دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1439هـ/3-05-2018م, 03:16 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثالث: مجلس مذاكرة القسم الخامس عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم الخامس عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (204 - 218)

أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:

{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام}.
2. حرّر القول في تفسير قوله تعالى:
{كان الناس أمّة واحدة}.
3. اكتب رسالة مختصرة بالأسلوب الوعظي في تفسير قوله تعالى:

{زيّن للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

المجموعة الثانية:

1. فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.

2. حرّر القول في تفسير قوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة}.

3. اكتب رسالة مختصرة بالأسلوب الوعظي في تفسير قوله تعالى:

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضرّاء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 شعبان 1439هـ/5-05-2018م, 10:33 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الخامس عشر من تفسير سورة البقرة

المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.

في هذه الآية يكمل الله وصف من وصفه في الآية التي سبقتها والتي قال تعالى فيها ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام )
وقيل أنها نزلت :
1- في الأخنس بن شريق إذ جاء أإلى النبي مظهرا الإسلام ويحلف على ذلك وهو في حقيقته شديد الخصومة له ؛ فإنه لما خرج من عند رسول الله حرق الزرع وقتل الحمر . ذكره ابن عطية وابن كثير عن السدي ،
وقال ابن عطية ما ثبت قط أن الأخنس أسلم ...
وذكر الزجاج أنه رجل من ثقيف ولم يذكر اسمه

2- وذكر ابن عطية وابن كثير عن ابن عباس أنها نزلت في قوم من المنافقين تكلموا في من قتل من القراء في الرجيع ، فعابهم الله وذمهم ومدح شهداء الرجيع

3 - وذكر ابن كثير أنها عامة في كل المنافقين مبينة لصفاتهم .. وذكر أنه قول قتادة ومجاهد والربيع وصححه ...
وعلى اعتبار أنها تصلح لكل منافق اتصف بهذا الوصف يكمل الله تعالى وصف شديد الخصومة الذي يظهر الإسلام وفي باطنه كره وعداوة شديدة له ، فذكر تعالى سوء قوله ابتداء ، وفي هذه الآية سوء فعله ؛ فيقول تعالى :
🔹وإذا تولى سعى في الأرض:
- أي إذا أدبر عنك يا محمد ونهض من مجلسك - فيكون قيامه هذا فعلا بجسده - مضى في عمل فاسد يفسد فيه الأرض ، إذ ليس همه إلا الفساد في الأرض فيقطع الطريق ويؤذي ما ومن يجده ...

- أو إذا تولى بقلبه وأغراه فساد معتقده وأخذته عزته بالإثم وما هو عليه من الضلال قصد وعمد إلى الفساد والقضاء على هذا الدين فدبر وخطط وجل همه كيف يفسد في الأرض وكيف يدير الدائرة على الإسلام

🔹 ليفسد فيها
- اللام لام التعليل ، الفعل يفسد بأن المضمرة وجوبا بعد لام التعليل ؛ فكأن توليه وإعراضه لا يكون إلا لإفساد ...

- فهمه الإفساد في الأرض إما إفسادا ماديا أو إفسادا في العقائد وإضلالا للخلائق .

🔹ويهلك الحرث والنسل
- ويهلك : قرئت : يُهلكَ : من أهلك َ ، ونصبها عطفا على ( يفسد َ) ، وقرئت بالرفع على الاستئناف وقطعه عما قبله.

وقرئت : يَهلِكُ بفتح الياء والكاف ، من هلك يهلك ، فيكون الحرث والنسل مرفوعان ، وقرئت بالرفع في الفعل على الاستئناف
ووردت يهلك بفتح الياء واللام ، هلَكَ يَهْلَك وهي لغة شاذة
وقد ذكر ابن عطية هذه القراءات
▪والقراء على ( يُهلِكَ) بضم الياء ونصب الكاف من أهلك ... فالإهلاك بفعل ذلك المنافق ؛ ويقع فعله على الحرث والنسل

- و الحرث هو محل نماء الزروع والثمار وسمي ذلك لمجاورته لمكان الحرث وهو شق الأرض للزراعة
- والنسل هو نتاج الحيوانات التي لا قوام للناس إلا بها ... وسمي نسلا لأنه ينسل متتابعا ...

- وقيل أن الحرث هو النساء لقوله تعالى ( نساؤكم حرث لكم ) والنسل هم أولادهم ...

فكان إفساد هذا المنافق سببا في إهلاك الحرث والنسل
فإما أنه يحرق الزرع ويقتل النسل كما ورد في رواية الأخنس بن شريق .. ويكون هو المراد كما ذكر ابن عطية عن الطبري
أو أنه بإفساده وظلمه يمسك الله المطر عن الأرض فيهلك الزرع والنسل .. كما ذكر عن مجاهد
أو أنه بإفساده يقتل الزراع فيهلك الزرع والنسل لعدم وجود من يقوم عليه ...
فهو مفسد بكل أفعاله مهلك للأرض وما عليها ...

🔹والله لا يحب الفساد
أي أن الله لا يحب من هذا صفته ومن دأبه الإفساد في الأرض ، فالله لا يحب الفساد ولا من يفعله .

ملحوظة : ذكر ابن عطية قولا للمتكلمين في ( والله لا يحب الفساد ) أنه لا يحبه من أهل الصلاح ، وأنه لا يقع إلا ما يحبه الله ، وأنهم فسروا الحب بالإرادة ، وأن كل واقع فهو محبوب لله .. وهو كلام مردود ... فإن الله لا يحب الكفر ولا يرتضيه لعباده لكنهم يقع منهم ، ولا يقع شيء في الكون إلا بإرادة الله تعالى ومشيئته فالله لما خلق آدم خلق من ذريته أهلا للجنة وأهلا للنار ، فهي إرادته الكونية ، لكنه لا يرضى الكفر لعباده ولا يحب الفساد ، فقال تعالى ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) ، فإرادة الله لوجود الكفر لا تستلزم رضاه عن الكفر أو حبه له ، ففرق بين الحب والإرادة . والله أعلم

2. حرّر القول في تفسير قوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة}.

في هذه الآية يأمر الله المؤمنين أن يدخلو في الإسلام وشرائعه كافة ...
واختلف في كل من : المؤمنون المخاطبون في الآية ، المراد بالسلم ، صاحب الحال في ( كافة ) .
وعلى كل قول منها يختلف معنى الآية :
فأما المخاطب :
فالأقوال فيه :
1- أن المخاطب هم عموم المؤمنين لعموم الآية فالمخاطب كل المؤمنين ...ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير

2- وقيل أن المخاطب هم اليهود الذين أسلموا فيهم عبد الله بن سلام وثعلبة بن أسدوغيرهم وأرادوا الإبقاء على السبت والقيام بالتوراة وكرهوا لحوم الإبل لما كانوا عليه في اليهودية ... ذكر هذا القول الزجاج ( دون إشارة لمن روي عنه أو لأسماء أحد من النفر الذين أسلموا ) ؛ وذكر ابن عطية وابن كثير أنه عن عكرمة ،
واستبعد ابن كثير دخول عبدالله ابن سلام مع المذكورين لأنه قد حسن إسلامه وعلم يقينا أن الإسلام ناسخ لليهودية وشعائرها فلا يصدر منه استئذان في القيام بشيء منها وقد هداه الله لما هو خير ...

3- وقيل المخاطب هم اليهود والنصارى ، فيكون الذين آمنوا أي آمنوا بموسى وعيسى ...ذكره ابن عطية

وأما السلم :
قرأ ابن كثير ونافع والكسائي بفتح السين في ( السَلم ) ، وقرأ الباقون بكسرها .

والخلاف في معناها على قولين :
1- أنه الإسلام ... ذكره الزجاج ؛ وابن عطية وذكره ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد وطاوس والضحاك وعكرمة والسدي وقتادة وابن زيد

- وذكر ابن كثير عن الضحاك عن ابن عباس وأبي العالية والربيع أن السلم الطاعة ... والطاعة فرع عن الإسلام داخلة فيه .

2- أنه المسالمة والموادعة ... ذكره الزجاج ،
- وذكره ابن عطية وأورد عن أبي عمرو بن العلاء أن ( السلم بكسر السين الإسلام ، وبفتحها المسالمة ) وذكر أن المبرد أنكر هذه التفرقة ، وذكر أنهما بمعنى واحد يصلحان للإسلام والمسالمة .
- وذكره ابن كثير عن قتادة أن السلم : الموادعة .

وذكر ابن عطية عن الطبري أنه رجح أن المقصود هو الإسلام لأن المسلمين لم يندبوا إلى المسالمة إلا إن جنح لها العدو ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) لا أن يبدؤوها هم . ، وهو ما رجحه كل من ابن كثير والزجاج لاعتمادهم إياه في تفسير الآية .

وأما ( كافة )
فهي بمعنى جميعا ، ومعنى كافة من الكف ، أي الجماعة التي تكف مخالفها ... واختلف في عودتها على من :
1- فقيل هي حال من المأمور بالدخول ، وعليه يكون معناها ادخلوا جميعا أي كلكم فيكون الأمر بدخول المخاطبين جميعا في السلم ... ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير وقال : ومن المفسرين من يجعل ( كافة ) حالا من الداخلين أي ادخلو في الإسلام كلكم ...

2- وقيل بل هي حال من السلم ... أي ادخلوا في السلم كله بكل أجزائه . ذكره الزجاج وابن عطية ، وذكره ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد وأبي العالية وعكرمة والربيع والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة والضحاك قولهم كافة أي جميعا
ورجح ابن كثير أنها حال من السلم لا من الداخلين

3- وقيل هي حال من الاثنين معا ، أي ادخلوا أيها المؤمنون كلكم في السلم كله ... ذكره ابن عطية وقال : وذلك جائز .

🔺 وعلى ترجيح المفسرين لأن السلم المقصود هو الإسلام تكون الأقوال في الآية :
1- أمر من الله للمؤمنين كلهم بالتزام شرائع الإسلام جميعها أي اعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام
وأمر المؤمنين هنا من باب الثبات على ما هم عليه من الإينان والالتزام بشرع الله ... وهذا المعنى حاصل ما بينه المفسرون الثلاثة .
وكما قال ابن عطية هنا يجوز اعتبار ( كافة ) تعود على المسلمين جميعا وعلى شرائع الإسلام جميعها فتكون عائدة على كليهما ... إذ كل المسلمين مطالبون بالتزام كافة شرائع الإسلام والإتيان منها قدر الاستطاعة .

2- وعلى اعتبار أن المخاطبين هم من أسلم من اليهود فيكون الأمر لهم بإقامة شعائر الإسلام كلها والاستعاضة بها عما سواها والاشتغال بها عما عداها مما كان في كتبهم ،.. فحسبكم بشرائع الإسلام ففيها ما يغنيكم عما في التوراة .
وكافة هنا عائدة على الإسلام ، وبين هذا المعنى المفسرون الثلاثة

3- وعلى ما ذكره ابن عطية من اعتبار أن المخاطبين هم اليهود والنصارى وأن خطابهم بالذين آمنوا أي آمنوا بموسى وعيسى فيكون الأمر لهم بدخول الإسلام وتكون كافة للمخاطبين جميعا وللإسلام ...

4- ثم ذكر ابن عطية قولا آخر على اعتبار أن الخطاب لليهود والنصارى وأن السلم بمعنى المسالمة ، فبين أن الأمر يعني أمرهم بإعطاء الجزية جميعا .

🔸وأرجح الأقوال في ذلك القولان الأولان ، وهو أن الخطاب هو للمؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم
- فيكون القول الأول آخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ويكون أمرا للمسلمين إلى قيام الساعة بالتزام شرائع الإسلام وترك ما سواها من الشرائع ففي شرع الله الكفاية . وفي تعبير الدخول أمر بالثبات على ذلك ..

- والثاني يكون آخذا بخصوص السبب في تلك الفئة التي آمنت من أهل الكتاب الذين كانوا ما زالوا مستمسكين ببعض شرائع التوراة فنهوا عن ذلك وأمروا بتركها إلى شرائع الإسلام ... والله أعلم .

3. اكتب رسالة مختصرة بالأسلوب الوعظي في تفسير قوله تعالى:
{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضرّاء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}.

بسم الله الرحمن الرحيم ...
أما بعد ...
فهذه آية من أكثر الآيات تمحيصا للمؤمنين مع ما فيها من تسلية وتسرية عنهم في أحلك أوقاتهم وأصعب ما يلاقونه من شدائد وليس ذلك إلا كما قال مؤمن آل فرعون ( أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ) ...
وكم يحتاج المؤمنون إلى هدايات هذه الآية ... والسفر في رحابها ليستذكروا تلك الثلة المؤمنة التي لاقت ما لاقت ليصل إلينا دين الله ونكون خلفا لهم في حمل أمانته ...
تلك الثلة المؤمنة التي لم يكن يعبد الله بحق في الأرض سواها ...
تأتي هذه الآية ليقف المؤمن أمامها يستجلي حقيقة إيمانه ، ويتدبر ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم ...)
هل كنتم تظنون أن الجنة يسيرة الثمن ، أو أن قولكم آمنا ليس وراءه تبعات ؟ ألم تسمعوا قوله تعالى في سورة العنكبوت بعد ( ألم ) ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )
هي تبعات الإيمان إذن ، وهو ثمن الجنة ، وهي سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول ... لا بد مع الإيمان من ابتلاء وتمحيص ، ولا بد لمن طلب الجنة أن يبذل دونها أثمن ما يملك لينالها ...
إن كنت مشتاقا لها كلفا بها ... شـوق الغـريب لرؤية الأوطـان
كن محسنا فيما استطعت فربما تجزى عن الإحسان بالإحسان

فتأتي هذه الآية لتقرع القلوب والأسماع ... وقد كان قبلها قوله تعالى بعد غزوة أحد ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) ...
ثم جاءت هذه الآية بعد غزوة الخندق حين ذاق المؤمنون من الأحزاب ما ذاقوا ، ولاقوا الضيق والخوف والحصر حتى كانوا كما قال الله تعالى (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتطنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا )
يالله ... لهذه الدرجة ابتليت تلك الثلة ! ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتى تبلغ القلوب الحناجر إلا إذا انخلعت خوفا ؟! ومتى تزيغ الأبصار لا تكاد تثبت إلا إذا أحيط بها وأيقنت بهلاكها؟! ومتى يظن المؤمنون بالله الظنون إلا وقد بلغوا من الابتلاء ما بلغوا ... فطلبوا النصرة وطلبوا الغوث من الله ... وقال بعضهم متى نصر الله ... فلما استفرغت تلك الثلة وسعها جاءها نصر الله لأن نصر الله قريب ولكنكم تستعجلون ...

فهل حسبتم طريق الجنة يسيرا ؛ لا بد لمن اختار هذا الطريق وووضع القصد والغاية أمامه أن يفتن بالابتلاءات والمحن كما يفتن الذهب بالنار ليعلم جيده من رديئه كما قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار ، فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي افتتن ) رواه الحاكم وصححه ..
وها هو خباب بن الأرت يأتي رسول الله يشكو ما يصيب المسلمين من الضر فيقول ( يا رسول الله ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ ) فيقول له صلى الله عليه وسلم ( إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ثم قال: والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون.)

فهي سنة الله ( لتبلون في أموالكم وأنفسكم ...)
فهاهي الآية تذكر المؤمنين في كل زمان بتلك السنة ، لا تحسبوا دخول الجنة بالأماني ؛ بل تذكروا أنكم لا بد أن يصيبكم ما أصاب من قبلكم من الابتلاء ...
( أم حسبتم أن ادخلو الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم )
فماذا أصابهم : ( مستهم البأساء والضراء وزلزلوا ) فمن قبلكم قد أصابتهم الفاقة وابتلوا في أموالهم ، وأصابتهم الأسقام والأوجاع والجراحات وابتلوا في أنفسهم ، ومن قبلكم قد زلزلوا فأصابهم الخوف الشديد الذي تنخلع له القلوب وتزيغ الأبصار وتنطق تلك النفوس على عظمتها وخيريتها لكنها تنطق ببشريتها مع شدة ما لاقت من الابتلاء ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟! ) ويأتي الجواب مؤكدا من الله العلي الكبير ( ألا إن نصر الله قريب )
فتنزل الآيات بردا وسلاما على تلك الثلة المؤمنة ، ليسوا وحدهم في هذا الطريق ، وليسوا الأوائل في هذا الابتلاء ، بل أصاب من قبلهم حتى قالوا ما قالوا فاستنصروا ودعوا فجاءهم نصر الله وهو قريب ... وليأتين نصر الله لكم وهو قريب ، ولكنكم تستعجلون ...

وهنا ينطق اليقين من قلب رسول الله : ( والله ليتمن هذا الأمر ) لا شك ولا لبس ، ولكنكم تستعجلون ؛ وكذلك قال موسى لمن آمن معه حين قالوا ( إنا لمدركون ) فأجاب إجابة الواثق المطمئن ( قال كلا إن معي ربي سيهدين ) ... فمن قلب الابتلاء وفي حلكة الظلمة يبزغ نور اليقين ليبدد ظلمات الخوف ... ومن قلب الخندق يبشر رسول الله أصحابه بزوال كسرى وقيصر وبالفتح والنصر ...
فنصر الله قريب ، ولكنكم تستعجلون ...

بهذه الآيات سري عن المؤمنين واتضح خط سيرهم ، وعرفوا أن الابتلاء ملازم لحياتهم وأنه سنة الله فيهم وفيمن قبلهم وفيمن سيأتي بعدهم ... ولكنهم مع ذلك موقنون بمعية الله ونصره لهم ما داموا على الحق ثابتين ...

وبهذه الآية يعلم المؤمنون اليوم أن ما يصيبهم من الفقر والفاقة والسقم واللأواء وما يصيبهم من الخوف حتى تنخلع قلوبهم وتزيغ أبصارهم من عدو لله يفعل بهم ما يفعل من فتنة وعذاب ؛ يعلمون أن ذلك سنة الله ، وأن صحابة رسول الله وهم خيرة هذه الأمة ورسول الله بين ظهرانيهم قد ابتلوا وزلزلوا زلزالا شديدا ، فيتذكرون ابتلاء ياسر وسمية وعمار ، ويتذكرون بلالا وهو يربط في صحراء مكة وفي حر الظهيرة وتوضع على صدره الصخرة وهو لا يفتأ يقول أحد أحد ، ويتذكر خبابا وسيدته تحمي الحجارة وتلقيه عليها حتى حفرت في ظهره آثارا بقيت حتى يلقى الله بها ، بل يتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم والأذى الذي كان يصيبه من شتم ومناداة بما لا يليق به ، ووضع الشوك في طريقه وإلقاء سلا الجزور عليه في صلاته ... يتذكرون كل ذلك فيهون عليهم ابتلاؤهم ، ويعلمون أنهم يمتحنون ليعلم الله الصادق من الكاذب في ادعائه الإيمان ، ومن يثبت على دينه فيستحق الجنة ممن يزيغ عنه فيزيغ عنها ، وليعلم المؤمنون أن عليهم بذل الجهد واستفراغ الوسع كما فعل من قبلهم حتى يأتي نصر الله ؛ فإنهم مع الابتلاء ثبتوا على إيمانهم وبذلوا مهجهم وأرواحهم وضحوا حتى استفرغوا وسعهم وقضوا نحبهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فاستحقوا نصر الله ... فالجنة طابت لمن أخلص العمل .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 شعبان 1439هـ/6-05-2018م, 01:03 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الخامس عشر من تفسير سورة البقرة

المجموعة الأولى:
لمجموعة الأولى:
1.
فصّل القول في تفسير قول الله تعالى:
{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام}..

سبب نزول الآية:
ورد في سبب نزولها أقوال:
قيل : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزعم أنه يريد الإسلام ، وحلف أنه ما قدم إلا لذلك ، ثم خرج فأفسد أموالاً من أموال المسلمين .وهو قول السدي ذكره المفسرون الثلاثة ولم يذكر غيره الزجاج
- عن السدي قال : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، وهو حليف لبني زهرة . وأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فأظهر له الإسلام ، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه ، وقال : إنما جئت أريد الإسلام ، والله يعلم أني صادق . وذلك قوله : وَيَشْهِدُ اللّهَ عَلَى ما فِي قَلْبه ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر ، فأحرق الزرع ، وعقر الحمرُ ، فأنزل الله عز وجل : وَإذَا تَوَلى سَعَى فِي الأرْض لِيُفْسِدَ فِيها ويُهلِكَ الحَرْثَ وَالنّسْل . روه ابن جرير
وتعقب ابن عطية هذا القول بقوله: ما ثبت قط أن الأخنس أسلم.
وقيل نزلت : في قوم من أهل النفاق تكلموا في السرية التي أصيبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرّجيع .وهو قول ابن عباس ذكره ابن عطية و ابن كثير
-عن ابن عباس ، قال : لما أصيبت هذه السرية أصحاب خبيب بالرجيع بين مكة والمدينة ، فقال رجال من المنافقين : يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا ، لا هم قعدوا في بيوتهم ، ولا هم أدّوا رسالة صاحبهم
، فنزلت هذه الآيات في صفات المنافقين. ثم ذكر المستشهدين في غزوة الرجيع في قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ الآية.
-وقيل: الآية عامة في المنافقين كلّهم وفي المؤمنين كلّهم. وهو قول قتادة، ومجاهدٍ، والرّبيع ابن أنسٍ، وغير واحدٍ. ذكره ابن عطية وابن كثير وصححه .
ومما يقوي هذا المعنى ما رواه الترمذي أن في بعض كتب الله تعالى: «أن من عباد الله قوما ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، يقول الله تعالى: أبي يغترون وعلي يجترون؟ حلفت لأسلطن عليهم فتنة تدع الحليم منهم حيران» .
-عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن القرظيّ، عن نوف -وهو البكاليّ، وكان ممّن يقرأ الكتب -قال: إنّي لأجد صفة ناسٍ من هذه الأمّة في كتاب اللّه المنزّل: قوم يحتالون على الدّنيا بالدّين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصّبر، يلبسون للنّاس مسوك الضّأن، وقلوبهم قلوب الذّئاب. يقول اللّه تعالى: فعليّ يجترئون! وبي يغترون! حلفت بنفسي لأبعثنّ عليهم فتنةً تترك الحليم فيها حيران. قال القرظيّ: تدبّرتها في القرآن، فإذا هم المنافقون، فوجدتها: {ومن النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدّنيا ويشهد اللّه على ما في قلبه} الآية.رواه ابن جرير

عن أبي أبو معشرٍ نجيح قال: سمعت سعيدًا المقبريّ يذاكر محمّد بن كعبٍ القرظيّ، فقال سعيدٌ: إنّ في بعض الكتب: إنّ لله عبادًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصّبر، لبسوا للنّاس مسوك الضّأن من اللّين، يجترّون الدّنيا بالدّين. قال اللّه تعالى: عليّ تجترئون! وبي تغترّون!. وعزّتي لأبعثنّ عليهم فتنةً تترك الحليم منهم حيران. فقال محمّد بن كعبٍ: هذا في كتاب اللّه. فقال سعيدٌ: وأين هو من كتاب اللّه؟ قال: قول اللّه: {ومن النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدّنيا} الآية. فقال سعيدٌ: قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية. فقال محمّد بن كعبٍ: إنّ الآية تنزل في الرّجل، ثمّ تكون عامّةً بعد. رواه ابن جرير
وقد صحح ابن كثير كون الآية عامة استنادا لما ورد من الآثار.
ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ فحكم الآية غير مختص بالسبب الذي نزلت لأجله بل شامل له ولغيره كما قال محمد بن كعب القرضي إنّ الآية تنزل في الرّجل، ثمّ تكون عامّةً بعد
ومما يقوي العموم تعليق الحكم على الوصف ؛ الآية ذمت أقواما لاتصافهم بصفات توجب الذم ؛ فتبين من ذلك أن الموجب للمذمة هو تلك الصفاتفيلزم أن كل من كان موصوفا بتلك الصفات أن يكون مستوجبا للذم
فتكون الآية عامة في كل ما فِي قَلْبِهِ اختلاف سريرته وعلانيته ؛ كل مبطن للكفر أو نفاق أو كذب أو إضرار وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك.
وفي الآية أيضا بيان أن من الخلق من يظهر قولا جميلا وهو ينوي قبيحا
"ومن الناس " و «من» إما موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة.
"من يعجبك قوله في الحياة الدنيا " تستحسن مقالته في مدة حياته الدنيا فكلامه دائما جميل و رائق وطريف و وتميل إليه إذا تكلم في شأن الحياة الدنياالتي هي مبلغ علمه .
".وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ "معطوف على قوله : يعجبك ، " ويشهد" بنصب لفظ الجلالة والمعنى ؛ يحلف بالله على الإيمان بك والمحبة لك وأنّ الذي في قلبه موافق للسانه و يقول : اللهم اشهد عليّ بهذا القول؛ أو يقول إن الله يشهد أن ما ينطق به لساني هو الذي في قلبي. وعلى هذا المعنى يكون الذي في قلبه هو الخير الذي أظهر على زعمه.
وقيل المعنى أنه يظهر للناس الإسلام ويبارز الله بما في قلبه من الكفر والنفاق و عليه يكون الذي في قلبه هو الكفر
وقرأ أبو حيوة وابن محيصن «ويشهد الله» بإسناد الفعل إلى اسم الجلالة. والمعنى يظهر للناس الخير والإيمان ويدعي الصدق و الله عزوجل شاهد على الذي في قلبه من الكفر والكذب و النفاق ويعلم قبح نفسه وخبث طويته ؛ وعليه يكون الذي في قلبه هو الشر الذي أضمره.
والقراءة العامة أبلغ في ذمه لأنه قوي على نفسه التزم الكلام الحسن ثم ظهر من باطنه خلافه. أفاده ابن عطية
{ وَهُوَ أَلَدُّ الخصام }. . أي شديد الخصومة .

الألد الشديد الخصومة ، واللديدان جانبا الوادي . كأن كلاً من المتخاصمين في جانب .
يقال منه لددت يا هذا وأنت تلد لدّاً ولدادا ، وإذا أردت أنه غلب خصمه قلت لِدّه يلده لداً .
ويقال : رجل ألدّ وإمرأة لدّاء ورجال ونساء لدّ .
قال الله تعالى { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } [ مريم : 97 ] .
و في الحديث المرفوع : " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم " .
رواه عبد الرّزّاق
قال الشاعر :
إن تحت الأحجار حزماً وجوداً *** وخصيماً ألدّ ذا مغلاق
وقال الراجز :
تلدّ أقران الرجال اللدّ

وقال الزجاج : إشتقاقه من لديدي العنق وهما صفحتاه.
وسمي المخاصم لد ؛للدلالة على أنه صعب صعب الشكيمة يلوي الحجج في كل جانب. فيشبه انحرافه المشي في لديدي الوادي
أو أنه في أي وجه أخذ من يمين أو شمال في أبواب الخصومة غلب في ذلك ؛ أخذا من لديدي العنق أي صفحتاه
وقيل : معناه الأعوج أي أعوج الخصام ؛ فهو في حال خصومته يكذب ، ويفتر ويفجر ؛ ويزورّ عن الحقّ ولا يستقيم معه.
ولا خلا بينهما ؛ وكلا القولين متقارب المعنى ، لأن الاعوجاج في الخصومة من الجدال واللدد
وقوله ألد الخصام : وصف له بالمبالغة في شدة الخصومة؛ أي
هو أشد الخصماء والدهم) خصومة ...
وقيل "ألد الخصام" على معنى "في" والمعنى ألد في الخصام
واستدل أهل العلم من الآية أن أَنَّ الْجِدَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ سَوَاءٌ.

2. حرّر القول في تفسير قوله تعالى:
{كان الناس أمّة واحدة}.
اختلف أهل التفسير في معنى الأمة وفي المراد بالناس الذين وصفوا بكونهم أمة على أقوال:

أولا : كانوا أمة واحدة في الخلقة على الفطرة .
ويكون المراد بالناس
1- بنو آدم حين أخرجهم الله نسما من ظهر آدم كانوا على الفطرة؛ من الإقرار بالتوحيد والخضوع بالعبادة ؛يوم استخراجهم من ذرية آدم؛ ولم يكونوا أمة واحد قط غير ذلك اليوم.
-عن أبي بن كعب، قال: كانوا أمة واحدة حيث عُرضوا على آدم، ففطَرهم يومئذ على الإسلام، وأقرُّوا له بالعبودية، وكانوا أمة واحدة مسلمين كلهم، ثم اختلفوا من بعد آدم فكان أبيّ يقرأ:"كان الناسُ أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" إلى"فيما اختلفوا فيه". وإن الله إنما بعث الرسل وأنزل الكتب عند الاختلاف. رواه ابن جرير
ث
ثانيا : كانوا على أمة واحدة أي على الهدى جميعا متفقين على الحق ؛ كانوا مسلمين ثم اختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وهو قول ابن عباس .. كما قال تعالى "{ (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) .
عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله"كان الناس أمةً واحدةً فاختلفوا". رواه ابن جرير
و يدخل في المراد بالناس :
1- آدم وحده؛ كان آدم ذا دين واحد، فاختلف ولده بعده.
1- آدم وحواء.؛ كان آدم وحواء أمة واحدة في الطاعة . وسميا بالجماعة لأنهما أصل لها .

2- القرون العشرة التي كانت بين آدم و نوح؛ كانوا على الهدى جميعًا ، " فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين منذرين " فكان أول نَبي بعث نوحًا . وهو قول ابن عباس قال: كان بين نوحٍ وآدم عشرة قرونٍ، كلّهم على شريعةٍ من الحقّ. فاختلفوا، فبعث اللّه النّبيّين مبشّرين ومنذرين.

3- نوح ومن كان معه في سفينته؛ كانوا مسلمين ثم بعد ذلك اختلفوافبعث الله النبيين مبشرين منذرين.

ثالثا : أمة واحدة في الكفر متفقين ومجتمعين عليه فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين و يكون المراد ب الناس
1- الناس الذين بعث فيهم نوح ؛ ويشمل كل مدة بعث نوح عليه السلام
-قال ابن عباس أيضا: كان الناس أمة واحدة كفارا، يريد في مدة نوح ؛ كانوا كفّارًا، {فبعث اللّه النّبيّين مبشّرين ومنذرين}

رابعا " أمة بمعنى كانوا متفقين في خلو الشرائع و جهلهم بالحقائق

الناس هم الجنس كله ومعنى كونهم أمة أي في خلوهم من الشرائع وجهلهم بالحقائق
الترجيح
وقد رجح ابن كثير القول الثاني .كون الناس كانوا أمة واحد على الحق و الإسلام ثم اختلفوا وكفروا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وكان أول رسول أرسل هو نوح عليه الصلاة والسلام..ورجحه من وجوه:
- صحة السند..أن الخبر؛ الأثر الذي رواه ابن جرير عن ابن عباس أصح سندا من غيره من الآثار
-قوة المعنى.. المعنى الذي ذكره ابن عباس أقوى في المعنى لدلالة سياق الآية عليه؛ فقوله تعالى : " {وأنزل معهم الكتاب بالحقّ ليحكم بين النّاس فيما اختلفوا فيه } ..دليل على أنه حصل خلاف..وقوله ..{وما اختلف فيه إلا الّذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البيّنات بغيًا بينهم} دليل أن هذا الخلاف لم يحصل إلا بسبب البغي بعد مجيء الحجج والبينات.
فكان الناس على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام فبعث الله إليهم نوحا
كان هناك فراق و اختلاف وشقاق في الحق..
-أما من قال أن الناس كانوا أمة في الكفر لم يحتج للقول بكونهم اختلفوا حتى يبعث إليهم النبيين مبشرين ومنذرين.بل كفرهم مستوجب لبعثة النبيين
والله أعلم.


3. اكتب رسالة مختصرة بالأسلوب الوعظي في تفسير قوله تعالى:
{زيّن للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتّقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

شاءت مشيئة رب العالمين أن جعل الحياة حلوة خضرة؛ حُلوةٌ في مذاقِها، خَضِرةٌ في مرآها، رفع سماءها وأحسن بناءها فكان سقفا محفوظا؛ وجعل أرضها مهدا للناس سهلة المسلك يسيرة السير عليها ؛ وأرسى فيها الجبال فكانت رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍو أخرج من الأرض أنواعا من النبات بألون شتى وصنوف متنوعة ؛ .وأنزل من المزن ماء عذبا فكان هنئيا مرئيا لكل من شربه..وسخر البحار للناس فجرى فيه السفن لنفع العباد والبلاد ؛ و جعل فيه أنواع من اللحم الطري...إلى غير ذلك من أنواع الزينة التي أودعها الله عزوجل في هذه الحياة . من زخارف ورياش ومتاع وذهب وفضة وغيرها ؛ من حيوان ونبات ومعادن .
كل ذلك زينة لها ولأهلها .
كما قال تعالى : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ }]
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }
وقال تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }
والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها ، ثم يندثر ويتلاشى ؛ فهي كسراب الماء الذي يراه السالك في الطريق ، و ليس له من الحقيقة شيء .. فكذلكم الحياة الدنيا لو تخلت عن زينتها لبدت على حقيقتها .
و تزيين الحياة الدنيا كان لأجل الابتلاء و الاختبار؛ و تمييز المحسن الذي لا يغتر بها من المسيء الذي ينغمس فيها و في ملذاتها و شهواتها سواء كانت حلالا أو حراما.
كما قال تعالى {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } .
فانخدع بها الكافر واغتر بزينتها ورونقها ومنظرها البهيج و لذاتها المتنوعة فركن إليها وجعلها مطلبه وغايته ومنتهى إراداته. وسقف آماله.فسعى وعمل لها؛ لقلة عقله و دناءة همته؛ و لما انطوى عليه من خبث سريرته وسوء طويته؛ و فسهل تسلط شيطانه عليه وإغوائه .
أما المؤمن فقد أدرك هذه الحقيقة ....الدنيا دار اختبار و بلاء ومعبرا وممرا و جسرا يعبره فيوصله إلى دار القرار؛ إلى جنات الخلد والفوز بالنعيم الأدبي السرمدي الذي لا يزول ولا يفنى.
كما قال الشاعر
إذا الدُّنيا تأمَّلها حَكيمٌ تبيَّنَ أنَّ معناهَا عُبورُ
فيرى ما فيها من المتعة عونا على الطاعة ما دام فيما أحلّ الله له ..فجعل التقوى سلاحه الذي يغلب به شهوات نفسه ؛ ومقياسه الذي يقيس به هذه الشهوات والملذات فما كان منها حلالا علمه بالضوابط الشرعية المسموح به..وما كان منها حراما فتركه لأنه يعلم أن كل ملذات –محرمة- إنما هي بريد إلى نار تلظى كما قال صلى الله عليه و سلم:" و حفت النار بالشهوات"، وآثار رضا رب العالمين واحتسب ذلك على ربه أن يجزيه خيرا يوم يلقاه فذهنه لا يغب عليه قوله تعالى "مالك يوم الدين" اليوم الذي يقف فيه بين يدي رب العالمين ؛فيكون فيها كما أمره رسوله:" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، فتجد واقفا عند حدود الله لا يتعداها بل لا يقربها، لأنه يوقن بقول ربه:" و من يعص الله و رسوله و يتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها و له عذاب مهين" فلا يطمئن لها و لا يركن إليها البتة، قلبه متعلق بدار الآخرة، حيث الحياة الحقيقية.
أما الكافر فهذه الحقيقة غائبة عنه لا يؤمن بيوم الدين ولا بالوقوف بين يدي رب العالمين بل لسان حاله و مقاله:"ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر" ؛ فلم يكن له ما يمنعه ولا يحجزه عن المعاصي فطال أمله وساء عمله... فلا حدود عنده، و لا تمييز عنده بين حلال و حرام، و هذا من أسباب سخريته بالمؤمن الذي يعلم حدود الله و يقف عندها، و كل حركة و سكنة عنده بميزان
كما قال تعالى :"إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون و إذا مروا بهم يتغامزون..."-.
، و كما قال جل شأنه معاتبا للكافرين:" إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا و ارحمنا و أنت خير الراحمين، فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري و كنتم منهم تضحكون"- .
وظن ذلك المسكين أن ميزان السعادة ومقياسها كثرة النيل من شهوات الدنيا ومناصبها والرفعة.فمن كان له النصيب الأوفر منه فهو السيد المطاع وهو الصاحب الحبيب وهو ذو الحظ العظيم.. ومن كان غير ذلك فهو المسكين المخذول الحقير..
وهكذا كلما اختل الميزان والنظار الذي ينظر به للأشياء اختلت الرؤية الصحيحة لها ..فلا منظار صحيح للعبد لهذه الدنيا لأن بمنظار الشرع فبه تتبين له حقائق الأشياء..
والله عزوجل يقول ". فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17):}
فليس الأمر كما يظن من لا عقل له ولا فقه له في شأن هذه الدنيا فعطايا الله إنما هي للابتلاء و الاختبار لا متعلق له بالإيمان والتقوى و الكفر و الشرك.
كما قال تعالى :{ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17"}
فليست العطايا لأجل الإيمان و ليس المنع لأجل الكفر فلو كان الأمر كذلك لما سقى الله الكافر من الدنيا شربة ماء
كما جاء في الحديث : " لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَاشَرْبَةَ مَاءٍ "
*
فيا عبد الله اتق الدنيا وشهواتها وملذاتها كما جاء في الحديث "اتقوا الدنيا"..وكن على حذر منها واجعل لنفسك وقاية من غرورها وخداعها بالزهد فيها ؛و الكف عن الغلو في طلبها واجعلها دار ممر لا دار قرار
واستعين على ذلك بطاعة الله تعالى، وبكثرة الذكر والدعاء، ولا تنافس فيها مع المتنافسين، واتركها لهم
واجعلها مزرعة للآخرة ومنطلقاً إليها، ولا تنسى نصيبك منها.
وأكثر من ذكر الموت وحاسب نفسك قبل أن تحاسب.
كما قال الشاعر
وشمِّر للترحُّلِ باجتهادٍ فقدْ أزفَّ الترحُّلُ والمسِيرُ
وخُذْ حِصناً مِن التَّقوى ليومٍ يقلُّ به المُدافعُ والنَّصيرُ
ولا تغترَّ بالدُّنيا وحاذِر فقدْ أودى بِها بَشرٌ كثيرُ
فكمْ سَارتْ عَليها مِن ملوكٍ كأنَّهم عَليها لَمْ يَسيروا
وكمْ شَادوا قُصوراً عَالياتٍ فهلْ وسِعتهم إلَّا القُبورُ
فهل يَغترُ بالدُّنيا لبيبٌ وهل يصبو إلى الدُّنيا بَصيرُ
واعلم أن الرفعة عند رب العالمين بالإيمان والتقوى كما قال تعالى " {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.
{"والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة""}
فيا لها من تسلية؟؟ ويا لها من بشارة ؟ ويا لها من تعزية للمؤمن في هذه الحياة الدنيا وما يلقاه من تعب ونصب فيها و فقر وسخرية من أهل الكفر و الشرك والنفاق... فاجعلها نصب عينك واستعين بها على السير إلى ربك..فإن الطريق قصير و الوصول قريب "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب"
يومها ترى كرامة الله لك..يوم يرفعك منزلة ومكانة على الكفار و المشركين ...الذي يرفعك هو رب العزة رب العالمين فيكفيك شرفا أن يباهى الله بك يوم القيامة ...فهذا خبر من رب العالمين يطمئن المؤمن على آخرته ..ألا تحب أن تكون منهم...وقد عرفت حقيقة الدنيا وحقيقة عطايا الله..كله اختبار وابتلاء...فأحسن في اختبارك يحسن الله لك في جزاء
إنما الجزاء من جنس العمل.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 شعبان 1439هـ/11-05-2018م, 09:33 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الخامس عشر من تفسير سورة البقرة

أحسنتما جدًا، بارك الله فيكما ونفع بكما، وجعلكما دومًا من السباقات للخير.

المجموعة الأولى:
عقيلة زيان: أ+
- قولكِ في تفسير الآية : (( "ومن الناس " و «من» إما موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة. ))
لعلكِ تقصدين " مَنْ " في قوله تعالى :{ من يُعجبُك } ، لأن " مِنْ " في قوله تعالى :{ ومِنَ الناس } حرف جر وليست الاسم.
- تصحيح: " و من يعص الله و رسوله و يتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها " = ويتعدَ
- اجتهدي في نسبة الأقوال اللغوية لقائليها.



المجموعة الثانية:
هناء محمد: أ+

نفع الله بي وبكم ووفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir