(سورة الشعراء)
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}. هذه الآية تدل على أن قوم نوح كذبوا جماعة من المرسلين؛ بدليل صيغة الجمع في قوله المرسلين، ثم بين ذلك بما يدل على خلاف ذلك وأنهم إنما كذبوا رسولاً واحداً وهو نوح -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بقوله: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ}... إلى قوله {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ}.
والجواب عن هذا: أن الرسل -عليهم صلوات الله وسلامه- لما كانت دعوتهم واحدة وهي: (لا إله إلا الله) صار مكذب واحد منهم مكذباً لجميعهم؛ كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. وقد بين تعالى أن مكذب بعضهم مكذب للجميع بقوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}.
ويأتي مثل هذا الإشكال والجواب في قوله: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} إلى أخره. وقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِح}.
وكذلك في قصة لوط، وشعيب على الجميع وعلى نبينا الصلاة والسلام.