنه ينقضي بينما عذاب الآخرة عذاب مقيم، و أنهما كانا يحذران الناس من السحر و الكفر.

3: أجب عما يلي:

أ: كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟

•بقول الله تعالى: : {فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه، فقد ورد في تفسير الآية من الآثار ما يبين أن الناس تتعم من هاروت و ماروت ما يفرقون به بين المرء و زوجه من ألفة و مودة. و هذا من صنيع الشياطين كما رواه مسلمٌ في صحيحه، من حديث الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافعٍ، عن جابر بن عبد اللّه، رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «إن الشّيطان ليضع عرشه على الماء، ثمّ يبعث سراياه في النّاس، فأقربهم عنده منزلةً أعظمهم عنده فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلانٍ حتّى تركته وهو يقول كذا وكذا. فيقول إبليس: لا واللّه ما صنعت شيئًا. ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتّى فرّقت بينه وبين أهله»، قال: «فيقرّبه ويدنيه ويلتزمه، ويقول: نعم أنت».

•و قد ورد في ذات الآية قوله تعالى :{وما هم بضارّين به من أحدٍ إلا بإذن اللّه}؛ أنه قد يقع الضرر و لكنه بمشيئة الله تعالى. و الضرر شئ محسوس و ملموس من أعراض جسمانية و عقلية و أوهام.
•ولقد ورد في القرآن "سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ"، و أن فرعون استعان بعلم السحرة " وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ"

•ومن السيرة فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد سحره لبيد بن الأعصم و هو يهودي، و قد سحر حقيقة و جاء جبريل عليه السلام و قد رقاه حتى برأ مما يراه و يشعر به.

•وأهل السنة قد أقروا أن الساحر قد يطير في الهواء و يفعل أشياء لا يستوعبها العقل ؛إلا أنهم قالوا أن الله يخلق هذه الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرقي.

•و من الآثار حديث المرأة التي جاءت لعائشة رضي الله عنها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم بوقت قصير تشتكي لها أنها تعلمت السحر و قد تمكن منها و تريد التوبة و الشفاء

ب: ما الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}؟

الأية نزلت لتبرئة نبي الله سليمان عليه السلام مما اتهمه به اليهود وعليه علينا أن نقبل بما ثبت صحته في القرآن و تفسير الآيات و من الأحاديث الصحاح.و لقدأرشدنا الرسول صلى الله عليه و سلم إلى كيفية التعامل مع الإسرائليات فنحتكم إلى القرآن و السنة و نقف على ما ليس لدينا دليل عليه.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 05:20 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الثانية



: حرر القول في المسائل التالية:



أ. المراد بالملكين.

{ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَينِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ } وفي { مَا } ها هنا وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى الذي ، وتقديره الذي أنزل على الملكين .
والثاني : أنها بمعنى النفي ، وتقديره : ولم ينزل على الملكين .



وفي الملكين قراءتان :

إحداهما : بكسر اللام ،(على الملِكَيْنِ)
وفيه قولان
أولا : كانا من ملوك بابل وعلوجها هاروت وماروت ، وهذا قول أبي الأسود الدؤلي . ذكره ابن عطيةوابن كثير.... على هذا القول "ما " غير نافية
- الثاني . قال ابن أبزى : وهما داود وسليمان...حكاه القرطبي عن ابن عباس وابن أبزى والضحاك والحسن البصري . ذكره ابن كثير . وعلى هذا القول { ما } نافية

والقراءة الثانية : بفتح اللام.{المَلَكَيْنِ} من الملائكة

وفيه قولان :
أحدهما : جبريل وميكائيل.. وعلى هذا القول { ما } نافية
ذلك أن سحرة اليهود زعموا ، أن الله تعالى أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود ، فأكذبهم الله بذلك ، وفي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : وما كفر سليمان ، وما أنزل على الملكين ، ولكن الشياطين كفروا ، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت ، وهما رجلان ببابل . ذكره ابن عطية وابن كثير
-عن عطية { وَمَا أُنزلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ } قال : ما أنزل الله على جبريل وميكائيل السحر .رواه ابن أبي حاتم.

والثاني : أن هاروت وماروت مَلَكان ، أنزلهما الله إلى الأرض ، وأذن لهما في تعليم السحر اختبارًا لعباده وامتحانًا. على هذا القول "ما " غير نافية
وسبب ذلك ، أن الله تعالى لما أطلع الملائكة على معاصي بني آدم ، عجبوا من معصيتهم له مع كثرة أَنْعُمِهِ عليهم ، فقال الله تعالى لهم : أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، فقالوا : سبحانك ما ينبغي لنا ، فأمرهم الله أن يختاروا ملكين ليهبطا إلى الأرض ، فاختاروا هاروت وماروت فأُهْبِطَا إلى الأرض ، وأحل لهما كل شيء ، على ألا يُشْرِكا بالله شيئاً ، ولا يسرقا ، ولا يزنيا ، ولا يشربا الخمر ، ولا يقتلا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فعرضت لهما امرأة وكان يحكمان بين الناس تُخَاصِمُ زوجها واسمها بالعربية : الزهرة ، وبالفارسية : فندرخت ، فوقعت في أنفسهما ، فطلباها ، فامتنعت عليهما إلا أن يعبدا صنماً ويشربا الخمر ، فشربا الخمر ، وعبدا الصنم ، وواقعاها ، وقتلا سابلاً مر بهما خافا أن يشهر أمرهما ، وعلّماها الكلام الذي إذا تكلم به المتكلم عرج إلى السماء ، فتكلمت وعرجت ، ثم نسيت ما إذا تكلمت به نزلت فمسخت كوكبا ، قال : كعب فوالله ما أمسيا من يومهما الذي هبطا فيه ، حتى استكملا جميع ما نهيا عنه ، فتعجب الملائكة من ذلك .
ثم لم يقدر هاروت وماروت على الصعود إلى السماء ، فكانا يعلّمان السحر ..وقد استغرب هذاالقول ابن كثير
عن عمير بن سعيد ، عن علي قال : هما ملكان من ملائكة السماء . يعني : { وَمَا أُنزلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ }..رواه ابن أبي حاتم
عن أبي الطفيل ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الزّهَرة ، فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت " رواه ابن أبي حاتم قال ابن كثير وهذا أيضًا لا يصح وهو منكر جدًا . والله أعلم .

فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.

ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
ورد فيه أقوال.حسب المراد بمن الذي سأل
1-قيل الذي سألوا هم اليهود
سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم أن " ائتنا بكتابٍ تنزله علينا من السّماء نقرؤه، وفجّر لنا أنهارًا نتبعك ونصدّقك. .." قاله ابن عباس..ذكره ابن عطية وابن كثير
وهذا مثل ما كانوا يسألون موسى من قبل.{..يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ..}
2-وقيل الذين سألوا هم كفار قريش
-قيل: أنهم سألوا الرسول محمد أن يأتيهم بالله جهرة، وقيل: سألوه أن يأتي بالله والملائكة قبيلا.
ويكون هذا مثل سؤال موسى من قبل وهو أرنا الله جهرة
- وقبل سألوه أن يرد الصفا ذهبا، فقال لهم: خذوا ذلك كالمائدة لبني إسرائيل، فأبوا ونكصوا..قاله مجاهد السدي وقتادة .ذكره ابن عطية وابن كثير
.. وهذا مثل ما سأل قوم عيسى من عيسى المائدة.
وقيل الذين سألوا هم الصحابة
-قال أبو العالية: إن هذه الآية نزلت حين قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: ليت ذنوبنا جرت مجرى ذنوب بني إسرائيل بتعجيل العقوبة في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل. وتلا: ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر اللّه يجد اللّه غفوراً رحيماً. [النساء: 110].
والمعنى أن المسلمين كانوا يسألون محمدا صلى الله عليه وسلم عن أمور لا خير لهم في البحث عنها ليعلموها كما سأل اليهود موسى عليه السلام ما لم يكن لهم فيه خير عن البحث عنه..ذكره الزجاج
الراجح قال ابن كثير:
والمراد أنّ اللّه ذمّ من سأل الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم عن شيء، على وجه التعنّت والاقتراح، كما سألت بنو إسرائيل موسى، عليه السّلام، تعنّتًا وتكذيبًا وعنادًا

فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.
سبب نزول الآية
قيل في سبب نزولها أقوال
أنها نزلت في كعب بين الأشرف إذ كان يهجوا النبي صلى الله عليه وسلم
- عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه : أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا ، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم . وفيه أنزل الله : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ } إلى قوله : { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا }رواه ابن أبي حاتم

- وقيل أن حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر أتيا بيت المدراس، فأراد اليهود صرفهم عن دينهم، فثبتا عليه ونزلت الآية .
- وقيل : إنما هذه الآية تابعة في المعنى لما تقدم من نهي الله عن متابعة أقوال اليهود في { راعنا } [ البقرة : 104 ] وغيره ، وأنهم لا يودون أن ينزل خير ، ويودون أن يردوا المؤمنين كفاراً .
مقصد الآية
فيها تحذير من الله تعالى لعباده المؤمنين عن سلوك طرائق الكفّار من أهل الكتاب.
ود كثير من أهل الكتاب
ود: أحب وتمنى.
المراد بالكتاب
التوراه...
وعليه يكون المراد بأهل الكتاب..اليهود
المراد ب "كثير "
قيل : " كثير " هنا واحد، وهو كعب بن الأشرف قاله الزهري..ذكره ابن عطية وتقعبه بقوله " هذا تحامل، وقوله تعالى يردّونكم يرد عليه"
وقيل : هما ابنا أخطب.
حيي وأبو ياسر. قاله ابن عباس... ذكره ابن عطية.
وقيل :
علماء اليهود....قاله الزجاج
لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا
"ولو ".... مصدرية ... أى ود كثير من أهل الكتاب ردكم
"لو يردونكم" أيها المؤمنون " من بعد " إيمانكم " بعدما كنت مؤمنين مهتدين عارفين للحق عاملين به.." كفارا " أي يردونكم إلى دينهم ضالين مضلين عن الهدى و إتباع الحق .
و الحامل لهم على ودادة ردكم كفاراً هو الحسد؛ أي يحسدونكم على نعمة الإيمان والهداية.
( مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ) أي : من قبل أنفسهم فلم يؤمروا به ، ولا وجدوه في كتاب إنما اخترقوه واخترعوه من قبل أنفسهم .
-قال الرّبيع بن أنسٍ: {من عند أنفسهم}من قبل أنفسهم..ذكره ابن كثير
واختلف في تعلق " من عند أنفسهم .
- فقيل يتعلق ب ودّ لأنه بمعنى ودوا..ذكره ابن عطية والزجاج
و يكون في الآية تقديم وتأخير ، " وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً "
و المعنى: مودتهم بكفركم من عند أنفسهم...أي مِنْ قِبَلِ شَهَواتِهم ؛أن ودادتهم ذلك هي من جهة التدين واتباع الحق . و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ
- وقيل: يتعلق بقوله حسداً فالوقف على قوله كفّاراً.ذكره ابن عطية..
ويكون '( من عند أنفسهم ) صفةٌ ل " حَسَدا " ، فهو في محلِّ نصبٍ ، ويتعلَّقُ بمحذوفٍ أي : حَسَداً كائناً مِنْ قِبَلهم وشهوتِهم .
ولم يرضه الزجاج.ورده بقوله وقوله: {من عند أنفسهم}موصول بـ{ود الذين كفروا}، لا بقوله{حسداً}؛ لأن حسد الإنسان لا يكون من عند نفسه.
والمعنيين متقاربين يعنى أن ودادة الكفر والحسد على الإيمان لا يكون إلا من عند أنفسهم . فم يجدوا ذلك في كتاب ولا أمروا به فهو من تلقائهم؛ ولفظة الحسد تعطي هذا، فجاء من عند أنفسهم تأكيدا وإلزاما، وهو نظير قوله تعالى ( يقولون بأفواههم) ، (ويكتبون الكتاب بأيديهم ؛) ولا طائرٍ يطير بجناحيه )
- وقيل يتعلق بقوله ب (يردّونكم)، فالمعنى الردُّ مِنْ تِلْقائِهم وجِهَتِهم وبإغوائهم .
وتزيينهم.، و " مِنْ " للسببية .
( مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ ) " مِّن بَعْدِ مَا " متعلِّقٌ ب " وَدَّ " ، و " مِنْ " للابتداءِ ، أي إنَّ ودَادَتَهم ذلك ابتدأتْ من زمان وضوحِ الحقِّ وتبيُّنِه لهم؛ فالحق واضح لديهم فلا يغيب عنهم..بل فعلهم ذلك قائم على سبيل الحسد والعناد
المراد بالحق
-المراد به في هذه الآية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وصحة ما المسلمون عليه. ذكره ابن عطية وابن كثير
-قال أبو العالية: {من بعد ما تبيّن لهم الحقّ}من بعد ما تبيّن لهم أنّ محمّدًا رسول اللّه يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل، فكفروا به حسدًا وبغيًا؛ إذ كان من غيرهم. وكذا قال قتادة والرّبيع والسّدّيّ.ذكره ابن كثير
و وفي الآية إشارة إلى خبث نفوس اليهود وسوء طويتهم..و مدى الجمود على الباطل الذي هم قائمون عليه



أجب عما يلي:
أ: ما المراد بملك سليمان في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان}؟

المراد ب {على ملك سليمان}..
.أي على عهد ملك سليمان.ذكره المفسرون الثلاثة..والمعنى .. على شرعه ونبوته وحاله...... ذكره ابن عطية.
-وقال السدي في قوله تعالى : { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ } أي : على عهد سليمان..ذكره ابن كثير

وعدي الفعل تتلوا ب "على" لفائدة التضمين..تضمين الفعل تتلوا تكذب.ذكره ابن كثير
2- وقيل في ملك سليمان بمعنى في قصصه وصفاته وأخباره . وهو قول ابن جري ذكره ابن عطية وابن كثير.
- وبناء هذا القول أن حروف المعاني تتناوب..ف "على " بمعنى "في"
وقد رجح ابن كثير القول الأول بقوله : ..: والتضمن أحسن وأولى ، والله أعلم .

ب: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها}.

القراءات في " ننسخ ".
-قرأ جمهور الناس «ما نَنْسخ » بفتح النون وفتح السين ، من نسخ .
-وقرأت طائفة «نُنسخ » ، بضم النون ومن كسر السين ؛ من «أنسخ » ، وبها قرأ ابن عامر وحده من السبعة .

المعنى
قيل القراءات على معنى واحد و وأن اختلفتا في اللفظ فيكون «ما نَنْسخ » بمعنى«نُنسخ »..قاله أبو على الفارسي
وذهب ابن عطية أن هناك فرقا بينهما على وجهين
1- أحدهما أن يكون المعنى ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ ، أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله أي ذلك فعلنا فإنا نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله ، فيجيء الضميران في { منها } و { مثلها } عائدين على الضمير في { ننسأها }
2- والمعنى الآخر أن يكون { ننسخ } من النسخ بمعنى الإزالة ويكون التقدير ما ننسخك أي نبيح لك نسخه ، كأنه لما نسخها الله أباح لنبيه تركها بذلك النسخ ، فسمى تلك الإباحة إنساخاً .



والنسخ له ثلاث معان
1-الإزالة..يقال نسخت الشمس الظل أي أزالته
2-النقل . يقال نسخت الكتاب أي نقلت كتابته .. كقوله تعالى: (إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون)
3-والترك..
وفي الاصطلاح..رفع الحكم بدليلٍ شرعيٍّ متأخّرٍ.
فأقرب المعانى اللغوية للمعنى الاصطلاحى هو معنى الإزالة.


اختلاف القراءات في كلمة " ننسها"
وردت كلمة ننسها على ثلاث معان..النسيان ؛ الترك ؛ التأخير.
1- معنى النسيان
القراءات
القراءة المتواترة
قرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وجمهور من الناس «ننسها» بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر السين وترك الهمزة.


ومن القراءات الشاذة في ذلك
-قرأ سعد بن أبي وقاص «أو تُنْسَها » بتاء على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ونون بعدها ساكنة وفتح السين ، هكذا قال أبو الفتح وأبو عمرو الداني .
-وقرأ الضحاك بن مزاحم وأبو رجاء «نُنَسِّها » بضم النون الأولى وفتح الثانية وسين مكسورة مشددة.
-وقرأ أبي بن كعب «أو نُنْسِك » بضم النون الأولى وسكون الثانية وسين مكسورة وكاف مخاطبة ، -وفي مصحف سالم مولى أبي حذيفة «أو ننسكها » مثل قراءة أبيّ إلا أنه زاد ضمير الآية .
-وقرأ الأعمش «ما ننسك من آية أو ننسخها نجىء بمثلها » وهكذا ثبتت في مصحف عبد الله بن مسعود
-والمراد بالنسيان ضد الذكر ..من أنسى المنقول من نسي
كما قال تعالى :{ سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء اللّه}؛ وقوله تعالى : { واذكر ربك إذا نسيت }
وقد أنكر الزجاج أن تحمل الآية على النسيان الذي هو ضد الذكر ، قال : وهذا القول عندي ليس بجائز....ذلك أن هذا لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم ولا نسي قرآناً .
، وقال أبو علي وغيره : ذلك جائز وقد وقع ولا فرق بين أن ترفع الآية بنسخ أو بتنسئة ، واحتج الزجاج بقوله تعالى : { ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك } [ الإسراء : 86 ] ، أي لم نفعل ، قال أبو علي معناه لم نذهب بالجميع .
الآثار الواردة في ذلك
-عن قتادة في قوله: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها}قال: كان اللّه تعالى ينسي نبيّه ما يشاء وينسخ ما يشاء.رواه عبد الرزاق
- عن الحسن أنّه قال في قوله: {أو ننسها}قال: إنّ نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم أقرئ قرآنًا ثمّ نسيه. رواه ابن جريرٍ.
- عن ابن عبّاسٍ، قال: كان ممّا ينزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الوحي باللّيل وينساه بالنّهار، فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها}رواه ابن أبي حاتمٍ.
.وقال عبيد بن عميرٍ: {أو ننسها}نرفعها من عندكم. رواه ابن أبي حاتمٍ.

معنى الآية:
ما ننسخ من آية أو نقدر نسيانك لها فتنساها حتى ترتفع جملة وتذهب فإنا نأتي بما هو خير منها لكم أو مثله في المنفعة .

2-معنى الترك
القراءات
- قرأت طائفة «أو ننسها» بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح السين، وهذه بمعنى الترك.
قال ابن عطية ذكرها مكي ولم ينسبها، وذكرها أبو عبيد البكري في كتاب اللآلي عن سعد بن أبي وقاص، وأراه وهم.
وقد أنكر الزجاج . أنسى يجيء بمعنى نسي قال: يقال: نسيت إذا تركت، ولا يقال: أنسيت أي: تركت.
قال :..وإنما معنى{أو ننسها}: أو نتركها, أي: نأمر بتركها.
الآثار الواردة
- عن ابن عباس: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسئها} يقول: ما نبدّل من آيةٍ، أو نتركها لا نبدّلها.ذكره ابن كثير
معنى الآية
للآية أربع معان ذكرها ابن عطية
-أحدها : ما ننسخ على وجوه النسخ. أو نترك غير منزل عليك فإنا لا بد أن ننزل رفقاً بكم خيراً من ذلك أو مثله حتى لا ينقص الدين عن حد كماله .
-والمعنى الثاني أو نترك تلاوته وإن رفعنا حكمه فيجيء النسخ على هذا رفع التلاوة والحكم.
-والمعنى الثالث أو نترك حكمه وإن رفعنا تلاوته فالنسخ أيضاً ، على هذا رفع التلاوة والحكم .
-والمعنى الرابع أو نتركها غير منسوخة الحكم ولا التلاوة ، فالنسخ على هذا المعنى هو على جميع وجوهه ، ويجيء الضميران في { منها أو مثلها } عائدين على المنسوخة فقط، وكان الكلام إن نسخنا أو أبقينا فإنا نأتي بخير من المنسوخة أو مثلها. ذكره ابن عطية
وزاد الزجاج معنى آخر
وهو ما ننسخ أي نبطل حكم آية بأية أخرى أو نترك حكم آية ما بغير مجيء آية ناسخة
قال وهذا هو الفرق بين النسخ و الترك..فالنسخ إبطال حكم أية سابقة بأية متأخرة
....وأما الترك فهو إبطال العمل بآية سابقة لكن ذلك الإبطال يكون بغير آية ناسخة متأخرة ..مثال ذلك.. نحو: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن}, ثم أمر المسلمون بعد ذلك بترك المحنة. فهذا معنى الترك.

1- معنى التأخير
القراءات
القرءاة المتواترة
- قرأ المكي والبصري بفتح النون الأولى والسين وهمزة ساكنة بين السين والهاء "ننسأها"....) فهذه بمعنى التأخير، تقول العرب أنسأت الدين وغيره أنسؤه إنساء إذا أخرته ..قال ابن فارس ويقولون نسأ الله في أجلك وأنسأ الله أجلك
القراءات الشاذة
- قرأت فرقة مثل هذه القراءة إلا أنها بتاء مفتوحة أولاً على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وإسناد الفعل إليه.
- قرأ أبو حيوة مثل ذلك إلا أنه ضم التاء أولاً .
.الآثار الواردة في ذلك
- عن سليمان بن أرقم، عن الزّهريّ، عن سالمٍ، عن أبيه، قال: قرأ رجلان سورةً أقرأهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فكانا يقرآن بها، فقاما ذات ليلةٍ يصلّيان، فلم يقدرا منها على حرفٍ فأصبحا غاديين على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فذكرا ذلك له، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّها ممّا نسخ وأنسي، فالهوا عنها". فكان الزّهريّ يقرؤها: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها}بضمّ النّون خفيفةً. رواه الطبراني..قال ابن كثير سليمان بن أرقم ضعيفٌ
.
-وقال مجاهدٌ عن أصحاب ابن مسعودٍ: {أو ننسئها} نثبت خطّها ونبدّل حكمها.
-وقال عبيد بن عميرٍ، ومجاهدٌ، وعطاءٌ: {أو ننسئها} نؤخّرها ونرجئها.
- وقال عطيّة العوفيّ: {أو ننسئها} نؤخّرها فلا ننسخها.
-. وقال الضّحّاك: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسئها}يعني: النّاسخ من المنسوخ.
- وقال أبو العالية: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسئها}أي: نؤخّرها عندنا.
- عن ابن عبّاسٍ قال: خطبنا عمر، رضي اللّه عنه، فقال: يقول اللّه عزّ وجلّ: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها}أي: نؤخّرها..رواه ابن أبي حاتم..ذكر هذه الآثار ابن كثير




معنى الآية
للآية أ ربع معان مثل المعاني التى تم ذكرها في معنى "الترك"
- أولها ما ننسخ أو نؤخر إنزاله. .
-والثاني ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر حكمه وإن أبقينا تلاوته .
- والثالث ما ننسخ النسخ الأكمل أو نؤخر تلاوته وإن أبقينا حكمه .
-والرابع ما ننسخ أو نؤخره مثبتاً لا ننسخه .

ويعود الضميران كما ذكر في الترك،أي عائدان على المنسوخة فقط.

.
والمعاني الثلاث التي ذكرت وان كانت بعضها أقوى من بعض لكن الآية تحتملها كلها..والله أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 08:48 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة
الآيات (101 - 110)
المجموعة الأولى


1: حرر القول في المسائل التالية:
أ‌. المراد بكتاب الله في قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله..}.
كتاب اللّه مفعول ل(نبذ)
وللعلماء في المراد بكتاب الله أقوال :
القول الأول:القرآن ،ويكون على هذا القول التكذيب بالقرآن نبذ به ذكره الزجاج وابن عطية
القول الثاني: التوراة؛ ويكون على هذا القول التكذيب بالنبي صلى الله عليه وسلم نبذ للتوراة ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير وهذا القول يقويه السياق الذي بعده كما ذكر ابن كثير فيكون المعنى لمّا جاءهم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم عارضوه بالتّوراة فخاصموه بها، فاتّفقت التّوراة والقرآن، فنبذوا التّوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ :اطّرح طائفةٌ منهم كتاب اللّه الذي بأيديهم، ممّا فيه البشارة بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وراء ظهورهم، أي: تركوها، كأنّهم لا يعلمون ما فيها، وأقبلوا على تعلّم السّحر واتّباعه.
ب‌. المراد بما تتلو الشياطين.
للعلماء في المراد بما تتلو الشياطين أقوال :
القول الأول:
الذي كانت الشياطين تلته في ملك سليمان كتاب من السحر, فلبهت اليهود وكذبهم, ادعوا أن هذا السحر أخذوه عن سليمان ذكره الزجاج وابن عطية
القول الثاني:
إنهم كانوا يلقون إلى الكهنة الكلمة من الحق معها المائة من الباطل حتى صار ذلك علمهم، فجمعه سليمان ودفنه تحت كرسيه، فلما مات؛ قالت الشياطين ذكره ابن عطية وابن كثير
القول الثالث:
إن سليمان -عليه السلام- كان يملي على كاتبه آصف بن برخيا علمه ويختزنه، فلما مات أخرجته الجن وكتبت بين كل سطرين سطرا من سحر ثم نسبت ذلك إلى سليمان ذكره ابن عطية
القول الرابع:
إن آصف تواطأ مع الشياطين على أن يكتبوا سحرا وينسبوه إلى سليمان بعد موتهذكره ابن عطية وابن كثير
القول الخامس:
إن الجن كتبت ذلك بعد موت سليمان واختلقته ونسبته إليه،ذكره ابن عطية وابن كثير
القول السادس:
إن الجن والإنس حين زال ملك سليمان عنه اتخذ بعضهم السحر والكهانة علما، فلما رجع سليمان إلى ملكه تتبع كتبهم في الآفاق ودفنها، فلما مات؛ قال شيطان لبني إسرائيل: هل أدلكم على كنز سليمان الذي به سخرت له الجن والريح، هو هذا السحر، فاستخرجته بنو إسرائيل وانبث فيهم، ونسبوا سليمان إلى السحر وكفروا في ذلك حتى برأه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عطية وابن كثير
القول السابع :
كان سليمان -عليه السّلام- يتتبّع ما في أيدي الشّياطين من السّحر فيأخذه منهم، فيدفنه تحت كرسيّه في بيت خزانته، فلم يقدر الشّياطين أن يصلوا إليه، فدبّت إلى الإنس، فقالوا لهم: أتدرون ما العلم الذي كان سليمان يسخّر به الشّياطين والرّياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم. قالوا: فإنّه في بيت خزانته وتحت كرسيّه. فاستثار به الإنس واستخرجوه فعملوا بها. فقال أهل الحجا: كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحرٌذكره ابن كثير
القول الراجح:
قال ابن كثير :فهذه نبذةٌ من أقوال أئمّة السّلف في هذا المقام، ولا يخفى ملخّص القصّة والجمع بين أطرافها، وأنّه لا تعارض بين السّياقات على اللّبيب الفهم، واللّه الهادي.
وقوله تعالى: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان} أي: واتّبعت اليهود -الّذين أوتوا الكتاب بعد إعراضهم عن كتاب اللّه الذي بأيديهم ومخالفتهم الرّسول محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم- ما تتلوه الشّياطين، أي: ما ترويه وتخبر به وتحدثه الشّياطين على ملك سليمان. وعدّاه بعلى؛ لأنّه تضمّن تتلو: تكذب. وقال ابن جريرٍ: "على" هاهنا بمعنى "في"، أي: تتلو في ملك سليمان. ونقله عن ابن جريج، وابن إسحاق.
قلت: والتّضمّن أحسن وأولى، واللّه أعلم.


2: فصل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}.

{وما يعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}.
الآثار الواردة في الآية :
عن ابن عبّاسٍ، قال: «فإذا أتاهما الآتي يريد السّحر نهياه أشدّ النّهي، وقالا له: إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر، وذلك أنّهما علما الخير والشّرّ والكفر والإيمان، فعرفا أنّ السّحر من الكفر،فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا، فإذا أتاه عاين الشّيطان فعلمه، فإذا تعلّم خرج منه النّور، فنظر إليه ساطعًا في السماء، فيقول: يا حسرتاه! يا ويله! ماذا أصنع؟».
عن الحسن البصريّ أنّه قال في تفسير هذه الآية: «نعم، أنزل الملكان بالسّحر، ليعلّما النّاس البلاء الذي أراد اللّه أن يبتلي به النّاس، فأخذ عليهما الميثاق أن لا يعلّما أحدًا حتّى يقولا: {إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر
قال قتادة: «كان أخذ عليهما ألّا يعلّما أحدًا حتّى يقولا {إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر}أي: بلاءٌ ابتلينا به {فلا تكفر}».
مما سبق من الآثار يتبين أن أختبر الناس بملكين يعلمان السحروكانا يعلمان الناس السحر ويبينان أنه كفر وللعلماء في المراد بالآية أقوال سأذكرها .
معنى يعلمان في الآية :
القول الأول:
(يعلّمان) بمعنى: يعلمان ويشعران ،ذكره ابن الأعرابي في الياقوتة
كما قال كعب بن زهير:
تعلّم رسول الله أنّك مدركي ....... وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد
ويكون معنى الآية أن الملكين إنما نزلا يعلمان الناس بالسحر وينهيان
القول الثاني:
التعليم المراد هو التعليم المعروف، وهذا قول جمهور العلماء
للعلماء في المراد بقوله وما يعلمان أقوال :
القول الأول: أن الملكين يعلمان الناس السحر ،ويأمران الناس بإجتنابه وعلى هذا القول يكون العمل بالسحر كفراً بخلاف تعلمه
القول الثاني:أن الله أمتحن الناس بالملكين فيعلمان الناس السحر فمن تعلمه كفر ومن لم يتعلمه فهومؤمن ،وكان السحر قد كثر في ذلك الزمان
القول الثالث:أن تكون (ما)للجحد ،فيكون المعنى أن الله لم ينزل السحر على الملكين ولاأمرا به ولاعلماه ولكنّ الشّياطين هم الذين يعلّمون النّاس السّحر،وعلى هذا القول يكون هاروت وماروت من صفة الشياطين
القول الراجح:
كثير من أهل اللغة يرجحون القولين الأول والثاني ،والقول الثالث له وجه لكنه يخالف الحديث وما جاء في قصّة الملكين.
المراد بالفتنة:
الفتنة فهي المحنة والاختبار كقوله تعالى : {إن هي إلا فتنتك} أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانك {تضلّ بها من تشاء وتهدي من تشاء} [الأعراف: 155].
المراد بقوله «فلا تكفر»:
أما أن يكون الكفر بتعلم السحر وأما أن يكون باستعماله بناء على ماسبق من الأقوال ،وقولهم هذا من باب التحذير أو الإستهزاء .
3: أجب عما يلي:
أ: كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟
ذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ إِلَى أَنَّ السِّحْرَ ثَابِتٌ وَلَهُ حَقِيقَةٌ.
وَذَهَبَ عَامَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَبُو إسحاق الأسترآبادي مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ السِّحْرَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَمْوِيهٌ وَتَخْيِيلٌ وَإِيهَامٌ لِكَوْنِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ بِهِ، وَأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ الْخِفَّةِ وَالشَّعْوَذَةِ
دليل من قال أن السحر لاحقيقة له :
قَالَ تَعَالَى:( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى ) وَلَمْ يَقُلْ تَسْعَى عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنْ قَالَ" يُخَيَّلُ إِلَيْهِ".
وَقَالَ أَيْضًا:( سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ )

الرد على من قال أن السحر تخييل :
قال القرطبي بعد ذكر قول القائلين بأن السحر تخييل : وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّا لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ التَّخْيِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ جُمْلَةِ السِّحْرِ، وَلَكِنْ ثَبَتَ وَرَاءَ ذَلِكَ أُمُورٌ جَوَّزَهَا الْعَقْلُ وَوَرَدَ بِهَا السَّمْعُ،
* فَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ ذِكْرِ السِّحْرِ وَتَعْلِيمِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقِيقَةٌ لَمْ يُمْكِنْ تَعْلِيمُهُ، وَلَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يُعَلِّمُونَهُ النَّاسَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقِيقَةٌ.
*وَقَوْلُهُ تَعَالَى في قصة سحرة فرعون:" وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ"
* وَسُورَةِ" الْفَلَقِ"، مَعَ اتِّفَاقِ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا مَا كَانَ مِنْ سِحْرِ لَبِيَدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، وَهُوَ مِمَّا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيَدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا حُلَّ السِّحْرِ: (إِنَّ اللَّهَ شَفَانِي). وَالشِّفَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ بِرَفْعِ الْعِلَّةِ وَزَوَالِ الْمَرَضِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقًّا وَحَقِيقَةً، فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عَلَى وُجُودِهِ وَوُقُوعِهِ.
وَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ الَّذِينَ يَنْعَقِدُ بِهِمُ الْإِجْمَاعُ، وَلَا عِبْرَةَ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ بِحُثَالَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَمُخَالَفَتِهِمْ أَهْلَ الْحَقِّ.
وَلَقَدْ شَاعَ السِّحْرُ وَذَاعَ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ، وَلَمْ يَبْدُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ إِنْكَارٌ لِأَصْلِهِ.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْأَعْوَرِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: عِلْمُ السِّحْرِ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ يُقَالُ لَهَا:" الْفَرَمَا" فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، مُكَذِّبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، مُنْكِرٌ لِمَا عُلِمَ مُشَاهَدَةً وَعِيَانًا
ب: ما الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}؟
الموقف من الإسرائليات عموما:
قال معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: " والإسرائيليات ذكر شيخ الإسلام بن تيمية أنها ثلاثة أنواع، والصحيح أنها أربعة:
أما الأولمما ذكره: مما نعلم أنه في شريعتنا، فهذا لا بأس بروايته؛ لأنه جاء في شريعتنا ما يؤيده.
والثاني: ما نعلم أنه في شريعتنا ما يكذّبه ويرده؛ كمسائل العقائد، والأخبار عن الأنبياء أو عن الكتب ونحو ذلك، فهذا يجب علينا أن لا ترويه؛ لأن روايته هي رواية لما جاء في شريعتنا خلافه، والمعتمد: ما جاء في شريعتنا؛ لأن الإسرائيليات دخل فيها الكذب في ذلك.
والثالث: ما لا نعلم من شريعتنا أنه صحيح أو أنه غير صحيح، أو ما لا نعلم ما يؤيده أو ما يبطله، فهذا هو الذي قال فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا حدثكم بني إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذّبوهم».
لا تصدقوهم ولا تكذبوهم؛ لأنهم إذا حدثوا بشيء لا نعلم صدقه ولا نعلم كذبه من شريعتنا فينطبق عليه قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم»، وينطبق عليه الحديث الآخر: «وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»، وهذا هو الذي جعل الصحابة يروون التفسير - كما فعل عبد الله بن عمرو وغيره - رووا التفسير عن الإسرائيليات خاصة في قصص الأنبياء وذكر المغيبات مما هو موجود في كتبهم وشروحهم، فهم توسعوا فيه لأجل: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
أما النوع الرابع: فهو ما تحيله العقول؛ يعني أنه: يرد في شريعتنا ولكن العقول تحيله؛ أي: العقل الصحيح يرفضه أو العقل الصريح هنا يرفضه، فهذا يجب أن يُردّ، مثل تفسير "ق" بأنه جبل محيط بالأرض، أو أن الأرض صفتها كذا، وأنها تنتهي إلى طرف كذا وطرف كذا، أو أن الشمس كانت كذا ثم مسخت، أو أن الجبل الفلاني ...، يعني: من تفاصيل أشياء تتعلق بمواقع أو تتعلق بأجرام، وأكثر هذا النوع مما يتعلق بمواقع أو أجرام، فهذا إذا أحالته العقول فيجب أن يُردّ ولا يدخل في القسم الثالث، ولا يروى، ولذلك دخل كثير من التفسير في هذا النوع في كتب التفسير من قبيل أنه: «لا تصدقوهم ولا تكذبوهم» ولكنه مما تحيله العقول، وهذا لو قيدناه بهذا القيد صار ما ورد عن بني إسرائيل مما يدخل تحت قوله: "إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" سيكون قليلا جدا بالنسبة لما هو موجود.
الموقف من الإسرائليات في الآية :
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذاالقصص يزيد في بعض الروايات وينقص في بعض، ولا يقطع منه بشيء، فلذلك اختصرته.
قال ابن كثير : وقد روى في قصّة هاروت وماروت عن جماعةٍ من التّابعين، كمجاهدٍ والسّدّيّ والحسن [البصريّ] وقتادة وأبي العالية والزّهريّ والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان وغيرهم، وقصّها خلقٌ من المفسّرين من المتقدّمين والمتأخّرين، وحاصلها راجعٌ في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيها حديثٌ مرفوعٌ صحيحٌ متّصل الإسناد إلى الصّادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصّة من غير بسطٍ ولا إطنابٍ فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده اللّه تعالى، واللّه أعلم بحقيقة الحال.
ملاحظة :
سبب التأخير في تسليم الواجب سؤال:
كيف تردّ على من زعم أن السحر إنما هو تخييل لا حقيقة له؟
ووجدت إجابته مختصرة في الدرس وكررت مراجعة الدرس أكثر من مرة ثم أجبت عليه من خارج الدرس لأن الإجابة الموجودة في الدرس مختصرة جدا .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 ربيع الأول 1439هـ/29-11-2017م, 05:30 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة البقرة
(الآيات: 101 - 110)



أحسنتم، بارك الله فيكم وثبّتكم على طريق الخير.

المجموعة الأولى:
ج1 أ: المراد بما تتلو الشياطين.
قد أحسنت الأخت "حنان" في هذا السؤال، فبارك الله فيها.


3: ب: الموقف الصحيح من الإسرائيليات التي يذكرها بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان..}

جواب هذا السؤال مما درس مسبقا في دورات أصول التفسير، فنقول إن الإسرائيليات المروية في تفسير هذه الآية خلطت حقّا بباطل، فقد يكون أصل القصّة صحيحا كنزول الملكين من السماء بالمحنة والابتلاء -وهو المشهور عن السلف ودلّ عليه ظاهر الآية، وفيها زيادات منكرة كادّعاء وقوع الملائكة في الخطيئة وعصيانها أوامر الله جلّ وعلا، وهم الذين قال فيهم: {لا يعصون الله ما أمرهم}، فالتعامل مع هذه الأخبار يكون بردّ الزيادات المنكرة، ويتوقف فيما لا نكارة فيه، ويحكم بصحة ما دل عليه الدليل.
والملاحظ أن بعض الطلاب طلب إجابة هذا السؤال من الدرس نفسه، وليس شرطا أن يجده منصوصا عليه طالما درسه مسبقا.

1: رضوى محمود أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج2 ب: لا داعي للاستشهاد بنصوص الروايات خاصّة الطويلة، إلا فيما يكون إيرادها مهمّا، وتراجع إجابة الأخت حنان للفائدة.
ج3 ب: يراجع التعليق أعلاه.

2: حنان علي محمود أ+

أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
ج2: لو تعرّضتِ لغرض قولهما: {إنما نحن فتنة فلا تكفر}.
ج3 ب: يراجع التعليق أعلاه.

3: رشا نصر زيدان د

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1 أ: لم تذكري ترجيحات المفسّرين في المسألة.
ج1 ب: تراجع إجابة الأخت حنان.
ج2: لا ينبغي أن يكون عامّة الأجواب نسخا لكلام المفسّرين، وتابعي تحرير مسألة المراد بالملكين في تقويم المجموعة الثانية.
ج3 ب: راجعي التعليق أعلاه.
- خصمت نصف درجة على التأخير.

4: منى مدني أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1 أ: لو أضفت اختيارات المفسّرين.

ج1 ب: تراجع إجابة الأخت حنان.
ج3 أ: لو لخّصتِ ما وصلت إليه بأسلوبك، والردّ على السؤال يكفي فيه بيان الآية نفسها عن حقيقة السحر.


المجموعة الثانية:
أ. المراد بالملكين.
القول الراجح والذي يدلّ عليه ظاهر الآية أنهما ملكان من الملائكة، وأن {ما} موصولة.
ومعنى الآية: يعلمون الناس السحر ويعلمونهم ما أنزل على الملكين هاروت وماروت بأرض بابل.
فظاهر الآية لا إشكال فيه، ولا يمتنع أن يفتن الله بعض خلقه بإرسال بعض الملائكة يحدثونهم ويختبرونهم ويظهرون لهم في مظاهر مختلفة كما في قصة الأعمي والأقرع والأبرص.
وأما منشأ الإشكال فهو الزيادات الإسرائيلية في هذه القصة وما تضمنته من منكرات لا تصحّ
من وقوعهما في الخطيئة ومخالفة أمر الله، بل نزلا مطيعان لم يعصيا الله ما أمرهما.


ج1 ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
فيه قولان:
الأول: سؤال خاصّ، وهو رؤية الله جهرة، كما قال تعالى:
{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرة}.
الثاني: كل سؤال سأله بنو إسرائيل موسى عليه السلام على وجه التعنّت والتكذيب والعناد، وكان هذا دأبهم معه عليه السلام، وهو أعمّ مما سبق وأقرب إلى مقصود الآية من نهي المؤمنين عن مشابهتهم في كثرة سؤالهم وتعنّتهم فيما لا يحتاجونه، وهو المفهوم من ظاهر الآية فإن "ما" قد تحتمل العموم المطلق، وعليه دلّت الأسباب الواردة في نزول الآية.

5: هناء محمد علي أ+

أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1 أ: الظاهر من قول أبي العالية أنه متعلّق بالقول أن الملكين داوود وسليمان، لقوله: "فهما ينهيان عنه أشدّ النهي".
والقول الثاني على قراءة "الملَكين" بالفتح هو نفسه القول الثالث، أي أن هاروت وماروت اسما الملكين، وهما أيضا اسمان للملكين العلجين على قراءة الكسر.
وذكر ابن كثير قولا عن ابن حزم واستغربه وهو أنهما قبيلان من الجن.
ج1 ب: أشكر لك اجهادك، ويراجع التعليق أعلاه.

6: عقيلة زيان أ

أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1 ب: أشكر لك اجهادك، ويراجع التعليق أعلاه.
- خصمت نصف درجة على التأخير.


رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 جمادى الأولى 1439هـ/8-02-2018م, 09:05 PM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المجموعة الثانية:
1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بالملكين.
ق1: هما داود وسليمان روي عن ابن أبزى ذكره ابن عطية وابن كثير .
عن الحسن بن أبي جعفرٍ: أنّ عبد الرّحمن بن أبزى كان يقرؤها: "وما أنزل على الملكينداود وسليمان .
الإنزال بمعنى الخلق، كما في قوله { وما أنزل على الملكين} كما قالتعالى{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ}
ق2: من الملائكة يدعيان هاروت وماروت روي عن الحسن وأبي الأسود الدؤلي ذكره ابن عطية وابن كثير .
ق3: جبريل وميكائل ذكره ابن عطية وابن كثير عن القرطبي.
عن عطيّة: {وما أنزل علىالملكين} قال: «ما أنزل اللّه على جبريل وميكائيل السّحر».

ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
رؤية الله جهرة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
كما قال تعالى: {يسألك أهل الكتاب أن تنزلعليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةًفأخذتهم الصّاعقة بظلمهم}[النّساء: 153]
ولعل هذا القول من باب التمثيل فقد ورد أنهم سألوا موسى عليه السلام غير ذلك كما جاء في قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ..الآية ) والله تعالى أعلم

2: فصّل القول في تفسيرقول الله تعالى:
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْيَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.
يخبر تعالى أن كثيرا من اليهود والنصارى يتمنون كفر المسلمين واتباعهم لهم وما أمروا بذلك وإنما جاؤوا به من أنفسهم وما يحملهم عليه إلا حسدهم وتمنيهم زوال النعمة عن غيرهم وإلا فقد اتضح لهم الهدى وعلموا أن النبي رسول الله حقا لكنهم أبوا إلا الكفر ولك يكتفوا بذلك بل تمنوا الكفر لغيرهم فبين تعالى ما في بواطنهم ليحذر المؤمنين من أن يتبعوهم أو يغتروا بما يزينونه من الباطل وقيل أن هذه الآيات نزلت في حيي وأبي ياسر الأخطب وقيل في كعب بن الأشرف .
3: أجب عما يلي:
أ: ما المراد بملك سليمان في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوالشياطين على ملك سليمان}؟
قيل : في عهد ملك سليمان . ذكره الزجاج وابن عطية وأشار إليه ابن كثير .
وقيل في قصص سليمان وأخباره . ذكره ابن عطية .
وقيل : شرعه ونبوته وحاله .ذكره ابن عطية .
ب: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قولهتعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها}
تعددت القراءات في الآية وجميعها تدور حول ثلاثة معان : وهي النسيان والتأخير والترك على اختلاف بينهم في إسناد الفعل .
فأما ماكان بمعنى النسيان: فقراءة نافع وحمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وجمهور من الناس بضم النونالأولى وسكون الثانية وكسر السين وترك الهمزة .
وكقراءة سعيد بنالمسيب أو تنسها بضم التاء أولا وفتح السين وسكون النونبينهما خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم .
وكقراءة سعد بن أبي وقاصأو تنسها على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ونون بعدها ساكنة وفتح السين، هكذاقال أبو الفتح وأبو عمرو الداني.
وكقراءة الضحاك بن مزاحم وأبو رجاء «ننسّها» بضم النونالأولى وفتح الثانية وسين مكسورة مشددة.
وقراءة أبي بن كعب ننسك بضم النون الأولى وسكونالثانية وسين مكسورة وكاف مخاطبة، وفي مصحف سالم مولى أبي حذيفة «أو ننسكها»

وقرأ الأعمش «ما ننسك من آية أوننسخها نجيء بمثلها»، وهكذا ثبتت في مصحف عبد الله بنمسعود.
وقد تأتي هذه القراءات بمعنى الترك .
وأما ماكان بعنى التأخير : فقراءة ننسئها بضم النون الأولى وسكون الثانية . وكقراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح ومجاهدوعبيد ابن عمير وابن كثير وأبو عمرو «ننسأها» بنون مفتوحة وأخرى بعدها ساكنة وسينمفتوحة وألف بعدها مهموزة.
وقراءة تنسأها بتاءمفتوحة أولا على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم .
وقراءة أبو حيوةتنسأها بضم التاء.

وأما ما كان بمعنى الترك : فقراءة ننسها بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح السين . ذكرها مكي ولم ينسبها، وذكرها أبوعبيد البكري في كتاب اللآلي عن سعد بن أبي وقاص، نقله ابن عطية وقال وأراه وهم .
وقد تأتي بمعنى النسيان .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23 جمادى الآخرة 1439هـ/10-03-2018م, 11:06 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى علي مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:
1: حرر القول في المسائل التالية:
أ. المراد بالملكين.
ق1: هما داود وسليمان روي عن ابن أبزى ذكره ابن عطية وابن كثير .
عن الحسن بن أبي جعفرٍ: أنّ عبد الرّحمن بن أبزى كان يقرؤها: "وما أنزل على الملكينداود وسليمان .
الإنزال بمعنى الخلق، كما في قوله { وما أنزل على الملكين} كما قالتعالى{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ}
ق2: من الملائكة يدعيان هاروت وماروت روي عن الحسن وأبي الأسود الدؤلي ذكره ابن عطية وابن كثير .
ق3: جبريل وميكائل ذكره ابن عطية وابن كثير عن القرطبي.
عن عطيّة: {وما أنزل علىالملكين} قال: «ما أنزل اللّه على جبريل وميكائيل السّحر».

[ يمكن تحرير الخلاف بناء على القراءات في الكلمة بداية فقد قُرئت بفتح اللام بمعنى ملك من الملائكة وعلى هذا القول يمكن أن يكونا جبريل وميكائيل أو هاروت وماروت - على القول بأنهما ملكين -، والقراءة الأخرى بكسر اللام وعلى هذا يمكن أن تكون داوود وسليمان، أو رجلين من أهل بابل، ويمكن أن يكونا هاروت وماروت ، وقيل هما قبيلان من الجن.
والمسألة خاصة بتحديد المراد بالملكين، وإلا فالخلاف يتسع في تحديد معنى " ما " في قوله تعالى :{ وما أنزل على الملكين } وفي تعليق الأستاذة أمل أعلاه توضيح للراجح فيُرجى مراجعته ]

ب. المراد بما سئل موسى من قبل.
رؤية الله جهرة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
كما قال تعالى: {يسألك أهل الكتاب أن تنزلعليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةًفأخذتهم الصّاعقة بظلمهم}[النّساء: 153]
ولعل هذا القول من باب التمثيل فقد ورد أنهم سألوا موسى عليه السلام غير ذلك كما جاء في قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ..الآية ) والله تعالى أعلم

2: فصّل القول في تفسيرقول الله تعالى:
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْيَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.
يخبر تعالى أن كثيرا من اليهود والنصارى يتمنون كفر المسلمين واتباعهم لهم وما أمروا بذلك وإنما جاؤوا به من أنفسهم وما يحملهم عليه إلا حسدهم وتمنيهم زوال النعمة عن غيرهم وإلا فقد اتضح لهم الهدى وعلموا أن النبي رسول الله حقا لكنهم أبوا إلا الكفر ولك يكتفوا بذلك بل تمنوا الكفر لغيرهم فبين تعالى ما في بواطنهم ليحذر المؤمنين من أن يتبعوهم أو يغتروا بما يزينونه من الباطل وقيل أن هذه الآيات نزلت في حيي وأبي ياسر الأخطب وقيل في كعب بن الأشرف .
[ وددت لو تبيني سبب النزول بداية، ثم تفسير مقطع مقطع من الآية بتفصيل مسائله لئلا يفوتكِ أيًا منها وليتضح فهمك للآيات وقد اختصرتِ في بعض المسائل مثل بيان متعلق " من عند أنفسهم " ، وبيان سبب النزول ]


3: أجب عما يلي:
أ: ما المراد بملك سليمان في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوالشياطين على ملك سليمان}؟
قيل : في عهد ملك سليمان . ذكره الزجاج وابن عطية وأشار إليه ابن كثير .
وقيل في قصص سليمان وأخباره . ذكره ابن عطية .
وقيل : شرعه ونبوته وحاله .ذكره ابن عطية .
ب: بيّن أثر اختلاف القراءات على المعنى في قولهتعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها}
تعددت القراءات في الآية وجميعها تدور حول ثلاثة معان : وهي النسيان والتأخير والترك على اختلاف بينهم في إسناد الفعل .
فأما ماكان بمعنى النسيان: فقراءة نافع وحمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وجمهور من الناس بضم النونالأولى وسكون الثانية وكسر السين وترك الهمزة .
وكقراءة سعيد بنالمسيب أو تنسها بضم التاء أولا وفتح السين وسكون النونبينهما خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم .
وكقراءة سعد بن أبي وقاصأو تنسها على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ونون بعدها ساكنة وفتح السين، هكذاقال أبو الفتح وأبو عمرو الداني.
وكقراءة الضحاك بن مزاحم وأبو رجاء «ننسّها» بضم النونالأولى وفتح الثانية وسين مكسورة مشددة.
وقراءة أبي بن كعب ننسك بضم النون الأولى وسكونالثانية وسين مكسورة وكاف مخاطبة، وفي مصحف سالم مولى أبي حذيفة «أو ننسكها»

وقرأ الأعمش «ما ننسك من آية أوننسخها نجيء بمثلها»، وهكذا ثبتت في مصحف عبد الله بنمسعود.
وقد تأتي هذه القراءات بمعنى الترك .
وأما ماكان بعنى التأخير : فقراءة ننسئها بضم النون الأولى وسكون الثانية . وكقراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح ومجاهدوعبيد ابن عمير وابن كثير وأبو عمرو «ننسأها» بنون مفتوحة وأخرى بعدها ساكنة وسينمفتوحة وألف بعدها مهموزة.
وقراءة تنسأها بتاءمفتوحة أولا على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم .
وقراءة أبو حيوةتنسأها بضم التاء.

وأما ما كان بمعنى الترك : فقراءة ننسها بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح السين . ذكرها مكي ولم ينسبها، وذكرها أبوعبيد البكري في كتاب اللآلي عن سعد بن أبي وقاص، نقله ابن عطية وقال وأراه وهم .
وقد تأتي بمعنى النسيان .

التقويم : ج+
خُصمت نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir